نترك لوقا وننتقل إلي يوحنا وليوحنا واقعة فريدة في حياة المسيح هذا في حالة حدوثها طبعا إذ يخبرنا كاتب إنجيل مرقس بهذه الرواية :

"و بعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس و يعقوب و يوحنا و صعد بهم الى جبل عال منفردين وحدهم و تغيرت هيئته قدامهم . و صارت ثيابه تلمع بيضاء جدا كالثلج لا يقدر قصار على الارض ان يبيض مثل ذلك . و ظهر لهم ايليا مع موسى و كانا يتكلمان مع يسوع . فجعل بطرس يقول ليسوع يا سيدي جيد ان نكون ههنا فلنصنع ثلاث مظال لك واحدة و لموسى واحدة و لايليا واحدة . لانه لم يكن يعلم ما يتكلم به اذ كانوا مرتعبين . و كانت سحابة تظللهم فجاء صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا . فنظروا حولهم بغتة و لم يروا احدا غير يسوع وحده معهم . و فيما هم نازلون من الجبل اوصاهم ان لا يحدثوا احد بما ابصروا الا متى قام ابن الانسان من الاموات. " مرقس 9 : 2 - 9



نري المسيح هنا يوصي تلاميذه بأخبار الناس عن هذه الواقعة بعد صلبه وقيامة من الأموات وشهود العيان أي من رأي هذه الواقعة والمذكور اسمائهم في النص هم بطرس ويعقوب ويوحنا ومع هذا فأنه بالبحث الدقيق في إنجيل يوحنا ورسائل بطرس ويعقوب لم نجد أحدهم قد كتب هذه الواقعة علي الإطلاق ولكن كتبها مرقس الذي لم يكن موجودا أساسا في هذه الواقعة .

وهذا بالرغم من أن مرقس كان طفلا صغيرا عند حدوث هذه الواقعة ناهيك عن عدم رؤيته لما حدث فيها .

وعدم ذكر يوحنا أو بطرس أو يعقوب لهذه الواقعة ينفي وقعوها من الأساس لأن حسب لإنجيل مرقس المسيح أمرهم بأبلاغها بعد وفاته ومن الممكن ايضا أن تكون وقعت وفي هذه الحالة يثت عدم صحة الكتب المنسوبة لهم لعدم ذكرهم هذه الواقعة الفريدة والتي امروا بإبلاغها . تخيل عزيزي القارئ أنك مكان أيا منهم فهل كنت ستنسي ما حييت مثل هذه القصة ؟ ناهيك عن انك مأمور بإبلاغها في وقت محدد .



ومن مرقس نذهب إلي لوقا ونشاهد صراعه مع متي حول ذهاب المسيح إلي مصر لنري إذا كان المسيح قد جاء أم لا ولنتأكد من صحة مايروي حول قدوم العائلة المقدسة إلي مصر يخبرنا متي في الإنجيل المنسوب إليه بالتالي بعد أن أنتهي من قصة ذهاب المجوس للمسيح الطفل قائلا :

" و بعدما انصرفوا اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم و خذ الصبي و امه و اهرب الى مصر و كن هناك حتى اقول لك لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه . فقام و اخذ الصبي و امه ليلا و انصرف الى مصر . و كان هناك الى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني " مرقس 2 : 13 – 15



النص هنا لا يحتاج لتحريف معنوي ولذا يأخذه الكهنة علي انه قضية مسلم بها تدل علي ذهاب المسيح إلي مصر ونحن نري من قول متي ما يرونه ولكن يبدو أن لوقا لا يري ما نراه مع أنه حسب وصف نفسه في مقدمة إنجيله تتبع كل شئ بتدقيق فنجده يقول في الإنجيل المنسوب إليه بعد واقعة ختان المسيح في اليوم الثامن من مولده :

" و لما اكملوا كل شيء حسب ناموس الرب رجعوا الى الجليل الى مدينتهم الناصرة . و كان الصبي ينمو و يتقوى بالروح ممتلئا حكمة و كانت نعمة الله عليه . و كان ابواه يذهبان كل سنة الى اورشليم في عيد الفصح . و لما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا الى اورشليم كعادة العيد " لوقا 2 : 39 - 40

وهو ما ينفي اي قول بأن المسيح هرب من هيرودس إلي مصر فبحسب ما يقول لوقا بعد ان تم ختانه في اليوم الثامن من ميلاد كان الصبي ينمو ويتقوي وكان ابواه مواظبين علي الذهاب إلي أورشليم في عيد الفصح إلي أن يقول .

ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا الى اورشليم كعادة العيد أي ان المسيح وابواه كانوا مواظبين علي الذهاب إلي الهيكل لمدة أثنا عشر سنة في عيد الفصح ونضيف أيضا أن قصة حلم يوسف الموجودة في الإنجيل المنسوب لمتي والتي طلب منه فيها أن يأخذ المسيح وأمه ويهربا غلي مصر لم يذكرها لوقا ولم تلميحا .

وهنا سيقوم الكهنة بما نسميه بالتحريف المعنوي ايضا لإذا أنهم سيقومون بلي أعناق النصوص وتحويلها إلي عكس ما تقول بالرغم من تناقض متي مع لوقا وهو إن يدل فإنما يدل علي إن أحداهما أو كلاهما كاذب .

ناهيكم عن ما اورده متي من ان ذهاب المسيح إلي مصر تم حتي " لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني " وهي فرية لا اساس لها ولتوضيح هذا تعالوا نفهم معني كلمة " لكي يتم ما قيل من الرب " وهي تعني وجود نبؤة من الرب علي لسان أحد كتاب العهد القديم وبالبحث في العهد القديم لن تجد عبارة " من مصر دعوت ابني " سوي في نص واحد موجود في سفر هوشع ويمكن للقارئ العادي أن يتأكد من ان هذه العبارة ليست نبؤة عن شئ سيحدث في المستقبل ولكنها تخبرنا عن شئ حدث بالفعل حيث نجد في سفر هوشع ما نصه :

" 11: 1 لما كان اسرائيل غلاما احببته و من مصر دعوت ابني "

وفيها يتحدث الرب عن حبه لبني إسرائيل وإخراجه لهم من مصر بحسب القصة الموجودة في سفر الخروج وهي ليست نبؤة ولكنه دجل من متي حاول به أعطاء بعض المصداقية لروايته عن هروب المسيح إلي مصر وعودته المزعومة التي تنفيها رواية لوقا .

ومتي استاذ في هذا المجال وإن لم يكن بارعا فيه ونجده أيضا يخبرنا عن نبؤة زائفة أخري يدعي أنها تتكلم عن المسيح فيقول :

" فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم . و هذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل . هوذا العذراء تحبل و تلد ابنا و يدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " متي 1 : 21 - 23



وبالبحث عن النص الأصلي المزعوم أنه نبؤة بميلاد المسيح نجد ان هذا النص موجود في سفر أشعيا إذ يقول:

7: 14 و لكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل .

وهنا لنا ان نتوقف قليلا كميات من التحريف المختلفة والمتعددة والتي سنبينها بامر الله بالتفصيل ......


يتبع ..