روابط المهاجرين (لاندزمانشفتين)
Landsmannschaften
«روابط المهاجرين» هي جماعات أو روابط تضم مهاجرين منبلدة واحدة أو مقاطعة واحدة في الوطن الأصلي. وقد تأسَّست مثل هذه الروابط فيإنجلترا وجنوب أفريقيا وأساساً في الولايات المتحدة (خصوصاً في النصف الثاني منالقرن التاسع عشر) بين يهود اليديشية. وكان لكثير من هـذه الروابط معـبدها اليهوديالمقصور عليها. وكانت لغة هذه الروابط، في معظم الأحيان، اليديشية. وهذه الروابطمؤسسات وسيطة تهدف إلى تزويد المهاجرين بشيء من الطمأنينة وتُسهِّل عليهم عمليةالانخراط في المجتمع الجديد وتضع تحت تصرفهم خبرة من سـبقهم من مهـاجرين. ولهذا،ومع اندماج المهاجرين في بلادهم الجديدة، تختفي هذه الروابط أو تتحول إلى مؤسساتتضطلع بوظائف اجتماعية جديدة برغم احتفاظها بالاسم.

حلقــــــةالعمـــــــــال
Workmen's Circle (Arbeiter Ring)
«حلقة العمال» عبارةمترجمة عن العبارة اليديشية «أربيتر رنج». وحلقات العمال منظمات اجتماعية أسسهاالعمال المهاجرون من شرق أوربا (من يهود اليديشية) عام 1900. وبلغ عدد فروعها 660فرعاً تضم سبعين ألف عضو. وقد ساهمت هذه الحلقات في تكوين اتحادات العمال في صناعةالإبر والنسيج التي تَركَّز فيها أعضاء الجماعة اليهودية. ومثل هذه المنظمات هي، فيواقع الأمر، منظمات وسيطة تساهم في دمج أعضاء الجماعات المهاجرة بإنشاء مؤسساتتحافظ على هويتهم شكلاً واسماً ولكنها تقدِّم لهم في الحقيقة قيم المجتمع الجديد. وبهذه الطريقة، تتم تهدئة مخاوفهم من فقدان الهوية في مواجهة المجتمع الجديد. ومنهنا، فإننا نجد أن وظيفتها واللغة المستخدمة فيها تتغيَّر بتزايد معدلات الاندماجإلى أن يحدث الاندماج تماماً، فتنحل أو تكتسب مضموناً جديداً. وعلى سبيل المثال،كانت هناك حلقات للعمال تتبعها مؤسسات تعليمية، مثل المدارس والمعسكرات الصيفية،استخدمت اليديشية في الماضي ولكنها تستخدم الإنجليزية في الوقت الحاضر. ولا تزالحلقات العمال تمارس نشاطها.

جماعات الأصدقاء (حفوراه(
Havurah Fellowship
«جماعات الأصدقاء» جماعات صغيرة من يهود الولاياتالمتحدة تعود بداياتها إلى أواخر الستينيات (ويُقال إن أول جماعة تأسست في سومرفيلفي ولاية ماساشوستس عام 1968) وانتشرت في السبعينيات حتى أصبحت جزءاً من حياة يهودالولايات المتحدة. وهي تعبير عن رغبة بعض قطاعات من يهود الولايات المتحدة (وخصوصاًمن أعضاء الطبقة الوسطى) في أن تحتفظ بشيء من الخصوصية والهوية وفي أن تتحرك داخلجماعة صغيرة مألوفة لديها، وكل هذا احتجاج على تزايد معدلات الترشيد والعلمنة فيالمجتمع الأمريكي حيث تميل الحياة إلى العمومية والتنميط وتَضخُّم حجم المؤسساتوتمركزها (بما في ذلك المؤسسات الدينية اليهودية ذاتها) وهو ما يجعلها غير قادرةعلى التعامل مع الأفراد وعاجزة عن الوفاء بحاجاتهم الروحية، وهذه ظاهرة ليست مقصورةعلى أعضاء الجماعة اليهودية بأية حال وإنما هي ظاهرة عامة في المجتمع الأمريكيوتعود حركياتها إلى هذا المجتمع. ولذا، تكون محاولة الربط بين جماعات الأصدقاء (الحافوراه) وجماعات الأسينيين في مغارات قمران في القرن الأول قبل الميلاد (كماتفعل الموسوعة اليهودية) نوعاً من محاولة ربط ظاهرة حديثة بالظاهرة القديمة وإطلاقالاسم القديم على الظاهرة الحديثة، وهذا لا يساعد على تفسيرالظاهرة ولا علىتصنيفها.

وتنقسم جماعات الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام:

1
ـ جماعات ذاتتوجه ديني واضح.
2
ـ جماعات تشبه الكومونات حيث يعيش الأعضاء معاً حياةجماعية ويعملون ويحتفلون بالأعياد بعضهم مع بعض.
3
ـ جماعات تُوجَد داخلالمعابد اليهودية.

ويذهب عالم التلمود الأمريكي جيكوب نيوزنر إلى أنجمـاعات الأصدقاء تقوم بخمسة أنشطة جماعية: الصلاة، والاحتفال بشعائر السبت،والتعاون في إظهار الرحمة نحو الآخرين (الصدقات وزيارة المرضى)، والدراسة،والاحتفاظ بسجل لنشاط الجماعة.

وتُوجَد لجنة قومية لجماعات الأصدقاء فيالولايات المتحدة. كما توجد جماعات في كلٍّ من إنجلترا وأستراليا وإسرائيل. وتنشراللجنة مجلة ونشرة دورية، كما أصدرت كتاباً عن كيفية إنشاء جماعة أصدقاء. وجماعاتالأصدقاء قد تستخدم ديباجات دينية، ولكنها لا تعبِّر عن بعث ديني لأنها جماعاتتنطلق من اغتراب الإنسان الأمريكي اليهودي وتحاول أن تساعده في التغلب على هذاالاغتراب لا من خلال الدين وإنما من خلال أصدقائه وجماعته. والواقع أن ما طرحوه منحل لا يختلف كثيراً عن الحـل الذي طرحه الهـيبيز وجماعـات الأصدقاء والأخـوةالأخرى.

القهال الحديث في أمريكا اللاتينية
Modern Kahal in Latin America
تُسيِّر الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية أمورها منخلال مؤسسات يُقال لها القهال، وهي ليست مؤسسات إدارة ذاتية، كما هو الحال فيالمجتمعات التقليدية، وإنما هي رابطة تجمع أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكااللاتينية. وقد كوَّن الإشكناز من روسيا وبولندا قهالاً مشتركاً استبعد السفارد،وأصبح قهال الإشكناز المؤسسة الأساسية بين يهود المكسيك. ويُلاحَظ أن القهال فيالمجتمعات التقليدية كان في معظم الأحوال أساس تماسك الجماعات اليهودية، ولكنه هناأصبح تعبيراً عن الصراع الدائر داخلها وعن الانقسامات التي تفتتها. واللجنةالمركزية التي تضم كل هذه الجماعات تتكون من ثلاثين عضواً؛ منهم ستة عشر عضواًيتحدثون اليديشية (وهم الأغلبية)، وخمسة أعضاء يتحدثون اللادينو، وثلاثة يهودألمان، ومجريان، واثنان من سفارد دمشق، واثنان من سفارد حلب.

وقهالالأرجنتين ليس أحسن حالاً، فقد اختفى بعض الوقت ثم عاد إلى الظهور بعد أن اشترىمجلس إدارته قطعة أرض لدفن اليهود، وهذا هو النشاط الأساسي للقهال. كما أنه يُقدِّمالآن برنامجاً تليفزيونياً ويقوم بأنشطة شبابية. ومصدر التمويل الأساسي اشتراكاتالأعضاء ورسوم الدفن التي يجأر اليهود بالشكوى منها (والواقع أن سيطرة القهال علىالمدافن تشبه سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الخلاص، فلا خلاص خارج الكنيسة ولا دفنخارج القهال). وتسيطر الحاخامية الأرثوذكسية على القهال، ولذا فهي تأخذ موقفاًمتشدداً من أمور مثل الزواج والطعام، والدفن بطبيعة الحال، الأمر الذي يعني استبعادأعداد كبيرة من اليهود الذين تمت علمنتهم. وهي تحاول أيضاً أن تفرض تدريس اليديشيةعلى المدارس اليهودية. ولم ينخرط السفارد في القهال، ولذا فلهم جمعية دفن خاصة بهم،ويسيطر كبار المموِّلين الذين يدفعون التبرعات على القهال وقراراته. ويتبع القهالعدد من الموظفين والحاخامات الذين لا يتمتعون بأية مكانة اجتماعية.

ولايشارك القهال في السياسة القومية، وليس له موقف سياسي محدَّد. لكن هذا يزيد حدةالتوترات داخله، فالطاقة السياسية التي لا تُفرَّغ في الخارج من خلال القنواتالعامة تتسرب إلى داخل القهال وتُصعِّد حدة الصراعات. وتدار الانتخابات داخله علىأساس برامج الأحزاب الإسرائيلية وهذا يجعلها غير ذات موضوع من منظور لاتيني، ولذايزداد ابتعاد الشباب اليهودي عنها. فالقهال لا يتعامل مع الموضوعات الحية التيتهمهم كمواطنين في بلادهم. ومع هذا، تولَّى القهال عملية تطهير الشارع اليهودي منالعناصر اليسارية المختلفة.

ومؤسسة القهال لا يمكنها ممارسة أي ضغط علىالحكومات في أمريكا اللاتينية برغم تركز اليهود في المدن وبالذات في بيونس أيرسوريو دي جانيرو. وهذا يرجع إلى أن الجماعات اليهودية صغيرة للغاية بالنسبة لعددالسكان سواء في الجمهوريات المختلفة أم في العواصم. كما أنها جماعات منقسمة، وهو مايزيدها تفتتاً. ولا يظهر صوت يهودي فعال. وعلى كلٍّ، لا تتمتع الانتخابات في أمريكااللاتينية بالأهمية نفسها التي تتمتع بها في الولايات المتحدة. كما أن الانقلاباتالمتكررة تجعل الانتخابات مسألة محدودة الأهمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جماعاتالضغط الأساسية، مثل الجيش والكنيسة، لا يشارك فيها اليهود. ولذا، يحاول القهالالتأثير في الحكومات من خلال المنظمات اليهودية الأمريكية ومن خلال الوكالاتالأمريكية الرسمية، وهو تَدخُّل قد يأتي بنتيجة إيجابية مباشرة ولكنه يأتي بأثرعكسي على المدى الطويل إذ يُقوِّي الإدراك المحلي بأن يهود أمريكا اللاتينية يربطهمرباط خاص بالولايات المتحدة، الأمر الذي يزيد هامشية أعضاء الجماعات اليهودية ومنانصراف الشباب اليهودي عنها.

النادي اليهودي في أمريكااللاتينية
Jweish Club in Latin America
مع تزايد معدلات العلمنة فيمجتمعات أمريكا اللاتينية، بدأت تظهر مؤسسة جديدة أخذت تحل محل جمعيات الدفنوالقهال أو المعبد، وهي النادي الرياضي (الاجتماعي). والنادي الرياضي مؤسسة معروفةفي معظم أنحاء أمريكا اللاتينية تؤسسها الجماعات المهاجرة، فهناك النادي الإيطاليوالنادي السويسري والنادي اللبناني. ومن هنا، ظهر النادي اليهودي (وأحياناًالعبري). ومثل هذه النوادي أُلحقت بها مكتبة ومطعم ودار حضانة ومكاتب الرعايةاليهودية، وهي مؤسسات بالغة الضخامة. فالنادي اليهودي في ساو باولو يضم ثماني قاعاترياضية وثلاثة عشر ملعب تنس وستة حمامات سباحة وستة مطاعم (يقدم واحد منها فقطالطعام اليهودي الشرعي) ومحل مصفف شعر سيدات وغرفة للعب الكوتشينة ومعرضاً للفنونوقاعة للديسكو ونادي كومبيوتر، وينظم النادي بالإضافة إلى كل هذا حلقة دراساتيهودية.

وقد نجحت هذه النوادي في جذب أعداد كبيرة أكثر من أي مؤسسة يهوديةأخرى، فهي مؤسسة لاتينية أكثر من كونها يهودية، ويوصف أعضاء الجماعة اليهودية فيساو باولو بأنهم أعضاء في النادي العبري أو اليهـودي. ولذا، فهي أول مؤسـسة يهـوديةتتجاوز الانقسامات القديمة، وظهورها دليل على الاختفاء التدريجي لميراث المهاجرين،وكذلك ظهور هوية لاتينية بين من تبقَّى من يهود أمريكا اللاتينية. ولغة الحديث فيهذه النوادي هي الإسبانية والبرتغالية باعتبار أن اللادينو واليديشية والعربيةاختفت كلغات حديث. ويبلغ عدد المشتركين في النادي اليهودي في ساو باولو حوالي 30ألفاً، أي حوالي ثلث أعضاء الجماعة اليهودية. ويُلاحَظ كذلك ارتفاع التزاوجالمُختلَط بين السفارد والإشكناز. ولا تشتغل هذه النوادي بالسياسة ولا بالدين، ولاتحاول أن تغذي الإثنيات اليهودية المختلفة، فهي في واقع الأمر تعبير عن المراحلالأخيرة من ضعف الهوية اليهودية.