11) قولك: (أخي الداعي_ عفا الله عنك وهداك _يوجد تناقضات كثيرة في كلامك):

- تارة تقول: (إذن, شحم الخنزير حرام؛ لأنَّه مما يؤكل, والدليل هو القرآن والسنة, وليس الإجماع أو القياس).
- وتارة تقول: (هنا حصل قياس شحم الخنزير على شحم الميتة).
- القول الأول ورد بخصوص حديث, والقول الثاني ورد بخصوص حديث.
- أستطيع القول: والدليل على تحريم شحم الخنزير هو: (القرآن والسنة والقياس). ثم أبين موطن الاستدلال بالقرآن, ثم موطن الاستدلال بالسنة, ثم موطن الاستدلال بالقياس.

- أمثلة على هذا الأسلوب:

· جاء في الشرح الممتع: فهذه ثلاثة أدلة تدل على حكم هذه المسألة من القرآن، والسنة، والقياس.

· جاء في فقه العبادات: دليلها: ثبتت مشروعيتها بالقرآن والسنة والإجماع.

· وكذلك:دليل فرضيته: القرآن والسنة والإجماع.

· جاء في الذخيرة للقرافي: وأصل هذا الكتاب, القرآن والسنة والإجماع والقياس.

· جاء في المجموع شرح المهذب: ودلائله مشهورة في القرآن والسنة والإجماع.

· جاء في الفقه الإسلامي: لثبوت فرضيتها بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع.

- وعليه, لا تناقض, بل حصل لديك لبس.

12) قولك: (هل اختلف الصحابة على مسألة ما بعد موت الرسول e, مع إعطاء مثال؟ وماذا بعد اختلافهم؟):

- نعم, اختلفوا.
- مثال: اختلف الصحابة في تحديد مقدارِ ما يُخْرَجُ من القمح في زكاة الفطر على رأيين:
- ذهب من الصحابة أبو بكر الصِّدِّيق, وعمر بن الخطاب, وعثمان بن عفان, وعلي بن أبي طالب, وعبد الله بن عباس, وعبد الله بن مسعود, وجابر بن عبد الله, وأبو هريرة, وعبد الله ابن الزبير, وأمه أسماء بنت أبي بكر, وأبو قلابة_ رضي الله عنهم _إلى أن نصف صاعٍ من قمح يُجْزِئُ في زكاة الفطر. وبه قال: وبه قال سعيد بن المسيِّب, وسعيد بن جبير, وسفيان الثوري, وعبد الله بن المبارك, وعروة بن الزبير, وعطاء, وطاووس, ومجاهد, وعمر بن عبد العزيز، والإمام أبو حنيفة.
- فيما ذهب أبو سعيد الخدري, وأبو العالية, وأبو الشعثاء_ رضي الله عنهم _إلى أن المجزئ في زكاة الفطر صاعٌ من القمح. قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يرون من كل شيء صاعاً، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق.
- بعد هذا الاختلاف؛ من كان مجتهدًا فله أن يجتهد أو يقلد, ومن كان مقلدًا فليأخذ برأي إمام مذهبه.
- مثال: اختلف الصحابة_ رضوان الله عليهم _في الكلالة؛ فذهب أبو بكر إلى أنّها من عدا الوالد والولد، وذهب عمر إلى أنها من عدا الولد.
- مثال: اختلف الصحابة في غسل من غسل ميتا؛ علي بن أبي طالب يأمر بذلك, ويرى ابن مسعود, وابن عمر, ومجموعة أخرى أنه لا غسل.
- ثمَّة كثير من الاختلافات الفقهية بين الصحابة رضي الله عنهم.

13) قولك: (ألا ترى تناقضا بينًا للمرة الثالثة في كلامك, فتقول: إن الاختلاف جائز في حالة أن يكون النص ظني الدلالة, أي: إنك تؤمن بالظنية في الترجيح, وعلى عكس ما كتبته مقتبسا إياه, فوق أنك نقضت آية؛ لأنها ظنية؟):

- نعم, لا أرى.
- لقد ظننت التناقض في قولي؛ لأنَّك لم تميز بين موضوعي الحديث؛ فالدليل الظني لا يصلح لإثبات أصل من أصول الفقه, بينما يصلح لإثبات حكم شرعي بغلبة الظن. فتأمل.
- إثبات كون إجماع الأمة من غير الصحابة حجة هو أصل من أصول الفقه؛ لذلك يلزمك دليل قطعي في ثبوته ودلالته؛ لتثبت أصلا من أصول الفقه؛ لأنَّ أصول الفقه لا تثبت بالظن؛ لأنها كأصول الدين.
- النص ظني الدلالة, لن يكون أبدًا قطعي الدلالة, ولن تجد أصوليا يقول بغير هذا.

14) قولك: (يقول شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله _في منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية:" وأما الوضوء بالنبيذ، فجمهور العلماء ينكرونه" إلى آخره, فدليلك موضوع من أساسه. وأظنك من منكريه أيضا! فأعيد عليك الكرة مر أخرى: هل لاجتهادك فيه أم لإجماع العلماء على إنكاره؟!):

- من أهل السنة والجماعة, يجيز الوضوء بالنبيذ أربعة, وهم: عكرمة, والحسن, والأوزاعي, وأبو حنيفة.
- قولك: (فدليلك موضوع من أساسه) قول غريب؛ ذلك أنِّي لم أستدل على شيء, بل ذكرت حالات الاختلاف بين الفقهاء والمجتهدين.
- أنكر عليك قولك: (لإجماع العلماء على إنكاره), فهل تفهم من قول ابن تيمية (فجمهور العلماء ينكرونه) أنَّ ثمة إجماعًا من العلماء؟!
- إن لفظ (جمهور العلماء) معناه: غالبية العلماء. فتأمل.

- أعيد عليك تصويب الخطأ, تارةً أخرى:

ü لغة, خطأ الجمع بين (هل) و(أم) في السؤال.
ü التخيير يكون بين الاجتهاد والتقليد, وليس بين الاجتهاد والإجماع.
ü السؤال الصحيح: ألاجتهادك فيه, أم لتقليدك للعلماء؟

15) قولك: (لقد أنكرت إجماع أهل العلم, فلا تستشهد بهم في ترجيح مسألة من أخرى, أو فهم حديث, أو معرفة شكل من الأشكال. فاعتمد على اجتهادك في الفهم, واخط نحو بنات أفكارك):

- ألتزم في الاستدلال بأخذ الأحاديث الصحيحة والحسنة التي صحَّت وحسُنت عند جمهرة المُحَدِّثين أو بعضهم، ولا أستدلُّ بأي حديثٍ علمت أنه ضعيف عند جميع المُحَدِّثين، أما الحديث المختلَفُ عليه من حيث الصحة والضعف فربما أخذته وربما تركته، والأخذ والترك متعلقان بموافقة الحديث أو مخالفته للأحاديث الصحيحة والحسنة.
- النموذج الأصح في كتابة الفقه, ورأيت أنه الأنسب يتمثل باستعراض النصوص كلها في المسألة الواحدة، واستحضار الأحكام التي استنبطها الفقهاء لمحاكمتها، ومن ثَمَّ التوصُّل إلى الحكم الصحيح وبيان الحكم الخطأ، حتى يأخذ المسلم الحكم بقناعةٍ واطمئنان نفسٍ، وينأى بذلك عن التقليد الأعمى لهذا الفقيه أو ذاك.
- وعليه, فلست أنا _كما تظنني _لا ألتفت لآراء الفقهاء والمجتهدين, بل أدرسها, وأدرس طريقة استنباطها؛ فلربما نبهوني على شيء غفلت عنه, وربما استحضروا نصوصا تعالج المسألة غفلت عنها, ولربما غير هذا وذاك.

فقولك: (واختلفنا في فهمنا, فلمن المرجعية هنا) فيه خلل؛ فكأنَّه يجب أن يكون رأي واحد ليس غير. عندما يختلف الصحابة في فهم نص ظني الدلالة؛ فإنهم يتناقشون: منهم من يقنع الآخر برأيه, ومنهم من لا يتفق مع غيره, وكله جائز, ومجمع عليه من قبل الصحابة. فتأمل.