يقولون: سنقبض بأيدينا على كل مقاليد القوى ونسيطر على جميع الوظائف وتكون السياسة بأيدي رعايانا وبذلك نستطيع في كل وقت بقوتنا محو كل معارضة مع أصحابها من الأمميين.

يقولون: لقد بثثنا بذور الشقاق في كل مكان بحيث لا يمكن اجتثاثه، وأوجدنا التنافر بين مصالح الأمميين المادية والقومية وأشعلنا نار النعرات الدينية والعنصرية في مجتمعاتهم ولم ننفك عن بذل جهودنا في إشعالها منذ 20 قرناً ولذلك من المستحيل على أي حكومة أن تجد عوناً من أخرى لضربنا وأن الدول لن تقدم على إبرام أي اتفاق مهما كان ضئيلاً دون موافقتنا لأن محرك الدول في قبضتنا.

يقولون: لقد هيأنا الله لحكم العالم وزودنا بخصائص ومميزات لا توجد عند الأمميين ولو كان في صفوفهم عباقرة لاستطاعوا مقاومتنا.

يقولون: لا بد من الانتفاع بالعواطف المتأججة لخدمة أغراضنا عوض إخمادها ولا بد من الاستيلاء على أفكار الآخرين وترجمتها بما يتفق مع مصالحنا بدل قتلها.

يقولون: سنولي عناية كبرى بالرأي العام إلى أن نفقده القدرة على التفكير السليم ونشغله حتى نجعله يعتقد أن شائعاتنا حقائق ثابتة ونجعله غير قادر على التمييز بين الوعود الممكن إنجازها والوعود الكاذبة فلا بد أن نكوّن هيئات يشتغل أعضاؤها بإلقاء الخطب الرنانة التي تغدق الوعود ولا بد أن نبث في الشعوب فكرة عدم فهمهم للسياسة وخير لهم أن يدعوها لأهلها.

يقولون: سنكثر من إشاعة المتناقضات ونلهب الشهوات ونؤجج العواطف.

يقولون: سننشئ " إدارة الحكومة العليا " ذات الأيدي الكثيرة الممتدة إلى كل أقطار الأرض والتي يخضع لها كل الحكام.

يقولون: يجب أن نسيطر على الصناعة والتجارة ونعود الناس على البذخ والترف والانحلال ونعمل على رفع الأجور وتيسير القروض ومضاعفة فوائدها عند ذلك سيخر الأمميون ساجدين بين أيدينا.

يقولون: في الرسميات يجب علينا أن نتظاهر بنقيض ما نضمر فنستنكر الظلم وننادي بالحريات ونندد بالطغيان.

يقولون: إن الصحافة جميعها بأيدينا إلا صحفاً قليلة غير محتفل بها، وسنستعملها لبث الشائعات حتى تصبح حقائق وسنشغل بها الأمميين (*) عما ينفعهم ونجعلهم يجرون وراء الشهوة والمتعة.

يقولون: الحكام أعجز من أن يعصوا أوامرنا لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم فيكونوا طاعة لنا وأشد حرصاً ورعاية لمصالحنا.