سابع المزايا : أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ يرحمه الله ـ فيها تكفير كل من أشرك بالله سبحانه وتعالى خصوصاً في باب العبادة لشيوع ذلك وكثرته على ما حكاه وقتئذٍ جمعٌ ممن كتب في التاريخ ، ومن أولئك : ابن غنام وابن بشر تلميذا الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ .
وقد قرر الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ ذلك كما في : ((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في الرسالة الرابعة والعشرين في صفحتها السادسة والستين بعد المئة الأولى ، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن وصفحتها الثامنة والسبعين حيث قال : ((فمن أخلص العبادات لله ، ولم يشرك فيها غيره، فهو الذي شَهِد ألا إله إلا الله، ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول: لا إله إلا الله، وهذا الشرك الذي أذكره اليوم قد طبّق (أو طَبَق) مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورون في الحديث ، وقليل ما هم، وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم في المذاهب)) كذا قال ، وفيه حكايةٌ من الإمام رحمه الله لواقعه وقتئذٍ أنه ومن معه غرباء بين أهل الأرض؛ لما هم عليه من توحيدٍ واعتقاد؛ إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن حديث الغُرْبة ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)) .
وإنما كان تكفير المشرك في العبادة كذلك صحيحاً ؛ لأدلةٍ كثيرةٍ، ومن ذلك: قول الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن حقّ الله على خلقه وأعظمه وهو ألا يُشرك به سبحانه وتعالى ، ومن ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : ((حقٌّ لله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً)) وهذه أدلةٌ واضحة فكل إنسانٍ عبدَ غير الله، وأشرك مع الله آلهةً أخرى فإنه كافر خارج من ملة الإسلام سواءٌ أقال : أنا مسلم أم لم يقل، فإن هذا بيِّن، والإجماع من السلف الصالح قد قام على تكفير كل من عَبدَ غير الله . وأشرك معه آلهةً أخرى، والآيات في ذلك قطعية واضحة .

ومن الأمثلة التي يُمثَّل بها على ذلك: الاستغاثة بغير الله سبحانه؛ فإن الذي يستغيث بغير الله صارفاً خِصّيصَةً من خصائص الله لغير الله سواءً أكان السيّد البدوي ـ كما يُقال ـ أم كان الحسين أم الرفاعي ، أم غيرهم ، كل ذلك شرك، وقد قامت الأدلة على ذلك .
واشتهر عن الإمام محمد وأتباعه : إنكار ذلك ، وإشهارُ سيف الإنكار على أولئك، ومن قرّر ذلك جماعة، ومنهم : الشيخ حمد بن ناصر ابن معمّر رحمه الله كما في : ((مجموعة الرسائل والمسائل)) ، في مجلدها الرابع وصفحتها الثانية والتسعين بعد المائة الخامسة ، حيث قال ـ يرحمه الله ـ : ((اعلم أن دعاء غير الله وسؤاله نوعان :
أحدهما : سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه ، مثل : سؤاله أن يدعوَ له، أو ينصره ، أو يعينه، فهذا جائز ، كما كان الصحابة يستشفعون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته فيشفع لهم ، ويسألونه الدعاء فيدعو لهم .
النوع الثاني : سؤال الميت والغائب وغيرهما ما لا يقدر عليه إلا الله مثل : سؤال قضاء الحاجات وتفريج الكربات فهذا من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين… )) ثم قال : ((وهذا يُعلم بالاضطرار أنه ليس من دين الإسلام)) كذا قال.
ومن الأمثلة التي كَثُر وقوعها في أرجاء الأرض عند طوائفِ من المنتسبين إلى الإسلام ، وهي من مظاهر الشرك قطعاً ، ومما يَحرم في الإسلام ولا يجوز: الطواف حول القبور ، وعلى هذا الفقهاء ، وقضى به الإمام أحمد ومالكٌ وغيرهما من الأئمة .