صفحة 6 من 6 الأولىالأولى ... 23456
النتائج 51 إلى 55 من 55
 
  1. #51
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    مملكة حدياب اليهودية
    Adiabene
    «حدياب» إقليم في منطقة نهر دجلة العليا نشأت فيه إمارة تابعة للفرثيين في العصر الهيليني، وقد ذكرها يوسيفوس كما ذكر دولة الأخوين أسيناي وأنيلاي. وكانت هذه الإمارة تقع في منطقة حدودية بين تخوم الرومان والفرثيين وكانت عاصمتها أربيل. كان يحكم حدياب في الفترة بين سنتي 36 و60 الميلاديتين إيزاط وأمه الملكة هيلانة. وقد ازداد نفوذ إيزاط لأنه ساعد الملك الفرثي أرطبان الثالث على استعادة عرشه ولعب دوراً مهماً في الصراعات الدائرة بين أعضاء الأسرة المالكة بعد موت الملك.

    ولقد شهدت هذه الفترة جهداً تبشيرياً يهودياً قوياً، وخصوصاً في حوض البحر الأبيض المتوسط ويبدو أنه وصل إلى بلاد الرافدين. فقد تَهوَّد إيزاط أمير حدياب كما تهوَّدت أمه، وتحوَّلت الإمارة إلى إمارة يهودية أو على الأقل إلى إمارة يحكمها أمير مُتهوِّد. ولكن هذا لا يعني بالضرورة تَحوُّل جماهير المملكة إلى اليهودية، وإن كان هناك رأي يذهب إلى أنه كان يوجد بالفعل أعداد كبيرة من اليهود في هذه المنطقة هم بقايا التهجير الآشوري. ويبدو أن بعض الأمراء عارضوا تَهوُّد الأسرة المالكة دون جدوى. وظلت السلالة اليهودية حاكمة نحو ثمانين عاماً حتى غزاها الرومان في عهد الإمبراطور تراجان سنة 115 ميلادية وقضوا عليها.

    وقد حاربت قوات من حدياب إلى جانب المتمردين اليهود أثناء التمرد اليهودي الأول ضد الرومان (68 - 70). وتجب ملاحظة أن حدياب كانت تابعة للفرثيين وهم القوة العظمى الأخرى في الشرق الأدنى القديم والتي كانت تنافس الرومان وتهاجمهم في فلسطين بالذات. وقد حاول الفرثيون تجنيد اليهود إلى جانبهم ضد الرومان متبعين في ذلك سياسة الإمبراطورية الفارسية. وبرغم وجود علاقات دينية قوية بين الأسرة الحاكمة في حدياب والهيكل، إذ كانت الملكة هيلانة ترسل الصدقات إلى الفقراء في القدس، كما أنها شيَّدت مظلة في اللد بمناسبة عيد المظال وأرسلت هي وابنها العديد من الهدايا إلى الهيكل، رغم كل ذلك فإن ظهور مثل هذه الدويلة واكتسابها صبغة يهودية ورفض أبنائها الهجرة إلى فلسطين تدلُّ على أن الجماعات اليهودية كانت قد بدأت في تكوين مراكز سكانية وثقافية خارج فلسطين لها ثقافتها المستقلة عن الثقافة العبرية الآرامية هناك، كما تدل هذه الأشياء على قوة المركز البابلي لليهودية واستمراريته. وإذا ما وضعنا المركز السكندري (الهيليني) إلى جوار المركز البابلي، وذلك باعتبارهما مركزين للثقافات اليهودية المختلفة، فإنه يصعب الحديث عن فلسطين كمركز واحد. كما أن هدم الهيكل على يد تيتوس (70م) لم يكن سوى تتويج لهذا الاتجاه.

    ورغم أن اليهودية كانت في القرن الثاني قد ازدادت انتشاراً في حدياب، فإن المسيحية انتشرت بين صفوف اليهود هناك واعتنقتها أعداد متزايدة منهم كما حدث في مصر وغيرها من الأماكن في حوض البحر الأبيض المتوسط حتى تحوَّلت الأغلبية العظمى إلى المسيحية.

    ذو نــواس (518-525) ومملكـة حــمير اليهـودية
    Dhu Nawas and the Jewish Himyarite Kingdom
    يوسف ذو نواس، ويُقال له «المسروق». وقد أورد المسعودي والطبري وقائع حياته. وذو النواس أحد ملوك حمْير (في جنوب الجزيرة العربية ـ اليمن حالياً). ويُقال إنه تَهوَّد قبل أن يعتلي العرش (وأضاف اسم يوسف العبري إلى اسمه العربي) ونجح في توحيد أعضاء النخبة الحاكمة ورؤوس العائلات الأرستقراطية في حمْير، من أهمها عائلة ذي يزن. وقد حاول ذو نواس أن يضمن ولاء كل المدن والمناطق التابعة له. ويبدو أنه كان ثمة إحساس عام بأن هناك حرباً وشيكة ستقع بين الفرس والروم (القوتان العظميان آنذاك) وأن الحمْيريين يمكنهم الاستفادة منها. وكانت مملكة حمْير تضم أقلية من اليهود، وكانت تخشى مطامع الدولة البيزنطية والقوة المسيحية في إثيوبيا، كما كان ثمة إحساس بأن المسيحيين يتجهون بولائهم للقوى المسيحية. وبالفعل، استولى الثوار المسيحيون على العاصمة الحمْيرية عام 517. فجمع ذو نواس قواته وأنزل بهم هزيمة ساحقة وحطم كنيستهم كما ألحق الهزيمة بالقوات المسيحية الإثيوبية في العام التالي. وقد شك الملك في ولاء السكان المسيحيين في نجران حيث اندلعت فيها ثورة بالفعل، فهاجمها ونَكَّل بأهلها وذبح منهم المئات أو الألوف (لعل الإشـارة في القرآن؛ ق/ 4: 5 هي لتلك الحادثة). وبدأت حملة في العالم المسيحي ضد ذي نواس وحكمه. وبالفعل، جرد الإثيوبيون حملة عبرت البحر الأحمر (عام 525). وفي هذه الأثناء، كان التحالف الذي كوَّنه ذو نواس قد تفكك، الأمر الذي أدَّى إلى هزيمته. وقيل إنه ركب فرسه واندفع إلى البحر فابتلعته الأمواج ولم يَعُد. ولكن بعثة ألمانية اكتشفت قبره عام 1931.

    لكن وقائع تَهوُّد ذي نواس ليست واضحة تماماً، ولعلها تشبه من بعض الوجوه وقائع تَهوُّد النخبة الحاكمة في مملكة الخزر. ولعل الدافع وراء التَهوُّد هو تَبَنِّي أيديولوجيا مستقلة عن الوثنية العربية وعن أيديولوجيا المسيحية الغازية، وهي أيديولوجيا تستند إلى ديانة توحيدية مرسلة لها كتاب مقدَّس، وهو ما يضفي شيئاً من الهيبة على النخبة الحاكمة. ويبدو أن محاولة مملكة اليمن السيطرة على التجارة قد لعبت دوراً في ذلك، فلعل ذا نواس، ومن تَهوَّد من ملوك حمْير من قبله، كانوا يفكرون في شبكة التجارة اليهودية وكيفية الاستفادة منها. ولعل الحاخامات الذين جاءوا من طبرية للتبشير باليهودية في حمْير قد بينوا له بعض مزايا تَبَنِّي اليهودية من هذا المنظور. ويمكن أخيراً أن نشير إلى أن كلاًّ من مملكة الخزر ومملكة حمْير تتسمان بالحدودية، أي أن كلاًّ منهما تقع في مناطق تفصل بين تشكيلين مختلفين، وهما في حالة مملكة حمْير التشكيل الوثني العربي من جهة والتشكيل الإثيوبي المسيحي الذي كانت تقف وراءه الإمبراطورية البيزنطية من جهة أخرى، وهذه محاولة للتفسير وحسب.

    ولكن الثابت تاريخياً أن عدد المتهودين في حمْير كان صغيراً للغاية حتى بين أعضاء النخبة، ومن ثم لم يحدث أي انتشار لليهودية في هذه المنطقة. ويكون من الشطط الحديث عن مملكة حمْير اليهودية، كما يفعل بعض المؤرخين، وخصوصاً أننا لا نعرف الكثير عن مدى عمق يهودية ذي نواس ولا شكل اليهودية التي تبناها، ولا عدد المتهودين من رعاياه، وهكذا. غير أن بعض المراجع اليهودية تتحدث عن مخطَّط طرحه ذو نواس وحاخامات طبرية للاستفادة من الحرب الوشيكة بين الفرس والروم لتأسيس إمبراطورية تمتد من الشام إلى حمْير، وهو مخطَّط ليس له ما يسنده من وثائق أو مصادر على الإطلاق. وفي الواقع، فإن الكثافة السكانية في الشام والجزيرة العربية وفي حمْير ذاتها لم تكن يهودية، ومن ثم فالأحلام الإمبراطورية هنا كانت ولا شك جزءاً من الأحلام المشيحانية. وقد وضع كثير من الكُتَّاب اليهود الدينيين واقعة ذي نواس في إطار قبائل العبرانيين العشر المفقودة.

    مجالس يهود وسط أوربا )لاندزيودينشافت(
    Landesjudenschaft
    «لاندزيودينشافت» كلمة ألمانية تعني «الجماعة اليهودية في البلد» أو «يهود البلد»، وهو الاسم الذي كان يُطلَق على الجماعات اليهودية ومجالسها الإدارية في وسط أوربا: مورافيا وبوهيميا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا والنمسا. وهي المجالس التي اضطلعت بكثير من الوظائف التي كان يضطلع بها القهال في بولندا والماهاماد في هولندا وغيرها من البلاد. وكان يُوجَد لهذه المجالس مجلس إقليمي في مورافيا وبوهيميا ثم انشق مجلس براغ عنه. ولأنه لم تكن هناك دولة ألمانية مركزية، حيث كانت ألمانيا مُقسَّمة إلى إمارات ودوقيات، فإن هذا الوضع انعكس على نظام الإدارة الذاتية الخاصة باليهود ولم يظهر مجلس إقليمي مركزي على غرار مجلس البلاد الأربعة. وقد كانت هناك مجامع مركزية تُعقَد من آونة إلى أخرى. ولكن بعد عام 1770، مع ضعف خلفاء إمبراطور ألمانيا تشارلز الخامس، قَلَّت هذه الاجتماعات وعُقد آخرها في فرانكفورت عام 1603 ومنذ ذلك التاريخ، أصبح لكل جماعة مجلسها، وأصبحت كل جماعة يهودية مستقلة تماماً عن غيرها حيث كانت شرعية مجلسها لا تتجاوز حدود الإمارة أو الدوقية، بل إن بعض الأمراء كان يمنع رعاياه اليهود من اللجوء إلى محاكم حاخامية خارج إمارته. وحيث إن عدد أعضاء الجماعة اليهودية الذين يعيشون داخل كل إمارة كان صغيراً، فقد كان اختيار أعضاء المجالس يتم بالتعيين. وقد سيطرت بعض الأسر اليهودية الثرية، وخصوصاً يهود البلاط، على الجماعات اليهودية ومجالسها، كما حدث في كليفس Cleves حين هيمنت أسرة جومبيريز على الجماعة اليهودية فيها زهاء قرن من الزمن. فكان منهم الرئيس (برناس) والوسيط (شتدلان) والحاخام وأمين الصندوق. وفي بعض الأحيان، كان يضطلع بكل هذه الوظائف فرد واحد. ومع هذا، كانت توجد جماعات كبيرة، مثلما كان في فيينا وبرلين وبراغ، يتم اختيار أعضائها بالانتخاب من بين أعضاء الأسر الثرية. وكثيراً ما كان ينشب صراع بين اللاندزيودينشافت والماهاماد. وقد اختفت معظم هذه المجالس مع تَغيُّر وضع اليهود الطبقي والوظيفي وظهور الدولة القومية الحديثة.

    الماهـامـاد أو المامــاد
    Mahamad; Maamad
    «ماهاماد» كلمة معناها «أئمة المصلين». من الكلمة العبرية «عماد» أي «وقف». وهي تشير إلى المجلس الذي كان يتولى قيادة الجماعات اليهودية الإسبانية والبرتغالية السفاردية. ويقابل الماهاماد القهال عند الإشكناز (وإن كان يختلف عنه في أنه لم يكن يقوم بجمع الضرائب)، كما يقابل مجلس يهود وسط أوربا. وكان عدد أعضاء المجلس سبعة، وأحياناً أربعة فقط، يقوم أحدهم بوظيفة أمين الصندوق.

    وقد قامت مجالس الماهاماد في هولندا (أمستردام وروتردام ولاهاي)، وفي إنجلترا (لندن)، بل في المستعمرات الهولندية (في كوراساو وسورينام في البحر الكاريبي). وكانت سلطات الماهاماد شاملة ومطلقة تشكل حكماً للأقلية الثرية التي كان أعضاء المجلس يُختارون من بينها. ففي أمستردام على سبيل المثال، كان أعضاء المجلس السبعة يقومون بتعيين خلفائهم من بين أعضاء الجماعة الذين كانوا يشكلون 20% منها وحسب. ولم يكن من حق العضو الذي يقع عليه الاختيار أن يرفض المنصب الذي يُعرَض عليه وإلا كان عليه دفع غرامة. وهذا ما حدث لإسرائيل دزرائيلي، والد بنيامين دزرائيلي، عندما رفض المنصب الذي رُشِّح له، فوُقِّعت عليه غرامة مقدارها أربعون جنيهاً، فقرر ألا يدفعها وترك الجماعة وتَنصَّر.

    وكان لمجلس الماهاماد وزن وثقل وسيطرة كاملة على الحياة الدينية والدنيوية لأعضاء الجماعة اليهودية. فكان المجلس يدير مؤسسات الصدقة والرفاه الاجتماعي ومؤسسات التربية اليهودية. كما كان يمارس الرقابـة على الكـتب، فلم يكن من الممكن نشر كتاب عبري دون تصريح منه. وماهاماد أمستردام هو الذي منع كتب أورييل داكوستا من التداول، وهو الذي وقع على إسبينوزا العقوبة القاضية بطرده من حظيرة الدين. ومع هذا، كان الماهاماد أكثر اندماجاً في مجتمع الأغلبية من القهال من بعض النواحي. فكان السفارد يتحدثون البرتغالية والإسبانية ويتعلمونهما، وهما لغتان أوربيتان، على عكس الإشكناز الذين كانوا يتحدثون اليديشية، وهي رطانة ألمانية، ولا يجيدون القراءة بالألمانية. وقد أتاح هذا الفرصة أمام السفارد لقراءة الفكر الغربي. كما أنه بحلول القرن الثامن عشر الميلادي، كان معظم اليهود السفارد يعرفون الهولندية. كما سمح الماهاماد لليهود بحضور الحفلات الموسيقية والمسرحيات والأوبرا طيلة العام، على عكس القهال الذي لم يسمح بذلك إلا في مناسبة أو مناسبتين (مثل عيد النصيب).

    وكان الماهاماد يتدخل في كل دقائق الحياة الخاصة بأعضاء الجماعة، فكان يقرر نظام الجلوس في المعبد (حسب السلم الطبقي). ولم يكن بمقدور الإشكناز أن يُصلّوا في المعبد اليهودي، ولا كان بوسع أي يهودي أن يشتري أو يستأجر بيتاً من يهودي آخر أو ينضم إلى الجماعة إلا بتصريح من الماهاماد. وحتى في الأمور الشخصية، لم يكن أي يهودي يستطيع الزواج أو الطلاق إلا بإذن خاص منه. كما كان المجلس يراقب السلوك الجنسي لأعضاء الجماعة، وكانت هذه قضية مهمة آخذة في التفاقم نظراً لازدحام الجيتو في معظم مدن أوربا ولتزايد العلمنة والتسامح في كثير من المناطق التي تركز فيها اليهود. وقد أدَّى وجود خادمات يهوديات ومسيحيات في منازل أثرياء اليهود وغير اليهود إلى زيادة نسبة الأطفال غير الشرعيين، فكان المجلس يبذل جهداً غير عادي للبحث عن أبى الطفل. وكان يشكل أحياناً لجنة خاصة لهذا الغرض. وقد كان المجلس يراقب أيضاً أزياء أعضاء الجماعة ويرى ما إذا كانت مترفة أكثر من اللازم أو فاضحة.

    ولكن يجب إدراك أن هذه السلطة الشاملة لم تكن شيئاً غير عادي في القرن السابع عشر الميلادي، فالحكومات المطلقة مارست سلطات مماثلة على مواطنيها المسيحيين. ولكن الماهاماد مارس، مع هذا، سلطاته بقدر أكبر من التطرف. وربما يعود ذلك إلى سببين أساسيين:

    1 ـ تعود أصول الماهاماد إلى شبه جزيرة أيبريا حيث تَشرَّب اليهود السفارد ثقافة إسبانيا والبرتغال رغم أنهم طُردوا منهما وتأثروا بنظام محاكم التفتيش.

    2 ـ تجب ملاحظة أن الأقليات تخضع دائماً لملاحظة الأغلبية في الأحوال العادية، وفي كثير من أنحاء أوربا كانت الجماعات اليهودية تحظى بمستوى معيشي أعلى من مستوى الجماهير وهو ما كان يعني أنها كانت مثار حقدها. ولذا، كان على القيادة أن تحاول قدر طاقتها مراقبة أي سلوك استفزازي من جانب أيٍّ من أعضاء الجماعة اليهودية، كأن يُظهر ثروته بشكل مُبالَغ فيه مثلاً. ومن هنا ظهرت قوانين الترف التي تمنع المبالغة في إظهار الثروة، ومن هنا نجد أن ماهاماد هامبورج، على سبيل المثال، منع أعضاء الجماعة من استخدام الزلاقات على الثلج (ويبدو أن ذلك كان يُعدُّ شكلاً من أشكال الترف) حتى لا يستفزوا جيرانهم. وفي حالة الطوارئ، كان على أيٍّ من أعضاء الجماعة أن يحصل على تصريح خاص باستخدام الزلاقة، تماماً مثلما حاول القهال التدخل حتى لا يقع تنافس حاد بين كبار التجار في ليتوانيا وطبقة النبلاء على الامتيازات التجارية والمالية، وهو تَنافُس قد يضر بمصلحة الجماعة ككل. كما أن الجماعات اليهودية كانت، في معظم الأحيان، جماعات وظيفية لابد أن تخضع لعملية ضبط اجتماعي هائلة حتى يتسنى عزل الجماعة عن المجتمع وضمان أداء أعضائها.

    وكان أهم ماهاماد هو ماهاماد أمستردام الذي كان يضم أهم جماعة سفاردية. وكان يليه في الأهمية ماهاماد هامبورج. وقد اختفى الماهاماد أو انكمشت سلطاته مع ظهور الدولة القومية وحركة الإعتاق، مثلما حدث للقهال ولكثير من المؤسسات الوسيطة. ولا يزال هناك مجالس ماهاماد بين يهود الولايات المتحدة وإنجلترا من (السفارد(، ولكنها لا تتمتع بسلطاتها القديمة.







  2. #52
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    القهــــــــــــال
    Kahal or Kehillah
    «قهال» كلمة عبرية بمعنى «جماعة»، وهي تشير إلى أعضاء الجماعة اليهودية ككل، كما تشير الكلمة بالمعنى الضيق إلى الهيئة الإدارية أو المجلس الذي كان يدير شئون التجمعات اليهودية المختلفة. وكان ينتظم كل مجالس القهال مجلس البلاد الأربعة. وكانت بولندا مملكة متعددة الجنسيات والديانات، فقد كان ثلث سكانها من غير البولنديين وكانوا يدينون بديانات أخرى غير المسيحية الكاثوليكية. وكما هو الحال دائماً مع الممالك والإمبراطوريات التي تضم مجموعة سكانية غير متجانسة، نشأت أشكال من الإدارة الذاتية تُيسِّر للسلطة الحاكمة عملية جمع الضرائب من أعضاء الجماعات والأقليات وتضمن ولاءهم لها. وقد كان هناك تنظيمات إدارية ذاتية للأرمن والتتار ومختلف أعضاء الجماعات الأخرى. كما كان من حقهم أن يُطبِّقوا شرائعهم فيما يقوم بينهم من منازعات، فكان الأرمن مثلاً يحتكمون إلى الشريعة الخاصة بهم وتُدعَى «الداتاستانا جيرك»، وقد تُرجمت إلى البولندية حتى تمكن الاستفادة منها أمام المحاكم.

    ويستند القهال، كشكل من أشكال الإدارة الذاتية، إلى الميثاق الذي أصدره الملك سيجسموند الأول عام 1501 وتم بمقتضاه تشكيل تنظيم القهال. وكانت كل جماعة يهودية يديرها مجلس قهال يتكون من سبعة أعضاء يتم اختيارهم إما بالتعيين أو بالانتخاب. وكان لابد أن توافق الحكومة البولندية على الأعضاء المنتخبين قبل أن يصبح انتخابهم نهائياً. ولا شك في أن نظام انتخاب القهال كان متأثراً بكون بولندا جمهورية/ملكية. ولكن كلمة «انتخاب» هنا فضفاضة للغاية، فرغم أن أي يهودي كان من حقه أن يشارك في العملية الانتخابية (من الناحية النظرية على الأقل) إلا أن قلة قليلة من الناحية العملية هي التي كانت تشترك في الانتخابات. ففي كراكوف مثلاً، كان الانتخاب يتم بأن يجتمع مجلس إدارة القهال بمستشاريه فيلقي كل واحد منهم بقائمة من تسعة أسماء وتُختار إحدى القوائم بالقرعة، وكان يُطلَق على هؤلاء اسم «الناخبين المرحليين» (حرفياً «ما قبل الناخبين»)، ذلك لأنهم كانوا يقومون باختيار خمسة ناخبين هم الذين يقومون باختيار كل أعضاء القهال. وفي عام 1640، أصبح من حق كبار دافعي الضرائب أن يتقدموا بقوائمهم لاختيار الناخبين المرحليين، كما كانت توجد قهالات من حق الأسر الثرية أن ترسل إليها مرشحيها مباشرة ليشغلوا وظائفهم في مجالس القهال دون انتخاب أو قرعة.

    وقد أدَّى ذلك في نهاية الأمر إلى سيطرة أقلية من المموِّلين والحاخامات على مجالس القهال والتحكم فيها، شأنهم في هذا شأن معظم المؤسسات السياسية في العصور الوسطى في الغرب، حتى تحولوا في نهاية الأمر إلى طبقة مسيطرة احتفظت بالسلطة في يدها. وبذلت هذه الطبقة جهداً منظماً، وناجحاً في معظم الوقت، في استبعاد العناصر المشاغبة والعوام والغوغاء من العملية التي كان يُقال لها «انتخابية». وقد تم استبعاد معظم أرباب البيوت في المدن الكبرى وكل سكان المدن الصغيرة وكل سكان الريف رغم أنهم كانوا من دافعي الضرائب. كما استُبعدت كل الطبقات الفقيرة مثل الحرفيين الذين كانوا يمثلون واحداً من أكبر القطاعات المعارضة للقهال. وفي نهاية الأمر، لم يكن يزيد عدد اليهود الذين لهم حق التصويت على 5%، أو حتى 1% في بعض الأحيان، من أعضاء كل جماعة أو تَجمُّع.

    وكانت مجالس القهال، في بداية الأمر، تتبع الملك مباشرة دون أن تكون بينهم سلطة وسيطة. ومع ضعف الملكية والحكومة المركزية في بولندا، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، بدأ يسيطر على مجالس القهال كبار النبلاء كما بدأوا يتدخلون في تعيين أو انتخاب الممثلين في المدن التابعة لهم أو حتى في المدن الملكية، ويفرضون عملاءهم ويسيطرون على الجماعة اليهودية.

    والقهال تعبير عن كون اليهود يشكلون جماعة وظيفية وسيطة تضطلع بوظائف معيَّنة (التجارة وجمع الضرائب والربا) يستخدمها الحاكم في استغلال جماعات الفلاحين وفي تحطيم القوى التجارية الصاعدة التي كانت تحقق أرباحاً لصالحها. وكانت مجالس القهال مستقلةً الواحدة عن الأخرى في بداية الأمر، فكان لكل قهال قوانينه ومصالحه وامتيازاته التي يدافع عنها ضد القهالات الأخرى. ثم تم ضمها كلها في إطار واحد هو مجلس البلاد الأربعة. وكانت مجالس القهال تقوم بتنظيم جميع جوانب الحياة اليهودية من الداخل، أي في علاقة اليهود بعضهم ببعض (كالإشراف على الزواج والطلاق والختان والطعام والتعليم وتعيين الحاخامات والقضاة وجباة الضرائب والذابحين الشرعيين). وكان شيوخ الجماعة، مع الحاخامات، يُكوِّنون محكمة شرعية (بيت دين( يحكمون فيها بين اليهود بمقتضى القانون التلمودي، وكان لهذه المحاكم حق طرد اليهود من حظيرة الدين (حيريم) أو من الجماعة. وكانت مؤسسة القهال تنظم حياة اليهود كجماعة اقتصادية/دينية وسيطة في علاقتها بالعالم الخارجي. ولكن مهمتها الأساسية ظلت جمع الضرائب من المحكومين لصالح الحاكم.

    وكان لكل قهال قواعده الخاصة (تاقانوت) وامتيازاته وحقوقه التي يدافع عنها ضد يهود المدن المجاورة، وخصوصاً حق حظر استيطان الأجانب (اليهود وغير اليهود) بينهم. ويمكن القول بأن القهال، بانقسامه واستقلاله، هو المؤسسة الإشكنازية التي تلائم النظام الإقطاعي الغربي غير المركزي، واستقلاله يشبه في تركيبه المقاطعة الخاضعة لسلطة حاكم أو قاض في المدن الألمانية في العصور الوسطى في الغرب. ولعل هذا التشابه يعود إلى أن يهود بولندا تعود أصولهم إلى المدن الألمانية، كما أن المدن البولندية قد تم تطبيق القانون الألماني عليها.

    وكانت لجنة القهال تتكون من الموظفين التالين:

    1 ـ الرؤوس أو رؤساء المجلس. باللاتينية: سنيوريس seniores. ومفردها «سنيور»، وهي تساوي كلمة «بارناس» في العبرية، وجمعها «برناسيم» أو «روش» وجمعها «روشيم». وكان يشكلها في البداية شيوخ الجماعة، ولكن الوظيفة أصبحت، فيما بعد، بالتناوب. وكان الرئيس يتمتع بنفوذ واسع لأنه كان بوسعه التأثير في المحاكم وفي حجم الضرائب وفي كل موظفي القهال. وهو الذي كان يقرر ميزانية القهال في فترة خدمته، ويقرر القروض، ويوقع على كل الوثائق الرسمية باسم الجماعة. وإذا كانت الجماعة توجد في مدينة، ويتعين تحديد عدد التجار اليهود المسموح لهم بالاتجار، فإن القهال كان يقدم قائمة باسم التجار الذين يحق لهم السكنى في المدينة والقيام بأعمالهم. وكثيراً ما كانت الصلاحيات تتحول إلى ديكتاتورية غير مقنعة. وكانت هناك حالات يرفض فيها السنيور أن يترك وظيفته حينما تنتهي مدة خدمته ويستمر يشغلها عدة سنوات بتشجيع من كبار الموظفين البولنديين المسئولين عن اليهود مثل الحاكم الملكي (فويفود).

    2 ـ الرجال الخيِّرون. باللاتينية: بوني فيري boni viri. وبالعبرية «طوفيم» (الطيبون). وكان عددهم في العادة سبعة يشكلون مجلس إدارة القهال، كما أنهم كانوا مسئولين عن دفاتر القهال وخزانته.

    3 ـ المستشارون أو أعضاء القهال. وكانوا يكوِّنون لجاناً، من أهمها: لجنة الإحسان، ولجنة المراقبين على الديون والحساب، ولجنة شيوخ السوق الخاصة بفحص الموازين، ولجنة نظافة شوارع الجيتو والشتتل وحراسته، ولجنة الذبح الشرعي، ولجنة النزاعات بين أصحاب العمل والموظفين، ولجنة المدرسة، ولجنة المعبد، ولجنة افتداء الأسرى (بعد انتفاضة شميلنكي)، ولجنة الصدقات لفلسطين لتمويل إقامة اليهود الذين يستوطنون فلسطين للتعبد، ولجنة رؤساء نقابات الحرفيين اليهود.

    4 ـ كان القهال يضم أيضاً بعض شاغلي الوظائف الأساسية مثل القضاة والمراقبين الذين كانوا يقررون مقدار الضرائب الواجب على كل فرد دفعه.

    وكانت تتبع القهال مجموعة من الموظفين يتقاضون أجراً من أهمهم الحاخام. ورغم أن القانون البولندي منحه سلطات ضخمة، فقد كان المسئول (نظرياً) عن تنفيذ قرارات القهال وضمان سلامة الانتخابات، كما كان يترأس القضاة في اجتماعاتهم ويمنح الألقاب المختلفة مثل «حابير» و«مورينو»، وهو أيضاً الذي يقرر متى ينبغي طرد شخص من حظيرة الدين، فإنه كان من الناحية الفعلية خاضعاً تماماً لرئيس القهال ومجلس إدارته. وكان يُوجَد، إلى جانب الحاخام، رئيس المدرسة التلمودية العليا (يشيفا)، وواعظ الجماعة (درشان) والقاضي (ديان)، وكثيراً ما كان يضطلع شخص واحد بكل هذه الوظائف.

    وهناك أيضاً كاتب المدينة الذي كان يدير شئون القهال اليومية ويعمل بالتعاون مع كاتب اليهود وهو مسيحي بولندي كان يقوم بترجمة رسائل القهال للمدينة. وكان الكاتب هو أيضاً الوسيط (شتدلان) بين الجماعة والمدينة، وقد تطورت وظيفته فيما بعد وأصبحت من أهم الوظائف. وكان صغار موظفي القهال يسمون «سكولاي منيستر scholae minister» باللاتينية و«شكولنك szkolink» بالبولندية و«شماس» بالعبرية. وهؤلاء كانوا يضمون الممرضات وحرس البوابة وجامعي الضرائب وخادم (شماس) المعبد.

    وكانت مصاريف القهال تتكون أساساً من المرتبات التي يدفعها لموظفيه. كما كان عليه أن يقدم الهدايا لكبار موظفي الحكومة البولندية حتى يمكن تسيير أمور الجماعة. فكانت الجماعة اليهودية في كراكوف على سبيل المثال تدفع هدية سنوية للحاكم الملكي، ولقاضي اليهود المسيحي المعيَّن من قبَل المدينة للحكم في المنازعات بين اليهود والمسيحيين، ولكاتب اليهود، ولرئيس شرطة المدينة. وكان علىهم أيضاً أن يطعموا الحيوانات في حديقة الملك. كما كان على بعض القهالات أن تدفع مبالغ من المال من قبيل المساعدة للكنيسة والطلبة وأن تزودهما أحياناً بالمؤن. وكان على القهال كذلك دفع ضريبة مقابل عدم قيام اليهود بالخدمة العسكرية أو تزويد الجنود بالمأوى. وكان على القهال أن يؤدي الضريبة المفروضة على الجماعة من قبَل الحكومة. ولذا، كان عليه أن يفرض ضرائب مباشرة على كل شخص (ضريبة الملكية وضريبة الرأس وضريبة القهال). ومع تَدهور الوضع الاقتصادي للقهال، أخذت هذه الضرائب في التزايد حتى أصبحت تُفرَض على ضروريات الحياة (ويُطلَق عليها «ضرائب السلة»)، وكان يُمنَح امتياز جمعها من خلال مزاد عام الأمر الذي كان يعني تَزايُد الضرائب دائماً.

    وقد بدأ تداعي القهال، كمؤسسة إدارة ذاتية، في أوائل القرن الثامن عشر بعد انتفاضة شميلنكي ضد الإقطاع الاستيطاني في أوكرانيا وهي الانتفاضة التي اكتسحت الجماعة اليهودية ومؤسساتها فيما اكتسحت من مؤسسات. وظهرت التوترات الاجتماعية داخله بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية الشاملة في بولندا، إذ أن أعضاء الأقلية المسيطرة على القهال كانوا، كما هو متوقع، يؤثرون مصالحهم على مصالح الجماهير، ويحاولون أن يهربوا من استغلال الحاكم عن طريق تحميل معظم العبء على من هم دونهم في السلم الطبقي والاجتماعي. وقد أصبح القهال، بعد قليل، وسيلة قهر فقراء الجماعة اليهودية بدلاً من كونه مؤسسة تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

    وسادت المصالح الشخصية وسيطرت الشخصيات الطموحة الجشعة ذات النفوذ. وكثيراً ما كانت تباع وظيفة الحاخام ووظيفة القاضي. لذا، كان من المتوقع أن يتقبل القاضي الرشاوي. وأُهملت الإدارة تماماً، الأمر الذي أثر في موارد القهال المالية. وحتى منتصف القرن السابع عشر، كان بوسع مجالس القهال المختلفة أن تفي بالتزاماتها المالية، ولكن وضعها تدهور بتدهور بولندا مالياً، إذ كان على القهال أن يدفع الرشاوي العديدة ويقدم الهدايا لكبار الموظفين لضمان أمنه. وزادت ديون الجماعات اليهودية زيادة رهيبة في القرن الثامن عشر حتى أن بعض الجماعات فشلت في سد أصل الدين واكتفت بدفع الفوائد عليه وحسب. ومن هنا، ضعفت سلطة القهال وبالتالي سلطة مجلس البلاد الأربعة. وفي عام 1764، قرر البرلمان البولندي أن ضريبة الرؤوس المفروضة على اليهود لن تُجمَع من خلال مجلس البلاد الأربعة وإنما من خلال مجالس القهال الفردية، وهو ما كان يعني أن الإطار التنظيمي للقهالات قد انفرط تماماً وأن مجلس البلاد الأربعة أُلغي تماماً. ومع صدور مرسوم عام 1822، تم حل القهال تماماً وحلت محله مجالس التجمعات الدينية (الأبرشيات) لإدارة الأمور الدينية والخيرية. وكان كل مجلس مكوناً من الحاخام ومساعده أو ممثل عنه وثلاثة مديرين منتخبين. واستمر هذا الإطار حتى عام 1916 وتولت الدولة كل مهام القهال الأخرى.

    وفي عام 1919، أُسست مجالس القهال مرة أخرى، ولكن أُعيد تعريفها كجماعة مستقلة يكون الانتماء إليها اختيارياً ويترأسها مجلس مركزي. ولم يكن للقهال أية سلطة من السلطات القديمة، وإنما كان تنظيماً ينسق بين كل الجماعات اليهودية في بولندا، شأنه شأن التنظيمات المماثلة في الدولة القومية الحديثة.

    وقد سقط القهال، مثلما سقط الجيتو ومنطقة الاستيطان اليهودي والشتتل، وذلك بسبب التحولات الاجتماعية والسياسية العميقة التي كانت تخوضها مجتمعات شرق أوربا، وبسبب ظهور حركيات اقتصادية جديدة تنحو نحو توحيد السوق القومية والاستغناء عن الجماعات الوظيفية الوسيطة. وكان سقوط القهال مرتبطاً أيضاً بالحركيات الخاصة بالمجتمع البولندي وأزمته السياسية والاقتصادية العامة، والتي تفاقمت ابتداءً من مستهل القرن السابع عشر، الأمر الذي أدَّى إلى تصفية كل الجيوب الإثنية والدينية التي كانت تتمتع بحق الإدارة الذاتية التي خلَّفها النظام الإقطاعي. ولكن المؤرخين الصهاينة يشيرون إلى القهال، والمؤسسات الإقطاعية الأخرى، باعتبار أن ذلك أكبر دليل على الاستقلال القومي لليهود عبْر تاريخهم، وهو استقلال عبَّر عن نفسه في أشكال مختلفة مثل السنهدرين والجيتو. ولكن تنظيم القهال لا يختلف كثيراً عن العديد من التنظيمات الحرفية والطبقية في العصور الوسطى، ذلك لأن المجتمع الزراعي يتسم بالجمود والهرمية الحادة في تنظيمه الاجتماعي والحضاري.

    وقد أسس النازيون، بعد غزوهم بولندا، نظاماً يشبه في كثير من الوجوه مؤسسة القهال مثل جيتو وارسو (أو غيره من الجيتوات) التي كانت تتمتع بقسط وفير من الإدارة الذاتية والاستقلال الاقتصادي والثقافي. ولا شك في أن المفكرين الصهاينة، وقد جاء عدد كبير منهم من بولندا وروسيا، كانوا متأثرين بتجربتهم في الشتتل والقهال وهم يرسمون ملامح المجتمع الصهيوني.








  3. #53
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    مجلــس البـلاد الأربعـة
    Council of Four Lands
    «مجلس البلاد الأربعة»، ويُسمَّى بالعبرية «فاعد أربعا أراتسوت»، هوالإطار الإداري ليهود بولندا الذي كان يضم كل مجالس القهال المحلية، وهو في الواقعأعلى أشكال الإدارة الذاتية التي تمتع بها اليهود في أوربا. وقد تم تأسيسه نحو عام 1580. والبلاد الأربعة هي أقاليم بولندا الأربعة: بولندا الكبرى (بوزنان)، وبولنداالصغرى (كراكوف)، وأوكرانيا (فولينيا)، وروسيا الحمراء (جاليشيا).

    ومنالمعروف أن تركيب الجماعات اليهودية في الغرب يشبه المجتمع الغربي الذي لم يعرفالسلطة المركزية أو الدولة القومية منذ عصوره الوسطى. ولذا، كانت كل جماعة يهوديةمتمركزة حول المعبد داخل الجيتو الخاص بها. ولكن، مع نهاية القرن السادس عشر، حدثتبعض التطورات الاقتصادية، إذ أن النظام المالي الغربي كان قد بدأ يتوسع ويصلبأطرافه إلى العالم بأسره. ولم يكن هناك نظام مالي عالمي، كما أن بولندا كانت منأهم الدول المصدرة للأغذية إلى أوربا في ذلك الوقت، فنشأت شبكة مالية عالمية منالنخب المالية اليهودية المختلفة كان يهود الأرندا واحدة من أهم حلقاتها. كما أنالفترة نفسها شهدت تَراجُع سلطة الملك في بولندا وقد توقَّف عن التدخل في عمليةتعيين حاخام ليهود بولندا عام 1551. ثم توقَّف الملك عام 1569 عن تعيين رؤساءالجماعات اليهودية في لفوف، وأعطى اليهود حق انتخاب المجالس التي تحكمهم. ثم صدرمرسوم يمنع حكام المدن البولندية من إصدار أحكام أو فرض عقوبات على أعضاء الجماعاتاليهودية. وتزايدت إلى جانب هذا أعداد أعضاء الجماعات اليهودية في بولندا. وقدأدَّت كل هذه العوامل إلى تأسيس المجلس عام 1581. وكان المجلس (فاعد) ينعقد بشكلغير رسمي وغير ثابت في بداية الأمر. ولكن اجتماعاته اتخذت صيغة ثابتة مع نهايةالقرن السادس عشر.
    وانضمت إليه فيما بعد قهالات ليتوانيا التي استقلت بعد ذلك (عام 1623) وانتظمها مجلس مستقل. ولم تكن العلاقة حميمة بين المجلسين دائماً، إذ ظهر بينهما الكثير من التوترات. فعلى سبيل المثال، كان مجلس بولندا يرى أن مجلس ليتوانيا لا يساهم بالقدر الكافي في الأعباء المالية. كما اختلف المجلسان حول المدن الصغيرة الموجودة على الحدود، وحول أحقية كل منهما في تمثيلها، وكذلك بشأن الحقوق التجارية لكل منهما. وأخيراً اختلفا حول قضية أساسية هي قضية الأرندا، فقد قرر مجلس البلاد الأربعة أن يمنع اليهود من شراء حق جمع ضرائب الجمرك واستغلال مناجم الملح، ذلك لأن النبلاء البولنديين أنفسهم كانوا يطمعون في تحصيل هذا الريع وإن حاول التجار اليهود منافستهم فإنهم قد يلحقون الأذى بالجماعة ككل. ولكن هذه التوصية لم تنفذ على الإطلاق. كما أن منطقة بولندا الكبرى، الممثلة في مجلس البلاد الأربعة، كان لها رأي مخالف. أما مجلس ليتوانيا، فقد أصر على ضرورة أن يظل جمع ضرائب الجمارك في أيد يهودية (ويبدو أن أعضاء المجلس قد تقاضوا مبلغاً من النقود من بعض المقاولين الذين كانوا يقومون بالحصول على امتياز جمع ضرائب الجمارك).
    والتنظيم الإداري للمجلس هرمي، توجد في قاعدته مختلف مجالس القهال في كل تجمُّع يهودي. وكانت كل مجموعة من القهالات تتبع مجالس المدن التي تتبع بدورها مجالس الأقاليم. وقد أصبحت هذه الأقاليم ثمانية ثم أصبحت اثنى عشر إقليماً فيما بعد، ومع هذا احتفظ المجلس باسمه. ولم يكن المجلس يضم مندوبي الأقاليم وحسب، وإنما كان يضم كذلك مندوبي بعض المدن المستقلة. وكان عدد المندوبين عشرين مندوباً في القرن السابع عشر وأربعين في القرن الثامن عشر. وكانت مجالس الأقاليم (مفرده بالعبرية: فاعد هاجليل) تشبه مجالس البرلمان (سييم) الإقليمية التي تُسمَّى «سييميك»، وهي في علاقتها بمجلس البلاد الأربعة تشبه علاقة هذا الأخير بمجلس السييم أو البرلمان. وكان مجلس البلاد الأربعة يضم جهازين أو مجلسين: مجلس رؤوس المدن (بالعبرية: راشي هامدينوت)، وهو مجلس شيوخ المناطق، ومجلس قضاة البلاد (بالعبرية: دياني هاأرتسوت) ويضم حاخامات الجماعات الأساسية. وكان المجلسان يجتمعان أحياناً معاً.

    وكان بناء المجلس يتكون من:

    1 ـ رئيس المجلس.
    2 ـ أمين الصندوق والسكرتير الأول.
    3 ـ الوسيط (شتدلان)
    4 ـ كاتب المجلس.
    5 ـ مقدِّري الضرائب.

    وكان المجلس يجتمع مرتين كل عام في الأسواق السنوية أو في البلد الذي كان يقيم فيه وزير المالية البولندي. وكان اختيار أعضاء المجلس يتم بالانتخاب بالمعنى الفضفاض للكلمة، فلم تكن تشترك أغلبية يهود بولندا الساحقة في هذه الانتخابات. ويُقال إنه، في الفترة الأخيرة من تاريخ المجلس، لم يكن يزيد عدد المشتركين في الانتخابات على نسبة ضئيلة تصل إلى حوالي 1.1% (بل بلغت 0.7% في ليتوانيا).

    وكانت وظيفة المجلس الأساسية الإشراف على التجارة اليهودية، وتحديد نسبة الفوائد للمرابين اليهود، وتحديد السياسات المالية والاقتصادية لأعضاء الجماعة. وكان من أهم أنشطته في هذا المضمار محاولة تقليل حجم التنافس بين يهود الأرندا في محاولة الحصول على امتياز استئجار الضياع. فكان المجلس يؤيد حق أي يهودي استأجر ضيعة لمدة ثلاث سنوات في أن يجدد عقد استئجاره دون منافسة، بل كان المجلس يؤيد حق الأبناء في أن يرثوا العقد. وكان المجلس يقوم بجمع الضرائب من المناطق كافة باعتبار أن الجماعة اليهودية تشكل وحدة مالية مستقلة داخل الدولة البولندية، كما كان يسوي النزاعات بين اليهود. أما النزاعات بين اليهود وغير اليهود، فكانت تنظر فيها السلطات البولندية. وكان المجلس في منزلة محكمة استئناف وهيئة تشريعية وإدارية. كما كان المجلس يشرف على التعليم اليهودي والأمور الدينية، وكذلك على تعيين الحاخامات والقضاة وجباة الضرائب والمدرسين والذابحين الشرعيين.

    وخلال القرن الثامن عشر بدأ هذا النظام في الضعف بتآكل النظـام السـياسي والاجتـماعي في بولنـدا، وانهياره التام في نهاية الأمر. وبظهور طبقات جديدة من يهود بولندا، لم تَعُد هذه الطبقات تأخذ بالإطار القديم. وبازدياد الجماهير اليهودية فقراً، أصبح من الصعب جمع الضرائب منها. كما أن الأمراء البولنديين الإقطاعيين كانـوا دائمي التدخل في شـئون المجلـس للدفاع عن محاسيبهم من اليهود. وقد تحوَّل مجلس القهالات إلى مؤسسة لابتزاز اليهود عن طريق اليهود أنفسهم، فكان أثرياء اليهود المتحكمون في هذه المؤسسة أداة طيعة في يد الحاكم البولندي، كما أن الجماعات اليهودية الكبيرة المهيمنة على المجلس كانت تحاول فرض نصيب أكبر من الضرائب على الجماعات الصغيرة. ولذا، فقد رفضت مجموعة من الجماعات في ليتوانيا عام 1721 دفع الضرائب التي فرضها المجلس بل اشتكت إلى الحكومة. وفي عام 1764، قررت الحكومة البولندية جمع الضرائب مباشرةً من كل جماعة يهودية حسب حجمها، وبالتالي سقط مجلس البلاد الأربعة وما تسميه الكيانات الصهيونية «الحكم الذاتي»، والذي يمكن أن نسميه إطار الإدارة الذاتية للجماعة اليهودية في بولندا الإقطاعية. وقد استمرت مجالس القهال في نشاطها لبعض الوقت بدون إطار تنظيمي واحد إلى أن ُحلَّت هي الأخرى عام 1822.

    سـافاناه اليهـود في سـورينام
    Joden Savanne in Surinam
    «سورينام» جمهورية مستقلة، كانت تدعى في الماضي «جيانا الهولندية» حيث كانت تابعة لهولندا. وهي تقع، في أمريكا الجنوبية، بين جيانا البريطانية والبرازيل وجيانا الفرنسية، ويحدها من الشمال المحيط الأطلنطي.
    وقد وصل إليها الأوربيون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كما وصل إليها بعض أعضاء الجماعات اليهودية من البرازيل وهولندا عام 1639. ثم وصلت جماعة أخرى من اليهود من إنجلترا عام 1652 تحت رعاية أحد اللوردات الإنجليز، ووصلت مجموعة ثالثة تحت قيادة جوزيف نونيز دي فونسيكا. ويشكل الاستيطان اليهودي في سورينام أول هجرة يهودية إلى العالم الجديد. وكان معظم هؤلاء من اليهود المارانو (السفارد). وقد أسسوا مزارع السكر التي تعتمد أساساً على العبيد السود المخطوفين من أفريقيا في سياق ما كان يُسمَّى «المثلث اللعين» إذ كانت السفن الأوربية تحمل البضائع، كالأسلحة والبارود والمشروبات الروحية الرخيصة والحلي، من أوربا إلى الساحل الأفريقي فتفرغها، ثم تحمل العبيد الذين كانوا يُنقلون إلى مزارع السكر في الولايات المتحدة وجزر الكاريبي ويباعون هناك، وكانت السفن الفارغة تحمل المنتوجات الاستوائية كالسكر والنيلة والصمغ والقهوة إلى أوربا، وهكذا. وكان يوجد مثلث آخر لم يكتسب الأهمية إلا في منتصف القرن الثامن عشر. فكان تجار نيو إنجلند يرسلون شراب الروم الكحولي إلى أفريقيا ويبادلونه بالعبيد ويبحرون إلى جزر الهند الغربية حيث كانوا يبيعون العبيد ويشترون عسل قصب السكر اللازم لصناعة الروم ثم يتجهون لبلادهم. وقد كانت مزارع السكر ذات أهمية كبرى بالنسبة لاقتصاد المستعمرة واقتصاد إنجلترا. ولذا، تم تشجيع اليهود على الاستيطان وكُفلت لهم حرية العبادة عام 1665، ثم مُنح كل المستوطنين اليهود في سورينام الجنسية الإنجليزية. ولكن الهولنديين قاموا بضم سورينام، عام 1667، بمقتضى معاهدة بريدا، مقابل تنازلهـم عن حقـوقهم في نيو أمـستردام (نيويورك) لإنجلترا. ومع هذا، استمر المستوطنون اليهود في حياتهم، وفي امتلاك المزارع والعبيد. وحينما حاول بعضهم مغادرة سورينام، عام 1674، أرغمهم الهولنديون على البقاء بسبب نفعهم وأهميتهم الاقتصادية.

    وكان من أهم مراكز اليهود في سورينام مستوطنة يودين سافانا، ومعناها «سافاناه اليهود»، التي تأسَّست عام 1670 والتي كانت تقع على بعد عشرة أميال من باراماريبو أكبر مدن سورينام في بريزدنتس أيلاند (جزيرة بريزيدنت أو الرئيس) في وسط الغابات.

    وكانت الجماعة الاسـتيطانية اليهـودية في هذه الجزيرة شـبه مستقلة. وقد استخدموا العبيد السود في شق الطرق وإزالة الغابات والأعشاب وفي العمل في المزارع، كما أسسوا مدينة محاطة بالطرق الجديدة. وقد بلغ عدد سكانها أقل من عشرة آلاف نسمة عام 1719، تسعة آلاف من العبيد المجلوبين من أفريقيا، و520 يهودياً (نصفهم من أصل ألماني إشكنازي والنصف الآخر من أصل برتغالي المبذول لإحباط ثورات العبيد ابتداءً من 1692، وانتشار مرض الملاريا، أديا في نهاية الأمر إلى انتصار السود عليهم عام 1774. ثم شب حريق فيما تبقَّى، فلم يبق من آثار اليهود سوى شواهد قبور عليها كتابات بالعبرية.
    ومستوطنة يودين سافاناه مرحلة انتقالية بين الجماعة الوظيفية الاستيطانية (التي تتمتع بحق الإدارة الذاتية) والدولة الوظيفية الاستيطانية (التي تتمتع بالاستقلال السياسي). ومع هذا ثمة نقاط تشابه عديدة بين تجربة سافاناه اليهود والمستوطنين الصهاينة، من بينها أن كلاًّ من المستوطنين الصهاينة وسافاناه اليهود استوطنوا خارج أوربا تحت رعاية أكثر من دولة أوربية واحدة: إنجلترا ثم هولندا في حالة سورينام، وإنجلترا ثم الولايات المتحدة في حالة فلسطين. كما أن كلتا الجماعتين الاستيطانيتين كانت منقسمة وبحدة إلى سفارد وإشكناز يتصارعون فيما بينهم، وكذلك كانت كلتا الجماعتين مرفوضة من قبَل أعضاء المجتمع المُستهدَف استغلاله: العبيد السود المُستجلَبين والسكان المحليين في سورينام، والفلسطينيين العرب في فلسطين. وقد انتصر السود على سافاناه اليهود، أما في فلسطين فإن المعركة مازالت دائرة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي.







  4. #54
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    بيروبيجـان
    Birobidjan
    «بيروبيجان» مقاطعة سوفيتية ذات حكم ذاتي خُصِّصت لليهود، وتقع في شرق سيبريا خلف نهر «مامو» الذي يفصل بين الاتحاد السوفيتي ومنشوريا، وتبلغ مساحتها 37 ألف كيلو م.تر مربع، وقد اشـتُق اسـمها من فرعي النهر «بيرو» (والتي تُنطَق أيضـاً «بيرا») و«بيجان». وهي تحوي منطقة سهلية صالحة للزراعة، ومنطقة جبلية تضم غابات كثيفة غير مستغلَة تتوافر فيها أنواع ثمينة من الأخشاب. كما توجد فيها حيوانات ذات فراء. وتضم المنطقة ثروات معـدنية أبرزها الفحم والزئبق والنحاس والحـديد والذهب والمرمــر والأحجار شبــه الكريمة. وفي المنطقة كميات وافرة من مياه الري، وفيها نحو مائتي نهر كبير وصغير بالإضافة إلى البحيرات.
    وأكبر مدن المنطقة هي العاصمة. وقد كانت المنطقة تُسمَّى «كوخوتكايا» (وربما تعني «المكان الهادئ») وهي تُدعَى الآن «بيروبيجان». وقد كانت عام 1928 محطة قطار صغيرة على سكة حديد سيبريا، وأصبحت عام 1931 قرية، ثم صارت مدينة.
    وأقرب المدن الكبيرة (في الشرق الأقصى السوفيتي) إلى بيروبيجان هي خابازروفسك التي تبعد عنها 173 كيلومتراً، وهي عاصمة الإقليم الذي تتبعه بيروبيجان، أما المسافة بين موسكو وبيروبيجان فهي 8361 كيلومتراً. وقد وقع اختيار الحكومة السوفيتية على بيروبيجان عام 1928 لتشجيع التوطن اليهودي في الإقليم بهدف زيادة تَكيُّف اليهود مع النظام السوفيتي الجديد. وكذلك كان من بين أهداف السوفييت من المشروع اعتبارات إستراتيجية تتمثل في زيادة الكثافة السكانية في المنطقة المجاورة للحدود مع الصين واليابان، وتعمير كل أرجاء روسيا وخصوصاً الأطراف. لكن توطين السكان في هذه المنطقة كان إحدى الإشكاليات الأساسية التي تواجهها الحكومة المركزية الروسية سواء أثناء حكم القياصرة أو في حكم البلاشفة. كما كانت هناك اعتبارات سياسية تتمثل في إحباط دعايات العناصر اليهودية المعادية للسوفييت، وكسب تأييد اليهود في العالم، وخصوصاً في الولايات المتحدة في ظل اتجاه سوفيتي عام لتحسين العلاقات مع الغرب في تلك الفترة.

    ونظراً لكل هذه الاعتبارات، قررت القيادة السوفيتية أن تمنح اليهود إقليماً خاصاً بهم حيث يكون بمقدورهم أن يطوروا ثقافتهم وتقاليدهم الخاصة في إطار قومي ومحتوى اشتراكي، فيصبح مركزاً للثقافة اليهودية (اليديشية) ومجالاً لتحقيق هوية اليهود باعتبارهم أقلية قومية شرق أوربية، أو قومية يديشية، الأمر الذي يتفق مع صيغة البوند ودبنوف أكثر من اتفاقه مع أطروحات لينين. وقد تم تشكيل جهازين للإسراع في تنفيذ المشروع، وصدر مرسوم مارس 1928 متضمناً تخصيص جميع الأراضي في منطقة بيروبيجان للمستوطنات اليهودية مع منح المنطقة صفة «دائرة قومية يهودية» رغم أنها لم تكن تضم أي يهود آنذاك. كما نص المرسوم صراحة على أن المنطقة ستتحوَّل إلى مقاطعة يهودية ذات حكم ذاتي إذا ما سار التَوطُّن اليهودي بنجاح فيها.

    وفي القانون السوفيتي، تُعتبَر المقاطعة ذات الحكم الذاتي وحدة إدارية تتمتع بشيء من الكيان الذاتي، والمفروض أنها تمثل كياناً مستقلاًّ لمنطقة معينة تحوي سكاناً من قومية واحدة لا يكفي عددهم لتأليف جمهورية مستقلة.

    وقد شنت الحركة الصهيونية هجوماً مركزاً على المشروع منذ البداية. فأعلنت أن المكان غير مناسب، وأنه لا يحمل أية دلالة تاريخية يهودية، وأنه قد يصلح لمستوطنين ذوي تقاليد زراعية حيث إن اليهود لم يمارسوا الزراعة إلا حديثاً. ومن هنا، طالبت الحركة الصهيونية بالقرم أو أوكرانيا. ولكنها عادت وأكدت أن فلسطين هي المكان الوحيد المناسب لحل مشاكل اليهود السوفييت، وأن مشروع بيروبيجان محاولة سوفيتية لنسف أو إضعاف الفكرة الصهيونية والدينية لدى اليهود. هذا مع العلم بأن مساحة بيروبيجان تفوق مساحة فلسطين التي تبلغ 26.072 كيلو متراً مربعاً. وقد وصلت أول دفعة من اليهود السوفيت إلى بيروبيجان عام 1928. وكان عددهم 950 شخصاً عاد منهم 600 شخص. وقد بلغ عدد اليهود الذين هاجروا إلى المنطقة خلال خمس سنوات نحو عشرين ألف شخص، عاد منهم نحو اثنى عشر ألفاً، وبقي في المنطقة نحو ثمانية آلاف شخص فقط. ولم تكن هذه الأرقام تشير إلى درجة مشجعة من النجاح، بل كانت تشير إلى احتمال فشل المشروع.

    وفي 7 مايو (آيار) عام 1934، أي بعد احتلال اليابان لمنشوريا عام 1931 ـ 1932، أعلنت السلطات السوفيتية منح منطقة بيروبيجان صفة «مقاطعة يهودية ذات حكم ذاتي» مع أن شروط منح هذه الصفة، وأبرزها وجـود أغلبية من سـكان قومية معـيَّنة، بحسب الدستور السوفيتي، لم تكن متوافرة. وربما كان اتخاذ هذا القرار إحدى الوسائل التي لجأت إليها الحكومة السوفيتية لتشجيع اليهود على الهجرة إلى تلك المنطقة حيث وُضعت خطة جديدة لتوطين اليهود فيها تقوم على أساس اختيار الكفاءات بدل الهجرة الطوعية العشوائية. وكان مقدراً خلال السنوات 1934 ـ 1937 أن يبلغ عدد اليهود في بيروبيجان نحو 60 ألف نسمة. ومع ذلك، ومع حلول عام 1937، فإن عدد اليهود لم يتجاوز عشرين ألف نسمة كانوا يشكلون 24% من سكانها.

    وقد تعرَّض تنفيذ مشروع التوطين لحالة من الجمود في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب حملة التطهير التي قادها ستالين وشملت العديد من القيادات ومن بينها القيادات اليهودية في الحزب والدولة. ثم إن ظروف الحرب (بعد ذلك) فرضت جموداً على تنفيذ المشروع، فلم يَعُد للبروز والنشاط إلا في نهاية الحرب العالمية الثانية وبالذات في النصف الثاني من عام 1946. وقد أظهر اليهود في تلك الفترة حماساً أشد للتَوطُّن في بيروبيجان، وتطوَّع للذهاب إليها فنانون وموسيقيون وأطباء. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد اليهود، في منتصف سنة 1948، بلغ نحو خمسة وثلاثين ألفاً جاء بعضهم ضمن الهجرة المنظمة، وجاء البعض الآخر هرباً من الجيوش النازية الزاحفة نحـو موسـكو، وجـاء البعـض الثالث ليفتش عن مكان جديد يبدأ فيه حياته. وقد تمت تنميـة الطابـع اليهـودي اليديـشي للمقاطعة في هذه المرحلة. فأُنشئت مزارع جماعية يهودية ومجالس فرعية، واستُخدمت اليديشية كلغة رسمية، وأُسِّس مسرح يديشي ومكتبة عامة سُمِّيت باسم الكاتب اليديشي شالوم عليخيم، كما أُقيمت مؤسسة طباعة عصرية وصُنعت آلات كاتبة بالحروف التي تُكتَب بها اللغة اليديشية.

    ولكن القيادات السوفيتية، بعد هذه الفترة القصيرة من الهجرة، غيَّرت موقفـها، وبدأ الفتور يسـيطر على الحـديث الرسـمي عن بيروبيجان، وبرزت اتهامات بعلاقات تجسُّس مع الخارج. وفي عام 1948، توقف نشر الأخبار عن بيروبيجان. وإذا كانت حركة التطهير الأولى استهدفت بعض الأفراد، فإن الحملة الجديدة استهدفت المشروع ذاته (ويبدو أن ستالين اتهم زعماء الجماعة في بيروبيجان بالتآمر لفصل الإقليم عن الاتحاد السوفيتي وتسليمه لليابان). وكانت النتيجة أن الهجرة اليهودية إلى الإقليم أخذت في التقلص تدريجياً إلى أن وصل عدد اليهود فيه سنة 1968 إلى نحو خمسة وعشرين ألف نسمة. وقد بلغ عدد السكان اليهود في عام 1989 نحو 8.887 مقابل 215 ألف روسي وكوري وصيني وغيرهم، أي 4% من عدد السكان، يقطن معظمهم في العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة وثمانين ألفاً. وعدد المتحدثين باليديشية آخذ في التناقص، ووصلت نسبة الزواج المختلط بين اليهود 80%، وهي بذلك قد تكون أعلى نسبة في العالم. وغالبية اليهود في بيروبيجان ملحدون، كما أن الحاخام الذي يشرف على إقامة الشعائر يؤمن بالمسيح ويستخدم الإنجيل في الصلوات. ومع هذا، لا تزال هناك محاولة لأن تحتفظ بيروبيجان بطابعها اليهودي اليديشي إذ تَصدُر الطوابع باليديشية والروسية ولا تزال أسماء الشوارع تُكتَب باللغتين. وقد تم الاحتفال بعيدها الخمسيني عام 1984. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وظهور الكومنولث الروسي، بدأت الحكومة الروسية في تحويل بيروبيجان إلى منطقة اقتصادية حرة. ويفكر بعض أثرياء إسرائيل في الذهاب إلى بيروبيجان للاستثمار فيها. ويبدو أن زراعة المخدرات قد انتشرت فيها مؤخراً.

    وتجربة بيروبيجان، برغم أية نتائج انتهت إليها، تثير عدداً من الملاحظات حول الحركة الصهيونية في مجملها، أولاها أن الرفض الصهيوني لبيروبيجان انطلق من تبسيط مخل للحلول الممكنة للمسألة اليهودية يستهدف تبرير حتمية الهجرة إلى فلسطين، وهو ما يثبت أن الصهيونية لم تستهدف حل المشاكل الملحة عند اليهود بقدر ما استهدفت تحقيق أساطير بعضهم. ومن ناحية أخرى، فإن مشروع بيروبيجان كان امتداداً لأفكار البوند، أي التعبير عن الخصائص الذاتية اليهودية في إطار الدولة الاشتراكية. ومع هذا، فقد رفضته الحركة الصهيونية عامة والصهيونية الاشتراكية بصفة خاصة.

    ومن جانب ثالث، فإن الحركة الصهيونية قد عارضت المشروع رغم أن السوفييت كانوا يهدفون منه إلى تحويل اليهود من طبقة بورجوازية منعزلة غير منتجة إلى طبقة عاملة مندمجة في المجتمع ومنتجة، وهو ما تحدَّث عنه الصهاينة الاشتراكيون دائماً. وأخيراً، فإن مشروع بيروبيجان قد أثار من جديد الخلاف القديم بين يهود العالم حول ما عُرف بقضية الصهيونية الإقليمية. ولهذا، فقد أيَّدت المشروع بعض الجمعيات اليهودية في الولايات المتحدة وغرب أوربا وأمريكا اللاتينية، وكان من بينها لجنة التوزيع الأمريكية اليهودية المشتركة (جوينت)، والمؤسسة الأمريكية اليهـودية المشـتركة للزراعـة (أجروجوينت)، والجمعية الأمريكية للتوطين اليهودي في الاتحاد السوفيتي (وقد عُرفت باسم «إيكور» أي فلاح بالعبرية). في حين عارضته كل اتجاهات الحركة الصهيونية باعتباره تجسيداً لفكرة قومية الدياسبورا (القومية اليديشية) ولكن في ظل نظام اقتصادي مختلف.











  5. #55
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    روابط المهاجرين (لاندزمانشفتين)
    Landsmannschaften
    «روابط المهاجرين» هي جماعات أو روابط تضم مهاجرين منبلدة واحدة أو مقاطعة واحدة في الوطن الأصلي. وقد تأسَّست مثل هذه الروابط فيإنجلترا وجنوب أفريقيا وأساساً في الولايات المتحدة (خصوصاً في النصف الثاني منالقرن التاسع عشر) بين يهود اليديشية. وكان لكثير من هـذه الروابط معـبدها اليهوديالمقصور عليها. وكانت لغة هذه الروابط، في معظم الأحيان، اليديشية. وهذه الروابطمؤسسات وسيطة تهدف إلى تزويد المهاجرين بشيء من الطمأنينة وتُسهِّل عليهم عمليةالانخراط في المجتمع الجديد وتضع تحت تصرفهم خبرة من سـبقهم من مهـاجرين. ولهذا،ومع اندماج المهاجرين في بلادهم الجديدة، تختفي هذه الروابط أو تتحول إلى مؤسساتتضطلع بوظائف اجتماعية جديدة برغم احتفاظها بالاسم.

    حلقــــــةالعمـــــــــال
    Workmen's Circle (Arbeiter Ring)
    «حلقة العمال» عبارةمترجمة عن العبارة اليديشية «أربيتر رنج». وحلقات العمال منظمات اجتماعية أسسهاالعمال المهاجرون من شرق أوربا (من يهود اليديشية) عام 1900. وبلغ عدد فروعها 660فرعاً تضم سبعين ألف عضو. وقد ساهمت هذه الحلقات في تكوين اتحادات العمال في صناعةالإبر والنسيج التي تَركَّز فيها أعضاء الجماعة اليهودية. ومثل هذه المنظمات هي، فيواقع الأمر، منظمات وسيطة تساهم في دمج أعضاء الجماعات المهاجرة بإنشاء مؤسساتتحافظ على هويتهم شكلاً واسماً ولكنها تقدِّم لهم في الحقيقة قيم المجتمع الجديد. وبهذه الطريقة، تتم تهدئة مخاوفهم من فقدان الهوية في مواجهة المجتمع الجديد. ومنهنا، فإننا نجد أن وظيفتها واللغة المستخدمة فيها تتغيَّر بتزايد معدلات الاندماجإلى أن يحدث الاندماج تماماً، فتنحل أو تكتسب مضموناً جديداً. وعلى سبيل المثال،كانت هناك حلقات للعمال تتبعها مؤسسات تعليمية، مثل المدارس والمعسكرات الصيفية،استخدمت اليديشية في الماضي ولكنها تستخدم الإنجليزية في الوقت الحاضر. ولا تزالحلقات العمال تمارس نشاطها.

    جماعات الأصدقاء (حفوراه(
    Havurah Fellowship
    «جماعات الأصدقاء» جماعات صغيرة من يهود الولاياتالمتحدة تعود بداياتها إلى أواخر الستينيات (ويُقال إن أول جماعة تأسست في سومرفيلفي ولاية ماساشوستس عام 1968) وانتشرت في السبعينيات حتى أصبحت جزءاً من حياة يهودالولايات المتحدة. وهي تعبير عن رغبة بعض قطاعات من يهود الولايات المتحدة (وخصوصاًمن أعضاء الطبقة الوسطى) في أن تحتفظ بشيء من الخصوصية والهوية وفي أن تتحرك داخلجماعة صغيرة مألوفة لديها، وكل هذا احتجاج على تزايد معدلات الترشيد والعلمنة فيالمجتمع الأمريكي حيث تميل الحياة إلى العمومية والتنميط وتَضخُّم حجم المؤسساتوتمركزها (بما في ذلك المؤسسات الدينية اليهودية ذاتها) وهو ما يجعلها غير قادرةعلى التعامل مع الأفراد وعاجزة عن الوفاء بحاجاتهم الروحية، وهذه ظاهرة ليست مقصورةعلى أعضاء الجماعة اليهودية بأية حال وإنما هي ظاهرة عامة في المجتمع الأمريكيوتعود حركياتها إلى هذا المجتمع. ولذا، تكون محاولة الربط بين جماعات الأصدقاء (الحافوراه) وجماعات الأسينيين في مغارات قمران في القرن الأول قبل الميلاد (كماتفعل الموسوعة اليهودية) نوعاً من محاولة ربط ظاهرة حديثة بالظاهرة القديمة وإطلاقالاسم القديم على الظاهرة الحديثة، وهذا لا يساعد على تفسيرالظاهرة ولا علىتصنيفها.

    وتنقسم جماعات الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام:

    1
    ـ جماعات ذاتتوجه ديني واضح.
    2
    ـ جماعات تشبه الكومونات حيث يعيش الأعضاء معاً حياةجماعية ويعملون ويحتفلون بالأعياد بعضهم مع بعض.
    3
    ـ جماعات تُوجَد داخلالمعابد اليهودية.

    ويذهب عالم التلمود الأمريكي جيكوب نيوزنر إلى أنجمـاعات الأصدقاء تقوم بخمسة أنشطة جماعية: الصلاة، والاحتفال بشعائر السبت،والتعاون في إظهار الرحمة نحو الآخرين (الصدقات وزيارة المرضى)، والدراسة،والاحتفاظ بسجل لنشاط الجماعة.

    وتُوجَد لجنة قومية لجماعات الأصدقاء فيالولايات المتحدة. كما توجد جماعات في كلٍّ من إنجلترا وأستراليا وإسرائيل. وتنشراللجنة مجلة ونشرة دورية، كما أصدرت كتاباً عن كيفية إنشاء جماعة أصدقاء. وجماعاتالأصدقاء قد تستخدم ديباجات دينية، ولكنها لا تعبِّر عن بعث ديني لأنها جماعاتتنطلق من اغتراب الإنسان الأمريكي اليهودي وتحاول أن تساعده في التغلب على هذاالاغتراب لا من خلال الدين وإنما من خلال أصدقائه وجماعته. والواقع أن ما طرحوه منحل لا يختلف كثيراً عن الحـل الذي طرحه الهـيبيز وجماعـات الأصدقاء والأخـوةالأخرى.

    القهال الحديث في أمريكا اللاتينية
    Modern Kahal in Latin America
    تُسيِّر الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية أمورها منخلال مؤسسات يُقال لها القهال، وهي ليست مؤسسات إدارة ذاتية، كما هو الحال فيالمجتمعات التقليدية، وإنما هي رابطة تجمع أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكااللاتينية. وقد كوَّن الإشكناز من روسيا وبولندا قهالاً مشتركاً استبعد السفارد،وأصبح قهال الإشكناز المؤسسة الأساسية بين يهود المكسيك. ويُلاحَظ أن القهال فيالمجتمعات التقليدية كان في معظم الأحوال أساس تماسك الجماعات اليهودية، ولكنه هناأصبح تعبيراً عن الصراع الدائر داخلها وعن الانقسامات التي تفتتها. واللجنةالمركزية التي تضم كل هذه الجماعات تتكون من ثلاثين عضواً؛ منهم ستة عشر عضواًيتحدثون اليديشية (وهم الأغلبية)، وخمسة أعضاء يتحدثون اللادينو، وثلاثة يهودألمان، ومجريان، واثنان من سفارد دمشق، واثنان من سفارد حلب.

    وقهالالأرجنتين ليس أحسن حالاً، فقد اختفى بعض الوقت ثم عاد إلى الظهور بعد أن اشترىمجلس إدارته قطعة أرض لدفن اليهود، وهذا هو النشاط الأساسي للقهال. كما أنه يُقدِّمالآن برنامجاً تليفزيونياً ويقوم بأنشطة شبابية. ومصدر التمويل الأساسي اشتراكاتالأعضاء ورسوم الدفن التي يجأر اليهود بالشكوى منها (والواقع أن سيطرة القهال علىالمدافن تشبه سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الخلاص، فلا خلاص خارج الكنيسة ولا دفنخارج القهال). وتسيطر الحاخامية الأرثوذكسية على القهال، ولذا فهي تأخذ موقفاًمتشدداً من أمور مثل الزواج والطعام، والدفن بطبيعة الحال، الأمر الذي يعني استبعادأعداد كبيرة من اليهود الذين تمت علمنتهم. وهي تحاول أيضاً أن تفرض تدريس اليديشيةعلى المدارس اليهودية. ولم ينخرط السفارد في القهال، ولذا فلهم جمعية دفن خاصة بهم،ويسيطر كبار المموِّلين الذين يدفعون التبرعات على القهال وقراراته. ويتبع القهالعدد من الموظفين والحاخامات الذين لا يتمتعون بأية مكانة اجتماعية.

    ولايشارك القهال في السياسة القومية، وليس له موقف سياسي محدَّد. لكن هذا يزيد حدةالتوترات داخله، فالطاقة السياسية التي لا تُفرَّغ في الخارج من خلال القنواتالعامة تتسرب إلى داخل القهال وتُصعِّد حدة الصراعات. وتدار الانتخابات داخله علىأساس برامج الأحزاب الإسرائيلية وهذا يجعلها غير ذات موضوع من منظور لاتيني، ولذايزداد ابتعاد الشباب اليهودي عنها. فالقهال لا يتعامل مع الموضوعات الحية التيتهمهم كمواطنين في بلادهم. ومع هذا، تولَّى القهال عملية تطهير الشارع اليهودي منالعناصر اليسارية المختلفة.

    ومؤسسة القهال لا يمكنها ممارسة أي ضغط علىالحكومات في أمريكا اللاتينية برغم تركز اليهود في المدن وبالذات في بيونس أيرسوريو دي جانيرو. وهذا يرجع إلى أن الجماعات اليهودية صغيرة للغاية بالنسبة لعددالسكان سواء في الجمهوريات المختلفة أم في العواصم. كما أنها جماعات منقسمة، وهو مايزيدها تفتتاً. ولا يظهر صوت يهودي فعال. وعلى كلٍّ، لا تتمتع الانتخابات في أمريكااللاتينية بالأهمية نفسها التي تتمتع بها في الولايات المتحدة. كما أن الانقلاباتالمتكررة تجعل الانتخابات مسألة محدودة الأهمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جماعاتالضغط الأساسية، مثل الجيش والكنيسة، لا يشارك فيها اليهود. ولذا، يحاول القهالالتأثير في الحكومات من خلال المنظمات اليهودية الأمريكية ومن خلال الوكالاتالأمريكية الرسمية، وهو تَدخُّل قد يأتي بنتيجة إيجابية مباشرة ولكنه يأتي بأثرعكسي على المدى الطويل إذ يُقوِّي الإدراك المحلي بأن يهود أمريكا اللاتينية يربطهمرباط خاص بالولايات المتحدة، الأمر الذي يزيد هامشية أعضاء الجماعات اليهودية ومنانصراف الشباب اليهودي عنها.

    النادي اليهودي في أمريكااللاتينية
    Jweish Club in Latin America
    مع تزايد معدلات العلمنة فيمجتمعات أمريكا اللاتينية، بدأت تظهر مؤسسة جديدة أخذت تحل محل جمعيات الدفنوالقهال أو المعبد، وهي النادي الرياضي (الاجتماعي). والنادي الرياضي مؤسسة معروفةفي معظم أنحاء أمريكا اللاتينية تؤسسها الجماعات المهاجرة، فهناك النادي الإيطاليوالنادي السويسري والنادي اللبناني. ومن هنا، ظهر النادي اليهودي (وأحياناًالعبري). ومثل هذه النوادي أُلحقت بها مكتبة ومطعم ودار حضانة ومكاتب الرعايةاليهودية، وهي مؤسسات بالغة الضخامة. فالنادي اليهودي في ساو باولو يضم ثماني قاعاترياضية وثلاثة عشر ملعب تنس وستة حمامات سباحة وستة مطاعم (يقدم واحد منها فقطالطعام اليهودي الشرعي) ومحل مصفف شعر سيدات وغرفة للعب الكوتشينة ومعرضاً للفنونوقاعة للديسكو ونادي كومبيوتر، وينظم النادي بالإضافة إلى كل هذا حلقة دراساتيهودية.

    وقد نجحت هذه النوادي في جذب أعداد كبيرة أكثر من أي مؤسسة يهوديةأخرى، فهي مؤسسة لاتينية أكثر من كونها يهودية، ويوصف أعضاء الجماعة اليهودية فيساو باولو بأنهم أعضاء في النادي العبري أو اليهـودي. ولذا، فهي أول مؤسـسة يهـوديةتتجاوز الانقسامات القديمة، وظهورها دليل على الاختفاء التدريجي لميراث المهاجرين،وكذلك ظهور هوية لاتينية بين من تبقَّى من يهود أمريكا اللاتينية. ولغة الحديث فيهذه النوادي هي الإسبانية والبرتغالية باعتبار أن اللادينو واليديشية والعربيةاختفت كلغات حديث. ويبلغ عدد المشتركين في النادي اليهودي في ساو باولو حوالي 30ألفاً، أي حوالي ثلث أعضاء الجماعة اليهودية. ويُلاحَظ كذلك ارتفاع التزاوجالمُختلَط بين السفارد والإشكناز. ولا تشتغل هذه النوادي بالسياسة ولا بالدين، ولاتحاول أن تغذي الإثنيات اليهودية المختلفة، فهي في واقع الأمر تعبير عن المراحلالأخيرة من ضعف الهوية اليهودية.





 

صفحة 6 من 6 الأولىالأولى ... 23456

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:42 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML