5491 - ( يا أم قيس ! ترين هذه المقبرة ؛ يبعث الله منها سبعين ألفاً يوم القيامة على صورة القمر ليلة البدر ، يدخلون الجنة بغير حساب ، [كأن وجوههم القمر ليلة البدر] . فقام عكاشة فقال : وأنا يا رسول الله ؟! قال : وأنت . فقام آخر فقال : وأنا يا رسول الله ؟! قال : سبقك بها عكاشة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 849 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (25/ 181/ 445) - والسياق له - ، وابن شبة في "التاريخ" (1/ 91-92) - والزيادة له - من طرق عن سعد أبي عاصم : حدثنا نافع مولى حمنة بنت شجاع قالت : قالت لي أم قيس :
لو رأيتني ورسول الله صلي الله عليه وسلم آخذ بيدي في سكة من سكك المدينة ، ما فيها بيت ، حتى انتهى إلى بقيع الغرقد ، فقال لي : ... فذكره . وزاد الثاني :
قال سعد : فقلت لها : ما له لم يقل للآخر ؟ قالت : أراه كان منافقاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ نافع هذا ؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 453) لهذه الرواية ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وكذلك أورده ابن حبان في "الثقات" (3/ 269) ؛ على قاعدته المعروف شذوذها عن قواعد الأئمة .
وسعد هذا : هو ابن زياد أبو عاصم مولى سليمان بن علي ؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 83) عن أبيه :
"يكتب حديثه ، وليس بالمتين" .
قلت : وأما قول الهيثمي (2/ 13) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه من لم أعرفه" !
فهو عجيب ؛ لأن الطبراني رواه بإسنادين صحيحين عن سعد ؛ فهو يعنيه وشيخه نافعاً ، وقد ترجمهما ابن أبي حاتم !
والحديث منكر ؛ لأن المحفوظ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في السبعين ألفاً أنهم : "الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون" . أخرجه الشيخان .
والظاهر : أنه في عامة أمته صلي الله عليه وسلم ؛ وليس في الذين يدفنون في البقيع . والله أعلم .
والحديث ؛ سكت عنه الحافظ في "الفتح" (11/ 413 - السلفية) ! فلم يصب .
ثم رواه ابن شبة من طريق عبدالعزيز عن حماد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره مرسلاً دون قصة عكاشة .
وهذا ضعيف جداً ؛ عبدالعزيز متروك ؛ كما تقدم .
وحماد ضعيف .

(/1)
5492 - ( مقبرة بغربي المدينة ؛ يقرضها السيل يساراً ، يبعث منها كذا وكذا ؛ لا حساب عليهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 851 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن شبة في "التاريخ" (1/ 93) من طريق عبدالعزيز ابن عمران عن عبدالعزيز بن مبشر عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عمران هذا ، وهو متروك ؛ كما تقدم غير مرة .
وعبدالعزيز بن مبشر ؛ لم أعرفه .
والمقبري الراوي عن أبيه ؛ إن كان سعيد بن أبي سعيد المقبري ؛ فهو ثقة كأبيه .
وإن كان عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ؛ فهو متروك . والله أعلم .

(/1)
5493 - ( جزاك الله من أم وربيبة خيراً ؛ فنعم الأم ، ونعم الربيبة كنت لي . يعني : فاطمة بنت أسد أم علي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 851 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن شبة في "التاريخ" (1/ 124) : حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال : حدثنا القاسم بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عقيل قال : حدثني أبي عبدالله بن محمد - قال : ولم يدعه قط إلا أباه ، وهو جده - قال : حدثنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :
بينما نحن جلوس مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ إذ أتى آت ، فقال : يا رسول الله ! إن أم علي وجعفر وعقيل قد ماتت ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"قوموا بنا إلى أمي" . فقمنا وكأن على رؤوس من معه الطير . فلما انتهينا إلى الباب ؛ نزع قميصه ، فقال :
"إذا غسلتموها فأشعروها إياه تحت أكفانها" . فلما خرجوا بها ؛ جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم مرة يحمل ، ومرة يتقدم ، ومرة يتأخر ، حتى انتهينا إلى القبر ، فتمعك في اللحد ، ثم خرج ، فقال :
"أدخلوها باسم الله ، وعلى اسم الله" . فلما أن دفنوها قام قائماً ، فقال : ... فذكره . قال : فقلنا له - أو قيل له - : يا رسول الله ! لقد صنعت شيئين ما رأيناك صنعت مثلهما قط ؟! قال :
"ما هو ؟" . قلنا : نزعك قميصك ، وتمعكك في اللحد ؟! قال :
"أما قميصي ؛ فأردت أن لا تمسها النار أبداً إن شاء الله . وأما تمعكي في اللحد ؛ فأردت أن يوسع الله عليها قبرها" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته من أحد راوييه :
إما القاسم بن محمد ؛ فقد قال أبو حاتم :
"متروك" . وقال أحمد :
"ليس بشيء" .
وإما عبيد بن إسحاق ؛ ضعفه يحيى . وقال البخاري :
"عنده مناكير" . وقال الأزدي :
"متروك الحديث" . وقال ابن عدي :
"عامة حديثه منكر" .
وأما أبو حاتم ؛ فرضيه !

(/1)
5494 - ( أجهدوا أيمانهم أنهم ذبحوها ، ثم اذكروا اسم الله وكلوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 853 :
$ضعيف$
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 131/ 1-2531) وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (411/ 878) من طريق محمد بن حمير قال : حدثني سلمة بن العيار عن جرير بن حازم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال :
كان أناس من العرب (وفي رواية أبي الشيخ : الأعراب) يأتون باللحم ، فكان في أنفسنا منه بشيء ، فذكرنا ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ فقال : ... فذكره . إلا أن لفظ أبي الشيخ : "ذكوها" مكان : "ذبحوها" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، رجاله ثقات ؛ غير أبي هارون العبدي - واسمه عمارة بن جوين - ؛ قال الحافظ :
"متروك ، ومنهم من كذبه" .
وخفي حاله على الهيثمي ؛ فقال في "المجمع" (4/ 36) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات" !
وانطلى الأمر على الحافظ ابن حجر ؛ فقلده في "الفتح" (9/ 635) !
ولو أنه رجع إلى سنده في "الأوسط" ؛ لم يخف عليه حاله .
وقد صح منه الشطر الثاني من حديث عائشة رضي الله عنها :
أن قوماً قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم : إن قوماً يأتوننا بلحم ، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا ؟ فقال :
"سموا عليه أنتم ، وكلوه" .
قالت : وكانوا حديثي عهد بالكفر .
أخرجه البخاري (5507) وغيره ، وقد خرجته في "صحيح أبي داود" (2518) .
وقد اختلف في وصله وإرساله ، وأشار البخاري إلى ترجيح الوصل ؛ خلافاً للدارقطني ؛ كما بينه الحافظ .
وممن أرسله : سفيان بن عيينة ، وزاد في روايته :
"اجتهدوا أيمانهم ، وكلوا" . فقال الحافظ :
"أي : حلفوهم على أنهم سموا حين ذبحوا . وهذه الزيادة غريبة في هذا الحديث ، وابن عيينة ثقة ؛ لكن روايته هذه مرسلة" .
وأقول : بل هي - إلى ذلك - شاذة في حديث عائشة ؛ لأنها لم تذكر في شيء من الطرق الأخرى الموصولة أو المرسلة .
وحديث الترجمة لو صح ؛ يدل على أنه سقط منها قوله :
إنهم ذبحوها ! وهو الذي يقتضيه سياق حديث عائشة . والله أعلم .

(/1)
5495 - ( إن الله عز وجل خلق الخلق قسمين ، فجعلني في خيرهما قسماً ، وذلك قول الله عز وجل : (وأصحاب اليمين) ، (وأصحاب الشمال) ؛ فأنا من أصحاب اليمين ؛ وأنا خير أصحاب اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً ، فذلك قوله : (وأصحاب الميمنة) ، (والسابقون السابقون) ؛ فأنا خير السابقين ، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة ، وذلك قوله : (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) ، وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله عز وجل ، ثم جعل القبائل بيوتاً ؛ فجعلني في خيرها بيتاً ، وذلك قوله : (إنما يريد ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) ، وأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 855 :
$موضوع بهذا التمام$
أخرجه يعقوب الفسوي في "المعرفة" (1/ 498) : حدثني يحيى بن عبدالحميد قال : حدثنا قيس عن الأعمش عن عباية بن ربعي الأسدي عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد واه جداً ؛ ليس فيه ثقة سوى الأعمش :
أولاً : عباية هذا ؛ ذكره العقيلي في "الضعفاء" ، وقال :
"غال ملحد ، وكان يشرب الدن وحده" .
ثانياً : قيس - وهو ابن الربيع - ضعيف .
ثالثاً : يحيى بن عبدالحميد - وهو الحماني - ؛ قال في "التقريب" :
"حافظ ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث" .
قلت : وآثار الوضع والغلو في المتن ظاهرة ؛ لا سيما في الجملة الأخيرة منه :
".. مطهرون من الذنوب" .
فإنه يشعر بأن التطهير في الآية تطهير كوني ! وليس كذلك ؛ بل هو تطهير شرعي ؛ كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية - في رده على الرافضي - في كتابه العظيم : "منهاج السنة" .
وقد رواه الفسوي وغيره من طريق أخرى أخصر منه ؛ ليس فيه ما ذكرنا ؛ ولكن في إسناده ؛ يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم ؛ وقد اضطرب في إسناده ؛ كما تقدم بيانه برقم (3073) .
لكن صح من رواية مسلم وغيره مختصراً جداً ، وصححه الترمذي ؛ وقد خرجته لمناسبته تحت الحديث المتقدم (163) .

(/1)
5496 - ( سيخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسه أحد بعده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 856 :
$ضعيف$
أخرجه الفسوي في "المعرفة" (1/ 563) ، وابن سعد في "الطبقات" (7/ 500-501) ، وابن عساكر في "التاريخ" (15/ 445/ 2) من طريق أبي صخر عن عبدالله بن معتب - أو مغيث - بن أبي بردة عن أبيه عن جده مرفوعاً . وزاد ابن سعد :
قال نافع بن يزيد : قال ربيعة : فكنا نقول : هو محمد بن كعب القرظي . و (الكاهنان) : قريظة والنضير .
قلت : وعزاه الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/ 199-200) للفسوي ، وابن وهب . وتحرف على الطابع اسم (معتب) أو (مغيث) إلى : (سعيد) !
وسكت الذهبي عن إسناده ! وهو ضعيف ؛ لجهالة عبدالله بن معتب أو مغيث وأبيه ؛ فقد أورد الأول منهما ابن أبي حاتم (2/ 2/ 174) بهذه الرواية ؛ غير أنه قال :
"... ابن مغيث ..." ، ولم يشك ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
ولم يذكر أباه مطلقاً ؛ لا فيمن اسمه (مغيث) ، ولا فيمن اسمه (معتب) . والله أعلم .

(/1)
5497 - ( يكون في أمتي رجل - يقال له : صلة بن أشيم - يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 857 :
$ضعيف$
أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 77) ، وابن سعد في "الطبقات" (7/ 134) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 241) من طريق عبدالله بن المبارك : أخبرنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال : بلغنا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف معضل ؛ ابن جابر هذا من أتباع التابعين ، وهو ثقة . وابن المبارك أشهر من أن يذكر .

(/1)
5498 - ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، أتاني جبريل آنفاً ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . فقلت : أجل ؛ إنا لله وإنا إليه راجعون ، مم ذاك يا جبريل ؟! فقال : إن أمتك مفتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير . فقلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟ قال : كل سيكون . فقلت : من أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله عز وجل ؟! قال : بكتاب الله عز وجل يضلون ، فأول ذلك من أمرائهم وقرائهم ، تمنع الأمراء الحقوق ، ويسأل الناس حقوقهم فلا يعطوها ؛ فيغشوا ويقتتلوا ، ويتبع القراء أهواء الأمراء ؛ فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون . فقلت : يا جبريل ! فبم يسلم (الأصل : يسأل) من سلم منهم ؟ قال : بالكف والصبر ؛ إن أعطوا الذي لهم أخذوه ، وإن منعوا تركوه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 858 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 308-309) من طريق محمد بن حمير عن مسلمة بن علي عن عمر بن ذر عن أبي قلابة عن أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر بن الخطاب قال :
أخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم بلحيتي (كذا ! ولعل الصواب : بلحيته) - وأنا أعرف الحزن في وجهه - ، فقال : ... فذكره . وقال :
"ومحمد بن حمير هذا حمصي ليس بالقوي . ومسلمة بن علي دمشقي ضعيف الحديث . وعمر بن ذر هذا أظنه غير الهمداني ، وهو عندي شيخ مجهول ، ولا يصح هذا الحديث" .
أقول : أما أن الحديث لا يصح ؛ فنعم .
وأما أن محمد بن حمير ليس بالقوي ، وأنه ممن يعل به الحديث ؛ فلا ؛ لأنه قد وثقه ابن معين وغيره ، وحسبك أنه ممن احتج بهم البخاري في "صحيحه" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق" .
وإنما علة الحديث : من شيخه مسلمة بن علي ؛ فإنه متروك ؛ كما في "التقريب" . وقد تقدمت له أحاديث كثيرة .

(/1)
5499 - ( نهاني أن أتختم في هذه وهذه . يعني : الخنصر والإبهام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 859 :
$شاذ بهذا اللفظ$
أخرجه ابن ماجه (3648) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبدالله بن إدريس عن عاصم عن أبي بردة عن علي قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ؛ غير عاصم - وهو ابن كليب الجرمي - ؛ فهو من رجال مسلم وحده ؛ غير أن البخاري روى له تعليقاً .
وعبدالله بن إدريس : هو الأودي .
وابن أبي شيبة : اسمه عبدالله بن محمد ، وهو الثقة الحافظ صاحب "المصنف" وغيره من المؤلفات ؛ فالسند صحيح .
لكن في المتن شذوذ ونكارة من وجهين :
الأول : قوله : هذه وهذه ! وإنما هو : .. أو هذه ... على الشك .
والآخر : قوله : يعني : الخنصر والإبهام ! والصواب :
السبابة أو الوسطى .
وبيان ذلك من وجوه :
الأول : أنه قد جاء من طريق ثقتين آخرين عن ابن إدريس على الصواب ، فقال مسلم (6/ 152) : حدثني محمد بن عبدالله بن نمير وأبو كريب جميعاً عن ابن إدريس قال : سمعت عاصم بن كليب ... بلفظ :
نهاني - يعني : النبي صلي الله عليه وسلم - أن أجعل خاتمي في هذه أو التي تليها ... لم يدر عاصم في أي الثنتين .
قلت : وما اتفق عليه ثقتان أولى بالاعتماد عليه مما تفرد به ثقة واحد وخالف ؛ لا سيما إذا جاء ما يشهد له من رواية الثقات الآخرين عن عاصم ، كما يأتي بيانه . وهذا المخالف يحتمل أن يكون ابن ماجه نفسه أو شيخه ابن أبي شيبة ، فليراجع كتابه "المصنف - كتاب اللباس" من شاء التحقق من ذلك ؛ فإني بعيد عن مخطوطته ، ومطبوعته الجديدة ؛ فإن المطبوعة القديمة منه لم تصل إلى "اللباس" منه .
ثم رأيته في المطبوعة الجديدة (8/ 504) بلفظ : هذه وهذه . يعني : السبابة والوسطى . فثبت أن الوهم من ابن ماجه ، أو لعله من أحد نساخ كتابه .
وقوله : هذه وهذه ... كذا هو في المطبوعة !
والآخر : أن ابن إدريس قد تابعه جمع من الثقات على الوجهين الراجحين ؛ فأنا ذاكر من وقفت عليه منهم ، ومخرج لروايتهم ؛ ليكون القارىء على بينة مما نقول :
فأولهم : سفيان بن عيينة عن عاصم بن كليب عن ابن لأبي موسى به ... فذكر الحديث بنحوه .
هكذا أخرجه مسلم ؛ لم يسق لفظه ، وإنما أحال به على لفظ حديث ابن إدريس المتقدم عنده .
وقد رواه بإسناده عنه : الترمذي (1787) ، وساق لفظه ؛ فإذا هو هكذا :
هذه وهذه ، وأشار إلى السبابة والوسطى . وقال :
"حديث حسن صحيح" .
قلت : ففيه بيان ما أجمل في رواية ابن إدريس الراجحة ، بذكره السبابة والوسطى ؛ خلافاً لحديث الترجمة : الخنصر والإبهام ؛ لكنه وافقه في قوله :
هذه وهذه .
فجمع بينهما ولم يتردد .
لكني أظن أنه سقطت ألف (أو) من بعض النساخ أو الطابعين (!) ؛ فقد رواه الحميدي في "مسنده" (52) : حدثنا سفيان بإسناده المذكور بلفظ : (أو) ، وهو المحفوظ ؛ لما سيأتي التصريح به من بعض الثقات أنه شك عاصم .
وقد أخرجه أبو عوانة في "مسنده" (5/ 497) من طريق الحميدي ؛ إلا أنه قد اختصره .
وثانيهم : شعبة عن عاصم به نحوه .
كذا أخرجه مسلم أيضاً .
وقد أخرجه أحمد (1/ 109،138) من طريقين ؛ أحدهما عن محمد بن جعفر - وعنه تلقاه مسلم - ؛ ولفظه :
في السبابة أو الوسطى .
ومن هذا الوجه : أخرجه النسائي في "الزينة" ؛ لكن سقط منه ألف (أو) .
وكذلك وقع عند أبي عوانة (5/ 496) ، والطيالسي (167) .
ويؤكد السقوط : رواية أحمد الأخرى عن شعبة :
في ذه أو ذه : الوسطى والسبابة ... وزاد فيها :
وقال جابر - يعني : الجعفي - : هي الوسطى لا شك فيها .
وقد رواها في مكان آخر (1/ 150) عن شعبة أيضاً عن جابر بلفظ :
أن أضع الخاتم في الوسطى .
وهذه فائدة هامة ؛ لكن جابر الجعفي ضعيف لا يحتج به .
وإن مما يؤكد السقوط المذكور : رواية الثقة الآتي وهو :
ثالثهم : أبو الأحوص عن عاصم بلفظ :
... هذه أو هذه . قال : فأومأ إلى الوسطى والتي تليها .
أخرجه مسلم ، وأبو عوانة (5/ 497) ، والنسائي - مختصراً - . وقال أبو عوانة :
وأومأ إلى الوسطى أو التي تليها ... بالإثبات الألف أيضاً .
رابعهم : أبو عوانة عن عاصم بلفظ :
ونهاني أن أجعل خاتمي في هذه ، وأهوى أبو بردة إلى السبابة أو الوسطى . قال عاصم : أنا الذي اشتبه علي أيتهما عنى .
أخرجه أحمد (1/ 154) ، وأبو عوانة (5/ 498) - مختصراً - .
وأبو عوانة : اسمه الوضاح بن عبدالله اليشكري ، وهو ثقة ثبت ، أخرج له الشيخان وغيرهما .
وهي تؤكد خطأ حديث الترجمة من الوجهين المتقدمين .
ومثلها ما يأتي :
خامسهم : بشر بن المفضل : حدثنا عاصم مثله ، ولفظه :
... في هذه ، أو في هذه : في السبابة والوسطى . شك عاصم .
أخرجه أبو داود (2/ 198- التازية) .
وبشر بن المفضل ثقة ثبت من رجال الشيخين أيضاً .
سادسهم : سفيان عن عاصم مختصراً بلفظ :
نهاني أن أجعل الخاتم في هذه أو في هذه . قال عبدالرزاق : لإصبعيه السبابة والوسطى .
أخرجه أحمد (1/ 124) .

(/1)
وسفيان : هو الثوري ، وهو أشهر من أن يذكر بالثقة والحفظ .
سابعهم : محمد بن فضيل عن عاصم به ؛ إلا أنه اختصره ، فقال :
نهاني أن أجعل خاتمي في هذه السباحة أو التي تليها .
أخرجه أحمد (1/ 78) .
ومحمد بن فضيل ثقة من رجال الشيخين أيضاً .
ثامنهم : علي بن عاصم : أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي مثله ؛ إلا أنه قال :
هذه أو هذه : السبابة والوسطى . وزاد :
قال : فكان قائماً ؛ فما أدري في أيتهما قال .
أخرجه أحمد (1/ 134) .
وعلي بن عاصم لا بأس به في الشواهد والمتابعات .
تاسعهم : صالح بن عمر : أخبرنا عاصم بن كليب ؛ بلفظ :
قال عاصم : وأنا اشتبه علي أيتهما هي ؟!
أخرجه أبو يعلى (1/ 176) .
وجملة القول : أنه ثبت - برواية ابن إدريس المحفوظة عنه ، ومتابعة الثقات التسعة له - أن حديث الترجمة ضعيف شاذ لا صحة له ، وأن الصحيح رواية مسلم وغيره : النهي عن التختم في السبابة والوسطى ؛ شك راويه عاصم بن كليب .
فقول الشيخ الطيبي - كما في "المرقاة" (4/ 445) - :
"(أو) هذه ليست لترديد الراوي ؛ بل للتقسيم ؛ كما في قوله تعالى : (ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً)" !
فهذا خطأ ظاهر ؛ وإن أقره الشيخ علي القاري ، وقلده المعلق على (صحيح مسلم - طبع إستنبول) ؛ منشؤه من الوقوف والجمود على المتون ، دون الرجوع إلى الأصول !
ولكن ليت شعري ؛ إذا كان هذا عذر الشيخين المذكورين ؛ فما عذر المعلق على "صحيح مسلم" ؛ وهو يرى فيه عقب الحديث قول ابن إدريس :
لم يدر عاصم في أي الثنتين ؟!
أليس هو التقليد ؟!!
ثم إن مما يؤكد خطأ ذكر الخنصر في الحديث ؛ قول أنس رضي الله عنه :
كان خاتم النبي صلي الله عليه وسلم في هذه . وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى .
أخرجه مسلم ، والبخاري (5874) نحوه من طريق أخرى عنه .
وفي معناه : ما رواه الطبراني عن أبي موسى قال :
رآني رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا ألبس خاتمي في السبابة والوسطى ؛ فقال :
"إنما خاتم لهذه وهذه" ؛ يعني : الخنصر والبنصر .
قال الهيثمي (5/ 153) :
"وفيه محمد بن عبيدالله ؛ فإن كان العرزمي ؛ فهو ضعيف ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : بل هو متروك ؛ كما قال الحافظ وغيره .
فإن قيل : فإذا كان الراوي عاصم شك ، ولم يدر أي الإصبعين أراد النبي صلي الله عليه وسلم : السبابة والوسطى ؟ فعلى ماذا العمل ؟
فأقول : إلى أن يتبين لنا أيهما أراد صلي الله عليه وسلم برواية أخرى أو بحديث آخر ؛ فينبغي أن يكون العمل بلفظي الحديث احتياطاً ، فلا يتختم في الوطسى ولا في السبابة . وهو الذي نقله القاري عن النووي : أنه يكره ذلك كراهة تنزيه . والله أعلم .

(/2)
5500 - ( يا وائل بن حجر ! إذا صليت ؛ فاجعل يديك حذاء أذنيك ، والمرأة تجعل يديها حذاء ثدييها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 866 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 19/ 28) عن ميمونة بنت حجر بن عبدالجبار بن وائل بن حجر قالت : سمعت عمتي أم يحيى بنت عبدالجبار بن وائل بن حجر عن أبيها عبدالجبار عن علقمة - عمها - عن وائل بن حجر قال :
جئت النبي صلي الله عليه وسلم فقال :
"هذا وائل بن حجر ؛ جاءكم ، لم يجئكم رغبة ولا رهبة ؛ جاء حباً لله ولرسوله" . وبسط له رداءه ، وأجلسه إلى جنبه وضمه إليه ، وأصعد به المنبر ، فخطب
الناس ، فقال لأصحابه :
"ارفقوا به ؛ فإنه حديث عهد بالملك" .
فقلت : إن أهلي قد غلبوني على الذي لي ! قال :
"أنا أعطيكه ، وأعطيك ضعفه" . فقال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فإن ميمونة بنت حجر ، وعمتها أم يحيى بنت عبدالجبار ؛ لم أجد لهما ترجمة . وقال الهيثمي في موضعين من "المجمع" (2/ 103 و 9/ 373-374) :
"رواه الطبراني من طريق ميمونة بنت حجر بن عبدالجبار عن عمتها أم يحيى بنت عبدالجبار ؛ ولم أعرفها ، وبقية رجاله ثقات" .
قلت : ولا أعلم حديثاً صحيحاً في التفريق بين صلاة
الرجل وصلاة المرأة ؛ وإنما هو الرأي والاجتهاد .
وقد ثبت عن بعض السلف خلافه ، فانظر آخر كتابي "صفة الصلاة" .
ومما يؤيد ذلك : أنه ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يجعل يديه حذو منكبيه تارة ، ويحاذي بهما أذنيه تارة ؛ كما تراه مخرجاً في "صفة الصلاة" . فالتفريق المذكور في الحديث منكر . والله أعلم .

(/1)