صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 54
 
  1. #31
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    حائـط المبـكى
    Wailing Wall
    «حائط المبكى» ترجمة لتعبير «ويلنج وول Wailing Wall» الإنجليزي ويقابلهفي العبرية «كوتيل معْرافي»، أي «الحائط الغربي»، والذي يسميه المسلمون العرب «حائطالبراق»، ويُقال إنه جزء من السور الخارجي الذي بناه هيرود ليحيط بالهيكل والمبانيالملحقة به. ويُعتبَر هذا الحائط من أقدس الأماكن الدينية عند اليهود في الوقتالحاضر، ويبلغ طوله مائة وستين قدماً. أما ارتفاعه فهو ستون قدماً. وقد سُمِّي هذاالحائط باسم «حائط المبكى» لأن الصلوات حوله تأخذ شكل عويل ونواح. ولقد جاء فيالأساطير اليهودية أن الحائط نفسه يذرف الدموع في التاسع من آب، وهو التاريخ الذيقام فيه تيتوس بهدم الهيكل.

    ومنذ القضاء على تمرد بركوخبا ضد الرومان، صارموقع الهيكل المهدَّم، لا الحائط، مركزاً للتطلعات الدينية اليهودية. لكن التاريخالذي بدأت تقام فيه الصلوات بالقرب من الحائط غير معروف، فالمصادر المدراشية تشيرإلى «حائط الهيكل الغربي» أو «الحائط الغربي»، ولكن هذا الحائط المشار إليه لاتتركه الحضرة الإلهية البتة، ومن ثم فهو حائط أزلي لم يتهدم ولن يُهدَم. ومن الواضحأن الإشارة لم تكن إلى حائط المبكى، وإنما إلى الحائط الغربي لقدس الأقداس. ولماكان الهيكل قد هُدم بالفعل، فلابد أن الحديث كان يحمل مدلولاً رمزياً وحسب.

    والواقع أن كل المصادر التي تتحدث عن يهود القدس (حتى القرن السادس عشر)تُلاحظ ارتباطهم بموقع الهيكل وحسب، ولا توجد أية إشارة محدَّدة إلى الحائط الغربي.كما أن الكاتب اليهودي نحمانيدس (القرن الثالث عشر) لم يذكر الحائط الغربي في وصفهالتفصيلي لموقع الهيكل عام 1267، ولم يأت له ذكر أيضاً في المصادر اليهودية التيتتضمن وصفاً للقدس حتى القرن الخامس عشر. ويبدو أن حائط المبكى قد أصبح محل قداسةخاصة ابتداءً من 1520م، في أعقاب الفتح العثماني وبعد هجرة يهود المارانو حَمَلةلواء النزعة الحلولية المتطرفة في اليهودية. ولعل هذا يفسر بداية تقديس الحائط.فالنزعة الحلولية، كما أسلفنا، تتبدَّى دائماً في صورة تقديس الأماكن والأشياء، منتمائم وأحجبة وحوائط، إيماناً بأن الإله يتجلى في كل كبيرة وصغيرة. كما أنه قد يكونهناك تشبُّه بالمسلمين فيما يخص الكعبة والحجر الأسود. ولذا، نجد أن حديث الحاخاماتالرمزي عن الشخيناه في علاقتها بالحائط يكتسب مدلولاً حرفياً. وقد تعمَّق هذاالإيمان في القرن التاسع عشر، وبدأ حائط المبكى يظهر في فلكلور الجماعات اليهودية،وبدأت عمليات الحفر والتنقيب الأثري في منطقة هضبة الحرم حول حائط المبكى التي كانتتغـذي جذوتها النزعة الإمبريالية والديباجـات المسـيحية الاسترجاعية. وقد ترسختصورة حائط المبكى في الوجدان اليهودي والصهيوني. ومع هذا، فإن الحاخام هيرش (رئيسجماعة الناطـوري كارتا)، الذي يعيـش في القـدس على بعد أمتار من الحائط، يرفضزيارته ويؤكد أن تقديس الحائط إن هو إلا حيلة من الحيل السياسية للصهيونية.

    وقد حاول الصهاينة الاستيلاء على الحائط، عن طريق الشراء في بادئ الأمر،كما حاولوا مع فلسطين كلها، ولعلهم في هذا يرجعون إلى فكرة أن إبراهيم اشترى مغارةالمكفيله وأن داود اشترى جرن أرونا اليبوسي. ومن تلك المحاولات محاولة الحاخام عبدالله (حاخام الهند) شراء الحائط عام 1850. وقد حاول السير موسى مونتفيوري أن يستصدرتصريحاً بوضع الكراسي أو المظلات الواقية من المطر أمام الحائط، ولكن طلبه رُفض.وفي عام 1887، حاول البارون روتشيلد شراء الحيّ المجاور للحائط لإخلائه من السكان،واقترح أن تشتري إدارة الوقف أرضاً أخرى بالأموال التي ستحصل عليها، وتُوطّنالسـكان فيهـا، وهــو حل يحمل كل ملامح الحلول الصهيونية (الترانسفير)، وقد رُفضطلبه كذلك. وقبل الحرب العالمية الأولى، قام البنك الأنجلو فلسطيني بمحاولات جادةلشرائه. كما قام الصهاينة بمحاولات للاستيلاء على الحائط، أو التسلل إلى منطقة هضبةالحرم عن طريق تقديم رشاوى، أولاً للحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين حيث عرضوا عليهنصف مليون جنيه إسترليني، ثم عُرض على الشيخ سعيد العلمي مبلغ مليون دولار. وغنيٌّعن البيان أن هذه المحاولات لم تُكلَّل لا بكثير ولا بقليل من النجاح.

    ولمتكن محاولات الاستيلاء تتم عن طريق العنف المالي وحسب، إذ كان العنف يأخذ أشكالاًمباشرة حينما كان الصهاينة يحاولون تأكيد حقوقهم في الحائط وفي هضبة الحرم. وقدكانت هذه المحاولات يقابلها الرفض من قبل الفلسطينيين، الأمر الذي كان يؤدي إلىالاشتباكات بين الطرفين. ومن أشهر الاضطرابات التي نجمت عن الاحتكاك بين المستوطنيناليهود والعرب تلك الاضطرابات التي حدثت في 22 سبتمبر 1922، أو تلك التي حدثت فياليوم السابق ليوم الغفران ثم في يوم الغفران نفسه (في 24 سبتمبر 1928) حين أصرَّتإدارة الوقف على أن يزيل الإنجليز ستارة أو فاصلاً (محيتساه) كان الأرثوذكس قدوضعوها ليفصلوا بين الرجال والنساء. وقد قام ضابط بريطاني بإزالة الستارة. وتزايدتالاضطرابات عام 1929 حين قام الصهاينة بجلب الكراسي والمصابيح والستائر ووضعوهاأمام الحائط. ورغم عدم أهمية الحدث في حد ذاته، فإن له دلالة خطيرة إذ أن الكراسيوغيرها من الأشياء كانت تهدف إلى تغيير الوضع القائم (وهذه هي السياسة التي تبنتهاحكومة الانتداب، أي ترك كل شيء يتعلق بالأمور الدينية على ما هو عليه). وقد زادتالاضطرابات إلى أن جاء يوم الغفران في 15 أغسطس 1929 حين قادت منظمة بيتار مظاهرةنحو الحائط. وبعد هذه الحوادث، شكلت الحكومة الإنجليزية لجنة تحقيق استمعت إلىشهادات اليهود والمسلمين والموظفين البريطانيين، وقد قررت اللجنة أن المسلمين همالمالك الوحيد للحائط وللمناطق المجاورة وأن اليهود يمكنهم الوصول إلى الحائطللأغراض الدينية فحسب، على ألا ينفخوا في البوق (الشوفار) وألا يجلبوا خيمة أوستارة أو ما شابه ذلك من أدوات. وقرَّرت اللجنة أن أية أدوات عبادة يحق لليهودوضعها بمقتضى الأمر الواقع بالقرب من الحائط لا يترتب على إنشائها أي حق عينيلليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له. وقد استمرت المظاهرات حتى عام 1947.

    وهذا الحائط يقع ضمن الأراضي الفلسطينية التي احتُلت عام 1967، فقامتالقوات الإسرائيلية بإزالة الحي المجاور للحائط، وكذلك كل البيوت الملاصقة له،وأقامت أمامه ميداناً، وأصبح الحائط بؤرة اهتمام للمنظمات الصهيونية الجديدة. ويسخراليهود اللادينيون من هذا الحماس الديني، فيشيرون إلى الحائط الغربي (بالعبرية:كوتيل) باسم «ديسكوتيل»، أي المرقص الليلي الديني! وتقوم الدولة الصهيونية بالعديدمن عمليات الحفر حول الحائط التي أدَّت إلى تَصدُّع الآثار الإسلامية.

    وقدتحوَّل الحائط إلى بؤرة تجمعت فيها مشاكل التجمع الصهيوني، خصوصاً الصراع الحاد بينالعلمانيين والمتدينين. ومن أهم القضايا التي أثيرت مؤخراً، قضية الفاصل أو الستارةالتي تفصل بين الجنسين أثناء الصلاة أمام حائط المبكى، إذ يطالب الأرثوذكس بوضعهابينما يرى اللادينيون والإصلاحيون أن لا حاجة إليها. ويشير بعض المؤرخينالإسرائيليين إلى أنه في بداية فترة الهيكل الثاني، لم يكن هناك أي فصل بينالجنسين، ولم تبدأ هذه الممارسة إلا قبل هدم الهيكل بسنوات قليلة.

    وقد بدأتبعض النسوة اليهوديات من دُعاة حركة التمركز حول الأنثى بالمطالبة بالمساواةالكاملة في الصلاة مع الرجال، وكوَّن جمعية تُسمَّى «نساء من أجل الحائط» يقمنبارتداء شال الصلاة (الطاليت) وتلاوة التوراة ومحاولة الاشتراك في صلاة الجماعة،وهو ما تحرمه الشريعة اليهودية.

    وقد لوحظ أخيراً تَزايُد المحلات المتخصصةفي بيع المجلات والأدوات الإباحية في القدس بالقرب من الحائط. وقام ناشر مجلة بنتهاوس الإباحية بنشر طبعة عبرية من مجلته، وقام بزيارة لإسرائيل بهذه المناسبةفاستُقبل استقبالاً شبه رسمي أمام حائط المبكى! وقد احتجَّت الجماعات الدينيةاليهودية على هذا.

    الحائط الغربي
    Western Wall
    «الحائط الغربي» هو «حائط المبكى».

    الوزنة (شيكل)
    Shekel
    «شيكل» كلمة عبرية تعني «وزن» أو «الوزنة» وكانت تُنطق «شيقل». وهوالمقياس الوزني الذي كان العبرانيون القدامى يستخدمونه لوزن الذهب والفضة. وقد أصبحالشيكل عملة فيما بعد. ويبدو أن نظام العملات بين العبرانيين كان يتبع النظامالبابلي، فالبابليون كانوا أهم الشعوب التجارية في الشرق الأدنى القديم. وقد شاعالشيكل كعملة أيام الحشمونيين. وكان الشيكل، كوحدة وزن، يعادل ستة عشر جراماًتقريباً. وحينما كان موسى يحصر عدد شعب يسرائيل، أراه الإله أن « كل من اجتاز إلىالمعدودين من ابن عشرين سنة فصاعداً يعطى تَقدمة للإله » (خروج 30/13ـ 14) لصيانةوخدمة خيمة الاجتماع. وقد فرض سليمان نصف شيكل يدفعه كل يهودي بالغ للهيكل. وبُعثهذا التقليد بعد العودة من بابل، ففُرضت ضريبة لبناء الهيكل، وأصبح هناك شيكلمقدَّس (ضعف الشيكل العادي) عبارة عن جزية سنوية يدفعها يهود فلسطين والعالموتُنقَل إلى الهيكل (مركز العبادة القربانية). ومن الاتهامات التي وجِّهت ضد الحاكمالروماني فلاكوس أنه صادر بعض الشيكلات. وبعد سقوط القدس، حوَّل الرومان ضريبةالشيكل إلى الفيسكوس جواديكوس أو ضريبة اليهود. ويتناول التلمود، في أحد كتبه،الأحكام الخاصة بالشيكل. والاشتراكات في المنظمة الصهيونية العالمية تُدعى «شيكل»،وكذلك عملة إسرائيل.

    الصدقة (حالوقاه)
    Halukka
    «الصدقة» هي المقابل العبري لكلمة «حالوقاه» العبرية، والتي تعني «نصيب ـقسمة». وهي الصدقة التي كانت تُدفَع للعلماء اليهود المتفرغين للدراسة الدينية فيالمدن المقدَّسة الأربع: القدس، وحبرون (الخليل)، وصفد، وطبرية. وأصبحت كلمة «حالوقاه» تُطلَق على المساعدات المالية التي كان يرسلها يهود العالم لمساعدةاليهود الذين استوطنوا فلسطين، وخصوصاً في القدس، وكرَّسوا حياتهم للتعبد ودراسةالتوراة. وكان معظم اليهود المقيمين في فلسطين يعيشون على الصدقات (نحو 85% منمجموعهم بحسب ما جاء في بعض التقديرات). وكان رُسُل الحاخامات هم الذين يجمعون هذهالصدقات ويرسلونها إلى فلسطين.

    ومع منتصف القرن التاسع عشر، ظهرت شبكةمتكاملة متشعـبة لجمـع التبرعـات ليهود فلسطين من أعضاء الجماعات اليهودية. وكان منأهم مراكز هذه الشبكة «لجنة الرسميين والإداريين» في أمستردام، التي تلقت المعوناتالسنوية من تجمعات اليهود الكبيرة في غرب أوربا وحولتها إلى قادة يهود فلسطين. وكانهناك اختلاف في طريقة جمع وتوزيع الصدقة بين اليهود الإشكناز واليهود السفارد. ولايزال بعض اليهود المتدينين يجـمعون الحالوقاه، ويرسـلونها إلى الجمـاعات الدينيةداخل إسرائيل.

    ولكن الحركة الصهيونية التي ترفض الشخصية اليهودية التقليديةوالقيم اليهودية الدينية، كانت ترى أن جمع الحالوقاه من علامات الخنوع والطفيليةالتي يتسم بها اليهود، وأنه استمرار لعقلية الاستجداء التي تسم الوجود اليهوديالتقليدي، وخصوصاً بعد انتشار التسول بين يهود أوربا في القرن التاسع عشر، وطُرحتبدلاً من ذلك فكرة الشعب اليهودي الذي يعتمد على نفسه، والذي سوف يحقق استقلالهويحافظ عليه بنفسه دون حاجة إلى استجداء أحد.

    ولكن الصهيونية، منذ أن بدأتكحركة سياسية وأنشأت دولتها في فلسطين، معتمدة اعتماداً كاملاً على المعوناتالخارجية وعلى أجهزة الصهيونية العالمية، أصبحت متخصصة في فن الاستجداء. ولقد كانتالحالوقاه تُجمع تقليدياً من يهود العالم لأغراض دينية وخيرية، أما التبرعات التيكانت الحركة الصهيونية تجمعها، وكذلك المنح والمساعدات والقروض والتعويضات التيتحصل عليها والتي يمكن أن نُطلق عليها اسم «الحالوقاه الصهيونية»، فمصدرها ليسأعضاء الجماعات وحدهم، وإنما الدول الغربية، وهي تُجمَع لأسباب سياسية واقتصاديةوأحياناً بطرق غير أخلاقية.

    وبدلاً من الطفيلية اليهودية التي نجمت عن ظروفتاريخية خاصة بأوربا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكانت في طريقها إلىالزوال كما حدث بالفعل ليهود إنجلترا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الذينأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من اقتصاد أوطانهم، فإن الصهيونية خلقت نوعاً جديداً منالطفيلية المؤسسية إذ خلقت دولة لا تملك مقومات البقاء، ولابد لها من الاعتماد علىصدقات الآخرين من اليهود وغير اليهود. وإذا كانت الصهيونية قد علمنت الحلوليةاليهودية الدينية وحولتها إلى عقيدة فاشية، فإنها قد قامت أيضاً بعلمنة الحالوقاهوالتسول، وجعلتهما صفات أساسية للممارسة الصهيونية، وخلقت ما نسميه «اقتصادالتسول».

    هيـكل أونيـــاس
    Temple of Onias
    «هيكلأونياس» هيكل شيَّده الكاهن الأعظم اليهودي أونياس الرابع الذي خُلع من منصبه فيفلسطين ففرّ إلى مصر ومعه بعض الجنود اليهود، ولعلهم تحَّولوا إلى مرتزقة بعدوصولهم إلى مصر (وثمة رأي يذهب إلى أن الذي شيده هو، في واقع الأمر أبوه أونياسالثالث). ويبدو أن الهيكل قد شُيِّد بإيعاز من البطالمة (حكام مصر) في عصر بطليموسالسادس (181 ـ 145 ق.م)، لخلق مركز ليهود مصر يصبح مركزاً لولائهم ويبعدهم عن هيكلفلسطين التابع للسلوقيين. وقد مُنح أونياس، وجنـوده، أرضـاً ليسـتوطنوها ويعيشوا منريعها عام 145 ق.م. وقد شُيِّد المعبد في ليونتوبوليس (بالقرب من هليوبوليس)،ويُسمَّى موقعه الحالي «تل اليهودية». مكان معبد مصري للإلهة باشت. وقد استندأونياس إلى نبوءة أشعياء (19/18 ـ 19) التي جاء فيها أنه سيُشيَّد مذبح للإله فيوسط أرض مصر ليعطي هيكله شرعية دينية وقد أصبح أونياس كاهنه الأعظم.

    وكانكثير من اليهود يعملون جنوداً مرتزقة ضمن حامية عسكرية تُرابط حول المعبد. وقدبُنيَ الهيكل على هيئة قلعة يحيطها سور، ربما بسبب طابعه الاستيطاني القتالي، وهوما يجعل معماره يشبه معمار المعابد اليهودية في أوكرانيا إبّان فترة الإقطاعالاستيطاني البولندي فيها. ورغم اختلافه، من الناحبة المعمارية عن هيكل القدس، فإنهكان يحوي الأواني الشعائرية نفسها، وكان يتدلى من السقف فانوس حل محل شمعدانالمينوراه. وقد منح البطالمة لكهنة هذا الهيكل قطعة من الأرض ليعيشوا من ريعها.

    ولم يكن هيكل أونياس معبداً (سيناجوج) وإنما كان هيكلاً مركزياً لإقامةشعائر العبادة القربانية، وكان الهدف هو إحلاله محل هيكل فلسطين، كما كان اليهود فيمصر يقدمون فيه القرابين ويحجون إليه. ورغم أن أقلية من يهود مصر اتخذت موقفالمعارضة، فإن بعض فقهاء اليهود أبدوا اهتماماً خاصاً به ودرسوا شعائره وهو ما يعنياعترافاً ضمنياً به، ولكن الرأي الحاخامي الشائع هو رفضه لأنه كان يشكل منافسةللعبادة القربانية. وقد قام الرومان بإغلاق هذا المعبد عام 73م إثر تَمرُّد قام بهيهود مصر، أي أنه أُغلق بعد مرور عامين على إغلاق هيكل فلسطين.










  2. #32
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    البابالثالث عشر: المملكة العبرانية المتحدة



    المــــلوكوالملكـــية
    Kings and Kingship
    بعد فترة من تسلل القبائل العبرانية فيكنعان (1250 ق.م تقريباً)، بدأ طابعها الاقتصادي والاجتماعي في التحول تأثراًبالبيئة الكنعانية المحيطة، فظهرت الحرف المختلفة والملكية الخاصة للأرض وإقامةالمدن، وذلك ليحل نمط جديد محل الاقتصاد البدائي والملكية الجمعية، أي أن المجتمعبدأ يتحول عن القبيلة والبداوة اللتين وسمتاه أثناء عصر القضاة (1250 ـ 1020 ق.م)ليصبح أكثر تركيباً نتيجة عناصر التحول داخله ونتيجة الاحتكاك بالمجتمعات الأخرىالأكثر تركيباً وتَحضُّراً. كما شهدت هذه الفترة ضغطاً عسكرياً عنيفاً علىالعبرانيين ورفضاً شديداً لهم من جانب الفلستيين والكنعانيين والمؤابيينوالأدوميين، وقد واكب ذلك غياب القوى العظمى في منطقة الشرق الأدنى القديم بسببظروفها الداخلية. وقد ساهمت هذه الأوضاع الداخلية والخارجية في أن نظام القضاة أصبحنظاماً بالياً غير قادر على التعبير عن الأوضاع الجديدة، وأصبح نظام الملكية أمراًحتمياً للتعبير عن البنية الجديدة للمجتمع. وتعبر القصة التوراتية عن ذلك حيث طلبالشعب إلى صـموئيل أن يجعل لهم ملكاً مثل الشـعوب الأخرى المتحـضرة المحيطة بهم.فتوَّج عليهم شاؤول، ثم داود (1004 ـ 965 ق.م) الذي وحَّد القبائل العبرانية فيمايُسمَّى «المملكة العبرانية المتحدة». وقد خلفه ابنه سليمان، ثم انقسمت المملكة إلىمملكتين (928 ق.م): المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية اللتين حكمتهما سلسلة منالملوك.

    ولم تكن مؤسسة الملكية العبرانية تختلف كثيراً عن مؤسسة الملكيةالمقدَّسة التي شاعت في الشرق الأدنى القديم، حيث يُعتبَر الملك نقطة الحلول الإلهيومن خلاله يتم التواصل بين مملكة الأرض ومملكة السماء. ولذا، كان الملك هو أيضاًالكاهن الأعظم أو أعلى في المرتبة.

    وكان الملوك العبرانيون يُعتبَروننواباً عن الرب، كما كانوا الزعماء الدنيويين والدينيين للعبرانيين، تعلو سلطتهمالدينية سلطة الكاهن الأعظم، ولذا كان الملك هو الزعيم والرئيس الرسمي للشعائروالاحتفالات الدينية العامة. فكان يقدم القرابين إلى يهوه باسم الشعب ويتلقىالبركات منه نيابة عنهم ويعمل على تنفيذ وصاياه وشريعته في وقت السلم، كما كان يقومبقيادة الشعب في وقت الحروب والمحن. وكان الملك يُسمَّى «الماشيَّح» لأنه كان يمسحرأسه بالزيت عند تتويجه. ورغم كل هذا، لم يكن الملك تجسيداً للإله، كما أن حقوقه لمتكن مطلقة، ولم يكن من حقه مصادرة الأرض أو الاستيلاء عليها، كما كانت تنطبق عليهالقوانين الأخلاقية والمدنية. وكان الأنبياء يوجهون انتقادهم للملكية باعتبارهامؤسسة سياسية مرتبطة بالفساد والثراء الفاحش والسخرة، ولكن هذا لم يمنع من وجودحكام مُطلقين. وكان من حق الملك أن يعيّن من يخلفه على العرش، غير أن الابن البكر،عادةً، كان يُختار لهذا المنصب.

    وقد ظل الموقف العبراني من الملكية مبهماً.فأحد أسفار العهد القديم (تثنية 17/13 ـ 2) يتحدث عن القواعد الواجب اتباعها عندتعيين الملك وهو ما يتضمن اعترافاً بمؤسسة الملكية. ولكننا نجد أن سفر صموئيل يتضمنتحذيراً عميقاً من الملكية لأن الملك لن يلتزم بالقواعد. والرأي السائد بين فقهاءاليهود أن الملكية تخالف روح الدين اليهودي، وأن تعيين ملك أمر يقف ضد إرادة الرب،وأن الشكل الأمثل للحكومة هو حكومة غير ملكية. ولذلك، فحينما استولى الحشمونيون علىالحكم (164 ق.م)، رفضوا في بادئ الأمر أن يتخذوا لقب «ملك»، كما رفض الغيورونالملكية ولم يرتضوا إلا بالإله ملكاً. ويرى بعض فقهاء اليهود أنه يمكن تعيين ملككما فعل صموئيل إن هو اتبع التعاليم الدينية وقَبل أن يقوم أحد الأنبياء بتعيينه.وفي التراث الديني اليهودي أن الماشيَّح سيكون ملكاً من نسل داود.

    وقدساهمت الملكية في إضعاف النظام القَبَلي بإنشاء سلطة مركزية وتقسيم الأرض إلى مناطقإدارية لا تتفق بالضرورة مع التقسيمات القَبَلية السابقة، حتى أصبحت القياداتالقَبَلية مسألة رمزية أو اسمية أو شكلية ليست لها وظيفة محدَّدة. وقد قوَّضتالملكية القيادة القَبَلية بخلق طبقة من الموظفين الملكيين الذين يعتمدون على الملكويدينون له بالولاء خارج نطاق شبكة الولاء القَبَلية. وكانت هذه الطبقة تضم الوزراءوالمقاتلين والمديرين والعمال في الضياع الملكية وطبقة الكهنة واللاويين. كما أنطبقة التجار ازدهرت بتأثير ظهور الملكية التي شجعت على التجارة كما شجعت على ظهورالمهارات الحرفية المتخصصة. وظهرت كذلك طبقة كبار الملاك الذين كان الملك يقتطع لهمضياعاً كبيرة مكافأة لهم على خدمات قدمــوها له. وقد قُـدِّر لهذه الطبــقة أنتلعــب دوراً كبيراً في تاريــخ المملكـة الشمالية اللاحــق، وخصوصاً تلك الشريحةالتي كانت موجـودة في شــرق الأردن ولعــبت دوراً حاسـماً في الحقبـة الأخيـرة منتاريخ المملكــة الشمــالية، على خلاف ما حدث في المملكة الجنــوبيــة، حيـث لمتلعب هـذه الطبــقة دوراً كبيـراً لضعفها ولعل هذا كان يعود إلى عدم وجود أراضزراعية كافية.

    وقد أدَّت هذه التحولات الإدارية والاجتماعية والطبقية إلىضعف سلطة شيوخ القبائل في المدن وخارجها. ومع هذا، فقد ظلت شبكة العلاقات القَبَليةقوية. ولعل انقسام المملكة العبرانية المتحدة، بعد موت سليمان مباشرة، أكبر دليلعلى استمرار قوتها. وقد نجم عن ضعف النظام الطبقي القَبَلي والتقليدي ظهور طبقةالعمال العبرانيين الموسميين وتحوُّل العناصر المحلية الأصلية التي لم تندمج فيالمجتمع العبراني إلى ما يشبه العبيد. وكان هناك كذلك طبقة العبيد نفسها، ولكن لابدأن نشير إلى أن العبيد لم يكونوا طبقة مهمة لأن المجتمع العبراني لم يكن متقدماًبالقدر الذي يجعله يحتاج إلى أيد عاملة بشكل دائم، كما أن المجتمع العبراني كان يسدحاجته المحدودة إلى العبيد عن طريق استعباد المذنبين أو العبرانيين الذين لم يسددواديونهم. ويمكن القول بأن المعالم الأساسية لبناء المجتمع العبراني (واليهودي فيمابعد) قد تحددت في هذه الفترة، كما ظل المجتمع محتفظاً ببنيته الأساسية إلى أن اختفىفي القـرون الميلادية الأولى، وقد كانت بنية ثلاثية تتكون أسـاساً مما يلي:

    1
    ـ الملك أو الكاهن الأعظم والنخبة الحاكمة التي كانت تتكون من الأثرياءوكبار الكهنة وكبار ملاك الأراضي وكبار التجار (والتجار الدوليين وملتزمي الضرائبفيما بعد) والأرستقراطية العسكرية التي حل محلها فيما بعد جنود الإمبراطوريةالحاكمة: الفرس فالبطالمة ثم السلوقيون والرومان.

    2
    ـ صغار التجار وصغارالمزراعين وصغار الكهنة.

    3
    ـ الفلاحون المعدمون والعمال الموسميون والعبيدوالجماعات الهامشية المختلفة.

    ويمكن القول بأن ما يُقال له «الحزب الشعبي»كان يضم الطبقتين الثانية (الوسطى) والثالثة (الدنيا)، وأن الطبقة الثرية هي الطبقةالتي تحولت إلى جماعة وظيفية وسيطة تخدم المصالح الإمبراطورية وتسوس المجتمعالعبراني لصالحها.

    وقد ساد الحكم الملكي بين العبرانيين في المملكة المتحدةثم في المملكتين الشمالية والجنوبية. ومع هجوم الآشوريين ثم البابليين، تم أسر آخرملوك العبرانيين. وبعد أن سمح قورش بعودة زعماء اليهود إلى فلسطين (538 ق.م)، قامتمحاولة لتتويج زروبابل ملكاً، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل، ذلك لأن الفرس لميقفوا وراءها مؤثرين التعاون مع الكهنة على التعاون مع الأرستقراطية العسكريةوبقايا أسرة داود الملكية. وقد ظهر بعد ذلك الحكم الكهنوتي حيث تقع معظم أدواتالسلطة الدينية في يد السلطة الإمبراطورية الحاكمة وحيث يشرف الكاهن الأعظم وأثرياءاليهود على شئون اليهود الداخلية. وقد كان الرومان يطلقون لقب «ملك روماني (دوكس)»على بعض الحكام اليهود التابعين لهم مثل هيرود، ولكن هذا اللقب كان لقباً شرفياًمحضاً، وقد حجبه الرومان عن أولاد هيرود.

    شاؤول (1020-1004ق.م)
    Saul
    «شاؤول» اسم عبري معناه «الذي سُئل من الإله». وشاؤول أول ملوكالعبرانيين من قبيلة بنيامين. وقد توجه صموئيل ملكاً بعد أن طالبه الشـعب بذلك. كانشـاؤول يسـكن في خيمة ويعيـش حياة شيخ قبيلة بدوي، ولم يكن قوي الإرادة، بل كانيميل في مزاجه إلى الكآبة والتقوقع. وهو يمثل انتقال المجتمع العبراني من حكمالقضاة إلى حكم الملـوك العـبرانيين، ومن حالة البـداوة إلى حالة الاستقرار والتمدنوالزراعة، ولذا فقد كان أقرب إلى القائد العسكري منه إلى الملك.

    لم تمتدحـدود مملكتـه الصـغيرة إلى أبعـد من منطقة قبيلته (بنيامين). ومع ذلك، فإن انتخابهكان يعني الثورة ضد الفلستيين الذين هزمهم في بادئ الأمر. قام بحملات تأديبية ضدالقبائل المعادية، وحاول تطهـير الدين من عوامل السـحر التي اسـتشرت فيه، ولكنهاصطدم، في نهاية الأمر، بكلٍّ من صموئيل وداود.

    ألحق به الفلستيون هزيمةنكراء بجوار جبل جَلْيوع، وقتلوا ثلاثة من أولاده وأصابوه هو نفسه بجراح خطيرةفانتحر. ثم تم تتويج أحد أبناء شاؤول ملكاً على جزء من فلسطين لبعض الوقت، لكنصموئيل توج داود محله. واسم «شاؤول» ليس مقصوراً على العبرانيين إذ أن أحد ملوكالأدوميين كان يُسمَّى بهذا الاسم.

    يوناثـــان
    Jonathan
    يوناثان هو ابن شاؤول البكر، وكان قائداً لقوات العبرانيين في عهدأبيه. والاسم عبري معناه «يهوه أعطى». وحينما شعر شاؤول بالغيرة المجنونة من داودقام يوناثان بحمايته، بل لم يشعر بالحقد نحو داود حينما عرف أنه سيعتلي العرش. وقدقُتل في المعركة الأخيرة مع الفلستيين ورثاه داود. وتُصوِّر إحدى المسرحياتالاسرائيلية الحديثة العلاقة بين يوناثان وداود كعلاقة شاذة.

    المملكــة العبرانيــة المتحــدة: ظهــورها وانقســامها
    United Hebrew Kingdom: Emergence and Division
    المملكة المتحدة هي، فيواقع الأمر، اتحاد القبائل العبرانية الذي سعى إليه شاؤول وأخذ شكل مملكة صغيرةأسسها شاؤول سُمِّيت «مملكة يسرائيل». ولكن الفضل الحقيقي في تأسيس المملكة يعودإلى داود، وقد خلفه ابنه سليمان في حكمها. وقد تمكَّن العبرانيون من تأسيس مملكتهمحوالي 1020 ق.م بسبب الفراغ الذي نشأ في الشرق الأدنى القديم. فمصر كانت تتعرضآنذاك لضغط الليبيين من الغرب إلى أن قامت أسرة ملكية تنحدر من أصل ليبي، وكانالحيثيون مشغولين بصد الغزاة من البحر (شعوب البحر)، ولم تكن بابل (العراق) قوةعظمى بعد، كما كانت الدويلات الآرامية في صراع بعضها مع بعض. أما آشور، فلم تكن قدبلغت بعد أوج عظمتها الإمبراطورية.

    وبعد موت سليمان، انقسمت المملكةالعبرانية المتحدة إلى دولتين: المملكة الشمالية (يسرائيل-إفرايم) والمملكةالجنوبية (يهودا)، وذلك لأسباب غير مباشرة وأخرى مباشرة. ولنبدأ بالأسباب غيرالمباشرة:

    1
    ـ لم يكن اتحاد القبائل العبرانية اتحاداً قومياً في صورة أمةوشعب وأرض وحضارة، بل كان تجمعاً اتحادياً لقبائل متفرقة يجمعها نسبها إلى بيتيعقوب وشريعة موسى ويجمعها وقوعها تحت سيطرة الشعوب الأخرى في كنعان وخارجها.

    2
    ـ ظهور آشور وبعدها بابل، وكذلك استعادة مصر سيطرتها على حدودها الشرقيةومركزها في فلسطين وبدء حملات شيشنق التأديبية في فلسطين. ولذا، فقد اختفى الفراغفي الشرق الأدنى القديم الذي سمح بظهور المملكة العبرانية المتحدة. أما الدويلتانالصغيرتان اللتان حلَّتا محلها، فقد كانتا خاضعتين لتقلبات القوى الداخلية في كنعانوالقوى الخارجية في بلاد الرافدين ومصر.

    3
    ـ كانت الاختلافات الاجتماعيةوالدينية عميقة بين مجموعتي القبائل الشمالية والجنوبية. فالقبائل التي كانت تسكنالشمال كانت مندمجة في بيئة زراعية وكانت أكثر تعرضاً للأثر الكنعاني، وكانت تمارسعبادة إلوهيم بطقوس مستمدة من العبادات الكنعانية، وخصوصاً بمفهوم بعل وعشتروت. وقداعتاد أعضاء هذه القبائل سُكْنَى البيوت المُنعَّمة وتخلوا عن خشونة حياة البدووالرعي التي بدأوا بها. أما القبيلتان الجنوبيتان (يهودا وبنيامين)، فكان أعضاؤهمايعيشون حياة تقترب من حياة البدو ويعتمـدون على الرعي في المرتفعـات الصالحة لرعيالأغنام وسائر الأنعام، كما كانوا يمارسون عبادتهم بأسلوب يسرائيلي قديم يتَّسمبالقبلية والتعصب.

    ولكن، حتى في فترة اتحاد القبائل في عصر داود وسليمان،حيث كانت تُعتبَر أكثر عهود العبرانيين رفاهيةً واستقراراً، ظل الاقتصاد معتمداًبالدرجة الأولى على المعاملات المالية والضرائب وجزية الرؤوس، حيث كان النشاطالتجاري الداخلي محصوراً داخل نطاق ضيق جداً. أما الصناعة، فقد كانت في حالة بدائيةومتخلفة عما كانت عليه في الدويلات المجاورة. وحتى قبل عهد سليمان بزمن قصير، لميكن معروفاً غير صناعتي الخزف والحديد البدائيتين. وكان هذا الوضع يدفعالأرستقراطية العبرانية ورجال الدين إلى استغلال العامة وانتزاع أكبر قدر يمكنانتزاعه من مواردهم الضئيلة عن طريق الربا والإقراض والقرابين والهبات والصيرفة،الأمر الذي كان يؤدي إلى تركُز الثروة في أيدي قلة. وقد حال هذا الوضع دون استطاعةالعبرانيين بناء كيان مسـتقر ذي تقـاليد سـياسية ثابتة. وبعد ظهور الدولتينالشمالية والجنوبية، لم يقم اقتصاد زراعي/صناعي في أي منهما، بل ظل الاقتصاد ربوياًصيرفياً.

    أما الأسـباب المباشـرة التي أدَّت إلى انقسـام المملكـة فكانتمتعددة، فثمة أسباب سياسية متمثلة في الرغبة في الانفصال عن سطوة الهيكل في القدسأو في ممارسة حياة بعيدة عن الثيوقراطية، وثمة أسباب اقتصادية تمثلت في مشكلةالضرائب الباهظة التي فرضها سليمان. ولكل هذا، حين اجتمع ممثلو القبائل الاثنتىعشرة في القدس لينصبوا رحبعام بن سليمان ملكاً، أثيرت قضية الضرائب الباهظة التيفرضها أبوه، ولكنه رفض تخفيضها. ولذلك، رفضت القبائل العشر الاعتراف به، وانتخبتيربعام من قبيلة إفرايم ملكاً عليها وكان الناطق بلسانها. وشكلت هذه القبائل مملكةيسرائيل الشمالية التي كانت عاصمتها شكيم أولاً ثم ترصه ثم السامرة.

    أماقبيلتا يهودا وبنيامين، فقد ظلتا متمسكتين ببيت داود ومصرتين على فرض السيطرةالدينية والسياسية على القبائل العبرانية كافة. واتسمت المملكة الجنوبية (يهودا)بالميل إلى الانغلاق مع استمرار العداوة قائمة بينها وبين المملكة الشمالية طوالتاريخهما، وقد كانتا تدخلان في تحالفات مع الدول المجاورة في صراعهما الواحدة ضدالأخرى.

    داود (1004-965 ق.م)
    David
    «داود» اسم عبريمعناها «محبوب»، وداود هو ثاني ملوك العبرانيين، ويرجع نسبه إلى إسحق بن إبراهيم.وُلد في القرن الحادي عشر قبل الميلاد وتولَّى العرش عام 1004 ق.م حتى وفاته في عام 965 ق.م، وقد رُويت قصته في سفر صموئيل الثاني. وداود، حسب العقيدة الإسلامية، نبيوملك، ولكنه حسب العقيدة اليهودي ملك وحسب. ويحيطه التراث اليهودي بحكايات تجعلهيتصف بصفات غير محمودة.

    كان داود راعياً وقاطع طريق، عمل حامل دروع عندشاؤول، وكان يعزف له ليُسرى عنه. وأظهر شجاعة غير عادية في قتال الفلستيين حينماصرع العملاق جُليات بالمقلاع، ثم تزوَّج من ميكال ابنة الملك. ولكن شعبية داودأثارت غيرة الملك عليه، فاضطر إلى الفرار والاحتماء بأعدائه. ولكن، بعد هزيمةشـاؤول على يـد الفلسـتيين وانتحاره، عاد داود إلى الخليل (حبرون)، وتوَّجه صموئيلملكاً ليهودا. ولكن أسرة شاؤول توَّجت أحد أبنائه ملكاً. ونتيجة خسائر بقية القبائلفي الحرب (ويُقال بسبب مساعدة الفلستيين له) ونتيجة مجموعة من الاغتيالات السياسيةدبرها قائد قوات داود، انتهى الأمر باغتيال ابن شاؤول نفسه. ثم وجدت القبائل نفسهابدون ملك أو قواد حربيين، فقبلته القبائل العبرانية كافة وضمنها قبائل الشمال، فأسسالمملكة العبرانية المتحدة. وبعد ثمانية أعوام من حكمه، فتح داود يبوس أو القدسوحوَّلها إلى عاصمة لمملكته لأنها تتوسط وتسيطر على أهم الطرق الداخلية، وبنىمعبداً ليهوه أودع فيه تابوت العهد مؤكداً بهذا توحيد المملكة والقبائل العبرانية.وقد أصبح اللاويون الذراع الإدارية والتنفيذية للدولة، فكان منهم رجال الشرطةوالقضاة والكتبة. ثم أسس جيشاً محترفاً بعد تركيز السلطة في القدس، وحارب الفلستيينحلفاءه السابقين والمؤابيين وآرام (سوريا) والعمونيين. وقد استمرت الحروب سجالاًبينه وبين قبائل المنطقة في أرض كنعان.

    ومع أن داود ضم قطاعات واسعة منالأرض ووسع حدود مملكته وأبرم معاهدات مع صور وصيدا، إلا أن مملكته لم تكن مع هذامملكة بمعنى الكلمة إذا ما قورنت بالوحدات السياسية المماثلة في ذلك العصر.

    ولا يمكن فهم الإنجازات العسكرية أو السياسية لداود إلا في إطار العلاقاتالدولية القائمة حينذاك في الشرق الأدنى القديم، إذ لم يكن من الممكن أن تحقق دويلةصغيرة مثل هذا التوسع إلا في حالة غياب القوى العظمى في ذلك الوقت. ويتميَّز حكمداود بتَحوُّل القبائل العبرانية من الحياة القبلية الرعوية شبه الزراعية إلى حياةمستقرة نوعاً ما تتميَّز بوجود ملكيات كبيرة للأرض. ومـع هـذا، لم يَخلُ الأمر منمتاعـب داخلية، مثل ثورة ابنه ضده وغضب الأنبياء عليه وهو ما يدل على أن النمطالقَبَلي لم يكن قد فقد تأثيره بعد.

    ويُصوَّر داود كشاعر ومحارب وعاشقيرتكب الذنوب بسرعة غريبة ثم يندم عليها بالسرعة نفسها. وقصته التي ترويها التوراةأقرب ما تكون إلى قصة حياة زعيم همجي منها إلى قصة حياة رئيس جماعة يدعو إلى ديانةمتطورة أخلاقياً، فقد نسبت التوراة إليه أنه اغتصب بتشبع زوجة أوريا الحيثي أحدرجاله العسكريين، فقد رآها عارية وهي تستحمّ فدفع زوجها إلى الجبهة في الحرب معالعمونيين كي يموت وتبقى المرأة خالصة له. ولكن الإله، برغم كل معاصي داود، كانيصطفيه ويغفر له. ويُنسَب إلى داود أحد أسفار العهد القديم (المزامير).

    وقدعقد الإله معه عهداً أزلياً مثل العهد الذي عقده مع يسرائيل، ولذا سيكون الماشيَّحالمخلّص «ملك يسرائيل» من نسله. ومع هذا، نجد أنه لم يكن يهودياً خالصاً إذ أن جدتهراعوث كانت مؤابية.

    وتصوِّره الأجاداه في صورة الملك الذي لا يمكن أنينازعه أحد في حقه، كما تؤكد قدراته الجسدية الخارقة، وأنه حجة في الشريعة يقرأالتوراة دائماً، ولذا لم يستطع ملاك الموت أن يقبض روحه إلا باللجوء إلى الخديعة.وقد حاول الحاخامات أن يبينوا أنه لم يرتكب أياً من الذنوب التي ورد ذكرها في العهدالقديم. أما في القبَّالاه، فإنه يُقرَن بالتجلي النوراني العاشر ويتسم بصفات «الملكوت». ويوجد إلى جـوار داود الدنيـوي داود الأعـالي أو داود الآخر، وهـو قرينداود الدنيوي، والذي يقود سكان العالم العلوي، ولذا فهو الشخيناه. كما أن داود هوالقدم الرابعة للمركبة الإلهية، ويشكل الآباء الثلاثة الأقدام الأخرى. وتفسِّرالقبَّالاه قتله أوريا الحيثي بأنه رمز لقتل الثعبان، وداود تجسيد للإنسان الأول (آدم). أما كونه مولوداً لمؤابية، فقد فُسِّر بأنه مثل نزول الماشيَّح إلى عالمالظلمة وفي الهوة وغوصه في الجانب المظلم حتى يمكنه أن يتغلب على قوى الشر.

    ويحب كثير من الصهاينة والإسرائيليين أن يُشخِّصوا دولة إسرائيل بأنها داودالصغير الذكي سريع الحركة، والذي يهزم جليات البطل الفلستي المدجج بالسلاح (والذييُقرَن بالعرب) عن طريق استخدام المقلاع. وهذه هي صورة الصراع العربي الإسرائيليكما رسخت في الوجدان الغربي. ولعل لاأخلاقية داود، وتَحوُّله من قاطع طريق إلى راعثم إلى ملك وشاعر ومحب، تجعله إنساناً عصرياً ليست لديه هموم أخلاقية وقادراً علىالتكيف مع كل الظروف. وبعد الانتفاضة، واستخدام الفلسطينيين العزل الحجارة ضد آلةالحرب الإسرائيلية المتفوقة، أُعيدت صياغة الرموز وأصبح الفلسطينيون هم داود وأصبحتالدولة الصهيونية هي جُليَّات.






  3. #33
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ســليمان (965-928 ق.م)
    Solomon
    «سليمان» اسم عبري معناه «رجل سلام». ويبدو أن هذا هو الاسم الملكيالذي اتخذه يديديا ابن داود بعد اعتلائه العرش. وكلمة «يديديا» معناها «أثير ليهوه»أو «خليل الرب». ويُعتبَر سليمان عند اليهود ملكًا وليس نبياً، وهو ثالث ملوكالعبرانيين، ابن داود من بتشبع. حكم اتحاد القبائل العبرانية المسمَّى «المملكةالعبرانية المتحدة» قبل وفاة أبيه بسبب احتيال أمه بمساعدة النبي ناثان. وقد بدأسليمان حكمه، فيما روت التوراة، بحمام دم استهله بقتل أخيه إدونيا بعد أن خضع له،كما ذبح أفراداً آخرين كانوا يمثلون خطورة عليه مثل يؤاب رئيس جيش أبيه (ولكن عملههذا لم يُغضب يهوه كثيراً)، كما أنه عزل آبيثار الكاهن.

    وقد تحوَّلت القدسفي عهده إلى مدينة تجارية بسبب ازدهار التجارة التي قامت على الاتصالات بالشعوبالمحيطة وعلى استخدام السفن في البحر الأحمر ونقل البضائع. وبنى سليمان في عصيونجابر (إيلات) أسطولاً تجارياً بمساعدة الملك التاجر حيرام ملك صور الذي مده أيضاًببحارة عارفين بالبحر، واستخدم هذا الطريق الجديد بدلاً من طريق مصر في تجارته معبلاد العرب وأفريقيا. وقام سليمان ببناء الهيكل وبنى قصره الملكي في القدس. وقدقامت ملكة سبأ بزيارته لذيوع صيته، حسب الرواية التوراتية.

    وبشكل عام، نعمتمملكته بالسلام لأسباب كثيرة من بينها الحلف الذي عقده أبوه مع الفينيقيين،والتحالفات التي عقدها هو مع الدويلات المجاورة. وقد تمتعت المملكة بحالة منالاستقرار والاستقلال النسبيين بسبب حالة الفراغ السياسي التي عاشتها المنطقة فيتلك الفترة نتيجة انكماش كل القوى الإمبراطورية فيها أو غيابها لسبب أو آخر. ولكن،لا ينبغي مع ذلك أن نظن أن دولة سليمان كانت دولة عظمى، فاقتصادها كان محدوداً،ونشاطها التجاري الداخلي كان محصوراً في نطاق ضيِّق جداً، وكانت الصناعة بدائيةومتخلفة.

    جمع سليمان عدداً كبيراً من الزوجات والسراري يصل إلى الألف (ملوكأول 11/3) من الأجناس كافة، منهن الفينيقيات والمؤابيات والعمونيات والحيثياتوالمصريات. وبنى بتأثيرهن منصات عبادة قرب القدس لعبادة إله صيدا ومؤاب وعمون (ملوكأول 11/5 ـ 8). وازداد اندماج العبرانيين في عهده مع الشعوب والقبائل المحيطة بهمفي فلسطين واتخذوا مظاهر العبادات الكنعانية المختلفة الأمر الذي ابتعد بالدين عنجوهر ديانة موسى، وأدَّى ذلك فيما بعد إلى ظهور الحركة الاجتمـاعية للأنبـياء.وتذكر التـوراة أن سـليمان صاهر فرعون، ملك مصر، وتزوَّج ابنته (ملوك أول 3/1)، وقدحصل على مدينة جيزر (بالقرب من القدس)، وكانت تابعة لمصر، مهراً لزواجه، وهذا هوالتوسع الوحيد الذي أنجزه سليمان. ويبدو أن هيبة ملوك مصر في تلك الحقبة كانت قدهبطت حتى ارتضت مصر أن يتزوَّج ملك صغير الشأن كسليمان من إحدى أميراتها.

    وفي أواخر حكم سليمان، حرر الملك الآرامي رزين نفسه ومملكته منه، كما بدأالأدوميون في إزعاجه، بل بدأت تظهر مشاكل داخلية حادة بسبب حالة الاستقطاب الطبقيوالضرائب الثقيلة التي فرضها لتمويل أعمال البناء والسخرة اللازمة لتنفيذها. وقدأدَّى ذلك إلى سخط قبائل الشمال، فانحلّ اتحاد القبائل العبرانية بعد وفاته وانقسمتالمملكة إلى مملكتين: المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية. واستولى شيشنق، أولفراعنة الأسرة الثانية والعشرين، على القدس ونهب معظم ما فيها من كنوز (ملوك أول 14/25).

    ويقف كثير من النقاد موقف المستريب إزاء قصة مجد سليمان التيتوردها أسفار الملوك والأيام، ويقولون إن التحيز القومي لدى كُتَّاب متأخرين هوالذي دعاهم إلى الإضافة والمغالاة في القصة. وهو يُعَدُّ حسب فلكلور الماسونيةمؤسِّس أول محفل ماسوني في العالم باعتباره باني الهيكل. وتُنسَب إليه بعض كتبالعهد القديم، كالأمثال ونشيد الأنشاد وبعض المزامير... إلخ.






  4. #34
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    البابالرابع عشر: المملكة الجنوبية والمملكة الشمالية



    المملكـة الجنوبيـــة (يهـودا)
    (Southern Kingdom (Judah
    بعد موت سليمان عام 928 ق.م وانقسام اتحاد القبائل العبرانية (المملكة العبرانية المتحدة) إلى مملكتين، سُمِّيت المملكة الجنوبية «يهودا» لأنهاضمت قبيلتي يهودا (التي كانت دائماً في علاقة واهية مع بقية العبرانيين) وبنيامين،وهما القبيلتان اللتان بايعتا رُحبعام بن سليمان ملكاً، في حين بايعت القبائل العشرالباقية يُربْعام ملكاً على الجزء الشمالي الذي سُمِّي باسم «مملكة يسرائيل» أو «المملكة الشمالية». كانت القدس عاصمة مملكة يهودا التي تقع على البحر الميت. ولميكن لهذه المملكة ساحل على البحر الأبيض، إذ كان الفلستيون يشغلون الجزء الجنوبي منالشريط الساحلي (غزة وأشدود والمجدل ويافا والمنطقة التي تقع فيها الآن مدينة تلأبيب). وقد كانت المملكة الجنوبية أكثر استقراراً من الشمالية، وذلك نظراً لصغرحجمها إذ بلغ ثُلث المملكة الشمالية، ولقلة أهميتها وبعدها عن طرق الجيوش الغازية،وفقرها وبدائية اقتصادها، وهذا ما جعلها بمنأى عن الاضطرابات الداخلية والغزواتالخارجية التي قضت على المملكة الشمالية. ولكل هذا أيضاً، قُدِّر لها البقاء مدةأطول. ومع هذا، فقد ظهر في المملكة الجنوبية مُعظم الأنبياء ودُوِّن فيها معظمالعهد القديم، كما احتفظت فيها ديانة يهوه بدرجة أكبر من النقاء، وإن كانت قد دخلتعليها عناصر وثنية بدأت منذ عهد سليمان حين تزوج وثنيات (حسب الرواية التوراتية).وكانت المملكة الجنوبية، مثل الشمالية، خاضعة إما للنفوذ المصري أو للنفوذالآشوري، كما أنها لم تكن قط مملكة قوية بل قضت معظم تاريخها في الدفاع عن نفسها أوفي التحالف مع إحدى القوى العظمى أو في الاستفادة من الصراعات الناشئة بين القوىالعظمى في المنطقة أو من الضعف المؤقت الذي كان يصيب بعضها أحياناً.

    وقدشغل عرش يهودا تسعة عشر ملكاً (راجع الجداول التاريخية في المجلد الأول). غير أنهذه المملكة الجنوبية دامت نحو قرن وثُلث بعد زوال المملكة الشمالية. وأول ملوكهارُحْبعام بن سليمان من زوجته العمونية الذي حكم من 928 إلى 911 ق.م. وقد غزا شيشنقفرعون مصر الليبي مملكته عام 918 ق.م (مثلما غزا مملكة الفلستيين وأدوم) وحمـل معـهكنوز الهيكل والقصر غنائم. ويذكر شيشنق في قائمة الكرنك مائة وخمسين مكاناً استولىعليها. ويبدو أن شيشنق قام أثناء حملة تأديب يهودا بغزو المملكة الشمالية كذلك.واعتلى الملك إبيام (911 ـ 908 ق.م) العرش ودخل في حرب طويلة مع يُربعام ملكالمملكة الشمالية وهزمه. وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه انتصر، فقد كان علىاتصال بآرام دمشق التي زادت قوتها بعد أن استقلت عن سليمان وأبرمت معه معاهدة ضديُربْعام. ومنذ هذه اللحظة، أصبحت آرام دمشق عنصراً أساسياً في العلاقة بينالمملكتين والمستفيد الأكبر من الصراع بينهما. واستمر آسا (908 ـ 867 ق.م) في هذهالحرب من بعده، ولكنه اضطر هو أيضاً إلى طلب العون من آرام دمشق لكي يوقف الغزوالشمالي لمملكته، وقام بتحصين المدن على الحدود بين المملكتين، وهذا ينهض دليلاًعلى أن الأمل الذي راود حكام المملكة الجنوبية باستعادة المملكة الشمالية وإعادةالمملكة المتحدة كان قد انتهى. وقد جدد آسا العلاقات التجارية مع صور والمدنالفلستية الأمر الذي أدَّى إلى دخول العبادات الوثنية، ولكن يبدو مع هذا أن آسا قدبذل قصـارى جهـده للحفــاظ على استقلاله السياسي وعلى نقاء عبادة يهوه.

    ثماعتلى يهوشافاط العرش عام 867 ق.م، واستمر حكمه حتى عام 846 ق.م. ووُقعت أول معاهدةسلام بين ملوك المملكة الجنوبية والمملكة الشمالية في عهد أخاب. وعلى عادة الملوكفي العصور القديمة، زوّج يهوشافاط ابنه يورام من عثـليا ابنة أخاب ملك المملكةالشمالية، وكأنهما ملكان لأمتين مختلفتين تمام الاختلاف. وقد عقد يهوشافاط تحالفاًعسكرياً مع أخاب ضد مملكة آرام دمشق ولكنهما أخفقا في تحقيق الهدف من التحالف. وكانالإخفاق من نصيبه مرة أخرى حين عقد تحالفاً مع ابن أخاب ضد ميشع ملك مؤاب. ويُقالإن المملكة الجنوبية انضمت إلى جانب المملكة الشمالية في معركة قرقار. وقد حاوليهوشافاط أن يعيد تجارة يهودا البحرية فسانده الفينيقيون في بناء أسطول بحري غرق فيعصيون جابر (إيلات) قبل أن يبحر.

    وحينما اعتلى يورام عرش المملكة الجنوبيةمن بعده (846 ـ 843 ق.م)، بدأ حكمه بقتل جميع إخوته وعدد كبير من الأعيان حتى يأمنالتآمر على عرشه. وقد أدخل عبادة بعل تحت تأثير زوجته عثـليا ابنة أخاب التي حاولتأيضاً أن تُغيِّر أسلوب الحياة في البلاط. ويبدو أنها حاولت أن تزيد اعتماد المملكةالجنوبية على الشمالية، وفي عهده ثار الأدوميون واستقلوا، كما غزا الفلستيونوالكوشيون مملكته وحملوا الكثير من الغنائم من القدس وأسروا أعضاء الأسرة المالكةما عدا أحزيا (843 - 842 ق.م) حفيد أخاب الذي كان من عبدة بعل مثل أمه وانضم إلىعمه يورام، ملك المملكة الشمالية (851 ـ 842 ق.م)، حيث خاضا معركة ضد ملك سورياالآرامي. وعندما جرح يورام، قام أحازيا بزيارته فلقي كلاهما مصرعه على يد ياهو.

    وقد حكمت الملكة عثليا المملكة بعد مقتل ابنها (842 ـ 836 ق.م)، فأبادتأعضاء الأسرة المالكة كلهم إلا حفيدها يوآش الذي أنقذته عمته زوجة الكاهن الأعظموخبأته في المعبد. وحينما لقيت هي مصرعها في النهاية، بأمر من الكاهن الأعظم، اعتلىيوآش العرش (836 ـ 798 ق.م) وأعاد عبادة الهيكل لبعض الوقت، ولكن يبدو أنه لم يستمرفي ذلك طويلاً. وقد غزا ملك آرام دمشق المملكة الجنوبية في عصره، فاضطر يوآش إلىدفع جزية كبيرة أُخذت من أموال الهيكل، وهو ما ولَّد توتراً بينه وبين الكهنة. وبعداغتياله، اعتلى ابنه إمصيا (798 - 769 ق.م) العرش. وحاول إمصيا أن يُخضع أدوم عنطريق جيش من الجنود المرتزقة الذين أحضرهم من المملكة الشمالية، ولكنه اضطر إلىتسريحه، ثم حاول تجنيد جيش من مملكته ولكنه فشل في مسعاه. ثم نشبت الخلافات بينهوبين المملكة الشمالية، فهزمه يوآش ملكها ودخل القدس ونهب الهيكل وكنوز القصرووقَّع عقوبات اقتصادية على أهلها وأخذ معه رهائن، وأصبح إمصيا تابعاً للمملكةالشمالية، وانتهى حكمه بثورة عليه انتهت بقتله.

    ومن أهم ملوك المملكةالجنوبية عُزّيا (769ـ 733 ق.م) الذي دام حكمه فترة طويلة إذ توقفت القوة الآشوريةعن التدخل في المنطقة بعد أن ألحقت الهزيمة بآرام دمشق، وهو ما أفسح له المجالللحركة، وخصوصاً في غياب قوى عظمى أخرى. فأعاد تنظيم الجيش وزوَّده بأسلحة جديدة،وبنى الحصون لعمليات الاتصال والدفاع، وحصَّن القدس على وجه الخصوص تحسُّباً للهجومالآشوري المتوقع، وشجع الزراعة وأعاد بناء ميناء إيلات على البحر الأحمر. وقد غزاعُزِّيا المدن الفلستية وترأَّس حلفاً من ملوك الدويلات التي كانت تعارض تيجلاتبلاسر الآشوري، وهو ما يعني أن المملكة الجنوبية كانت قد أصبحت في ذلك الوقت أكثرأهمية من الشمالية، وذلك من ناحية سياستها الدولية في المنطقة. ووصلت المملكةالجنوبية إلى قمة ازدهارها في عهد عُزِّيا الذي ظهر فيه النبي أشعياء. وثمة إشاراتإلى وجود توتر بين الملك والكهنة، ولعله استمرار للتوتر الذي بدأ في عهدأبيه.

    وقد أصبحت القوة الآشورية عنصراً أساسياً في السياسة الداخليةللمملكة الجنوبية. فبعد أن اعتلى يوثام العرش (758 ـ 743 ق.م) (ويبدو أنه اعتلىالعرش وحكم بعض الوقت تحت رعاية أبيه) بدأت الضغوط على المملكة الجنوبية للانضمامإلى الحلف المعادي للآشوريين، ولكنه قاومها. وقد ظهر النبي ميخا في عهده. وقامتكلٌّ من المملكة الشمالية وآرام بمهاجمة المملكة الجنوبية في عهد الملك آحاز (733 ـ 727 ق.م) حينما رفض الأخير الانضمام إلى الحلف المعادي لآشور، فطلب الملك العون منتيجلات بلاسر الذي قام بغزو سوريا والمملكة الشمالية عام 733 ق.م فأخضعهما وقضى علىحكم المملكة الشمالية. أما المملكة الجنوبية، فقد دفعت الجزية له، وهو ما ضمن لهاالاستمرار. وقد نتج عن ذلك أيضاً تبعية دينية لآشور إذ شيد آحاز مراكز للعبادةالآشورية. وقد اقتحم الفلستيون مدن السواحل وجنوبي مملكته، كما هاجمه الأدوميون.واستمرت نبوة أشعيا وميخا في عصر آحاز، وكان أشعياء ضد التحالف مع آشور.

    ومع زوال المملكة الشمالية، أصبحت المملكة الجنوبية معرضة بشكل مباشرللنفوذ الآشوري، وتَنازَع سياستها الداخلية حزبان: أحدهما آشوري والآخر مصري. وقدبدأ حزقيا (727 ـ 698 ق.م) عهده بممالأة آشور والخضوع لها، الأمر الذي ضمن له فترةمن الهدوء النسبي، ولكنه نحا بعد ذلك منحىً استقلالياً أو معادياً لآشور بتشجيع منمصر. وقد أخذ هذا الاتجاه شكل تطهير الدين من النفوذ الآشوري، ومن المعابد والمذابحوالوثنيين. وقد أيَّد النبي أشعياء الذي كان له نفوذ كبير في المملكة هذهالإصلاحات. ثم تحالف حزقيا مع المدن الفلستية المجاورة وغير ذلك من الدويلات المدنوقام بتمرد ضد آشور عام 722 ق.م. ولذلك، قام سرجون الثاني بإرسال حملة تأديبيةاستولت على المدن الفلستية، ولكنها لم تدخل أدوم أو يهودا أو مؤاب. وبعد موته عام 705 ق.م، قاد حزقيا، بتشجيع من مصر وبابل، حلفاً يضم أدوم ومؤاب وصيدا والمدنالفلستية. فقام سناخريب (خلف سرجون) بغزو المملكة الجنوبية في عام 701 ق.م، واستولىعلى كثير من المدن، وهزم القوة المصرية التي أُرسلت لمساعدة المملكة الجنوبية، ولكنجيشه رفع الحصار (ربما بسبب حدوث خلافات داخلية في آشور) دون أن تسقط القدس. وقدسُمح لحزقيا بالاحتفاظ بعرشه على أن يدفع الجزية ويتنازل عن ثلاث وأربعين مدينة.

    وقد دفع ابنه منَسَّى (698 ـ 642 ق.م) الجزية أيضاً، فعاشت مملكته في سلاممدة نصف قرن تحت نفوذ آشور التي كانت تشهد آنذاك آخر أعوام حكامها العظام. ونجم عنذلك أن جميع الآلهة الأجنبية (مثل بعل) كانت تُعبَد في الهيكل. ولذا، يُعَدُّ عهدمنَسَّى من أسوأ العهود من وجهة النظر الدينية. وبعد أن قُتل ابنه آمون (641 ـ 640ق.م)، بسبب خضوعه الكامل للقوة وللعبادة الآشورية، اعتلى يوشيا العرش (639 ـ 609ق.م) وهو بعد في الثامنة. وأخذت الدولة الآشورية في الضعف، الأمر الذي ساعد علىظهور حركة استقلالية جديدة أخذت شكل إصلاح ديني أيَّده الأنبياء المعاصرون مثلإرميا. وأثناء إصلاح الهيكل، عثر الكاهن الأعظم على كتاب الشريعة الذي يُقال إنهجزء من سفر التثنية، فدعا الملك الشعب إلى اجتماع وعقد ميثاقاً مع الرب. وأزالالملك الأماكن المرتفعة التي تُعبَد فيها الآلهة الأخرى (الإصلاح التثنوي)، وركزالعبادة في القدس. وقد حاول يوشيا، عام 608 ق.م، أن يُوقف مرور الجيش المصري بقيادةالفرعرن نخاو الذي كان يتحرك لمساعدة آشور ضد بابل ولكنه هُزم وقُتل في معركة مجدو.واعتلى يوآحاز العرش، ولكن نخاو خلعه بعد ثلاثة أشهر من الحكم وقبض عليه.

    أما خلفه يهوياقيم (609 ـ 598 ق.م) الذي عيَّنه المصريون على عرشه، فقد ظلتابعاً لهم مدة ثلاثة أعوام. ولكن، مع هزيمة المصريين على يد البابليين في معركةقرقميش (عام 605 ق.م)، أصبح يهوياقيم تابعاً لبابل. ولكنه انضم عام 601 ق.م إلىالحزب الممالئ لمصر في المملكة الجنوبية ضد نصيحة إرميا، وتحدَّى نبوختنصر ملكالدولة البابلية الذي كانت جيوشه قد ألحقت الهزيمة بنخاو عام 605 ق.م ووصلت إلىفلستيا، وتم تهجير بعض سكان يهودا إلى بابل. بل يبدو أن الجيوش البابلية وصلت إلىالقدس عام 603 ق.م. وكان يهوياقيم خاضعاً لبابل مع احتفاظه بالعلاقات مع مصر التيشجعته ووعدته بتقديم المساعدة. وحينما تمتعت مصر بازدهار مؤقت وهزمت نبوختنصر،تمرَّد يهوياقيم على بابل. وكان النبي إرميا ضد الحلف الجديد مع مصر، وبيَّن أنالخلاص الوحيد يكمن في الخضوع لبابل. وحينما قام نبوختنصر بفرض الحصار على القدس،لم تصل الإمدادات الموعودة من مصر، ومات يهوياقيم أثناء الحصار عام 598 ق.م، فاعتلىابنه يهوياكين العرش مدة ثلاثة أشهر وعشرة أيام قبل أن يستسلم لنبوختنصر، وسقطتالقدس ونُفيَ الملك إلى بابل.

    ولكن نبوختنصر عيَّن أحد أبناء يوشيا (صدقياهو) ملكاً على يهودا من عام 597 إلى عام 587 ق.م، فتظاهر بالولاء للقوةالجديدة. ولكنه في العام التاسع من حكمه، تحالف مع المصريين وحاول الاستقلال عنبابل وانضم إلى التمرد الذي ضم فينيقيا وشرق الأردن وكل فلسطين، وذلك بتشجيع من مصرالتي أرسلت قوة لمساعدة يهودا. ولكن القوة المصرية هُزمت، وباءت محاولة الاستقلالبالفشل ودُمِّرت القدس ومدن المملكة الجنوبية كلها وهُجِّرت النخبة إلى بابل. ثمأصبحت سوريا كلها مستقرَّة في قبضة الإمبراطورية البابلية الجديدة (تحالفالكلدانيين والحوريين). وقد عُيِّن جدَاليا حاكماً على ما تبقى من فقراء العبرانيينفي الغرب، ولكنه اغتيل بعد عدة شهور. وقُتل بعض الجنود البابليين فخاف العبرانيونمن انتقام البابليين، وهاجرت جماعات كبيرة منهم إلى مصر واستوطنتها. وتحوَّلتالمملكة الجنوبية إلى وحدة إدارية تابعة لبابل.







  5. #35
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    المملكةالشــمالية (يسـرائيل - إفــرايم)
    (Northern Kingdom (Ysrael; Ephraim
    بعدموت سليمان عام 928 ق.م وانقسام اتحاد القبائل العبرانية (المملكة العبرانيةالمتحدة)، أُطلق اسم «يسرائيل» أو «إفرايم» على المملكة الشمالية، كما كانت تُسمَّىأحياناً «السامرة» نسبة إلى عاصمتها. وكانت تقع حسب الرواية التوراتية والمدوناتالتاريخية على بحيرة طبرية، وتضم نهر الأردن والضفة الغربية ومنها نابلس وأجزاء منالضفة الشرقية والجليل. وكان لهذه الدولة على خلاف المملكة الجنوبية، شريط ساحلي.كما أن مساحتها كانت تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة المملكة الجنوبية. وكانت قبيلة إفرايممن أهم قبائل هذه المملكة وجاء منها معظم ملوك المملكة، ولهذا سُمِّي اتحاد هذهالقبائل باسمها. وبدأ تاريخ المملكة الشمالية حينما بايعت القبائل العبرانية العشريُربعام ملكاً، رافضةً إعطاء البيعة لرُحبعام بن سليمان الذي نُصِّب ملكاً علىقبيلتي الجنوب في اتحادهما المسمَّى «المملكة الجنوبية».

    كانت المملكةالشمالية أكثر أهمية من الناحية السياسية والاقتصادية. ومع هذا، كانت تتنازعهاالخصومات إذ لم يكن لها مركز ديني قوي مثل القدس، ولم تكن عبادة يهوه القومية راسخةفيها. وقد كانت الأسرة الحاكمة فيها لا تتمتع بشرعية قومية دينية مثل أسرة داود.كما كانت أكثر تعرضاً للغزو الخارجي من المملكة الجنوبية، ولم يكن لملوكها سياسةخارجية واضحة. وكانت مكوَّنةً من عناصر قَبَلية كثيرة غير متجانسة إذ كانت تضم عشرقبائل في مقابل قبيلتين في المملكة الجنوبية. ولكل هذا، نجد أنها في فترة لا تزيدعلى ثلاثة قرون وعشر سنوات، حكمها تسعة عشر ملكاً ينتمون إلى تسع أسر، مات منهمعشرة عن طريق العنف وحكم سبعة فترة أقل من سنتين. ولم تتمتع المملكة بأي استقرارإلا لفترة وجيزة (887 ـ 743 ق.م).

    وسعى رؤساء القبائل الشمالية إلى التهوينمن شأن القدس وهيكلها حتى من الناحية الدينية، واستعاضوا عن ذلك بتأسيس معابد محليةلممارسة شعائر الدين متأثرين في ذلك بنظام العبادات الكنعانية الذي يتَّسم بعدممركزية مقرّ الإله. كما أقيم في السامرة معبد لينافس الهيكل فيحج إليه الشماليون،وخصوصاً بعد أن منعهم الجنوبيون أنفسهم من الحج إلى القدس، كما أسسوا أماكن مقدَّسةمحلية في دان وبيت إيل.

    وأول ملوك المملكة الشمالية يُربْعام الأول (928 - 907 ق.م) من قبيلة إفرايم القوية. وكان من المشرفين على أعمال السخرة في عهدسليمان، لكنه قاد الثورة ضده بسبب ضرائبه ومطالبه التي أثقلت كاهل الناس. وحينمافشل التمرد، فرَّ إلى مصر حيث لجأ إلى شيشنق فرعون مصر الليبي (الأسرة 22). وبعدموت سليمان، ترأس الوفد الذي أرسلته قبائل الشمال ليقابل رُحبعام مطالباً بتعديلنظام الضرائب والسخرة. وعندما رُفض الطلب، أعلنت قبائل الشمال استقلالها وتوَّجتيُربْعام ملكاً. ويبدو أن رُحبعام لم يتمكن من ضرب المملكة الجديدة خوفاً من تهديدشيشنق الذي كان يهمه القضاء على مملكة سليمان. واتخذت المملكة من شـكيم عاصـمة لها،لكنهـا نقلت بعد ذلك إلى بنوئيل عبر الأردن، وأخيراً إلى ترصه. وقد أسـس يُربعاممعـبداً في بيـت إيـل ودان، وجعل رمز الديانة العجول الذهبية. كما غيَّر يُربْعامموعد الأعياد حتى يحوِّل حجاج مملكته عن الذهاب إلى القدس، وطرد اللاويين الذينكانوا يشكلون جزءاً من المملكة العبرانية المتحدة ومن إدارتها. وخاض يُربعام حرباًدائمة مع المملكة الجنوبية التي رفضت الاعتراف بالتقسيم. ويبدو أن شيشنق قام بغزوالمملكة الشمالية (ربما بعد موت يُربْعام) رغم أن عداءه كان موجهاً أساساً ضدالمملكة الجنوبية.

    وتاريخ المملكة الشمالية بعد ذلك تاريخ اضطرابات وعنفوتحالفات مؤقتة. فبعد موت يُربْعام الأول الذي تميَّز حكمه بالاستقرار، اعتلى ابنهناداب العرش (907 ـ 906 ق.م)، ولكنه اغتيل هو وبقية أعضاء أسرته أثناء حربه ضدالفلستيين على يد منافسه بعشا (906 - 883 ق.م) من قبيلة يَسَّاكر الذي أنهى حكمقبيلة إفرايم وأبَّرم تحالفاً مع بن هدد الأول ملك آرام فحاربا معاً ضد المملكةالجنوبية. وحينما غيَّر بن هدد موقفه وتخلى عن تحالفه، هُزم بعشا وتنازل عن جزء منأراضيه. واعتلى ابنه إيلا العرش (883 ـ 882 ق.م)، لكن زمري، قائد عرباته العسكرية،قتله وهو يحاصر إحدى المدن الفلستية وحلّ محله (882 ق.م).

    ولم يدم حكم زمريطويلاً لأن الجيش انتخب عمري (882 ـ 871 ق.م) ملكاً وحاصر العاصمة،وهذا ما اضطرزمري إلى أن يضرم النار في نفسه وفي قصره بعد أن حكم لمدة عام واحد.ولكن عمري لميُحكم قبضته على المملكة إلا بعد ست سنوات من الحرب الأهلية ضد تبني بن جينـه الذيأعلن نفسـه ملـكاً.وقد جعل عمري من السامرة عاصمة لمملكته، وابتنى فيها لنفسهقصراً.وقد كان الخوف من القوة الآرامية وسطوتها العنصر الأساسي في السياسة الخارجيةعند عمري في تلك الفترة.ويبدو أن الضغوط الآرامية كانت قوية إلى درجة أن المملكةاضطرت إلى منح الدول/المدن الآرامية الحق في فتح وكالات تجارية في السامرة وكذلكإعطائها امتيازات خاصة. ولمعادلة هذا الموقف، قام عمري بتقوية علاقاته معالفينيقيين (صور وصيدا)، فزوَّج ابنه من إيزابيل ابنة ملك صيدا، لتدعيم التحالف علىعادة الملوك القدماء. وقد أتاح هذا التحالف الفرص التجارية أمام المملكة الشماليةحتى إنها نجحت في إقامة علاقات تجارية مع قبرص. وقد كان لهذا التحالف أعمق الأثر فيالحياة الدينية في المملكة إذ أن العبادات الوثنية في صيدا كانت قد انتشرت بينالطبقات الثرية. وقد حاول عمري إقناع المملكة الجنوبية بالانضمام إلى محور صيدا ـالسامرة. ونظراً للسلام المؤقت الذي تمتعت به المملكة الشمالية، نجح عمري فياستعادة الهيمنة على المؤابيين، وقام بحركة عمرانية قوية، وأحاط العاصمة بعدد كبيرمن التحصينات، وقد تمتعت المملكة بدرجة لا بأس بها من الازدهار حتى أن الآشوريينكانو يُعرِّفون المملكة الشمالية باسم «مملكة عمري».

    واعتلى أخاب بن عمريالعرش (871 - 852 ق.م)، فأدخلت زوجته إيزابيل عبادة بعل في المملكة الشمالية، وهوما أدَّى إلى قيام صراع شديد بين البيت الملكي والأنبياء بقيادة النبي إلياهو. وبعدأن قام أخاب بعدة معارك ضد آرام دمشق، تحالف مع ملكها بن هدد ضد الآشوريين الذينكانوا قد أصبحوا خطراً حقيقياً يتهدد الجميع بعد حملة آشور ناصر بال في عام 870ق.م، ونجحوا في صدهم مؤقتاً في معركة قرقار، وإن كان يُقال إن نتيجة المعركة لم تكنحاسمة لأي من الطرفين. ثم تحالف أخاب، بعد ذلك، مع يهوشافاط ملك المملكة الجنوبيةوحاربا ضد مملكة آرام دمشق، ولكنهما هُزما وقُتل أخاب في المعركة. وأخاب أول ملكعبراني يُذكَر اسمه في أحد الأنصاب الآشورية باعتباره أحد الملوك الذين هزمتهمآشور.

    وخلف أخاب ابنه آحازيا (852 ـ 851 ق.م) الذي هاجمه إلياهو باعتبارهمشركاً وثنياً، وقد حاول آحازيا أن يكون جزءاً من المشاريع البحرية للمملكةالجنوبية ولكن طلبه رُفض، وهو ما أدَّى إلى توتر العلاقة بين المملكتين. ثم اعتلىيورام (851 ـ 842 ق.م) العرش من بعده، وألحق المؤابيون به الهزيمة وحصلوا علىاستقلالهم، كما هاجم الآراميون مملكته، وجُرح وهو أثناء معركة خاضها ضدهم لاستردادإحدى المدن. وأدَّت هزائمه العسكرية المتكررة إلى ضعضعة سلطته، ثم اغتيل آحازيا علىيد ياهو (842 ـ 814 ق.م) زعيم الانقلاب العسكري الذي أطاح بأسرة أخاب وقتل أعضاءهاكما قتل كهنة بعل. وقد قطع ياهو علاقات مملكته مع حلفائها السابقين (الدول/المدنالفينيقية والمملكة الجنوبية) وهو ما جعلها عرضة للغزو الأجنبي، فقامت قواتالآراميين بغزوها وألحقت الهزيمة به، فاضطر إلى دفع الجزية لشلمانصر الثالث لكييحميه من الآراميين، وهذا ما خفف من الضغط الآرامي بعض الوقت. ويظهر هذا الملك علىالمسلة السوداء التي أقامها الملك الآشوري وهو يُقبِّل الأرض عند قدمي هذا الأخيرويُقدِّم الجزية. ولكن، بعد أن مني شلمانصر بالفشل في إخضاع عاصمة آرام، هاجمتالجيوش الآرامية المملكة الشمالية مرة أخرى وضمت الأراضي التابعة لها شرقي الأردن.وفي أواخر حكمه، اخترقت الجيوش الآرامية مملكته ووصلت إلى حدودها مع المملكةالجنوبية، ثم دخلت مملكته مرحلة التدهور.

    وخلال حكم يوآحاز (814 ـ 800ق.م)، كانت المملكة الشمالية مجرد مملكة تابعة لآرام التي تحكمت في أجزاء كبيرة منأراضيها وحدَّت من قوتها العسكرية، فانكمشت المملكة لتصبح دويلة. وقد انحسر المدالآرامي بعض الشيء بوصول حملة تأديبية آشورية بقيادة أدادنيراري الثالث الذي تشيرإليه المصادر التوراتية باعتباره المخلِّص (ملوك ثاني13/5). ويبدو أن يوآحاز دفعالجزية، مثل يهو، للملك الآشوري. وانتهز يوآش (800 ـ 784 ق.م) فرصة ضعف آرام بعدهزيمتها على يد الآشوريين، واستعاد بعض المدن التي كان قد فقدها. وحينما حاول ملكالمملكة الجنوبية أن يتخلص من الهيمنة الشمالية، استولى يوآش على القدس، ونهبالهيكل والكنوز الملكية، وحوَّل المملكة الجنوبية مرة أخرى إلى مملكة تابعة. وقدأتى ذكر يوآش، في أحد النقوش الآشورية، باعتبار أنه كان يدفع الجزية لملك آشور.ووصلت المملكة إلى قمة ازدهارها الاقتصادي والعسكري والسياسي أثناء حكم يُربْعامالثاني (784 - 748 ق.م) إذ تمتعت بشيء من الاستقلال نظراً لضعف الآشوريين النسبي.وانتهز يُربْعام الثاني فرصة هزيمة آرام على يد الآشوريين، فاستعاد كل الأراضي التياستولت عليها آرام من قبل بل ضم بعض المدن الآرامية، فاتسعت رقعة مملكته. كما أقاميُربْعام الثاني مستعمرات في شرق الأردن، وأقطع ضباطه وأتباعه رقعاً كبيرة منالأرض، وقام بحركة بناء واسعة النطـاق. وقد أدَّى كل ذلك إلى نشـوء طبقـة ذات نفـوذكبير من الملاك الأثرياء. وتميَّز حكمه بالفساد الداخلي والانحلال الخلقي، وهو مادفع النبيين عاموس وهوشع إلى الهجوم عليه واستنكار أفعاله. وسادت فترة منالاضطرابات اتَّسمت بالصراع الطبقي ولعب فيها ملاك الأراضي في شرق الأردن دوراًكبيراً. وقد اُغتيل ابنه زكريا عام 748 ق.م بعد ستة أشهر من اعتلائه العرش، وانتهىبذلك حكم أسرة ياهو.

    وفي عام 748 ق.م، حكم شلوم رئيس الانقلاب (وكان من شرقالأردن) شهراً واحداً دون أن يعتلي العرش إذ قتله مناحم (747 - 737 ق.م) الذي كانهو الآخر من شرق الأردن. وقد حاول مناحم أن يوسِّع حدود مملكته ويؤسِّس حكماً ثابتالدعائم، ولكن يد آشور الحديدية منعته. وحينما هاجم تيجلات بلاسر سوريا ثم المملكةالشمالية، دفع له مناحم جزية كبيرة. وحكم فقحيا بن مناحم (737 ـ 735 ق.م) عاماًواحداً، ولكن قائد جيشه فاقح (أحد نبلاء جلعاد) قام بانقلاب ضده وقتله واستولى علىالعرش (735 ـ 733 ق.م). ويبدو أن سبب المؤامرة هو عدم رضا أثرياء شرق الأردن عنالهيمنة الآشورية، إذ كانت لهم علاقات قوية بآرام. وكان فاقح زعيم الحزب المعاديللآشوريين، فتحالف مع رزين ملك آرام دمشق، حيث هاجما معاً المملكة الجنوبية ليرغمايوثام ثم ابنه آحاز على دخول الحلف. وقد لجآ إلى تشجيع الاضطرابات في أدوم وفلستياوجردا حملة على القدس لإرغام المملكة الجنوبية على الانضمام إليهما. ولكن آحازاستغاث بالآشوريين، فقامت القوات الآشورية بالهجوم على أعضاء التحالف وقضت على آرامدمشق كدولة. واستولت القوات الآشورية كذلك على أراضي الجليل وجلعاد، وأخذت منهاأسرى إلى آشور. وقد قُتل فاقح على يد هوشع (730 ـ 724 ق.م) آخر ملوك المملكةالشمالية. وتقول المصادر الآشورية إن هوشع اعتلى العرش بمساعدة آشور، وأن مملكتهقامت حول جبل إفرايم. وبعد موت تيجلات بلاسر الثالث، نشبت الثورات في سوريا وانضمتالمملكة الشمالية بتشجيع من مصر للثورة، فجرَّد شلمانصر الخامس حملة وحاصر السامرةثلاث سنوات إلى أن سقطت في يد خلفه سرجون الثاني (721 ق.م)، فهجَّر عدداً كبيراً منرجالها وأصبحت المملكة الشمالية مقاطعة آشورية.

    يُربْعامالأول (928-907 ق.م)
    Jeroboam I
    «يُربعام» اسم عبري معناه «يكثر أو يربوالشعب». ويُربعام الأول أول ملوك المملكة الشمالية بعد انقسام المملكة المتحدة. كانيُربْعام يعمل عند سليمان ناظراً للعمال من قبيلة إفرايم المسخَّرين للعمل. وبدأتالعناصر الساخطة تتجه إليه ليكون زعيماً للتمرد على هيمنة سليمان والجنوب. ولما عرفسليمان بالمؤامرة طلب قتله، فهرب إلى مصر عند الفرعون شيشنق، وبقي هناك إلى ما بعدموت سليمان. وقاد يُربعام الوفد الذي طلب من رُحبعام الإصلاح. وحينما رفض الأخير،ثار الشماليون وأسسوا مملكتهم وخاضوا حرباً مع المملكة الجنوبية اسـتمرت اثنينوعشـرين عـاماً. وقد اتخذيُربعام من شكيم عاصمة لدولته. وخشية أن يذهب العبرانيونإلى القدس للأعياد ويجددوا ولاءهم القديم لبيت داود، نصب يُربْعام عجلين من ذهبربما بتأثير العبادة المصرية التي عرفها أثناء فترة نفيه؛ أحدهما في بيت إيل والآخرفي دان ـ أي في طرفي مملكـته ـ ونادى بوجـوب عبادتهما. وإلى جانب العجل، مجَّديُربْعام آلهة أخرى منها عشتاروت الإلهة الفينيقية وكموش إله المؤابيين. وقد أيَّدجميع الملوك الذين تعاقبوا على المملكة الشمالية هذه العبادة (ما عدا يوشيا).وغيَّر يُربعام تاريخ عيد الحصاد بحيث أصبح في الخامس عشر من الشهر الثامن فيالمملكة الشمالية، وقد كان يقع في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع. وقد طرديُربعام اللاويين الذين كانوا يشكلون الجهاز الإداري للملكة العبرانية المتحدة،ونقل عاصمته من شكيم إلى بنوئيل لتَعذُّر تحصين الأولى. ثم انتقلت العاصمة إلىترصـه إلى أن اسـتقرت في نهاية الأمر في السـامرة.

    رُحْبعـــام ( 928-911 ق.م)
    Rehoboam
    «رُحبعام»اسم عبري معناه «اتسع الشعب». ورُحبعام هو ابن سليمان من نعمة العمونية. طلب منهممثلو القبائل العبرانية الشمالية، تحت قيادة يُربْعام، أن يخفِّف من النير الذيحمَّلهم إياه أبوه، فرفض طلبهم وهدَّدهم بمزيد من الضرائب، فانشقت القبائل الشماليةعن المملكة العبرانية المتحدة وأسست مملكة مستقلة هي المملكة الشمالية. وقامت الحرببين رُحْبعام ويُربْعام واستمرت طيلة حكمه، كما انتشرت العبادة الوثنية في مملكته.وأثناء حكمه أيضاً، غزا شيشنق مملكته واستولى على بعض المدن لبعض الوقت، ومنهاالقدس نفسها، ونهب الهيكل والقصر الملكي.






  6. #36
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    آسا (908-767ق.م)
    Asa
    «آسا» اسم عبري معناه «الآسي» أي «الطبيب». ولعل الاسم اختصار لعبارة «يهوه آسا» أي «الرب داوى وشفى». وقد تحالف آسا، وهو أحد ملوك المملكة الجنوبية، معبن هدد ملك آرام دمشق، لكي يوقف الغزو الذي قامت به المملكة الشمالية، وقام بتحصينالحدود بين المملكتين، وهو ما يعني أن الأمل الذي كان يراود حكام المملكة الجنوبيةباستعادة المملكة الشمالية قد انتهى.

    وقد عُرفت العبادات الوثنية في عهده.ولكنه، مع هذا، قام بإصلاح ديني يهدف إلى تحطيم التماثيل وهدم المذابح والمرتفعات،وهي أماكن مقدَّسة مرتبطة بالعبادة الوثنية. ومع هذا، لم يسايره الشعب في جميعإصلاحاته، فبقيت المرتفعات على حالها.

    عمري (882-871 ق.م)
    Omri
    «عمري» اسم عبري ربما كان معناه «مفلح». وهو اسم أحد ملوك المملكةالشمالية. كان عمري قائداً للجيش. وأثناء محاصرته لإحدى المدن الفلستية وصله نبأاستيلاء زمري على العرش وأن الجيش بايعه ملكاً، فقاد عمري قواته إلى مدينة ترصهوفتحها فانتحر زمري. ثم قامت بينه وبين تبني بن جينه حرب أهلية استمرت خمسة أعوامانتصر في نهايتها عمري وأسس أسرة ملكية حاكمة تُعرَف باسمه، وجعل السامرة عاصمةمملكته. وقد سمَّى الآشوريون المملكة الشمالية «بيت خمري» أي «بيت عمري».

    وقد ازدهرت التجارة في عصره نظراً لأنه خضع للضغوط الآرامية وسمحللمدن/الدول الآرامية بأن تفتح وكالات تجارية تابعة تتمتع بامتيازات خاصة.ولمعادلةهذا الموقف،قوى عمري علاقاته مع الفينيقيين،فزوَّج ابنه أخاب من إيزابيل ابنة ملكصيدا.وقد انعكست علاقاته السياسية والتجارية المتشابكة على الاتجاهات الدينية فيعصره إذ دخلت عناصر من عبادات صيدا الوثنية على العبادات اليهودية في المملكةالشمالية. ولقد نجح عمري في فرض هيمنته على المؤابيين.

    أخـاب (871-852 ق.م)
    Ahab
    «أخاب» اسم عبري معناه «أخو الأب»، وهو ابن عمري أحد ملوك المملكة الشمالية. وقد بدأ حكمه نحو عام 871ق.م. أثرت فيه زوجته إيزابيل ابنة ملك صيدا (وكانت امرأة وثنية) فانقاد لها وأدخلعبادة بعل، وهو ما أدَّى إلى احتدام الصراع بينه وبين الأنبياء. وتحالف أخاب معالفينيقيين والمملكة الجنوبية ليقف ضد آشور، ونجح هذا التحالف في صد الآشوريين بشكلمؤقت (في معركة قرقار) وإن لم تكن نتيجة المعركة حاسمة. ثم تحالف مع يهوشافاط ملكالمملكة الجنوبية، فحاربا معاً ضد آرام دمشق ولكنهما هُزما. وخر أخاب صريعاً فيالمعركة وسال دمه من مركبته فلحسته الكلاب، كما تنبأ النبي إلياهو.

    إيـزابيـل (؟ -843 ق.م)
    Jezebel
    «إيزابيل» اسمعبري يعني «غير مرتفع». وإيزابيل زوجة أخاب أحد ملوك المملكة الشمالية (871 ـ 852ق.م)، وابنة إثبعل ملك صور وصيدا وكاهن عشتروت، وقد عقد عمري الزواج بين أخابوإيزابيل لتقوية العلاقة بين المملكة الشمالية والمدن/الدول الفينيقية. ومن هناقويت عبادة بعل، وقد تنبأ لها إلياهو بأن الكلاب ستأكلها. وقد قُتلت إيزابيل أثناءانقلاب ياهو (843 ق.م) والذي تم بتشجيع من إلياشع صديق إلياهو.

    يهـوشــافـاط (867-846 ق.م)
    Jehoshaphat
    «يهوشافاط» اسم عبري معناه «يهوه قضى». ويهوشافاط اسم رابع ملوك المملكةالجنوبية وابن الملك آسا. عقد تحالفاً مع أخاب ملك المملكة الشمالية وحارب معه ضدالآراميين، ولكنه هُزم في الحرب (كما قُتل حليفه أخاب).وفيما بعد، تحالفمع يورام وقام بحملة ضد مؤاب وأحكم سيطرته على أدوم. وأسس يهوشافاط أسطولاً بحرياًتجارياً في البحر الأحمر في عصيون جابر (إيلات)، ولكن عاصفة هبَّت عليه أغرقته قبلأن يبحر.

    أحـزيــا (852-851 ق.م)
    Ahaziah
    «أحزيا»اسم عبري معناه «الرب أمسك». وقد سُمِّي بهذا الاسم كل من:

    1
    ـ ثامن ملوكالمملكة الشمالية وهو ابن أخاب وإيزابيل. وقد تخلَّى هذا الملك عن عبادة يهوه واتبعالعبادة الوثنية.

    2
    ـ سادس ملوك المملكة الجنوبية (843 - 842 ق.م) وأمهعثـليا ابنة أخاب. خاض معركة ضد ملك سوريا الآرامي، وقتله ياهو أثناء زيارته ليورامملك المملكة الشمالية.

    ياهو (842-814 ق.م)
    Jehu
    «ياهو» اسم عبري معناه «هو يهوه». وقد كان ياهو زعيم الانقلاب العسكري فيالمملكة الشمالية الذي أطاح بأسرة أخاب وقتل أعضاءها، كما قتل أحزيا ملك المملكةالجنوبية الذي كان في زيارة يورام وإيزابيل. حاول القضاء على عبادة بعل عن طريقاغتيال كهنتها ولكنه لم يُوفَّق. قام هو نفسه بعبادة العجول الذهبية فيما بعد، ودفعالجزية لشلمانصر الثالث. ويظهر هذا الملك على المسلة السوداء التي أقامها الملكالآشوري وهو يُقبِّل الأرض ويُقدِّم الجزية.

    يــوآش (836-798 ق.م)
    Joash
    «يوآش» اسم عبري معناه «يهوه قوَّاه» أي منحه القوة،وهو اختصار للاسم «يهوآش». وقد سُمِّي بهذا الاسم ثامن ملوك المملكة الجنوبية (836ـ 798 ق.م) الذي أعاد عبادة الهيكل لبعض الوقت ولكنه عاد وارتد إلى العبادة الوثنيةودفع الجزية لـملك آرام ثم اغتيل بعد حكم دام نحو أربعين عاماً.

    يـوآش (800-784 ق.م)
    Joash
    «يوآش» اسم عبري معناه «يهوه منحه القوة»، وهو اختصار للاسم «يهوآش». وقد سُمِّي بهذا الاسم الملك الثانيعشر من ملوك المملكة الشمالية (800 ـ 784 ق.م) وهو الثالث في سلالة ياهو. عبد العجلالذهبي واسترجع المدن التي كان الآراميون قد أخذوها بعد هزيمتهم على يد الآشوريين،وهزم أيضاً ملك المملكة الجنوبية ونهب الهيكل والكنوز الملكية.

    يُربْعام الثاني (784-748 ق.م)
    Jeroboam II
    «يُربْعام» اسم عبري معناه «يكثر أو يربو الشعب». ويُربْعام الثاني هو الملكالثالث عشر بين ملوك المملكة الشمالية. اتَّسم حكمه بالازدهار واستتباب الأمن. وفيعهده، وصلت المملكة إلى قمة ازدهارها الاقتصـادي والعسكري والسياسي بسبب ضعفالآشوريين النسـبي وانهـزامهم. وأقام يُربْعــام الثاني مســتعمرات في شرق الأردن،ومنح ضباطه وأتباعه رقعاً كبيرة من الأراضي، فنشأت طبقة من كبار الملاك الأثرياء.وقد انتشرت في عهده عبادة الأوثان، وفي عصره، حذَّر النبيان عاموس وهوشع من مغبَّةالانحلال.

    عُزيَّــا (769-733 ق.م)
    Uzziah
    «عُزِّيا» اسم عبري معناه «مجد الرب». وعُزِّيا أحد ملوك المملكة الجنوبية الذييُسمَّى أيضاً «عزريا»، وهو ابن إمصيا. وفي عهده تحرَّرت مملكته من هيمنة المملكةالشمالية، فنظَّم الجيش وحصَّن القدس وغزا المدن الفلستية. ترأس حلفاً من ملوكالدويلات التي كانت تعارض آشور حتى أصبحت مملكته الجنوبية أكثر أهمية من المملكةالشمالية.

    هوشــع (750-722 ق.م)
    Hoshea
    «هوشع» اسمعبري معناه «الخلاص». وهوشع آخر ملوك المملكة الشمالية. كان صنيع الآشوريين. ولكنهعاد وتحالف مع المصريين، فهاجمه الآشوريون وفرضوا عليه دفع الجزية، ولكنه امتنع عندفعها بتشجيع من المصريين. وحين أتى شلمانصر واحتل السامرة، أخذ هوشع أسيراً، وأتمسرجون الفتح وأكمل تهجير (سبي) القبائل الشمالية.

    آحــاز (743-727 ق.م)
    Ahaz
    «آحاز» اسم عبري معناه «هو أمسك»، أي «الرب أمسك».وآحاز هو الملك الحادي عشر من ملوك المملكة الجنوبية. وقد ورد اسمه بصيغة «أحاز».

    هاجمت كلٌّ من آرام دمشق والمملكة الشمالية مملكته لترغماه على الانضمامللحلف المعادي لآشور، فطلب آحاز العون من آشور، فهبَّ تيجلات بلاسر الآشوري لنجدتهوقضى على المملكة الشمالية. وقد نتج عن ذلك تبعية دينية للآشوريين إذ شيَّد آحازمذبحاً في القدس لآلهة آشور كما أدخل كثيراً من العبادات الوثنية الأخرى. وقد اقتحمالفلستيون مدن السواحل وجنوبي مملكته، كما هاجمه الأدوميون.

    حزقيــــا (727-698 ق.م)
    Hezekiah
    «حزقيا» اسمعبري معناه «الرب قد قوى» أو «الرب قوة». وحزقيا هو ابن آحاز ملك المملكة الجنوبية.كان تابعاً لآشور ولكنه حاول أن يستقل عنها، فقام بإصلاح ديني وتحالف مع مصر، ولكنإرميا حذره من مغبَّة ذلك. وقد حاصر سناخريب القدس في عهده وأخضعه واضطره إلى دفعالجزية.

    منَسَّــــى (698-642 ق.م)
    Manasseh
    «منَسَّى»اسم عبري معناه «من ينسى» ويُنطَق أيضاً «منشَّى». ومنَسَّى أحد ملوك المملكةالجنوبية. تبوَّأ العرش بعد حزقيا وحكم يهودا مدة أطول من أي ملك آخر (698 ـ 642ق.م). ويعتبره كاتب سفر الملوك أسوأ الملوك طراً (ملوك ثاني 21/1 ـ 18). ولكن سفرالأخبار الثاني يقدم صورة أكثر تعاطفاً معه (أخبار ثاني 33/1ـ 20). وقد عاشتالمملكة الجنوبية في عصره في سلام إذ أنه دفع الجزية لآشور، وهو ما كان يعني أنالآلهة الأجنبية مثل بعل وآشور كانت تُعبَد في الهيكل.

    يوشــيا (639-609 ق.م)
    Josiah
    «يوشيا» اسم عبريمعناه «يهوه يواسي». وقد اعتلى يوشيا عرش المملكة الجنوبية وهو بعد في الثامنة.وكان يرشده في حداثته حلقيا (الكاهن الأعظم) الذي أدار شئون المملكة باسمه. وحينأخذت الدولة الآشورية في الضعف، وتحركت مصر لمساعدة آشور ضد بابل، ساعد هذا علىتوسيع رقعة استقلال المملكة الجنوبية، الأمر الذي انعكس على الدين والمؤسسةالدينية. وعندما بلغ يوشيا الثامنة عشرة من عمره، عثر شافان (الكاتب) على كتاب سفرالشريعة (نواة السفر المعروف بسفر التثنية) وعلى مجموعة من المواد التشريعية أثناءدفعه أجور العمال الذين كانوا يقومون بأعمال الترميم في الهيكل. وأَخبَر شافان بذلكالكاهن الأعظم حلقيا الذي قرأ السفر على يوشيا.
    ومن هنا بدأت الحركة الإصلاحيةالدينية الجذرية الاستقلالية المعروفة باسم «الإصلاح التثنوي». وقُرئ السفر علىأفراد الشعب، فعاهدوا أنفسهم على عبادة يهـوه دون سـواه، وهـدموا مذابح البعلوأزالوا المرتفعات وحطموا التماثيل. وقـد قُتل يوشيا أثناء محاولته وقف الفرعوننخاو في مجـدو عــام 609 ق.م.

    يهــوياقـيم (608-598 ق.م)
    Jehoiakim
    «يهوياقيم» اسم عبري معناه «يهوه يقيم». ويهوياقيم هو الثامن عشربين ملوك المملكة الجنوبية. وضعه المصريون على العرش بعد أن هزموا أباه يوشياوقتلوه عام 608 ق.م. وبعد أن هزم البابليون المصريين عام 605 ق.م، في معركةقرقميـش، نقل يهـوياقيم ولاءه إليهم، ولكنه عاد وانضم إلى الحزب الممالئ لمصر ضدنصيحة إرميا وتحدى نبوختنصر، فعـادت الجـيوش البابلية وحـاصرت القدس. ومات يهوياقيمأثناء الحصار.

    يهــوياكــين (598-598 ق.م)
    Jehoiachin
    «يهوياكين» اسم عبري معناه «يهوه يُثبِّت». ويهوياكين الملك التاسع عشر بينملوك المملكة الجنوبية وابن يهوياقيم، حكم ثلاثة أشهر بعد موت أبيه. وقد سقطت القدسفي عهده في يد البابليين، فنُفي هو وأسرته إلى بابل، وخلفه عمه صدقياهو.

    صــدقيـاه (597-586 ق.م)
    Zedekiah
    «صدقياه» اسمعبري معناه «يهوه عدل» أو «عدل يهوه». و«صدقياه» هو آخر ملوك المملكة الجنوبية،واسمه الأصلي متنيا بن يوشيا. أجلسه البابليون على العرش بدلاً من يهوياقيم، ولكنصدقياه تمرَّد بتشجيع من مصر على الرغم من نصيحة إرميا. فهاجم نبوختنصر القدس، ووقعصدقياه في الأسر وقُتل أولاده أمامه، وسُملت عيناه وسيق إلى بابل وسُجن حتى وافتهالمنية.







  7. #37
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    البابالخامس عشر: التهجير الآشوري والبابلى


    التهجــــيرالآشـــــوري والبابلــــي للعبرانيــــين
    Assyrian and Babylonian Transfer of the Hebrews
    يُشار إلى تهجير العبرانيين على يد الآشوريين أو البابليين بأنه «السبي» أو «النفي» الآشوري أو البابلي. وهي ترجمة شائعة للمصطلح التوراتي وجدتطريقها إلى الكتابات التاريخية التي تتناول تاريخ العبرانيين وتاريخ الشرق الأدنىالقديم. لكن هذا المصطلح لا يُستخدَم إلا للإشارة إلى العبرانيين وحدهم دون الأقواموالجماعات الأخرى التي تم سبيها أو تهجيرها في الحقبة التاريخية نفسها وتحت الظروفنفسها وعلى يد القوى نفسها.

    وكمحاولة لتحييد المصطلح،نعبِّر عن هذا المفهومبكلمة «تهجير»،فمن مزايا كلمة «تهجير» أنها تشير إلى حدث التهجير في ذاته بشكل وصفيدون تقييم،كما أنها لا تشير إلى حالة المهجَّرين العقلية ولا إلى موقفهم منالاستقرار في بابل.بينما كلمة «سبي» أو «نفي» تشير إلى حَدَث التهجير وإلى حالةالمهجَّرين العقلية، فكلمة «سبي» أو «نفي» تعني أن المهجَّرين كانوا رافضينللاستقرار في بابل، وأنهم مكثوا فيها لأنهم كانوا لا يملكون من أمرهم شيئاً، وهوالأمر الذي لا تسانده الحقائق التاريخية،فكثير منهم رفضوا العودة إلى مقاطعة يهوداالفارسية بعد مرسوم قورش،وهو ما يُسقط عنهم صفة المنفيين المعذَّبين!

    وكانالتهجير القسري للنخبة الحاكمة والحرفيين وبعض العناصر البشرية ذات الأهمية الخاصةأمراً شائعاً في العصور القديمة. لكن كنعان (فلسطين) كانت عرضة لهذا أكثر من أي بلدآخر نظراً لموقعها الجغرافي والسياسي في المنطقة وسط القوى العظمى في العالم القديمـ مصر وآشور وبابل (العراق) والحيثيين ـ وهو ما جعلهم يرغبون في تحويلها إلى منطقةمحايدة أو منزوعة السلاح أو تحويلها إلى دويلة يقطنها عنصر سكاني موال للإمبراطوريةالمهيمنة، حتى تصبح خط دفاع أول لتَلقِّي غزوات وهجمات الدول الكبرى المجاورة، مصرمن وجهة نظر آشور وآشور من وجهة نظر مصر. ومن هنا، فقد كان تهجير العبرانيين إلىآشور أو بابل ضمن من هُجِّر من شعوب كنعان وقبائلها.

    ويبدو أن بعضالإمبراطوريات القديمة في الشرق الأدنى القديم كانت تلجأ إلى التهجير بدلاً منالاحتلال والهيمنة العسكرية المباشرة إذ لم يكن لديها الفائض البشري الذي يسـمحبقيام جيـش نظامي دائم وقـوة احتلال مستمرة وجهاز إداري يدير الأراضي المحتلة،فكانت الإمبراطورية تُهجِّر النخبة وتطلب من المهزومين أن يدفعوا الجزية وأن يديرواشئونهم ذاتياً عن طريق نخبة محلية موالية للإمبراطورية الحاكمة تدين لها بالولاءوتعمل تحت رقابتها وتقوم بدور الجماعة الوظيفية (وهو أمر لم يكن مضموناً دائماً،ومن هنا كان استمرار الثورات وتعددها).

    وقد بدأ أول تهجير من المملكةالشمالية بعد أن قاد ملك آرام دمشق تمرُّداً ضد آشور وانضم إليه فاقح، فجرَّدتيجلات بلاسر الثالث حملة ضد سوريا وفلسطين (734 ـ 732 ق.م). وغزا الآشوريون جلعادوهجَّروا رؤساء القبائل القاطنين شرقي الأردن. وتذكر إحدى وثائق تيجلات بلاسر أنهقام بتهجير عدة آلاف من الأسرى الذكور من ثماني مدن مختلفة.

    وعندما سقطتالمملكة الشمالية تماماً في يد الآشوريين عام 724 ق.م وتحوَّلت إلى مقاطعة آشورية،تم تهجير رؤساء القبائل والعشائر العبرانية وبعض الفلاحين والحرفيين، ويصل عددهمحسب الرواية الآشورية (المبالغ فيها بوجه عام) إلى 27.290، وتم توطين عناصر ساميةوآرامية من بلاد الرافدين وغيرها من الشعوب المساعدة للآشوريين بدلاً منهم، وهذا مانطلق عليه «التهجير الآشوري» أو ما يُطلَق عليه «السبي الآشوري» في المصطلح الدينياليهودي (721 ق.م). وقد تم توطين المهاجرين أساساً بالمناطق الآشورية في أعالي بلادالرافدين (آرام نهرايم) على ضفاف نهر الخابور، كما تم توطين البعض في مدن ميديا.

    ورغم أن عدد المهجرين على يد الآشوريين كان كبيراً نسبياً ويفوق عدد منهُجِّر على يد البابليين، فقد كانوا عشر قبائل مقابل قبيلتين اثنتين هجرهماالبابليون، فإنهم اختفوا تماماً. ويُقال إنهم اندمجوا في محيطهم السكاني وتبنواالعبادات الوثنية ثم اعتنقوا المسيحية. ويبدو أن هذه العملية تمت بسرعة إذ لم يأتلهم ذكر في المدونات الدينية اليهودية أو غيرها من المدونات. ولعل بقايا هؤلاءالمهجرين هم سكان إمارة حدياب في الإمبراطورية الفرثية التي اعتنق أهلها المسيحيةثم الإسلام. وهناك من الدلائل ما يشير إلى أن المهجرين لم يتحولوا إلى عبيد وإنماأصبحوا مؤاجرين زراعيين تابعين للملك، في حين عمل الحرفيون منهم في مشروعات الدولة.وقد أحرز بعضهم مكانة متميزة ووصل إلى وظائف حكومية عالية، وسُمح لهم بممارسةعاداتهم وشعائرهم الدينية، كما تَملَّكوا الأرض فضربوا جذوراً في الأرض الجديدةواستُوعبوا تماماً في بيئتهم الجديدة.

    وبعد ذلك، سقطت المملكة الجنوبية فييد البابليين الذين هجَّروا بدورهم زعماءها، وسمحوا لعناصر أخرى (أدومية ونبطيةوعمونية) بالاستيطان، وهذا ما يمكن تسميته «التهجير البابلي» ويُسمَّى في المصطلحالديني اليهودي «السبي البابلي» (587 ق.م). وقد حمل البابليون، فيما حملوا منغنائم، أواني الهيكل التي كانت تشبه رموز الدولة أو رمز الشرعية السياسية الدينية.وظلت هذه الجماعة العبرانية في بابل إلى أن هزم قورش الإمبراطورية البابلية وسمحلهم بالعودة عام 538 ق.م للأسباب السياسية نفسها التي نُفوا من أجلها، أي ضرورةتوطين عنصر سكاني موالٍ له في فلسطين (وهي نفس السياسة التي اتبعها الاستعمارالغربي في أواخر القرن التاسع عشر حينما تَبَنَّى الحل الصهيوني).

    وقداستمرت فترة التهجير البابلي حوالى خمسين عاماً، وإن كان هناك رأي يذهب إلى أنهاحوالي سبعين عاماً. ونحن لا نعرف عدد المهجَّرين على وجه الدقة. ويُقال إن عددهمكان عشرة آلاف أو عشرين ألفاً، أو أربعين ألفاً في تقدير آخر. وكان مركزهم الأساسيتل أبيب (في العراق). وكان ضمن المنفيين النبيان إرميا وحزقيال. ويجدر هنا إبرازعدة أمور:

    أولها: أن التهجير قد شمل عناصر بشرية أخرى كثيرة من أرض كنعانوآرام من غير العبرانيين.

    ثانيها: أنه لا التهجير الآشوري ولا التهجيرالبابلي ترك أراضي فلسطين خراباً، فقد بقي سكان يُعدُّون بمئات الألوف من السكانالأصليين (العبرانيين أوغيرهم)، وخصوصاً أن الريف بشكل عام لم يكد يُمَس.

    ثالثها: هذا التهجير أو السبي لم يكن رهيباً على نحو ما تصوِّره بعضالكتابات اليهودية حتى بالقياس إلى ظروف تلك الأيام.

    ويذكر إرميا نفسه (53/31 ـ 34) أن نبوختنصر أفرج عن يهوياقين ملك المملكة الجنوبية السابق وقرَّبهإليه، وأن قادة العبرانيين احتفظوا بقدر من السلطان. وقد استمر الأنبياء، مثل إرمياوحزقيال، في نشاطهم، كما ظهر بينهم حجاي وزكريا وأشعياء الثاني. وتم توطينالمهجَّرين في مزارع جديدة بالقرب من بابل، مثل تل أبيب وتل ملاح (وتشير كلمة «تل»إلى أماكن كانت مزروعة في الماضي ولكنها خربت وينتظر تعميرها مرة أخرى). وكانتالأراضي التي خُصّصت لهؤلاء المهجَّرين أكثر خصوبة من أراضي فلسطين، وسُمح لهمبالاحتفاظ بعاداتهم وتقاليدهم. وقد ازدهر حال المهجَّرين في بابل، فاتخذوا منهاوطناً ثانياً هاجر إليه طوعاً كثير من بني جلدتهم.

    وقد انقسمت الجماعةالعبرانية المهجَّرة إلى طبقات: فامتلك الأثرياء المزارع الكبيرة، وهاجر الفقراءإلى المدينة واشتغلوا بالتجارة. كما ظهرت بيوت تجارية يهودية كبيرة مثل بيت موراشو،حيث تدل على ذلك نصوص موارشو. وقد أحرزت هذه العائلة شهرة خاصة بصفتها أحـد بيوتالمال الكبيرة في عهـد الملك أرتحشـتا الثاني (404 ـ 359 ق.م)، إذ كانت تمتلكالأراضي الزراعية وقطعاناً كبيرة من الأغنام، كما اشتغلت بالربا. ويجب هنا أن نتذكرازدهار التجارة في الإمبراطورية البابلية.

    كما كان هذا البيت التجاري يضطلعبشئون البلاط البابلي المالية، أي أن بيت موراشو كان يشكل جماعة وظيفية وسيطة تشبهيهود البلاط. واشتغل أعضاء الأسرة أيضاً ملتزمي ضرائب، فكانت الشركة تقوم بجبايةالضرائب عما تنتجه الأرض من محصولات زراعية، كما كانت تستوفي بنفسها الضرائبالمفروضة على الطرق العامة وقنوات الري مقابل الانتفاع منها، أي كانت تقوم بكلأنشطة الجماعة الوظيفية الوسيطة التي اضطلعت بها الجماعات اليهودية عبر التاريخ،وخصوصاً في الغرب.

    وقد رفض كثير من اليهود، وخصوصاً الأثرياء، العودة إلىفلسطين بعد مرسوم قورش، واكتفوا بدفع مساعدات مالية للعائدين. ويُقال إن قسماًكبيراً من اليهود العائدين كانوا من أحفاد الأسر الأرستقراطية والكهنوتية ذاتالمواقع الطبقية والمكانة المتميزة المرتبطة بالهيكل والعبادة القربانية، وهؤلاءاسترجعوا بعودتهم بعضاً مما فقدوه من مواقع ومزايا طبقية واجتماعية، وكانوا يعرفونأنهم سيكونون نخبة حاكمة جديدة أو جماعة وظيفية موالية للفرس تدير شئون فلسطينوأهلها لصالح الدولة الحاكمة.

    ولم يعد من بابل سوى أقلية قليلة، بسببمعدلات الاندماج العالية التي حقَّقها المهجَّرون. ولعل أكبر دليل على هذا الاندماجورود أسماء عبرانية، بصورة متكررة، في الوثائق التجارية لذلك العهد. وكان بعض هذهالأسماء مركباً من أسماء آلهة بابلية فاسم «شيشبصر» مثلاً يعني «يا إله الشمس احفظالسيد أو الابن»، كما كان «حجاي» يعني «وُلد يوم عيد» أو «وُلد يوم إجازة»،و«سبتاي» معناه «وُلد يوم سبت»، وكذا اسم «زروبابل» معناه «زرع بابل» أو «المولودفي بابل»، وكلها أسماء بابلية. وكان النبي إرميا من أكبر مشـجعي العبرانيين علىالاندماج، إذ قـال: « واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها وصلُّوا لأجلها إلىالرب لأن سلامها يكون لكم بسلام » (إرميا 29/7).

    وقد انفصل المهجَّرون إلىبابل بالتدريج عن فلسطين، فلقد وجدوا في بابل الرعاية من الفرس بصفة عامة (ومنالمسلمين فيما بعد) كما كانوا بعيدين عن اضطهاد الإمبراطورية الرومانية الشرقية.ولذا، فقد كانت بابل وجهة اليهود الذين يُلاقون الاضطهاد في أماكن أخرى من العالم،حتى أن تعدادهم بها زاد نحو المليون عند سقوط القدس في أيدي الرومان وتخريب الهيكلعام 70م. وغدت بابل قلعة لليهودية، وأنشئت بها الحلقتان التلموديتان سوراوبومباديثا اللتان استمرتا قروناً حيث جرى فيهما تأليف أو وضع التلمود البابلي. وفيالقرن السابع الميلادي، أصبحت العراق مركز الحياة اليهودية والعلم اليهودي، كماأصبحت ترسل من علمائها رؤساء للحلقات التلمودية في طبرية بفلسطين التي كانت قد غدت (منذ القرن الرابع الميلادي) مدينة مقدَّسة. ولم تنته زعامة بابل لليهودية إلا فيالقرن العاشر الميلادي، وإن استمر اليهود يعيشون فيها قروناً بعد ذلك.

    ويرىأساتذة تاريخ اليهودية أن تَبلور اليهودية على شكل بنية فكر ديني واضح المعالم قدبدأ في بابل ونضج خلال القرن الأول من إقامتهم فيها. ومن المتعذر تعداد جوانب تأثيربابل في اليهودية، ولذلك نكتفي بذكر ما يلي:

    1
    ـ طوَّر فقهاء اليهود فيبابل البنية الدينية لليهودية، وحرَّروها من الارتباط بأرض ومقام معيَّنين، وكرسواالمعبد اليهودي كبؤرة دينية اجتماعية سياسية يلتقي حولها اليهود أينما كانوا، الأمرالذي ساعد اليهودية بعد ذلك على التطور بحيث أصبحت نسقاً دينياً متكاملاً مستقلاًعن مكان بعينه.

    2
    ـ بلغ الفكر الديني اليهودي في بابل أقصى ازدهار له،وتراكم منه الجزء الأكبر والأهم في التراث اليهودي الذي سيطر على الحياة والفكراليهوديين حتى اليوم. ويكفي أن التلمود البابلي هو مرجع الحياة اليهودية الذي يحتويالتوراة نفسها ويتجاوزها.

    3
    ـ اقتبست اليهودية الكثير من تراث بابل ونظمهاوأساطيرها وعقـائدها مثل عقـيدة الماشيَّح المخلِّص وفكرة الطـوفان والاحتفالبالسبت.

    4
    ـ ويبدو أن العبادة البابلية قد دخلت في ذلك التاريخ مرحلة منالتوحيد الكامن، أي أن الأرباب المتعددة كانت قد بدأت تمتزج وتتحول إلى إله واحد،وقد أصبح مردوخ رب الأرباب يرعاها كما يرعى الراعي أغنامه، أي أن الأرباب الأخرىتحوَّلت إلى مجرد تجليات للرب الواحد. وقد جاء في أحد النصوص البابلية ما يلي: «نينيب: مردوخ القوة ـ إيرجال: مردوخ الحرب ـ ييل: مردوخ الحكم ـ نابو: مردوخالتجارة ـ سين: مردوخ الذي يضيء الليل ـ ساماسي: مردوخ العدالة ـ آدو: مردوخالمطر». ومعنى ذلك أنه برغم التعدد الظاهر للآلهة، فإن ثمة إيماناً بوحدة كبرىتتجاوز التعددية. وفي إحدى المُدوَّنات البابلية التي يعود تاريخها إلى ما قبل سقوطبابل على يد الفرس، ثمة إشارة إلى رب القمر باعتباره يلعب دوراً مشابهاً لدور آتونفي عبادة إخناتون التوحيدية. ويبدو أن هذه التوحيدية البابلية لعبت دوراً في مساعدةالعبرانيين على التخلُّص من الحلولية الوثنية والتعددية التي سقطوا فيها بعد خروجهممن مصر. وقد بذل محررو العهد القديم جهداً غير عادي لتنقية النص المقدَّس عندتدوينه أيام عزرا ونحميا، ولكن عناصر الشرك ظلت واضحة فيه مع هذا.

    5
    ـ تأثرالنظام الصوتي في اللغة العبرية بكثير من مفردات وأنظمة اللغة الأكادية وبخاصةالحروف اللينة.

    ومن كل هذا، نَخلُص إلى أن التهجير (أو السبي) البابلي لميكن سبباً في تدهور اليهودية وانحلالها وإنما كان مصدراً لعديد من الأفكار اليهوديةالدينية والثقافية. ولذا، فإن كثيراً من المفكرين اليهود يرون أن اليهودية بدأتكدين، بالمعنى الكامل للكلمة، في المهجرالبابلي.







  8. #38
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي





    الســـــبي الآشـــــوري والبــــابلي (مفهــــومدينـــي)
    (Assyrian and Babylonian Captivity (Religious Concept
    «السبيالآشوري والبابلي» مصطلح ديني يهودي مرادف لمصطلح «النفي البابلي»، وهو مصطلح يصفعملية تهجير النخبة الحاكمة العبرانية من أبناء المملكـة الشـمالية والمملكـةالجنوبيـة. وكان بعض الأنبياء، مثل إرميا وحزقيال، يرون أن النفي أو السبي تعبير عنغضب الإله على الشعب نظراً لعصيانه وانحرافه عن عبادته، وأن آشور وبابل ليستا سوىأداة غضب وعذاب. وقد أثارت قصة السبي مشكلة عدالة الإله وكيف تَخلَّى عن شعبه. وقدحل حزقيال المشكلة بحديثه عن يسرائيل الجديدة التي سيتم تشييدها والتي ستكون مفعمةبروح الإله إن عاد الشعب إلى طريقه.

    ويتواتر في الكتب الدينية الحديث عنالعودة وعن الحنين إلى صهيون وعن البكاء من أجلها. ومع هذا، طالب إرميا المنفيينبأن يبنوا بيوتهم ويزرعوا حدائقهم ويستقروا في وطنهم الجديد، ففي سلامته سلامتهم (إرميا 29/7 وما بعده).

    وبعد أن هزم قورش الأخميني بابل، سمح لليهودبالعودة (538 ق.م)، ولذا تحوَّل قورش في الوجدان الديني اليهودي إلى المخلِّص بلوالماشيَّح. وبشَّر كلٌّ من أشعياء الثاني وحجاي بالعودة، وقد عاد الاثنان بالفعلواشتركا في عملية إعادة تشييد الهيكل بناءً على أمر قورش.

    وقد أصبح السبيأو النفي إلى بابل ثم الخروج منها والعودة إلى فلسطين، مثله مثل العبودية في مصر ثمالخروج منها والتسلل إلى كنعان والاستيلاء عليها، نمطاً متكرراً يعيد نفسه فيالتاريخ المقدَّس. ويحاول الصهاينة أن يُطبّقوا ذلك على التاريخ غير الديني. وداخلهذا النمط، يرى الصهاينة أن النفي من القدس، بعد تحطيم الهيكل في عام 70م، شكل منأشكال العبودية يتبعه خروج من الشتات ثم دخول إلى فلسطين، أي أن الاستيطان الصهيونيالذي يُشار إليه بأنه الهيكل الثالث جزء من نمط متكرر.

    ولكن كلمة «بابل»أصبحت تحمل إيحاءات أخرى، ذلك أن كثيراً من المنفيين رفضوا العودة واستعذبوا الحياةفي بابل. ومن ثم، فإن الأدبيات الصهيونية تشير إلى الولايات المتحدة باعتبارها بابل (أو قدور اللحم الشهية)، كما يُشار إلى اليهود الذين يؤثرون الحياة خارج فلسطين علىالاستيطان فيها بأنهم سكان بابل.

    النــــــفي الآشـــــوريوالبابــــلي
    Assyrian and Babylonian Captivity
    انظر: «السبي الآشوريوالبابلي (مفهوم ديني)» - «التهجير الآشوري والبابلي للعبرانيين».

    يهوديت
    Judith
    «يهوديت» اسم عبري يعني «يهودية»، وتشبهقصة صاحبته قصة إستير في كثير من الوجوه، كما أن لها علاقة بقصة شمشون. وقد جاء فيهذه القصة أن نبوختنصر هاجم العبرانيين واستولى على المنابع التي تمدُّهم بالماءوأوشك أن يقضي عليهم، فاتصلت يهوديت بقائد نبوختنصر هولوفرنيس وفتنته بجمالها،فأعجب بها وأخذ يلتقي بها. وفي إحدى الليالي، قطعت رأسه بعد أن لعبت به الخمروأنقذت العبرانيين. ولا يُوجَد أي سند تاريخي لهذه الواقعة.

    ويبدو أن سفريهوديت كُتب أثناء التمرد الحشموني، كما يبدو أنه كُتب لبّث روح الشجاعة في قلوباليهود. ولكن هناك رأياً مخالفاً يعود بتاريخ الكتاب إلى أيام الفرس. وقد كُتب هذاالمؤلَّف أساساً بالعبرية، ولكن لم يَعُد باقياً سوى ترجمته اليونانية. وهو منالكتب الخفية (أبوكريفا) عند اليهود وتعتبره الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية منالأسفار القانونية الثانوية.

    قبائل يسرائيل العشر المفقودة
    Ten Lost Tribes of Israel
    هناك بعض الأساطير الخاصة بمصير القبائل العشرمن سكان المملكة الشمالية. ومن المعروف تاريخياً أنه بعد انقسام المملكة العبرانيةالمتحدة إلى مملكتين متنازعتين (المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية)، انقسمتالقبائل العبرانية الاثنتا عشرة إلى قسمين: عشر قبائل منها في المملكة الشمالية،وقبيلتا يهودا وبنيامين في المملكة الجنوبية. وحينما سقطت المملكة الشمالية في أيديالآشوريين عام 721 ق.م، هجَّر الآشوريون أعداداً من القيادات الشمالية وغيرهم منالعناصر البشرية المهمة إلى آشور حيث اندمجوا في المجتمع وانصهروا فيه بالانخراط فيسلك الديانات الوثنية العديدة، وقد تمت هذه العملية بسرعة غير عادية. ولهذا، فإنيهود بابل الذين هجَّرهم البابليون عام 587 ق.م إلى مناطق قريبة من مناطق التهجيرالآشوري لا يشيرون إلى ذلك التهجير الآشوري مع أنه لم يكن قد مر سوى نحو مائةوثلاثين عاماً فقط. ولعل سرعة ذوبان المهجَّرين يعود إلى أن المملكة الشمالية كانت،إلى حدٍّ ما، مملكة كوزموبوليتانية، عقدت تحالفات كثيرة فدخلت على العبادة اليهوديةفيها عناصر وثنية من الديانات المجاورة. وهناك نظرية ترى أن انصهار الشماليين لميتم بهذه السرعة، وتذهب إلى أن عناصر يهودية بقيت وشكلت جماهير إمارة حدياب. لكنالرأي الأرجح أن إمارة حدياب اليهودية قد أصبحت يهودية لا بسبب كثافة بشرية يهودية،وإنما بسبب تَهوُّد النخبة الحاكمة. وعلى كل حال، فقد تم انصهار العناصر اليهوديةالمشار إليها عن طريق التنصر. ويلاحظ أن أسماء أساقفة إربيل (عاصمة حدياب) كانتأسماء عبرانية مثل شمشون وإسحق وأبراهام. أما الشماليون الذين مكثوا في فلسطين، فقدامتزجوا بالمستوطنين الجدد وكونوا فرقة يهودية جديدة تُعرَف باسم السامريين.

    ولكن كثيراً من اليهود لم يتقبلوا اختفاء القبائل العشر باعتباره حقيقةنهائية، بل فضلوا اعتبارهم من المفقودين وحسب. ولذا، فإننا نجد أن التراث الدينياليهودي، وأدبيات هذا التراث، يزخران بتصورات عديدة عن محل إقامتهم المحتملووجودهم، كما يزخران بنبوءات عن عودتهم إلى وطنهم ليتحدوا مع بقية اليهود. وقد ربطتهذه النبوءات بين العودة وزمن الخلاص، وأصبح البحث الحرفي والفعلي عن القبائل العشرالضائعة محطَّ اهتمام كثير من الرحالة الأوربيين من اليهود والمسيحيين المتأثرينبمثل هذه الكتابات والذين تأثروا بجو التوسع الاستعماري. وحينما اكتُشفت القارتانالأمريكيتان، قيل آنئذ إن سكانها هم القبائل العشر. أما في العصر الحديث، فقد أعلنالرحالة الذين عثروا على قبائل الفلاشاه اليهودية في إثيوبيا أنهم عثروا علىالقبائل العشر المفقودة، وقد أفتى حاخام إسرائيل الأكبر (السفاردي) بأن الفلاشاه مننسل قبيلة دان.

    والمهم في هذه الأسطورة أنها، في بنيتها، لا تختلف كثيراًعن أسطورة الماشيَّح في تفسيرها الحرفي، إذ تُلغي الواقع التاريخي وحقائقه وتجعلالمؤمن بها في حالة انتظار أزلي لتحقُّق تصورات أسطورية، الأمر الذي يجعل عيونالإنسان معلقة بالبدايات والنهايات دون أن يُلاحظ ما حوله. هذا بالإضافة إلى أنأسطورة القبائل العشر المفقودة تستند إلى تَصوُّر استحالة الاندماج والانصهاربالنسبة إلى اليهود.

    جداليـــا ( ؟ -585 ق.م)
    Gedaliah
    «جداليا» اسم عبري معناه «يهوه عظيم». وجداليا اسم قائد يهودي من أسرةأرستقراطية عُيِّن حاكماً لمقاطعة يهودا البابلية بعد سقوطها في يد البابليين فيعام 586 ق.م. وقد حاول أن يعالج الأمور بحكمة. ونقل العاصمة إلى مصبه (المصفاة).ولكن مجموعة من المتمردين قتلته، كما يُقال، بتحريض من مصر أو من العمونيين (وقدفرَّ المتمردون إلى مصر). وفي الواقع، فلا يُعرَف الكثير عن دوافعهم، ولكن منالمعروف بشكل عام أنهم كانوا يعارضون مصادرة أملاك اليهود المنفيين وتوزيعها علىفقراء القدس الذين يشكِّلون معظم السكان المتبقين بعد عملية التهجير. كما أناغتياله يُعَدُّ تعبيراً عن رفض الهيمنة البابلية الجديدة.

    ويصوم اليهودصيام جداليا بعد عيد رأس السنة اليهودية إحياءً لذكرى اغتياله، إذ قُضي بمقتله علىأي أمل في الإبقاء على الجماعة اليهودية في فلسطين.







  9. #39
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    الجزء الثاني: تواريخ الجماعات اليهودية في العالم الإسلامي



    الباب الأول: الشرق الأدنى القديم قبلوبعد انتشار الإسـلام


    الشـــرق العـــربي قــبل وبعــدانتشـــار الإســــلام
    The Arab East before and after the Spread of Islam
    من غير المعروف متى استقر اليهود في شبه الجزيرة العربية. ويُقال إن بعض جماعاتمن اليهود لجأت إلى شمال شبه الجزيرة عندما هزمت آشور وبابل المملكتين اليهوديتين (المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية). ويذهب رأي إلى أن الاستقرار بدأ بعد أن أخمدالرومان التمردات اليهودية المختلفة. ولم تتم الهجرة إلى شبه الجزيرة العربية دفعةواحدة وإنما أخذت على الأرجح شكل جماعات مختلفة استوطنت في تيماء وخيبر ووادي القرىويثرب. كما كان هناك أعداد من اليهود في اليمن. وقد ازدادت أعداد يهود شبه الجزيرةواليمن عن طريق التجارة والتبشير حيث أدَّى ذلك إلى تهود بعض القبائل. ويذهباليعقوبي إلى أن يهود شبه الجزيرة العربية من أصول عربية، أي أنهم عرب تهودوا، ولكنلا يميل بعض الباحثين إلى الأخذ بهذا الرأي. وثمة رأي يذهب إلى أن اليهودية كانتدين ملوك حمير في اليمن في القرن الخامس الميلادي، ولكن هذا الادعاء يفتقر إلىالتوثيق. ومن المعروف أن الصراع على طرق التجارة بين البيزنطيين وحلفائهم الأحباشمن جهة، ومن جهة أخرى الحميريين ممن كانوا قد سيطروا على الممالك العربية في جنوبشبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام، كان قد أخذ طابعاً دينياً. وقد تهود الملوكالحميريون وربما بعض أعضاء النخبة الحاكمة وبعض أفراد الشعب، لكن تهودهم كان شكلاًمن أشكال الرفض السياسي والرغبة في تبنِّي عقيدة دينية مستقلة تضمن لهم شيئاً منالهيبة والاستقلال، كما فعلت النخبة الحاكمة في دولة الخزر الوثنية. فاعتناقهماليهودية آنذاك كان يعني التصدي لمحاولات التسلط من قبل الإمبراطورية الرومانيةالشرقية على أطراف شبه الجزيرة العربية عن طريق المبشرين الذين جرى بثهم بين أهلالحضر وأهل البادية دون أن يخشوا على أنفسهم من أية تبعية سياسية إذ لم يكن لليهودآنذاك دولة.

    ويُقال إن تبان أسعد أبو كرب (378 ـ 415) اهتدى إلى اليهوديةعند اجتيازه يثرب وهو عائد إلى اليمن على يد حبرين (أي حاخامين) من بني قريظة.ويُقال أيضاً إن اليهودية ظلت ديناً رسمياً لبلاد العرب الجنوبية طيلة حكم السبئيينالمتأخرين من سنة 400 حتى 525، وأن آخر ملوكهم هو ذو النـواس (517 ـ 525) الذي شنحملة نكَّل فيها بالمسيحيين، فهاجم نجران (أكبر مركز للمسيحية) وخيَّر أهلها بينالارتداد عن دينهم واعتناق اليهودية أو الموت حرقاً. فآثر بعضهم الموت فحفر لهمأخاديد أحرقهم فيها وأحرق إنجيلهم، ولقد وردت هذه الحادثة في القرآن الكريم (سورةالبروج). وأثارت هذه الواقعة غضب قيصر الإمبراطورية الرومانية الشرقية، فاتصلبنجاشي الحبشة الذي جرَّد حملة للانتقام، فخرج ذو النواس لهم وانهزم هزيمة نكراء،وانتهى بذلك ملك الحميريين في اليمن.وقد اندمج يهود شبه الجزيرة واليمن فيالسكان العرب وتزاوجوا معهم، وأصبح طابعهم عربياً صرفاً، فانتظموا في قبائل وبطونوأفخاذ مثل العرب ودخلوا في التحالفات القَبَلية بما يتضمنه ذلك من مسئولياتقَبَلية مشتركة وصراعات شبه دائمة.

    ويرد ذكر عشائر يهودية كثيرة، مثل بنيعكرمة وبني زعورا وبني زيد وبني ثعلبة، ولكن أكبر التجمعات اليهودية كانت في يثربحيث كانوا أصحابها، وكانت يثرب واحة خضراء وتُتعبَر إحدى المحطات التجارية المهمةفي طريق التجارة الرئيسي آنذاك الممتد بين مكة والشام، والمبتدئ داخل شبه الجزيرةالعربية بعدن في الجنوب، وبعد انهدام سد مأرب (447 - 450) وفد إلى يثرب قبائل الأوسوالخزرج، فجاوروا القبائل اليهودية في بداية الأمر ثم تزايدت أعدادهم بمرور الوقتفراحوا ينافسون اليهود في تملُّك الأراضي الزراعية فازدادت قوتهم وهو ما دفع عدداًمن البطون اليهودية، الأقل شأناً، أن تدخل في حماهم وتنتسب إليهم، في الوقت الذي دبفيه العداء بين جماعات اليهود الكبرى. وبالتدريج أصبحت الغلبة والسيادة في يثربللأوس والخزرج فسيطروا على يثرب وقسَّموها فيما بينهم، ولم يبق لليهود منذئذ سلطانعليها. وكان التجمع اليهودي في يثرب يضم ثلاث قبائل، اثنتان منها يُقال لهما بنوهارون لكونهما من الكهنة وهما بنو النضير وبنو قريظة، وكان أعضاء هاتين القبيلتينيعملون بالزراعة. أما القبيلة الثالثة فهي قبيلة بني قينقاع، وكان أعضاؤها يحترفونبعض المهـن كالحـدادة والصباغة وصناعة السـيوف ويمارسـون المبادلات التجارية. وكانأعضاء هذه القبائل الثلاث يعيشون في أحياء خاصة بهم ويقيمون الحصون للاحتماء بها.

    ولم يكن عدد اليهود كبيراً، فقد كان عدد المقاتلين في كل قبيلة لا يتجاوزبضع مئات من الرجال. فمقاتلو بني قينقاع كانوا نحو سبعمائة شخص، ومقاتلو بني النضيرنحو أربعمائة وخمسين شخصاً، أما بنو قريظة فكان عدد مقاتليهم يتراوح بين ستمائةوسبعمائة شخص، أي أن مجموع مقاتلي القبائل اليهودية الثلاث في المدينة لم يكنيتجاوز في عصر الرسالة ألفي رجل. ويمكننا أن نخمِّن العدد الكلي ليهود المدينةاستناداً إلى هذا الرقم.

    وكان يوجد تجمُّع يهودي آخر في خيبر وهي واحة تقععلى الطريق بين المدينة والشام على مسافة مائة ميل إلى الشمال من يثرب. ويبدو أنمعظم سكان خيبر، إن لم يكن جميعهم، كانوا من اليهود. ولم تصل إلينا معلومات واضحةعن تركيبهم القَبَلي، وهل كانوا ينتمون إلى قبيلة واحدة أم كانوا ينتمون إلى عدةقبائل. ولكن يُستنتَج من دراسة علاقتهـم بيهـود المدينة أنهم كانت تربطهـم علاقـةوثيقـة بقبيلـة بني النضير. لذا، فقد لجأت هذه القبيلة إلى خيبر بعد أن أجلاهاالرسول (صلى الله عليه وسلم) عن المدينة، وأخذ زعماؤها يلعبون دوراً قيادياً فيسياسـة مدينة خيبر ودفعهـا باتجاه محاربة الرسـول (صلى الله عليه وسلم)، كما حدث فيغزوة الخندق.

    وكان يهود خيبر يعيشون بصورة أساسية على الزراعة بسبب خصوبةأراضي خيبر وكثرة مياهها. وكانت أهم مزروعاتها النخيل والحبوب وبعض الخضراوات. كمااشتغل يهود خيبر بتربية بعض أنواع الحيوانات كالماشية والدجاج وغيرها.

    وقدفرضت طبيعة الحياة الزراعية على يهود خيبر أن يسكنوا جماعات متفرقة قرب العيونوجداول المياه، وهو ما جعل خيبر أقرب ما تكون إلى مجموعة قرى متناثرة في الأودية.وعمدت كل مجموعة من يهود خيبر إلى بناء حصن خاص بها لتحتمي به في أوقات الحروب.ولقد ذكر المؤرخون أنها سبعة حصون أساسية. وقد يدل تعدُّد الحصون في خيبر علىانقسام أهلها إلى سبع كتل متفرقة بحيث لجأت كل كتلة إلى بناء حصـن خـاص بها للدفاععن نفسـها كما فعلت القبائل اليهودية في يثرب. ولم تقدم لنا المصادر التاريخيةمعلومات محددة عن عدد سكان أو مقاتلي خيبر، ولكن يبدو أنه كان صغيراً وربما مقارباًلعدد المقاتلين في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم، أي في حدود ألف وأربعمائة رجلعلى أكبر تقدير.

    أما بقية المناطق التي سكن فيها اليهود، مثل فدك وتيماءووادي القرى، فقد كانت واحات صغيرة تقطنها مجاميع يهودية محدودة العدد إلى جانب بعضالسكان العرب. ولكن لم تصل إلينا معلومات واضحة عن أعدادهم أو طرق معيشتهم أوأوضاعهم السياسية والثقافية. ولكن يظهر من الإشارات التي أوردتها بعض المصادرالتاريخية أن حالتهم لم تكن تختلف كثيراً عن يهود يثرب وخيبر إذ كان معظمهم يشتغلونبالزراعة ويرتبطون بعلاقات تحالف مع القبائل العربية المجاورة لهم حمايةً لأنفسهمفي مواجهة المخاطر. وكانت هناك قبائل يهودية أخرى تسكن اليمن ونجران في جنوبالجزيرة العربية.

    وكان اليهود يخضعون في نظامهم السياسي والاجتماعيلرؤسائهم وساداتهم أصحاب الآكام والحصون والأرض، يدفعون لهم ما هو مفروض عليهمأداؤه كل عام. وكان يتولى الأحبار أو الربانيون (أي الحاخامات) الأمور الدينية،فيقيمون الصلاة وينظرون في شكاوى الناس ويعلمون الأولاد.

    ولم يكن اليهودكتلة واحدة متماسكة من الناحية السياسية، فقد اتحد بنو النضير وبنو قريظة مع الأوسضد بني قينقاع الذين انضموا إلى الخزرج. وانعكست الصراعات بين الأوس والخزرج علىقبائل اليهود. وحين دخلت قبائل يثرب وبطونها معركة ضارية في يوم بعاث، حارب بعضقبائل اليهود ضد البعض الآخر، وبالغ بنو النضير وبنو قريظة في قتل أفراد بنيقينقاع. ويظهر عدم التماسك أيضاً في اشتراك يهودي يدعى مخيريق إلى جانب المسلمين فيمعركة أُحُد حيث قال: إن أُصبت فـ [إن] مالي لمحمد يصنع فيه ما يشاء، ثم غدا إلىرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقاتل معه حتى قُتل فقال الرسول (صلى الله عليهموسلم): «مخيريق من خير اليهود».

    وقد وصل اندماجهم الاجتماعي إلى درجة أنأصبحت العربية لغتهم الوحيدة وإن شابتها رطانة عبرية أو آرامية حتى عدها بعض العربلهجة خاصة بهم. وقد ظهر بينهم من شعراء العربية: السموءال بن عادياء من بني قريظة،وكعب بن الأشرف من بني النضير (وكان ابن الأشرف ينتسب إلى أب عربي من قبيلة طيء وأميهودية). ويضاف إليهما شعراء آخرون، مثل: الربيع ابن أبي الحقيق (الذي كانت لهمساجلات شعرية مع النابغة الذبياني)، وسعيه بن غريض، وشريح بن عمران. كما ظهرتبينهم شاعرة تدعى سارة القرظية. وهؤلاء الشعراء كانوا يلتزمون القواعد والأساليبنفسها التي يلتزمها شعراء العربية في شعرهم. ويُلاحَظ أنه لا يوجد في شعرهم أي أثرللتوراة أو لفكر ديني يهودي مستقل. وقد سادت بين اليهود القيم العربية مثل الفخربالشجاعة وإكرام الضيف والمروءة والعصبية القبلية والثأر وأخذ الدية والتحالف. ومنأسمائهم يبدو تعرُّبهم واضحاً ولا تُوجَد أسماء تحمل نكهة عبرية سوى قلة مثل بنيزعورا.

    ولا يرد ذكر يهود الجزيرة العربية في المراجع اليهودية أو غيراليهودية قبل بعث الرسول (صلى الله عليه وسلم) نظراً لانقطاع علاقتهم ببقية يهودالعالم. وكانت علاقتهم بيهود فلسطين، الذين كانوا يتحدثون الآرامية، علاقـة تجاريـةلا تختلف عن علاقـة القبائل العربيـة الأخرى بهم. بل إن هناك من القرائن ما يدل علىأن يهود دمشق وحلب لم يكونوا (في القرن الثامن الميلادي) يعتبرون يهود الجزيرةالعربية يهوداً على الإطلاق نظراً لأنهم لم يكونوا يعرفون التلمود وإن عرفوه لميخضعوا لقوانينه. ويبدو أن يهوديتهم كانت تتلخص في الإيمان بعقيدة التوحيد والعهدالقديم. وكان حاخاماتهم يقرأون العهد القديم بالعبرية ثم يشـرحونه بالعربيـةلمسـتمعيهم. وكان اليهـود يعرفون بعض كتب المدراش. ويُقال إن اليهودية التي اعتنقهاعرب الجزيرة كانت أشبه بحزب قَبَلي أكثر من كونها ديناً له أصول وأبعاد كدين يهودفلسطين، إذ كان مجرد اعتناق أحد رؤساء القبائل أو البطون أو الأفخاذ للديانةاليهودية يؤدي تلقائياً إلى تهوُّد أتباعه. ومع هذا، لا يمكن استبعاد وجود طبقةحلولية قوية في عقائد يهود الجزيرة العربية. ويعود هذا ولا شك للوثنية العربيةالمحيطة بهم. وتظهر الحلولية وبقوة في فكر عبد الله بن سبأ (أو السبئية إن أخذنابالرأي الذي يذهب إلى أنه شخصية غير تاريخية).

    وجاء الإسلام لينظر باحترامإلى تعاليم التوراة الأصلية. وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يتوقع ترحيباليهودية ومساعدتهم للمسلمين لأنهم أهل كتاب، فعاملهم بانفتاح ووضع كتاباً بينالجماعة الإسلامية وبينهم في المدينة ينظم الشئون المشتركة ويوجب التساند في وجهالخطر الخارجي على وجه الخصوص ويجعلهم أمةً واحدة. ولكنهم سـرعان ما وقفوا منهموقفاً اتسـم بالسـلبية ثم تدرَّج إلى المقاومـة والتأليب، وأخذت المواجهة فيالبداية شكل الحرب الفكرية والدعاية المضادة. فقد تحدوا الرسول (صلى الله عليهوسلم) بالمناقشات وطالبوه بالمعجزات، وأظهر أحبـارهم التعنت في الجدل والأسـئلة ثمتدرَّج الحال إلى الخصومة. بل لقد بلغ الأمر حد أن اليهود (وهم أصحاب عقيدة توحيد)أخبروا قريشاً أن عقيدتهم الوثنية أفضل من دين محمد، وهو تزييف واع للحقائق. وجاءالتنزيل يلوم اليهود ويعنفهم ويتهمهم بتحريف الكلام عن مواضعه وتحوير التوراةوالإضافة إليها. وحاول اليهود إثارة الشكوك في نفوس بعض المسلمين لزعزعة ثقتهم. وقدأشار القرآن الكريم إلى وجود اختلاف بين بني إسرائيل (واليهود) في فهم كتاب اللهوتفسيره وإلى انقسامهم تبعاً لذلك شيعاً وأحزاباً، واتهموا ببغض المسلمين وبالإخلالفي الأمانات (وثمة رأي يذهب إلى أن كلمة «بني إسرائيل» كما وردت في القرآن لا تشيربالضرورة إلى يهود الجزيرة العربية، وإنما تشير إلى اليهود في الماضي باعتبارهمأتباع العقيدة اليهودية). وقد استمر اليهود في خصومتهم، وحاولوا إثارة الأحقادالقديمة بين الأوس والخزرج، كما اتصلوا بخصوم الجماعة الإسلامية وهو ما ولَّد أزمةسياسية.

    وتصاعد الصراع الفعلي مع اليهود بعد غزوة بدر نتيجة تخوف اليهود منارتفاع شأن المسلمين وخصوصاً أنهم كانوا يظنون أن النصر الذي تحقَّق للمسلمين فيبدر جاء اعتباطاً أو في غفلة من الزمن. فبدأ الصراع مع بني قينقاع (أقوى الجماعاتاليهودية التي شملتهم المعاهدة مع المسلمين) الذين كانوا يسكنون داخل المدينة (يثربسابقاً)، كما كانوا أغنياء جلهم صاغة، ويعتمدون على مساندة الخزرج. كذلك كانوايعتدون بقوتهم العسكرية. ويُفهَم من كتب السيرة أنهم أظهروا بوادر التحدي ثم التحرشبالمسلمين.

    وذهب كعب بن الأشرف إلى مكة بعد بدر يُحرِّض أهلها على الأخذبثأرهم والانتقام من الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين قبل أن يثبت سلطانهموتقوى شوكتهم. ولم يكتف بذلك، إذ عندما عاد إلى المدينة استخدم شعره في التشبيببنساء المسلمين والخوض في أعراضهم، ثم راح يطعن في الرسول (صلى الله عليه وسلم)ويُحرِّض الناس على الخلاص منه. وحدثت مشادة في سوق الصاغة التي كانت ليهود بنيقينقاع أدَّت إلى مقتل يهودي ومسلم وأراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) تهدئة النفوسفي ضوء احترام عقد الموادعة بين الطرفين، ولكن يهود بني قينقاع رفضوا فأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحصار دورهم واستمر الحصار خمسة عشر يوماً حتى أعلن اليهوداستسلامهم. وقد كان من رأي المسلمين أن يقتلوهم جميعاً، وكان عددهم سبعمائة رجل،لكن الرسول قَبل ساطة عبد الله بن أبيّ وعبادة بن الصامت على أن يجلوا عن المدينةوسُمح لهم بالهجرة فخرجوا إلى أذرعات الشام، وأخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم)أموالهم وأبقى لهم ذراريهم ونساءهم.

    وفي أُحُد، رفض اليهود الاشتراك معالمسلمين كما يفترض العهد بين اليهود والمسلمين، وتعللوا بأنه يوم سبت. بل كان هوىبني النضير مع المشركين. واتخذ بعضهم (مثل كعب بن الأشرف) موقفاً استفزازياً بندبقتلى بدر والتحريض على المسلمين. كما أخذ بعضهم يزيد في التشكيك والتحرش، ووجدواتشجيعاً من المنافقين معتمدين على حلفهم مع الأوس. وقد استقبل زعيم بني النضير سلامبن مشكم أبا سفيان بن حرب عندما قدم من مكة في مائتين من أهلها وأغار على أطرافالمدينة وأحرق دارين وقتل رجلين وقفل عائداً إلى مكة. وقد أطلعه ابن مشكم على أسرارالمسلمين. وقام أحدهم (عمرو بن جحش) بمحاولة اغتيال الرسول، بعد عقد العهد (أيالمعاهدة) بين المسلمين واليهود. واعتبر الرسول هذا التصرف دليلاً على نقضهم العهد.وكانت قريش قد بدأت تجمع جموعها للفتك بالمسلمين. ولتأمين جبهتهم الداخلية أعطاهمالرسول إنذاراً بالرحيل عن المدينة فرفضوا وأخذوا يتحصنون ويعدون أنفسهم لحربطويلة. وجاء ذلك على لسان زعيمهم حُييّ بن أخطب. وازداد صلف بني النضير عندما وعدهمزعيم المنافقين عبد الله بن أُبي بالدعم (هذا رغم أنه كان قد وعد بنيقينقاع ثمتخلى عنهم عندما صمَّم الرسول على إجلائهم). واستمر القتال عشرين ليلة ولكن بنيالنضير استسلموا في نهاية الأمر فسمح لهم الرسول بالخروج من المدينة ومعهم ما تحملالإبل إلا الدروع (حسب طلبهم) وخرجوا حيث نزل بعضهم خيبر، ونزل آخرون بالشام.ويُلاحَظ أن بني قريظة حلفاء بني النضير لم يمسهم سوء لأنهم أبقوا على العهد.

    وكان لليهود دور كبير في خروج الأحزاب وفي غزوة الخندق. فبدأوا يهيجون ضدالمسلمين واستجابت لهم جماعات (أحزاب) كثيرة فزحفت على المدينة. فحفر المسلمونخندقاً وضُرب الحصار على المدينة لمدة شهر. وخلال ذلك كان زعيم بني النضير، حييّ بنأخطب يُحرض كل قبائل العرب الذين كانوا ما يزالون على وثنيتهم ضد مُحمّد وأصحابه،وسعى جاهداً إلى أن يجعلها حرباً عامة تضم سكان شبه الجزيرة العربية من الوثنيينواليهود المنافقين في المدينة لاستئصال شأفة الإسلام؛ فقدم إلى قريش في مكةوذكَّرها بقتلى بدر وضياع سيادتها على الطريق التجاري إلى الشام إذا ازدادت قوةالمسلمين في المدينة. وسألت قريش وفد اليهود « يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأولوأهل العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومُحمّد، أفديننا خيرٌ أم دينه؟ » وأعماهمالحقد فأجابوا « بل دينكم خيرٌ من دينه وأنتم أولى بالحق منه »!

    والقرآنالكريم يشير إلى ذلك في آيات صريحة جاء فيها: «ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً منالكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنواسبيلا. أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا » (النساء 51 ـ 52).

    هكذا أثار اليهود من جديد ثائرة قريش ضد المسلمين، وفعلوا ذلك أيضاً معقبائل غطفان من قيس عيلان ومن بني مُرة ومن بني فزارة ومن أشجع ومن سليم ومن بنيسعد ومن أسد وغيرهم. وأتم ذلك كله حيي بن أخطب بإغراء يهود بني قريظة بالدخول فيهذا الحلف مع الأحزاب، ونقض عهدها مع الرسول، وعلى الرغم من أن زعيمهم كعب بن أسدتردد في أول الأمر، إلا أن حيي بن أخطب ما زال به حتى انضم لقريش وحُلفائها من يهودووثنيين.

    وكانت خطورة انضمام بني قريظة إلى هذا الحلف، أنهم كانوا يقيمونفي المنطقة التي لم يمتد إليها الخندق الذي حفره المسلمون حول المدينة عندما علموابمقدم الأحزاب، اعتماداً على أن بني قريظة تحمي هذه المنطقة وفاءً لعهدها معالرسول، ومن ثم كان هذا يعني دخول الحلفاء إلى المدينة والقضاء على المسلمينبداخلها عن طريق بوابة قريظة هذه، ولما سمع الرسول بغدرهم أرسل لهم سعد بن معاذ سيدالأوس (لأنه كان هو وجماعته من حُلفاء بني قريظة) وسعد بن عبادة سيد الخزرج فقابلاكعب بن أسد وحذَّراه من مغبة الغدر، فسخر منهما. ونجح أحد المسلمين في زرع الشكوكبين الأحلاف، وفشـلت الحملة. وعندئذ هاجم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بني قريظة،فخارت قواهم وطلبوا العفو لكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تنازل لسعد بن معاذ سيدالأوس عن حقه في اتخاذ القرار ليحكم في أمرهم.

    ولعل سعد بن معاذ فكَّر فيماقام به بنو النضير من نشاط ضد المسلمين بعد خروجهم من المدينة وتحريضهم لبني قريظة.وقد رأى سعد بن معاذ بنفسه إصرار بني قريظة على الخيانة ورفضهم النصح. فحكم علىالرجال (أي العناصر العسكرية) بالقتل وسبي الذراري والنساء، باعتبار أن ما ارتكبوهيعادل في القانون الحديث الخيانة العظمى وإعلان الحرب.

    وكانت خيبر (فيأعالي الحجاز) من مراكز اليهود المهمة، وصارت ملجأ اليهود الحانقين ومركزاً للتآمر،وأخذت في تكوين كتلة من يهود القرى المجاورة كتيماء ووادي القرى ولكن دون نجاح.وكان المسلمون يدركون ذلك. وحين سالم الرسول (صلى الله عليه وسلم) مكةَ في الحديبية (آخر العام السادس للهجرة)، أمر بالتهيؤ لخيبر في مطالع العام السابع للهجرة، فهيخطر عسكري من الشمال مع وجود قريش في الجنوب ولها دور في التحريض على غزوة الخندقكما حاولت التفاهم مع غطفـان لمحاربة المسـلمين بوعـدهم بنصـف تمر خيبر لعام إنانتصروا، كما جرت المفاوضات بين خيبر ويهود وادي القرى وتيماء وفدك لتكوين حلف جديديتزعمه اليهود الآن لحرب مُحمّد وأصحابه بعد أن فشل القرشيون في ذلك. ولم يكن منالمستبعد أن يسعى يهود خيبر للاستعانة بقوى خارجية كالفرس مثلاً الذين كانت لهممصالحهم في اليمن، وهم ولا شك يطمعون أن يمتد نفوذهم إلى كل محطات طريق التجارةالبري من اليمن إلى الشام عبر المدينة. ولكن المحاولة فشلت لسبق المسلمين في التحركولتخاذل غطفان. وكان ليهود خيبر مناطق حربية (النطاة والشق والكتيبة) لكل منها حصونيحتمون بها من الغارات، وفيها مخازن الغلال، أما المزارع فخارج الحصون. وبعد حصارومناوشـات، سلـم يهود خيبر على أن تُحقَن دماؤهم، واعتـبر الرسـول صلى الله عليهوسلـم خيـبر غنيمة وقسمها، ولكنه ترك اليهود يزرعونها لعدم توافر الأيدي العاملةلديه مقابل نصف المحصـول. وكان بين غنـائم خيبر صحائف من التوراة، فلما جاء اليهـوديطلبونها أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بتسليمها إليهم.

    وبعد خيبر، خضعتبقية القرى اليهودية وسلمت للنبي (صلى الله عليه وسلم). فأرسل الرسول (صلى اللهعليه وسلم) إلى يهود فدك وتم الاتفاق معهم دون قتال على أن يُتركوا لزراعة الأرضويعطوا النبي نصفها. ثم خرج الرسول (صلى الله عليه وسلم) بنفسه إلى يهود وادي القرىوهزمهم وتوصل معهم إلى اتفاق مشابه لما توصل إليه مع اليهود السابقين. ولما سمعيهود تيماء بذلك لم ينتظروا مسيرة الرسول إليهم بل أرسلوا إليه وقبلوا شروطالمسلمين. ويُقال إنه في هذه الآونة قدَّمت امرأة يهودية (زينب بنت الحارث بن سلام)شاة مشوية للرسول، دست له فيها السم وأوحي إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالأمرفلفظ ما أكل. وفي رواية أخرى أنه أُقيم عليها القصاص لأن أحد الصحابة ممن أكلوا منالشاة مات مسموماً.

    وكان وجود اليهود في مستوطنات متراصة في قلب الأمةالجديدة، وموقفهم السلبي ثم العدائي، سبب تأزُّم العلاقة لتشكيلهم جبهة داخلية ذاتخطر. ولكن، بعد خيبر، لم يبق منهم خطر وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاملتهم (في خيبر والقرى الشمالية) معاملة حسنة باعتبارهم أهل ذمة.

    وقد قام عمر بنالخطاب بإجلاء اليهود عن الجزيرة العربية ليحمي الدولة الجديدة من عناصر لم يكنولاؤها كاملاً. وربما كانت هذه حادثة الطرد أو التهجير الوحيدة في تاريخ العالمالإسلامي باعتبار أن ما حدث في وقت الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان جزءاً منعمليات عسكرية. ومع هذا، عامل عمر الجماعات اليهودية طبقاً للشروط التي كانت بينهموبين المسلمين. فأهل فدك، على سبيل المثال، كان لهم نصف الأرض، فاشتراها عمر منهم.ويسَّر عمر للجماعات اليهودية عملية الاستيطان في الشام والعراق، وخصوصاً فيالكوفة. بل بقي بعض اليهود في المدينة وفي وادي القرى وتيماء قروناً عديدة، كما ظلهناك يهود بطبيعة الحال في اليمن. ويبدو أن موقف يهود الدولة البيزنطية من الفتحالإسلامي كان مؤيداً وممالئاً للمسلمين، وخصوصاً أن أوضاعهم كانت قد تردت داخل هذهالإمبراطورية بعد تعاونهم مع الفرس من قبل. وقد ساعد اليهود والسامريون، وكذلكالمسيحيون اليعقوبيون، الفتح الإسلامي، وخصوصاً في سوريا وفلسطين. وفي حمص، علىسبيل المثال، سد اليهود والمسيحيون بوابات المدينة لمنع جيش الروم من الدخول. وفيالخليل وقيصرية، تَمكَّن المسلمون من اختراق تحصينات الروم بسبب مساعدة اليهود. وفيإسبانيا، كانوا يقومون بثورات مسلحة ضد حكامهم من القوط الغربيين. كان هذا هو النمطالغالب، وإن كانت هناك بعض الحالات الاستثنائية حين تعاون اليهود مع الروم، بليُقال إنهم قاتلوا إلى جوارهم كما حدث في غزة.







  10. #40
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الذميون أوأهل الذمة في الإسلام
    The Dhimmis
    «الذميون» أو «أهل الذمة» هم من يجوز عقدالذمة معهم، وهم أهل الكتاب، ومن سن بهم الشرع سنة أهل الكتاب مثل المجوس. و«الذمة»في اللغة هي العهد والأمان والضمان، ولذا يُقال لأهل الذمة «أهل العهد». والمصطلحيعني أن أهل الذمة « في ذمة الله ورسوله وليسوا في ذمة أحد من الناس ».

    والذمة ذُكرت في القرآن الكريم مرتين في سورة التوبة (الآيتين 8 ـ 10)اللتين أكدتا أن وضع الغلبة إذا كان من نصيب المشركين فإنهم لن يرقبوا في مؤمنٍّإلاًّ ولا ذمة.

    وتعبير «الذمة» كان أحد مفردات الخطاب العربي قبل الإسلام،حيث كانت عقود الذمة والأمان صنيعة التعايش الذي صادف سمات في الشخصية العربية. فقدعرف العرب من قديم التناصر بالجوار، بما يسمونه «عقد الجوار أو الذمة». وكانت رعايةالجوار عندهم من مقتضيات شهامة العربي. وكان على المجير أن يحمي الجار أو المستجيرويقاتل عنه، ويطلب حقه، ويمنعه ويمنع أهله مما يمنع منه نفسه وأهلـه وولده. فمسـألةالذمة كانت حالة تعاهدية تعارف عليها عرب الجاهلية.

    واللفظ اصطلاحاً ظهر معاستخدام الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها الحديث الشريف: "من آذىذمياً فأنا خصمه"، وقوله (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع: "أوصيكم بأهل ذمتيخيراً". ومن خلال هذه الصيغة دخل تعبير «أهل الذمة» قاموس التخاطب مع غير المسلمينسواء في الممارسات أو في كتب الفقه. ويضع الفقه الإسلامي «الذميَّ» مقابل «المسلم»من جهة، ومقابل «المشرك» من جهة. كما يوضع «الذمي» مقابل «الحربي»، وهو «الكتابيالذي يعيش في دار الحرب»، ومقابل «المُستأْمَن»، وهو «الكتابي الذي يأتي لدارالإسلام للاتجار أو الزيارة فيُعطَى الأمان ويُصرَّح له بالعيش لمدة محددة». وأصبحتعريف عقد الذمة (المستقر في كتب الفقه المختلفة) أنه عقد يصير غير المسلم بمقتضاهفي ذمة المسلمين، أي في عهدهم وأمانهم على وجه التأبيد، وله الإقامة في دار الإسلامعلى وجه الدوام.

    وأهم سمات عقد الذمة أنه تعاقد قانوني بين طرفين، وليسحالة قانونيـة دائمة، وهو تعاقد يسـتند إلى ظروف محدَّدة ومن ثم يزول بزوالها.وفكرة العقد هنا هي إسهام أساسي للدين الإسلامي في التعامل مع قضية الأقليات، إذ أنالعلاقة مع غير المسلمين لم تُؤسَّس على أساس تسامح المسلمين أو عطفهم وحسب، وإنماأُسِّست على مقولات قانونية واضحة تتجاوز الأهواء، محمودة كانت أم مذمومة (على عكسالفقه المسيحي الغربي الذي لم يطرح قط أية بنية قانونية خاصة بالأقليات وترك الأمربرمته للتسامح المسيحي).

    هذا التعاقد لا يتم في فراغ وإنما في إطار النموذجالمعرفي الإسلامي ومن منطلقاته الأساسية التي يمكن أن نوجز بعضها فيما يلي:

    1
    ـ التعددية:

    يعترف الإسلام بالتعددية وحتميتها، وينطلق منها. بلإن جميع الفقهاء يعتبرون الاختلاف والتعددية سُنّة إلهية تركت بصمتها على جميعالخلق. والإسلام لا يجعل مجرد المخالفة في الدين سبباً يحمل على التقاطع بالتفرقةوسلب الحريات والإخراج من الديار، وإنما جعل العداء سبباً مانعاً من موالاة العدووالامتزاج به والاعتماد عليه (كما يذهب ابن كثير والقرطبي وغيرهم في تفسير سورةالممتحنة).

    وقد أكد الدين حرية العقيدة في آيات عديدة منها:"لا إكراه فيالدين، قد تبيَّن الرشد من الغي" (البقرة 256)، وأقر حرية الاختيار "فمن شاء فليؤمنومن شاء فليكفر" (الكهف 29)، وعلق المشيئة باختيار العبد "ولو شئنا لآتينا كل نفسهداها" (السجدة 13).

    وقد دعا الإسلام إلى تأجيل الخلافات العقيدية إلىالآخرة لكي يفصل فيها الله سبحانه وتعالى (فهمي هويدي) فالقلوب والضمائر ينبغي أنتُترك لرب القلوب ويوم الحساب "إن الذين آمنوا والذين هادوا، والصابئين والنصارى،والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة" (الحج 17).

    كل هذايعني حتمية الاختلاف، والاختلافات في الدين على هذا الأساس لا يمكن أن تكون سبباًللعداء والحرب. ويذكر القرضاوي أن أساس التعامل مع غير المسلمين هو "اعتقاد المسلمأن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى" و"ليس المسلم مكلفاً أن يحاسبالكافرين على كفرهـم أو يعاقب الضالين على ضلالهم" و"إيمان المسلم بأن الله يأمربالعدل ويحب القسط"، "يأيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباًوقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقـاكم. إن الله عليم خبير" (سورة الحجرات 13).

    2
    ـ العدل:

    وهو القيمة القطب في الإسلام (فهمي هويدي). العدلفي المجتمع المسلم يقوم وفقاً لجملة من الثوابت منها رفع قيمة الإنسان، والاستخلاف،والمساواة، وتحريم الله الظلم على نفسه وتحريمه بين الخلق. وهذه القيمة يتمتع بهاالناس جميعاً لأنهم أخوة، فكلهم لآدم (الغنوشي). وإذن فمادام غير المسلم إنساناً،فإن له بمقتضى هذه الصفة في الدين الحصانة والكرامة والحماية. وأكد سليم العوا، فيذلك السياق، عصمة الدم.

    والعدل في الإسلام قيمة مطلقة وليست نسبية، فهيواجبة الالتزام في كل الظروف، وهي في مواجهة الأعداء، كما هي مع الأهل والحلفاء"لايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا" (المائدة 8)، أي لا يدفعكم بُغض قوم إلى اقترافجريرة الظلم بإزائهم. ولذا كتب عمر بن الخطاب إلى أحد عماله يقول: "وأما العدل فلارخصة فيه من قريب ولا بعيد، ولا في شدة ولا رخاء، والعدل وإن رئى ليناً، فهو أقوى،وأطفأ للجور، وأقمع للباطل من الجور".

    والعدل تحري الإنصاف والمساواةوإعطاء كل ذي حق حقه، والحكم بين الناس بالحق الذي لا يحوم حوله باطل، وهو نقيضالظلم (محمد سيد طنطاوي). والعدل الإلهي يتجلى على الصعيد الاجتماعي في الدعوة إلىإقامة مجتمع إنساني حر مفتوح تملك جميع العقائد والمذاهب والآراء أن تعيش في ظله،وليس الإكراه عنصراً من عناصر تكوينه ولا بقائه (سيد قطب). وهذا المجتمع قائم علىالإيمان بالعقيدة وعلى تطوع كل فرد فيه بصيانة النظام، حدوده مفتوحة بلا حواجز ولاقيود لجميع المسلمين من كل جنس ولون، ولغير المسلمين كذلك من المسالمين. بل إنالمشرك ليملك في الوطن الإسلامي أن يستجير فيُجار ويتحتم حينئذ على الدولةالإسلامية أن تحميه وتكفله. وقد نصَّت وثيقة المدينة (الصحيفة) على أن « من خرج منالمدينة آمـن، ومن قعد آمن إلا من ظلم وأثم » (الغنوشي).

    3
    ـ المساواةالتامة بين البشر:

    ويرتبط بقيمة العدل الإيمان بالمساواة التامة بين البشرالتي تنبع من رؤية إنسانية للإنسان تنبو عن عرْق أو دين أو لغة أو خلافه. وليسللمسلم من هذه الزاوية أية أفضلية على غيره، وإنما هو إنسان شأن أي إنسان آخر إذخلقنا الله من نفس واحدة. كما ذهب أبو الأعلى المودودي وفهمي هويدي وإدوارد الذهبيوالغنوشي وسليم العوا وسيد قطب إلى أن هذه المساواة التي تمثل خلفية معرفية لمفهومالذمـة تعود بالمفكـرين إلى طبيعة التكريم الذي قضاه الله للإنسان « ولقد كرمنا بنيآدم » (الإسراء 70) فالإنسان في الإسلام هو مخلـوق الله المختـار، الذي خلقه وسواهوعدَّله، ونفخ فيه من روحه. ومعنى التكريم هنا أي جعلنا لهم كرماً، أي شرفاًوفضلاً، وأياً كان مناط التكريم، أكان لأن الإنسان نفساً، أو لهداية الإنسانبالعقل، أو لاستخلافه، فإن نتاج هذا التكريم أن صار للإنسان، كل إنسان، قدسيته فيهذا الدين. وقد صار الإنسان في حمى محـمي، وحرم مُحـرَّم، ولا يزال كـذلك حتى يهـتكهو حرمة نفسه، وينزع بيده هذا الستر المضروب عليه، بارتكاب جريمة ترفع عنه جانباًمن تلك الحصانة، وهو بعد ذلك بريء حتى يثبت جرمه، وهو بعد ثبوت جرمه لا يفقد حمايةالشرع كله، لأن جنايته ستُقدَّر بقدرها، ولأن عقوبته لن تجاوز مقدارها. بهذهالكرامة يحمي الإسلام أعداءه كما يحمي أولياءه وأبناءه، هذه الكرامة التي كرَّم بهاالإنسانية في كل فرد من أفرادها، هي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين بني آدم.

    ولا شك في أن هذا الذي سبق يخص فيما يخص أهل الذمة وإن كان أعم وأشمل. غيرأن لأهل الذمة مزية خاصة لكونهم أهل توحيد يشاركهم في ذلك المجوس وكذلك السامرةوالصابئة بشرط أن يوافقوا اليهود والنصارى في أصل عقيدتهم. ويقول الإمام علي رضيالله عنه إنهم قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا، ويؤكدهاالسرخسي من مشاهير الفقهاء بقوله: « ولأنهم قبلوا عقد الذمة، لتكون أموالهم وحقوقهمكأموال المسلمين وحقوقهم ». بل أكثر من ذلك ذهب الفقه الإسلامي إلى أن حقوقالأقليات غير المسلمة طالما كانت مستمدة من الشريعة فإنها لا تتأثر بسـوء معاملةالأقليات المسـلمة في الدول غير الإسـلامية وعليه، فلا يجوز، لدار الإسلام أن تسيءمعاملة الأقليات غير المسلمة في إقليمها بحجة الأخذ بقاعدة « المعاملة بالمثل ».وذهب محمد عمارة إلى أبعد من ذلك حيث لم يعتبر ما للذميين حقوقاً وإنما هي ضروراتواجبة.

    تأسيساً على تلك الأسس الفكرية كان لا مناص من اعتبار النظامالإسلامي أن أهل الذمة جزء من الرعية الإسلامية، مع احتفاظهم بعقيدتهم، ومن ثم فقدكانت المعاهدات الخارجية يُمثَّل فيها المسلمون والذميون كأمة متحدة.

    ويؤكدمحمد الغزالي أن الإسلام يرى أن من عاهد المسلمين من اليهود أو النصارى أنهم قدأصبحوا من الناحية السياسية أو الجنسية مسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم منواجبات، وإن بقوا من الناحية الشخصية على عقائدهم وعبادتهم وأحوالهم الخاصة. ويؤكدالفكر الإسلامي أن انضواء الأفراد والجماعات في نطاق النظام السياسي الإسلامي قدأدَّى إلى اعتماد « الأمة »، و«الرابطة الأمتية » إطاراً عاماً يحدد سلوك الأفرادواتجاهات الفعل السياسي ضمن المجتمع المسلم.

    وإذا كان ذلك كذلك فإن الدعوةلاعتبار الذميين مواطنين تطرح نفسها بقوة خاصة مع تعدد فئات ومستويات معضدات هذهالفكرة. وعندما تناول العديد من المفكرين (فهمي هويدي ـ لؤي صافي ـ راشد الغنوشي ـإدوارد الذهبي ـ سليم العوا، وغيرهم) صحيفة المدينة بالتحليل، وجدوا أن أهل الكتابكانت لهم بموجب نص هذه الصحيفة حقوق المواطنة الكاملة يمارسون عبادتهم بحرية،ويناصحون المسلمين، ويتناصرون في حماية المدينة، ويتعاونون، كلٌّ في موقعه على حملأعباء ذلك. ولعل من نص الصحيفة هذه ما يبرر ذلك حيث قالت: "وإنه من تبعنا من يهودفإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا مُتناصَر عليهم، وأن اليهود ينفقون معالمؤمنين ماداموا محاربين.. لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.. مواليهم وأنفسهم.. إلامن ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ [يهلك] إلا نفسه وأهل بيته.. وأن على اليهود نفقتهم وعلىالمسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة. وأن بينهم النصحوالنصيحة دون إثم". (نص وثيقة المدينة). وأكد ذلك أحمد طه السنوسي في تناوله فكرةالجنسية في التشريع الإسلامي المقارن.

    وهكذا فإن مفهوم الذمة لا يتعارض معمفهوم المواطنة حتى ذهب فهمي هويدي إلى إعادة النظر في مفهوم الذمة الذي يُعبِّر عنتصنيف وليس تمييز، ولا يرتب اختلافاً يسـتدعي اسـتمرار الالتـزام بـه.

    وأكدذلك راشد الغنوشي في حديثه عن ارتفاع المواطنة في الدولة الإسلامية عن كل الفوارقالجنسية والقومية واللغوية وسواها من الفوارق التي أقيمت بين البشر. وهذه المواطنةرتبت حقوقاً لكل من توطن هذه الدولة، وألزمتهم بواجبات كذلك. وقد أكد أن مبدأمساواة المواطنين في الدولة الإسلامية ثابت فلا تختلف حقوق وواجبات المسلمين عنحقوق غير المسلمين إلا فيما يقتضيه اختلاف العقيدة. فحَمْل المسلمين على ما يخالفعقيدتهم أو الذميين كذلك هو طعن في مبدأ العدالة والمساواة، كأن يُحْمَل الذمي علىترك الخمر ولحم الخنزير، أو يُحْمَل المسلم على أكل لحم الخنزير وشرب الخمر.

    وعقد الذمة يختص به الإمام أو نائبه، وشـروطه قسـمان: مستحَق ومستحَب. أماالمستحق، فهو أداء الجزية والخراج والضريبة التجارية والتزام أحكام القانونالإسلامي ومراعاة شعائر المسلمين ومشاعرهم وألا يعينوا أهل الحرب. وهي شروط ملزمةإذا نقضوها انتقض عهدهم.

    وأهم عناصر الذمة هي الجزية وهي من الكلمةالفارسية «جازيت» أي «الخراج الذي يُستخدَم في الحرب». والجزية ضريبة أساسها نَصّالقرآن وإجماع المسلمين، ووجه إيجابها أن الإسلام أوجب الخدمة العسكرية على أبنائه،وجعلها عليهم فريضة دينية مقدَّسة، واعتبر أداءها عبادة، فكان من لطفه مع غيرالمسلمين ألا يلزمهم بما يعتبر عبادة في غير دينهم. والجزية على غير المسلم بدلمالي عن الخدمة العسكرية المفروضة على المسلمين، لذلك فهي لا تجب إلا على القادرعلى حمل السلاح من الرجال، ولا تجب على امرأة ولا صبي ولا شيخ ولا على ذي عاهة، ولاتُفرَض على راهب، كما تسقط عمن تجب عليه إذا لم تستطع الدولة أن تقوم بواجب حمايةأهل الذمة من مواطنيها، وتسقط أيضاً باشتراك أهل الذمة مع المسلمين في القتالوالدفاع عن دار الإسلام. وقد أُعفي من الجزية نصارى اليونان لغير الاشتراك فيالقتال (الإشراف على القناطر)، كما فُرضت الجزية على مسلمي مصر كمسيحييها لما أعفوامن الخدمة العسكرية. ومن الممكن تأجيل تحصيل الجزية من المعسر. لكل هذا، يذهب بعضالكُتَّاب إلى أن الجزية لا يمكن تصنيفها كضريبة رأس كتلك التي كانت تفرضها الجيوشالفاتحة على الشعوب المغلوبة.

    ويؤكد الغنوشي أن الضريبة التجارية، فرضهاعمر على أهل الذمة بنصف العشر من مال التجارة الذي ينتقل من بلد إلى بلد (بينما كانالتاجر المسلم يؤدي ضريبة مقدارها ربع العشر)، وهي ضريبة لم يرد فيها نص معصوم،إنما فُرضت باجتهاد مصلحي اقتضته السياسة الشرعية، وعلى هذا: لو تغيَّر الوضع فيمايتعلق بالنظر إلى الذمة وأصبـح يُؤخَذ منه ضرائب على أمواله الظاهرة والباطنة مايسـاوي الزكاة، لأمكن حينئذ أن يؤخذ من التاجر الذمِّي مثل ما يُؤخذ من المسلم ولاحرج. وقد أُعفيت أموال التجارة الداخلية من الضرائب، أما زرعهم وثمارهم التييستغلونها من أرض الخراج فليس عليهم شيء فيها غير الخراج، وهي ضريبة كان يدفعهاالمسلمون أيضاً.

    ويذهب السنوسي والغنوشي إلى أن التزام الذميين بأحكامالقانون الإسلامي، يَصدُر عن واقع أنهم يحملون جنسية الدولة الإسلامية ويلتزمونبقوانينها فيما لا يمس عقائدهم وحريتهم الدينية. وأما مراعاة شعور المسلمين فيقتضيألا يسبوا « الإسلام ورسوله وكتابه جهرة »، وألا يروجوا من العقائد والأفكار ماينافي عقيدة الدولة ودينها، ما لم يكن ذلك جزءاً من عقيدتهم كالتثليث والصلب عندالنصارى، وغير ذلك من مظاهر السلوك.

    بل إن المودودي يذهب لأبعد من ذلك فيرىأن لغير المسلمين في الدول الإسلامية من حرية الخطابة والكتابة والرأي والتفكيروالاجتماع والاحتفال ما للمسلمين سواءً بسواء، وعليهم من القيود والالتزامات ما علىالمسلمين أنفسهم، فيجوز لهم انتقاد الدين الإسلامي مثل ما للمسلمين من حق في نقدمذاهبهم ونحلهم. ويجب على المسلمين أن يلتزموا حدود القانون في نقدهم وكذلك غيرالمسلمين. ولغير المسلمين كذلك الحرية الكاملة في مدح نحلهم. ولا يحق للحكومةالإسلامية أن تعترض على انتقال أحد من غير المسلمين من نحلة غير إسلامية إلى أخرىغير إسـلامية. ولكن لا يمكن لمسـلم أن يسـتبدل دينه في حدود الدولة الإسلامية، وإنارتد مسلم فيقع وبال ارتداده على نفسه. ولن يُؤخذ غير المسلم الذي حمله على ذلكبذنبه.

    هذا فيما يتصل بالمستحق، أما المستحَب فيحوي شروطاً عديدة من بينهالبس الغيار (وهو الملابس ذات اللون المخالف للون ملابس المسلمين لتمييزهم عنهم).كما كانت الشروط المستحبة لعقد الذمة تختلف باختلاف الزمان والمكان، وكان الإخلالبها لا يُعَد نقضاً لعهد الذمة. ويذهب الدكتور قاسم عبده قاسم إلى أن الشروط التياصطُلح على تسميتها «المستحَق» استهدفت في أساسها حماية الإسلام والجماعةالإسلامية، كما أنها تتفق في مجموعها مع روح الشريعة الإسلامية، أما الشروط التيعُرفت باسم «المستحب» فواضح أنها اجتهادات من وضع الفقهاء في مرحلة متأخرة نتيجةاتصال الذميين ببعض الغزاة إبّان الحروب الصليبية، وقد كانت نوعاً من المغالاة فيفرض القيود لا تستهدف الحماية كما قلنا، غير أنها غير معصومة، فلم تُفرَض على عهدالنبي (صلى الله عليه وسلم). وتؤلف هذه الشروط بقسميها صورة «العهـد العمري» أو «الشـروط العمرية» المنسـوبة إلى الخليفة عمربن الخطاب. وجدير بالذكر أن «عهد عمر»ظل مجهولاً بصورته التقليدية طوال القرنين الهجريين الأول والثاني، ولم يبدأ ظهورهبشكله النهائي إلا في أواخر القرن الثاني الهجري، الأمر الذي يحمل على الاعتقادبصحة أصوله التي اهتمت بحماية المجتمع الإسلامي. وقد وضع الخليفة عمر بن الخطـابشـروط العهد العمري بشـكل متَّسـق مع روح الشريعة الإسلامية.






 

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  2. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM
  3. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML