مصدر الشبهة :


تفسير ابن كثير

ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها. ومن ههنا يؤخذ الحجر على السفهاء وهم أقسام فتارة يكون الحجر للصغير فإن الصغير مسلوب العبارة وتارة يكون الحجر للجنون وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه . وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " قال هم بنوك والنساء وكذا قال ابن مسعود والحكم بن عيينة والحسن والضحاك هم النساء والصبيان وقال سعيد بن جبير هم اليتامى . وقال مجاهد وعكرمة وقتادة هم النساء . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن النساء سفهاء إلا التي أطاعت قيمها " . ورواه ابن مردويه مطولا . وقال ابن أبي حاتم ذكر عن مسلم بن إبراهيم حدثنا حرب بن شريح عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " قال هم الخدم وهم شياطين الإنس وقوله " وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول : لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنتك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم. وقال ابن جرير حدثنا ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فراس عن الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى قال ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه وقال مجاهد " وقولوا لهم قولا معروفا " يعني في البر والصلة . وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة ومن تحت الحجر بالفعل من الإنفاق في الكساوي والأرزاق بالكلام الطيب وتحسين الأخلاق .


تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } . قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في السفهاء الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم , فقال بعضهم : هم النساء والصبيان . ذكر من قال ذلك : 6790 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا إسرائيل , عن عبد الكريم , عن سعيد بن جبير , قال : اليتامى والنساء . 6791 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : لا تعطوا الصغار والنساء . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا يزيد بن زريع , عن يونس , عن الحسن , قال : المرأة والصبي . * - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن شريك , عن أبي حمزة , عن الحسن قال : النساء والصغار , والنساء أسفه السفهاء . 6792 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الحسن في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : السفهاء : ابنك السفيه وامرأتك السفيهة , وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : " اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم , والمرأة " . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا حميد , عن عبد الرحمن الرؤاسي , عن السدي - قال : يرده إلى عبد الله - قال : النساء والصبيان . 6793 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } أما السفهاء : فالولد والمرأة . 6794 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان , عن الضحاك , قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } يعني بذلك : ولد الرجل وامرأته , وهي أسفه السفهاء . * - حدثني يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : السفهاء : الولد والنساء أسفه السفهاء , فيكونوا عليكم أربابا . * - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك , قال : أولادكم ونساؤكم. * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا أبي , عن سلمة , عن الضحاك , قال : النساء والصبيان . 6795 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن حميد الأعرج , عن مجاهد : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : النساء والولدان . 6796 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا ابن أبي عنبسة , عن الحكم : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : النساء والولدان . 6797 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } أمر الله بهذا المال أن يخزنه فيحسن خزانته , ولا يملكه المرأة السفيهة والغلام السفيه . 6798 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا ابن المبارك , عن إسماعيل , عن أبي مالك , قال : النساء والصبيان. 6799 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : امرأتك وبنيك , وقال : السفهاء : الولدان والنساء أسفه السفهاء . وقال آخرون : بل السفهاء : الصبيان خاصة. ذكر من قال ذلك : 6800 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن شريك , عن سالم , عن سعيد بن جبير , في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : هم اليتامى . * - حدثنا ابن وكيع , قال : ثني أبي , عن شريك , عن سالم , عن سعيد , قال : { السفهاء } اليتامى . 6801 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن , في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } يقول : لا تنحلوا الصغار . وقال آخرون : بل عنى بذلك السفهاء من ولد الرجل . ذكر من قال ذلك : 6802 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن إسماعيل بن أبي خالد , عن أبي مالك , قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده الذي هو قوامك بعد الله تعالى . 6803 - حدثنا محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } يقول : لا تسلط السفيه من ولدك . فكان ابن عباس يقول : نزل ذلك في السفهاء , وليس اليتامى من ذلك في شيء . 6804 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن فراس , عن الشعبي , عن أبي بردة , عن أبي موسى الأشعري أنه قال : ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها , ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } , ورجل كان له على رجل دين , فلم يشهد عليه. 6805 - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : سمعت ابن زيد : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } . .. الآية , قال : لا تعط السفيه من ولدك رأسا ولا حائطا ولا شيئا هو لك قيما من مالك . وقال آخرون : بل السفهاء في هذا الموضع : النساء خاصة دون غيرهم . ذكر من قال ذلك : 6806 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر بن سليمان , عن أبيه , قال : زعم حضرمي أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق , فقال الله تبارك وتعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } . 6807 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن حميد , عن مجاهد : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : النساء . * - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : ثنا سفيان , عن الثوري , عن حميد , عن قيس , عن مجاهد في قوله : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : هن النساء . 6808 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } قال : نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم , وهن سفهاء من كن أزواجا أو أمهات أو بنات. * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 6809 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا هشام , عن الحسن , قال : المرأة. 6810 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك , قال : النساء من أسفه السفهاء.
.................................................. ................................................


فلو راجعنا جملة التفاسير التي يعتمدون عليها لترديد هذه الشبهة لوجدنا الأتي ولو تعلمون أنهم أصلا حين الحديث عنها لم يأتوا بالتفاسير كاملة بل ينقلون فقط ما يخدم فكرتهم التي يعولون عليها ، وهذا والله منهج ثابت لني رجعوا عنه أبدا إلا بما من الله علينا به من كشف لهم ولزيفهم ولحقارة ودونية أهدافهم !

تقول التفاسير :

بأن السفهاء هم النساء والصبيان واليتامى والولدان وقال بعضهم هم الصبيان خاصة وقال الأخر هم النساء خاصة وقال بعض بل عني به السفهاء من ولد الرجل !

فليس هناك إجماع اصلا على إطلاقها على النساء خاصة هذا بما يفهم من كلام مرددي هذه الشبهة ولكن الحقيقة على غير ذلك ، فهم أولا جهلاء ثانيا مدلسين وثالثا غير أمينين فأما جهلهم لعدم إلمامهم بلغة العرب فلم يفهموا معني كلمة سفهاء ولو كان الأمر خاصة بالنساء لقيل سفيهات وليس سفهاء هذه واحدة ، أما الثانية فلكونهم يدلسون على كلام المفسرين فلم يقوموا بنقل كلامهم وترجيحاتهم كاملة كما أنهم دائما ما يغضون الطرف عن باقي المفسرين وتدخل تحتها عدم أمانتهم لأنهم يحاولون الوصول إلى هدف ليس موجود أصلا كذبا وافتراءا على الإسلام .

تعالوا نرى أولا ما قال به الإمام بن كثير ونعرضه على ما يعمموا به عندما يتناولون هذه الشبهة !

قال الأمام بن كثير فيما نقل عنه النصراني نقلا عن بن عباس والضحاك ومجاهد وعكرمة

هم (النساء) و(الصبيان) و(بنوك) أي أولادك (وابنتك) !

هذا ما نقله الإمام بن كثير في هذا الجزء ولو أن ما ذكر كافي فلم يقل الإمام أن الآية خاصة بالنساء بل ذكر أقوال عدة تخلط بين النساء والصبيان والولدان وإنما كان القصد من هذا كله أن لا يُمكَن السفيه من المال وهو لا يحسن التصرف فيه وهذا المال الذي نتكلم عنه هو مال الرجل أو المرأة وليس فقط خاص بالرجال فالأمر في الآية لصاحب المال ولا خلاف بين أحد على أن المرأة تملك المال ويمكنها التصرف فيه .

وقد عرف رحمه الله السفه بالأتي في بداية تأويل الآية الكريمة فقال (وهم أقسام: فتارة يكون الحَجْرُ للصغر؛ فإن الصغير مسلوب العبارة. وتارة يكون الحجرُ للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة يكون الحجر للفَلَس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاقَ ماله عن وفائها، فإذا سأل الغُرَماء الحاكم الحَجْرَ عليه حَجَرَ عليه)

فأي شخص تنطبق عليه هذه الصفات بتعريف الإمام فهو صاحب سفه وكل هذا ولم نٌعرِّف السَفه حتى والظاهر أن هذه الحالات تنطبق أكثر على النساء والصبيان والولدان ، وأسالوا أي أمرأة في الكون ماذا سوف تفعل إن ملكت المال ، أوليس الغالب هو أنها سوف تصرفه فيما لا ينفع وكل رجل بيت أدرى بما أقول مع أني مجربتش بس شوفت !

فالمرأة تحب المظاهر فهي في عرفنا ليست مسئولة بل إنفاقها واجب على الرجل مهما كانت حالته فهي غير ملكفة بالإنفاق إلا أنها لا تحسن التصرف في المال وهذه قاعدة والله لا يجحدها إلا مجنون !

فمن لا تنطبق عليه صفة السفه كما عرف الإمام حتى لو كانت من النساء حتما هو خارج الحكم لأن الآية مطلقة وليست مقيدة بأحد معين ، فالمجنون والسفيه يمكن أن يكون رجل فهل هذا ينفي كونه سفيه !؟

أما عن الإمام الطبري وهو التفسير الثاني الذي إستند إليه النصراني ماذا قال !؟

فقد نقل رحمه الله أنهم هم:

النساء والصبيان واليتامى والصغار والغلام والولدان وقد خصص رحمه الله في جز المرأة السفيهة !

فلماذا يعمموا الحكم على النساء خاصة ، لماذا إن كانوا يبحثون بحق لم يسموا موضوعاتهم بإسم الجميع الذين ذكرهم كلا من الإمامين الجليلين ، وأنا أقول لكم لأنهم يسير حبو هدف قذر كمعتقداتهم القذرة و التي تأمرهم بالكذب!

ولكن ماذا عن الجزء الذي لم يعرضوه من تفسير الإمام الطبري رحمة الله عليه وأكتفوا بما عرضوا منه ، ألم يقرأوا وهم يبحثون عن شبهتهم ترجيح الإمام الطبري في تفسير الآية ؟ ألم يقرأوا مثلا هذه المقطوعة من تفسيره رحمه الله

(قال أبو جعفر: وقد يدخل في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أموالُ المنهيِّين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال"السفهاء". لأن قوله:"أموالكم" غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض. ولا تمنع العرب أن تخاطب قومًا خِطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم، وبعضه عن غُيَّب، وذلك نحو أن يقولوا:"أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل"، فيخاطب الواحد خطاب الجمع، بمعنى: أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم. فكذلك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء"، معناه: لا تؤتوا أيها الناس، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم، فيضيعوها.

وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلَّها، ولم يخصص منها شيئا دون شيء، كان بيِّنًا بذلك أن معنى قوله:"التي جعل الله لكم قيامًا"، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قيامًا، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله:"لكم")

وتعالوا نحتكم إلى أهل اللغة :

جاء في معجم الصحاح

سفه
السَفَهُ: ضدُّ الحِلمِ، وأصله الخِفَّةُ والحركةُ. يقال: تَسَفَّهَتِ الريحُ الشجرَ، أي مالتْ به. قال ذو الرمة:
جَرَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رياحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعالِيَها مَرُّ الرياحِ النَواسمِ
وتَسَفَّهَتُ فلاناً عن ماله، إذا خدعتَه عنه. وتَسَفَّهْتُ عليه، إذاأَسْمَعْتَهُ. وسَفَّهَهُ تَسْفيهاً: نَسَبَهُ إلى السَّفَهِ. وسافَهَهُ مُسَافَهَةً. يقال: سَفيهٌ لم يجد مُسافِهاً. وسَفُهَ فلان بالضم سَفاهاًوسَفاهَةً، وسَفِهَ بالكسر سَفَهاً، لغتان، أي صار سَفيهاً. فإذا قالوا سَفِهَ نَفْسَهُ وسَفِهَ رأيَه لم يقولوه إلاّ بالكسر، لأن فَعُلَ لا يكون متعدّياً. وسَفِهْتُ الشرابَ أيضاً بالكسر، إذا أكثرت منه فلم تَرْوَ. وأسفَهكَهُ الله. وسافَهْتُ الدَنَّ أو الوطْبَ، إذا قَاعَدْتَهُ فشربتَ منه ساعةً بعد ساعة.

على هذا فمن الممكن أن يكون المعنى متعلقا بالخفّة والحركة - أي بالمعنى الأصلي للكلمة و الخفة والحركة تؤدي إلى معنى الجهل في تسيير أمور المال وحفظه .

قال النحّاس في معاني القرآن

وقولُه عز وجل: (وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) [آية 5].
قال عبدُالله بنُ عُمَرَ، وجماعةٌ من التابعين: السُّفَهاءُ: النِّسَاءُ، والصِّبْيَانُ.
وإنما قالوا لأن السَّفَه في هؤلاء أكثر.
والسَّفَهُ: الجهلُ، وأصلُه: الخِفَّةُ، يقال: ثوبٌ سَفِيهٌ إذا كانخَفيفاً، وقيل للفاسق: سفيهٌ، لأنه لا قَدْرَ له عند المؤمنين، وهو خفيفٌفي أعينهم، هَيِّنٌ عليهم.
والمعنى: ولا تؤتوا السفهاء فوق ما يحتاجون إليه فَيُفْسِدُوْهُ.
والدليلُ على هذا قوله بَعْدُ: ( وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْوَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} أي عَلِّمُوهُمْ أَمْرَدِيِنِهمْ)

فالنساء والأطفال يتصرفون في المال بعكس ما يطلبه الراشدون من نظر في الأولويات--
وكم من امرأة أعطيت مالا فلم تشتر به أكلا واشترت زينة--
أو طفل أعطي مالا فاشترى ألعابا--

الم أقل لكم أن الجهل سمة هؤلاء القوم إذ يأخذون الأمر بظاهر ما يرون هم ولو رجعوا إلى العلم لخسئوا والله !

قلت ولنا في باقي التفاسير شواهد وتعالو نرى ، فهل فسر القرآن فقط الطبري وبن كثير أم أن هناك علماء كالنور !

قال الإمام القرطبي :
والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله هو المستحق للحَجْرِ عليه، وهو أن يكون مبذرًا في ماله أو مفسدا في دينه، فقال جل ذكره: { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ } أي: الجهال بموضع الحق أموالكم التي جعل الله لكم قياما.
قرأ نافع وابن عامر { قِيَامًا } بلا ألف، وقرأ الآخرون { قِيَامًا } وأصله: قواما، فانقلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها، وهو ملاك الأمر وما يقوم به الأمر. وأراد هاهنا قِوام عيشكم الذي تعشيون به. قال الضحاك: به يقام الحج والجهاد وأعمال البِّر وبه فكاك الرقاب من النار.

وقال رحمه الله في موضع أخر:
قال الجوزى: وهذا كله خلاف الشرع والعقل، وسوء فهم المراد بالمال، وقد شرفه الله وعظم قدره وأمر بحفظه، إذ جعله قواما للآدمي وما جعل قواما للآدمي الشريف فهو شريف، ف: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما ".
ونهى عز وجل أن يسلم المال إلى غير رشيد فقال: " فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم "
وقال رحمه الله أيضا :
وروي عن عمر أنه قال: من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا، فذلك قوله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) يعني الجهال بالاحكام.
ويقال: لا تدفع إلى الكفار، ولهذا كره العلماء أن يوكل المسلم ذميا بالشراء والبيع، أو يدفع إليه مضاربة.
وقال أبو موسى الاشعري رضي الله عنه: السفهاء هنا كل من يستحق الحجر.
وهذا جامع.
وقال ابن خويز منداد: وأما الحجر على السفيه فالسفيه له أحوال: حال يحجر عليه لصغره، وحالة لعدم عقله بجنون أو غيره، وحالة لسوء نظره لنفسه في ماله.

وفي تفسير الألوسي :

{ وَلاَ تُؤْتُواْ السفهاء أموالكم } أي لا تودعوا الناقصين عن مراتب الكمال أسراركم وعلومكم { التى جَعَلَ الله لَكُمْ قياما وارزقوهم فِيهَا } أي غذوهم بشيء منها { واكسوهم } أي حلوهم.

وفي البحر المحيط :
{ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً } قال ابن مسعود والحسن والضحاك والسدي وغيرهم : نزلت في ولد الرجل الصغار وامرأته . وقال ابن جبير : في المحجورين . وقال مجاهد : في النساء خاصة . وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما : نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كائناً من كان . ويضعف قول مجاهد أنها في النساء ، كونها جمع سفيهة ، والعرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات قاله : ابن عطية . ونقلوا أنّ العرب جمعت سفيهة على سفهاء ، فهذا اللفظ قد قالته العرب للمؤنث ، فلا يضعف قول مجاهد . وإن كان جمع فعيلة الصفة للمؤنث نادراً لكنه قد نقل في هذا اللفظ خصوصاً . وتخصيص ابن عطية جمع فعيلة بفعائل أو فعيلات ليس بجيد ، لأنه يطرد فيه فعال كظريفة وظراف ، وكريمة وكرام ، ويوافق في ذلك المذكر . وإطلاقه فعيلة دون أن يخصها بأن لا يكون بمعنى مفعولة نحو : قتيلة ، ليس بجيد ، لأن فعيلة لا تجمع على فعائل .

وفي زاد الميسر :
ذكر خمسة أقوال وهي جملة ما ذكرنا في السابق ما بين النساء واليتامي والصبيان وذكر في الخامس
والخامس : أن القول على إِطلاقه ، والمراد به كل سفيه يستحق الحجر عليه ، ذكره ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي ، وغيرهما ، وهو ظاهر الآية .

وقال الإمام الرازي :
واعلم أنه تعالى لما نهى عن إيتاء المال السفيه أمر بعد ذلك بثلاثة أشياء : أولها : قوله : { وارزقوهم } ومعناه : وأنفقوا عليهم ومعنى الرزق من العباد هو الاجراء الموظف لوقت معلوم يقال : فلان رزق عياله أي أجرى عليهم ، وإنما قال : { فِيهَا } ولم يقل : منها لئلا يكون ذلك أمراً بأن يجعلوا بعض أموالهم رزقا لهم ، بل أمرهم أن يجعلوا أموالهم مكانا لرزقهم بأن يتجروا فيها ويثمروها فيجعلوا أرزاقهم من الأرباح لا من أصول الأموال ، وثانيها : قوله : { واكسوهم } والمراد ظاهر ، وثالثها : قوله : { وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } .
واعلم انه تعالى إنما أمر بذلك لأن القول الجميل يؤثر في القلب فيزيل السفه ، أما خلاف القول المعروف فانه يزيد السفيه سفهاً ونقصانا .

وفي بحر العلوم للسمرقندي :
فذلك قوله تعالى { وَلاَ تُؤْتُواْ السفهاء أموالكم } يعني الجهال بالأحكام .

وفي تفسير السعدي :
وقوله تعالى: { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا } السفهاء: جمع "سفيه" وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله كالمجنون والمعتوه، ونحوهما، وإما لعدم رشده كالصغير وغير الرشيد. فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها، لأن الله جعل الأموال قياما لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها، فأمر الولي أن لا يؤتيهم إياها، بل يرزقهم منها ويكسوهم، ويبذل منها ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية

وفي التفسير الميسر :
{ وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا }
ولا تؤتوا -أيها الأولياء- من يُبَذِّر من الرجال والنساء والصبيان أموالهم التي تحت أيديكم فيضعوها في غير وجهها

وأتوقف على ما ذكرت من تفسير لأستنتج وتستنتجوا الأتي :

- الآية عامة في الحكم على السفيه ولم تخص النساء بل ذكر أهل العلم السفيهات من النساء كما ذكر بعضهم السفهاء من الرجال والسفهاء من الأولاد واليتامى ويفهم من هذا أن الآية مطلقه على كل سفيه مهما كان جنسه !


- السفه في لغة العرب يعني الخفة و الحركة وليس غياب العقل كالجنون وإنما عنت الآية من لا يحسن التصرف في المال .


- الأقوال التي أوردها أهل العلم كلها هي نقل من أقوال الصحابة والتابعين وان وجد ما يخدم فكرة النصراني فهناك ايضا ما يعارضه فلماذا لم يتمسك بالمعارض هو الأخر !؟


- ما صح وما قال به أهل العلم أن السفه مطلق حكم على كل خفيف سواء كان رجلا أو صبيا أو أمرآة أو يتيم أو غلام فكل من لا يحسن التصرف في المال هو سفيه .

...............................................
ولهذا قال صلى الله عليهم في الحديث الصحيح ( ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم : رجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله تعالى : (ولا تؤتوا السفهاء اموالكم) ، ورجل له امرأة سيئة الخلق فلا يطلقها ، ورجل بايع ولم يشهد.

ولهذا نقل بن حجر في فتح الباري عن الطبري قوله

قَالَ الطَّبَرِيّ بَعْدَ أَنْ حَكَى أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْمُرَادِ بِالسُّفَهَاءِ : الصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلّ سَفِيه صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، وَالسَّفِيه هُوَ الَّذِي يُضَيِّعُ الْمَالَ وَيُفْسِدُهُ بِسُوء تَدْبِيره .

ولهذا قد استشهد كل اصحاب الفقه بهذه الآية الكريمة في الحجر على السفيه ولم يذكر ايا منهم أن السفيه الذي يجب الحجر عليه هم النساء فقط وإلا لتم الحجر على النساء جميعا بنص الآية كما يزعم النصراني !

ولهذا قال في إعانة الطالبين
أي لا تؤتوا أيها الاولياء: السفهاء المبذرين، من الرجال، والنساء، والصبيان، أموالهم التي تحت أيديكم.
فإضافة أموال إلى المخاطبين: لادنى ملابسة.

وقال في المجموع :
قيل أراد به النساء، وهو قول مجاهد وهذا القول لا يصح، انما تقول العرب للنساء سفائه أو سفيهات، لانه الاكثر في جمع فعلية، وروى عن عمر رضى الله عنه: من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا، قال القرطبى فكذلك قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) يعنى الجهال بالاحكام.

وفي الحديث َقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ } رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ولم يخص النساء بالسفه فالحكم عام في كل من به سفه .

وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج قالى ( وَالسَّفِيهُ الْمُبَذِّرُ)

وفي الشرح الكبير لإبن قدامة
قال الشيخ رحمه الله (الضرب الثاني المحجور عليه لحظه وهو الصبي والمجنون والسفية) الحجر على هؤلاء الثلاثة حجر عام لانهم يمنعون التصرف في أموالهم وذممهم والاصل في الحجر عليهم قول الله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) (وابتلوا اليتامي) الآية قال سعيد بن جبير وعكرمة: هو مال اليتيم عندك لا تؤته اياه وانفق عليه وانما أضاف الاموال إلى الاولياء وهي لغيرهم لانهم قوامها، ومدبروها
....................................
وهلموا لنقف على معني الكلمة وقفا دقيقا بما يقتضي الحال ومع معناها في القاموس الفقهي وما وقف عليها وكما شرحها الفقهاء فيقول القاموس .
السفيه: الجاهل.
(ج) سفهاء، وسفاه وهي سفيهة (ج) سفائه، وسفه.
- من يبذر ماله فيما لا ينبغي، وفي القرآن الكريم: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) (النساء: 5) - عند الحنفية: المبذر، المسرف.
- عند الحنابلة: ضعيف العقل، وسيئ التصرف.
- عند الجعفرية: المبذر، والضعيف الصغير، والشيخ الكبير.
و: هو الذي يصرف أمواله في غير الاغراض الصحيحة.
- في قول الزمخشري: هو المبذر ماله، الذي ينفقه فيما لا ينبغي، ولا يدله بإصلاحه وتثميره والتصرف فيه.
- في المجلة (م 946): هو الذي يصرف ماله في غير موضعه، ويبذر في مصارفه، ويضيع أمواله، ويتلفها بالاسراف، الذين لا يزالون يغفلون في أخذهم، وإعطائهم، ولم يعرفوا طريق تجارتهم، وتمتعهم بحسب بلاهتهم، وخلو قلوبهم يعدون أيضا من السفهاء.

وفي معجم لغة الفقهاء :
السفيه: بكسر الفاء، ج سفاه وسفهاء، ذو السفه (ر: سفه)، وسمي سفيها لخفة عقله وسوء تصرفه، ومنه (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم).

والله أكبر ولله الحمد ....