مصدر الشبهة :

    (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُواحَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَوَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) - البقرة 223 -

حدثنا ‏ ‏إسحاق ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏النضر بنشميل ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏ابن عون ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏قال كان ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏رضيالله عنهما ‏‏إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه يوما فقرأسورة ‏ ‏البقرة ‏ ‏حتى انتهى إلى مكان قال تدري فيم أنزلت قلت لا قال أنزلت في كذا وكذا ثم مضى.
وعن ‏ ‏عبد الصمد ‏ ‏حدثني ‏ ‏أبي ‏‏حدثني ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم
‏قال يأتيها في دبرها
‏ ‏رواه ‏ ‏محمد بن يحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر
صحيح البخاري .. كتاب تفسيرالقرآن .. باب ‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم‏
..............................................


والحق أقول لكم فالحديث موجود بالفعل فى البخارى كتاب تفسير القرأن- باب نساؤكم حرث لكم - ولكن ! ليس بهذه الصورة التى زادوا فيها حين يتقياوا بهذه الشبهة ، فجملة (يأتيها فى دبرها) من صنيعهم ولا وجود لها فى الحديث واليكم الشاهد مصورا فى صحيح البخارى :




ظللت الجزء الذى زادوا فيه ولا تجد لهم كلام عن هذه الشبهة إلا وزادوا هذه الكلمة ، فأين فيه يأتيها فى دبرها ، وأقول أمامكم كتب المتون كلها أستخرجوا منها هذه الكلمة فى سياق الحديث أيها الأدعياء أن كنتم تجرؤا ، والحقيقة فالحديث كما فى الصورة وله قصة مشهورة يعلمها الجميع سأسردها الأن فى التعليق على سبب نزول الأية الكريمة ولا علاقة له بما هرفوا به :

وسأعلق أيضا على ما كذبوا به على نافع وأنه نقل عن بن عمر يأتيها فى دبرها أيضا ولكن كل فى محلة ، فالحديث كما ترون فى صحيح البخارى دون اللفظة التى تلت الحرف ( فى ) كذلك فى الاصل ولكن بالجمع بين الأحاديث حل لنا بن حجر فى القتح هذا الإشكال فقال العالم الفذ :

قَوْله : ( يَأْتِيهَا فِي )
هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ لَمْ يَذْكُر مَا بَعْد الظَّرْف وَهُوَ الْمَجْرُور ، وَوَقَعَ فِي " الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ " يَأْتِيهَا فِي الْفَرْج ، وَهُوَ مِنْ عِنْده بِحَسَب مَا فَهِمَهُ . ثُمَّ وَقَفْت عَلَى سَلَفه فِيهِ وَهُوَ الْبَرْقَانِيُّ فَرَأَيْت فِي نُسْخَة الصَّغَانِيِّ " زَادَ الْبَرْقَانِيُّ يَعْنِي الْفَرْج " وَلَيْسَ مُطَابِقًا لِمَا فِي نَفْس الرِّوَايَة عَنْ اِبْن عُمَر لِمَا سَأَذْكُرُهُ ، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي " سِرَاج الْمُرِيدِينَ " : أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ هَذَا الْحَدِيث فِي التَّفْسِير فَقَالَ " يَأْتِيهَا فِي " وَتَرَكَ بَيَاضًا ، وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة صَنَّفَ فِيهَا مُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ جُزْءًا ، وَصَنَّفَ فِيهَا اِبْن شَعْبَان كِتَابًا ، وَبَيَّنَ أَنَّ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي إِتْيَان الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا - انتهى -

فللحديث شواهد أخرى جمعها الحميدى كما فى الصحاح بأنها فى الفرج ونقل عن البرقانى أيضا الفرج .

فلا علاقة للأية بما هرف الحمار نقلا عن حمار أخر :

وكل ما نقله بعد ذلك من فتح البارى يدينة ولا يؤيده فى شئ ولكل من يعى أدعوه بقراءة شرح الحديث فى فتح البارى ففيه رد قاطع على تدليسات هذا العبيط فما زاد هو الا تلوين بعض الكلمات ولو قرأ كلام بن حجر ما لون منه ولا كلمة فحاصل كلام بن حجر بأن الحرث هو موضع الزرع نقله عن جميع من تكلم عنهم بدءا من بن عمر مرورا بمالك الذين نقلت عنهما هذه الأثار وصولا الى الشافعى رحمهم الله جميعا ، فمصدر الشبهة فقط فى عقل هؤلاء الصبية ولا مكان لها فى كتب أهل الإسلام .

ودعونى اسأل سأشرع الأن فى إثبات تحريم أتيان النساء إلا فى موضع الحرث ولكن قبلا هل هو حرام فى عرفكم ، هل هناك نص أو تشريع لكم يحرم أتيان النساء إلا فى موضع الزرع فى كتبكم أو مؤسسي معتقدكم !!!! هنا سوف تتلجم الأفواه ويخسأ كل أجرب فيكم فتشريعاتكم ناقصة لأنها من صنع البشر !

وبعد أن رفعنا الحرج عن حديث البخارى الذى دلسوا وكذبوا عليه فيه اليكم الشبهة فى نقاط :

1 – الاثر عن بن عمر .
2 – ما نقله نافع عن بن عمر .
3 – نسبة هذا القول الى مالك .
4 – سبب نزول الأية الكريمة .

أولا وثانيا هل صح هذه الأثر عن بن عمر وهل نقله عنه نافع ؟

يرد عليكم يا أهل الدياثه نافع نفسه :

ففى سنن النسائي الكبرى ( 8978 ) بسند حسن عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى عبد الله بن عمر قد أكثر عليك القول أنك تقول عن بن عمر إنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارها قال نافع لقد كذبوا علي ولكني سأخبرك كيف كان الأمر إن بن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال يا نافع هل تعلم ما أمر هذه الآية إنا كنا معشر قريش نجيء النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم .

وهذا هو سبب النزول حقيقة وسأذكره بعد قليل بتفصيل أكبر ، فهذا الخبر عن نافع نقلا عن بن عمر غير صحيح وغير ثابت ..

قال ابن القيم بعد ما أورده في تهذيب السنن (6/ 141) : ( فهذا هو الثابت عن ابن عمر ولم يفهم عنه من نقل عنه غير ذلك )

وقال ابن كثير بعدما أورد رواية سعيد بن يسار : (وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك فكل ماورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم ) ( التفسير 1/265) .

و قال ابن القيم : ( فقد صح عن ابن عمر أنه فسر الآية بالإتيان في الفرج من ناحية الدبر وهو الذي رواه عنه نافع وأخطأ من أخطأ على نافع فتوهم أن الدبر محل للوطء لا طريق إلى وطء الفرج فكذبهم نافع وكذلك مسألة الجواري إن كان قد حفظ عن ابن عمر أنه رخص في الإحماض لهن فإنما مراده إتيانهن من طريق الدبر فإنه قد صرح في الرواية الأخرى بالإنكار على من وطئهن في الدبر وقال أو يفعل هذا مسلم فهذا يبين تصادق الروايات وتوافقها عنه ) ( تهذيب السنن 6 / 142)

و قال الذهبي : ( قلت : وقد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء وما جاء عنه بالرخصة فلو صح لما كان صريحا بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك ) ( السير 5/100)

ولم يقف فقد ذكر الحافظ فى الفتح هذا القول وزاد فقال - قُلْت ( اى بن حجر ) : وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَيْضًا اِبْنه عَبْد اللَّه أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَسَعِيد بْن يَسَار وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ مِثْل مَا قَالَ نَافِع ، وَرِوَايَتهمَا عَنْهُ عِنْد النَّسَائِيِّ وَابْن جَرِير وَلَفْظه " عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم قُلْت لِمَالِك : إِنَّ نَاسًا يَرْوُونَ عَنْ سَالِم : كَذَبَ الْعَبْد عَلَى أَبِي ، فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى زَيْد بْن رُومَان أَنَّهُ أَخْبَرَنِي عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ مِثْل مَا قَالَ نَافِع ، فَقُلْت لَهُ : إِنَّ الْحَارِث بْن يَعْقُوب يَرْوِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ أُفّ ، أَوَيَقُول ذَلِكَ مُسْلِم ؟ فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى رَبِيعَة لَأَخْبَرَنِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ اِبْن عُمَر مِثْل مَا قَالَ نَافِع ، ( وقد رجع مالك كما سنبين )

وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك وَقَالَ : هَذَا مَحْفُوظ عَنْ مَالِك صَحِيح ا ه . وَرَوَى الْخَطِيب فِي " الرُّوَاة عَنْ مَالِك " مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل بْن رَوْح قَالَ : سَأَلْت مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ قَوْم عَرَب ؟ هَلْ يَكُون الْحَرْث إِلَّا مَوْضِع الزَّرْع ؟ وَعَلَى هَذِهِ الْقِصَّة اِعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَالِكِيَّة ، فَلَعَلَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ قَوْله الْأَوَّل ، أَوْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْعَمَل عَلَى خِلَاف حَدِيث اِبْن عُمَر فَلَمْ يَعْمَل بِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَة فِيهِ صَحِيحَة عَلَى قَاعِدَته .

وفى هذا الكلام ردا على ثالثا ورفع الحرج عن ما نُقل عن مالك ايضا .

يبقى رابعا وهو الأهم وفيه رد الشبهة من جميع الجوانب حيث سيكون فيه الثبات والخبر الأكيد :

فبسم الله تنحر الشبهة فى السطور الأتية :

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك: فانكحوا مزدرَع أولادكم من حيث شئتم من وجوه المأتى- نقله الطبرى فى التفسير وزاد و"الإتيان" في هذا الموضع، كناية عن اسم الجماع – تفسير الطبرى باب 223 جزء 3 ص 398
وفى نفس الصفحة من تفسير الطبرى نقل رحمه الله :
- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:" فأتوا حرثكم أنّى شئتم"، قال: يأتيها كيف شاء، ما لم يكن يأتيها في دبرها أو في الحيض.

- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله:" نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"، قال: ائتها أنى شئت، مقبلةً ومدبرةً، ما لم تأتها في الدُّبر والمحيض.

- حدثنا علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:" فأتوا حرثكم أنى شئتم"، يعني بالحرث الفرجَ. يقول: تأتيه كيف شئت، مستقبلهُ ومستدبرهُ وعلى أيّ ذلك أردت، بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره، وهو قوله:" فأتوهن من حيث أمركم الله" .

- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن عبد الكريم، عن عكرمة:" فأتوا حرثكم أنّى شئتم"، قال: يأتيها كيف شاء، ما لم يعمل عمل قوم لوط.

- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا الحسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد:" فأتوا حرثكم أنى شئتم"، قال: يأتيها كيف شاء، واتَّق الدبر والحيض.

- حدثني عبيد الله بن سعد قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي قال، حدثني يزيد : أن ابن كعب كان يقول: إنما قوله:" فأتوا حرثكم أنى شئتم"، يقول: ائتها مضجعةً وقائمة ومنحرفةً ومقبلةً ومدبرةً كيف شئت، إذا كان في قُبُلها.

وينهى هذا كله ما نقلته ايضا من تفسير الطبرى تحت نفس الباب - فى سبب نزول الأية :

من حديث بن عباس رضى الله عنه - حدثني به أبو كريب قال، حدثنا المحاربي قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عَرَضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية وأساله عنها، حتى انتهى إلى هذه الآية:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"، فقال ابن عباس: إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة، ويتلذذون بهن مقبلاتٍ ومدبراتٍ. فلما قدموا المدينة تزوّجوا في الأنصار، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بالنساء بمكة، فأنكرن ذلك وقلن: هذا شيء لم نكن نُؤْتَى عليه ! فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله     ، فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"، إن شئت فمقبلة، وإن شئت فمدبرة، وإن شئت فباركة، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث. يقول: ائت الحرث من حيث شئت .

وقال بن كثير فى التفسير

وقوله: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) قال ابن عباس: الحرث موضع الولد ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أي: كيف شئْتم مقبلة ومدبرة في صِمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن غَيْلان، حدثنا رِشْدين، حدثني الحسن بن ثوبان، عن عامر بن يحيى المعافري، عن حَنَش، عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) في أناس من الأنصار، أتوا النبي     ، فسألوه، فقال النبي     : "آتها على كل حال، إذا كان في الفرج".

وأختم تلك النقطة بما لا يدع مجالا للحديث حول هذه النقطة :

"قال رسول الله     " ملعون من أتى امرأة في دبرها " رواه الإمام أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع 5865