5521- ( إنما يفتري الكذب من لا يؤمن ، إن العبد يَزِلُّ الزّلّة ، ثم يرجع إلى ربه فيتوبُ ، فيتوب الله عليه ).
موضوع. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1/ 113/ 235): حدثني عمر بن إسماعيل الهمداني قال: حدثنا يعلى بن الأشدق عن عبد الله ابن جراد قال: قال أبو الدرداء: يا رسول الله! هل يسرق المؤمن؟ قال:
" قد يكون ذلك ". قال: هل يزني المؤمن؟ قال:

(12/29)
" بلى وإن كره أبو الدرداء" . قال : هل يكذب المؤمن ؟ قال : ... فذكره.
قلت: وهذا موضوع ؛ آفته يعلى بن الأشدق أو الهمداني؛ فإن الأول أورده الذهبي في " الضعفاء" وقال :
" قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة ؟ ليس بشيء . وقال ابن حبان : وضعوا له أحاديث يحدث بها ولم يدر".
والآخر متروك, وكان ابن معين يكذبه . انظر الحديث المتقدم : " أنا مدينة العلم .." (2955) .
وإني متعجب جدا من إيراد الإمام الطبري بهذا الحديث ساكتا عنه, وفيه هذان المتهمان, وأنا وإن كنت حديث عهد بالاطلاع على كتابه "التهذيب" ودراسته فقد بدأت أشعر بأن عنده شيئا من التساهل في إيراد الحديث وتقويته, ولا أدري إذا كان هذا الشعور سيزداد مع
الدراسة أو سيضمحل, ذلك ما سنخرجه من أحاديثه:
5522 - (إني قد علمت ما لقيت في الله ورسوله، وما ذهب من مالك, وقد طيبت لك الهدية , فما أهدي اليك من شيء؛ فهو لك).
موضوع . أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1/172/375) من طريق الهيثم بن الربيع قال : حدثني الأصبع بن زيد عن سليمان بن الحكم عن محمد ابن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال :
لما بعثني رسول الله (ص) الى اليمن قال :....فذكره. وقال :
"هذا خبر غير جائز الاحتجاج بمثله؛ لوهي سنده، وضعف كثير من نقلته،

(12/30)
ومحمد بن سعيد؛ هو المصلوب".
قلت: قال الحافظ في "التقريب":
"كذبوه، وقال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث".
وسليمان بن الحكم واه باتفاقهم؛ كما قال الذهبي في "الضعفاء".
والهيثم بن الربيع؛ الظاهر أنه العقيلي البصري؛ قال الحافظ :
"ضعيف".
قلت : وأشار الطبري في كلمته السابقة إلى ضعفه وضعف اللذين قبله.
5523 – (اللهم ؟؟ مشبع الجوعة، [وقاضي الحاجة]، ورافع الوضعة، لا تجع فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - ).
ضعيف. أخرجه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (1/420/974)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/230/2/4165 ) من طريق مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني عن عتبة أب معاذ البصري عن عكرمه عن عمران ابن حصين قال :
كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا، إذ أقبلت فاطمة رحمها الله، فوقفت بين يديه، فنظرت إليها، وقد ذهب الدم من وجهها ، وغلبت الصفرة من شدة الجوع ، قال : فنظر إليها رسول الله، فقال :
"ادني يافاطمة !" . فدنت حتى قامت بين يديه ، فرفع يده ، فوضعها على صدرها في موضع القلادة ، وفرج بين أصابعه ، ثم قال ": ... فذكره .

(12/31)
قال عمران: فنظرت إليها، وقد غلب الدم على وجهها وذهبت الصفرة، كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم.
قال عمران : فلقيتها بعد، فسألتها ؟ فقالت : ما جعت بعد ياعمران !
وقال الطبراني عقبه – والزيادة له - :
"لا يرويه عن عكرمة إلا عتبة أبو معاذ، تفرد به مسهر بن عبد الملك، ولا يروى عن عمران إلا بهذا الإسناد".
قلت : وهو ضعيف؛ لأن مسهرا لين الحديث؛ كما في "التقريب".
وأما شيخه عتبة أبو معاذ؛ فصدوق له أوهام . فهو خير منه ، ومع ذلك فالهيثمي ما أعله إلا به ؛ فقال في "المجمع" (9/203) :
"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عتبة بن حميد ؛ وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جماعة ، وبقية رجاله وثقوا" .
5524 – (من قل ماله ، وكثر عياله ، وحسنت صلاته، ولم يغتب المسلمين؛ جاء يوم
القيامة وهو معي كهاتين ).
ضعيف جدا. رواه الطبري في "التهذيب" (1/422/981)، وأبو يعلى في "مسنده" (65/2)، والأصبهاني في "الترغيب" (234/1)، والخطيب في "التاريخ" (11/259) عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا .
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا ؛ لأن مسملة بن علي هذا متروك ؛ كما قال

(12/32)
الحافظ في "التقريب" .
والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (10/256)؛ دون أن يعزوه لأحد خلافا للمعروف من عادته، والظاهر أنه سقط منم
الناسخ أو الطابع.
5525 – (أدوا الفرائض، واقبلوا الرخص، ودعوا
الناس؛ فقد كفيتموهم ).
ضعيف . أخرجه الحارث بن أب أسامة في "مسنده" (ق14/1 – زوائده) : حدثنا الحسن بن قتيبة : ثنا سفيان عن العلاء بن المسيب عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :... فذكره.
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا؛ الحسن هذا ؛ قال الذهبي :
"هو هالك" .
ثم هو مرسل إن كانت الرواية هكذا، كما يشير إلى ذلك
الناسخ بكتبه حرف (ص)؛ إشارة إلى أنه كذلك وقع في الأصل.
ولعله سقط منه (عن ابن عمر)؛ فقد أورده السيوطي في "جامعيه" من رواية الخطيب في "التاريخ" عنه، وذكر المناوي في "شرحيه" أن إسناده ضعيف. ولم يبين علته، ولست أدري إذا كان عند الخطيب من هذا الوجه أو غيره؛ فإني لم أره في "فهرس تاريخه" الذي وضعه الشيخ الغماري. والله أعلم .
5526 – (الأقلف لا يحج بيت الله حتى يختتن).
ضعيف . أخرجه الرويانيفي "مسنده" (30/19/2)، والبيهقي (8/324)

(12/33)
عن أحمد بن يونس: حدثني أم الأسود قالت : سمعت منية بنت عبيد ابن أبي برزة تحدث عن جدها أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأقلف يحج بيت الله ؟ قال :
" لا ؛ حتى يختتن" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته منية هذه؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"لا يعرف حالها" .
قلت : لعل الأولى أن يقال :
"لا يعرف عينها " ،وقد أشار إلى ذلك الذهبي بقوله في "الميزان" :
"تفردت عنها أم الأسود " .
ولذلك ؛ نقل ابن القيم في "تحفة المودود" قول ابن المنذر بعدما عزاه له . فقال :
"ثم قال ابن المنذر : لا يثبت ؛ لأن إسناده مجهول".
وروى لها الترمذي حديثا آخر في التعزية، وقال :
"ليس إسناده بالقوي " . وهو مخرج في "الإرواء" (3/217) .
5527 – (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما تناكر منها في الله اختلف ) .
ضعيف جدا . أخرجه الطبراني في "الكبير" (6/324) من طريق

(12/34)
عبد الأعلى بن أبي المساور عن عكرمة عن الحارث بن عميرة قال :
انطلقت حتى أتيت المدائن، وإذا أنا برجل عليه ثياب خلقان ، ومعه أديم أحمر يعركه ، فالتفت ، فنظر إلي ، فأومأ بيده : مكانك ياعبد الله ! فقمت ، فقلت لمن كان عندي : من هذا
الرجل؟ قالوا: هذا سلمان ، فدخل بيته ، فلبس ثيابا بياضا، ثم أقبل وأخذ بيدي وصافحني وساءلني ، فقلت : يأبا عبد الله ! ما رأيتني فيما مضى ولا عرفتني ؟! قال : بلى ؛ والذي نفس بيده ! لقد عرف روحي روحك حين رأيتك، ألست الحارث بن عميرة ؟ فقلت : بلى . فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ آفته ابن أبي المساور ؛ قال الحافظ في "التقريب":
"متروك، وكذبه ابن معين " .
وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (8/88)، وقال في مكان آخر (10/273):
"رواه الطبراني بأسانيد ضعيفة".
قلت : لعل الصواب أن يقال : بإسنادين ضعيفين ؛ فإنه مع ما في تعبيره من الإجمال والتساهل الموهم أن إسناد هذا ضعيف فقط وليس بمتروك بخلاف تصريحه الأول؛ فإن إسناده الآخر عند الطبراني (6/323/6169) بلفظ :
"الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف".
وهو – وإن كان فيه من لا يعرف ؛ فإنه – بهذا اللفظ صحيح ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

(12/35)
فقد أخرجه أحمد (2/295،527،539)، ومسلم (8/41-42) من طريقين صحيحين عن أبي هريرة مرفوعا. وأحدهما في "الأدب المفرد" للبخاري (901).
ورواه البغوي في "شرح السنة" (13/65) من طريق ثالثة عن أبي هريرة وأبي داود في (الأدب).
وعلقه البخاري في أول "
الأنبياء" من حديث عائشة، ووصله في "الأدب المفرد" (900) من طريقين عن يحيى بن سعيد عن عمرة عنها . وأحدهما في "مسند أبي يعلى" (3/1082- 1083، وعنده : عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت :
كانت بمكة امرأة مزاحة ، فنزلت على امرأة مثلها ، فبلغ ذلك عائشة ، فقالت : صدق حبي ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : .... فذكرته.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9/207/8912) من حديث انب مسعود.
وسقط من
الناسخ رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فقد عزاه إليه مرفوعا من رواية الطبراني : الهيثمي في "المجمع" (8/78)، والسيوطي في "الجامع الصغير". انظر "صحيح الجامع" (2765).
قلت : وفي كل هذه الطرق لا يوجد فيها ما جاء في حديث الترجمة : "في الله"، فهي زيادة منكرة، ومن أجلها خرجت الحديث هنا.
وقد وجدت لها طريقا أخرى، ولكنها مثلها في الوهاء، فلا بد من البيان لها :
فقد قال أبو يعلى في "المعجم" (ق18/1) : ثنا الحسن بن خالد

(12/36)
السكري : ثنا بشر بن إبراهيم : ثنا عبد الله بن مهران عن أبي هاشم صاحب الرمان عن زاذان عن ابن عمر مرفوعا مثل حديث الترجمة .
وآفة هذا الإسناد: بشر بن إبراهيم، وهو الأنصاري البصري المفلوج؛ قال العقيلي:
"يروي عن الأوزاعي أحاديث موضوعة لا يتابع عليها" . وقال ابن عدي :
"هو عندي ممن يضع الحديث " .
قلت : ولعله سرقه من ابن أبي المساور المتقدم ذكره . والله أعلم .
ومما تفرد به هذا الوضاع : الحديث الآتي :
5528 – (يوشك أن يظهر الجهل ، ويخزن [العلم]، ويتواصل
الناس بألسنتهم ، ويتباعدون بقلوبهم، فإذا فعلوا ذلك؛ طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ).
موضوع . أخرجه أبو يعلى في "المعجم " بإسناده السابق عن بشر بن إبراهيم بسنده المتقدم عن ابن عمر مرفوعا .
وبشر هذا؛ وضاع؛ كما ذكرته آنفا عن ابن عدي وغيره ، وكأنه سرقه أيضا من بعض الضعفاء، وغير من متنه شيئا؛ فقد رواه الحجاج بن فرافصة عن أبي عمر عن سلمان الفارسي مرفوعا بلفظ :
"إذا ظهر القول، وخزن العمل, وائتلفت الألسنة ... " والباقي نحوه.
أخرجه الطبراني (6/323/6170)
وأبو عمر ؛ لم أعرفه ، وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (7/287) :

(12/37)
"رواه الطبراني في "الأوسط"، و"الكبير" وفيه جماعة لم أعرفهم".
وقد روي الحديث بزيادة أخرى؛ بإسناد ضعيف أيضا من حديث علي، وقد تقدم برقم (2992) .
5529 – (إن الخضر في البحر، واليسع في البر، يجتمعان كل ليلة عند ا لردم الذي بناه ذو القرنين بين
الناس وبين يأجوج ومأجوج؛ يحجان ويعتمران كل عام، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل).
موضوع . أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ق110/1-زوائده) : حدثنا عبد الرحيم بن واقد : ثنا القاسم بن بهرام : ثنا أبان عن أنس مرفوعا به . قال الهيثمي عقبه :
"قلت : وقد ذهب من الأصل مقدار ثلث سطر " .
قلت : وكذلك أورده السيوطي في "الجامع الكبير" إلى قوله : "قابل" من رواية الحارث، ثم قال :
"وفيه أبان ، وعبد الرحيم بن واقد ؛ متروكان " .
وهو حديث موضوع ؛ ككل أحاديث حياة الخضر عليه السلام، على ما حققه
العلماء الأجلاء؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد أورد ابن الجوزي طائفة كبيرة منها في "الموضوعات"، وتبعه السيوطي في "اللآلي المصنوعة"، وليس هذا فيها، فكان عليه أن يورده في "ذيل الأحاديث الموضوعة" الذي استدرك فيه ما فات ابن الجوزي من الموضوعات؛ فإن أبان هذا –وهو ابن أيي عياش- ؛ كان يكذب في الحديث؛ كما قال شعبة .

(12/38)
5530 – (عويمر حكيم أمتي ، وجندب طريد أمتي ؛ يعيش وحده ، ويموت وحده ، والله وحده يكفيه ) .
ضعيف . أخرجه الحارث في "مسنده" (ق 120/2 – زوائده) بسند صحيح عن صفوان عن أبي المثنى المليكي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى أصحابه قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد صحيح إلى أبي المثنى ؛ فإن صفوان – وهو ابن عمرو السكسكي – ثقة؛ لكنه مرسل ؛ على جهالة في أبي المثنى ، واسمه ضمضم الأملوكي ، روى عنه هلال بن يساف أيضا كما في "الجرح والتعديل" على خلاف في ذلك تراه في "التهذييب" ، وقال ابن حبان في "الثقات" (3/121) :
" وهذا الذي يقال له (المليكي ) ".
وكذا قال السمعاني في "الأنساب" .
ولم يرتض ذلك ابن أبي حاتم ؛ فقال :
"وقال ابن المبارك : (المليكي) ، وهو وهم "
قلت : ويدفع هذا التوهيم رواية الحارث هذه ؛ فإنها من غير طريق ابن المبارك . قتأمل .
وجملة القول ؛ أن الحديث مرسل ، وبه أعله السيوطي في "الجامع الصغير" ، على جهالة في مرسله . والله أعلم.
(تنبيه) : هكذا وقع آخر الحديث في "زوائد المسند" :

(12/39)
"والله وحده يكفيه " . ووقع في "الجامع" بلفظ : "والله يبعثه وحده ".
ولعل هذا هو الصواب ؛ لأنه يشهد له الحديث التالي :