ويلحق في ذلك أيضاً : الغلو والإطراء الذي يقع من بعضٍ من تلاةِ قصائد المديح ، فربما وقعوا في الشرك عياذاً بالله، من قصائد يُتغنَّى بها، وأهازيجَ تُنشَد ، كل ذلك مدحاً في النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم هو الذي نهى عن إطراءه ذلك الإطراء ، ومن ذلك ما جاء في ((البخاري)) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تطروني كما أطرتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله)) فإن ذلك من البدع وبدعة المولد من البدع الحادثة بالإجماع لا خلاف في ذلك، واشتهر أن الذين أحدثوه: الفاطميون أصحاب العقائد المنحرفة المشهورة، وقد حكى ذلك جماعات، ومنهم : الفَاكِهَاني ـ يرحمه الله ـ، وكذا السخاوي – يرحمه الله - في آخرين .
ومن البدع أيضاً : التبرك بالتمسُّح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأولياء والصالحين، فيأتي إنسان إلى خشباتٍ قد رُفعت فوق القبر، أو بناءٍ قد ضَمَّ ذلك الضريح ، فيتمسَّح بخده ، ويشقُّ المَرائر قَدَّا على هذا القبر والضريح ، ولا ريب أن هذه من البدع التي دخلت على المسلمين، ولكن الزيارة المشروعة للقبور التي هي قبورٌ صحيحة في أماكنها المعروفة ، صحيحة ولا شيء فيها .
وليُعلم أن الزيارة للقبور تأتي على نوعين :
أما النوع الأول : فنوعٌ غير مشروع ، ومن ذلك : أن يَشُدَّ الإنسانُ الرحال ويسافر من بلده إلى بلدٍ آخر ليزور القبور ؛ فإن ذلك من المنهي عنه، ويدل على صحة ذلك ورُجْحَانه وأنه هو ألحق : أدلة ومن ذلك: ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه قال : ((لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ـ يرحمه الله ـ في بعض رسائله : ((يؤخذ من ذلك أن غيرها لا يجوز له أن يُشَدّ الرحل)) وعليه فلا يجوز أن يشد الرحل الإنسان أي يسافر إلى القبور . هذا هو مذهب الحنابلة في آخرين في المسألة . وقد يرتفع الأمر إلى الشرك عياذاً بالله كأن يذهب الإنسان ليسجد لهذا الضريح أو يعبد هذا الضريح ولو كان النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ، يأتي إنسان من الهند أو من السند أو من أماكن بعيدة، فيدخل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيسجد للنبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ويُقدم عبادات للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يجوز في حقه لا حياً ولا ميتاً صلى الله عليه وسلم ، وصَرْف عبادة من العبادات لغير الله سبحانه وتعالى مما هو من خصائص الله كفرٌ وشركٌ وضلالٌ بيقين لا شك فيه .
وأما الشيء الثاني : فزيارة مشروعة ، ومن ذلك : أن يزور الإنسان قبراً في بلده، أو مقبرةً في بلده بدون فعل منكراتٍ أو شركياتٍ وبدع وخزعبلات هناك.