صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 34567
النتائج 61 إلى 62 من 62
 
  1. #61
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    آنـــا بوكــر (1890-1960(
    Ana Pauker
    الاسم الأصلي لبوكر هو «حنا رابينسون». وهي زعيمة شيوعيةرومانية ووزيرة ونائبة رئيس وزراء. وُلدت في بوخارست لعائلة يهودية أرثوذكسية،وتلقت تعليماً يهودياً تقليدياً ثم قامت بتدريس اللغة العبرية في مدرسة ابتدائيةيهودية. وفي عام 1920، انضمت (تحت تأثير خطيبها مارسيل بوكر الذي تزوجته فيما بعد) إلى الحزب الشيوعي المحظور، وقامت بتنظيم خلية شيوعية سرية. وأُلقي القبض عليهاوحُكم عليها بالسجن لفترة طويلة عام 1936، ولكن تم الإفراج عنها عام 1941 في عمليةتبادل للسجناء بين الاتحاد السوفيتي ورومانيا عقب احتلال القوات السوفيتية لمنطقةبساربيا، وانتقلت إلى موسكو ولم تَعُد إلى رومانيا إلا مع القوات السوفيتية التيدخلتها عام 1944. ورغم أن زوجها أُعدم في الاتحاد السوفيتي أثناء إحدى زياراته له،وذلك في إطار حملة التطهير التي قام بها ستالين ضد البلاشفة القدامى، إلا أنإيمانها بالنظام السوفيتي على ما يبدو لم يتزعزع. وبعد انتهاء الحرب العالميةالثانية، أصبحت بوكر واحدة من أقوى القادة الشيوعيين في رومانيا. وساهمت في تشكيلالجبهة الديموقراطية الرومانية، وتولت منصب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي. وبعد وصول الشيوعيين للحكم عام 1947، أصبحت وزيرة للخارجية ونائبة لرئيس الوزراءوتمتعت بسلطات واسعة.

    وكانت بوكر قد قطعت جميع صلاتها بالجماعة اليهودية فيرومانيا كما كانت مناهضة بشدة للصهيونية. ورغم ذلك، سُمح أثناء وجودها في السلطةبهجرة مائة ألف يهودي روماني إلى إسرائيل، ولعل هذا كان في إطار محاولتها تخليصرومانيا من العناصر التي قد تُسبب قلقاً اجتماعياً فيها.

    وفي عام 1952،وُجِّهت لبوكر عدة اتهامات من بينها الانحراف اليميني والنشاط الصهيوني وتشجيعالهجرة اليهودية إلى إسرائيل، وطُردت من الحزب الشيوعي وأُعفيت من جميع مناصبهاووُضعت تحت التحفظ في منزلها لعدة سنوات. وقد تعرض عدد من القادة والزعماءالشيوعيين من اليهود وغير اليهود في دول أوربا الشرقية لإجراءات مماثلة في هذهالفترة، وهي إجراءات ارتبطت في المقام الأول بالصراعات السياسية الداخلية وبعلاقاتهذه الدول بالاتحاد السوفيتي خلال فترة اشتداد حمية الحرب الباردة.

    موسى بيجادي (1890-1957(
    Mosa Pijade
    ثوري وسياسي يوغسلافييهودي. وُلد في بلجراد، ودرس فن الرسم في ميونيخ وباريس، ثم انضم عام 1920 إلىالحزب الشيوعي اليوغسلافي المحظور، وسُجن عام 1921 بسبب نشاطه الثوري، ثم سُجن مرةأخرى عام 1925 وحتى عام 1939. وقام خلال هذه الفترة بترجمة رأس المال لماركس إلىاللغة الصربية. وبعد الاحتلال الألماني ليوغسلافيا عام 1941، تحوَّل بيجادي إلى بطلقومي حيث نظَّم المقاومة الشيوعية ضد الاحتلال تحت قيادة تيتو. وبعد تولِّي تيتوقيادة البلاد عقب تحريرها عام 1945، كان بيجادي من أقرب المساعدين له، حيث تولىعدداً من المناصب من أهمها رئاسة الجمهورية الصربية، ومن ثم كان أحد أربعة نوابلرئيس الدولة. كما شارك في وضع دستور يوغسلافيا الجديد ولعب دوراً رئيسياً في رسمسياسة يوغسلافيا تجاه الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية، وكذلك في رسم السياسةالتي تبنت يوغسلافيا بموجبها طريقاً مستقلاً عنهما.وقد تولَّى بيجادي رئاسةالبرلمان اليوغسلافي، كما كان عضواً في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب.

    لازار كاجــانوفيـتش (1893-1991(
    Lazar Kaganovich
    ثوريروسي ورجل دولة سوفيتي، وُلد في كييف لعائلة يهودية ريفية. انضم عام 1911 إلى الحزبالبلشفي بعد أن غيَّر اسمه من كوجان إلى كاجانوفيتش. وفي عام 1914، أصبح عضواً فيلجنة الحزب الشيوعي في كييف، ولعب دوراً نشيطاً في الفترة التي سبقت انـدلاع ثـورة 1917 مباشـرة. وخلال الحرب الأهلية (1918 ـ 1920)، خدم كضابط سياسي في الجيشالأحمر، ثم تولَّى رئاسة الحزب الشيوعي في أوكرانيا في الفترة بين عامي 1925و1927.وفي عام 1930،ضمه ستالين إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي.وأصبح كاجانوفيتش،طوال الثلاثينيات، الرجل الثاني في الدولة، فأشرف على تنفيذ عدة مشاريع مهمة فيالدولة من بينها مترو أنفاق موسكو (الذي حمل اسمه لفترة طويلة) وأعمال بناء السككالحديدية والصناعات الثقيلة. كما تولَّى مسئولية تنفيذ عملية الزراعة الجماعية فيالاتحاد السوفيتي، ونقل ملايين الفلاحين إلى المزارع الجماعية الضخمة المملوكةللدولة. وقد ترأَّس في الفترة ما بين عامي 1933 و1936 لجنة الرقابة داخل الحزب،وأشرف على عمليات التطهير داخله التي شملت آلاف الأعضاء.

    وخلال الحربالعالمية الثانية، كان كاجانوفيتش عضواً في وزارة الحرب السوفيتية، ثم عُيِّن بعدالحرب نائباً لرئيس الوزراء ثم نائباً أول لرئيس الوزراء. ووقف كاجانوفيتش إلى جانبستالين خلال فترة الإرهاب الستاليني التي أعقبت الحرب والتي راح ضحيتها كثير مناليهود وغير اليهود أيضاً.

    وفي عام 1957، اتُهم كاجانوفيتش بالاشتراك معمولوتوف ومالنكوف وغيرهما، في محاولة لإقصاء خروشوف من رئاسة الحزب الشيوعي. ولذلكأُعفي من جميع مناصبه وطُرد من الحزب الشيوعي عام 1961، وحاول العودة إليه بعد سقوطخروشوف ولكنه فشل.

    وقد ظل كاجانوفيتش طوال حياته متمسكاً بتأييده لستالينولعهده وسياساته، ورفض بشدة هجرة اليهود السوفييت إلى إسرائيل، سواء أثناء وجوده فيالحكم أو فيما بعد ذلك وحتى وفاته. وعارض وجود قسم خاص لليهود داخل الحزب الشيوعي،كما عارض أيضاً حزب البوند، وهو ما يدل على نزعته الأممية الاندماجية الحادة.

    إرنـو جـيرو (1898-1980(
    Erno Gero
    زعيم شيوعي مجري يهودي،وُلد في بودابست وانضم عام 1918 إلى الحزب الشيوعي واشترك في الثورة التي قادهابيـلا كون عام 1919. وعندما فشلت الثورة في ألمانيا، عاد سراً إلى المجر حيث قامبتحرير جريدة شــيوعية سـرية. وعـاش جيرو لفترة في الاتحاد السوفيتي، كما ساعدالعناصر الشيوعية في إسبانيا خلال الحرب الأهلية الإسبانية. وفي عام 1944، عاد إلىالمجر مع الجيش السوفيتي وبدأ في احتلال مواقع مهمة في الدولة حيث أصبح وزيراًللنقل ثم المالية ثم وزير دولة ووزيراً للتجارة الخارجية. وأشرف على عمليات إعادةالبناء وعلى تنفيذ الخطط الخمسية. وفي الفترة ما بين عامي 1965 و1966، تولَّى منصبنائب رئيس الوزراء كما كان عضواً في المكتب السياسي.

    بعد إقصاء ماتياسراكوسي عن الحكم، عُيِّن جيرو سكرتيراً أول للحزب الشيوعي عام 1956. وحاول، خلالفترة حكمه القصيرة، كبح جماح تيار التغيير ولكن دون جدوى. ومع تفجُّر الانتفاضةالمجرية، استنجد بالجيش السوفيتي للتدخل، ولكن تم إقصاؤه من الحكم ففرَّ من البلاد. وعاش جيرو عدة سنوات في الاتحاد السوفيتي حيث مُنعمن العودة إلى المجر حتى عام 1962. كما طُرد من الحزب الشيوعي.

    رودولف سلانسكي (1901-1952(
    Rudolf Slansky
    اسمه الأصلي رودولف شليزنجر. سكرتير عام الحزب الشيوعيالتشيكوسلوفاكي الذي أُعدم عام 1952 بتهمة الخيانة العظمى. انضم سلانسكي في شبابهإلى الحزب الشيوعي وصعد سريعاً في صفوفه، ثم وُجِّهت إليه عام 1936 انتقادات حادةمن قبَل الدولية الشيوعية (كومنتيرن)، بسبب ما وُصف بأنه « سياسته الانتهازية »،وأُوقفت عضويته بشكل مؤقت من المجموعة القيادية.

    وخلال الاحتلال النازيلتشيكوسلوفاكيا، انتقلت قيادة الحزب إلى الاتحاد السوفيتي وأُوكل لسلانسكي خلالفترة الحرب العالمية الثانية عدة مهام مهمة في الجيش، من بينها تجنيد عناصر منأعضاء الحزب للانضمام لوحدات الجيش التشيكي الذي تكوَّن في الاتحاد السوفيتي،وتنظيم عمليات المقاومة المسلحة ضد الألمان. وشارك سلانسكي بنفسه في بعض العملياتالعسكرية.

    ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، عُيِّن سلانسكي (عام 1945) سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي التشيكي، وأصبح الرجل الثاني بعد رئيس الحزب الذيأصبح أيضاً رئيس الدولة. وأحكم قبضته على كافة مقاليد الأمور في الحزب وقوات الأمنوالجيش، كما كان ينوب عن رئيس الدولة في المؤتمرات الحزبية. وفي عام 1951، مُنحسلانسكي أعلى وسام تشيكي وهو وسام الاشتراكية. ووقع سلانسكي ضحية سلسلة منالاتهامات والمحاكمات التي تعرَّض لها بعض القادة الشيوعيين في دول أوربا الشرقيةبهدف تعزيز مواقع القيادات الموالية لموسكو في هذه الدول. ففي عام 1951، أُلقيالقبض على سلانسكي وثلاثة عشر آخرين من القيادات الحزبية بتهمة التآمر ضد النظام،فطُرد من عضوية الحزب كما أُعفي من جميع مناصبه الحزبية. ووُجهت إليه ولمجموعة منالمتهمين عدة تهم منها التروتسكية والصهيونية والتعاون مع أجهزة الاستخباراتالغربية لإقامة مركز للأنشطة التخريبية المناهضة للدولة. وقُدِّم سلانسكي للمحاكمةعام 1952 واعترف بجميع التهم التي وُجِّهت إليه، وحُكم عليه مع عشرة آخرين بالإعداموأُعدموا في العام نفسه.

    وفيما بعد شُكِّلت لجان لتقصي ملابسات عمليةالاستجوابات خلال هذه القضية، وتبيَّن عام 1968 أن قوات الأمن لجأت إلى أساليب غيرمشروعة في التحضير لهذه المحاكمات ولانتزاع الاعترافات من المتهمين. وقد دعت اللجنةالتي توصلت إلى هذه الحقائق إلى إلغاء قرار طرد سلانسكي من الحزب الشيوعي وردالاعتبار إليه.






  2. #62
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    هنري كورييل (1914-1978(
    Henri Curiel
    سياسي يهودي مُتمصِّر، ومؤسس أحد أهم التنظيمات الشيوعية في مصر خلالالأربعينيات. وهو من أبرز قادة الحركة الشيوعية المصرية في تلك الفترة. وُلد فيالقاهرة لعائلة يهودية سفاردية قَدمت إلى مصر في منتصف القرن التاسع عشر منإيطاليا، وذلك في الفترة التي شهدت تدفُّق المستثمرين الأجانب على مصر للاستفادة منالأوضاع الاقتصادية والظروف السياسية والقانونية المواتية للاستثمار الأجنبي فيمصر. ويبدو أن العائلة ادعت نسبها إلى مدينة ليغورن الإيطالية، وهي خطوة أقدمتعليها على ما يبدو كثير من العائلات اليهودية التي جاءت إلى مصر بعد أن احترق أرشيفالمواليد والوفيات في ليغورن، وذلك ليكتسبوا الجنسية الإيطالية ويستفيدوا منالامتيازات الأجنبية. وقد كان والد هنري، دانييل نسيم كورييل، يمتلك مصرفاً صغيراًمتخصصاً في الرهونات وإقراض الأموال للفلاحين. أما والدته، زفير بيهار، فجاءت منأسرة يهودية ثرية تعيش في إستنبول وتشتغل بتجارة السجاد. وقد اعتنقت زفير المسيحيةالكاثوليكية وعمَّدت هنري وشقيقه راؤول سراً.

    تلقَّى هنري تعليمه الابتدائيوالثانوي في مدارس الجزويت الفرنسية في مصر، ثم درس الحقوق الفرنسية بالقاهرة حيثكان والده يُعدُّه لإدارة مصرف العائلة. ومما يُذكَر أن البورجوازية الأجنبية فيمصر، ومن بينها العائلات اليهودية، كانت تعيش في عزلة اجتماعية وثقافية عن أغلبأفراد الشعب المصري، وكان أبناؤها يتلقون تعليمهم في المدارس الأجنبية والجامعاتالأوربية، وكانت الفرنسية هي لغة التخاطب فيما بينهم. وقد عبَّر كورييل عن هذاالانتماء الثقافي الأجنبي بقوله: « كان من الصعب على يهودي إيطالي تخرَّج من مدرسةفرنسية أن يجد نقطة ارتباط حقيقية في بلد مسلم، وكانت فرنسا هي الوطن الوحيد الذيأشعر بالارتباط به بعد أن فقدت إيماني [الديني] مبكراً ». ومع ذلك، نجد أن كورييلاختار، عند بلوغه سن الحادية والعشرين (عام 1935) اتخاذ الجنسية المصرية، متنازلاًبذلك عن جنسيته الإيطالية بما كانت توفر له من امتيازات. وبرَّر كورييل هذه الخطوةبأنها تمت بدافع حبه لمصر ونفوره من هذه الامتيازات، وكذلك تأثره بمظاهرات الطلبةفي مصر عام 1935 المطالبة بالاستقلال الوطني وعودة دستور 1923.

    وتأثركورييل في هذه الفترة أيضاً بالفكر الاشتراكي والماركسي الذي تعرَّف إليه من خلالشقيقه راؤول الذي كان يدرس في فرنسا، كما صدمه بؤس أحوال الفلاحين والعمال في مصر،فحسم اختياره لصالح الشيوعية وقرَّر الانخراط في العمل السياسي في مصر لصالحالطبقات الكادحة. كما أن صعود الفاشية والنازية في أوربا كان من الأسباب التي دفعتأبناء الجاليات الأجنبية، وخصوصاً أبناء البورجوازية اليهودية، إلى الاهتمام بدراسةالماركسية. وقد شارك كورييل في الأنشطة المعادية للفاشية، وساهم في إصدار مجلةباللغة الفرنسية تدعو إلى مقاومة الفاشية. ثم انضم عام 1939 إلى الاتحادالديموقراطي الذي أسسه شقيقه راؤول كورييل بالتعاون مع جورج بوانتي ومارسيل إسرائيلوالإيطاليين ساندروكا وباجيلي واليوناني كيبريو والمصري أحمد الأهواني الذي نشطأيضاً في مجال مكافحة الفاشية. وقد كان ذلك الاتحاد يعقد اجتماعاته الأولى في مركزمحفل ماسوني إيطالي. وكما يقول كورييل، كان الماسونيون أعداء منطقيين للفاشية التيتضطهدهم وأصبح بعضهم مناضلين شيوعيين.

    وفي عام 1941، افتتح كورييل مكتبةبميدان مصطفى كامل، ولعبت هذه المكتبة دوراً مهماً في توفير الأدبيات الماركسيةباللغات الأجنبية والعربية، بعد أن كانت هذه الأعمال ممنوعة منذ عام 1924. وكانتهذه المكتبة كذلك حلقة اتصال بالعناصر الماركسية بين جنود قوات الحلفاء المتمركزينفي مصر، ومن بينهم جنود الفرقة اليهودية التي عمل الصهاينة على تأسيسها للخدمة فيصفوف الجيش البريطاني، وقام عناصرها بتوصيل الكـتب المعادية للفاشية إلى الأسـرىالألمان والإيطاليين. وكانت علاقة كورييل بعناصر هذه الفرقة، بل ثناؤه عليهمواستعداده لمساعدتهم، أحد الأسباب التي أثارت التساؤلات والجدل حول علاقتهبالصهيونية فيما بعد. كما أن أنشطته هذه مع جنود الحلفاء أثارت الشكوك حول علاقتهبالمخابرات البريطانية. وقد اتهمه الحزب الشيوعي الفرنسي بذلك بالفعل، خصوصاً أنهكان على علاقة صداقة بضابط إنجليزي بالمخابرات البريطانية كان يعمل في مصر خلالالحرب (روبرت براوننج). وقد أكد كورييل أن براوننج كان ماركسياً وانضم بعد الحربإلى الحزب الشيوعي البريطاني، ونفى أن تكون لعلاقته به أية أبعاد مريبة.

    كما اهتم كورييل بتوزيع المنشورات المعادية للفاشية، والتي كانت تدعوالمصريين إلى مقاومة التقدم الألماني، خصوصاً أن عناصر عديدة داخل الحركة الوطنيةالمصرية كانت على استعداد للترحيب والتعاون مع الألمان باعتبارهم أعداء الإنجليز.

    ونتيجةً لنشاطه السياسي، اعتُقل كورييل عام 1942. ونظراً لأنه كان قد اكتسبالجنسية المصرية، أُودع معتقل الزيتون مع غيره من المصريين، ودامت مدة اعتقاله بين 6 و7 أسابيع. ولكنها كانت فرصة حقيقية ـ على حد قول كورييل ـ لكي يتلَّمس عن قرب،ولأول مرة، واقع السياسة المصرية، ويدرك مدى رفض المصريين للوجود البريطاني ومن ثمصعوبة استجابتهم لدعوى مقاومة المحور ومساعدة عدوتهم إنجلترا. ومن هنا، أدرك كورييلأن أفضل سبيل للوصول إلى الجماهير المصرية هو الانطلاق من موقف ثابت في عدائهللإمبريالية وتنمية أقوى حركة شيوعية يمكن إقامتها على هذه القاعدة. وراودته في تلكالفترة أيضاً فكرة اعتناق الإسلام كوسيلة لتأكيد مصريته، وهو ما كان بعض أصدقائه مناليهود قد أقدموا عليه بالفعل، إلى جانب تعمُّقهم في دراسة اللغة العربية، ولكنهعدل عن ذلك حتى لا تؤخذ هذه الخطوة على أنها محاولة للهروب من خطر النازية التيكانت تقف على أبواب مصر.

    وقد خرج كورييل من المعتقل وهو أكثر اقتناعاًبضرورة بناء تنظيم شيوعي. وبالفعل، أسس عام 1943 «الحركة المصرية للتحرر الوطني (حمتو)». وتأسست في الوقت نفسه منظمتان شيوعيتان أخريان بقيادة عناصر يهودية أيضاً،وهما إيسكرا التي أسسها هيلل شوارتز والتي ركزت على تجنيد عناصر من المثقفينالأجانب والمصريين من أبناء البورجوازية المصرية ذوي الثقافة الفرنسية، ثم منظمةتحرير الشعب التي أسسها مارسيل إسرائيل وركزت على التوجه للعمال.

    واتسمتعلاقة التنظيمات الثلاثة بالصراع والتنافس والخلاف حول قضايا فكرية وتنظيمية. وظلتهذه الانقسامات والخلافات التي وُلدت بها الحركة الشـيوعة المصرية واحدة من السـماتالملازمة لها بعد ذلك، وهو ما دفع بعض المؤرخين المصريين مثل سعد زهران للتساؤل عنأسباب هذه الانقسامات التي وُلدت بها الحركة الشيوعية والتي لم يكن لها مبرر واضح. وبسبب هذه الخلافات والصراعات، لم تعترف الحركة الشيوعية الدولية بأي من التنظيمات،بل كانت تشتبه وترتاب في نشاطاتهم وترى أنهم ليسوا أكثر من حفنة من البورجوازيينالصغار المنخرطين في معارك ديوك لا تنتهي ولا علاقة لهم بالنضال الثوري. وقد حاولكورييل مدَّ جسور التعاون مع السفارة السوفيتية في القاهرة وأجرى اتصالاً بمستشارالسفارة عام 1943. ورغم عدم إقبال الاتحاد السوفيتي على الاعتراف به أو بوجودشيوعيين في مصر، إلا أن هذا الاتصال أثار ضده تهمة العمالة للاتحادالسوفيتي.


    وبين قضايا الخلاف، كانت هناك مسألة التمصير والعمالية فقدأصر كورييل على تمصير حمتو، فضمت الحركة غالبية مصرية على جميع المستويات بما فيذلك اللجنة المركزية، على عكس منظمة إيسكرا مثلاً التي أصرت على بقاء قيادة التنظيمأجنبية خالصة. كما اهتمت حمتو بتوسيع القاعدة العمالية في صفوفها وركزت على تجنيدالقيادات العمالية النشيطة، وتحركت في الجيش وفي صفوف الطلبة وكان لها كوادر بينطلبة الأزهر الذين كانوا حلقة الوصل بين الحركة والريف المصري. واهتم كورييل أيضاًبالتحرك بين صفوف النوبيين وتجنيدهم للعمل النضالي وإحباط محاولة الاستعمار فصلالنوبة عن مصر، وكان لهم قسم خاص في الحركة، وكذلك كان الأمر مع السودانيين (ثمفُصل هذا القسم فيما بعد ليكوِّن الحركة السودانية للتحرر الوطني التي كانت نواةالحزب الشيوعي السوداني). وكان موقف كورييل من السودان هو المطالبة بحقه في تقريرالمصير، إما بالوحدة مع مصر أو الاستقلال التام عنه، وهذه هي أول سباحة ضد التيارالعام للحركة السياسية المصرية على حد تعبير د. رؤوف عباس التي كانت تطالب بوحدةوادي النيل تحت التاج المصري.

    وقد تبنَّى كورييل أيضاً موقفاً مؤيداًللوحدة العربية حيث اعتبرها حقيقة لابد منها. ومن ثم، فقد أيَّد تأسيس الجامعةالعربية وجعل وحدة الشعوب العربية هدفاً من الأهداف السياسية لحمتو. واختلفت معهالتنظيمات الشيوعية الأخرى واتهمته بالعمالة للإمبريالية.

    أقام كورييلمدرسة لتعليم وتدريب كوادر الحركة في سراي عزبة والده بالمنصورية. ومن السلبياتالتي تؤخذ على كورييل (وقد اعترف بها فيما بعد) التركيز على الإعداد الحركي للكوادروعلى تدريبهم على العمل الجماهيري على حساب الإعداد النظري الكافي، وعلى تأصيلالثقافة الماركسية بينهم.

    وقد اهتم كورييل أيضاً بالعمل الجبهوي، حيث كانيرى أن من أهم أسباب فاعلية الحركة الجماهيرية وحدة القوى الوطنية بمختلف اتجاهاتهاالسياسية، ولذلك انضم مع يسار الوفد والإخوان المسلمين لتشكيل جبهة وطنية عام 1946عُرفت باسم اللجنة الوطنية للطلبة والعمال (انشق عنها الإخوان فيما بعد). ولعبت هذهاللجنة دوراً رئيسياً في قيادة النضال الوطني عام 1946، وهو ما دفع السلطات لبدءحملة اعتقالات واسعة شملت مائتي شخص فيما عُرف بقضية المؤامرة الشيوعية الكبرى وكانكورييل المتهم الأول فيها. وقد أُفرج عنه بعد عشرين شهراً بعد أن قضت محكمةالجنايات ببراءته.

    وفي عام 1947، بدأ التفكير في توحيد صفوف الحركةالشيوعية المصرية. وبالفعل، اتحدت حمتو مع إيسكرا لتكوين الحركة الديموقراطيةللتحرر الوطني (حدتو). ولكن هذا التنظيم الجديد لم يخل من الخلافات الفكريةوالتنظيمية التي أسفرت عن انشقاقات وانقسامات جديدة نتجت عنها تنظيمات عديدة أخرى. وكان من أهم نقاط الخلاف مسألة التمصير ودور الأجانب أو المتمصرين في القيادة ومنبينهم هنري كورييل الذي اعتبر، برغم تأييده لمسألة التمصير، أن المطالبة بتخليه عنالقيادة نوع من الشوفينية. ومن ناحية أخرى، يذهب بعض مؤرخي هذه الحقبة، مثل مصطفىطيبة، إلى أن السبب الرئيسي وراء انقسام وتَشرْذُم حدتو هو الجانب الانتهازيللوحدة، حيث كانت قيادة كل تنظيم تسعى إلى استقطاب كوادر الطرف الآخر نحوهاوإقناعها بسلامة خطها الثوري وأنها تشكل التيار الثوري الوحيد. ويرى طيبة أن هذاالاتجاه ظل مسيطراً على سلوك جميع التنظيمات الشيوعية حتى بعد أن تم استبعاد جميعالأجانب عن الحركة الشيوعية، فكان وراء فشل التحالفات اللاحقة.

    ومن أهـمأسـباب الخلاف والانشـقاق في تلك الفترة قضـية فلسطين، وقد كان كورييل وراء الموقفالمؤيد الذي اتخذته حدتو بالنسبة لقرار التقسيم عام 1947 ومعارضتها بشدة دخول مصرالحرب. وأسَّس كورييل موقفه هذا من منطلق أممي وطبقي، وأيضاً تمشياً مع موقفالاتحاد السـوفيتي والموقف الشـيوعي العـالمي إزاء قضـية التقسيم. وأدان كورييلكلاًّ من الصهيونية والرجعية العربية والاستعمارين البريطاني والأمريكي، ونادىبالنضال المشترك لليهود والعرب في فلسطين ضد الاستعمار. ورغم رفض كورييل الصهيونيةواعتباره إياها حركة بورجوازية متحالفة مع الاستعمار، إلا أنه لم ينكر حق اليهود فيفلسطين في الوجود القومي، ودعا إلى التفرقة بين الصهيونية واليهود في فلسطينمعتبراً أنهم أصبحوا ذوي سمات مميِّزة تختلف عن يهود الدول الأخرى وأصبحت لهمثقافتهم ولغتهم ومؤسساتهم الخاصة. وبيَّن كورييل أن رُبع يهود فلسطين من الفلاحينوالعمال وأن لهم حقوقاً قومية وسياسية يجب الاعتراف بها ومنحهم إياها، بما في ذلكحق الانفصال وذلك استناداً إلى شروط الأمة التي حدَّدها ستالين. واعتَبرَت حدتو أنالحرب ضد الصهاينة إثارة لحرب دينية لا يُفيد منها سوى المستعمر، ودعت إلى ضرورةتعبئة الجماهير الكادحة لمكافحة الاستعمار أولاً. وانتقد كورييل الدعاوى العنصريةالتي حاولت حرف مسيرة الكفاح من كفاح سياسي ضد الاستعمار وضد الصهيونية كحركةاستعمارية إلى كفاح عنصري ضد اليهود. وكان لموقف حدتو من قضية فلسطين انعكاس سلبيعلى شعبية الحركة الماركسية بأكملها رغم أن التنظيمات الشيوعية الأخرى اتخذت موقفاًمعارضاً للتقسيم ورغم إدانة الحركة بشكل عام للصهيونية. كما كان موقفه هذا من أهمأسباب اتهامه بالصهيونية، سواء من قبَل معارضيه داخل الحركة الشيوعية أو من قبلالقوى السياسية الأخرى في مصر.

    وقد اعتُقل كورييل مع غيره من الشيوعيين فيمايو 1948 بعد إعلان الأحكام العرفية بسبب حرب فلسطين. لكنه رفض أن يتم الإفراج عنهمقابل قبوله الهجرة من مصر وترحيله إلى إسرائيل، كما فعل بعض الشيوعيين اليهود، فظلفي المعتقل مع سائر الشيوعيين المصريين حتى أُفرج عنه عام 1950. وحاول أن يعيدتنظيم صفوف حدتو بعد ظروف الاعتقالات والانقسامات، ولكن أجهزة الأمن المصرية قامتبإبعاده من البلاد في العام نفسه بحجة بطلان إجراءات اكتسابه للجنسية المصرية عام 1935. وقد رفض كورييل الذهاب إلى إسرائيل، وظل لفترة في إيطاليا، ثم نجح في دخولفرنسا حيث استقر في باريس، وهناك كوَّن مجموعة روما للحركة الديموقراطية للتحررالوطني التي تشكلت من العناصر اليهودية التي خرجت من المعتقل في مصر عام 1949وتوجهت إلى إسرائيل ثم فضَّلت التوجه والاستقرار في فرنسا. وظلت المجموعة على اتصالوثيق بكوادر حدتو في مصر وقدمت العون المادي والمعنوي لمعتقليها في سجون مصر. وفيعام 1958، قرَّر الحزب الشيوعي المصري المتحد حل مجموعة روما وفصل أعضائها لأنهممجموعة أجنبية ومنعزلة عن الواقع المصري وبعيدة عن رقابة الحزب.

    ولم يكنذلك نهاية نشاط كورييل السياسي، إذ نقل اهتمامه السياسي من مصر إلى الجزائر. فأيَّدحركة التحرير الجزائرية واعتُقل مع قادتها، وبعد نجاح الثورة كان من بين مستشاري بنبللا. كما يبدو أنه كان على علاقة بمنظمات إرهابية وبحركات ثورية ويسارية في العالمالثالث على حد زعم أحد المصادر الفرنسية التي اتهمته بالعمالة للمخابرات السوفيتية.

    أما على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، فقد كان كورييل حريصاً على إقرارالسلام بين الطرفين. ورغم اعترافه بحق الفلسطينيين في الوجود القومي، إلا أنه ظليؤمن بوجود قومية إسرائيلية ويدين المغامرات التوسعية الصهيونية، لكنه لم يُغيِّرموقفه المتمثل في ضرورة الوجود الآمن لإسرائيل. وكان كورييل قد أدان العدوانالثلاثي على مصر عام 1956، ولكننا بعد حرب عام 1967 نجده (كما جاء في خطاب له أوردهجيل بيرو في كتاب رجل من طراز خاص) يقول: « الجماهير الإسرائيلية ترى أن الحرب لمتكن عدواناً من إسرائيل ولكن نضالاً من أجل بقاء بلدهم. فهل يُعقَل أن نطلب منهمالعودة إلى وضع يصبحون فيه مهددين بالإبادة والفناء؟ وضع يتعيَّن عليهم أن يتنازلوافيه عن الثمار التي حصلوا عليها مقابل تضحياتهم الجسيمة وبدون أي مقابل؟ ».

    وسعى كورييل في قضية السلام بين العرب وإسرائيل، وكان على صلة بالحزبالشيوعي الإسرائيلي وكذلك ببعض عناصر منظمة التحرير الفلسطينية، وعمل على تدبيراللقاءات بين كلا الطرفين وعلى تشجيع الحوار بينهما.

    وقد جاء اغتيالكورييل، والذي يُرجَّح أنه تم بيد أحد أجهزة المخابرات، ليزيد الاتهامات ويعمِّقالشكوك والتساؤلات التي طالما أحاطت به. ومن أهم التساؤلات التي طُرحت حوله بشكلخاص، والحركة الشيوعية المصرية بشكل عام، لماذا عاد هذا التيار إلى الحياة السياسيةفي مصر، بعد أن غاب وجوده منذ عام 1926، على أيدي عناصر أجنبية أغلبها من اليهودالأجانب أو المتمصرين ومن أبرزهم كورييل؟ فيتساءل محمد سيد أحمد: هل كان الدافعالحقيقي هو إنشاء حركة مستقلة للطبقة العاملة المصرية كما كانوا يدَّعون، أم كانإطلاق حركة رأي عام للمصريين والمثقفين الوطنيين والشباب المتحمس؟ حركة كفيلةبحمايتهم كجالية في وجه توجُّـه العديد من الشباب إلى النازية؟ ويشير سعد زهران إلىأن بريطانيا كانت تشجع في مصر (بعد عام 1936) الأنشطة المعادية للفاشية بينالجاليات الأجنبية، وأن أغلب الذين قاموا بهذه المهمة كانوا من اليهود الماركسيينالذين اجتمع لديهم حافز الخوف من هتلر مع القدرة على استخدام الماركسية. ويتساءل د. رؤوف عباس أيضاً عن السبب الذي دفع شباب البورجوازية اليهودية في مصر بالذات إلىاعتناق الماركسية وتأسيس الحركة الشيوعية دون غيرهم من الشرائح الأخرى منالبورجوازية، ولماذا حدث ذلك في ظروف الحرب العالمية الثانية بالذات؟ ويؤكد د. رؤوفعباس على أن هذه الأسئلة تصبح مهمة إذا عرفنا أن الطلائع الماركسيةاليهودية جلبتللحركة الشيوعية المصرية داء التكتلية والانقسام، كما جلبت إليها داء الإغراق فيالمناقشات النظرية والدخول في خلافات أيديولوجية مُصطنعة دون الاهتمام بالنضالالسياسي، حتى يبدو الأمر كله وكأنه مُخطَّط مُعَد مُسبقاً.

    أما طارقالبشري، فيذهب صراحةً إلى أن هذا الوجود اليهودي الأجنبي في الحركة الشيوعيةالمصرية لم يكن بعيداً عن التحرك الصهيوني في منطقة المشرق العربي المتاخمةلفلسطين، وهو التحرك الذي أسفر عن إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. كما يشير إلى أنإلغاء الامتيازات الأجنبية في منتصف الثلاثينيات أثار مخاوف الجاليات الأجنبية منضياع امتيازاتهم الاقتصادية والاجتماعية فبدأوا يسعون لأن يكون لهم دور ما فيالحركة السياسية المصرية ويشجعون عدداً من أفراس الرهان، منها الحركة الشيوعية،وحسبهم منها أن تكون ركيزة لمقاومة التيارين الإسلامي والقومي وهما تياران شعبيان. كما يرى طارق البشري أن الترويج للشيوعية اتفق مع التوجه الأجنبي اليهودي في السعيلتكوين منطقة أيديولوجية في السياسة المصرية وبين الشباب، منطقة تصلح مكاناًوموئلاً للوجود الأجنبي في السياسات المصرية. أما بالنسبة لكورييل ذاته، فيرى طارقالبشري أن تكوينه الوجداني يتلاءم بشدة مع أنشطة المخابرات، فهو إنسان منقطع الجذوربارد الفكر والأعصاب، قراراته تتشكل دون دخل لأية عواطف أو غرائز. كما يؤكد أنه رغمرفض كورييل للصهيونية وإنكاره لها، إلا أن تحليله للوضع في فلسطين وموقفه إزاء هذهالقضية كان في النهاية لصالح الصهيونية ومشروعها. كما يشير المؤرخون إلى مدى سيطرةالعناصر اليهودية الأجنبية والمتمصرة على التنظيمات الشيوعية وحرصها على الاحتفاظبمواقع القيادة، وأنهم ظلوا يمارسون نفوذاً قوياً على هذه التنظيمات حتى بعدإبعادهم عن مصر.

    وأغلب التساؤلات السـابقة تجـد أن من الغـريب وجود اليهودالأجـانب والمتمصرين على رأس التنظيمات الشيوعية في مصر خـلال الأربعينيـات. وتلقـىبعض التفــسرات المطـروحة قـدراً مـن الضـوء على العـوامل التي قد تكـون وراء ذلك. ولا يمكن تفسـير هذه الظاهرة بشكل موضوعي دون أن يُؤخَذ في الاعتبار وضع الجالياتالأجنبية في مصر بشكل عام وأعضاء الجماعة اليهودية بشكل خاص، وذلك داخل إطارالتحولات الخارجية الجارية على الساحة الدولية والتحولات والتفاعلات الداخليةالجارية في النسيج الاجتماعي والسياسي للمجتمع المصري في هذه الحقبة التاريخية.

    وبدايةً، نجد أن أغلب الجاليات الأجنبية، خصوصاً الطبقة البورجوازية منها،بحكم وجودها على هامش المجتمع المصري وابتعادها عن الحركة السياسية المصرية وعدماهتمامها بها، كانت أكثر ارتباطاً بما يجري في أوربا. ولذلك، فإننا نجد أن كلالجاليات الأجنبية في ذلك الحين، كما يشير مصطفى طيبة، كانت تزخر باتجاهات وتياراتفكرية متعددة تُعتبَر انعكاسات لما كان يجري في أوطانها الأصلية (بما في ذلكالاتجاهات الاشتراكية بمدارسها المختلفة، والليبرالية، بل الفاشية والنازية أيضاً). ومع أن نشاط هذه الاتجاهات كان منحصراً داخل أفراد كل جالية، فإن ذلك لم يَحُل دونظهور تنظيمات تضم أجانب من جنسيات مختلفة، ولذلك نجد أن أكثر العناصر اليهودية التياعتنقت الفكر الماركسي كانوا أبناء البورجوازية والجامعات الفرنسية ممن تلقواتعليمهم في المدارس الثانوية الفرنسية والجامعات الفرنسية، ومن ثم ارتبطوا ثقافياًووجدانياً بفرنسا وتأثروا، كما يقول لنا كورييل نفسه، بالنضال الأوربي (وخصوصاًبانتصار الحزب الشيوعي الفرنسي والجبهة الشعبية في انتخابات 1936)، كما تأثروابالحركة الشيوعية الدولية أكثر من العناصر المصرية، وبتجربة الاتحاد السوفيتيوبأدائه خلال الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً في معركة ستالينجراد.

    وكانتهذه الجاليات تتابع عن كثب التطورات الجارية في أوربا ومن بينها صعود الفاشيةوالنازية والتي عملت، على حد قول رفعت السعيد، على تزايد الاهتمام بالعمل السياسيوالاجتماعي بين أعضاء الجاليات (خصوصاً بين اليهود) الذين أثار ذعرهم اشتداد هجماتجيوش المحور على حدود مصر. بالإضافة إلى أن أغلب أعضاء البورجوازية اليهودية في مصركانوا يحملون الجنسية الإيطالية ويحتلون مواقع بارزة داخل الجالية الإيطالية، ومنثم فقد كانوا أقرب لتلمُّس أثر امتداد الفاشية إلى أبناء الجالية الإيطاليةوتأثيرها عليهم، وساهموا في تشكيل جماعات مناهضة للفاشية لمواجهة هذا الاتجاه داخلالجالية. ومما لا جدال فيه أن أغلب العناصر اليهودية التي ساهمت في تأسيس التنظيماتالشيوعية خرجت من بين صفوف الجماعات التي تأسست أصلاً لمكافحة الفاشية في تلكالفترة، مثل اتحاد أنصار السلام الذي أسسه بول جاكو دي كومب عام 1934، ثم الاتحادالديموقراطي الذي سبق ذكره. كما كان للتحركات الاجتماعية والسياسية في مصر انعكاسهاعلى وضع الأقليات الأجنبية، ومن أهمها صعود حركة وطنية مصرية قوية معادية للوجودالأجنبي وللبورجوازية المهيمنة على اقتصاد البلاد والمرتبطة بالمصالح الاستعماريةوبالرأسمالية الأوربية. وقد ظهر في الثلاثينيات أيضاً تياران سياسيان، أحدهما ذواتجاه قومي مصري (مصر الفتاة) والآخر ديني إسلامي (الإخوان المسلمون)، وكلاهما كانمعادياً بشدة للوجود الأجنبي. وكان وضع الجماعة اليهودية أكثر حساسية، وخصوصاً معتصاعُد الصراع حول فلسطين. وقد وجَّه التيار الديني الاتهام لليهود باعتبار أنهمطابور خامس للصهيونية، كما قامت عناصره مع عناصر من مصر الفتاة بالهجوم على بعضالممتلكات والمعابد اليهودية عام 1945 أثناء المظاهرات التي قامت بمناسبة ذكرى وعدبلفور. وقد اتهم كورييل هذين التيارين بالفاشية ومعاداة اليهود.

    ولا شكأيضاً في أن إلغاء الامتيازات عام 1937 كان له أعظم الأثر في إثارة مخاوف الجالياتالأجنبية، ومن بينهم اليهود من أعضاء البورجوازية، على مستقبل أوضاعهم ومصالحهمالاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم اهتمامهم بالاشتراك في الحياة السياسية والاجتماعيةفي مصر. ولكن يجب التذكير بأن كورييل اختار التنازل عن هذه الامتيازات بمحض إرادتهوذلك عندما اختار الجنسية المصرية عام 1935.

    وتبنَّى أعضاء الجماعةاليهودية في مصر ردود أفعال متباينة إزاء هذه التحولات. فاليهود في مصر لميُشكِّلوا جماعة متجانسة ثقافياً أو اجتماعياً أو طبقياً، بل تنوعت أصولهم الإثنيةوجنسياتهم وثقافتهم ولغاتهم ومواقفهم الطبقية ومصالحهم الاقتصادية، ومن ثم اختلفتخياراتهم وتنوع نشاطهم السياسي.

    واختار أغلب أعضاء الجماعات اليهودية،وخصوصاً أعضاء البورجوازية اليهودية السفاردية التي كانت تخشى على مصالحها الماليةوالتجارية في مصر، عدم الانخراط في السياسة وتأكيد ولائهم للدولة والملك ورفضالصهيونية والشيوعية على حدٍّ سواء. في حين اتجه قطاع آخر على رأسهم يوسف أصلانقطاوي وابنه رينيه قطاوي وحاييم ناحوم أفندي كبير حاخامات مصر إلى تأييد الحركةالوطنية المصرية والدعوة إلى ضرورة تمصير أعضاء الجماعة اليهودية ودمجهم في المجتمعالمصري. كما أبدى نادي الشباب اليهودي المصري خلال الثلاثينيات والأربعينيات تضامنهمع المطالب الوطنية المصرية بشكل عام ومع حزب الوفد بشكل خاص، ولكن هذا التيار ظلهامشياً للغاية وانحصر في عدد من المحامين والكُتاب والصحفيين اليهود ولم ينجح فيتعريب أو تمصير أعضاء الجماعة. واختار قطاع ثالث الصهيونية، وتركزت أغلب هذهالعناصر بين اليهود الإشكناز وعناصر الطبقات الدنيا والوسطى من أعضاء الجماعة،وخصوصاً بعد عام 1947، حيث كانت هذه العناصر أكثر القطاعات تضرراً من قوانينالتمصير. واختار قطاع رابع الشيوعية، وذلك باعتبارها السبيل الوحيد نحو الاندماج فيالمجتمع المصري على أسس أممية وعن طريق إجراء تحويل جذري في البنية الاجتماعيةوالسياسية والاقتصادية في البلاد. وقد تركزت أكثر هذه العناصر كما أسلفنا بين أبناءالبورجوازية الكبيرة والمتوسطة من خريجي المدارس الفرنسية.

    ومما سبق، تتضحبعض العوامل التي تُفسِّر نشأة التنظيمات الشيوعية في مصر على أيدي عناصر أجنبيةيهودية بشكل خاص. وكان لهذه النشأة ولا شك آثار على طبيعة هذه التنظيمات وسياستهامن أهمها تأكيد وتضخيم مفهوم الأممية على حساب المفهوم القومي والخضوع لتقديراتالوطن الاشتراكي الأول (الاتحاد السوفيتي). وقد يُفسِّر ذلك موقف كورييل وحدتو منقضية فلسطين (وإن كان يجب الأخذ في الاعتبار أن التنظيمات الشيوعية الأخرى، تحتقيادة عناصر يهودية أيضاً، قد رفضت قرار التقسيم)، بالإضافة إلى أن كورييل ظل حتىآخر حياته متمسكاً بوجود قومية إسرائيلية وبحق إسرائيل في الوجود الآمن. ولا شكأيضاً في أن ثقافة كورييل الأجنبية، وكذلك ثقافة غيره من الماركسيين الأجانبونشأتهم على هامش المجتمع المصري وفي عزلة عنه، حال دون صياغة نظرية مصرية لتفسيروتغيير المجتمع المصري العربي، نظرية تستند إلى إدراك حقيقي ودقيق لواقع هذاالمجتمع بتفاصيله وتناقضاته وخصوصيته، الأمر الذي نتجت عنه سلسلة من الأخطاءالسياسية وما صاحبها من انقسامات وتشرذم.

    ورغم علامات الاستفهام التي ظلتتطارد هنري كورييل طوال حياته، فقد ساهم بشكل فعال (كما يذكر د. رؤوف عباس) في أنأصبح الفكر الاشتراكي والماركسي مطروحاً بشكل أكثر إلحاحاً على الساحة السياسيةالمصرية، وفي إعداد الكوادر المصرية من العمال والمثفقين الذين كانت لهم إسهاماتمهمة في الحركة الشيوعية المصرية، وفي تأسيس أكثر التنظيمات الشيوعية المصريةاستمراراً وأوسعها قاعدة.

    وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحركة الشيوعية المصريةكانت لها إسهاماتها الثرية في المجال الفكري والثقافي والسياسي المصري، ولعبت دوراًبارزاً في حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار. وكما يذكر طارق البشري، فإن الحركةالشيوعية قد أغنت السياسات الوطنية بمفاهيم جديدة تتعلق بالمضمون الاجتماعي لحركةالتحرر الوطني وبالتصنيف الطبقي للمجتمع وتأكيد أولوية التحرر الاقتصادي والسياسيمن الاستعمار.





 

صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 34567

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:42 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML