سادس المزايا : ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات حيث إن الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ قد قرر في ذلك ركنين :
أما الركن الأول : فإثبات ما أثبته الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لله من أسماء ووصفات واردة على المعنى الوارد عند العرب في لغتهم على الوجه اللائق به سبحانه .
وأما الركن الثاني : فنفي الباطل عن أسماء الله وصفاته من التحريف والتعطيل والجهل بالكيفيات ، كل ذلك ساقان لما يقرره الإمام محمد في رسائله ومسائله في كتبه ودواوينه ، ومن ذلك قوله ـ يرحمه الله ـ كما في ((مجموع مؤلفاته)) في مجلده الخامس وصفحتها الثامنة ، حيث قال : ((ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، بل اعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا أُلحد في أسمائه و آياته، ولا أُكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه ؛ لأنه تعالى لا سميَّ له ولا كفؤ له ولا ند له ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً فمُنَزَّهٌ سبحانه كما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وكما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ .
ولا ريب أن الإيمان بما جاء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من أسماء وصفات لله سبحانه وتعالى واجب، وأما ما يتعلق بكيفياتها وكُنْهِهَا وصفاتها فإن لك لا ينظر إليه وإنما يفوض إلى الله سبحانه وتعالى فالكيفيات كُنْهُ ذاته سبحانه وصفاته التي هي مُغَيَّبةٌ عنّا كل ذلك لا يُدرى ، لكن نثبت ما أثبته الله ورسوله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى ، ولا ريب أن اللغة العربية واضحة عند أهلها بيّنةٌ لمن عرفها ، دون تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ، فكل ذلك باطل ، وإنما كان ذلك للآية السابقة ، وهي قوله : + ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ففيه نفي المثلية عن الله سبحانه وتعالى ، وكذلك فيها إثبات السمع والبصر ، واسم السميع البصير لله سبحانه وتعالى ، وقد أطنب المصنف يرحمه الله في نفي مالا يليق بالله عن الله ، ومن ذلك : أن يكون له مِثْلٌ أو شبيه من خلقه ، فهو المُنزّه عن ذلك سبحانه ، ومن أمثلة وتطبيقات ذلك : ما قرره المصنف يرحمه الله من قاعدةٍ في ذلك حيث قال في ((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية)) في الرسالة العشرين وصفحتها الثلاثين بعد المئة الأولى، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثالث وصفحتها الواحدة والثمانين بعد المئة الأولى قال: ((وذلك أن إنكار (الأَيْن) من عقائد أهل الباطل، وأهل السنة يثبتونه اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في ((الصحيح)) ـ أي في مسلم ـ أنه قال للجارية : ((أين الله؟)) فزعم هذا الرجل أن إثباتها مذهب المبتدعة، وأن إنكارها مذهب أهل السنة كما قيل ، وعكسُه بعكسِه… )) كذا قال ، ومراده : إثبات أن الله تعالى في جهة العلو وأنه يُشار إليه بالأصبع ، وأنه كذلك، كما هو مفهوم حديث الجارية ((أين الله؟)) والحديث في ((صحيح مسلم)) .
وقرر ذلك عنه أيضاً في أمثلةٍ سئلوا عنها من نزول الله تعالى وغيره، ابنُه عبدُ الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله ـ ، فإنه قرر ما سبق إيضاحُه أيضاً كما في : ((مجموعة الرسائل والمسائل)) في مجلدها الرابع وصفحتها الثامنة عشرة بعد المئة الأولى .