جَزَاءُ الذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ (سورة المائدة 5:33),


فلنقرأ الايات اولا معا

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)

نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه، لم يكن عليه سبيل، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد، إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله، ثم لحق (8) بالكفار قبل أن يقدر عليه، لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصاب.

وَنَزَلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة وَهُمْ مَرْضَى فَأَذِنَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْإِبِل وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالهَا وَأَلْبَانهَا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل "إنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله" بِمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا" بِقَطْعِ الطَّرِيق "أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّع أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ مِنْ خِلَاف " أَيْ أَيْدِيهمْ الْيُمْنَى وَأَرْجُلهمْ الْيُسْرَى "أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْض" أَوْ لِتَرْتِيبِ الْأَحْوَال فَالْقَتْل لِمَنْ قَتَلَ فَقَطْ وَالصَّلْب لِمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَال وَالْقَطْع لِمَنْ أَخَذَ الْمَال وَلَمْ يَقْتُل وَالنَّفْي لِمَنْ أَخَاف فَقَطْ قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَأَصَحّ قَوْلَيْهِ أَنَّ الصَّلْب ثَلَاثًا بَعْد الْقَتْل وَقِيلَ قَبْله قَلِيلًا وَيُلْحَق بِالنَّفْيِ مَا أَشْبَهَهُ فِي التَّنْكِيل مِنْ الْحَبْس وَغَيْره "ذَلِكَ" الْجَزَاء الْمَذْكُور "لَهُمْ خِزْي" ذُلّ "فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم" هُوَ عَذَاب النَّار

ذكر من قال ذلك:
11806 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله" إلى "أن الله غفور رحيم"، نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم من قبل أن تقدِروا عليه لم يكن عليه سبيل. وليست تُحْرِزُ هذه الآية الرجلَ المسلم من الحدِّ. إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله، ثم لحق بالكفار قبل أن يُقْدَر عليه، لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحدُّ الذي أصاب. (1)
11807 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أشعث، عن الحسن:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله"، قال: نزلت في أهل الشرك.
* * *
وقال آخرون: بل نزلت في قوم من عُرَيْنه وعُكْل، ارتدُّوا عن الإسلام، وحارَبوا الله ورسوله.

11808 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح بن عبادة قال، حدثنا سعيد
__________
(1) الأثر: 11806-"يزيد" هو"يزيد النحوي" ، "يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي" مضى برقم: 6311. وكان في المطبوعة هنا: "زيد" ، وهو خطأ ، صوابه في المخطوطة. وأخرجه النسائي في سننه 7: 101 بمثله. وأبو داود في سننه 4: 187 ، رقم 4372 ، وسيأتي برقم: 11872.



بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: أن رهطًا من عُكْلٍ وعُرَينة، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا أهل ضَرْع، ولم نكن أهل ريفٍ، (1) وإنا استوخمنا المدينة، (2) فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وراعٍ، (3) وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا راعيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الذود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتيَ بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وَسَمل أعينهم، (4) وتركهم في الحرَّة حتى ماتوا (5) = فذُكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله". (6)
11809 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا روح قال، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل هذه القصة. (7)
11810 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال، سمعت أبى يقول:
__________
(1) "أهل ضرع": أهل إبل وشاء. و"الضرع" ، ثدي كل ذات خف أو ظلف ، يعني أنهم أهل بادية= و"أهل ريف": أهل زرع وحرث ، وهم الحضر. و"الريف" ، ما قارب الماء من أرض العرب وغيرها.
(2) "استوخموا المدينة": استثقلوها ، ولم يوافق هواؤها أبدانهم ، فمرضوا.
(3) "الذود": القطيع من الإبل ، من الثلاث إلى التسع.
(4) "سمل عينه": فقأها بحديدة محماة ، أو بشوك ، أو ما شابه ذلك. وإنما فعل بهم ذلك ، لأنهم فعلوا بالرعاة مثله ، فجازاهم على صنيعه بمثله.
(5) "الحرة" (بفتح الحاء): أرض ذات حجارة سود نخرات ، كأنها أحرقت بالنار. ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حرتين.
(6) الأثران: 11808 ، 11809-"روح بن عباة القيسي" ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. مضى برقم: 3015 ، 3355 ، 3912.
و"هشام بن أبي عبد الله" في الأثر الثاني هو"الدستوائي".
وهذا حديث صحيح ، رواه أحمد من طرق في مسنده 3: 163 ، من طريق معمر ، عن قتادة/ و170 ، من طريق سعيد عن قتادة/ و233 ، من طريق سعيد أيضا/ و287 من طريق حماد ، عن قتادة/ و290 من طريق عفان عن قتادة. ورواه البخاري في صحيحه (الفتح 7: 351) من طريق عبد الأعلى بن حماد ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد ، بمثله. وأشار إليه مسلم في صحيحه 11: 157. وأبو داود في سننه 4: 186 ، رقم 4368 ، من طريق هشام ، عن قتادة ، والنسائي في سننه من طرق 7: 97 ، والبيهقي في السنن 8: 62.
(7) الأثران: 11808 ، 11809-"روح بن عباة القيسي" ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. مضى برقم: 3015 ، 3355 ، 3912.
و"هشام بن أبي عبد الله" في الأثر الثاني هو"الدستوائي".
وهذا حديث صحيح ، رواه أحمد من طرق في مسنده 3 : 163 ، من طريق معمر ، عن قتادة/ و170 ، من طريق سعيد عن قتادة/ و233 ، من طريق سعيد أيضا/ و287 من طريق حماد ، عن قتادة/ و290 من طريق عفان عن قتادة. ورواه البخاري في صحيحه (الفتح 7: 351) من طريق عبد الأعلى بن حماد ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد ، بمثله. وأشار إليه مسلم في صحيحه 11: 157. وأبو داود في سننه 4: 186 ، رقم 4368 ، من طريق هشام ، عن قتادة ، والنسائي في سننه من طرق 7: 97 ، والبيهقي في السنن 8: 62.
(10/245)

أخبرنا أبو حمزة، عن عبد الكريم= وسئل عن أبوال الإبل= فقال: حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين فقال: كان ناس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نبايعك على الإسلام! فبايعوه وهم كَذَبة، وليس الإسلامَ يريدون. ثم قالوا: إنا نجتوي المدينة! (1) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذه اللَّقاح تغدو عليكم وتروح، (2) فاشربوا من أبوالها وألبانها. قال: فبينا هم كذلك، إذ جاء الصريخُ، فصرخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (3) فقال: قتلوا الراعي، وساقوا النَّعَم! فأمر نبي الله فنودي في الناس: أنْ"يا خيل الله اركبي"! (4) قال: فركبوا، لا ينتظر فارسٌ فارسًا. قال: فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنَهم، فرجع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسروا منهم، فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله" الآية. قال: فكان نفيُهم: أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنَهم وأرضهم، ونفوهم من أرض المسلمين. وقتل نبي الله منهم، وصلب وقَطَع، وَسَمل الأعين. قال: فما مثَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلُ ولا بعدُ. قال: ونهَى عن المُثْلة، وقال: لا تمثِّلوا بشيء. قال: فكان أنس بن مالك يقول ذلك، غير أنه قال: أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم. (5)
* * *
__________
(1) "اجتوى الأرض والبلد": إذا كره المقام فيه ، وإن كانت موافقة له في بدنه. ويقال: "الاجتواء": أن لا تستمرئ الطعام بالأرض والشراب ، غير أنك إذ أحببت المقام بها ولم يوافقك طعامها ، فأنت"مستوبل" ، ولست بمجتو. ويقال في شرح حديث العرنيين: أصابهم"الجوى" ، وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول.
(2) "اللقاح" (بكسر اللام) جمع"لقحة" (بكسر فسكون) ، وهي ذوات الألبان من النوق.
(3) "الصريخ" و"الصارخ": المستغيث. وقوله: "صرخ إلى رسول الله" ، كأنه يعني: انتهى باستغاثته إلى رسول الله. وهو تعبير قلما تظفر به في المراجع فقيده.
(4) قال ابن الأثير: "هذا على حذف المضاف ، أراد: يا فرسان خيل الله اركبي ، وهذا من أحسن المحازات وألطفها" ، وهي في التنزيل: "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" ، أي بفرسانك ورجالتك.
(5) الأثر: 11810-"أبو حمزة" ، هو"ميمون ، أبو حمزة الأعور القصاب" ، ضعيف جدا ، مضى برقم: 6190.
و"عبد الكريم" ، هو"عبد الكريم بن مالك الجزري: " أبو سعيد ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم: 892.
(10/246)

قال: وبعضهم يقول: هم ناس من بني سليم، ومنهم من عرينة، وناس من بَجيلة
[ذكر من قال ذلك]:
11811 - حدثني محمد بن خلف قال، حدثنا الحسن بن حماد، عن عمرو بن هاشم، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم، عن جرير قال: قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم من عرينة، حفاةً مضرورين، (1) فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. (2) فلما صَحُّوا واشتدُّوا، قتلوا رِعاءَ اللقاح، (3) ثم خرجوا باللِّقاح عامدين بها إلى أرض قومهم. قال جرير: فبعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعد ما أشرَفُوا على بلاد قومهم، فقدِمنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلَهم من خلاف، وسملَ أعينهم، وجعلوا يقولون:"الماء"! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"النار"! حتى هلكوا. قال: وكره الله عز وجلَ سَمْل الأعين، فأنزل هذه الآية:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله" إلى آخر الآية. (4)
__________
(1) "المضرور" و"الضرير": المريض المهزول الذي أصابه الضر.
(2) يعني بقوله: "فأمر بهم" ، يعني: أمر ان يمرضوا ويعتني بأمرهم.
(3) "الرعاء" و"الرعاة" جمع"راع".
(4) الأثر: 11811-"محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري ، مضى برقم: 126 ، 6534.
و"الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي" ، وهو"سجادة". روي عن حفص بن غياث ويحيى بن سعيد الأموي ، وأبي خالد الأحمر ، وأبي مالك الجنبي ، ووكيع ، وغيرهم. روى عنه أبو داود ، وابن ماجه وغيرهم. ثقة. قال أحمد: "صاحب سنة ، ما بلغني عنه إلا خيرًا". توفى سنة 241. وكان في المطبوعة: "الحسن بن هناد" ، خطأ ، صوابه في المخطوطة. وتفسير ابن كثير.
و"عمرو بن هاشم" ، هو"أبو مالك الجنبي" ، صدوق يخطئ ، لينوه. مضى برقم: 1530
و"موسى عبيدة بن نشيط الربذي" ضعيف نمرة ، قال أحمد: "لا تحل الرواية عندي عن موسى بن عبيدة". مضى برقم: 1875 ، 3291 ، 8361 ، 11134= وكان في المطبوعة والمخطوطة: "موسى بن عبيد" ، وهو خطأ ، صوابه من تفسير ابن كثير.
وأما "محمد بن إبراهيم" ، فكأنه"محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي" ، رأى سعد بن أبي وقاص ، وأبا سعيد الخدري ، وأرسل عن ابن عمر وابن عباس. فلا أدري أسمع من جرير بن عبد الله ، أم لا. وجرير مات سنة 51.
وهذا الخبر ضعيف جدا ، وهو أيضا لا يصح ، لأن جرير بن عبد الله البجلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفى فيه ، وخبر العرنيين كان في شوال سنة ست ، في رواية الواقدي (ابن سعد2/1/67) ، وكان أمير السرية كرز بن جابر الفهري. وذلك قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة 11 من الهجرة ، بأعوام.
وهذا الخبر ، ذكره الحافظ ابن حجر ، في ترجمة"جرير بن عبد الله البجلي" ، وضعفه جدا. أما ابن كثير ، فذكره في تفسيره 3 : 139 ، وقال: "هذا حديث غريب ، وفي إسناده الربذي ، وهو ضعيف. وفي إسناده فائدة: وهو ذكر أمير هذه السرية. وهو جرير بن عبد الله البجلي. وتقدم في صحيح مسلم أن هذه السرية كانوا عشرين فارسًا من الأنصار. وأما قوله: فكره الله سمل الأعين ، فإنه منكر. وقد تقدم في صحيح مسلم أنهم سملوا أعين الرعاء ، فكان ما فعل بهم قصاصًا ، والله أعلم".
والعجب لابن كثير ، يظن فائدة فيما لا فائدة فيه ، فإن أمير هذه السرية ، كان ، ولا شك ، كرز ابن جابر الفهري ، ولم يرو أحد أن أميرها كان جرير بن عبد الله البجلي ، إلا في هذا الخبر المنكر.
(10/247)


11812 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير= ح، وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، وسعيد بن عبد الرحمن وابن سمعان، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أغار ناس من عرينة على لِقَاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاقوها وقتلوا غلامًا له فيها، فبعث في آثارهم، فأخِذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم وَسَمل أعينهم. (1)
__________
(1) الأثر: 11812-"أبو الأسود" ، "محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي" ، هو"يتيم عروة" ثقة. سلف برقم: 2891 ، 11510.
"يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب" ، ثقة ، مستقيم الحديث. مترجم في التهذيب.
و"سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حميل الجمحي" ، قاضي بغداد. ثقة ، قال أحمد: "ليس به بأس ، وحديثه مقارب". وقال ابن أبي عدي: "له غرائب حسان ، وأرجو أنها مستقيمة ، وإنما يهم في الشيء بعد الشيء ، فيرفع موقوفًا ، ويصل مرسلا ، لا عن تعمد". مترجم في التهذيب.
و"ابن سمعان" ، هو"عبد الله بن سليمان بن سمعان المخزومي" ، وهو ضعيف كذاب. سئل مالك عنه فقال: "كذاب". وقال هشام بن عروة (الذي روى عنه هذا الأثر هنا): "حدث عني بأحاديث ، والله ما حدثته بها ، ولقد كذب علي". وقد أجمعوا على أنه لا يكتب حديثه ، كما قال النسائي.
قال ابن عدي: "أروى الناس عنه ابن وهب ، والضعف على حديثه ورواياته بين". أما ابن وهب الراوي عنه هنا ، فقد سأله عنه أحمد بن صالح فقال: "ما كان مالك يقول في ابن سمعان؟" ، قال: "لا يقبل قول بعضهم في بعض".
وهذا الخبر الذي رواه الطبري بهذا الإسناد ، صحيح ، إلا ما كان من ضعف ابن سمعان وتركه ، ولذلك رواه النسائي في سننه 7: 99 ، 100 ، فساق إسناد الطبري ولكنه أغفل ذكر ابن سمعان فقال: "أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح قال ، أنبأنا ابن وهب قال. وأخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم وسعيد بن عبد الرحمن ، وذكر آخر ، عن هشام بن عروة ، عن عروة بن الزبير" ، فنكر ذكر"ابن سمعان" ، لأنه متروك عنده.
وهذا الخبر روي بأسانيد صحاح أخرى مرفوعا إلى عائشة. انظر السنن للنسائي 7: 99.
(10/248)
11813 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي الزناد، عن عبد الله بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمر= أو: عمرو، شك يونس=، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ونزلت فيهم آية المحاربة. (1)
11814 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أنس قال: قدم ثمانية نفَرٍ من عُكْلٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، ثم اجتووا المدينة، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها.
__________
(1) الأثر: 11813-"عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري" ، ثقة حافظ ، مضى برقم: 1387 ، 5973 ، 6889.
و"سعيد بن أبي هلال الليثي المصري" ، ثقة ، من أتباع التابعين. مضى برقم: 1495 ، 5465. و"أبو الزناد" هو: "عبد الله بن ذكوان القرشي" ، قيل إن أباه كان أخا أبي لؤلؤة ، قاتل عمر بن الخطاب. ثقة ، لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم منه.
و"عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب". روى عن عمه عبد الله ، وروى عنه أبو الزناد. ثقة. روى له أبو داود والنسائي حديثًا واحدًا ، هو هذا الحديث.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عبد الله بن عبد الله" ، وهو خطأ محض.
وأما ما شك فيه يونس من أنه"عبد الله بن عمر بن الخطاب "أو"عبد الله بن عمرو بن العاص" ، فشك لا مكان له. والصحيح أنه"عبد الله بن عمر بن الخطاب".
وهذا الحديث رواه أبو داود في سننه 4: 186- 187 ، رقم 4369 ، مطولا. ورواه النسائي في سننه 7: 100 بمثل رواية أبي جعفر.
(10/249)
ففعلوا، فقتلوا رعاتها، واستاقوا الإبل. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم قَافَة، (1) فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، (2) وتركهم فلم يحسِمْهُم حتى ماتوا. (3)
11815 - حدثنا علي قال، حدثنا الوليد قال، حدثني سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: كانوا أربعة نفرٍ من عرينة، وثلاثةً من عكل. فلما أتي بهم، قطع أيديهم وأرجلهم، وَسَمل أعينهم، ولم يحسمهم، وتركهم يتلقَّمون الحجارة بالحرَّة، (4) فأنزل الله جل وعز في ذلك:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله"، الآية. (5)
11816 - حدثني علي قال، حدثنا الوليد، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين، وهم من بجيلة. قال أنس: فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرج الحرام. (6)
__________
(1) "القافة" جمع"قائف": وهو الذي يعرف آثار الأقدام ويتبعها."قاف الأثر يقوفه قيافة ، واقتافه اقتيافا".
(2) "حسمه الدم يحسمه حسمًا": أي قطعة بالكي بالنار.
(3) الأثر: 11814- هذا الخبر رواه أحمد في مسند أنس من طريق يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة الجرمي 3: 198 ، من طريق أبي جعفر نفسها ، وفيه"قتلوا رعاتها- أو رعاءها" ، وفيه زيادة"ولم يحسمهم حتى ماتوا ، وسمل أعينهم".
ورواه البخاري في صحيحه من طريق أيوب ، عن أبي قلابة (الفتح 1: 289/6: 108/7: 352/12: 99) ، ورواه أيضا من طريق أبي رجاء مولى أبي قلابة ، عن أنس (الفتح 8: 206) واستوفى الحافظ الكلام في شرحه وبيانه.
ورواه مسلم في صحيحه من طرق 11: 153- 157.
ورواه أبو داود في سننه 1: 185 ، 186 من طرق.
ورواه النسائي في سننه من طرق 7: 93- 95.
(4) "يتلقمون الحجارة": أي يضعون الحجارة في أفواههم من العطش ، كي تستدر الريق. وجاء مفسرًا في ألفاظ الحديث الأخرى. قال أنس: "فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشًا". يقال: "لقم الطعام وتلقمته والتقمه".
(5) الأثر: 11815- انظر الأثرين السالفين رقم: 11808 ، 11809.
(6) الأثر: 11816- انظر سنن النسائي 7: 98 ، وقول أمير المؤمنين عبد الملك لأنس وهو يحدثه حديث العرنيين: "بكفر أو بذنب؟" ، فقال أنس: "بكفر". وسيأتي هذا الخبر مطولا ، وقول أبي جعفر فيه ، وتخريجه هناك برقم: 11854.



كل الاحاديث والاثار المرويه في سبب نزول هذه الايه
1- مشركين بايعوا الرسول علي الاسلام فدخلوا فيه وهم ليسوا فيه ( نفاق يعني )
2- قتلوا الناس ومنهم راعي الغنم للرسول
3- سرقوا النوق
4- سعوا في الارض فسادا
5- ارتدوا عن الاسلام ونشروا الفتن بين المسلمين

فاراد الله ان يعاقبهم علي افسادهم في الارض فنزلت فيهم هذه الايه وجزاهم الرسول بنفس الافعال التي ارتكبوا في الناس حتي يذوقوا مرار ما فعلوا فليس في هذا ظلم لهم

وهذه الايه ليست منسوخه لانها نزلت في قوم محددين ولن تنزل عامه لجميع المعتدين