الخاتمة

وبعد: فقد بان لنا من خلال هذه الدراسة السريعة لحياة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه: أنها قد اتسمت بسمات بارزة
أسهمت في بناء شخصيته ورفع مكانته وانتشار علمه، وقد تجلت تلك السمات بأمور أهمها:
1 إسلامه وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم مدة زادت على أربع سنين، وملازمته له فيها، وجمعه لكثير من العلم وأنواع الهدي والمعرفة بفضل تلك الملازمة.
2 حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرصه على اتباعه وتأسيه به، قولاً وعملاً سلوكاً، بدى منه ذلك في أكثر من جانب من جوانب السلوك والعمل.
3 عبادته وتقواه، وذكره الكثير للموت، وخوفه من يوم اللقاء، وتعوذه من النار وما يقرب إليها.
4 تواضعه الجم، وسخاؤه المشهود به، وطيب أخلاقه، ودعابته، وصراحته، وحبالناس له.
5 نشره للعلم، واهتمامه بالدعوة للدين، وتفننه فيها على نحو جعله من أبرز الدعاة وناشري العلم من الصحابة رضي الله عنهم

بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6 كثرة رواياته وصحتها، وجودة حفظه، وتمام ضبطه لها.

7- ثبوت عدالة الصحبة له، وكذلك عدالة الرواية حيث روى عنه كثير من الصحابة رضي الله عنهم، وأشاد بعضهم بحفظه وعلمه

كما روى عنه مئات التابعين، وأشادوا به ووثقوه، ووثقه كذلك من جاء بعدهم من علماء الأمة ممن يعتد بأقوالهم، ويرجع إليهم في هذا الأمر.
8 حياده في الخلافات التي حدثت في أيامه بين بعض الصحابة رضي الله عنهم.
9 حبه لآل البيت رضي الله عنهم، وروايته لكثير من مناقبهم وفضائلهم، وعدم ثبوب ما يدل على عدم رضاهم عنه كما يشاع زوراً.
10 ثبوت بطلان ما أثير حوله من شبهات زائفة، وبيان أهم الأسباب الكامنة وراء إثارة تلك الشبهات والمزاعم الباطلة.
11 وضع بعض أهل الأهواء أحاديث، لتأييد بدعهم من ناحية، وللتشكيك به وبرواياته من ناحية أخرى، وذلك لاشتمالها على مخالفات واضحة لحقائق الدين وتعاليمه النيرة، وهي معروفة لدى أهل هذا العلم.

وفيما تقدم من سمات حياته رضي الله عنه ما يكفي للتدليل على سموّ مكانته ورفعة شأنه، وعلى حرمة النيل منه أو التعريض به، أو بغيره من الصحابة رضي الله عنهم، لما في النيل منهم من العقوق بهم، وعدم الوفاء لهم، على جهودهم الخيرة في نصرة الإسلام، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونقلهم لتعاليمه إلى من بعدهم، حتى وصل إلينا بلا عناء وبدون ثمن، ولما فيه من الاستخفاف بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة

الواردة في بيان فضلهم والمحذرة من النيل منهم، ولما فيه أيضاً: من الاستهانة بصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم

وما يترتب على ذلك من الاستهانة بالرسول صلى الله عليه وسلم، لأن فضل الصاحب من فضل المصحوب.
وفي هذا بلاغ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل