صفحة 1 من 7 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 70
 
  1. #1
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث


    نتابع معاً الموسوعة اليهودية الصهيونية



    الباب الخامس: منفى وعودة أم هـجرات وانتشار؟


    إحسـاس اليهودي الدائم بالنفي الأزلي ورغبته الثابتة في العـودة
    The Jewish Sense of Eternal Exile and Permanent Desire for Return
    »إحساس اليهودي الدائم بالنفي ورغبته في العودة» هي عبارة تُبلوِّر النموذج الكامن وراء كثير من الدراسات التي تتناول الجماعات اليهودية في العالم، إذ يتم رصد أعضاء الجماعات اليهودية وتحركاتهم وكأن عندهم إحساساً بالنفي الأزلي ورغبة دائمة في العودة، وكأن هذا الإحساس وهذه الرغبة هما جزء من جوهر يهودي ثابت ومن المكونات الأساسية لطبيعة اليهود البشرية.

    واليهودي حسب هذا النموذج التفسيري هو غريب ينتقل من مكان لآخر (ومن هنا صورة اليهودي المتجول)، الذي يحس بأنه في المَنْفَى، ومن ثم فعنده رغبة عـارمة دائمة في إنهـاء حالة النفي هـذه والعــودة إلى « وطنه الأصلي » فلسطين. ولذا أصبحت عبارات مثل «المَنْفَى» و«الشتات» و«الدياسبورا» و«العودة» كلمات متواترة مألوفة في الأدبيات الخاصة باليهود واليهودية (الصهيونية والمعادية لليهود وغيرها)، وتم تطبيعها تماماً، وكأنها مجرد وصف موضوعي ومحايد لأعضاء الجماعات اليهودية ولسلوكهم.

    وفي مداخل هذا الجزء والذي يليه سنقوم بتفكيك هذه المفاهيم وإعادة تركيبها في ضوء دراستنا للتواريخ المتعينة لأعضاء الجماعات اليهودية حتى نبيِّن ضعف المقدرة التفسيرية لمثل هذه المفاهيم. وسنقترح اصطلاح «الانتشار» بديلاً عن «النفي والعودة» باعتباره أكثر تفسيرية.

    المنـفى وااـعــودة
    Exile and Return
    تشير كلمة «جالوت»، أو «جولا» إلى المَنْفَى، والمَنْفَى القهري بالذات خارج إرتس يسرائيل أي فلسطين (مقابل المَنْفَى الطوعي أي «تيفوتسـوت»)، ولذا فهي تُترجَم عادةً إلى العربية بكلمة «المَنْفَى». كما تُستخدَم كلمة «دياسبورا» أي «الشتات» للإشارة إلى الجماعـات اليهودية التي تعيش مشتتة بين الشعوب الأخرى. وأحياناً تُستخدَم كلمة «دياسبورا» بشكل محايد بحيث تعني «الانتشار» بوصفه ظاهرة إنسانية عادية طبيعية. ويستخدم اليهود الإصلاحيون والاندماجيون المصطلح بهذا المعنى. وفي اللغة العربية، تُستخدَم كلمتا «الشتات» و«المَهْجَر» للإشارة إلى المكان الذي هاجر إليه اليهود أو هُجِّروا إليه. وتعني الكلمات السابقة («المَنْفَى» و«الدياسبورا» و«الشتات» و«المَهْجَر») وجود أعضاء الجماعات اليهودية المؤقت خارج إرتس يسرائيل (أي فلسطين) حتى تتحقق لهم الحالة الأصلية العادية والطبيعية بعودتهم إليها.

    أما العودة فيُشار إليها في المصطلح الديني بكلمة «تشوفاه» (بمعنى التوبة أيضاً، على عكس «حزره» وهي عودة بالمعنى الدنيوي)، كما تُوجَد عبارة «كيبوتس جاليوت» أي «تجميع المنفيين» (بالإنجليزية:إنجاذرينج أوف ذي إكزايلز (ingathering of the exiles

    وتشكل عقيدة المَنْفَى والعودة إحدى النقاط المحورية في الرؤية اليهودية إلى التاريخ والكون، وهي ترتبط، مثل كل العقائد الدينية اليهودية، بعقائد أخرى مثل عقيدة الماشيَّح والشعب المختار. وحسب هذه العقيدة، فإن إله اليهود حَكَم على شعبه المختار بالنفي والتشتت في بقاع الأرض لسبب يختلف الحاخامات اليهود في تحديده. وستستمر حالة المَنْفَى هذه إلى أن يعود الماشيَّح المخلِّص. وكالمعتاد، أحاط بهذه العقيدة ضرب من القداسة والخصوصية، فنجد أن الشعور بالنفي ليس نتيجة حتمية للنفي ذاته وإنما هو إحساس مقصور على اليهود حينما يبتعدون عن أرض الميعاد، وذلك بسبب ارتباطهم الحلولي أو العضوي بها، أي أنهم يجعلون المَنْفَى سمة أساسية وخاصية مقصورة على ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي»، ويصبح الإحساس بالغربة أمراً ينفرد به اليهود وحدهم. أما الفلسطينيون، فليس من حقهم ممارسة هذه الأحساسيس السامية إن نُفوا من أرض فلسطين أو ابتعدوا عنها، وذلك لانتفاء الصلة الحلولية أو العضوية بالأرض المقدَّسة. ونجد أيضاً أن «الشخيناه» (التجسيد الأنثوي للإله) قد نُفيَت مع الشعب خارج الأرض المقدَّسة، ولم يبق منها إلا جزء في حائط المبكى يذرف الدموع كل عام في ذكرى خراب أو هدم الهيكل.

    وقد قامت القبَّالاه اللوريانية، بمنحاها الحلولي المتطرف، بتحويل النفي إلى صورة مجازية كونية شاملة. فبعد تَهشُّم الأوعية (شيفرات هكليم) أصبحت كل المخلوقات في حالة تَبعثر وشتات دائم وسقطت من حالة التماسك العضوي الناجم عن الحلول الإلهي في الإنسان والطبيعة. ومن ثم، فإن النفي حالة تنسحب على الكون بأسره، وضمن ذلك الإله ذاته الذي تَبعثَّر وتَشتَّت بعد هذه الواقعة الكونية. ويمكن أن تتم عملية الخلاص ـ خلاص الإله والكون والإنسان ـ بالتدريج. وهي عملية يشارك فيها الإنسان، ولكنها تعتمد بالدرجة الأولى على اليهود. فهم باتباعهم الوصايا الإلهية، وتنفيذهم الأوامر والنواهي، يمكنهم أن يساعدوا الرب والكون وسـائر المخـلوقات على العـودة إلى حالة التكامل والتماسك الأصلية. وتحوُّل النفي إلى حادثة كونية (في القبَّالاه اللوريانية) هو صدى لحادثة الصلب في المسيحية.

    وقد حار المفسرون اليهود في تفسير عقيدة وظاهرة النفي هذه والتي لا تتفق مع كونهم الشعب المختار. ولذلك فُسِّر النفي بأنه إحدى علامات التميُّز والاختيار. فاليهود الذين تقطن الشخيناه في وسطهم، والذين يقطنون بدورهم وسط الأغيار، لا يحملون أوزارهم وحدهم وإنما يحملون أيضاً أوزار الأمم كافة. ولذلك، فإنهم بمثابة المشحاء (جمع «ماشيَّح») المصلوبين من أجل البشر، وهم بمثابة الروح التي تُوجَد في المادة. وبالتالي، فإن نفيهم تمهيد لخلاص البشر. وهكذا يصبح النفي عقوبةً على الذنوب وعلامةً من علامات التميز في آن واحد. وحينما يَحلُّ اليوم الموعود، سيأتي الماشيَّح ويقود شعبه ويعود به إلى الأرض المقدَّسة. ولكن بعض الحاخامات ذهبوا إلى أن المَنْفَى والشتات عقاب حَلَّ على اليهود بسبب تَركْهم طُرُق الرب و بسبب تأغرقهم. ويذهب المسيحيون إلى أن الشتات عقاب لليهود على إنكارهم المسيح عيسى بن مريم.

    وقد تركت عقيدة النفي أثرها العميق على الوجدان اليهودي، فقد أضعفت إحساس اليهود بالزمان والمكان، وأضفت طابعاً مؤقتاً على كل شيء. وربما ساعد اضطلاع اليهود بدور الجماعة الوظيفية واشتغالهم المستمر بالتجارة والأعمال المالية والربا، وانتقالهم من مكان إلى مكان دون الانتماء الكامل لأي مكان (فالجماعة الوظيفية تُوجَد في المجتمع لكنها لا تصبح منه) ربما ساعد كل هذا على استمرار عقيدة المَنْفَى والعودة، وعلى اكتسابها هذه المركزية.

    ولكن الموقف الديني التقليدي من المَنْفَى والعودة ليس واضحاً ولا قاطعاً. فعلى سبيل المثال، أكد الحاخامات أن محاولة العودة الفردية والفعلية، دون انتظار مقدم الماشيَّح، هو من قبيل التجديف والهرطقة، ومن قبيل «دحيكات هاكتس» أي «التعجيل بالنهاية»، أو من قبيل تَحدِّي الإرادة الإلهية. وقد عارض بعض اليهود الأرثوذكس الحركة الصهيونية بالفعل لأنها عودة مشيحانية دون ماشيَّح. بل إن هناك أوامر قاطعة في التلمود بألا يترك اليهودي بلده أو منفاه ليعود إلى بابل، لأن من يعيش في بابل كأنه يعيش في أرض يسرائيل. وجاء في موضع آخر: « صلوا لسلامة الدولة، فلولا خوف الناس منها لابتلع بعضهم بعضاً ». وقد أكد أحد الحاخامات أن مبدأ أو عقيدة العودة إلى فلسطين لا تُوجَد أية إشارة إلىها في كافة المحاولات التي تمت في العصور الوسطى لصياغة عقيدة يهودية. وقد نادى دعاة حركة التنوير اليهودية بأن المَنْفَى واقع مؤلم ومؤقت يجب أن يزول عن طريق الاندماج. أما العودة إلى صهيون، فهي مجرد فكرة روحية وليست رغبة حرفية. وقد حذفت اليهودية الإصلاحية الصلوات التي تُذكِّر اليهود بصهيون.

    ولكن تُوجَد في اليهودية الحاخامية، وفي التلمود، نصوص ومواقف يُفهم منها أن هناك ضرباً من التَقبُّل أو التأييد لفكرة إنهاء المَنْفَى والعودة. وقد ذكر بعض الحاخامات أن كل يهودي يتعيَّن علىه أن يوّد (في قلبه) العودة إلى الأرض، فإن لم يتمكن من العودة فعلىه أن يساعد على الأقل في إرسال يهودي آخر، أي أن كلاًّ من الصهيونية الاستيطانية والصهيونية التوطينية كامنتان في النسق الديني اليهودي ذي الطبيعة الجيولوجية التراكمية.

    وعلى وجه العموم، يمكن القول بأن أعضاء الجماعات اليهودية قد قبلوا وجودهم في الأوطان التي كانوا يعيشون فيها، وأن الحديث عن المَنْفَى أصبح جزءاً من الخطاب الديني، وأصبحت العودة تَطلُّعاً دينياً وتعبيراً عن حب صهيون، أي تعبيراً عن التَعلُّق الديني بالأرض المقدَّسة وهو تَعلُّق ذو طبيعة مجازية، لا يترجم نفسه إلى عودة حرفية إلى فلسطين، حتى وإن خلق استعداداً كامناً لذلك. ولكن، مع بدايات العصر الحديث والحركة الإمبريالية، وظهور الفكر الوضعي والتجريبي والنماذج المادية العلمانية المعرفية وتفسيرات العهد القديم الحلولية والحرفية، بدأ يظهر في صفوف المسيحيين البروتستانت فكر استرجاعي قوي تَرَك أثراً عميقاً في الجماعات اليهودية في أوربا، وبدأت تظهر حركات مشيحانية تهدف إلى تحويل فكرة العودة من تَطلُّع ديني مجازي إلى عودة فعلية، أي إلى استيطان. وقد تدعمت الفكرة مع ظهور الفكر القومي الغربي والتعريفات العرْقية للإنسان. ومع تَصاعُد الحركة الإمبريالية، بدأت الأفكار الصهيونية تتغلغل بين اليهود، خصوصاً وأن هذا قد تَزامَن مع ضعف اليهودية الحاخامية الأرثوذكسية التي تَقبَّلت المَنْفَى كحالة نهائية. وأخيراً، ظهرت الصهيونية بين اليهود في أواخر القرن التاسع عشر وأخذت من التراث الديني اليهودي ما يتفق مع أهوائها السياسية، واستولت على الخطاب الديني، وحوَّلت كل المفاهيم الدينية المجازية إلى مفاهيم قومية حرفية.

    وطرحت الصهيونية رؤية للتاريخ تَصدُر عن تَصوُّر أن اليهود في حالة نفي قسرية فعلية منذ هَدْم الهيكل، وأنهم لو تُركوا وشأنهم لعادوا إلى فلسطين بدون تَردُّد. بل إن التواريخ الصهيونية ترى أن ثمة نمطاً متكرراً فيما يُسمَّى «التاريخ اليهودي»: نفي من فلسطين ثم عودة إليها، ونفي إلى مصر ثم عودة إلى فلسطين، ونفي إلى بابل ثم عودة إلى فلسطين، وأخيراً نفي إلى أرجاء العالم بأسره ثم عودة نهائية إلى إسرائيل، أي فلسطين.

    إن إحدى مقولات الصهيونية الأساسية هي أن وجود اليهود على هيئة جماعات في أنحاء العالم هو حالة مؤقتة، وأن هذا الوجود إن هو إلا جسر يَعبُر عليه الشعب اليهودي إلى فلسطين. ومن دعاة هذا الرأي بن جوريون وممثلو الصهيونية الاستيطانية. ولكن ليس كل الصهاينة على هذا الرأي. فالصهيونية الإثنية، على سبيل المثال، ترى أن وجود الجماعات اليهودية خارج فلسطين ليس أمراً مؤقتاً وإنما حقيقة ثابتة، وأن هذه الجماعات لا تحتاج إلى إسرائيل موطناً، وإنما تحتاج إليها كمركز روحي لا كبلد يهاجر إليه جميع اليهود، فالنفي هنا حالة ثقافية ومن ثم يتم علاجه بطرق ثقافية أيضاً!

    وبعد إنشاء إسرائيل، لم يهرْع اليهود إلى أرض الميعاد، ولم يتم تجميع المَنْفَيين كما كان يتوقع الصهاينة، وهو ما اضطر بن جوريون إلى ابتداع مصطلح «منفيُّو الروح» ليصف اليهود الذين يحيون حياة جسدية مريحة في المَنْفَى، ولكنهم بلا شك معذبو الروح. وهو بهذا يتبنَّى الصيغة الصهيونية الثقافية. ولكن المُلاحَظ أن منفيِّي الروح هم الأغلبية العظمى بين يهود العالم، أي أن اليهودية حتى بعـد إنشـاء الدولة الصهـيونية لا تزال يهـودية الدياسبورا. ولذلك فالجالوت، أو «المَنْفَى القسري» أصبح يُسمَّى «تيفوتسوت»، أو «المَنْفَى الاختياري »، وهذا تَناقُض عميق في المصطلح. ويبدو أن الولايات المتحدة تشكل تحدياً عميقاً لفكرة المَنْفَى، إذ أنها تشكل نقطة جذب هائلة للغالبية الساحقة من يهود العالم. وقد اتجهت لها الكتلة البشرية اليهودية من شرق أوربا (يهود اليديشية) وغيرها من أنحاء العالم. ولم تتجه سوى أقلية صغيرة إلى فلسطين، لأن أبواب الولايات المتحدة كانت مُوصَدة دونها. وقد بدأ يهود الولايات المتحدة ينظرون إلى إسرائيل لا باعتبارها وطناً قومياً، وإنما باعتبارها «الوطن الأصلي» أو «مسقط الرأس»، تماماً كما ينظر الأمريكيون من أصل أيرلندي إلى أيرلندا. ولكن هذه النظرة تفترض أن الولايات المتحدة ليست بمَنْفَى وإنما البلد التي يهاجر إليها أعضاء الجماعات اليهودية بمحض إرادتهم، بحثاً عن فرص جديدة. وإن كانت الولايات المتحدة ليست هي أرض الميعاد التي تُحقِّق أحلامهم الدينية ـ وهي أحلام أصابها الضمور على أية حال ـ فهي على الأقل «جولدن مدينا » أي البلد الذهبي التي حققت لهم معظم أحلامهم الدنيوية. وهذه الرؤية تعني أن يهود الولايات المتحدة لا يعتبرون بلدهم الجديد مَنْفَى. وبالفعل، نجد أن كتاب هوارد ساخار الأخير الذي صدر بعنوان الدياسبورا لا يضم فصولاً عن الولايات المتحدة، وذلك باعتبار أنها وطن قومي جديد. كما تعني هذه الرؤية أن يهود الولايات المتحدة لا يفكرون أيضاً في العودة لأن العودة لا تكون إلا إلى الوطن الأصلي. بل إن من الطريف أن الحاخام مناحم شنيرسون وحاخامات جماعة الناطوري كارتا (المعادية للصهيونية) يعتبرون دولة إسرائيل جزءاً من المَنْفَى.

    أما في إسرائيل، فقد ظهر جيل جديد من الصابرا لا يفهم سيكولوجيا يهود المَنْفَى، وإن فهمها فهو لا يُكِّن لها احتراماً كبيراً. وهذا الانقسام بين يهود العالم ويهود إسرائيل من الصابرا وغيرهم يمثل مشكلة ضخمة تواجه الفكر الصهيوني. بل يبدو أن الولايات المتحدة بجاذبيتها تُهدِّد المستوطن الصهيوني ذاته، إذ أن أعداداً كبيرة من المستوطنين، وضمن ذلك الصابرا يهاجرون إلى الولايات المتحدة فيتركون الوطن إلى المَنْفَى! ويُطلَق على المهاجرين الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة الدياسبورا الإسرائيلية.

    وينطلق الصهاينة من افتراض وحدة الشعب اليهودي وضرورة تجميع المنفيين وصَهْرهم ومَزْجهم في شخصية نمطية واحدة (برغم تَعدُّد خلفياتهم الثقافية والحضـارية) حتى يُشْـفَوا من كل أمراض المنفـى. ولكن، كلما تم مَزْج أو صَهْر مجموعة من المهاجرين، تأتي مجموعة جديدة من المَنْفَى فيستعيد من انصهر كثيراً من السمات الحضارية التي كان قد فقدها إما من خلال الالتحام بالمهاجرين الجدد، إن كانوا من بني جلدتهم، أو من خلال مجابهتهم إن كانوا من تَجمُّع قومي آخر، أي أن تجميع المنفيين يتعارض بشكل حادّ مع مَزْجهم وصَهْرهم. وتظهر هذه المشكلة في موقف جماعات السفارد واليهود الشرقيين من المهاجرين الأشكناز واليهود الغربيين وخصوصاً السوفييت.

    ونحن لا نستخدم كلمات ذات طابع عاطفي عقائدي مُتحيِّز، مثل «المَنْفَى » أو «الشتات»، إلا إذا تَطلَّب السياق ذلك، ونستخدم بدلاً من ذلك مصطلحـات محايـدة فنقـول: الجماعـات اليهودية في العالم وانتشارها فيه.



    hgdi,] ,hgdi,]dm ,hgwihdkm ,hgwid,kdm hg[.x hgehge











  2. #2
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    العـودة
    Return
    تشير كلمة «العودة» في الأدبيات اليهوديةوالصهيونية إلى عودة اليهود إلى فلسطين، أي «إرتس يسرائيل» أو «صهيون» أو «أرضالميعاد» بعد نفيهم منها.
    وقد تكون العودة تحت قيادة الماشيَّح، وقد يقومبها اليهودي بإرادته، دون انتظار مشيئة الإله. انظر: «المَنْفَى والعودة».

    الشـــــــــــــــتات
    Dispersion; Diaspora; Exile
    «الشتات»مصطلح يُستخدَم أحياناً للإشارة إلى «المَنْفَى» أو «الدياسبورا».

    الدياسبورا
    Diaspora
    «دياسبورا» كلمة يونانية تعني «الشتات» أو«الانتشار». وقد كانت الدياسبورا نمطاً شائعاً في العالم الهيليني الروماني، فلميكن مقصوراً على اليهود بل كانت هناك جماعات من التجار اليونانيين الذين يؤسسونجماعاتهم ومجتمعاتهم الصغيرة في المدن التي يستقرون فيها، فكانوا يبنون فيهامعابدهم ويعبدون آلهتهم، ويمارسون جميع مؤسسات حياتهم الهيلينية الأخرى مثلالجيمنازيوم. كما أن المدن اليونانية المختلفة خارج بلاد اليونان، بسكانها منالمستوطنين اليونانيين، كانت تشكل دياسبورا. وبرغم أن الكلمة محايدة إلى حدٍّ كبير،لأن الانتشار تم بإرادة المنتشرين، إلا أنها في نهاية الأمر تعني تَشتُّتاً من مركزما، والمركز في العقل الإنساني أفضل من الأطراف. أما في الكتابات اليهوديةوالصهيونية، فهي تحمل معنى سلبياً أكيداً، باعتبار أن اليهودي الموجود خارج فلسطينأو «إرتس يسرائيل» أو «صهيون» (في المصطلح الديني) أو «الوطن القومي» (في المصطلحالسياسي) موجود خارج وطنه رغم أنفه، وبالتالي فهو في المَنْفَى. وتُميِّز هذهالكتابات بين المَنْفَى الاختياري والمَنْفَى القسري. ويتجلى ذلك في العبرية علىوجه الخصوص إذ توجد كلمة «جولا» بمعنى المَنْفَى القسري، كما حدث ليهود المملكةالجنوبية حينما هُجِّروا إلى بابل. وتوجد كلمة «تيفوتسوت» بمعنى «المَنْفَىالاختياري أو الطوعي»، وهي تشير إلى اليهودي الذي يترك فلسطين بمحض إرادته ليستوطنبلداً آخر، وإلى الجماعات اليهودية التي ترفض العودة إلى فلسطين رغم وجود سلطةسياسية يهودية مستقلة أو سلطة شبه مستقلة، كما حدث ليهود بابل أيضاً بعد عودة نحمياوعزرا، وكما هو حادث ليهود العالم الغربي بل ويهود العالم بأسره الآن.

    وقد ظهر استخدام جديد لكلمة «دياسبورا». فكثير من يهود الولايات المتحدة يرفضون استخدام الكلمة بمعنى «المَنْفَى المؤقت»، فالولايات المتحدة أو كندا هي وطنهم النهائي وليس المؤقت. ولذا، ففي كتاب هوارد ساخار الأخير الدياسبورا (عام 1985) لا توجد أية إشارة إلى الجماعات اليهودية في إسرائيل أو أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة أو كندا) باعتبار أنهما لا يشكلان «مَنْفَى»، وبالتالي لا يمكن الحديث عنهما باعتبارهما دياسبورا. فكأن كلمة «دياسبورا» تستبعد كلاًّ من فلسطين والولايات المتحدة وكندا!

    ونحن نُفضِّل في هذه الموسوعة أن نشير إلى «الجماعات اليهـودية في العـالم وانتشارهــا فيه» باعتبار أن استخدام كلمة «مَنْفَى»، أو حتى كلمة «دياسبورا»، يفترض علاقة قومية ما بين أعضاء هذه الجماعات وفلسطين، وهو ما تدحضه قراءة سلوكهم وأحداث التاريخ قراءة متأنية.

    والواقع أن أعضاء الجماعات اليهودية في العالم قد يرتبطون عاطفياً أو دينياً بإسرائيل (فلسطين)، ولكن حياتهم ككل تكون في العادة أكثر تركيباً، ومحاولة تفسير جميع تجاربهم التاريخية (المتنوعة وغير المتجانسة) في ضوء عنصر واحد، هو أمر تعسفي يَسقُط في الأحادية ويتجاهل منحنى الظواهر الخاص ويختزلها كلها داخل نمط واحد.

    وقد نحت آرثر كوستلر مصطلح «الدياسبورا الخزرية»، كما ظهر مؤخراً مصطلح «الدياسبورا الإسرائيلية». وقد استُخدم من قبل مصطلح «الدياسبورا السامرية».

    انظر: «المَنْفَى والعودة» - «العودة» - «الشتات».

    المنفى القسري (الجالوت أو الجولا)
    Galut
    «المَنْفَى القسري» ترجمة للكلمة العبرية «الجالوت» أو «الجولا»، وهي ممقابل كلمة «تيفوتسوت» أو «المَنْفَى الطوعي». وكلمة «جالوت» ترجمة عبرية غير دقيقة لكلمة «دياسبورا» ذات المعنى المحايد إلى حدٍّ ما، فهي تعني كلاًّ من التشتت والانتشار. والانتشار يمكن أن يكون تلقائياً ويمكن كذلك أن يكون إرادياً، أما «الجالوت» فليس كذلك بل حالة يخضع لها الإنسان وتُفرَض عليه فرضاً.

    المنفى الطوعي (تيفوتسوت)
    Tefuzot
    «المَنْفَى الطوعي» ترجمة للكلمة العبرية «تيفوتسوت» المُشتَقة من فعل «هفّيتس»، بمعنى «نثر» أو «بَعثَر» أو «فرَّق»، وهي مقابل كلمة «جالوت»، أي «المَنْفَى القسري»، وهما المقابل العبري غير الدقيق لكلمة «دياسبورا» اليونانية. فكلمة «دياسبورا» محايدة نوعاً، وتصف واقعاً قائماً، أي انتشار بعض الجماعات اليونانية خارج اليونان في مدن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو انتشار لم يتم قسراً. أما «تيفوتسوت» و«الجالوت» فهما يُدخلان في الاعتبار عنصر الإرادة والحالة العقلية. وعلى أية حال، فإن كلمة «تيفوتسوت» أقرب في المعنى إلى كلمة «دياسبورا».

    شريعة الدولة هي الشريعة
    Dina de Malkuta dina
    «شريعة الدولة هي الشريعة» هي الترجمة العربية للعبارة الأرامية الآتية: «دينا دي ملكوتا دينا». وهي من أهم المبادئ في تاريخ الشريعة اليهودية. وقد ظهر المفهوم، أول ما ظهر، خارج فلسطين في صفوف الجماعة اليهودية في بابل أثناء حكم الأسرة الساسانية الفارسية، إذ أن وضع الجماعة اليهودية تَطلَّب توضيح قضية نطاق الشريعة اليهودية مقابل نطاق قانون أو شريعة الدولة، والعبارة في نهاية الأمر هي محاولة لحل قضية الولاء وازدواجه. وقد قَلَّصت عبارة «شريعة الدولة هي الشريعة» نطاق تطبيق شريعة التوراة، إذ أنها تتضمن اعترافاً بالقانون المدني غير اليهودي، كما تعترف بأنه يَحلُّ محل الشريعة الدينية في الأمور الدنيوية، وهو ما يعني وجوب اتباع شريعة الدولة حتى لو تناقضت مع الشريعة اليهودية. ولم يكن هذا المبدأ ينطبق بطبيعة الحال على الطقوس والشعائر الدينية. وينم تَبنِّي هذا المبدأ عن مقدرة أعضاء الجماعات اليهودية على التكيف مع محيطهم الحضاري والاندماج فيه، وهو الأمر الذي هيأ البقاء لليهود والاستمرار لليهودية. وقد استُخدمت هذه المقولة أحياناً لتقويض دعائم الشريعة اليهودية، كما حدث مع دعاة التنوير الذين آمنوا بالنظرية السياسية الغربية التي حوَّلت الدولة إلى مُطلَق، فاستخدموا هذه المقولة لهدم سلطة الدين. ومعنى هذا أنهم ولَّدوا الفكر العلماني الإلحادي من داخل النسق الديني ذاته.

    تجميــــــع المنفـــــيين
    Ingathering of the Exiles
    «تجميع المنفيين» ترجمة للعبارة العبرية «كيبوتس جاليوت». وهو مصطلح ديني تبنته الصهيونية يشير إلى فكرة عودة كل أعضاء الجماعات اليهودية المنفيين أو المنتشرين في أنحاء العالم إلى فلسطين وتجميعهم هناك. لكن تجميع المنفيين (حسب التصور اليهودي الأرثوذكسي التقليدي) هو مَثَل أعلى ديني لا يتحقق إلا بعد عودة الماشيَّح كما لا يتحقق إلا بإرادة الإله، وعلى المؤمن أن ينتظر بصبر وأناة إلى أن يأذن الإله بذلك. ولكن الصهيونية، كعادتها، فهمت الفكرة فهماً حرفياً وجعلتها أساس عقيدتها السياسية، وجعلت من واجب اليهودي ألا ينتظر الإرادة الإلهية بل يعمل من أجل هذا الهدف بنفسه، وهو ما يُسمَّى «التعجيل بالنهاية». وأصبحت العبارة تعني استيطان اليهود في فلسطين (إسرائيل). ورغم كل المحاولات الصهيوينة الدائبة، لم يتحقق هذا الهدف حتى الآن، إذ تظل غالبية من يُقال لهم المنفيين من أعضاء الشعب اليهودي لا تَشعُر بحالة النفي الافتراضية. ومن ثم، فإنهم يؤثرون البقاء في أوطانهم على العودة إلى أرض الميعاد.

    التعجيـل بالنهايـة (دحيكات هاكتـس)
    (Forcing the End )Dahikat ha-Ketz
    «التعجيل بالنهاية» ترجمة للعبارة العبرية «دحيكات هاكتس»، ومعناها «الضغط على الإله لإجبار الماشيَّح على المجيء»، ويُشار إلى المُعجِّلين بالنهاية على أنهم «دوحاكي هاكتس». فاليهودية الحاخامية، في أحد جوانبها، تؤمن بأن العودة إلى أرض الميعاد ستتم في الوقت الذي يحدده الإله وبالطريقة التي يقررها، وأن العودة ليست فعلاً يحدث بمشيئة البشر. وقد جاء في التلمود (سفر الكتبوت): "لا تعودوا ولا تحاولوا أن تُرغموا الإله".

    وقد اتهم الحاخامات الصهيونية بأنها تسعى إلى التعجيل بالنهاية وتَحدِّي مشيئة الإله. والصهيونية ذاتها واعية بأن موقفها من العودة مختلف عن الموقف الديني التقليدي الذي انتقده بن جوريون ووصفه بالسلبية والاتكالية.

    بدايــة الخـــــلاص
    Beginning of Redemption
    «بداية الخلاص» ترجمة للعبارة العبرية «هتحالات جئولاه». وهي محاولة تستهدف تَجاوُز المفهوم التلمودي الذي يُحرِّم على اليهود العودة إلى أرض الميعاد، ويفرض عليهم انتظار وصول الماشيَّح بمشيئة الإله. وقد وُصف من يحاول أن يأخذ الأمور في يديه بأنه يستعجل النهاية (دوحاكي هاكتس). وقد كانت متتالية الخلاص كما يلي: نفي ـ انتظار ـ عودة الماشيَّح ـ عودة اليهود معه أو تحت قيادته.

    ولكن، بعد صهينة اليهودية، بدأت قطاعات داخل اليهودية الأرثوذكسية ذاتها تحاول أن تصل إلى تَفاهُم مع الصهيونية، فَعدَّلت المتتالية إلى ما يلي: نفي ـ عودة بعض اليهود للإعداد للخلاص ـ عودة الماشيَّح ـ عودة اليهود. وبالتالي، فإن الاستيطان الصهيوني يصبح من قبيل العودة للإعداد لعودة الماشيَّح، وتصبح الدولة الصهيونية بداية الخلاص، أي أن عودة الماشيَّح تصبح نتيجة عودة اليهود لا سبباً لها. وهذا تكرار للنمط الحلولي الذي نلاحظه في اليهودية: تَوازي الإله والإنسان ثم تفوُّق الإنسان على الإله في الأهمية.

    الشتات السامري أو انتشار السامريين
    Samaritan Diaspora
    يُشار إلى «الشتات السامري» أحياناً بمصطلح «الدياسبورا السامرية». ويتمثل الشتات السامري في واقعة هجرة بعض السامريين من فلسطين وانتشارهم في مدن وبلاد مختلفة واستيطانهم فيها بشكل نهائي ودائم، ثم تأسيس جماعات سامرية مختلفة، وقد تأسست جماعات سامرية في كلٍّ من: سالونيكا وروما وحلب ودمشق وغزة وعسقلان ومصر. وقد بدأ انتشار السامريين من فلسطين مع الفتح اليوناني للمنطقة في عام 323 ق.م.

    الشتات الخزري أو انتشار يهود الخزر
    Khazar Diaspora
    «الشتات الخزري» عبارة تُستخدَم للإشارة إلى شتات أو هجرة سكان إمبراطورية الخزر اليهودية منها بعد سقوطها إلى أماكن متفرقة من أهمها المجر ثم بولندا. وثمة نظرية تذهب إلى أن تَزايُد عدد يهود بولندا ابتداءً من القرن الثاني عشر لا يعود إلى هجرة يهود أوربا إليها أثناء حروب الفرنجة، كما تقول معظم الدراسات التاريخية، وإنما يعود إلى الشتات الخزري واستيطان بقايا يهود الخزر فيها. ولو صَدَقت هذه المقولة، فإن أصل معظم يهود العالم خزري تركي وليس سامياً. وعلى كلٍّ، لم تَعُد هذه نقطة مهمة في الأدبيات الصهيونية، باعتبار أن الصهاينة يؤسسون نظريتهم في الحقوق لا على أساس عرْقي وإنما على أساس إثني وعلى أساس الأمر الواقع، الإرهاب والقوة.

    البلد الذهبي (جولدن مدينا)
    Golden Medina
    «جولدن مدينا» عبارة يديشية تعني «البلد الذهبي»، وكان يستخدمها المهاجرون اليهود من شرق أوربا (يهود اليديشية) للإشارة إلى الولايات المتحدة.

    وبمعنى من المعاني، لا تزال الولايات المتحدة هي « الجولدن مدينا» أو البلد الذهبي التي يتجه إليها يهود العالم، ومنهم الإسرائيليون، بدلاً من أرض الميعاد، وهذا ما حدا بالبعض للإشارة إلىها بأنها الـ «جولدن كاف golden calf»» أي «العجل الذهبي». والجولدن مدينا هي أرض الميعاد العلمانية، التي لا تَعد أحداً بالخلاص الروحي، ولكنها تَعد الجميع بخلاص الجسد من خلال السلع والترف والراحة. ولعل تَصاعُد معدلات العلمنة بين يهود العالم هو الذي يجعلهم يتجهون بهذه الصورة إلى الولايات المتحدة. وقد أثبت المهاجرون السوفييت أن ولاءهم الحقيقي يتجه نحو صهيون العلمانية هذه، وأن دولة إسرائيل إن هي إلا مبيت مؤقت ينتظرون فيه وصول الإشارة على هيئة تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة.

    الدياسـبورا الثانية
    Second Diaspora
    «الدياسبورا الثانية» مصطلح يتواتر في الخطاب الصهيوني للإشارة إلى هجرة اليهود السوفييت إلى الولايات المتحدة بدلاً من إسرائيل، باعتبار أنهم ينتقلون من دياسبورا أولى (الاتحاد السوفيتي) إلى دياسبورا ثانية (الولايات المتحدة). وقد قال أحد المتحدثين الصهاينة إن اليهود السوفييت حوَّلوا الوكالة اليهودية والدولة الصهيونية إلى ما يشبه شركة رحلات سياحية متخصصة في نقل المسافرين اليهود السوفييت من مَنْفَى إلى آخر.

    الخـروج الثـــاني (أو خــروج صهيــون(
    (Second Exodus )or Exodus of Zion
    «الخروج الثاني» مصطلح يُستخدَم للإشارة إلى عدة مدلولات متناقضة. والخروج الأول هو، في العادة، الخروج من مصر إلى أرض كنعان، أي فلسطين. أما مصطلح «الخروج الثاني»، فيُستخدَم للإشارة إلى هجرة الصهاينة من بلادهم واستيطانهم فلسطين، فهو خروج للتحرر من العبودية عن طريق الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وهو يشبه خروج جماعة يسرائيل من مصر تحت قيادة موسى واستيلاءهم على أرض كنعان، بل إن هذا الخروج الثاني يعد أهم من الأول إذ أنه خروج نهائي وأخير.

    ويُستخدَم المصطلح مؤخراً للإشارة إلى نزوح كثير من المستوطنين الصهاينة من إسرائيل، فكأن خروجهم الأول كان من أوطانهم الأصلية أما خروجهم الثاني فهو من المُستوطَن الصهيوني. كما تتحدث الصحف الإسرائيلية عن «خروج صهيون»، أي خروج اليهود من وطنهم القومي.






  3. #3
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الدياسبورا الإسرائيلية
    Israeli Diaspora
    «الدياسبورا الإسرائيلية» عبارة تُستخدَم للإشارة إلى المستوطنين الصهاينةالذين ينزحون عن إسرائيل ويستوطنون خارجها، في الولايات المتحدة عادةً. وهذاالمصطلح ينطوي على تَناقُض عميق. فكلمة «دياسبورا» تشير عادةً إلى اليهودالموجــودين خارج فلسطين برغـم إرادتهم، ولذا فهم «منفـيون». ولكـن أن تكــونالدياسبورا إسرائيلية، أي مجموعة بشرية يهودية كانت تقطن في أرض الميعاد ذاتها، فيظل الكومنولث اليهودي الثالث أي الدولة الصهيونية، وتقرر بكامل إرادتها أن تهاجر (بحثاً عن الرزق والحراك الاجتماعي غالباً)، فهذا أمر صعب، إذ كيف يمكن الحديث عن «دياسبورا» أو عن «مَنْفَى» إذا لم يكن هناك قسر؟ ويمكن أن نقول (لذلك) إن كلمة «دياسبورا» مُستخدَمة هنا بمعناها المحايد أي مجرد الانتشار.

    والواقع أنالدياسبورا الإسرائيلية تتحدى نظامنا التصنيفي، فالمهاجرون الإسرائيليون ليسواصهاينة استيطانيين بطبيعة الحال، إذ أنهـم تخلَّوا عن المشـروع الصهيوني. كما أنهمليـسوا بصهاينة توطينيين، إذ ليس من المُحتَمل أن يقوموا بتشجيع الآخرين علىالاستيطان. ومجرد وجودهم في البلد الذهبي (جولدن مدينا)، أي الولايات المتحدة، يقفدليلاً على عدم جاذبية الدولة الصهيونية. وهم يسببون كثيراً من الحرج ليهودالولايات المتحدة وللصهاينة التوطينيين حين يُطرَح هذا السؤال: هل من الواجب إغاثةهؤلاء اللاجئين باعتبارهم « يهوداً » أم يجب مقاطعتهم باعتبارهم مرتدين أو هابطينتركوا أرض الميعاد ونكصوا على أعقابهم؟

    ويبلغ عدد أعضاء الدياسبوراالإسرائيلية في الولايات المتحدة حوالي 500 ألف حسب التقديرات الرسمية. وحسبالتقديرات غير الرسمية، يبلغ العدد 750 ألفاً، ولكنه يبلغ مليوناً إن حسبنا أبناءالمهاجرين. وقد أشارت إحدى الصحف الإسرائيلية إلى هذه الظاهرة باعتبارها «خروجصهيون». كما ذكرت صحيفة أخرى للإسرائيليين أن عدد سكان الدولة الصهيونية (عندإنشائها في عام 1948) كان لا يتجاوز 700 ألف، أي أقل من عدد المهاجرين منها، وهو مايُفقدها كثيراً من الشرعية.

    انتشـــــار الجماعــــات اليهوديــــة
    Diffusion of the Jewish Communities
    نحاول في هذه الموسوعة أن نستخدمالكلمة المحايدة «انتشار» (وأحياناً «هجرة» أو «تهجير») بدلاً من العبارات الشائعةمثل «المَنْفَى» و«الدياسبورا» و«الشتات» و«المَهْجَر»، فهي جميعاً مصطلحات وعباراتإما مُشتقَّة مباشرةً من المُعجم الديني اليهودي أو متأثرة به، فمقدرتها التفسيريةوالتصنيفية والوصفية ضعيفة.



    البابالسادس: هجرات وانتشار أعضاء الجماعات اليهودية


    هـجرات أعضـــاء الجـماعــات اليهــودية: مقـــدمة
    Migrations of Memebers of Jewish Communities: Introduction
    يُلاحَظ أننا في هذه الموسوعة لا نستخدم مصطلح «الهجرة اليهودية» قدر استطاعتنا وإنما نستخدم بدلاً من ذلك مصطلح «هجرة أعضاء الجماعات اليهودية»، فالمصطلح الأول يعني أن ثمة حركيات مستقلة ذات طابع يهودي هي التي تحكم عملية الهجرة وتدفعها. ونحن نذهب إلى أن أعضاء الجماعات اليهودية المختلفة خاضعون لحركيات جذب وطرد لا تختلف كثيراً عما يخضع له سائر أعضاء المجتمع الذي ينتمون إليه. كما أننا نستخدم مصطلح «انتشار» لنصف ظاهرة هجرة أعضاء الجماعات واستقرارهم في أرجاء المعمورة. ويُلاحَظ أننا نُميِّز بين الاستقرار والاستيطان، فالأول لا ينطوي على أي عنف أو اغتصاب أرض، أما الثاني فهو على عكس ذلك.

    وتذهب التواريخ الصهيونية والمعادية لليهود إلى أن أعضاء الجماعات اليهودية لا يستقرون في وطن واحد، فهم دائمو التنقل والترحال والهجرة (وهذا تعبير عن إحساسهم الأزلي بالنفي ورغبتهم الثابتة في العودة إلى أرض الميعاد!). وتُجرِّد التواريخ الصهيونية هذه السمة وتعتبرها، مثلها مثل سمات أخرى كالهامشية والطفيلية، سمةً مُطلَقة تتصف بها «الهوية اليهودية» وما يُسمَّى «التاريخ اليهودي». ولكننا نرى أنه لا توجد «هوية يهودية» واحدة أو «تاريخ يهودي» وإنما هناك هويات يهودية وتواريخ يهودية (أو تجارب تاريخية) للجماعات اليهودية تختلف باختلاف الزمان والمكان. وإذا درسنا هذه التجارب في سياقها المتعيِّن، فسوف نكتشف أن الهجرة ليست سمة مُطلَقة ولا تنطبق على اليهود أينما وُجدوا. فالجماعة اليهودية في إثيوبيا والمسماة بالفلاشاه مكثت مئات السنين في موطنها لا تتحرك منه ولا تغادره، ولم تهاجر إلا في الثمانينيات حينما قامت الدولة الصهيونية بتهجير أعضائها في ظروف المجاعة في أفريقيا لتحرز انتصاراً مذهبياً أمام يهود العالم، ولتظهر مرة أخرى بمظهر الدولة التي "تنقذ" اليهـود. كما أن يهود بابل ظلوا في موطنهم منذ الألف الأول قبل الميـلاد حتى عام 1951، حينما قام العملاء الصهاينة المتخفون بإلقاء المتفجرات عليهم ليبثوا الرعـب في قلـوبهم ولإيـهامهم بأن حياتهم تحفها المخاطر. أما اليهود الذين هُجِّرو إلى آشور (أسباط يسرائيل العشرة المفـقودة)، فيبـدو أنهـم انصـهروا تمامـاً واختفوا. وفي الوقت الحاضر، فإن خروج يهود الاتحاد السوفيتي هو نتيجة حركيات داخلية خاصة بالمجتمع السوفيتي ولانهيار المنظومات الاشتراكية.

    ومع هذا، توجد جماعات إنسانية تتنقل بشكل دائم وتنتقل من مكان لآخر، ويعود هذا التنقل إلى ظاهرة إنسانية لها آلياتها وحركياتها التاريخية والإنسانية المفهومة.

    وقد قضت القبائل التركية مئات السنين في التجوال، وكان من بينها قبيلة الخزر التي تهوَّد أعضاؤها فيما بعد. ويمكن الإشارة كذلك إلى المغول وحروب الفرنجة، وإلى هجرة قبائل الهون الذين تُمثِّل غزواتهم جزءاً من عمليات التنقل التي تعود إلى أسباب اقتصادية وسكانية وحضارية مختلفة. وفي العصر الحديث، يمكن الإشارة إلى هجرة الأرمن والأيرلنديين ومجموعات بشرية أخرى هاجرت من أوربا إلى الولايات المتحدة وغيرها من البلدان لعدة أسباب مركبة.

    ويُلاحَظ أن كثيراً من أعضاء الجماعات اليهودية يتنقلون ويهاجرون لأنهم أعضاء في جماعات وظيفية، قتالية أو استيطانية أو تجارية. ولهذا السـبب، انتقل بعض الجنود العبرانيين إلى مصـر ليعملوا كمرتزقة، كما وطَّن السلوقيون والرومان اليهود كعنصر استيطاني في بعض أرجاء إمبراطورياتهما. ومع حلول العصور الوسطى في الغرب، خضع أعضاء الجماعات اليهودية لعمليات من الطرد والتهجير والتوطين كجماعة وظيفية وسيطة مرتبطة بحرفتي التجارة والربا. فالجماعة الوسيطة لا جذور لها في المجتمع، تعيش في مسامه، وهي دائماً على استعداد للرحيل لأن المجتمع يبقيها بمقدار نفعها وبمقدار اضطلاعها بوظيفتها. ولذا، فإن أعضاء الجماعة الوسيطة دائمو التنقل، لا يشتغلون بالأعمال الزراعية ولا بالأعمال الإنتاجية التي تتطلب الاستقرار. ومع ظهور طبقات محلية، واضطلاع الدولة القومية الحديثة بدور اليهود، زادت عمليات الطرد وبالتالي التنقل. وصورة «اليهودي التائه»، برغم إيحاءاتها الدينية والعنصرية المختلفة، تضرب بجذورها في عملية التنقل هذه.

    وإذا نظرنا إلى أهم فترتين تَنقَّل فيهما أعضاء الجماعات اليهودية (المرحلة العبرانية ثم المرحلة الحديثة في أوربا من منتصف القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين)، فسنكتشف أن العبرانيين وأعضاء الجماعات اليهودية كانوا يشكلون جزءاً من كلٍّ أكبر. لقد كان العبرانيون جزءاً من جماعات سامية ضخمة تتحرك في الشرق الأدنى القديم، ابتداءً من الألف الثاني قَبْل الميلاد، وتضم الخابيرو والأخلامو والآراميين والهكسوس وغيرهم. ونحن نسمِّي هذه المرحلة المرحلة السامية السديمية لأن معالم الأشياء لم تكن واضحة ولأن القبائل والأقوام المهاجرة المتنقلة كانت متداخلة. كما شهدت مرحلة الإمبراطوريات الكبرى، البابلية والآشورية ثم الفارسية واليونانية والرومانية، بدايات الهجرة التي تعاظمت بالتدريج حتى وصلت ذروتها مع نهاية الألف الأول قبل الميلاد وأصبح عدد اليهود خارج فلسطين أكثر من ضعف عددهم داخلها. ويُلاحَظ أن الهجرة اليهودية تتعاظم داخل إطار الإمبراطوريات التي تُيسِّر لهم حرية الحركة.

    وهجرة يهود شرق أوربا (يهود اليديشية) إلى الولايات المتحدة وكندا وفلسطين وغيرها من الدول الاستيطانية بأعداد هائلة، حتى انتقلت الكتلة البشرية اليهودية إلى الولايات المتحدة وإســرائيل (فلسـطين)، هي بالمثل هجرة تمت داخل إطار إمبراطوري. فقد تمت داخل التشكيل الاستعماري الغربي وتجربته الاستيطانية في أنحاء العالم، تلك التجربة التي بدأت في القرن السابع عشر وزادت حدتها في أوائل القرن التاسع عشر ووصلت ذروتها في أواخره، واستمرت بعد ذلك ثم بدأت تخبو بعد الحرب العالمية الثانية مع تَوقُّف الانفجار السكاني في الغرب. لقد هاجر من سكان أوربا نحو 65 مليوناً خلال قرن ونصف القرن (1800 ـ 1950)، وكان من بينهم الإيطاليون والأيرلنديون والألمان وكثير من سكان شرق أوربا، وكان من بين هؤلاء أعضاء الجماعات اليهودية. وقد هاجر إبان هذه الفترة أربعة ملايين يهودي، أي 6% من جملة المهاجرين، كانوا لا يشكلون سوى 1.5ـ 2% من سكان أوربا، أي أن معدل الهجرة بين اليهود كان أربعة أضعاف معدلها العام. ولكن، في الفترة من عام 1801 إلى عام 1921، هاجر نحو ثمانية ملايين أيرلندي، ولاتزال عملية الهجرة مستمرة من بلد لا يزيد عدد سكانه على ثلاثة ملايين ونصف المليون. وكانت هجرة الأيرلنديين أكثر من هجرة اليهود كما أنها كانت محمومة. وبلغت نسبة اليهود الذين يرجعون إلى بلادهم الأصلية 8%، أما نسبة الأيرلنديين العائدين فكانت لا تزيد على 7%. ويُلاحَظ أن الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة كانت تضم في الأساس عناصر إشكنازية.

    وقد كانت الهجرة اليهودية تأخذ في الماضي شكل التقهقر من المناطق المتقدمة إلى المناطق الأقل تقدماً؛ من الشرق القديم إلى أوربا التي كانت من أكثر مناطق العالم تخلفاً. وفي أوربا نفسها، أخذت الهجرة في العصور الوسطى شكل التحرك من إنجلترا وفرنسا إلى ألمانيا ومنها إلى شرق أوربا أكثر المناطق تخلفاً. وابتداءً من القرن السابع عشر، أخذت الهجرة شكلاً مغايراً وهو الهجرة من الأماكن الأقل تقدماً إلى الأماكن الأكثر تقدماً؛ من شرق أوربا إلى وسطها وإلى إنجلترا والولايات المتحدة. وإذا كان هذا هو نمط الهجرة، فإن الولايات المتحدة تصبح منطقياً نقطة الجذب المُطلَقة، وهذا هو الوضع القائم حتى الوقت الحالي.

    ويُلاحَظ أن العنصر المشترك في كلتا الهجرتين (من البلاد المتقدمة إلى المتخلفة والعكس) هو أن اليهود كانوا عنصراً استيطانياً ريادياً يبحث عن الفرص الجديدة للاستثمار والحراك. وحينما كانت الفرصة موجودة في المناطق المتخلفة، كانت الهجرة تتجه نحوها. ولكن، مع الثورة التجارية، تغيَّر الوضع تماماً وأصبح البحث عن الفرص الاقتصادية يدور في الدول الاستيطانية المتقدمة. ويُلاحَظ أن هجرة اليهود قلما كانت تتجه إلى فلسطين.

    وهنا لابد من التفرقة بين الهجرة والاستعمار الاستيطاني. فالهجرة من بلد إلى آخر تعني قبول أهل البلد الجديد للقادمـين نظراً للحاجة إليهـم، وهي تنتهي باستقرار المهاجر في بلده الجديد. ولكن إذا فَرَض القادمون الجدد أنفسهم عن طريق العنف، فإن من الصعب أن نسمي ذلك «هجرة». والواقع أننا يمكن أن نتحدث عن هجرة الأيرلنديين إلى الولايات المتحدة واستقرارهم فيها بعد أن استوطنها الإنسان الأبيض وأباد سكانها الأصليين، حيث لم تَعُد هناك حاجة إلى العنف من جانب المهاجرين الجدد بعد أن تولى المستوطنون الأوئل هذه المهمة نيابة عنهم. أما في جنوب أفريقيا (حتى وقت قريب) وفي فلسطين، فإن الوضع جدُّ مختلف، ذلك أن السكان الأصليين لا يزالون مستمرين في المقاومة، وهو ما يجعل العنف ضدهم ضرورياً. وعلى هذا، فيمكن الحديث عن استيطان الهولنديين في جنوب أفريقيا والصهاينة في فلسطين، أو عن هجرتهم للاستيطان أو هجرتهم الاستيطانية.

    ويُلاحَظ أن كثيراً من المهاجرين اليهود تم توطينهم في أمريكا اللاتينية، بل وفي روسيا السوفيتية، بمعرفة مؤسسات يهودية توطينية كوَّنها يهود العالم الغربي لتحويل تيار الهجرة عن بلادهم للحفاظ على وضعهم الطبقي ومكانتهم الاجتماعية. ولذا، فنحن نفرِّق بين «الاستيطان» و«التوطين». ويستطيع القارئ أن يعود إلى مداخل الباب المعنون «الصهيونية التوطينية» والباب المعنون «المؤسسات التوطينية».







  4. #4
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الاســتقرار
    Settlement
    «الاستقرار» هو أن يهاجر شخص من بلده نتيجة ظروف موضوعية (عوامل طَرْد في الوطن الأصلي) أو ذاتية (رغبة في الحراك الاجتماعي) فيحمل متاعه ويذهب إلى بلد آخر يوافق على هجرته أو يرحب به. ويتم ذلك عادةً في إطار قانوني. ومن ثم، فإن هجرة أعضاء الجماعات اليهودية من أوربا إلى الولايات المتحدة هي عملية استقرار في الوطن الجديد. و«الاستقرار»، بطبيعة الحال، غير «الاستيطان». وفي اللغة الإنجليزية لا يُوجَد سوى كلمة واحدة هي «ستلمنت settlement» للتعبير عن المعنيين المختلفين.

    هجرات أعضاء الجماعات اليهودية حتى بداية العصر الحديث
    Migrations of Memebers of Jewish Communities up to the Beginning of Modern Times
    ينتقل بعض أعضاء الجماعات اليهودية من وطن إلى آخر بحثاً عن الرزق ولتحسين المستوى المعيشي بصفة عامة، أو لأسباب أخرى مثل التهجير والطرد أو الاضطهاد أحياناً. وإن قبلنا الرأي القائل بأن الخابيرو الذين ورد اسمهم في لوحات تل العمارنة هم العبرانيون، فإن أول إشارة إليهم كانت باعتبارهم شعباً متجولاً. وقد اتسمت حياة العبرانيين في عصر الآباء ( منذ عام 2000 ق.م) بالتنقل البدوي من بلد إلى آخر وبالبقاء على حواف المدن أو على طُرُق التجارة. وفي هذه المرحلة، استوطنت بعض العناصر العبرانية أرض كنعان وفي مصر دون أن تضرب جذوراً في أي منهما. وقد خرج العبرانيون من مصر أو هاجروا منها (عام 1645 ق.م) ليبدأوا فترة أخرى من التجوال في سيناء انتهت بالتغلغل العبراني في كنعان (عام 1189 ق.م) الذي أعقبته فترة من الاستقرار النسبي بعد قيام اتحاد القبائل العبرانية في شكل المملكة العبرانية المتحدة ثم المملكتين العبرانيتين: المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية. وقد انتهت هذه المرحلة بالتهجير الآشـوري ثم التهجير البابلـي.

    وبعد هذه المرحلة، ينتهي التهجير ليبدأ اليهود في الانتشار في بقاع الأرض بوصفهم جماعات يهودية لا يربطها رابط سوى الانتماء إلى العقيدة الدينية الإثنية نفسها. وتبدأ هذه المرحلة حين فضلت أعداد كبيرة من اليهود الاستمرار في بابل مُكوِّنةً بذلك نواة أول جماعة يهودية تستقر خارج فلسطين بعد مرحلة التهجير البابلي. ومن الممكن أيضاً الإشارة إلي الجماعة الصغيرة في جزيرة إلفنتاين التي كانت تشكل حامية عسكرية تحمي حدود مصر الجنوبية.

    ثم قامت الإمبراطورية اليونانية بفرض هيمنتها على أجزاء كبيرة من البحر الأبيض والشرق الأدنى القديم (332 ق.م)، وهو ما يسَّر عملية انتقال اليهود وانتشارهم، فاستقرت أعداد كبيرة منهم (كجماعات وظيفية استيطانية وقتالية ومالية) في مصر، وفي الإسكندرية على وجه الخصوص. كما استقروا في برقة وقبرص وآسيا الصغرى. وقد بدأ الانتشار في أوربا الغربية في تلك المرحلة أيضاً.

    وحين قضى الرومان على فلسطين كإحدى نقاط تَجمُّع الجماعات اليهودية وأحد مراكزها، وحتى حين هدم تيتوس الهيكل (عام 70م)، لم يؤثر ذلك كثيراً في حركة تَدفُّق اليهود أو على شكلها، إذ أنها بدأت على أية حال قبل ذلك التاريخ، حيث استمر تَدفُّق اليهود خارج فلسطين وإلى مختلف البلدان، خصوصاً إلى أوربا وحوض البحر الأبيض المتوسط. ويُقال إن هجرة اليهود إلى الجزيرة العربية تعود إلى هذه الفترة أو بعدها، وقد تم طَرْد اليهود منها مع ظهور الإسلام، ولكن يبدو أن أعداداً كبيرة لم تغادرها. كما أن الجماعة اليهودية في اليمن لم تتأثر بقرار الطرد، فقد بقيت أعداد منها واستمر وجودها حتى العصر الحديث. وفي أوائل القرن العشرين، قام المستوطنون الصهاينة بتوطين عدد من يهود اليمن في فلسطين لسد حاجتهم إلى العمالة، ثم هاجرت أغلبيتهم في عام 1948 إلى فلسطين، ولا تزال توجد بقايا من هذه الأقلية في صعدا وغيرها من المناطق.

    وقد شهدت بداية العصور الوسطى في الغرب (القرن الرابع الميلادي) شيئاً من الاستقرار النسبي بالنسبة إلى الجماعات اليهودية في الغرب المسيحي ثم في الشرق الإسلامي بسبب استقرار الأحوال السياسية والاقتصادية فيها. وبدأ نمط الهجرة في هذه الفترة يتضح، أي الهجرة من البلاد المتقدمة إلى البلاد المتخلفة؛ وقد كانت أوربا من أكثر المناطق تخلفاً في العالم آنذاك. وكانت توجد ثلاثة خطوط أساسية للهجرة إلى أوربا: من فلسطين إلى جنوب إيطاليا ومنها عَبْر جبال الألب إلى فرنسا وألمانيا، ومن الإمبراطورية الرومانية الشرقية (بيزنطة) عَبْر وادي الدانوب إلى وسط أوربا، ومن العراق ومصر عَبْر المغرب إلى إسبانيا. وهكذا انتقلت الكثافة السكانية اليهودية (بين عامي 500 ق.م 1000م) من الشرق الأوسط إلى أوربا.

    ورغم أن نمط الهجرة إلى البلاد الأكثر تخلفاً هو النمط السائد، إلا أنه ليس النمط الوحيد، فمع تدهور الخلافة العباسية في القرن العاشر، هاجرت كذلك أعداد من اليهود المقيمين في العراق إلى الهند والصين. ولذا، قد يكون من الأفضل أن نقول إن هجرة أعضاء الجماعات اليهودية تتجه حيث توجد فرص أكبر لممارسة نشاطهم الاقتصادي، وأحياناً ما تتيح البلاد المتخلفة هذه الفرصة لهم أكثر من البلاد المتقدمة، خصوصاً حين تبدأ هذه البلاد في التآكل والانهيار ويصبح عدم الاستقرار سمة أساسية فيها.

    ومع إرهاصات التحول التجاري الرأسمالي في المجتمع الغربي في القرن الحادي عشر، ومع ظهور طبقات من التجار والمموِّلين المسيحيين، تم طَرْد اليهود من إنجلترا في عام 1290 (ويُقال إن عددهم كان لا يتجاوز أربعة آلاف)، كما طُردوا من فرنسا عامي 1306 و1394، فاستقروا في بادئ الأمر في ألمانيا وإيطاليا وشبه جزيرة أيبريا، ولكنهم طُردوا أيضـاً من إســبانيا في عام 1492 ثم من البرتغال، فهاجروا أساساً إلى شمال أفريقيا وإلى إيطاليا وصقلية. كما هاجرت أعداد كبيرة (نصفهم كما يُقال) إلى الإمبراطورية العثمانية التي كانت تشجع اليهود على الهجرة إليها لتنشيط التجارة. ولقد تدخلت الدول الغربية لمنع هجرة اليهود منها خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار النظام المصرفي والمالي والتجاري، الذي كان اليهود يلعبون فيه دوراً أساسياً. وقد شهدت هذه الفترة سقوط مملكة الخزر اليهودية في القرن العاشر حيث هاجر سكانها إلى المجر ثم إلى بولندا.

    ومع أواخر العصور الوسطى، بدأت الإمارات الألمانية في طرد أعضاء الجماعات اليهودية. وقد ساهمت حملات الفرنجة، وهي تعبير عن إرهاصات التحول التجاري الرأسمالي، في اجتثاث جذور أعضاء الجماعات في وادي الراين وغيره من المناطق، فهاجرت أعداد كبيرة منهم إلى بولندا. ومعنى هذا، أن هجرة أعضاء الجماعات اليهودية مع نهايات العصور الوسطى (ابتداءً من القرن الرابع عشر) تأخذ مرة أخرى شكل هجرة من البلاد المتقدمة إلى البلاد المتخلفة نسبياً؛ من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا إلى ألمانيا ومنها إلى بولندا، أي أنها هجرة إلى الماضي. وكان شرق أوربا هو الجهة الأخيرة تقريباً بالنسبة إلى أعضاء الجماعات اليهودية الذين كانوا يُطردون من البلاد المتقدمة نتيجة ظهور طبقات تجار محليين مسيحيين، إذ لم تَعُد هناك جيوب متخلفة أخرى يستطيع اليهود التقهقر إليها في الغرب.

    وتجب الإشارة إلى أن الهجرة كانت تتم في هذه المرحلة بالتدريج وببطء شديد نتيجة عدم وجود وسائل مواصلات سريعة وطرق ميسرة كما هو الحال في العصر الحديث. وكثيراً ما كان اليهود المحليون يتصدون لليهود الوافدين لأنهم يشكلون خطورة اقتصادية عليهم، فكانوا يمارسون حق حظر الاستيطان، كما كان يهـود البـلاط يمنعون هجـرة أي يهـودي إلى المنطقـة التي يتولون قيادتها.







  5. #5
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    هجرات أعضاء الجماعات اليهودية في العصرالحديث
    Migrations of Memebers of Jewish Communities in Modern Times


    تغيَّر اتجاه هجرة أعضاء الجماعات اليهودية مع بداية عصر النهضة في أوربالثلاثة أسباب أساسية:

    1
    ـ شهد عصر النهضة بدايات الانقلاب التجاريالرأسمالي الحقيقية بما تبعه من اكتشافات جغرافية ومشاريع استعمارية غربية: إسبانيةوبرتغالية ثم هولندية وإنجليزية. وكانت إسبانيا والبرتغال قد طردتا اليهود منأراضيهما، أما هولندا وإنجلترا فقد فتحتا أبوابهما لهجرة اليهود نظراً لحاجتهما إلىأيد عاملة ورؤوس أموال وخبرات تجارية، ثم تبعتهما فرنسا. وأدَّى هذا الوضع إلىتَدفُّق المهاجرين اليهود إلى هذه البلاد وإلى مستعمراتها فيما بعد.

    2
    ـكانت الدولة العثمانية قد بدأت تدخل مرحلة الجمود التي أدَّت إلى سـقوطها في نهايةالأمر، ولم تَعُـد قادرة على اســتيعاب المزيد من اليهـود.

    3
    ـ وفي تلكالمرحلة، كان معظم يهود أوربا مُركَّزين في بولندا التي شهدت ثورة الزعيم الشعبيالأوكراني بوجدان شميلنكي عام 1648 والذي قـاد ثورة الفـلاحين الأوكرانيين ضدالاحتلال البولندي، وضد النبلاء البولنديين (شلاختا) المستفيدين من هذا الاحتلال،وضد عمال النبلاء وممثليهم من يهود الأرندا الذين كانوا يقومون بجمع الضرائب وتوقيعالعقوبات على الفلاحين. وقد هزت هذه الثورة جذور الدولة البولندية على وجه الخصوص،ثم تبع ذلك غزو السويد وروسيا لها.

    وقد أدَّى تَزامُن هذه الأحداث (طرداليهود السفارد من شبه جزيرة أيبريا، ثم اهتزاز الأساس الاقتصادي والسياسي لليهودالإشكناز في بولندا مع فَتْح أبواب الهجرة إلى أوربا الغربية، ودخول الدولةالعثمانية في طور الجمود)، إلى تغيير مسار هجرة أعضاء الجماعات اليهودية في أورباوظهور النمط الحديث، أي هجرة اليهود من البلاد المتخلفة في شرق أوربا إلى البلادالمتقدمة في وسطها وغربها وإلى العالم الجديد. والهجرة اليهودية في العصر الحديث هيأساساً جزء من حركة الاستعمار الاستيطاني التي بدأت في القرن السادس عشر، خصوصاًالتشكيل الأنجلو ساكسوني (بعد بداية قصيرة مع الاستعمار الإسباني ثم الهولندي). وماالهجرة الصهيونية إلا تعبير عن هذا النمط العام. ومع هذا، ظلت الولايات المتحدة هينقطة الجاذبية الأساسية للهجرة اليهودية من البداية حتى الوقت الراهن، للأسبابالتالية:

    1
    ـ تشكل الولايات المتحدة أهم وأنجح تجربة استيطانية غربية. وقداجتذبت ثم استوعبت أعداداً كبيرة من المهاجرين من أوربا بلغت أكثر من 80%

    2
    ـ الولايات المتحدة دولة علمانية لم تعرف أية تقاليد أو حتى أية رموز دينية إلالفترة وجيزة للغاية من تاريخها، كما أنها نجحت في إقامة مؤسسات علمانية لاستيعابوصَهْر المهاجرين و«أمركتهم» وأتاحت لهم فرصة الانتماء الثقافي الكامل لوطنهمالجديد الأمر الذي زاد من جاذبيتها، وذلك على عكس أمريكا اللاتينية التي احتفظتبكاثوليكيتها وبالتالي استبعدت البروتستانت واليهود.

    3
    ـ كان اليهود يشكلونجماعة وظيفية مالية تعمل بالتجارة والمال، وبالتالي لم تكن بينهم أعداد كبيرة منالعمال أو الفلاحين. والمجتمع الأمريكي هو مجتمع الاقتصاد الحر الذي يشكل القطاعالتجاري والمالي أكبر قطاعاته، والذي سادت فيه القيم التجارية الموضوعية. ومن ثمفهو مجتمع ذو جاذبية خاصة بالنسبة إلى المهاجر اليهودي.

    وقد تنبأ المؤرخالروسي اليهودي دبنوف بأن مسار الهجرة اليهودية سيكون إلى الولايات المتحدة، وطالببأن يتم تقنين العملية وتنظيمها.

    ويمكن القول بقدر من التبسيط غير المخلبأن هجرة أعضاء الجماعات اليهودية تدور حول قطبين أساسيين هما: شرق أوربا (روسيا/بولندا) كقوة طاردة ومصدر للمادة البشرية، والولايات المتحدة كقوة جاذبة. وقد كان النمط الأساسي القديم للهجرة اليهودية هو تَحرُّك أعضاء الجماعات داخل أُطرالإمبراطوريات الكبرى (الفارسية أو الرومانية أو الإسلامية)، أما في القرن العشرينفقد كانت هناك إمبراطوريتان أو قوتان عظميان تحددان من خلال سياستهما حركة هجرةأعضاء الجماعة اليهودية، وقد تَطوَّر الأمر بعض الشيء بعد ذلك في منتصف القرنالعشرين.

    ولكن هناك مصادر أخرى ثانوية طاردة للمادة البشرية مثل أورباالشرقية أو أمريكا اللاتينية أو جنوب أفريقيا أو بقايا يهود الشرق والعالمالإسلامي. كما أن هناك مناطق جذب ثانوية أخرى مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا وبعضبلاد أوربا. إلا أن النمط الأساسي الذي أشرنا إليه ظل سائداً. وتمثل إسرائيل نقطةمُبهَمة، فهي مصدر طَرْد حيث يبلغ عدد النازحين منها بين 700 ألف ومليون، كما أنهامصدر جذب ليهود البلاد العربية والشرق حيث إنها تحقق حراكاً اجتماعياً. كما تمثلمحطة انتقال لهؤلاء اليهود الذين لا يمكنهم الوصول إلى الولايات المتحدة مباشرةً أوأولئك الذين لا توجد عندهم الكفاءات المطلوبة للعمل فيها.

    ويمكن تقسيمهجرات أعضاء الجماعات اليهودية في العصر الحديث إلى المراحل التالية:

    أ)المرحلة الأولى: ابتداءً من القرن السادس عشر حتى بداية القرن التاسع عشر.

    وهي مرحلة البدايات الأولى للثورة التجارية الرأسمالية الصناعية في أوربا. وهي الفترة التي شهدت توطين السفارد من يهود المارانو في هولندا وفرنسا وإنجلترا،كما شهدت بدايات الهجرة الاستيطانية اليهودية إلى العالم الجديد. وكانت الهجرة تتبعالنمط التالي: تهاجر مجموعة صغيرة من السفارد (عادةً من كبار المموِّلين وعائلاتهم) يلحق بهم أعداد ضخمة من الإشكناز، كما حدث في أمستردام بعد استقلالها عن إسبانيا،وكما حدث في إنجلترا وفرنسا وبعض مدن ألمانيا. وقد زاد عدد أعضاء الجماعة اليهوديةفي أمستردام من 200 سفاردي عام 1690 إلى 2400 سفاردي و21 ألف إشكنازي عام 1795. أمالندن، فقد كان يوجد فيها عام 1695 نحو 458 سفاردياً و203 من الإشكناز. ومع حلول عام 1720، زاد عدد الإشكناز عن عدد السفارد. وفي عام 1800، كان يوجد ألفا سفاردي وحسببين العشرين ألف يهودي. ولم يستوطن فلسطين أي عدد يذكر من اليهود في تلكالمرحلة.


    ب) المرحلة الثانية: من القرن التاسع عشر حتى عام 1880.

    وهي المرحلة التي وقعت فيها الحروب النابليونية والاضطرابات السياسية التيأعقبتها، الأمر الذي تَسبَّب في هجرة بعض الجماعات اليهودية من ألمانيا وبوهيمياوالنمسا إلى فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة وأستراليا وغيرها. ولم يزد عددالمهاجرين اليهود إلى خارج القارة الأوربية على 200.000. ويمكن تفسير ذلك بعدةأسباب، من بينها أن الانفجار السكاني الذي حدث بين يهود اليديشية في شرق أوربا،والذي أدَّى إلى تَزايُد أعدادهم بين عامي 1800 و1933 بنحو ستة أضعاف، لم يكن قدظهر أثره بعد، كما أنه وصل إلى ذروته بعد عام 1880. وفضلاً عن ذلك، كان معظم يهودالعالم مُركَّزين في شرق أوربا وروسيا وبولندا التي كان قد تم ضمها إلى روسيا. ولمتكن معدلات العلمنة والتحديث قد ازدادت بينهم بعد، الأمر الذي كان يعني أنهم لايزالون جماعة متماسكة تَصعُب الحركة على أعضائها، كما كان كثير من اليهود لا يزالونيلعبون دورهم الاقتصادي التقليدي كجماعة وظيفية. وحتى عندما تزايدت عمليات التحديثوالعلمنة في روسيا، وتركت تلك العملية أثرها على الجماعة اليهودية التي بدأت تفقدشيئاً من تماسكها وبدأ يختفي كثير من مؤسساتها التقليدية التي تربط بين الفردوالجماعة مثل الأسرة والدين، فإن هذا لم يتسبب في أية هجرة خارج أوربا إذ لم تكنمحاولات التحديث في الإمبراطورية الروسية قد كابدت من التعثر بعد، وكان الاقتصادالروسي قادراً على استيعاب اليهود الذين كانوا يتزايدون ويتركون قراهم وأماكنإقامتهم الأصلية. ولذا، فقد كانت هجرة اليهود داخلية؛ من المناطق الكثيفة سكانياًفي منطقة الاستيطان إلى روسيا الجديدة على شواطئ البحر الأسود. كما هاجرت أعدادصغيرة إلى بعض الدول الأوربية والولايات المتحدة.

    وشهدت هذه المرحلة هجرةيهود المناطق البولندية التي ضمتها ألمانيا (1772 ـ 1815). وفي بروسيا بالذات، كانيوجد عام 1837 نحو 145.364 يهودياً 70% منهم (حوالي 101.152) كانوا في المناطقالبولندية، أي أن أغلبية يهود بروسيا كانوا مُركَّزين هناك. ولكن، مع عام 1871،تَناقُص عددهم عن طريق الهجرة إلى ألمانيا ذاتها، وأصبحت نسبة اليهود في المناطقالبولندية 31.8% ثم انخفضت عام 1890 إلى 24.8% وإلى 17.4% عام 1910. وقد اتجه هؤلاءاليهود إلى برلين التي ارتفع عدد اليهود فيها من 47.489عام 1871 إلى 181.141عام 1925. وقد ساهم هذا الارتفاع في تغذية الدعاية العنصرية النازية بشأن تَكاثُراليهود والخطر اليهودي ومحاولة سيطرة اليهود على كل شيء.

    جـ) المرحلةالثالثة: من عام 1881 حتى عام 1939.

    وهي مرحلة الهجرة الكبرى اليهودية وغيراليهودية، والتي بدأت عام 1881 مع تَعثُّر التحديث في روسيا وتَزايُد العنصرية فيكل أوربا، وانتهت عام 1939 بصدور قوانين عام 1924 التي حدَّت من هجرة يهود شرقأوربا، ثم بالكساد الاقتصادي وإغلاق أبواب الهجرة من روسيا تماماً.
    ووفقاًلإحصاءات الموسوعة اليهودية ، بلغ عدد المهاجرين في هذه الفترة أربعة ملايين، فيحين يذهب آرثر روبين إلى أن العدد أكبر من ذلك، فهو يرى أن الفترة من عام 1881 إلىعام 1930 هاجر خلالها نحو 3.975.000. فإذا أضفنا إلى ذلك، وفقاً لليستشنكي، الرقـم 507.845 وهـو عدد الذين هـاجروا من عام 1931 إلى عام 1939، فإن العدد الكلي يصبح 4.482.845. ويجب أن نضيف إلى هذه الهجرة حركة اليهود داخل الإمبراطوريات العظمى فيأوربا، الأمر الذي قد يصل بالعدد إلى خمسة ملايين. وقد أخذت الحركة داخلالإمبراطورية النمساوية اتجاهها من الشرق (جاليشيا وبكوفينا وبوزنان) إلى الغرب،وحدث الشيء نفسه في ألمانيا. أما في روسيا، فقد اتجهت الهجرة نحو الجنوب، إلىأوديسا ومناطق البحر الأسود. وكان عدد اليهود الذين انتقلوا في هذه الفترة من بلدأوربي إلى آخر هو 350 ألفــاً، ويرى روبين أنهم 490 ألفاً.

    كما شارك اليهودفي حركة الهجرة من القرية إلى المدينة، فزاد عدد يهود فيينا (بلدة تيودور هرتزلمؤسِّس الحركة الصهيونية)، على سـبيل المثال، من سـتة آلاف في عـام 1857 إلى 99ألفاً في عام 1890، وإلى 175 ألفاً عام 1910، وهي زيادة تمت أساساً عن طريق الهجرةحيث إن معدلات الزيادة الطبيعية كانت آخذة آنذاك في التناقص.

    وربما يكونالدافع الأكبر وراء الهجرة في هذه الفترة هو تَعثُّر محاولات التحديث في روسيا ثمتَوقُّفها تقريباً، وهو ما انعكس في شكل الاضطهاد الروسـي القيصري ضــد جميعالأقليات في الإمبراطورية. ولذلك هاجرت أعداد كبيرة من يهود الإمبراطورية الروسيةإلى خارجها بحثاً عن مجالات جديدة للحراك الاجتماعي، وللحصول على الحقوق المدنيةوالسياسية. وكانت الأغلبية العظمى من المهاجرين اليهود من بين يهود اليديشية، ويهودروسيا على وجه الخصوص، حيث كانوا يشكلون ما بين 70% و80% من جملة يهود العالم، وقدكان عددهم نحو عشرة ملايين، وهو ما يعني أن نصفهم تقريباً، أي واحد من كل اثنين،كان في حالة حركة وهجرة وانتقال في الربع الأخير من القرن التاسع عشر والربع الأولمن القرن العشرين. وهذه نسبة عالية للغاية ولا شك في أنها أسهمت في تفتيت كثير منالمؤسسات والروابط والأواصر. ومع أن نسبة الهجرة بين يهود اليديشية كانت أعلى مننسبتها بين الإيطاليين، فإنها كانت أقل من نسبتها بين الأيرلنديين. وقد كان عددالأيرلنديين عام 1830 ثمانية ملايين يشكلون نصف سكان إنجلترا، وقد هاجر منهم أربعةملايين بين عامي 1830 و1900.

    وهاجر معظم اليهود في الفترة من عام 1881 إلىعام 1914، خصوصاً الأربعة عشر عاماً الأخيرة منها. وتذكر الموسوعة اليهودية أن عددالمهاجرين بلغ 2.750.000. فإذا أنقصنا من هذا العدد حوالي 250 ألفاً هاجروا داخلأوربا، وذلك على اعتبار أن عدد المهاجرين في الفترة من 1881 حتى 1935 هو حوالي 490ألفاً، يكون عدد المهاجرين إلى خارج القارة هو 2.550.000 بمعدل هجرة سنوية تصل إلى 135 ألفاً. وتُعَدُّ سنة الذروة هي 1905ـ 1906 حيث هاجر ما بين 200 و250 ألفاً فيذلك العام وحده. لكن الهجرة توقفت أثناء الحرب. وعند استئنافها عام 1907، تَدفَّقالسيل مرة أخرى إذ هاجر في ذلك العام وحده 141 ألفاً. ثم صدر أول قانون لتحديدالهجرة في العام التالي، الأمر الذي أدَّى إلى تغيير الصورة.
    وإذا كانتروسيا نقطة الطرد الكبرى، فقد كانت الولايات المتحدة نقطة الجذب الكبرى في أواخرالقرن التاسع عشر، وهي الفترة التي أحرزت فيها الرأسمالية الأمريكية تَقدُّمهاالضخم بعد أن هزمت الجنوب وفتحت أسواقه. وفي هذه الفترة، بدأت الرأسمالية الأمريكيةتجربتها الإمبريالية في أمريكا اللاتينية والفلبين حيث كانت في حاجة ماسة إلىالأيدي العاملة التي لم يكن من الممكن تجنيدها من خلال الزيادة الطبيعية. وقداستوعبت الولايات المتحدة نحو 85% من المهاجرين اليهود بل واستوعبت النسبة نفسهاتقريباً من جملة المهاجرين في العالم. ولا توجد سجلات بأعداد المهاجرين اليهود إلىالولايات المتحدة إلا ابتداءً من عام 1899.
    وقد هاجر من روسيا في خلالستة عشر عاماً (1899 - 1924) نحو مليون ونصف المليون يهودي. وفيما يلي جدول بأعداداليهود الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة من روسيا وغيرها في الفترة من عام 1899إلى عام 1914:
    37415 -1899)
    مهاجر ) ( 1900 - 60764 مهاجر ) ( 1901 - 85098مهاجر(
    57688- 1902)
    مهاجر ) ( 1903 - 76203 مهاجر ) ( 1904 - 106236 مهاجر( 1299001905)مهاجر ) ( 1906 - 153748 مهاجر ) ( 1907 - 149182 مهاجر(
    103387-1908)
    مهاجر ) ( 1909 - 57551 مهاجر ) ( 1910 - 84260مهاجر(
    91223-1911)
    مهاجر ) ( 1912 - 80595 مهاجر ) ( 1913 - 101330 مهاجر(
    138051- 1914)
    مهاجر(

    ليكون إجمالي عدد المهاجرين هو 1.512.631.

    ويُعَدُّ عام 1906 عام الذروة بالنسبة إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة. ويبلغ متوسط عددالمهاجرين سنوياً 93 ألفاً، وقد استقر كل هؤلاء المهاجرين في الولايات المتحدة بشكلدائم، ولم يهاجر منهم سوى نسبة ضئيلة تبلغ 8% مقابل 30.76% من بقية الجماعاتالمهاجرة، وكانت نسبة الأيرلنديين العائدين أقل إذ كانت لا تزيد على 7%. وكانالمهاجر اليهودي يصل إلى الولايات المتحدة ولديه النية في الاستقرار الدائم، وليسادخار بعض الأموال ثم العودة إلى الوطن الأم، ومن ثم فقد كان يُحضر معه أسرته. وكانت نسبة النساء والأطفال بينهم عالية، فكان نحو 44% من جملة المهاجرين اليهود منالإناث مقابل 31.7% بالنسبة إلى الجماعات المهاجرة الأخرى. وكان 24% من المهاجريناليهود أطفالاً تحت سن الثالثة عشرة، أما في الجماعات الأخرى فكانت النسبة 12.4%. وكان يوجد بين المهاجرين اليهود نسبة عالية من العمال الصناعيين تصل إلى 66% منالأجراء، على عكس الإيطاليين والأيرلنديين الذين كانوا من أصول فلاحية. وبحسبإحصاءات الهجرة الأمريكية (1899 - 1914)، كان المهاجرون اليهود يشكلون 31% من جملةالعمال الصناعيين، وكانوا يشكلون أحياناً الأغلبية المطلقة في بعض الفروع مثل صناعةالملابس. وكان عدد العمال الزراعيين بين اليهود هو 2.6% مقابل 28.1% بالنسبة إلىجملة المهاجرين. وكان عدد العاملين في صناعة الملابس 39.6% وفي الصناعات الأخرى 26% (أي 65.6% من الأجراء) مقابل 17.8% بين غير اليهود. كما أن 9.2% من المهاجريناليهود كانوا يعملون في التجارة والنقل مقابل 6.7% من جملة المهاجرين. وقد ساهم ذلكفي سرعة اندماجهم في المجتمع وتحقيقهم حراكاً اجتماعياً أعلى مما حققته كثير منجماعات المهاجرين الأخرى. وهذا هو الذي ساهم في نهاية الأمر في «أمركتهم» الكاملـةوفي تَركُّزهم فـي صناعـات بعينها دون غيرهـا. وكان التركيب الإثني للمهاجريناليهود خلال الفترة بين عامي 1899 و1914 كما يلي حسب بلد الأصل:
    (
    روسيا - 71.7% ) (الامبراطورية النمساوية و المجرية - 16.2% ) ( رومانيا 4.2% ) ( بريطانياالعظمى 4% ) ( كندا 1.2% ) ( المانيا 0.7% ) ( بلاد اخرى 2.0(%

    ولكن معظماليهود الذين جاءوا من خارج روسيا هم من يهود اليديشية أيضاً. وقد توقفت الهجرةأثناء الحرب العالمية الأولى، ولكن أبوابها فُتحت مرة أخرى عام 1914. وكان عددالمهاجرين في البداية ضئيلاً ثم أخذ في الازدياد إلى أن وصل إلى الذروة في عام 1921ثم انخفض في أعوام 1922 و1923 و1924 بسبب نظام النصاب. وفيما يلي بيان بأعدادالمهاجرين:
    1915 - 26.497)
    مهاجر ) ( 1916 - 15108 مهاجر ) ( 1917- 17342مهاجر(
    1918 – 3762)
    مهاجر ) ( 1919 - 3055 مهاجر ) ( 1920 - 14292 مهاجر(
    1921 – 119036)
    مهاجر ) ( 1922 - 53524 مهاجر ) ( 1923 - 49719 مهاجر(
    1924 – 49989)
    مهاجر(

    ليكون إجمالي عدد المهاجرين هو 352.324.

    ولناأن نُلاحظ أن هذه الفترة الثانية هي فترة ظهور الصهيونية ونشاطها أيضاً. ولابد أنندرك أن حركة أعضاء الجماعات اليهودية الضخمة كانت مصدر قلق الدول الغربية، لخوفهاعلى أمنها الداخلي، وليهود الغرب المندمجين الذين كان وصول يهود الشرق يهدد مكانتهمالاجتماعية.

    ويَنبُع تأييد الدول الغربية وأثرياء اليهود المندمجينللمشروع الصهيوني من مخاوفهم هذه. ومن هنا كان تَبنِّيهم لما نسميه «الصهيونيةالتوطنية». ويمكن أن نضرب مثلاً على ذلك بإنجلترا التي اتجه إليها نحو 210 آلاف منالمهاجرين اليهود في الفترة من عام 1881 إلى عام 1935. وقد كان لوصولهم أثره فيإثارة قلق السلطات البريطانية. وظهرت المحاولات الرامية إلى تحويل تيار الهجرةاليهودية بعيداً عن إنجلترا ابتداءً بمشروع شرق أفريقيا لإنشاء دولة صهيونية هناك،مروراً بقانون الأجانب عام 1906 للحد من دخول اليهود إلى إنجلترا (وهو المشروع الذيكان بلفور من أكبر المدافعين عنه)، وانتهاءً بوعد بلفور الذي حوَّل فلسطين إلى أرضيُلقَى فيها الفائض البشري اليهودي، كما كان يُطلَق على المهاجرين اليهود آنذاك.

    ولم يتجه إلى ألمانيا في الفترة نفسها سوى مائة ألف يهودي، ولكن هذا لايتضمن اليهود الذين هاجروا من المقاطعات البولندية وهم من يهود اليديشية غيرالمندمجين. وبالتالي، قام النازيون بالدعاية ضد اليهود وببث السموم عن خطر التكاثراليهودي والهيمنة اليهودية في وقت كانت فيه أعداد اليهود آخذة في التناقص الفعلي. وإذا كان بلفور قد حل المسألة اليهودية في إنجلترا بالتخلص من اليهود عن طريقإرسالهم إلى فلسطين، فإن هذا الحل لم يكن متاحاً لهتلر لعدم وجود مستعمرات لدىألمانيا، ولهذا تَخلَّص منهم بإبادتهم.

    ونُلاحظ أن عدد المهاجرين إلىفلسطين كان في بداية الفترة 1.806، وبلغ 8.175 عام 1923، أي بعد فتح أبواب الهجرةوإنشاء المؤسسات الصهيونية الاستيطانية، ثم قفز العدد إلى 13.892عام 1924. وشهدتالفترة من عام 1925 إلى عام 1933 احتدام الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية،وهو ما أدَّى إلى خوف كثير من الدول من الأيـدي العاملة المهاجرة لأنها قـد تؤديإلى تفاقم ظروف البطالة فيهـا، فأخذت الدول تغلق أبواب الهجرة وتسمح بدخولالمهاجرين بالقدر الذي تسمح به مقدرتها الاستيعابية، ومن هذه البلاد كنداوالأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا وأستراليا. وقد أدَّى تَصاعُد المقاومة العربيةفي فلسطين إلى الحد من الهجرة الاستيطانية، ولكن فلسطين ظلت مع هذا مفتوحة الأبوابأمام الهجرة. ولعل أكبر مَثَل على محاولة الدول الغربية الحد من الهجرة الأجنبية هوالولايات المتحدة التي أصدرت أولاً قانون النصاب في عام 1923 وأعقبته بقانون جونسونفي عام 1924، حيث لم يكن يُسمَح ـ بحسب هذا القانون ـ إلا بهجرة ما يساوي نسبة 2% من عدد أعضاء كل جماعة قومية تعيش في الولايات المتحدة وفق إحصاء عام 1890. وقدعُرِّفت المجموعة القومية بنسبتها إلى البلد الأم وليس بنسبتها إلى الانتماء الدينيأو الإثني. وكان العدد المسموح له بالهجرة من شرق أوربا وروسيا هو 10.341 مقابل نحو 50 ألفاً عام 1924 و153.748عام 1906. وكانت أعداد المهاجرين في تلك الفترة كما يلي:

    1925 - 10.292)
    مهاجر ) ( 1926 - 10.267مهاجر ) ( 1927 -11.483 مهاجر)
    1928 - 11.639)
    مهاجر ) ( 1929 - 12.479مهاجر ) ( 1930 -11.526 مهاجر)
    1931 - 119.692)
    مهاجر ) ( 1932 - 2.755مهاجر ) ( 1933 -2.372 مهاجر)

    أيأن الهجرة بلغت الحد الأقصى المسموح به حتى عام 1930. وهكذا، فبعد أن كانت الولاياتالمتحدة تستوعب 85% من جملة المهاجرين اليهود في الفترة من عام 1881 إلى عام 1914،انخفضت النسبة إلى 25% في الفترة من عام 1926 إلى عام 1930، وقد أغلق كثير منالبلاد أبوابه. وكما يقول روبين، أصبحت معظم البلاد مُغلَقة أمام المهاجرين عام 1933، ولم يبق أمامهم سوى فلسطين (المُستعمَرة)، بمعنى أن الدول الغربية خلقتصهيونية بنيوية، أي بنية قانونية وظروفاً موضوعية تفرض على اليهود الهجرة إلىفلسطين شاءوا أم أبوا. وبالفعل، قفز عدد المهاجرين الاستيطانيين من 4000 عام 1931إلى 12.553 عام 1932 وإلى 37.337 عام 1933. ولذا، يمكننا القول إن عنصر الطردمن الولايات المتحدة وليس الجذب إلى أرض الميعاد هو الذي حدد مسار الهجرة. ومع هذا،يُلاحَظ أن الفترة من عام 1926 إلى عام 1930، حيث كانت أبواب أمريكا اللاتينية أكثرانفتاحاً، هاجر إليها 72.387 من مجموع المهاجرين اليهود البالغ عددهم 172.908 (أي 42%) ولم يهاجر في الفترة نفسها سوى 10.179 إلى فلسطين.

    ورغم تَبَاكي الدولالغربية على مصير اليهود، فإن معظمها أوصدت أبوابها دونهم.كما أن المنظماتالصهيونية كانت تؤيد هذا الموقف انطلاقاً من العقيدة الصهيونية التي تدعو إلى توطيناليهود في فلسطين وفلسطين فقط.ومن هنا، كانت جهود الصهاينة المكثفة من أجل إفشالمؤتمر إفيان لحل مشكلة اللاجئين والمهاجرين ورَفْض أية عروض لتوطين اليهود خارجفلسطين لخَلْق ما سميناه «الصهيونية البنيوية». وفي الفترة من عام 1933 حتى عام 1948،والتي يمكن أن تُسمَّى المرحلة النازية،بلغ عدد المهاجرين من ألمانيا النازيةوالبلاد التي يهيمن عليها النازيون،والمهاجرون من كل أوربا 540 ألفاً، بخلاف عشراتالألوف من اليهود الذين هجَّرهم الاتحاد السوفيتي إبان الحرب لإنقاذهم، وعشراتالألوف الذين لجأوا إلى الاتحاد السوفيتي فراراً من النازي. وقد هاجر 250 ألفاً (أي 46%) منهم إلى فلسطين بسبب سياسة إغلاق الأبواب، وهاجر الباقون وهم 290 ألفاً إلىبلاد أخرى أهمها الولايات المتحدة التي هاجر إليها 110 آلاف (أي 20%). وهاجر فيالفترة من عام 1940 إلى عام 1948 نحو 300 ألف يهودي، منهم 120 ألفاً (أي 40%) إلىفلسطين. والباقون، وهم 180 ألفاً (أي 60%)، هاجروا إلى بلاد أخرى أهمها الولاياتالمتحدة التي هاجر إليهــا 125 ألفاً (أي 42%). وهكذا أصبحت الولايات المتحدة، مرةأخرى، بلد الجذب الأكثر، حتى أثناء سنى الحرب والإبادة النازية. ويمكننا أن نقول إنالمُستوطَن الصهيوني لم يشكل ملجأ ليهود أوربا، فمن مجموع 750 ألف مهاجر (ويمكن أننضيف إليهم مئات الألوف من المهاجرين إلى الاتحاد السوفيتي) لم يهاجر إلى فلسطينسوى 370 ألفاً، أي أن مسار الهجرة لم يتجه إلى فلسطين رغم شراسة الصهيونية البنيويةولا إنسانيتها.

    وفيما يلي جدول بعدد المهاجرين ونسبهم المئوية - حسبالموسوعة اليهودية - بين عامي 1881 و1948.
    الولايات المتحدة من 1881 - 1914عدد المهاجرين 2.040.000 بنسبة 85% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين 650000بنسبة 41%
    كندا من 1881 - 1914 عدد المهاجرين150000بنسبة 4% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين 60000بنسبة 4%
    الارجنتين من 1881 - 1914 عدد المهاجرين 113000 بنسبة 5% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين115000بنسبة 7%
    بقية امريكا الاتينية من 1881 - 1914عدد المهاجرين 14000بنسبة 0.6% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين140000بنسبة 9%
    جنوب افريقيا من 1881 - 1914 عدد المهاجرين 43000 بنسبة 2% ومن 1915 - 1948عددالمهاجرين25000بنسبة 1.6%
    فلسطين من 1881 - 1914 عدد المهاجرين 70000 بنسبة 3% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين485000بنسبة 30%
    بلاد اخرىمن 1881 - 1914 عددالمهاجرين 15000 بنسبة .6% ومن 1915 - 1948عدد المهاجرين125000 بنسبة 8%
    مجموعالمهاجرين من 1881 -1914 ( 2400000 مهاجر)
    مجموع المهاجرين من 1915 - 1948 ( 1600000مهاجر)

    والجدول هنا يبيِّن أن الولايات المتحدة هي بلد الهجرة بلا منازع أو منافس. وتشغل الأرجنتين وكندا المرتبتين الثانية والثالثة، ولا تأتي فلسطين إلا في المرتبة الرابعة - وهي مرتبة رابعة تَجاوُزاً لأن مجموع عدد المهاجرين إليها يظل أقل كثيراً من مجموع عدد المهاجرين إلى بلاد الاستيطان الأخرى. أما في الفترة من 1915 إلى 1948، فإن الولايات المتحدة كانت لا تزال تشغل المرتبة الأولى وكانت فلسطين تشغل مرتبة ثانية قريبة من المرتبة الأولى. ومن الطريف أن مجموع عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية وكندا خلال الفترتين يساوي تقريباً عدد المهاجرين إلى فلسطين. ولكن أحد المصادر الأخرى يذهب إلى أن عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية وحدها، من عام 1881 حتى عام 1948، يعادل مجموع عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين خلال الفترة نفسها. وإذا استبعدنا الولايات المتحدة، وعقدنا مقارنة بين عدد المهاجرين إلى فلسطين من جهة وبقية بلاد العالم من جهة أخرى، لوجدنا أن عدد المهاجرين إلى فلسطين هو 555 ألفاً مقابل 682 ألفاً هاجروا إلى بقية بلاد العالم، أي أن عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين أقل من عدد المهاجرين إلى بقية البلاد. وحتى في الفترة من عام 1915 إلى عام 1948، وهي الفترة التي شهدت قمة النشاط الصهيوني، حيث فتحت حكومة الانتداب أبواب فلسطين أمام الهجرة الاستيطانية، وحيث أغلقت بلاد العالم الحر أبوابها دون المهاجرين اليهود وغير اليهود، كان عدد المهاجرين إلى فلسطين 485 ألفاً مقابل 465 ألفاً للبلاد الأخرى فيما عدا الولايات المتحدة. وكل هذه الإحصاءات تبيِّن أن فلسطين ليست نقطة الجذب لليهود كما تدَّعي الأدبيات الصهيونية وأن الحركة الصهيونية لم تُحرز نجاحاً فيما كانت تهدف إليه. ويُلاحَظ أن جميع البلاد التي يهاجر إليها اليهود هي بلاد شهدت تجارب استعمارية استيطانية أسسها الرجل الأبيض. ومن ثم، فإن الهجرة اليهودية ليست ظاهرة يهودية بمقدار ما هي جزء من الظاهرة الاستعمارية الاستيطانية الغربية.






  6. #6
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    د) المرحلةالرابعة: منذ عام 1948 حتى الوقت الحاضر.

    وبانتهاء الأربعينيات، أصبحتالكتلة اليهودية الكبرى موجودة في الولايات المتحدة، مع وجود كتلة أخرى في أورباآخذة في التناقص، ومع وجود أقليات متناثرة في أنحاء العالم. وقد ظهرت الكتلةاليهودية الاستيطانية في فلسطين، فأصبح هناك قطبان أساسيان يتنازعان هجرة اليهودهما الولايات المتحدة وإسرائيل (فلسطين)، وكلاهما بلد استيطاني يستطيع المهاجراليهودي أن يحقق فيه الحراك الاجتماعي الذي فشل في تحقيقه في بلده. ومع هذا، تشكلدول أخرى مثل أستراليا وفرنسا جاذبية خاصة بالنسبة إلى بعض المهاجرين اليهود.

    ويمكن أن نضيف بُعداً آخر يساعد على اتجاه أعضاء الجماعات اليهودية إلىالولايات المتحدة وإسرائيل (فلسطين)، ألا وهو ميراث الجماعات اليهودية الاقتصاديكجماعة وظيفية تَركَّز أعضاؤها في قطاعات المال والتجارة. والواقع أن هذا يعنيتأثرهم السلبي بالثورات القومية أو الاشتراكية التي تستولي على هذه القطاعاتفتؤممها، أو تحاول صبغها بصبغة قومية، أو تتدخل فيها بما يُقلل من فرص الحراك أمامأعضاء الجماعة اليهودية. ويمكننا في واقع الأمر أن نفسِّر حركة هجرة أعضاء الجماعاتاليهودية في العصر الحديث بكل تناقضاتها من منظور هذين العنصرين (الحراك الاجتماعيوميراث الجماعة الوظيفية الوسيطة) باعتبارها هجرة إلى بلاد الوفرة والاقتصاد الحروالاستقرار السياسيمن بلاد الاقتصاد الاشتراكي والفقر والثورات القوميةالاشتراكية:

    1
    ـ فمثلاً يمكن تفسير الهجرة من الاتحاد السوفيتي على أنهاتعبير عن ضيق يهود الاتحاد السوفيتي بالنظام الاشتراكي الذي يضيِّق الخناق علىالقطاع التجاري. وفي الإطار نفسه يمكن تفسير الظاهرة التي تُسمَّى في المصطلحالصهيوني «التَساقُط»، أي خروج اليهود من الاتحاد السوفيتي بزعم الهجرة إلى إسرائيلثم تغيير الاتجاه والذهاب إلى بلد آخر هو الولايات المتحدة في العادة. فهم يفضلونالهجرة إلى الولايات المتحدة حيث يمكنهم تحقيق معــدلات عالية من الحراك الاجتماعي،في حين لا تشكل إسرائيل أية جاذبية بالنسبة لهم. وقد هاجر يهود جورجيا بأعداد كبيرةإلى إسرائيل فحققت مثل هذه الهجرة لهم قسطاً من الحراك الاجتماعي، خصوصاً أنمؤهلاتهم لم تكن عالية، بينما نجد أن نسبة التَساقُط بين يهود أوكرانيا تصل إلى 90% لأن مستواهم المعيشي مرتفع. وإذا نجح يلتسين في تحقيق الإصلاحات الاقتصاديةوالانفتاح التجاري الذي يطمح إليه، فإننا نتصور أن أعداد المهاجرين ستتناقص لأن فرصالحراك الاجتماعي ستتزايد أمامهم.

    وبعد الانتفاضة الفلسطينية، التي خلقتجواً من عدم الاستقرار السياسي، وصلت نسبة التَساقُط بين اليهود السوفييت إلى 90% من جملة المهاجرين. ومع هذا، أدَّى انهيار الدولة الاشتراكية السوفيتية وإغلاقالولايات المتحدة أبوابها أمام المهاجرين السوفييت إلى زيادة خروجهم من الاتحادالسـوفيتي واستيطانهم في فلسـطين. ولكنهم، على أية حـال، يذهبون إلى إسرائيل بنيَّةالتوجه إلى بلد آخر يحقق لهم طموحهم في الحراك الاجتماعي، وذلك عندما تسنحالفرصة.

    2
    ـ وقد ظل يهود إيران يمارسون نشاطهم تحت حكم الشاه، ثم خرجوا منإيران بأعداد هائلة بعد قيام الثورة الإيرانية لأنها حاولت أن تُوجِّه الاقتصادوجهة لا تتفق مع معايير الاقتصاد الحر. وفي كوبا، كانت هناك جماعة يهودية، ولكنحينما حدثت الثورة الاشتراكية انخفض العدد إلى العُشْر، وذلك رغم أن الثورة الكوبيةكانت تتبادل العلاقات الدبلوماسية مع إسرئيل ولم تقف في طريق النشاط الصهيوني ولمتُسئ معاملة اليهود على الإطلاق باعتراف المراجع الصهيونية. والشيء نفسه يُقالبالنسبة إلى يهود شيلي الذين تركوها حينما وصل أليندي بتَوجُّهه الاشتراكي إلىالحكم، وعادوا إليها مع بينوشيه ممثل الفاشية العسكرية. فارتباط أعضاء الجماعاتاليهودية في كثير من بلاد العالم بنمط إنتاجي معيَّن وعقلية تجارية محددة،وامتلاكهم خبرات إدارية ومهنية معيَّنة، جعل استمرارهم في المجتمع الجديد عسيراً،فهم «ضحايا التأميم» كما يقول أحد المراجع الإسرائيلية. ومع تزايد الثورات وعدمالاستقرار السياسي في أمريكا اللاتينية، يُلاحَظ زيادة هجرة أعضاء الجماعات. والوضعنفسه ينطبق على يهود جنوب أفريقيا، فمع تَزايُد ثورات السود يتجه أعضاء الجماعة إلىالولايات المتحدة.

    3
    ـ وربما تعود هجرة اليهود من البلاد العربية فيالخمسينيات إلى مركب من الأسباب؛ منها قيام الدولة الصهيونية وما خلقته من مشاكللليهود العرب، ومنها ارتباط عدد كبير من أعضاء الجماعات اليهودية بالدولالاستعمارية. ومما لا شك فيه أن التحول البنيوي الذي خاضته بعض المجتمعات العربية،مثل المجتمعين المصري والسوري، وقيام تجارب تنموية تحت إشراف الدولة، قد ساهما بشكلعميق في عملية خروج اليهود، التي لا يمكن رؤيتها كظاهرة منفصلة عن خروج جماعاتتجارية وسيطة أخرى مثل الإيطاليين واليونانيين من مصر ممن لم يستطيعوا التلاؤم معإجراءات التمصير والتعريب والتأميم. وإلى جانب هذا، حققت إسرائيل ليهود البلادالعربية المهاجرين قسطاً من الحراك الاجتماعي باعتبار أن المستوى المعيشي في البلادالعربية أقل منه في إسرائيل. كما أن يهود البلاد العربية لم يكن لديهم الخبراتالكافية المطلوبة في الولايات المتحدة. ويُلاحَظ أن عدداً كبيراً من أعضاء نخبتهمالاقتصادية والثقافية هاجرت إلى فرنسا وغيرها من البلاد ذات المستوى المعيشيالمرتفع الذي يفوق نظيره في إسرائيل والتي تتميَّز باقتصاد متقدم ومن ثم تحتاج إلىخبراتهم ورأسمالهم. ومن ناحية أخرى، هاجرت جماهير يهودية إلى فرنسا حينما سنحت لهاالفرصة، فقد هاجر إليها معظم يهود الجزائر وأعداد كبيرة من يهود المغرب.

    4
    ـ وفي هذا الإطار، يمكن تفسير ظاهرة هجرة يهود أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا إلىالولايات المتحدة، فالهجرة إلى إسرائيل لن تؤدي إلى أي تَحسُّن في مستوى معيشتهم. كما أن التجمع الصهيوني لن يمكنه استيعابهم بخبراتهم المهنية والإدارية المتقدمة.

    5
    ـ ويُلاحَظ أن يهود البلاد الغربية (أوربا والولايات المتحدة وكندا) لايهاجرون إلى إسرائيل أو غيرها من البلاد الاستيطانية، فمثل هذه الهجرة ليس لها مايبررها وفق نموذجنا التفسيري، وإن كان يُلاحَظ أن يهود إنجلترا يهاجرون بأعدادمتزايدة إلى الولايات المتحدة، ربما لتفاقم الأزمة الاقتصادية في إنجلترا، فهي بلدذات مستقبل اقتصادي مظلم على حد قول أحد المهاجرين البريطانيين اليهود إلى الولاياتالمتحدة.

    6
    ـ بل يُلاحَظ أن هنـاك هـجرة إسرائيلية متزايدة إلى الولاياتالمتحدة، شكلت ما يُسمَّى «الدياسبورا الإسرائيلية» يبلغ عددها في بعض الإحصاءاتنصف مليون ومنهم عدد كبير من جيل الصابرا.

    7
    ـ وفي الإطار نفسه أيضاً، يمكنتفسير هجرة أو تهجير يهود الفلاشاه تحت ظروف المجاعة، فهي هجرة سيحققون من خلالهاحراكاً اجتماعياً كبيراً.

    ويمكن القول بأن مصادر المهاجرين إلى الدولةالصهيونية آخذة في النضوب، فأعضاء أكبر جماعة يهودية في العالم (في الولاياتالمتحدة) لا يهاجرون، ويهود العالم الغربي إن هاجروا يتجهون إلى الولايات المتحدة. ويتبع يهود أمريكا اللاتينية وغيرهم النمط نفسه. وقد تمت تصفية يهود العالم الشرقيوالإسلامي، فلم يبق سوى أفراد قلائل. وتُساهم معدلات الاندماج والزواج المختلط،وكذلك عزوف اليهود عن الإنجاب، في تَناقُص عدد اليهود الكلي وبالتالي تَناقُص عددالمهاجرين المحتمل، وهو ما يعني أن الوقود البشري للكيان الصهيوني لم يَعُدمتوافراً بالكثافة نفسها. ولم يبق سوى الاحتياطي البشري الوحيد للكيان الصهيوني فيالاتحاد السوفيتي. إلا أن خروج اليهود السوفييت وتَوجُّههم إلى إسرائيل يخضع للنمطنفسه الذي اقترحناه: شرق أوربا مصدر المادة البشرية، والولايات المتحدة مستورد لها. ولكن، كما أسلفنا، أدَّى انهيار الدولة الاشتراكية السوفيتية، وإغلاق باب الهجرةإلى أمريكا، إلى تحويل هذه الأعداد إلى إسرائيل.

    ولابد من التفرقة بينالهجرة والتهجير؛ فالهجرة طوعية أما التهجير فهو قسري. ويمكن رؤية الحركة الصهيونيةباعتبارها حركة تقف في وجه الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة وتحاول تهجيراليهود من كل أنحاء العالم إلى إسرائيل.


    انتشـار أعضاء الجماعات اليهوديةفي العالم وعلاقتهم بفلسطين
    Diffusion of Memebers of Jewish Communities in the World and Their Relation to Palestine
    يدَّعي الصهاينة أن فلسطين التي يُطلقون علىها مصطلح «إرتس يسرائيل» أو «أرض الميعاد»، أو ما شابه ذلك من مصطلحات دينية أخرى، هي مركز الوجدان اليهودي، وأنها النقطة التي يتجه إليها اليهود معنوياً حينما يعجزون عن الاستيطان فيها، وهي الأرض التي «يعودون» إلىها فعلىاً وبمحض إرادتهم من «المَنْفَى» أو «الشَتات» حينما تُفتَح أبوابها لهم. ويحاول الصهاينة أن يجدوا تبريراً دينياً أو عرْقياً أو إثنياً لرؤيتهم هذه. كما يقدِّمون رؤية للتاريخ تساند هذه الرؤية، ولذلك فإنهم يجتزئون من الوقائع والحقائق ما يدعم رؤيتهم ويستبعدون ما عدا ذلك.

    وإذا نظرنا إلى الرؤية الصهيونية من الناحية الدينية، لوجدنا أنها تتعارض مع واحد من أهم التيارات داخل اليهودية الحاخامية، التي تُحرِّم على اليهودي أن يعود إلى صهيون (فلسطين)، إذ أن عليه الانتظار حتى يأذن الرب له بذلك، وأية محاولة للعودة هي بمنزلة الهرطقة والتعجيل بالنهاية. ولذلك، فلا يوجد في يهودية العصور الوسطى، أي في معظم التاريخ الديني لليهودية، أي حديث عن العودة إلا باعتبارها حدثاً دينياً يتم بمشيئة الرب. ومع هذا، يجب أن نشير إلى أن اليهودية، بوصفها تركيباً جيولوجياً، تحوي تياراً حلولياً قوياً يشجع على العودة الفعلىة. وإذا كانت هناك نزعة صهيونية في النسق الديني اليهودي، فهي نزعة كامنة مع مئات النزعات الأخرى.

    هذا من الناحية الدينية. أما من الناحية التاريخية، فالأمر أكثر تحدُّداً وتعيُّناً، إذ يدل تاريخ العبرانيين وتواريخ الجماعات اليهودية على أن المسـرح الذي دارت فيه أحـداث هذه التواريخ لم يكن فلسطين، باستثناء فترة قصيرة للغاية. وحتى حينما كان يوجد في فلسطين حكم يهودي مستقل، لم تكن فلسطين دائماً مركزهم وإطارهم المرجعي، إذ كان لكل جماعة حركياتها المستقلة وتوجهاتها التي يُحتِّمها عليها وضعها الاجتماعي والثقافي المرتبط بوضع البلد الذي توجد فيه. ولذا، يمكن أن نقول إن الحقيقة الأساسية في تواريخ الجماعات اليهودية هي انتشارها في كل أنحاء الأرض وليس تَمركُّزها في فلسطين. والقراءة الصهيونية لتواريخ الجماعات اليهودية، والتي ترى أن اليهود قد تم تشتيتهم قسراً من فلسطين، وأنهم لو تُركوا وشأنهم لعادوا تلقائياً وبشكل طوعي إليها، هي قراءة متحيزة ومغلوطة. فتاريخ العبرانيين في بداياته السديمية يبدأ بهجرة إبراهيم من أور إلى أرض كنعان ومنها إلى مصر. كما هاجر يعقوب ويوسف فيما بعد إلى مصر أيضاً. والهجرة من مكان إلى آخر نمط أساسي في حياة العبرانيين في فترة الآباء (2000 ق.م) التي تنتهي بالـ «خـروج»، أي هجـرة موســى وقومه من مصـر. وقد آثر بعضهم، بحسب الرواية التوراتية، الاستمرار في الحياة بمصر، فخرج مع موسى «اللفيف»، أي مجموعات عرْقية أخرى غير عبرية وغير متجانسة. وبعد التسلل العبراني إلى أرض كنعان، وبعد اتحاد القبائل العبرانية فيما يعرف باسم «المملكة العبرانية المتحدة» والتي انقسمت إلى المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية، تم تهجير أعداد كبيرة من العبرانيين إلى آشور (720 ق.م) ثم إلى بابل (580 ق.م). ولكن أغلبيتهم العظمى آثرت البقاء خارج فلسطين، حتى بعد أن أصـدر قورش الأخمـيني مرسومه الذي سمح بعودة اليهود إلى فلسطين، ولكن يبدو أن الفقراء فقـط هم الذين عادوا. كما كانت هناك فرقة المرتزقة اليهود في جزيرة إلفنتاين التي استمرت في وجودها على حدود مصر الجنوبية.

    ورغم إعادة بناء الهيكل وقيام السلطة الكهنوتية في فلسطين، تحت رعاية الفرس أول الأمر ثم اليونانيين بعد ذلك، حدثت هجرة يهودية طوعية كبيرة من فلسطين في عهد البطالمة، وقد استعان هؤلاء بالجنود اليهود المرتزقة الذين استقروا في مصر مع أُسَرهم. كما هاجرت إلى مصر أعداد أخرى من اليهود لأسباب اقتصادية، فكان منهم الفقراء والأغنياء والفلاحون والرعاة والجنود المرتزقة والقادة العسكريون. وقد أسس البطالمة مستعمرات في برقة كان يوجد فيها يهود. كما ظهرت جماعات من اليهود في مدن آسيا الصغرى بعد أن استولى السلوقيون على فلسطين بعد عام 200 ق.م، فقام أنطيوخوس الثالث بنقل عدة آلاف جندي يهودي (هم وأُسَرهم) من بابل إلى آسيا الصغرى. وكانت توجد جماعات يهودية في اليونان ومقدونيا على شـواطئ البحر الأسود والبلقان وبلغاريا وأرمينيا وقبرص وقرطاجة وبرقة. ويُلاحَظ أن قيام الأسرة الحشمونية اليهودية في فلسطين، التي تمتعت بقدر من الاستقلال السياسي في بعض مراحلها، لم يُغيِّر هذه الصورة العامة لانتشار أعضاء الجماعات اليهودية خارج فلسطين.

    وحينما ظهرت روما بوصفها قوة عظمى وفرضت إطاراً سياسياً مُوحَّداً على منطقة البحر الأبيض المتوسط،يسَّر ذلك انتشار اليهود فظهروا أولاً عبيداً في العاصمة،ثم هاجرت أعداد منهم وأصبحت مدن جنوب إيطاليا مراكز يهودية مهمة.وكانت توجد جماعات يهودية في الغال (فرنسا)،وفي المدن الرومانية العسكرية على نهر الراين.

    وكانت الإسكندرية تضم جماعة يهودية كبيرة (في العصر الهيليني ثم الروماني) تتحدث أغلبية أعضائها اليونانية أو اللاتينية. كما كانت أسماؤهم والنقوش التي على قبورهم يونانية ولاتينية في الغالب، عبرية في النادر. أما وثائق الزواج والدفن الخاصة بهم، فلم تكن تختلف عن الوثائق الخاصة ببقية المواطنين. وكان ليهود مصر هيكلهم الخاص في لينتوبوليس، حيث كانت جماعتهم الدينية والفكرية مستقلة إلى حدٍّ كبير عن هيكل فلسطين، ولذا استمرت هذه الجماعات اليهودية في حياتها الدينية والثقافية المستقلة بعد هدم هذا الهيكل. وربما كان أكبر دليل على أن الإسكندرية كانت مركز جذب أقوى من فلسطين ذاتها أنه حينما وقعت فيها بعض الاشتباكات بين اليهود والمواطنين الهيلينيين، أصدر الإمبراطور الروماني قراراً يحذر فيه اليهود من تشجيع هجرة إخوانهم من فلسطين.

    وقد قدَّر الفيلسوف السكندري اليهودي فيلون أن عدد يهود مصر في القرن الأول الميلادي كان مليوناً، بينما كان يُقدَّر عدد اليهود في الأماكن الأخرى (ومنها فلسطين) بمليونين ونصف المليون. ويرى آرثر روبين أن عدد اليهود كان، في واقع الأمر، أربعة ملايين ونصف المليون، يوجد منهم مليون في فلسطين والباقون خارجها. وقد لا تتسم هذه الأرقام بالدقة، فهي في معظمها تستند إلى التقديرات التخمينية. وثمة إحصاءات أخرى ترى أن عدد اليهود في سوريا ومصر وآسيا الصغرى كان ثلاثة ملايين، وأن مليوناً رابعاً كان يوجد في مناطق متفرقة أخرى داخل الإمبراطورية الرومانية ومليوناً خامساً في بابل. أما فلسطين، فيُقال إنها كانت تضم مليونين فقط، وأن نصف مليون من سـكان فلسـطين كانوا مواطنين يونانيين وعناصر بشرية أخرى غير يهودية. وتذكر الموسوعة اليهودية أن عدد يهود العالم في تلك الفترة كان ثمانيـة ملايين، لم يكن منه سـوى مليونين ونصـف المليون في فلسطين. ولكن، أياً كان الأمر، ثمة إجماع على أن عدد أعضاء الجماعات اليهودية خارج فلسطين كان يفوق عدد اليهود داخلها قبل أن يقوم تيتوس بهدم الهيكل، وأن عدد يهود الإسكندرية كان يفوق عدد يهود القدس وربما فلسطين كلها. ولهذا، فإن محاولة ربط انتشار أعضـاء الجماعات اليهودية في العالم بواقعـة هدم الهيكل وسـقوط القدس، واعتبار ذلك تشتيتاً قسرياً، هي من قبيل التفكير الأسطوري المتحيز لآراء مسبقة.

    وقد استمر انتشار أعضاء الجماعات اليهودية في كل أنحاء العالم بعد ضمور واختفاء المركز الديني في فلسطين. وقد كان لهذا الانتشار أعمق الأثر في تمايز اليهود وظيفياً واقتصادياً وتَحوُّلهم إلى جماعة أو جماعات وظيفية تضطلع بوظائف التجارة والربا.ويمكننا أن نضيف أن علاقة الانتشار بعملية تَحوُّل اليهود إلى جماعات وظيفية هي علاقة سبب ونتيجة في آن واحد.فقد ساهم الانتشار ـ ولا شك ـ في تَحوُّل أعضاء الجماعات اليهودية إلى جماعات تجارية ومالية وسيطة،ذلك أن الوظائف التجارية والمالية هي وظائف يضطلع بها الوافدون الجدد دائماً. وقد كوَّنت الجماعات اليهودية الوظيفية شبكة تجارية عالمية ضخمة في العالمين الإسلامي والمسيحي، وكانت لهم مراكز في الغرب (في إسبانيا وغيرها من الدول)،وفي معظم ربوع العالم الإسلامي. ولكن تَحوُّلهم إلى جماعة وظيفية وسيطة زاد بدوره من عملـية الانتشـار ودعمها وكرَّسها ووسع نطاقها.

    ومثلما اتجهت الجماعات اليهودية إلى أنحاء العالم كافةً، اتجهت بعض جماعات من اليهود إلى الهند والصين واستقرت فيها. وظل هذا الوضع من الانتشار قائماً خلال العصور الوسطى في الغرب، فلا نسمع عن أية محاولات يهودية للعودة إلى فلسطين. ومع طَرْد اليهود من إسبانيا، وجد يهود المارانو ملجأً لهم في الإمبراطورية العثمانية، وفي بعض الدول الأوربية مثل هولندا. وكان اليهود من رعايا السلطان العثماني يتمتعون بحرية الهجرة إلى فلسطين أو منها، إلا أن اللاجئين الأوربيين والرعايا اليهود كانوا ينجذبون إلى إستنبول والقاهرة ودمشق وغير ذلك من حواضر الإمبراطورية التي كانت تتمتع بأوضاع أفضل اقتصادياً وسياسياً بالمقارنة مع فلسطين. أما بالنسبة ليهود الخزر، فقد اتجهوا نحو شرق أوربا (إلى المجر فبولندا)، وذلك بعد تحطيم إمبراطوريتهم الصغيرة على يد الروس أولاً ثم على يد المغول في القرن الثاني عشر، ولا نعرف أية جماعة منهم اتجهت إلى فلسطين.

    ومع عصر النهضة والاكتشافات والاستعمار الغربي والإصلاح الديني، بدأت في أوربا المسيحية إرهاصات الفكر الاسترجاعي؛ أي إعادة توطين اليهود في فلسطين باعتبار أن عودتهم هي التمهيد لعودة المسيح. ولكن هذا الفكر لم يؤثر في الجماعات اليهودية في بادئ الأمر، سواء في الشرق أو في الغرب، بل ظل تفكيراً مسيحياً بروتستــانتياً بالدرجـة الأولى. ولا نسمع عن دعوات يهودية للعـودة إلى فلســطين والاستــيطان فيهــا إلا مع الانفجارات المشيحــانية مثل حركــة الماشيَّـح اليهودي الدجال شبتاي تسفي في القرن السـابع عشر، وهـي الانفجـارات التي وقف ضـدها حاخــامات اليهــود. ويظهر الفـكر الصهيوني اليهودي لأول مرة، في منتـصف القرن التــاسـع عشــر، مع انتشــار الفـكر القومــي والعنصــري والإمبــريالي. ولكــن، حتـى بعد أن ظهرت الحركة الصهيونية اليهودية في أواخر القرن التاسع عشر، فقد عارضـتها جميــع المنظمــات اليهــودية المعــروفة في ذلك الوقت، ولم تتمكن من عقد مؤتمرها في ميونيخ حيث وُجدت واحدة من أكبر الجماعات اليهودية وبسبب احتجاج حاخاماتها، اضطرت إلى نقله إلى بازل حيث كانت هناك جماعة صغيرة بلا أهمية تُذكَر.

    لكل ما تَقدَّم، يصبح من العسير الحديث عن «نفي» اليهود أو عن تَطلُّعهم الدائم للهجرة إلى فلسطين، فحركة انتشارهم في العالم لا يمكن تفسيرها في إطار مركز جذب صهيوني في فلسطين، مقابل أطراف هامشية في كل أنحاء العالم. ولمحاولة فهمها بعيداً عن التحيزات الصهيونية العميقة المسبقة، سنحاول أن نرصد بعض الآليات التي تشجع على الانتشار وتساهم فيه وتُيسِّره. ويمكننا أن نقول أولاً إن انتشار أعضاء الجماعات اليهودية مرتبط أساساً بالإمبراطوريات العظمى التي توفر شبكة المواصلات والإطار القانوني الموحَّد، وهما تعبير عن رغبة الإمبراطورية في تشجيع التجارة. وقد تأسست الجماعة اليهودية في بابل في إطار الإمبراطوريتين الآشورية والبابلية، واتسعت دائرة الانتشار مع الإمبراطوريتين اليونانية والرومانية. وحدث الشيء نفسه مع الدولة الإسلامية ثم العثمانية. وقد كانت بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط الساحة الأساسية لانتشار الجماعات اليهودية، وظلت مراكز اليهود الأساسية فيه هي: روما وإسبانيا والمغرب والدولة العثمانية وسالونيكا وإيطاليا وفرنسا. أما الجماعات التي وجدت في الصين والهند وإثيوبيا والجزيرة العربية، فهي جماعات صغيرة ليست ذات أهمية كبيرة.












  7. #7
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    وقد ظل هذا هو النمط الأساسي إلى أن استقر اليهود في شرق أوربا وحدث الانفجار السكاني بين يهود اليديشية في القرن التاسـع عشر، بحيث أصبحت أغلبية يهود العالم توجد داخل إطار الإمبراطورية الروسية التي كانت تعاني من تَعثُّر التحديث. ومن ثم فإنها لم تحقق لأعضاء الجماعات اليهودية وغيرها من الجماعات ما كانوا يطمحون إلىه من حراك اجتماعي، كما أنها لم تكن تشجع المواطنين على الحركة. وكان الاستثناء الوحيد هو تشجيع اليهود على الاستيطان في روسيا الجديدة على ساحل البحر الأسود. ومن هنا كانت أكبر حركات انتشار اليهود في التاريخ هي انتقال الكتلة البشرية اليهودية (بأكملها تقريباً) من شرق أوربا إلى الولايات المتحدة وغيرها من البلاد. وقد استفاد أعضاء الجماعات اليهودية من حركة المواصلات ومن وجود بنية قانونية دولية. كما استفادوا من الحركة الإمبريالية الغربية، خصوصاً الجانب الاستيطاني منها (والتشكيل الأنجلو ساكسوني على وجه الخصوص). ومما يجدر ذكره، أن الحضارة الغربية كانت تنظر إلى اليهود باعتبارهم مادة بشرية استيطانية، ولذا فإن الانتشار اليهودي الحديث يتبع حركة الاستيطان الغربي بمعنى أنهـا حـركة داخـل إطـار الإمبراطـورية الإمبريالية الجديدة، ولا تختلف كثيراً عن حركة الجماعات اليهودية داخل الإمبراطوريات القديمة. وقد بدأ الاستيطان اليهودي في دول أمريكا اللاتينية، ثم اتجه بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وجنوب أفريقيا. ولكن الولايات المتحدة، أهم التجارب الاستيطانية الغربية على الإطلاق، كانت مركز الجاذبية الأكبر، وقد اتجهت الجماهير اليهودية إلىها أساساً حتى أصبحت تضم أكبر التجمعات اليهودية وأكثرها قوة. ويمكن القول بأن معظم الدول التي انتشر فيها اليهود هي دول ساد فيها الاقتصاد الحر والوفرة الاقتصادية وتُحقِّق نوعاً من الحراك الاجتماعي للوافدين إليها.

    وتُعَدُّ فلسطين آخر بلد للاستيطان اليهودي في العصر الحديث وأقلها جاذبية، ربما لأنها لا تقع في وسط العالم الغربي الذي يتجه إليه معظم يهود العالم في العصر الحديث وإنما تقع على أطرافه، أي أن نمط الهجرة من منظور المركز الفلسطيني لا يختلف في القرن الأول من الألف الأول الميلادي عنه في القرن الأخير من الألف الثاني، فهي هجرة لا تتجه إليه وإنما هي هجرة تتجه بعيداً عنه.

    حركة هجرة اليهود في العالم من 1840 - 1942







  8. #8
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/w/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.jpg[/IMG]

    وجدول(1) يبيِّن حركة هجرة اليهود في العالم من 1840 إلى 1942،وهي أهم فترات الهجرة.

    يُلاحَظ من جدول (1) أنه من مجموع 3.917.388 منالمهاجرين، لم يتجه سوى 378.956 إلى فلسطين في فترة مائة عام تمتد من 1840 حتى عام 1942، وذلك رغم كل النشاط الاستعماري والصهيوني المكثف. ومن الطريف أن هذا العددمساو تقريباً لعدد اليهود الذين اتجهوا إلى أمريكا اللاتينية في الفترة نفسها، (376.227) بفارق 2.629 يهودياً. ولو استبعدنا الهجرة فيما بعد عام 1931 حيث أغلقتأمريكا اللاتينية أبوابها، فسنكتشف أن عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية كان 270.601 مقابل 125,944إلى فلسطين. بل إن بلداً واحداً مثل الأرجنتين هاجر إليه 191.551، أي أكثر من كل الذين هاجروا إلى فلسطين في الفترة نفسها (وبحسب إحصاءاتروبين، كان يوجد في الأرجنتين في عام 1930 نحو 220 ألفاً و291 ألفاً في أمريكااللاتينية كلها). كما أن بلداً مثل كندا كان يضم 150 ألف يهودي في عام 1930، بينماكانت فلسطين لا تضم سوى 170 ألفاً. ولكن التحدي الأكبر لأرض الميعاد كان يأتي منالبلد الذهبي أو «الجولدن مدينا»، أي الولايات المتحدة. ففي الفترة التـي نشيرإلىهـا، هاجر إلى الولايـات المتحـدة 2.801.890 مقابـل 378.956 هاجـروا إلىفلسـطين.

    عدد المهاجرين إلى كل من الولايات المتحدة وفلسطين فى الفترة 1915- مايو 1948 (جدول 2(

    1915)
    الولايات المتحدة 26497 فلسطين 0 ) ( 1916الولايات المتحدة 15108 فلسطين 0 ) ( 1917 الولايات المتحدة 17342 فلسطين 0 1918) ( الولايات المتحدة 3672 فلسطين 0 ) ( 1919 الولايات المتحدة 3055فلسطين1806 1920)الولايات المتحدة 14292فلسطين8223) ( 1921الولايات المتحدة119036فلسطين8294) (1922الولايات المتحدة53524فلسطين8685) ( 1923الولايات المتحدة49719فلسطين8175) ( 1924الولايات المتحدة 49989فلسطين13892) ( 1925 الولايات المتحدة 10292فلسطين34386) ( 1926 الولايات المتحدة 10267فلسطين13855) ( 1927الولايات المتحدة 11483فلسطين3034) (1928 الولايات المتحدة 11639 فلسطين5249 ) ( 1929 الولاياتالمتحدة 12479 فلسطين 5249 ) ( 1930 الولايات المتحدة 11526 فلسطين 4944 ) ( 1931الولايات المتحدة 5692 فلسطين 4075 ) ( 1932 الولايات المتحدة 2755 فلسطين 12553 ) ( 1933 الولايات المتحدة 2372 فلسطين 37337 ) ( 1934 الولايات المتحدة 4134 فلسطين 45267 ) ( 1935الولايات المتحدة 4837 فلسطين 66472 ) ( 1936 الولايات المتحدة 6252فلسطين 29595 ) ( 1937 الولايات المتحدة 11352 فلسطين10629 ) ( 1938 الولاياتالمتحدة 19736 فلسطين 14675 ) ( 1939 الولايات المتحدة 43450 فلسطين 31195 ) ( 1940الولايات المتحدة 36945 فلسطين 10643 ) ( 1941 الولايات المتحدة 23737 فلسطين 4592 ) ( 1942 الولايات المتحدة 10608 فلسطين 4206 ) ( 1943 الولايات المتحدة 4705فلسطين 10063 ) ( 1944 الولايات المتحدة 15552 ) ( 1945 الولايات المتحدة 15259 ) ( 1946 الولايات المتحدة 18760 ) ( 1947 الولايات المتحدة 22098 )
    ( 1948 الولايات المتحدة 17165 (

    ويُلاحَظ من جدول (2) أن الولايات المتحدة استوعبت نحو 2.000.000 مهاجر يهودي من مجموع المهاجرين اليهود البالغ عددهم 2.650.000 والذين أتوا أساساً من أوربا الشرقية ثم الوسطى، أي أنها استوعبت حوالي 86% من مجموع المهاجرين اليهود. وقد استقر نحو 350 ألف مهاجر يهودي في أوربا الغربية، ونحو 300 ألف في باقي بلدان العالم، واستوعبت كندا نحو 4% والأرجنتين 5% وجنـوب أفريقيــا 2%. ولم يستوطن فلسطين سوى 50 ألفاً، أي حوالي 2% من مجموع المهاجرين. وقد استمر الوضع على ذلك في الفترة 1915 - 1931، أي قبل ظهور هتلر، إذ استوعبت الولايات المتحدة 55% من مجموع 760 ألف مهاجر يهودي واستوعبت كندا 6%، والأرجنتين 10%، واستوعبت بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى 9%، وجنوب أفريقيا 2%، والبلاد الأخرى 3%. ولم يستوطن فلسطين سوى 15% على الرغم من أنه لم تكن توجد آنذاك قيود على الاستيطان فيها.
    ولم يحدث أي تغيير إلا بعد إغلاق أبواب الهجرة إلى الولايات المتحدة ثم إلى بلاد الاستيطان الأخرى في أوربا وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا.

    وقد بلغ الاستيطان اليهودي في فلسطين ذروته في الفترة بين عامي 1932 و1939، حيث استوطن فلسطين حوالي 46% من مجموع المهاجرين اليهود البالغ عددهم 540 ألفاً، ولم يستوطن الولايات المتحدة سوى 20%. وقد بلغ عدد المستوطنين الصهاينة في الفترة 1931 ـ 1935، أي خلال أربعة أعوام، حوالي 147.502(165.704 بحسب تقديرات الموسوعة اليهودية) وهو عدد يساوي عدد كل المستوطنين الموجودين بالفعل والذين كانوا قد استوطنوا فلسطين خلال الفترة من عام 1882 إلى عام 1930. وفي الفترة من عام 1936 إلى عام 1939، هاجر 75.510 تَذكُر الموسوعة اليهودية هذا الرقم على أنه 86.049). وشهدت الفترة بين عامي 1940 و 1948 تَحوُّلاً طفيفاً في نمط الهجرة إذ اتجه 125 ألف مهاجر يهودي من مجموع 300 ألف، أي 42% من مجموع المهاجرين، إلى الولايات المتحدة، واتجه إلى فلسطين 120 ألفاً أي 40% فقط. وقد أدَّى هذا إلى ظهور كثافة سكانية يهودية في فلسطين لم تكن موجودة قبل وصول هتلر إلى الحكم، فكأن الفوهرر نجح خلال ثمانية أعوام، عن طريق خَلْق الظروف الموضوعية لهجرة الىهود من أوربا، في إنجاز ما لم تنجح الحركة الصهيونية والاستعمار العالمي في إنجازه خلال نصف قرن (1882 ـ 1931)، أي أن الصهيونية الموضوعية البنيوية أكثر كفاءة وفعالية من الصهيونية العقائدية. فقد هاجر في تلك الفترة نحو ثلاثة ملايين يهودي من وطنهم الأصلي ولم تتجه سوى قلة منهم إلى فلسطين. ومع هذا، لا يمكن إنكار دور الصهيونية والاستعمار في خلق هذا الموقف الصهيوني البنيوي. والواقع أن الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة، أوصدت بابها دون اللاجئين اليهود وغير اليهود بسبب ظروف الكساد الاقتصادي. أما الصهاينة، فقد أبرموا مع النازيين معاهدة الهعفراه التي ساهمت في توجيه هجرة يهود ألمانيا إلى فلسطين بحيث يتحولون إلى مستوطنين. وقد سمحت لهم السلطات الألمانية بأخذ جزء كبير من ثرواتهم معهم.

    ويمكننا أن نَخلُص من ذلك إلى أن فلسطين لا تمثل نقطة جذب بالنسبة إلى يهود العالم، وإلى أن اليهود هاجروا إلىها بسبب عوامل الطرد الحادة في أوربا وعدم وجود منافذ أخرى لا بسبب عوامل الجذب فيها.

    ولعل الاستثناء الأساسي الآخر من النمط العام لهجرة أعضاء الجماعات اليهودية في العصر الحديث هو الفترة الممتدة من 1948 حتى أواخر الخمسينيات، حيث قامت الحركة الصهيونية بحركة ضغط هائلة لنقل اللاجئين اليهود من ضحايا الحرب العالمية الثانية إلى فلسطين. وفي الفترة نفـسها، أدَّى إعلان الدولة اليهودية، ونشاط العملاء الصهاينة، وجَهْل بعض الحكومات العربية، إلى خَلْق وضع متوتر بالنسبة لأعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي الإسلامي، فهاجرت أعداد كبيرة منهم واستوطنت فلسطين. وعلى أية حال، يمكن رؤية حركة الهجرة اليهودية من البلاد العربية إلى فلسطين أيضاً بوصفها حركة هجرة إلى فلسطين باعتبارها البلدة الذهبية اليهودية وليس باعتبارها أرض الميعاد. والهدف ليس خلاص الروح، بطبيعة الحال، وإنما تحقيق الحراك الاجتماعي.فالعرب اليهود لم تُمكِّنهم ظروفهم الحضارية والاقتصادية،ولا خبراتهم، من الهجرة إلى أوربا والولايات المتحدة، فهاجروا إلى إسرائيل لتحقيق الحراك الاجتماعي الذي فشلوا في تحقيقه بالدرجة التي يطمحون إلىها داخل مجتمعاتهم العربية. ويُلاحَظ أن عدداً كبيراً من أعضاء النخبة الاقتصادية والثقافية هاجروا إلى فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية،كما هاجر يهود الجزائر إلى فرنسا لأن ظروفهم سمحت بذلك.

    وبعد تصفية هذه الكتلة البشرية اليهودية، يعود نمط الهجرة بين أعضاء الجماعات اليهودية إلى سابق عهده، أي يتجه اليهود مرة أخرى إلى الولايات المتحدة التي أصبحت نقطة جذب كما كانت من قبل. ومن ثم، نجد أن الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي تواجه مشاكل عميقة ـ من المنظور الصهيوني ـ لأن المهاجرين يغيرون اتجاههم في النمسا أو أية محطات انتقالية أخرى، وبدلاً من أن يتوجهوا إلى فلسطين المحتلة ليصبحوا مستوطنين صهاينة يتجهون إلى الولايات المتحدة ليصبحوا مهاجرين. وحينما هاجر يهود الجزائر عام 1965، ويهود أمريكا اللاتينية منذ الستينيات وحتى الآن، ثم يهود إيران، فإنهم لم يتجهوا إلى فلسطين وإنما إلى فرنسا والولايات المتحدة.ويُلاحَظ أن يهود جنوب أفريقيا يتجهون أيضاً إلى الولايات المتحدة،وربما إلى جيوب استيطانية أخرى مثل أستراليا،ولقد بدأ المستوطنون الصهاينة أنفسهم يتبعون هذا النمط. ويبلغ أعضاء الدياسبـورا الإسـرائيلية في الولايات المتحدة نحو 750 ألف،حيث يزيد عدد النازحين من إسرائيل إلى الولايات المتحدة على عدد اليهود الذين يذهبون إلى الدولة الصهيونية للاستيطان.






  9. #9
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ويدل تَدفُّقالهجرة اليهودية على وطن الاقتصاد الحر والفرص الاقتصادية بعيداً عن «أرض الميعاد»،على أن حركيات التاريخ وتركيبية النفس البشرية تؤكد نفسها على الدوام وتكتسح فيطريقها كثيراً من التحيزات العقائدية الاختزالية. ولتزويد الكيان الصهيوني بالمادةالقتالية اللازمة لاستمرار اضطلاعه بدوره القتالي، أغلقت الولايات المتحدة أبوابهاأمام المهاجرين السوفييت حتى يضطروا إلى التدفق صاغرين إلى الدولة الصهيونية. كماتمارس المنظمة الصهيونية شتى أنواع الضغط على ألمانيا لكي لا تفتح أبوابها أمامالمهاجرين السوفييت الذين يقرعون أبوابها.كما أنها تعلن عن شتى المغريات الماليةللمهاجرين الجدد. وعلى كلٍّ بعد تَدفُّق نصف مليون يهودي روسي على إسرائيل (وليسالملايين التي تَحدَّث عنها الإعلام العالمي،أي الغربي، والعربي) على مدار عشرةأعوام تقريباً، نضبت منابع المادة البشرية الاستيطانية اليهودية في شرق أوربا،خصوصاً العناصر الشابة الراغبة في الهجرة والقادرة عليها. وسيعود النمط القديمليؤكد نفسه، أي تَدفُّق اليهود على أرض الميعاد الذهبية الأمريكية، أو أي أرض ميعادأخرى تُحقِّق لهم الحراك الاجتماعي.

    وبدلاً من تسمية الظواهر بأسمائها،تشير الأدبيات الصهيونية إلى الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة أو العالمالمتقدم أو الحر بما يسـمونـه «الشـتات الجديد» ونشير إلى ذلك بأنه «الدياسبوراالدائمة».

    الدياســـبورا الدائمـة
    Permanent Diaspora
    «الدياسبورا الدائمة» مصطلح قمنا بصكه لنَصف وَضْع أعضاء الجماعات اليهودية فيالعالم، فرغم كل الادعاءات الصهيونية، ورغم استخدام مصطلح «الدياسبورا» لوصف وضعهم،إلا أن غالبيتهم تؤثر البقاء خارج فلسطين في المَنْفَى. فالدياسبورا أو الشـتاتاليهودي مسألة طوعية وليست مسألة مرتبطة بعملية قسر خارجية. وحالة الدياسبورا أوالانتشار هي حالة دائمة بغض النظر عما يحدث في فلسطين. بل إن اتجاه بعض أعضاءالجماعات اليهودية إلى فلسـطين للاسـتقرار فيهـا أحياناً، ينبع من حركيات لا علاقةلها بصهيـون.
    وفيما يلي جدول بأعداد أعضاء الجماعات اليهودية في فلسطينالمحتلة والعالم،يدل على أن الدياسبورا حالة دائمة ونهائية بالفعل.

    أعداداليهود في فلسطين المحتلة والعالم

    (سنة 1882 عددهم قي فلسطين 24000 نسبتهم ليهود العالم 0.3% ) ( سنة1900 عددهم قي فلسطين 50000 نسبتهم ليهودالعالم 0.5% ) ( سنة 1925 عددهم قي فلسطين 122000 نسبتهم ليهود العالم 0.8% ) ( سنة 1940 عددهم قي فلسطين 467000 نسبتهم ليهود العالم 2.8% ) ( سنة 1948 عددهم قيفلسطين 650000 نسبتهم ليهود العالم 5.7% ) ( سنة 1951 عددهم قي فلسطين 1404000نسبتهم ليهود العالم 12.2% ) ( سنة 1965 عددهم قي فلسطين 2299000 نسبتهم ليهودالعالم 17.1% ) ( سنة 1975 عددهم قي فلسطين 2959000 نسبتهم ليهود العالم 20.9% ) ( سنة 1980 عددهم قي فلسطين 3282700نسبتهم ليهود العالم 25% ) ( سنة 1985 عددهم قيفلسطين 3510000 نسبتهم ليهود العالم 27(%

    أي أن رُبع الشعب اليهودي وحسـبقرر الاستيطان في فلسطين،الأمر الذي يعني أن أغلبيته الساحقة آثرت العيش في «المَنْفَى»،رغم أن الدولة الصهيونية فتحـت أبوابها على مصراعيها أمامهم.
    كل هذا يعني في واقع الأمر أن المنفى ليس بمَنْفَى، وأن أرض الميعادوالعودة ليست أرض الميعاد أو العودة رغم كل الادعاءات الصهيونية.

    الدياسبورا الإلكترونية
    Electronic Diaspora
    «الدياسبوراالإلكترونية» مُصطلَح صهيوني جديد ظهر مؤخراً يعبِّر عن أن المؤسسة الصهيونية قدقبلت الدياسبورا كحالة نهائية، ولذا بدلاً من مطالبة أعضاء الجماعات اليهودية فيالعالم بأن يهاجروا إلى إسرائيل ويستوطنوا فيها، وبدلاً من النظر إليهم باعتبارهم " خونة " لعدم " عودتهم " إلى إسرائيل، تقبل الحركة الصهيونية بقاء يهود العالم فيأوطانهم وتحاول أن تربط الخبراء والفنيين منهم بمستقبل إسرائيل بحيث يسـاهمون فيتقدُّم إسـرائيل العلمي بخاصة في مجال الإلكترونيات، وعلى أن تطوِّر إسرائيل شبكةللتعاون الإلكتروني يتحكم فيها يهود العالم تحت إشراف إسرائيل.
    وهذاالتصوُّر تعبير عن اليأس الصهيوني من "عودة" اليهود، ولعل هذا يُفسِّر نغـمتهالبروتوكـولية (يهـود العـالم - الدولة الصهيونية - شبكة إلكترونية يهودية.. إلخ).





  10. #10
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    الجزء الثاني: يهود أم جماعات يهودية؟


    الباب الأول: الجماعات اليهودية الأساسية

    الجماعات اليهودية الأساسية
    Major Jewish Communities
    «الجماعات اليهودية الأساسية» هي الجماعات اليهودية التي يؤمن أعضاؤها باليهودية الحاخامية. وتعيش هذه الجماعات أساساً في العالم الغربي والعالم الإسلامي. وقد انقسمت هذه الجماعات على أساس قومي (فرنسي ـ أمريكي ـ إنجليزي)، أو على أساس ديني (إصلاحي ـ محافظ ـ لاديني... إلخ)، أو على أساس إثني (يهودي إثني ـ يهودي غير يهودي.. إلخ). ونحن نضع الجماعات اليهودية الأساسية مقابل الجماعات المنقرضة (مثل الخَزَر) أو الهامشية (مثل يهود الهند).

    «سفارد وإشكناز» كمرادفين لمصطلحي «يهود شرقيون ويهود غربيون»
    Sephardim and Ashkenazim as Synonymous with Oriental and Western Jews
    شاع في الدراسات العربية استخدام مصطلحي «إشكناز» و«سفارد» باعتبارهما مرادفين لمصطلحي «يهود غربيــون» و«يهـود شرقيــون». وفي الدولــة الصهيــونية، تُستــخدَم عبارة «عيدوت مزراحي» للإشــارة إلى الجمــاعات الشــرقية بأسرها بغض النظر عن انتمــائها الدينــي أو الإثنـي، وهو استخدام غير دقيق في تَصوُّرنا ويطمس كثيراً من معالم التجمع الصهيوني التي لابد من رصدها.

    لقد تكونت الدولة الصهيونية عند إنشائها من أعضاء ينتمون إلى جماعات يهودية كثيرة. ولتبسيط الأمر قليلاً، يمكن تقسيمهم إلى قسمين أساسيين:

    1 ـ اليهود الغربيون: وهؤلاء هم اليهود الذين ينتمون حضارياً إلى العالم الغربي بغض النظر عن أصولهم سواء أكانت إشكنازية أم سفاردية. ومن ثم يُشار إلى جميع المهاجرين من أمريكا أو من الاتحاد السوفيتي بأنهم «غربيون»، وقد يُضم إليهم يهود من جورجيا وسفارد من هولندا.

    2 ـ يهود شرقيون: وهؤلاء يضمون يهود الشرق والعالم الإسلامي والعربي، والجماعات اليهودية المتفرقة.

    ومضمون المصطلحين ثقافي، فيهود جنوب أفريقيا يُعتبَرون غربيين نظراً لانتمائهم إلى الجيب الاستيطاني الأبيض.

    ولكن يبدو أن الأدبيات الصهيونية تُؤْثر استخدام مصطلحي «سفاردي» وإشكنازي» على «شرقي» و«غربي»، وذلك للأسباب التالية:

    1 ـ كلمتا «شرقي» و«غربي» كلمتان عامتان، أما مصطلحا «سفاردي» و«إشكنازي» فهما خاصان ومقصوران على اليهود، كما أنهما مأخوذان من تراثهم اللغوي والديني. والحديث عن «سفارد» و«إشكناز» هو حديث عن « يهود في يهود » أما الحديث عن «شرقيين» و«غربيين» فيشير إلى اختلافات حضارية حقيقية وعميقة تتجاوز الإطار المرجعي اليهودي.

    2 ـ كلمتا «سفارد» و«إشكناز» ليس لهما حدود دلالية واضحة، بل متداخلتان،الأمر الذي يجعل استخدامهما كأدوات تحليلية أمراً صعباً.

    3 ـ وهذا التَرادُف التصنيفي الخاطئ، «شرقي» و«سفاردي» من جهة و«غربي» و«إشكنازي» من جهة أخرى، يعود إلى الرغبة المتزايدة في التصنيفات الثنائية (سالب وموجب ـ ذكر وأنثى ـ نعم ولا ـ أبيض وأسود) المرتبطة بتَغلغُل العقلية العلمية المادية. لكن الجنوح نحو التصنيف الثنائي يخدم الصهاينة بشكل خاص، فهو يستبعد عشرات الجماعات اليهودية التي لا ينتمي أعضاؤها إلى أيٍّ من الفريقين، مثل الفلاشاه وبني إسرائيل، ويُبسِّط الأمر تماماً، فيصبح اليهود جماعتين إثنيتين كلٌّ منهما تشبه الأخرى في نهاية الأمر. أما إذا أخذنا بتصنيف تَعدُّدي ثلاثي أو رباعي أو خماسي، أو بتصنيف يَتعدَّد بعدد الجماعات اليهودية في العالم فسيُمكننا إدراك التنوع، وهذا ما يحققه مصطلحا «شرقي» و«غربي». فرغم أن هذا التصنيف ثنائي أيضاً فإنه ليس مغلقاً وإنما هو تصنيف مفتوح، فكلمة «شرقي» تشير إلى عشرات التشكيلات الحضارية الفعلية والممكنة، وكذا كلمة «غربي».

    4 ـ يُلاحَظ أن مصطلحي «سفارد» و«إشكناز» يصلحان إلى حدٍّ كبير لتصنيف يهود العالم الغربي، وبالتالي يمكن استخدامهما إذا كان اليهود داخل التشـكيل الحضـاري الغـربي هم موضـوع النـقاش. ولذا، فحينـما يتـناول الدارس تاريـخ الجماعة اليهودية في إنجلترا مثلاً، فبإمكانه أن يتحدث عن النخبة السفاردية والجماهير الإشكنازية (اليديشية) حتى أواخر القرن التاسع عشر. وينطبق الشيء نفسه على يهود هولندا وفرنسا وهكذا. والمصطلحان يستبعدان الجماعات اليهودية الأخرى في العالم كافةً، ولا غضاضة في هذا مادام مجال النقاش هو يهود الغرب. ولكن الصورة تتغيَّر إذا كان منظور التحليل هو العالم. وقد أصبح هذا هو الأمر الغالب بعد ظهور المنظمة الصهيونية التي تعطي نفسها صورة العالمية، وتَدَّعي الحديث باسم كل يهود العالم، وتجعل العالم كله ساحتها. عندئذ يصبح مصطلحا «سفارد» و«إشكناز» قاصرين عن تناول الظاهرة. وهنا، فلابد من استخدام مصطلحي «شرقي» و«غربي» للوصول إلى أعلى مستوى تعميمي، مع استخدام عدد آخر من المصطلحات إن أراد الباحث تناول الجماعات اليهودية على مستوى أكثر تخصـيصاً. فاليهـودية الغربية، أو الجماعات اليهودية في الغرب، لم تَعُد الإطار المرجعي الوحيد. وهذا التحول في مجال النقاش، من يهود الغرب إلى يهود العالم، هو ما أدَّى إلى تَداخُل المصطلحين وحدوث الخلل الذي نحاول تحاشيه.

    5 ـ كان مصطلحا «سفارد» و«إشكناز» صالحين بصفتهما أداتين تحليليتين حتى القرن التاسع عشر. ولكن، مع ظهور الدولة القومية الحديثة، واتساع نطاق الثورة العلمانية، لم يَعُد الانتماء الديني الإثني هو محك الهوية، وبدأ يهود الغرب يُصنِّفون أنفسهم بناء على انتمائهم القومي؛ فهذا يهودي إنجليزي وذلك يهودي هولندي، وهلم جرا. أما على الأساس الديني فهم يهود إصلاحيون أو محافظون أو أرثوذكس أو إلحاديون وعلى مستوى الهوية يمكن تصنيفهم على أنهم يهود إثنيون أو إندماجيون أو يهود غير يهود... إلخ. وهكذا ضمر الانتماء السفاردي أو الإشكنازي، ولم يَعُد المصطلحان صالحين.

    لكل هذا، فإننا نستخدم هنا مصطلحي «سفارد» و«إشكناز» حين يكون موضوع النقـاش هو يهود الغرب حتى منتصف القرن التاسـع عشر، أو حينما نود الإشارة إلى السفارد أو الإشكناز بالمعنى المحدد. وفيما عدا ذلك، فإننا نستخدم مصطلحي «شرقي» و«غربي»، فهما مصطلحان عامان يغطيان كل التنويعات والهويات اليهودية المختلفة. كما أننا نستخدم مصطلحات أكثر تحدُّداً، مثل: يهود البلاد العربية والإسلامية، أو يهود اليديشية، أو يهود بني إسرائيل، أو يهود الفلاشاه. كما نستخدم مصطلح «الجماعات اليهودية» في صيغة الجمع ثم نشير، على سبيل المثال، إلى الجماعة اليهودية في هولندا في القرن التاسع عشر (مثلاً) من باب التخصيص المكاني والزماني.







 

صفحة 1 من 7 12345 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثامن
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 54
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:12 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML