الطــــب
Medicine
يُلاحَظ أن العمل في القطاع الطبي يُوكَل أحياناً لجماعة وظيفية. وقد كانت مهنة الطب، في كثير من المجتمعات، يضطلع بها بعض أعضاء الجماعة اليهودية للأسباب التالية:

1 ـ يتطلب العمل بهذه المهنة معرفة خاصة ومراناً خاصاً، وهو ما قد لا يتوافر لأعضاء المجتمع.

2 ـ يطَّلع الطبيب على كثير من الأسرار من خلال احتكاكه بالمرضى. ولذا، فإن الطبيب إذا كان عضواً في المجتمع، فهو يشكل خطراً عليه وعلى ترابطه وتراحمه وعلى أمنه.

3 ـ في حالة الأطباء الذين يعملون في معيَّة أعضاء النخبة الحاكمة، يمثل هذا الطبيب مشكلة أمنية إذ يمكنه أن يتحول إلى أداة (فتك أو تجسس) في الصراعات الدائرة، كما يمكنه أن يراكم الأسرار عنده ويستخدمها ضد النخبة الحاكمة. وإن كان ثمة قاعدة شعبية يتركز فيها فقد يتراكم عنده من الأسرار والقوة ما يجعله يهدد نظام الحكم.

لكل هذا، كانت كثير من المجتمعات التقليدية يعهد بوظيفة الطب إلى بعض أعضاء الجماعة اليهودية باعتبارهم جماعة وظيفية (لأنهم يُستورَدون من خارج المجتمع)، خصوصاً أن أعضاء الجماعة اليهودية ارتبطوا بالسحر لأسباب تاريخية كثيرة، فكان يُنظَر إليهم باعتبارهم سحرة قادرين على شفاء الأمراض. وقد كان التلمود يحوي عناصر كثيرة من الطب الشعبي، كما كان كثير من الحاخامات يمارسون مهنة الطب. ولعل قوانين الطعام اليهودية، والذبح الشرعي، ساهمت هي الأخرى في توليد وعي عند أعضاء الجماعة اليهودية بالأمور الطبية. ولكل هذا، تركَّز أعضاء الجماعة اليهودية في هذه المهنة، ومن ثم ساهموا في تطوير كثير من الأدوية والممارسات الطبية.

وقد استمر هذا الوضع حتى القرن العشرين، ولا تزال له فعالية إلى حدٍّ ما، حتى بعد أن تحول أعضاء الجماعة اليهودية من جماعة وظيفية وسيطة إلى طبقة وسطى. ويعود هذا إلى ميراث الجماعات اليهودية المهني والوظيفي والاقتصادي. كما أن أبناء المهاجرين عادةً ما يتجهون إلى مهن الياقات البيضاء التي تحتاج ممارستها إلى قدر عال من التعليم وإلى رأسمال صغير، الأمر الذي ينطبق على أعضاء الجماعة اليهودية، كما ينطبق على غيرهم من الجماعات المهاجرة إلى الولايات المتحدة مثل الهنود والمصريين.

ومما يجدر ذكره، أن كثيراً من اليهود الألمان الذين كانوا يعملون في قطاع الطب ساهموا في تطوير ما يُسمَّى الآن «قواعد الصحة النازية»، وهو ذلك الفرع من العلم الطبي الذي كان يهدف إلى توظيف الإنسان بشكل مادي كفء؛ باعتباره مادة نافعة متحوسلة وبحيث تُطبَّق قوانين الوراثة بشكل منهجي على البشر ويتم القيام بعمليات تفريخ تهدف إلى تحسين النسل ويُطبَّق القتل الرحيم على من يرى العلم الطبي ضرورة قتلهم. كما كانت تجرى على البشر تجارب لا تكترث بهم كثيراً ما دامت ستؤدي إلى مراكمة المعلومات الطبية. وقد ظل هؤلاء الأطباء الألمان اليهود في وظائفهم إلى أن طردهم النازيون منها بعد استيلائهم على الحكم.

ولا يمكن أن نفسر ظاهرة اشتراك الأطباء من أعضاء الجماعة اليهودية في هذا الطب الشيطاني اللا إنساني على أساس بُعْد يهودي خاص، فقد كانوا يتصرفون كأطباء ألمان يتحركون داخل إطار الحضارة الغربية الملتزمة بقيم الحياد العلمي اللاإنساني.

الترجمــــة
Translation
عادةً ما تقوم بالترجمة شخصيات حركية قادرة على الانتقال من مجتمع إلى آخر تتملك ناصية لغاتها وخطابها الحضاري. وقد لعب بعض أعضاء الجماعات اليهودية دوراً نشيطاً في عمليات الترجمة لعل من أهمها ما تم في أوربا، في القرن الثاني عشر، حيث كان بعض يهود شبه جزيرة أيبريا، ممن نشأوا في إطار الثقافة العربية الإسلامية فيها، ينتقلون بين القطاعين الإسلامي والمسيحي وبين العالم الإسلامي والعالم المسيحي. وبذا أصبحوا مزدوجي الثقافة. ولا شك في أن تركُّز أعضاء الجماعات اليهودية في التجارة الدولية بعض الوقت أتاح لهم فرصة تملك ناصية العديد من لغات العالم الإسلامي والمسيحي (والشرق الآسيوي أيضاً).

وبسبب وجود هذه الخبرة الفريدة عند بعض أعضاء الجماعات اليهودية، وبسبب إحساس الحاكم بالأمن تجاههم (فليس لهم قاعدة شعبية، ولا يمكنهم استخدام المعلومات التي يعرفونها من خلاله ضده)، نجد أن كثيراً من حكام العالم الإسلامي والعالم المسيحي كانوا يستخدمون بعض أعضاء الجماعات اليهودية كمترجمين وكرسل لهم (سفراء) للبلاد الأخرى. ولا يزال يُلاحَظ وجود ملحوظ لأعضاء الجماعات اليهودية في أعمال الترجمة والدراسات اللغوية، على عكس السلك الدبلوماسي حيث يُلاحَظ تناقص عددهم واختفاؤهم تماماً في بعض البلاد حيث أصبحت الدولة المركزية لا تُوكل مثل هذه الوظائف إلا لأبناء البلد لأسباب أمنية.

الجاسوسية اليهودية والجواسيس اليهود
Jewish Espionage and Jewish Spies
«الجاسوسية اليهودية» مصطلح يفترض أن ثمة نشاطاً يهودياً عالمياً يقوم به أعضاء الجماعات اليهودية وأن ثمة نموذجاً عاماً تفسيرياً ونمطاً متكرراً يمكن من خلاله تفسير هذا النشاط، وهو نموذج يفترض أن يهودية الجواسيس وانتماءهم للجماعات اليهودية هو الذي يفسر اضطلاعهم بهذه الوظيفة ومن ثم فهم «جواسيس يهود». وحيث إننا لم نعثر على مثل هذا النموذج، فإننا نفضل أن نتحدث عن «الجواسيس من أعضاء الجماعات اليهودية» حتى يتم تفسير وتصنيف كل حالة على حدة من خلال ملابساتها الخاصة، ومن خلال نموذج الجماعة الوظيفية.

الجواسـيس مــن أعضــاء الجماعــات اليهــودية
Spies from Members of Jewish Communities
لا يمكن بدايةً أن نزعم أن الكثيرين من اليهود يعملون كجواسيس، إذ أن هذه المسألة لم تُدرَس بطريقة إحصائية تجعل التعميم ممكناً، ومع ذلك فيمكننا أن نزعم أن الانطبـاع الأوَّلي يـدل على أن سلـوك أعضـاء الجماعـات اليهـودية لا يختلف كثيراً في هذا المجـال عن سلوك أية جماعة إنسانية أخرى تعيش الظروف نفسها.

ومع هذا، يمكن تصنيف الجواسيس باعتبارهم من الجماعات الوظيفية. والجاسـوس، أصـلاً، ليس بغريب وإنما هو عضو في الجماعة، ولكنه يتعاقد مع قوة خارجية توظفه ليعمل لصالحها داخل مجتمعه أو بين أعضاء المجتمع المضيف فيخلق مسافة بينه وبين المجتمع وينظر إليه بحياد شديد ويرصده بموضوعية لحساب القوة الخارجية بحيث تختفي العلاقة التراحمية وتحل محلها علاقة موضوعية باردة.

وقد أصبحت الجماعات اليهودية، بعد انتشارها في العالم، ولاسيما العالم الغربي، جماعات وظيفية. وقد نجم عن ذلك أن أعضاءها أصبحوا عنصراً متحركاً لا يدين بالولاء لأحد، وأصبحت ثمة قابلية لأن يتم تجنيد الجواسيس من صفوفهم بسهولة، خصوصاً أنهم تواجدوا في المناطق الحـدودية. وقد قام قمبيز، حسـبما جـاء في تاريخ هيرودوت، بإرسال جواسيس يهود إلى مصر قبل أن يقوم بغزوها ليأتوه بالمعلومات. وأدَّى انتشار الجماعات اليهودية إلى قيام شبكة اتصالات يهودية لا تقوم بتسهيل عملية تبادل البضائع والأموال وحسب، وإنما تقوم أيضاً بتوصيل المعلومـات بسرعة. وقد استفاد من ذلك يهود البـلاط، في القرن السابع عشر، في الحصول على المعلومات وتوصيلها إلى الحكومات التي يدينون لها بالولاء. وقد حاول أوليفر كرومويل الاستفادة من هذه الشبكة لا على المستوى التجاري وحسب وإنما على المستوى المعلوماتي أيضاً، إذ كان يفكر في توظيف اليهود ليعملوا له كجواسيس.

ويبدو أن نابليون قد فكر في توظيف اليهود ليعملوا جواسيس لحسابه (وقد أخبر هرتزل ملك إيطاليا بهذه الحقيقة). وإبَّان غزو نابليون لروسيا، جند نابليون بعض اليهود للتجسس لحسابه، لكن أغلبية اليهود تجسسوا عليه لحساب الحكومة القيصرية لأن المؤسسة الدينية كانت تعتبره عدوها الأكبر.

وإبَّان الحرب الفرنسية الألمانية، كانت الاستخبارات الفرنسية تجند يهود الألزاس واللورين الذين يعرفون الألمانية ليتجسسوا لحساب فرنسا. وقد اتُهم دريفوس، وهو من أصل ألزاسي، بأنه يتجسس لحساب ألمانيا. بل وكان هرتزل يود، ضمن مخططه الصهيوني، أن يحوِّل يهود العالم إلى عملاء لبريطانيا العظمى.

ويفترض الصهـاينة أن يهود العالم هم أعضاء في الشـعب اليهودي، ومن ثم فإن ولاءهم لابد أن يتوجه إلى الدولة الصهيونية. وانطلاقاً من هذا المنظور، تحاول أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تجنـيد أعـضاء الجـماعات اليهـودية ليعـملوا من أجل المصالح الصهيونية. وانطلاقاً من هذا أيضاً، تم تجنيد بعض يهود البلاد العربية قبل وبعد عام 1948 للتجسس لصالح المُستوطَن الصهيوني (جماعة نيلي - حادثة لافون... إلخ). وتبين حادثة بولارد في الولايات المتحدة أن المؤسسة الصهيونية لا تزال تتحرك داخل الإطار نفسه. لكن من الضروري الإشارة إلى أن أعضاء الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة رفضوا هذا التعريف الصهيوني لهويتهم.

وتشك المؤسسة الصهيونية في المهاجرين السوفييت، ولا توظفهم في الأعمال العسكرية خشية أن يكون بينهم جواسيس قام الاتحاد السوفيتي (سابقاً) بتسريبهم إلى صفوفهم.

نيلي
Nili
كلمة «نيلي» هي صيغة اختصار للعبارة العبرية «نيتساح يسرائيل لو يشاكير» أي «مجد إسرائيل لن يسقط». وهي منظمة استخبارات صهيونية سرية أسسها عام 1915 في فلسطين أفشالوم فينبرج، وتولى قيادتها أهارون أرونسون، وكان من بين أعضائها أخته سارة. وكان الهدف من تشكيل هذه المنظمة مساعدة بريطانيا في صراعها ضد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، باعتبار أن انتصار بريطانيا سيتيح الفرصة لتحقيق المشروع الصهيوني، وبخاصة بعد فشل هجوم القوات العثمانية على قناة السويس في ربيع عام 1915.

وبالتعاون مع الاستخبارات البريطانية، استطاعت المنظمة (التي بلغ عدد أعضائها نحو 40 فرداً) نشر شبكاتها في العديد من أنحاء فلسطين. ووصل نشاطها إلى ذروته مع تعيين أرونسون مستشاراً للقائد العسكري العثماني جمال باشا، ومع نجاح المنظمة في تجنيد أحد ضباط الجيش العثماني وهو نعمـان بكليـف. ومن خلال هذا التغلغل في أوساط القوات العثمانية، أمدت نيلي القوات البريطانية بالكثير من المعلومات الحيوية حول استعدادات الجيش العثماني ومواقعه في غزة وبئر سبع، وهو ما كان له أبلغ الأثر في حسم معركة جنوب فلسطين عام 1916 لصالح بريطانيا والحلفاء. ورغم ذلك، نجحت السلطات العثمانية في اكتشاف منظمة نيلي والقبض على أعضائها وتصفيتها عام 1917.

وبرغم معارضة قادة التجمع الاستيطاني في فلسطين لنشاط المنظمة أثناء وجودها، وذلك خوفاً من انتقام السلطات العثمانية في حالة كشفها، إلا أنهم غيَّروا موقفهم بعد تصفيتها، وأصبحت جهود نيلي في خدمة بريطانيا إحدى الأوراق المهمة التي لوحت بها الحركة الصهيونية للحصول على وعد بلفور. وعلى هذا النحو، يُبرز نشاط نيلي الترابط الوثيق بين مصالح الحركة الصهيونية والمصالح الاستعمارية، كما يوضح سعي الصهاينة الأوائل لوضع حركتهم داخل الإطار الاستعماري الغربي وتقديم أنفسهم للعمل كأداة لهذه القوة الاستعمارية أو تلك، وهو ما يشكل سمة أساسية للحركة الصهيونية منذ نشأتها حتى اليوم.

قضيـة لافـون
Lavon Affair
«قضية لافون» نسبة إلى بنحاس لافون، وهي تشير إلى واحدة من أهم عمليات التخريب التي قامت الدولة الصهيونية بتدبيرها، ممثلة في تلك التفجيرات التي قام بها بعض أعضاء الجماعة اليهودية في مصر عام 1953. والجدير بالذكر أن دعاة الصهيونية يذهبون إلى أن إسرائيل هي المركز وأن أعضاء الجماعات اليهودية هم الأطراف والهامش، ولذا فمن حق الحركة الصهيونية (والحكومة الصهيونية) أن تحول يهود العالم إلى أداة توظفها في خدمتها، أي تحولهم إلى جماعة وظيفية تعمل بالتجسس والإرهاب لصالحها.

وقد كوَّنت الوكالة اليهودية في العشرينيات شبكة تجسس، كان لها فروع في العالم العربي، وكانت تعمل سراً تحت ستار تنظيمات شرعية. مثل أندية حركة المكابي الرياضية أو المنظمات الخيرية اليهودية الكثيرة. وفي الثلاثينيات أنشأت الهاجاناه قسماً للاستخبارات برئاسة موشى (شيرتوك) شاريت أول رئيس وزراء لإسرائيل. وأنشأت الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) سنة 1937 مركزاً لتدريب اليهود العرب على القيام بأعمال التجسس على مواطنيهم، وأُطلق على هؤلاء الجواسيس اسم «الأولاد العرب».

وفي أعقاب قيام دولة إسرائيل، استمرت عملية تجنيد اليهود العرب للقيام بأعمال التجسس والتخريب. وتخبرنا الموسوعة اليهودية (جودايكا) بأنه كانت هناك « حركة صهيونية سرية على درجة عالية من التطور» في مصر تعمل في خدمة الصهيونية. وكان من الشخصيات البارزة في هذه الحركة المواطن اليهودي المصري موشى مرزوق الذي وُلد في القاهرة سنة 1926. وجاء في الموسوعة ذاتها أنه بدلاً من أن يرتبط هذا المواطن اليهودي المصري ببلاده كان «على اقتناع بأن مستقبل جميع اليهود المصريين يكمن في الهجرة إلى أرض إسرائيل التاريخية ». ونتيجةً لهذا، كرس حياته لتحقيق الأهداف الصهيونية، فقام بتجنيد اليهود الشبان ليذهبوا إلى إسرائيل. وكان باستطاعته هو نفسه أن يغادر البلاد، ولكنه قرر أن يبقى في وظيفته بالمستشفى الإسرائيلي بالقاهرة، وأن يعمل من أجل إسرائيل. وكان من أصدقاء مرزوق شخص يُدعَى صمويل عزار (من مواليد الإسكندرية) حصل على منحة لدراسة الهندسة الألكترونية في الخارج لكنه اختار هو الآخر ـ كما فعل مرزوق ـ أن يبقى في مصر ليؤدي مهمته.

وتُعدُّ فضيحة لافون من أسوأ تلك المهمات، فقد قام 13 يهودياً مصرياً (بناءً على تعليمات من إسرائيل) بوضع متفجرات في مكتبة المركز الإعلامي الأمريكي في القاهرة، وفي منشآت أخرى مملوكة لأمريكا وبريطانيا في القاهرة والإسكندرية. وكان الهدف من هذه الأعمال خلق التوتر في العلاقات بين مصر وهاتين الدولتين الغربيتين. وكما أوضح يوري إفنيري في كتابه إسرائيل دون صهاينة، كان المقصود من هذا التوتر تمكين العناصر الاستعمارية الرجعية في البرلمان البريطاني من منع إبرام اتفاقية تنص على الجلاء عن قواعد السويس، وكذلك تقديم سلاح يستطيع معارضو تسليح مصر في الولايات المتحدة استخدامه. ولكن الهدف من هذه العمليات التخريبية كان، قبل كل شيء، إضعاف مظهر نظام الحكم الثوري الجديد في مصر، وإظهار افتقاره إلى الاستقرار أمام العالم. وقد أُلقي القبض على بعض العملاء الصهاينة متلبسين بالجريمة، الأمر الذي أدَّى إلى القبض على كل المشتركين في المؤامرة. وكان المقبوض عليهم هم: ماكس بنيت (زعيم الشبكة)، والدكتور مرزوق، وصمويل عزار، وعشرة آخرون. وأثناء المحاكمة، تمكَّن اثنان من الهرب، وانتحر ماكس بنيت. أما الباقون، فقد بُرِّئت ساحة اثنين منهم، وصدرت أحكام بالسجن على سبعة، وصدر حكم بالإعدام على كلٍّ من مرزوق وعزار اللذين كانا يتزعمان شبكتي القاهرة والإسكندرية. وقد وُجهت إلى مرزوق تهمة تنظيم مجموعة القاهرة ووضع ترتيبات الاتصال اللاسلكي مع إسرائيل بعد أن أمضى فترة تدريب هناك. أما عزار، فقد اتُهم بتزعم مجموعة الإسكندرية وإدارة مصنع سري لتصنيع أجهزة التخريب.

وظلت فضيحة لافون تؤرق القيادة الإسرائيلية لفترة طويلة بعد انتهاء محاكمات القاهرة. وقد أنكر بن جوريون مسئوليته عن إعطاء أوامر العملية، وألقى اللوم كله على بنحاس لافون (ومن هنا التسمية «حادثة لافون») الذي أصر على براءته إلى النهاية. وعندما برأت لجنة تقصي الحقائق بنحاس لافون، استقال بن جوريون من حزب الماباي الحاكم وكوَّن (بالاشتراك مع كلٍّ من بيريز وديان) حزب رافي. وبغض النظر عن الضجة السياسية داخل إسرائيل بشأن المسئولية الشخصية عن الموضوع، فقد كان هناك اعتراف ضمني بتورُّط إسرائيل في فضيحة لافون حيث مُنح اسم الدكتور مرزوق رتبة عسكرية في الجيش الإسرائيلي وأُطلق عليه هو وعزار لقب « شهيدي القاهرة ».