النتائج 1 إلى 9 من 9
 
  1. #1
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي فضائل سورة الكهف



    سورة الكهف
    هدف السورة: العصمة من الفتن
    سورة
    الكهف هي من السورة المكية وهي إحدى خمس سورة بدأت بـ (الحمد لله) (الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر) وهذه السورة ذكرت أربع قصص قرآنية هي أهل الكهف، صاحب الجنتين، موسى عليه السلام والخضر وذو القرنين. ولهذه السورة فضل كما قال النبي : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء" وقال" من أدرك منكم الدجال فقرأ عليه فواتح سورة الكهف كانت له عصمة من الدجّال" والأحاديث في فضلها كثيرة.

    وقصص
    سورة الكهف الأربعة يربطها محور واحد وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة: فتنة الدين (قصة أهل الكهف)، فتنة المال (صاحب الجنتين)، فتنة العلم (موسى عليه السلام والخضر) وفتنة السلطة (ذو القرنين). وهذه الفتن شديدة على الناس والمحرك الرئيسي لها هو الشيطان الذي يزيّن هذه الفتن ولذا جاءت الآية (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) آية 50 وفي وسط السورة أيضاً. ولهذا قال الرسول أنه من قرأها عصمه الله تعالى من فتنة المسيح الدجّال لأنه سيأتي بهذه الفتن الأربعة ليفتن الناس بها. وقد جاء في الحديث الشريف: "من خلق آدم حتى قيام ما فتنة أشدّ من فتنة المسيح الدجال" وكان يستعيذ في صلاته من أربع منها فتنة المسيح الدجال. وقصص سورة الكهف كل تتحدث عن إحدى هذه الفتن ثم يأتي بعده تعقيب بالعصمة من الفتن:

    1. فتنة الدين: قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى
    الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمئة سنة وازدادوا تسعا وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد. ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا) آية 28 – 29. فالعصمة من فتنة الدين تكون بالصحبة الصالحة وتذكر الآخرة.

    2. فتنة المال: قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين. ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) آية 45 و46. والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة
    الدنيا وتذكر الآخرة.

    3. فتنة العلم: قصة موسى عليه السلام مع الخضر وكان موسى ظنّ أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط. وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) آية 69. والعصمة من فتنة العلم هي التواضع وعدم الغرور بالعلم.

    4. فتنة السلطة: قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها عين
    الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا. وتأتي آية العصمة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) آية 103 و104. فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال وتذكر الآخرة.

    5. ختام السورة: العصمة من الفتن: آخر آية من
    سورة الكهف تركّز على العصمة الكاملة من الفتن بتذكر اليوم الآخرة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) آية 110 فعلينا أن نعمل عملاً صالحاً صحيحاً ومخلصاً لله حتى يَقبل، والنجاة من الفتن إنتظار لقاء الله تعالى.

    ومما يلاحظ في
    سورة الكهف ما يلي:
    1. الحركة في السورة كثيرة (فانطلقا، فآووا، قاموا فقالوا، فابعثوا، ابنوا، بلغا، جاوزا، فوجدا، آتنا،) وكأن المعنى أن المطلوب من
    الناس الحركة في الأرض لأنها تعصم من الفتن ولهذا قال ذو القرنين: (فأعينوني بقوة) أي دعاهم للتحرك ومساعدته ولهذا فضل قراءتها في يوم الجمعة الذي هو يوم إجازة للمسلمين حتى تعصمنا من فتن الدنيا.

    2. وهي السورة التي ابتدأت بالقرآن وختمت بالقرآن: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) آية 1 و (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) آية 109. وكأن حكمة الله تعالى في هذا
    القرآن لا تنتهي وكأن العصمة من الفتن تكون بهذا القرآن والتمسك به.

    3. الدعوة إلى الله موجودة بكل مستوياتها: فتية يدعون الملك وصاحب يدعو صاحبه ومعلّم يدعو تلميذه وحاكم يدعو رعيته.

    4. ذكر الغيبيات كثيرة في السورة: في كل القصص: عدد الفتية غيب وكم لبثوا غيب وكيف بقوا في
    الكهف غيب والفجوة في الكهف غيب، وقصة الخضر مع موسى عليه السلام كلها غيب، وذو القرنين غيب. وفي هذا دلالة على أن في الكون أشياء لا ندركها بالعين المجردة ولا نفهمها ولكن الله تعالى يدبّر بقدرته في الكون وعلينا أن نؤمن بها حتى لو لم نراها أو نفهمها وإنما نسلّم بغيب الله تعالى.


    سميت السورة بـ(سورة الكهف): الكهف في قصة الفتية كان فيه نجاتهم مع إن ظاهره يوحي بالخوف والظلمة والرعب لكنه لم يكن كذلك إنما كان العكس (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) آية 16 . فالكهف في السورة ما هو إلا تعبير أن العصمة من الفتن أحياناً تكون باللجوء إلى الله حتى لو أن ظاهر الأمر مخيف.وهو رمز الدعوة إلى الله فهو كهف الدعوة وكهف التسليم لله ولذا سميت السورة (الكهف) وهي العصمة من الفتن.




    tqhzg s,vm hg;it






  2. #2
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي



    ذو القرنين: هذا لقبه؛ لأنه ربما كان في تكوينه ذا قرنين، أو يلبس تاجاً له اتجاهان؛ أو لأنه بلغ قرني الشمس في المشرق وفي المغرب.
    وقد بحث
    العلماء في: من هو ذو القرنين؟
    فمنهم من قال: هو الإسكندر الأكبر المقدوني الطواف في البلاد،

    لكن الإسكندر الأكبر كان في مقدونيا في الغرب، وذو القرنين جاب المشرق والمغرب مما دعا
    عالماً محققاً من علماء الهند هو: أبو الكلام آزاد ـ وزير المعارف الهندي ـ إلى القول بأنه ليس هو الإسكندر الأكبر

    بل هو قورش الصالح، وهذه رحلته في الشرق والغرب وبين السدين،

    كما أن الإسكندر كان وثنياً، وكان تلميذاً لأرسطو، وذو القرنين رجل مؤمن كما سنعرف من قصته.
    وعلى العموم، ليس من صالح القصة حصرها في شخص بعينه؛ ...لماذا؟
    لأن تشخيص حادثة القصة يضعف من تأثيرها، ويصبغها بصبغة شخصية لا تتعدى إلى الغير فنرى من يقول بأنها مسألة شخصية لا تتكرر.
    إذن: لو جاء العلم في ذاته سنقول: هذه الحادثة أو هذا العمل خاص بهذا الشخص،
    والحق ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أن يضرب لنا مثلاً يعم أي شخص،
    ماذا سيكون مسلكه وتصرفه إن مكن الله له ومنحه الله قوة وسلطة؟
    ولو حدد
    القرآن هذه الشخصية في الإسكندر أو قورش أو غيرهما لقلنا:

    إنه حدث فردي لا يتعدى هذا الشخص، وتنصرف النفس عن الأسوة به، وتفقد القصة مغزاها وتأثيرها.

    ولو كان في تعيينه فائدة لعينه الله لنا.
    وسبق أن أوضحنا أن الحق ـ سبحانه ـ عندما ضرب مثلاً للذين كفروا، قال:
    {امرأة نوحٍ وامرأة لوط .. "10"} (سورة التحريم)
    ولم يعينهما على التحديد؛ لأن الهدف من ضرب المثل هنا بيان الرسول المرسل من الله لهداية
    الناس لم يتمكن من هداية زوجته وأقرب
    الناس إليه؛ لأن الإيمان مسألة شخصية، لا سيطرة فيها لأحد على أحد.
    وكذلك لما ضرب الله مثلاً للذين آمنوا قال:
    {امرأة فرعون .. "11"}
    (سورة التحريم)

    ففرعون الذي أضل
    الناس وادعى الألوهية زوجته مؤمنة،
    وكأن الحق سبحانه يلمح للناس جميعاً أن رأيك في الدين وفي العقائد رأي ذاتي، لا يتأثر بأحد أياً كان، لا في الهداية بنبي، ولا في الغواية بأضل الضالين الذي ادعى الألوهية.
    وهكذا يحفظ الإسلام للمرأة دورها وطاقتها ويحترم رأيها.

    إذن: الحق سبحانه وتعالى أتى بهذه القصة غير مشخصة لتكون نموذجاً وأسوة يحتذي بها كل أحد، وإلا لو شخصت لارتبطت بهذا الشخص دون غيره،
    أما حينما تكلم الحق سبحانه عن مريم فنراه يحددها باسمها، بل واسم أبيها...لماذا؟
    ؛ ذلك لأن ما سيحدث لمريم مسألة خاصة بها، ولن تحدث بعدها أبداً في بنات آدم، لذلك عينها وشخصها؛ لأن التشخيص ضروري في مثل هذا الموقف.
    أما حين يترك المثل أو القصة دون تشخيص، فهذا يعني أنها صالحة لأن تتكرر في أي زمان أو في أي مكان،
    كما رأينا في قصة أهل الكهف، وكيف أن الحق سبحانه أبهمهم أسماءً، وأبهمهم مكاناً وأبهمهم زماناً، وأبهمهم عدداً، ليكونوا أسوة

    وقدوة للفتيان المؤمنين في أي زمان، وفي أي مكان، وبأي عدد.
    وقوله: {ويسألونك عن ذي القرنين .. "83"} (سورة الكهف)
    نلاحظ أن مادة السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في
    القرآن أخذت حيزاً كبيراً فيه، فقد ورد السؤال للنبي من القوم ست عشرة مرة

    إحداها بصيغة الماضي ..وهذاليس موضوعنا اليوم

    لقدمكن الحق لذي القرنين في الأرض، وأعطاه من كل شيء سبباً،
    ومع ذلك لم يركن ذو القرنين إلى ما أعطى،
    فلم يتقاعس، ولم يكسل، بل أخذ من عطاء الله له بشيء من كل سبب.
    {ويسألونك عن ذي القرنين .. "83"} (سورة الكهف)

    أي: عن تاريخه وعن خبره والمهمة التي قام بها:
    {قل سأتلو عليكم منه ذكراً "83"} (سورة الكهف)
    وأي شرف بعد هذا الشرف، إن الحق تبارك وتعالى يتولى التأريخ لهذا
    الرجل، ويؤرخ له في قرآنه الكريم الذي يتلى

    ويتعبد به إلى يوم القيامة والذي يتحدى به، ليظل ذكره باقياً بقاء القرآن

    ، خالداً بخلوده، يظل أثره فيما عمل أسوة وقدوة لمن يعمل مثله.
    إن دل على شيء فإنما يدل على أن العمل الصالح مذكور عند الله قبل أن يذكر عند الخلق.
    فأي ذكر أبقى من ذكر الله لخبر ذي القرنين وتاريخه؟
    و(منه) أي: بعضاً من ذكره وتاريخه، لا تاريخه كله.
    وكلمة (ذكر) وردت في
    القرآن الكريم بمعان متعددة، تلتقي جميعها في الشرف والرفعة، وفي التذكر والاعتبار.

    وإن كانت إذا أطلقت تنصرف انصرافاً أولياً إلى القرآن، كما في قوله تعالى:

    {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9"} (سورة الحجر)
    وبعد ذلك تستعمل في أي كتاب أنزله الله تعالى من الكتب السابقة، كما جاء في قوله تعالى:
    {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "43"} (سورة النحل)
    ويطلق الذكر على ما يتبع هذا من الصيت والشرف والرفعة وتخليد الاسم، كما في قوله تعالى:
    {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم .. "10"} (سورة
    الأنبياء)

    وقوله تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك .. "44"} (سورة الزخرف)
    أي: صيت حسن وشرف ورفعة كون
    القرآن يذكر هذا الاسم؛ لأن الاسم إذا ذكر في القرآن ذاع صيته ودوي الآفاق.
    وقلنا في قصة زيد بن حارثة أنه كان عبداً بعد أن خطف من قومه بويع في مكة لخديجة رضي الله عنها، ثم وهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لذلك أطلقوا عليه زيد بن محمد،فلما علم أهله بوجوده في مكة أتى أبوه وعمه، وكلموا رسول الله في شأن زيد فقال: خيروه.
    فلما خيروا زيداً قال: ما كنت لأختار على رسول الله أحداً،
    لذلك أكرمه النبي صلى الله عليه وسلم وسماه زيد بن محمد، فلما أراد الحق سبحانه أن يبطل التبني، ونزل قوله تعالى:
    {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .. "40"} (سورة الأحزاب)

    وقال: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله .. "5"} (سورة الأحزاب)
    فلا تقولوا: زيد بن محمد. وقولوا: زيد بن حارثة، وهنا حزن زيد لهذا التغيير، ورأى أنه خسر به شرفاً عظيماً بانتسابه لمحمد،
    ولكن الحق سبحانه وتعالى يجبر خاطر زيد، ويجعل اسمه علماً يتردد في قرآن يتلى ويتعبد به إلى يوم
    القيامة،
    فكان زيد هو الصحابي الوحيد الذي ورد ذكره باسمه في كتاب الله في قوله تعالى:

    {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها .. "37"} (سورة الأحزاب)
    فأي شرف أعلى وأعظم من هذا الشرف؟ ونلحظ في هذه الآية:
    {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله .. "5"} (سورة الأحزاب)
    {قل سأتلو عليكم منه ذكراً "83"} (سورة الكهف)

    أن الحق سبحانه لم يتهم رسوله صلى الله عليه وسلم بالجور، فقال:
    {هو أقسط عند الله .. "5"} (سورة الأحزاب)
    فما فعله الرسول كان أيضاً قسطاً وعدلاً، وما أمر الله به هو الأقسط والأعدل.
    إذن: فذكر ذي القرنين في كتاب الله شرف كبير، وفي إشارة إلى أن فاعل الخير له مكانته ومنزلته عند الله، ومجازى بأن يخلد ذكره ويبقى صيته بين
    الناس في الدنيا.

    ثم يقول الحق سبحانه: (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً "84")
    التمكين: أي أننا أعطيناه إمكانات يستطيع بها أن يصرف كل أموره التي يريدها؛ لأنه مأمون على تصريف الأمور على حسب منهج الله، كما في آية أخرى عن يوسف عليه السلام: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء .. "56"} (سورة يوسف)

    فالتمكين يعني إعطاءه إمكانات لكل غرض يريده فيصرف به الأمور، لكن لماذا مكناه؟

    مكناه لأنه مأمون على تصريف الأمور وفق منهج الله، ومأمون على ما أعطاه الله من إمكانات.






  3. #3
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي



    من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عصم من الدجال
    ا لراوي: أبو الدرداء - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 809
    قال : من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نورا يوم
    القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه ومن توضأ ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة
    الراوي: أبو سعيد الخدري - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 3/94

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قصة لشباب مؤمن كانوا يعيشون في بلدة كافرة فعزموا على الهجرة والفرار بدينهم بعد مواجهة بينهم وبين قومهم.
    -- كافأهم الله برحمة الكهف
    و رعاية
    الشمس .
    + -- استيقظوا فوجدوا القرية مؤمنة بكاملها.
    قصة لرجل أنعم الله عليه، فنسي واهب النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك و لم يحسن شكر النعمة، رغم تذكرة صاحبه..
    -- هلاك الزرع والثمر.
    -- الندم حين لا ينفع الندم.
    عندما سئل موسى: من أعلم أهل الأرض؟ فقال: أنا ..، فأوحى الله إليه أن هناك من هو أعلم منك
    -- فسافر إليه موسى ليتعلم منه كيف أن الحكمة الإلهية قد تغيب أحيانا ولكن مدبرها حكيم محال في حقه العبث.
    (مثال: السفينة، الغلام، الجدار).
    قصة الملك العظيم الدي جمع بين العلم والقوة، وطاف جوانب الأرض، يساعد
    الناس وينشر الخير في ربوعها .
    -- تغلب على مشكلة يأجوج ومأجوج ببناء السد و استطاع توظيف طاقات قوم لا يكادوا يفقهون قولا .
    الصحبة الصالحة
    معرفة حقيقة
    الدنيا
    التواضع
    الإخلاص
    تذكر الأخرة
    الدعوة إلى الله
    قوارب النجاة
    سورة الكهف = 4 قصص
    فتنةالسلطة
    فتنة العلم
    فتنة المال والولد فتنة الدين أصحاب الكهف صاحب الجنتين موسى والخضر ذي القرنين في وسط السورة تقريبا يظهر أن ابليس = محرك خيوط الفتنة : "أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا "الآية 50
    ما علاقة سورة الكهف بالدجال؟؟؟
    سيظهر الدجال قبل
    القيامة بالفتن الأربع:
    يطلب من
    الناس عبادته من دون الله
    سيأمر السماء بالمطر ويفتن
    الناس بما في يده من أموال.
    فتنة العلم بما يخبر به
    الناس من أخبار يسيطر على أجزاء كبيرة من الأرض فتنة الدين فتنة المال فتنة العلم فتنة السلطة قوارب النجاة الصحبة الصالحة : ”وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا“ سورة الكهف: أية 28 معرفة حقيقة الدنيا : سورة الكهف: أية 45
    ”وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا“ ” اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن“ قوارب النجاة التواضع : ”قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا“ سورة الكهف: أية 69 الإخلاص : ”قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا“ سورة الكهف:أية 110
    وفي النهاية ...
    فهل عرفتم إذن سر قراءة سورة الكهف كل جمعة؟ ودورها في تبصيرنا بفتن
    الدنيا ، والسبيل للنجاة منها؟ وهل أدركتم فضلها العضيم علينا بعصمتنا من المسيح الدجال؟
    إذن فلا مجال للتهاون عن قرأتها كل جمعة
    ثم العمل بتوصياتها بعد ذلك طبعاُ







  4. #4
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي




    1_سئل موسى عليه السلام اي الناس اعلم ؟ فقال : انا . فعاتبه الله تعالى على ذلك . اذ لا ينبغي لمسلم ان يقول : انا اعلم الناس ,فعلم ذلك عند الله وحده .
    2_اعاد الله سبحانه الحياة الى الحوت فأنسلت من المكتل ونزل الى البحر , وفي ذلك اشارة الى قدرة الله تعالى على احياء الموتى....

    3_ امر الله سبحانه وتعالى الخضر عليه السلام بقتل الغلام واقامة الجدار وفي كلا المشهدين يبرز دور الابوة الصالــــــــــــــــــــــــــــحه :
    في المشهد الاول : ( وكان أبواه مؤمنين ) ولأنهما كانا مؤمنين فقد انجاهما الله سبحانه وتعالى من اذى ابنهما العاق , وابدلهما مكانه ابنا صالحا....
    في المشهد الثاني : ( وكان ابوهما صالحا ) ولصلاح الاب الميت حفظ الله سبحانه ولديه فأمر الخضر عليه السلام بأقامه الجدار كي لا يسقط ....
    4_ لو صبر موسى عليه السلام واخذ على نفسه بما اشترط عليه الخضر عليه السلام لطالت صحبته ولتعلم منه اشياء اخرى , ولكنه نسي وتعجل فسأل , ولو صبر لكان خيرا له....
    5_ في نهايه القصه : علم موسى عليه السلام ان هناك من هو اعلم منه,,,,
    رغم انه رسول الله وكليمه!لان لكل من موسى والخضر عليهما السلام مهمته التي امره الله تعالى بأدائها, فموسى رسول الله الى بني اسرائيل, اتاه الله من العلم ما يحتاجه لتبليغ الرساله, اما الخضر فله دور اخر في هذه الحياة وقد اتاه الله علما يلائم ذلك الدور ......






  5. #5
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي


    كيف نام أهل الكهف من الناحية العلمية

    حتى ينام أصحاب الكهف بصورة هادئة وصحيحة هذه
    المدة الطويلة من دون تعرضهم للأذى والضرر وحتى لا يكون
    هذا المكان موحشا ويصبح مناسبا لمعيشتهم فقد وفر لهم
    الباري عز وجل الأسباب التالية :

    · تعطيل حاسة السمع :
    حيث إن الصوت الخارجي يوقظ النائم وذلك في قوله تعالى:
    (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا)
    والضرب هنا التعطيل والمنع أي عطلنا حاسة السمع عندهم مؤقتا والموجودة في الأذن .
    ذلك إن حاسة السمع في الأذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في كافة الظروف
    وتربط الإنسان بمحيطه الخارجي

    . تعطيل الجهاز المنشط الشبكي الموجود في الجذع الدماغ والذي يرتبط بالعصب
    (فرع التوازن) حيث إن هذاالعصب له قسمان :

    1. مسؤول عن السمع
    2. مسؤول عن التوازن في الجسم داخليا وخارجيا
    ولذلك قال الباري عز وجل :
    (فضربنا على آذانهم)أي إن التعطيل حصل للقسمين معا وهذا الجهاز الهام مسؤول أيضا عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة والإحساس بالمحفزات جميعا وفي حالة تعطيلية أو تخديره يدخل الإنسان في النوم العميق وتقل جميع فعالياته الحيويه وحرارة جسمه كما في حالة السبات والانقطاع عن العالم الخارجي
    :
    (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً) والسبات هو النوم والراحة (والمسبوت) هو الميت أو المغشي عليه فنتج عن ذلك ما يلي :

    أ-المحافظة على أجهزتهم حية تعمل في الحد الأدنى من استهلاك الطاقة
    فتوقفت عقارب الزمن بالنسبة لهم داخل كهفهم
    ب- تعطيل المحفزات الداخلية التي توقظ النائم عادة بواسطة الجهاز المذكور
    أعلاه كالشعور بالألم أو الجوع أو العطش أو الأحلام المزعجة (الكوابيس)

    · المحافظة على أجسامهم سليمة طبيا وصحيا وحمايتها داخليا وخارجيا
    والتي منها :
    .التقليب المستمر لهم أثناء نومهم كما في قوله تعالى :-
    (وَتَحْسَبُهُمْ أيقاظاً وَهُمْ رُقودٌ وَنُقلّبُهُمْ ذاتَ اليْمَين وذاتَ الشّمَالِ )
    لئلا تآكل الأرض أجسادهم بحدوث تقرحات الفراش في جلودهم والجلطات في
    الأوعية الدموية والرئتين
    . تعرض أجسادهم وفناء الكهف لضياء
    الشمس بصورة متوازنة ومعتدلة
    في أول النهار وآخرة للمحافظة عليها منعاً من حصول الرطوبة والتعفن داخل الكهف في حالة كونه معتما
    وذلك في قوله تعالى:
    (وَتَرَى الشَّمس إذا طَلَعتْ تَزاورُ عن كهْفِهمَ ذاتَ الْيَمين وإذا غرَبتْ تَفْرضُهُمْ ذاتَ الشِّمال)

    يقول القرطبي في تفسيره : ( إذا غربت فتقرضهم )أي تعطيهم
    الشمس اليسير من شعاعها
    إصلاحا لأجسادهم حفظهم عن تطرق البلاء وتغيرالأبدان والألوان إليهم والتأذي بحر أو برد )

    . وجود فتحة في سقف الكهف تصل فناءه بالخارج تساعد على تعريض
    الكهف إلى جو مثالي من التهوية والإضاءة
    في قوله تعالى :
    (وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُوَ الْمُهتْدى
    وَمَنْ يُضْلِلْ فلَنْ تَجِدْ لَهُ ولياَ مُرْشداً )

    . الحماية الخارجية بإلقاء الرهبة منهم وجعلهم في حالة غريبة جدا لاهم بالموتى ولا بالإحياء
    وكان لوجود الكلب في باب فناء الكهف دور في حمايتهم لقوله تعالى:
    (وَكلْبُهُمْ باسِط ذِراعِيْهِ بالْوَصيدِ لَو أطَّلعْتَ عَلْيَهمْ لَوَلَيتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلمُلِئْتَ مِنْهُمً رُعْباَ)






  6. #6
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي



    فوائد من قصة الخضر مع موسى
    للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ

    • ومنها : أن العلم الذي يعلمه الله لعباده نوعان : علم مكتسب يدركه العبد بجهده واجتهاده .
    ونوع علم لدني ، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله : ( وعلمناه من لدنا علمًا ) .
    • ومنها : التأدب مع المعلم ، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب ، لقول موسى - عليه السلام - : ( هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدًا ) ، فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة ، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا ، وإقراره بأنه يتعلم منه . بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر ، الذين لا يظهرون للمعلم افتقارهم إلى علمه ، بل يدعون أنه يتعاونون عم وإياه ، بل ربما ظن أحدهم أن يعلم معلمه ، وهو جاهل جدًا ، فالذل للمعلم ، وإظهار الحاجة إلى تعليمه ، من أنفع شيء للمتعلم .

    • ومنها : تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه ، فإن موسى - بلاشك - أفضل من الخضر .
    • ومنها : تعلم العالم الفاضل ، للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه ، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة . فإن موسى - عليه السلام - من أولي العزم من المرسلين ، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم ، ولكن في هذا في العلم الخاص ، كان عند الخضر ما ليس عنده ، فلهذا حرص على التعلم منه . فعلى هذا ، لا ينبغي للفقيه المحدث إذا كان قاصرًا في علم النحو ، أو الصرف ، أو نحوهما من العلوم أن لا يتعلمه ممن مهر فيه ، وإن لم يكن محدثًا ولا فقيهًا .

    • ومنها : إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى والإقرار بذلك ، وشكر الله عليها لقوله : ( تعلمن مما علمت ) أي : مما علمك الله تعالى .
    • ومنها : أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير ، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير ، وتحذير عن طريق الشر أو وسيلة لذلك ، فإنه من العلم النافع . وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارًا أو ليس فيه فائدة لقوله : ( أن تعلمن مما علمت رشدًا ).

    • ومنها : أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم ، وحسن الثبات على ذلك ، أنه ليس بأهل لتلقي العلم . فمن لا صبر له لا يدرك العلم ، ومن استعمل الصبر ولازمه ، أدرك به كل أمر سعى فيه ، لقول الخضر يعتذر عن موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه : إنه لا يصبر معه .
    • ومنها : أن السبب الكبير لحصول الصبر ، إحاطة الإنسان علمًا وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه . وإلا فالذي لا يدريه أو لا يدري غايته ولا نتيجته ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا ) . فجعل الموجب لعدم صبره ، عدم إحاطته خبرًا بالأمر .

    • ومنها : الأمر بالتأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود .
    • ومنها : تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة ، وأن لا يقول الإنسان للشيء : إني فاعل ذلك في المستقبل ، إلا أن يقول : ( إن شاء الله ) .
    • ومنها : أن العزم على فعل الشيء ، ليس بمنزلة فعله ، فإن موسى قال : ( ستجدني إن شاء الله صابرًا ) فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل .


    • ومنها : أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء ، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها فإن المصلحة تتبع . كما إذا كان فهمه قاصرًا أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها أو لا يدركها ذهنه أو يسأل سؤالاً لا يتعلق بموضع البحث .
    • ومنها : جواز ركوب البحر في غير الحالة التي يخاف منها .
    • ومنها : أنالناسي غير مؤاخذ بنسيانه ، لا في حق الله ، ولا في حقوق العباد لقوله : ( لا تؤاخذني بما نسيت ) .


    • ومنها : أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها وما سمحت به أنفسهم ولا ينبغي به أن يكلفهم ما لا يطيقون
    أو يشق عليهم ويرهقهم فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة ، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر .

    • ومنها : أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها ، وتعلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال والدماء وغيرها . فإن موسى - عليه السلام - أنكر على الخضر خرقه السفينة وقتل الغلام وأن هذه الأمور ظاهرها أنها من المنكر . وموسى - عليه السلام - لا يسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحب عليها الخضر . فاستعجل - عليه السلام - وبادر إلى الحكم في حالتها العامة ، ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الإنكار .

    • ومنها : القاعدة الكبير الجليلة وهو أنه ( يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير ) ويراعي أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما . فإن قتل الغلام شر ، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرًا منه وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته وإن كان يظن أنه خير ، فالخير ببقاء دين أبويه وإيمانهما خير من ذلك ، فلذلك قتله الخضر . وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد ما لا يدخل تحت الحصر . فتزاحم المصالح والمفاسد كلها داخل في هذا . ومنها القاعدة الكبيرة أيضًا وهي أن ( عمل الإنسان في مال غيره إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة أنه يجوز ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير ) ، كما خرق الخضر السفينة لتعيب فتسلم مت غصب الملك الظالم . فعلى هذا لو وقع حرق أو غرق أو نحوهما في دار إنسان أو ماله وكان إتلاف بعض المال أو هدم بعض الدار فيه سلامة للباقي جاز للإنسان بل شرع له ذلك ، حفظًا لمال الغير . وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز ولو من غير إذن .

    • ومنها : أن العمل يجوز في البحر ، كما يجوز في البر لقوله : ( يعملون في البحر ) ولم ينكر عليهم عملهم .
    • ومنها : أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته ، ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة ؛ لأن الله أخبر أن هؤلاء المساكين لهم سفينة .
    • ومنها : أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام : ( لقد جئت شيئًا نكرًا ) .
    • ومنها : أن القتل قصاصًا غير منكر لقوله : ( بغير نفس ) .
    • ومنها : أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وفي ذريته .
    • ومنها : أن خدمة الصالحين أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها ، لأنه علل استخراج كنزهما وإقامة جدارهما بأن أباهما صالح .


    • ومنها : استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ . فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله : ( فأردت أن أعيبها ) . وأما الخير فأضافه إلى الله تعالى لقوله : ( فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ) . كما قال إبراهيم - عليه السلام - : ( وإذا مرضت فهو يشفين ) . وقال الجن : ( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدًا ) مع أن الكل بقضاء الله وقدره .


    • ومنها : أن ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته حتى يتبعه ويعذر منه كما فعل الخضر مع موسى .
    • ومنها : أن موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة .


    -------- وصلى الله وسلم على نبينا محمد -----





  7. #7
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي


    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين منقول أبرز موضوعات سورة الكهف
    السورة غنية بالموضوعات التى تتآزر وتتعانق لتحقيق أهدافها التى ذكرناها آنفاً .
    وسوف نمر – بإذن الله تعالى – سريعاً على بعض هذه الموضوعات فيما يلى(25) :
    1) ترسيخ أصول العقيدة ، وأركان الإيمان ، ومعالجة الشرك .
    ويلاحظ بوضوح : أنها لا تتجه إلى المشركين – كما هى عادة كثير من السور المكية فى هذه المعالجات – بل تتجه إلى أهل الكتاب .
    ولذلك : نجد أن السورة لم تبدأ بحرف أو جملة من حروف التهجى ، كما هو الطابع الشائع فى السور المكية ، بل بدأت بجملة {الحمد لله 00} ربما لإظهار هذه التفرقة .
    فحول الإيمان بالله تعالى :
    نجد {00 قالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دون إلهاً لقد قلنا إذاً شططاً} [الكهف 14] .
    وحول الإيمان بالرسل ووظيفتهم :
    نجد {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين} [الكهف 56] .
    وحول الإيمان بالكتاب :
    نجد {أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيماً} [الكهف 1] .
    وحول الإيمان بالملائكة :
    نجد {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} [الكهف 50] .
    وحول الإيمان بالبعث واليوم الآخر
    نجد قصة أهل الكهف : خير دليل كمما نجد مثلاً {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرنانهم فلم نغادر منهم أحداً * وعرضوا على ربك لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتهم ألن نجعل لكم موعداً * ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصـاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً} [الكهف 47-49] .
    وحول الإيمان بالقضاء والقدر :
    نجد {ولا تقولـن لشئ إنى فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله ..} [الكهف 23 ، 24] .
    وحول معالجة الشرك :
    نجد على سبيل المثال {.. فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } [الكهف 110] .
    2) القصص
    القرآنى
    وهو من الموضوعات التى تهتم بها هذه السورة فى محاولة جادة قوية لتأييد المؤمنين وتثبيتهم على ما هم فيه .
    ويستغرق هذا القصص معظم آيات السورة ، فهو وارد فى إحدى وسبعين آية من عشر ومائة آية هى آيات السورة إلى جانب آيات التعليق أو التعقيب على هذا القصص .
    وهذه القصص هى :
    1- قصة أهل الكهف (من 9 – 26) .
    2- قصة موسى مع الخضر (من 60 – 82)
    3- قصة ذى القرنين (من 83 – 97) .
    3) الأمثال .
    وقد استخدمت السورة ضرب الأمثال لتبين فيها : أن الحق لا يرتبط بكثرة المال والجاه والسلطان ، ولا يعلوا الإنسان ، وإنما هو مرتبط بالعقيدة التى دعا إليها
    القرآن(22) .
    وعرضت أمثلة ثلاثة واقعية :
    المثل الأول : مثل الغنى المكاثر بماله ، والفقير المغتر بعقيدته وإيمانه (من 32 – 44) .
    {واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعاً ...} الآيات [الكهف 32-44] .
    المثال الثانى : مثل الحياة
    الدنيا وما يلحقها من فناء وزوال بعد تلك الزينة التى خدعت الكثيرين من الناس ...
    {مثل الحياة
    الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدراً} [الكهف 45].
    المثل الثالث : مثل التكبر والغرور مصوراً فى حادثة إبليس اللعين وما أصابه من الطرد والحرمان جزاء تكبره واستعلائه على أوامر الله .
    {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً}(3) [الكهف 50] .
    4) عرض بعض مشاهد
    القيامة
    ونكتفى بهذين المشهدين :
    الأول :
    فى قوله تعالى {00ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعاً * وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً * الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعاً 00} [الكهف 99 ، 100] .
    الثانى :
    فى قوله تعالى {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتهم أن لن نجعل لكم موعداً ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً}(2) [الكهف 47-49] .

    إجمال ما تضمنته السورة من الأغراض والمقاصد
    (1) وصف الكتاب الكريم بأنه قيم لا عوج فيه ، جاء للتبشير والإنذار .
    (2) ما جاء على ظهر الأرض هو زينة لها ، وقد خلقه الله ابتلاء للإنسان ليرى كيف ينتفع به .
    (3) ما جاء من قصص أهل الكهف ليس بالعظيم إذا قيس بما فى ملكوت السموات والأرض .
    (4) وصف الكهف وأهله ، مدة لبثهم فيه ، عدد أهله .
    (5) أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالجلوس مع فقراء المؤمنين وعدم الفرار منهم إلى أغنيائهم إجابة لدعوتهم .
    (6) ذكر ما يلاقيه الكفار من الوبال والنكال يوم
    القيامة .
    (7) ضرب مثل يبين حال فقراء المؤمنين وأغنياء المشركين .
    (8) ضرب المثل للحياة
    الدنيا .
    (9) عرض كتاب المرء عليه فى الآخرة وخوف المجرمين منه .
    (10) عداوة إبليس لآدم وبنيه .
    (11) قصص موسى والخضر .
    (12) قصص ذى القرنين وسد يأجوج ومأجوج ، وكيف صنعه ذو القرنين .
    (13) وصف أعمال المشركين وأنها ضلال وخيبة فى الآخرة .
    (14) ما يلقاه المؤمنين من النعيم فى الآخرة .
    (15) علوم الله تعالى لا نهاية لها .






  8. #8
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي


    الخفاء واللطف في سورة الكهف


    د0خالد سعيد عبد القادر


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد :
    فقد ميز الله بعض كلامه عن بعض بخصائص ووظائف وحث نبي الله صلى الله عليه وسلم على سور وآيات مخصوصة ومن ذلك إخباره صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة هى " أعظم سورة فى
    القرآن " (1) وأن ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (تعدل ثلث القرآن) (2) وأن( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ( لم ير مثلهن قط ) (3) وأخبر صلى الله عليه وسلم أن ( من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه ) (4) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) (5) وأن أعظم آية فى كتاب الله هى آية الكرسي(6) .
    ومن هذه الكلمات التامات والسور المباركات سورة الكهف ،وهى السورة التى ورد الخبر بمدحها وتبيان فضلها،فهي:
    * حدى خمس سور فى
    القرآن الكريم تبدأ بالحمد لله(7) .
    * هى أوسط
    القرآن أجزاؤه وكلماته.
    * قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين( (8
    * روى مسلم عن أبى الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال"وفى رواية :"من آخر سورة الكهف" (9)
    فلأى شئ كان هذا الفضل؟ ولم كانت هذه المزية؟ ولماذا كانت عاصمة من فتنة الدجال؟‍
    نقول وبالله التوفيق ، إن سورة الكهف تحدثت فى مجملها عن طائفتين من
    الناس:
    الأولى هى الطائفة التى نظرت بالكلية إلى الأسباب مع ما فى ذلك من قدح فى التوحيد وطلب لزينه الحياة
    الدنيا ، وهذه هى طائفة المشركين أعداء الدين.
    والثانية عرفت هذه الأسباب ولم تنكرها وإنما ردتها إلى الله مسببها مع توكلها عليه سبحانه وانطراحها بين يديه بالكلية ، بحيث تتضاءل عندهم الأسباب وتتلاشى بالنظر إلى مشيئته وقدرته، فعلم الله مثل هذا من هذه الطائفة فخرق لها الأسباب كلها "خرقاً ربانياً " فى أربع آيات يتحدث بها العالمون والعجيب أن هذه القصص الأربع لم تتكرر فى موضع آخر من كتاب الله بما يحفظ لهذه السورة تفردها وتميزها.
    ويمكننا أن نوجز هذا الخرق الرباني فى أربعة عناصر رئيسية :-
    *خرقٌ رباني فى الزمان .
    *وخرق فى المكان.
    *وخرق للعادة فى الإنسان.
    *وأما الخرق الرابع-فهو المهيمن على الثلاثة الأول وهو جماعها وأصلها-وهو الكشف الربانى لأستار القدر الأعلى .

    أولاً: أصحاب الكهف و طي الزمـان

    فهؤلاء هم فتية الكهف وقد آمنوا بربهم وأعلنوا البراءة مما سواه وألقوا الحرب والعداوة بينهم وبين ما اتخذ
    الناس من دونه (إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ) (10)
    وقد استيقن لديهم أن القوم ماضون فى غيهم وأن الباطل صار ديناً لهم لازماً لحياتهم والدفاع عنه هو دفاع عن مقدراتهم ودولتهم بكل عناصرها ومؤسساتها وقد تملك زمام الأمور فيها عصابة من المجرمين والفتية قد خرجوا عن المألوف بإيمانهم حتى تعطلت مصالحهم وأرزاقهم – أو كادت – وأغلقت فى وجوههم أبواب
    الدنيا ومنعوا الوظائف وأسباب الحياة ولم يبق أمامهم إلا الاعتزال والفرار بالدين .
    وربما ثقلت الجاهلية حينئذ على قلوب المؤمنين أو بغتتهم عاجلة الأسباب وربما تضخمت دولة الباطل وانتفشت حتى يظن الظان أنها لن تزول حينئذ تبرز قصة أصحاب الكهف لتكشف الوهم وتزيل الغبش وتحدد الحجم الحقيقي للقضية فالفتية ( وهو لفظ لجمع تقليل رغم أنهم دون العشرة ) (11) إلا أنهم هم الفئة المعتبرة بالنظر فى كتاب الله والعرف الإيماني كذلك وهم يتساءلون كم تحتاج دولة الباطل حتى تنقضي وتزول ؟! ، مائة..مائتين أم ثلاثمائة سنة ؟! ، فما هو إلا أن طوى الله لهم الزمن حتى صارت الثلاثمائة سنين وزيادتها فى حسهم كأنها يوم أو بعض يوم هكذا عاش الظالمون ما عاشوا إلا أن دولة الظلم حتما ستنتهى وتبيد وفى غمضة عين يضع المؤمن جنبه وقد استفرغ الوسع وانقطعت به الأسباب متوسلاً الرحمة والرشد فى علم الله المحيط فما يفيق إلا وقد تحقق وعد الله (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) (12) وعد الله بالبعث بعد الممات ووعدوه بالنصر والغلبة لعباده المؤمنين فى هذه
    الدنيا (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) (13)

    ثانياً: صاحب الجنتين ودك المكان

    وهذه قصة أخرى تضخمت فيها
    الدنيا وعظمت أسبابها فى حس أصحابها وظنوا أن الله الذي بسطها ومدها لهم ليس بقادر على أن يقبضها ويطويها ، فهذا رجل ضعيف يستقى قوة من غيره ويستعلى بها وقد شده الماء والطين وتقوى بالمال والبنين ( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) (14)بينما يقف فيها أهل الإيمان موقف الاستعلاء كالطود الشامخ لا تنال منه أنواء الفقر ولا عائزة الحاجة وقد تعلقوا بحبل الله المتين يتعبدون الله بالفاقة إليه التي أورثتهم الذلة له وقد علموا أنه مع الذلة تكون النصرة كما يتعبدونه أيضاً بتعجل بطشته بالظالمين وقطع دابرهم ولهذا قال المؤمن (فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) (15) وعندئذ لابد أن تنخرم أسباب الباطل وتتهاوى تلكم الدعاوى.
    ولأمر ما فصل
    القرآن الكريم فى ذكر الجنتين وأفاض البيان بكل أبعاد المكان وعناصره حتى قال الرجل (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) (16) نعم إلى هذا الحد كبرت الدنيا فى أعين أصحابها حتى ظنوا أنها لن تزول ! ثم كانت المفاجأة (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) (17) فى درس آخر يلقنه الله للمؤمنين فكما طوى الزمان فى قصة أصحاب الكهف هو الذي محق المكان هنا بصاحب الجنتين .
    ثالثا: ذو القرنين وأسباب التمكين

    وكما بدأت سورة الكهف بالاستضعاف والعزلة للفئة المؤمنة تنتهى بالقوة والتمكين وغلبة أمر الدين ، فهذا حاكم مسلم قال الله فيه : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) (18) وقد أوتى من الأسباب العجيبة ما لا يعلمه إلا الله من العلم والقوة التى بها يسخر
    الدنيا ويقهر الأعداء ويبلغ المشارق والمغارب ويفهم عجمة القلوب والألسنة ويذيب الحديد ويضرب السدود ، وباختصار فهو رجل غير عادى خارق القوى والملكات (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرً) (19) أى: ( بما عنده من الخير والأسباب العظيمة)(20).
    وبهذا تكتمل عناصر الكون الزمان والمكان والإنسان وبها يقوم عالم الشهادة شاخصاً متحركاً حركة الحياة والأحياء بينما يبقى عالم الغيب مكنوناً غامضاً لا يهتك ستره إلا القصة الرابعة والأخيرة .

    رابعاً: موسى عليـ السلام ـه والخضر عليـ السلام ـه
    بين العالم المشهود والغيب المنشود

    وترتكز القصة فى مجملها على عنصرين رئيسيين هما المال والبنين والذين سبق ذكرهما فى نفس السورة وهما زينة الحياة
    الدنيا ويمكنك تخيل القصة بدون ذكر العبد الصالح وهو الخضر عليـ السلام ـه ،وأن تضع نفسك مكان موسى عليـ السلام ـه وتعيش الحياة كما هى فترى مساكين تعاب مركبهم وهى كل مالهم ولقمة عيشهم ، وترى فيما يمر بك من أحداث الدنيا أبوين مؤمنين يموت صغيرهما وهو كل ما يرجون من هذه الحياة ويتكئون عليه فيها ، وهذه مصائب فى أعز ما يملك الناس – المال والولد – ربما ناحوا لها وقنطوا أو جزعوا وسخطوا وهم لا يدرون أن المنحة فى طيات المحنة والبلية هى فى حقيقتها عطية .
    وترى فيما يرى السائر أيتام فى قرية لئام لا يملكون إلا داراً حقيرة متهدمة الجدران إلا جداراً يقف شاهداً على خسة أهل القرية وشحهم .
    وفجأة يظهر الخضر أمامك يجلى لك الحقائق باعتباره يمثل القدر الأعلى وباعتباره انساناً مميزاً أيضا ليهتك لك أستار الغيب الذي أطلعه الله عليه وتتعجب من الفطرة النقية متمثلة فى موسى عليه السلام وهو يستنكف المنكر وينكره فكيف تتلف الأملاك؟ وتقتل الأنفس البريئة؟ ولأى شئ يوضع المعروف فى غير أهله؟ .
    وأمر المؤمن كله له خير والصلاح ينفع أهله فى
    الدنيا والآخرة فتلف المال حماية له من أن يذهب به الظالم بالكلية ، وموت الولد رحمة به من قدر الكفر الذي ينتظره ورحمة بوالديه من الشقاء به فى الدارين وبقاء المال والولد كان ثمرة لصلاح الأب ومما خلفه الله به فى أهله وماله .

    وأخيـــــــراً

    بقى أن نجيب على السؤال الذي طرحناه أولاً ، وهو لماذا كانت سورة الكهف عاصمة من فتنة الدجال عليه لعنة الله ؟!.
    ونجيب عليه والعلم عند الله :
    بأن سورة الكهف قد بدأت بذكر أهل الكتاب وهم جل أتباع المسيح الدجال – وهو من علامات الساعة - وربما كان فى ذلك إشارة إلى تملكهم زمام العالم فى آخر الزمان وختمت بالحديث عن التوحيد وذم الكفر الذي هم عليهم .
    واشتملت السورة أيضا على معنى مشترك بين كل القصص المذكورة فيها ، وهو معنى الخرق الربانى للعادة فى الزمان والمكان والانسان ثم فى القدر الكونى – كما قد تقدم – وبذلك صارت السورة الكريمة - وبهذه الضدية – كالرقية من الخرق الشيطانى الذي يمثله مسيح السوء الدجال فىأعظم
    صوره ، فأنى يثبت وأنى يفلح حينئذ؟! .
    ومما يستأنس به أيضا فى هذا المعنى أن زوال شخص المسيح الدجال نفسه يكون على يد مسيح الخير بن مريم – عليهما السلام – باعتباره خارقة بشرية ربانية كذلك منذ بدايته من غير أب ومعجزاته كالنفخ فى الطين بإذن الله وإبراء المعضلات والإنباء بالمغيبات وحتى رفعه من غير موت ثم عودته بعد ذلك.
    وصدق ربنا عز وجل إذ يقول : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (21)

    والله أعلم والحمد لله رب العالمين








  9. #9
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 31

    افتراضي


    بسم الله الرحمن الرحيم
    لعل من الأمور المساعدة على اكتشاف المعاني، النظر للنص من أكثر من زاوية، والدخول له من أكثر من مدخل، ومحاولة جمع المتشابهات والمتخالفات في الأمور التي يمكن الموازنة بينها، ومن ذلك القصص القرآني، فيمكن استثمار القصص الواردة في السورة الواحدة؛ لمعرفة دلالات كثيرة ودقيقة، ولعلي هنا أقف مع سورة الكهف وقصصها الأربعة بالترتيب الآتي:
    قصة الفتية، ثم قصة صاحب الجنتين، ثم قصة موسى والعبد الصالح، ثم قصة ذي القرنين، ويمكننا أن ننظر إلى هذه القصص من زوايا عدة مثل:
    1- موضوع القصة العام.
    2- طريقة عرض القصة.
    3- طريقة استهلال القصة.
    4- طريقة ختام القصة.
    5- التعقيب على القصة.
    6- أهم أفكار القصة.
    7- الزمان في القصة.
    8- المكان في القصة.
    9- المشترك في القصص.
    10- ما تتميّز به كل قصة.

    وسأثير هنا بعض المعاني والدلالات، وأشير إلى بعض الملامح السريعة في القصص الأربعة، وأترك الباقي للتأمل والنظر.
    فمثلاً لو استعرضنا قضية المكان في القصص الأربعة، وكيفية التعامل معه، لوجدناه في القصة الأولى (المدينة والكهف)، وفي الثانية (الجنتين)، وفي الثالثة (مجمَع البحرين، البحر، الصخرة، القرية، المدينة)، وفي الرابعة (مغرب
    الشمس، مطلع الشمس، بين السدين).
    ولو تأملنا كيفية التعامل مع هذه الأمكنة، لوجدنا أن القصص الثلاثة (الفتية، وموسى، وذو القرنين) فيها انتقال ظاهر من مكان إلى آخر، فيها تغيير للمكان، فيها حركة، والقصة الوحيدة التي فيها دخول هي قصة صاحب الجنتين، ولهذا اختلفت نتيجة القصص بحسب ذلك، وبيان ذلك كالآتي:
    في قصة الفتية نجد أنهم انتقلوا من المكان الذي لم يستطيعوا أن يقيموا فيه شرع الله، ولم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم فيه وهو (المدينة)، لهذا انتقلوا عنها، وكان الموضع الآخر هو (الكهف)، ولو تأملنا الموضعين لرأينا الاختلاف الكبير بينهما، فالمدينة فيها النعيم والترف، والاجتماع والأنس بالناس، والكهف فيه الانعزال، والانفراد، وشظف العيش، وربما الوحشة، وقد قيل: إن هؤلاء الفتية كانوا من مترفي القوم ومن عليتهم، بدليل طلبهم أزكى الطعام ووجود الوَرِق معهم، لكن مبدأهم جعلهم يتنازلون عن ملذات
    الدنيا الحسية إلى طلب راحة القلب والنفس فذاك هو النعيم، ولا يكون ذلك إلا بالتوحيد، لأن الشرك يشتت القلب والفكر، ويجعل الروح في حيرة وشك.
    لقد انتقلوا من القصور والدور إلى الكهف، وعوضهم الله عن الراحة فيها، بالنوم في الكهف، فتحقق الصبر والثبات لهم، حتى زالت عن المدينة مظاهر الشرك.
    وأما قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح؛ فالانتقال فيها ظاهر، وذلك من خلال تتبع ألفاظ تُشعر بالانتقال مثل: (لاَ أَبْرَحُ (أي: أسير) حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا)، وهذا انتقال أوَّليٌّ، ثم حصل انتقال آخر من مجمع البحرين من قرب الصخرة إلى موضع آخر يظهر من قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾، ثم حصل انتقال ثالث من تذكرهما فقدان الحوت إلى الموضع الذي فقدوه فيه ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾، وواضح من كل هذا التنقّل والترحال، الذي تبيِّنه ألفاظ مثل: (أمضي، سفرنا، ارتدا) أن تغيير المكان كان أمرًا جوهريًّا في هذه القصة، ولهذا جاءت الأحداث بعد ذلك مبنية على التحرك والرحلة والتغيير، يظهر ذلك من تكرار كلمة (فانطلقا) مع كل حدث (السفينة، الفتى، الجدار)، ولو تأملنا هذه الأحداث لوجدناها كلها حوادث فيها تغيير للمكان، ومتابعة للمسير، وكأن في هذه التغير تعليم لما هو جديد من خلال الموقف والحدث، لا من خلال الحكاية والمعلومة، وقد يكون في ذلك إرشاد إلى أن ّ التعلم يحتاج إلى سفرٍ وتنقُّل دائم، وأن تغيير مكان التعلُّم مهم في تنويع مصادر المعلومة.
    وقد عوض الله موسى عليه السلام رحلته ونصبه وسفره بالعلم الذي لم يكن يعلمه، حيث فسّر له الخضر هذه الحوادث العجيبة، التي لم يكن له علم بأسبابها أو أسرارها.
    وأما قصة ذي القرنين فيظهر الانتقال من أول أحداثها ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ [الكهف: 85 - 93].
    ونجد في ذكر مغرب
    الشمس، ثم بعده مطلع الشمس ما يشير إلى سرعة التنقّل، وإلى بُعْدِه أيضًا، وقد نتج عن هذا التنقل وتغيير المكان بسط النفوذ على المساحة الكبيرة من الأرض، كما نتج عنه كثرة الأتباع، واستثمار كل مقدرات هذه المواضع من الكوادر البشرية والمادية، وتوجيه كل ذلك في وجوه الخير.

    وإذا تأملنا القصص الثلاثة التي فيها خروج وتغيير وانتقال؛ لوجدناها انتهت بنتائج طيبة، وأشخاصها مؤمنون أخيار، بينما نجد القصة الوحيدة التي كان فيها دخول هي قصة صاحب الجنتين، وقد جاء فيها ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [الكهف : 35]، وتلك
    الجنة تمثل الدنيا كما تشير إلى ذلك الآيات التي أعقبت القصة ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا﴾ [الكهف: 45]، فكأنما هي تصوير لتوجّهه إلى الدنيا؛ لهذا خسر، بينما القصص الأخرى كان فيها خروج من الدنيا وراحتها، إلى العمل والإنجاز والنفع، وتعرَّض أشخاصها للنصب وشظف العيش والتعب، لذا نالوا مرادهم، وأضافوا شيئًا، أما ذاك فقد خسر كل شيء، نفسه وماله، فهل تأملنا هذه المعاني في هذه القصص، وكأنما هي بذلك ترسم لنا منهج النجاح في هذه الحياة، إننا يجب أن نحدد أهدافًا واضحة وعظيمة، تستحق أن نحيا من أجلِها، والجامع لها هو الخير والنفع، والمحرِّك فيها هو الإيمان بالله، ومَن يحدد هدفًا عظيمًا لابد أن يتعب من أجل تحقيقه، وقد يصيبه في سبيل ذلك تعب أو نصب أو جوع أو خوف، وقد يحتاج إلى سفر وانتقال، ولهذا لا نجد ناجحين مؤثرين لم يكن الانتقال والسفر أحد صفاتهم الرئيسة، لهذا كان من أعظم أحداث البعثة النبوية؛ الهجرة من مكة إلى المدينة، فكان نصر النبي صلى الله عليه وسلم من الأبعَدِين لا مِن الأقرَبِين، فهل يدرك المؤمنون هذه المعاني، ويكونون مؤثرين في التغيير، ولهم بصمات واضحة في الأمم؟

    ومضة: إن من يقرأ سورة الكهف كل أسبوع يجب أن تحدث فيه تغييرًا وتطويرًا وتبثّ فيه إشعاعًا نحو النجاح والتغيير، نحو تحقيق الأهداف والتغلب على الصعاب.
    والله الموفق.

    مقال مصوَّر لمعاني المقال المكتوب



    م/ن







 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 2010-10-30, 01:12 AM
  2. فضائل سورة الفاتحة *.*.*
    بواسطة سندس حبش في المنتدى التفسير وعلوم القرآن
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2010-08-12, 02:07 PM
  3. الخفاء واللطف في سورة الكهف
    بواسطة عزتي بديني في المنتدى التفسير وعلوم القرآن
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2009-03-03, 05:16 AM
  4. لقي غلاما فقتله-سورة الكهف-
    بواسطة ismael-y في المنتدى الرد على الإفتراءات حول القرآن الكريم
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2008-11-14, 08:31 AM
  5. لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة
    بواسطة بنت خويلد في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2008-01-23, 02:31 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML