--------------------------------
1 سورة المائدة، الآية: 54.

ص -77-
الناس لهم ولومهم إياهم على ما يبذلون من أنفسهم وأموالهم لنصرة الحق؛ لقناعتهم بصحة ما هم عليه، وقوة إيمانهم ويقينهم؛ فكل محب يؤثر فيه اللوم فيضعفه من مناصرة حبيبه فليس بمحب على الحقيقة.
والأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى عشرة أشياء، ذكرها ابن القيم - رحمه الله، وهي:
أحدهما: قراءة
القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به.
الثاني: التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض.
الثالث: دوام ذكر الله على حال باللسان و
القلب والعمل.
الرابع: إيثار ما يحبه الله على ما يحبه العبد عند تزاحم المحبتين.
الخامس: التأمل في أسماء الله وصفاته وما تدل عليه من الكمال والجلال، وما لها من الآثار الحميدة.
السادس: التأمل في نعم الله الظاهرة والباطنة ومشاهدة بره وإحسانه وإنعامه على عباده.
السابع: انكسار
القلب بين يدي الله وافتقاره إليه.
الثامن: الخلوة بالله وقت النزول الإلهي حين يبقى ثلث الليل الآخر وتلاوة
القرآن في هذا الوقت، وختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
التاسع: مجالسة أهل الخير والصلاح المحبين لله - عز وجل - والاستفادة من كلامهم.
العاشر: الابتعاد عن كل سبب يحول بين
القلب وبين الله من الشواغل.
ومن توابع محبة الله ولوازمها: محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما أخرج البخاري
ص -78- ومسلم عن أنس - رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"؛ أي: لا يؤمن الإيمان الكامل إلا من كان الرسول أحب إليه من نفسه وأقرب
الناس إليه.
ومحبة الرسول تابعة لمحبة الله، ملازمة لها، ومن أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، اتبعه، فمن ادعى محبته عليه الصلاة والسلام، وهو يخالفه فيما جاء به، فيطيع غيره من المنحرفين والمبتدعين والمخرفين، فيحيي البدع ويترك السنن؛ فهو كاذب في دعواه أنه يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، أن المحب يطيع محبوبه.
فالذين يحدثون البدع المحالفة لسنة الرسول بإحياء الموالد وغيرها من البدع، أو يفعلون ما هو أعظم من ذلك من الغلو في النبي "ودعائه من دون الله وطلب المدد منه والاستغاثة به، ومع هذا يدعون أنهم يحبونه؛ فهذا من أعظم الكذب، وهم كالذين قال الله فيهم: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}1؛ لأن الرسول "نهى عن هذه الأمور، وقد خالفوا نهيه، وارتكبوا معصيته، وهم يدعون أنهم يحبونه؛ فكذبوا، نسأل الله العافية.
3 - الشرك في التوكل:
التوكل في اللغة معناه: الاعتماد والتفويض، وهو من عمل
القلب، يقال: توكل في الأمر: إذا ضمن القيام به، ووكلت أمري إلى فلان: إذا اعتمدت عليه.
والتوكل على الله من أعظم أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله؛     : {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}2.
والتوكل على غير الله تعالى أقسام: