إريك إريكسون (1902-1994)
Erik Erikson
محلل نفسي أمريكي يهودي وُلد في فرانكفورت. تدربعلى منهج فرويد في التحليل النفسي وقام بوضع نظرية في نمو وتطور الشخصية تستند فيكثير من جوانبها إلى نظرية فرويد، ولكنها تتجاوزها في الوقت نفسه حيث يرى إريكسونأن الشخصية تظل تنمو وتتطور طوال حياة الإنسان، كما يعرف بأهمية البيئة وتأثيرالثقافة والتاريخ والمجتمع على تطور الشخصية.

وفي إطار هذه النظرية، بلورإريكسون مفهوم أزمة الهوية، وهو مفهوم يبدو أنه تبلور لدى إريكسون نتيجة عدد منالأزمات الشخصية التي مرَّ بها خلال المراحل الأولى من حياته. وأولى هذه الأزماتتتعلق باسمه حيث ظل لعدد من السنوات يعتقد أن اسمه الحقيقي هو هومبرجر وهو اسم زوجوالدته الذي كان يعتقد أيضاً أنه والده. أما أزمته الثانية، فواجهته في مدرسته فيألمانيا، إذ كان يعتبر نفسه ألمانياً ولكنه وجد زملاءه الألمان يرفضون ذلك باعتبارأنه يهودي، كما رفضه زملاؤه اليهود بسبب شعره الأشقر ومظهره الآري. أما أزمتهالثالثة، فواجهته بعد تخرُّجه من المدرسة حيث ظل لعدة سنوات هائماً على وجهه فيأنحاء أوربا باحثاً عن ذاته وهويته، وعندما بلغ الخامسة والعشرين استقر به المقامفي فيينا حيث قام بالتدريس في مدرسة تأسست لتعليم كل أبناء مرضى وأصدقاء فرويد. وفيهذهالفترة، تلقى إريكسون تدريباً في التحليل النفسي على يد ابنة فرويد (آنافرويد)، وحقق نجاحاً في حياته الشخصية والعملية، ووجد هويته وذاته سواء على المستوىالشخصي أو المهني.

ورغم أن إريكسون لم يكمل تعليمه العالي إلا أنه قام بعدانتقاله إلى الولايات المتحدة عام 1933 بالتدريس في جامعات هارفارد وييلوكاليفورنيا. وقد استقال من جامعة كاليفورنيا في بركلي عام 1950 كأسـتاذ لعلمالنفـس، محتجاً على قسـم الوفـاء الذي كان عليه أن يدلي به، إذ وجد هذا القسمغامضاً مخيفاً ويشبه الصيغة السحرية التي تهدف إلى طرد الشر! (وتُعَدُّ هذه أزمةهوية أخرى عنده). وانضم عام 1951 إلى هيئـة مركز أوسـتن ريجز في سـتوكبريدج بولايةماساشوستس. وفي عام 1960، عُيِّن أستاذاً للتطور الإنساني وعلم النفس في جامعةهارفارد.

وتتمحور نظرية إريكسون في تطور الشخصية حول البحث عن «الأنا» أوالهوية الذاتية، ويُقسِّم إريكسون حياة الإنسان إلى ثماني مراحل من النمو والتطورالنفسي الاجتماعي لكل مرحلة أزمة خاصة بها تنشأ من جراء احتكاك الفرد بالبيئةالمحيطة به، ومن جراء الضغوط والمتطلبات التي تفرضها البيئة على الفرد. ونتيجة هذاالاحتكاك وهذه الأزمة يحدث تحوُّل في الشخصية حيث يواجه الفرد خيارين: التكيف أوعدم التكيف. ونجاح الإنسان في التعامل مع كل مرحلة، وكذلك حل كل أزمة بشـكل مقبـول،يعطيـه القدرة والقوة على التعامل مع المرحلة اللاحقة.

والمراحل الأربعالأولى في تقسيم إريكسون تشبه مراحل فرويد (الفمية ـ الإستية ـ القضيبية ـ الكمون) ولكن إريكسون يعطي أهمية أكثر للعوامل النفسية الاجتماعية على العوامل البيولوجية. ويضيف إريكسون أربع مراحل أخرى (المراهقة ـ الصبا ـ الشباب ـ النضوج). وتتحدد هويةالإنسان في مرحلة المراهقة (12 ـ 18 عاماً) وتتحدد على أساسها طبيعة المراحل الثلاثالأخيرة. ومن إسهامات إريكسون تأكيده أهمية مرحلة المراهقة هذه.

وقد طوَّرإريكسون مفهومه لدورة الحياة الثمانية إذ اقترح جدولاً للفضائل يقابل المراحلالثمانية للحياة (الأمل ـ الإرادة ـ الهدف ـ المقدرة ـ الإخلاص ـ الحب ـ الرعاية ـالحكمة). وهذه الفضائل كامنة في الإنسان ككائن عضوي وتساعدها البنية الاجتماعيةالصالحة على النمو وتجهضها البنية الفاسدة، أي أن الدورة النفسية تقابلها دورةأخلاقية. ولذا، فإن إريكسون يرى أن النمو النفسي وتكوين الشخصية الأخلاقية وجهانلعملة واحدة. ويُعتبر إريكسون، بسبب نظرياته هذه، من أهم المفكرين في علم النفسالتطوري (مع جان بياجيه).

وكان لنظرية إريكسون أهمية في مجال التحليلالنفسي، وكذلك في مجال التعليم والعمل الاجتماعي. وقد قدَّم نظرياته في عدد منالأعمال من بينها الطفولة والمجتمع (1950) الذي تضمن نتائج أبحاثه حول بعض قبائلالهنود الحمر. وتناول في هذا الكتاب أيضاً تطوُّر الهوية والشخصية، كما تناول مسألةمعاداة اليهود ودور اليهود في ظل بيئة ثقافية متغيِّرة. وفي كتابيه الشاب لوثر (1958)، و حقيقة غاندي بيَّن كيف عاش الرجلان أزمة في حياتهما ونجحا في تجاوزهاوالخروج منها بإحساس أعمق بالقـوة. وهـو يرى أن هـذا قد حدث لأن كليهما كان علىاستعداد لأن يخاطر بهويته المهنية وقبلا تعـريف هويتهما بطريقة تتضمن الاعترافبمواطن الضعف فيها.

وإذا ما بحثنا عن البُعد اليهودي في فكر إريكسون، فإنناسنجابه صعوبة بالغة، فقد رفض تبسيطات فرويد المادية الحلولية ورفض اعتبار الجنسركيزة نهائية ورفض التفسير المجرد للسلوك الإنساني، وكان يحاول دائماً الوصول إلىنموذج تفسيري مركب للطبيعة البشرية فجمع بين المكوّن النفسي (الحتمي) والمسئوليةالفردية الخلقية. وأقرب المفكرين له هو المفكر جان بياجيه (المسيحي). وقد يُقال إنسلسلة أزمات الهوية التي مر بها تعبير عن وضعه كيهودي، وهو قول يُبسِّط الأمورتماماً، فأزمة الهوية هي أزمة يمر بها كل فرد في العصر الحديث بسبب نسبيته ومعدلتغيُّره السريع ويواجهها المفكرون من اليهود وغير اليهود والأفراد العاديون مناليهود وغير اليهود. ولهذا السبب، نجد أن كثيراً من الموسوعات التي تناولت حياةإريكسون لا تذكر على الإطلاق مسألة أصوله أو انتمائه اليهودي.

برونـــو بيتلهــايم (1903-1990(Bruno Bettelheim
عالم نفس أمريكي يهودي. وُلد عام 1903 في فيينا حيث نشأ وتعلَّم وحصل على درجةالدكتوراه. قُبض عليه عام 1938 وأُرسل إلى معسكرات الاعتقال، ثم أُفرج عنه بعد عامفهاجر إلى الولايات المتحدة. تدور معظم دراساته عن الأطفال، وله دراسة داخل معسكراتالاعتقال بيَّن فيها أن الأطفال يصابون بالشيزوفرنيا حينما يرون أن حياتهم تسيطرعليها قوة عشوائية لا معقولة لا يمكنهم التحكم فيها بأي شكل. ولبيتلهايم دراسة عنأطفال الكيبوتس؛ أطفال الحلم (1967)، وله أيضاً فوائد السحر ـ معنى وأهمية الحكايةالخرافية (1976). كما أن له دراسة في كتب المطالعة بعنوان تعلُّم القراءة: انبهارالطفل بالمعنى (1982)، حيث يعقد مقارنة بين كتب المطالعة الحديثة التي تحد آفاقالخيال والقصص التقليدية والحكايات الخرافية التي تعبِّر عن المخاوف العميقة عندالأطفال أو تعبِّر عن أحلامهم وآمالهم. ولعل يهوديته تنحصر في تناوله بعض الموضوعاتاليهودية وفي بعض الحالات التي يدرسها، أما منهج التناول فتحدده عناصر مركبة كثيرةلا تختلف عن تلك العناصر التي تحدد منهج أي عالم نفس آخر.