ثانيا العوامل الحقيقية:-
اولا العامل الاقتصادى:-

رغبة التجار الأوربيين، ولاسيما تجار المدن الإيطالية (البندقية ، جنوه ، بيزا)، في السيطرة على منتجات المنطقة العربية، وتأسيس متاجر ومستودعات تجارية فيها. وفي الوقت الذي كانت التجارة مزدهرة، كان عدد قليل من التجار الأثرياء يتقاسمون النفوذ والسلطة مع عدد من الأمراء والنبلاء والإقطاعيين، في حين كان سواد المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى يعيش حياة ملؤها البؤس والشقاء في ظل نظام إقطاعي مستبدّ.


يضاف إلى هذه العوامل، حدوث حالات القحط والجفاف التي ضربت بعض المواقع في أوروبا، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض والمجاعات، ودفع بالبسطاء والفقراء للاشتراك في تلك الحروب لقاء مأكلهم ومشربهم وملبسهم.



العامل السياسي:

كان القانون الإقطاعي في الغرب الأوربي و بشكل خاص في فرنسا المحرك الأساسي للحروب الصليبية يعتمد على توريث الإقطاع للابن الأكبر فقط و بالتالي يصبح الأخوة الآخرين بلا إقطاع فأخذ بعض الأمراء الإقطاعيين الذين لا يرثون إقطاع يسعون للحصول على إقطاع جديد إما بالزواج من وريثة إقطاع أو بمهاجمة الأراضي المجاورة لهم فجاءت الحروب الصليبية فرصة لهم لتأسيس إقطاعيات كبيرة لهم في الشرق أو لإقامة كيانات سياسية لهم في أراضى المسلمين.

العامل الاجتماعي:-

لم تكن الشعوب الأوربية في ذلك الوقت شعوبًا مستقرة، بل كانت تعيش حياة البدو الرُّحَّل، حيث ينتقلون من مكان إلى مكان سعيًا وراء الطعام أو الأمن؛ وهذا أدى إلى عدم وجود روح الاستقرار والتمسُّك بأرض معينة. ولعل هذا سهَّل كثيرًا على الناس أن يتركوا أوربا بكاملها، ويتجهون إلى فلسطين بحثًا عن نظام حياة أفضل وأسعد



وكان الفلاحون في أوربا يعانون بطش أمراء الإقطاع، ولم يكن للفلاحين أدنى حقوق، بل كانوا يباعون مع الأرض، ويستغلون تمام الاستغلال لجلب الرفاهية لمالك الإقطاعية، وهذا ولَّد عندهم شعورًا بالحقد تجاه ملاَّك الأراضي وملاَّكهم، ولكن لم يكن لهم فرصة ولا حتى حُلم في الخروج من أزمتهم



وفوق هذا الأسى الذي كان يعيشه معظم الشعوب فإن الجهل كان مُطبِقًا على الجميع، وكانت الأمية طاغية، ولم يكن هناك أي ميل للعلوم، وهذه الحالة المتخلفة جعلت من السهل جدًّا السيطرة عليهم بأية أفكار أو دوافع، ولم يكن عندهم من القدرة العقلية والذهنية ما يسمح لهم بتحليل الأفكار المعروضة عليهم، أو ما يمكِّنهم من الاختيار بين رأيين متعارضين، وهذا كله -ولا شك- سهَّل مهمة إقناعهم بترك كل شيء، والتوجه للحرب في فلسطين