ســليمان (965-928 ق.م)
Solomon
«سليمان» اسم عبري معناه «رجل سلام». ويبدو أن هذا هو الاسم الملكيالذي اتخذه يديديا ابن داود بعد اعتلائه العرش. وكلمة «يديديا» معناها «أثير ليهوه»أو «خليل الرب». ويُعتبَر سليمان عند اليهود ملكًا وليس نبياً، وهو ثالث ملوكالعبرانيين، ابن داود من بتشبع. حكم اتحاد القبائل العبرانية المسمَّى «المملكةالعبرانية المتحدة» قبل وفاة أبيه بسبب احتيال أمه بمساعدة النبي ناثان. وقد بدأسليمان حكمه، فيما روت التوراة، بحمام دم استهله بقتل أخيه إدونيا بعد أن خضع له،كما ذبح أفراداً آخرين كانوا يمثلون خطورة عليه مثل يؤاب رئيس جيش أبيه (ولكن عملههذا لم يُغضب يهوه كثيراً)، كما أنه عزل آبيثار الكاهن.

وقد تحوَّلت القدسفي عهده إلى مدينة تجارية بسبب ازدهار التجارة التي قامت على الاتصالات بالشعوبالمحيطة وعلى استخدام السفن في البحر الأحمر ونقل البضائع. وبنى سليمان في عصيونجابر (إيلات) أسطولاً تجارياً بمساعدة الملك التاجر حيرام ملك صور الذي مده أيضاًببحارة عارفين بالبحر، واستخدم هذا الطريق الجديد بدلاً من طريق مصر في تجارته معبلاد العرب وأفريقيا. وقام سليمان ببناء الهيكل وبنى قصره الملكي في القدس. وقدقامت ملكة سبأ بزيارته لذيوع صيته، حسب الرواية التوراتية.

وبشكل عام، نعمتمملكته بالسلام لأسباب كثيرة من بينها الحلف الذي عقده أبوه مع الفينيقيين،والتحالفات التي عقدها هو مع الدويلات المجاورة. وقد تمتعت المملكة بحالة منالاستقرار والاستقلال النسبيين بسبب حالة الفراغ السياسي التي عاشتها المنطقة فيتلك الفترة نتيجة انكماش كل القوى الإمبراطورية فيها أو غيابها لسبب أو آخر. ولكن،لا ينبغي مع ذلك أن نظن أن دولة سليمان كانت دولة عظمى، فاقتصادها كان محدوداً،ونشاطها التجاري الداخلي كان محصوراً في نطاق ضيِّق جداً، وكانت الصناعة بدائيةومتخلفة.

جمع سليمان عدداً كبيراً من الزوجات والسراري يصل إلى الألف (ملوكأول 11/3) من الأجناس كافة، منهن الفينيقيات والمؤابيات والعمونيات والحيثياتوالمصريات. وبنى بتأثيرهن منصات عبادة قرب القدس لعبادة إله صيدا ومؤاب وعمون (ملوكأول 11/5 ـ 8). وازداد اندماج العبرانيين في عهده مع الشعوب والقبائل المحيطة بهمفي فلسطين واتخذوا مظاهر العبادات الكنعانية المختلفة الأمر الذي ابتعد بالدين عنجوهر ديانة موسى، وأدَّى ذلك فيما بعد إلى ظهور الحركة الاجتمـاعية للأنبـياء.وتذكر التـوراة أن سـليمان صاهر فرعون، ملك مصر، وتزوَّج ابنته (ملوك أول 3/1)، وقدحصل على مدينة جيزر (بالقرب من القدس)، وكانت تابعة لمصر، مهراً لزواجه، وهذا هوالتوسع الوحيد الذي أنجزه سليمان. ويبدو أن هيبة ملوك مصر في تلك الحقبة كانت قدهبطت حتى ارتضت مصر أن يتزوَّج ملك صغير الشأن كسليمان من إحدى أميراتها.

وفي أواخر حكم سليمان، حرر الملك الآرامي رزين نفسه ومملكته منه، كما بدأالأدوميون في إزعاجه، بل بدأت تظهر مشاكل داخلية حادة بسبب حالة الاستقطاب الطبقيوالضرائب الثقيلة التي فرضها لتمويل أعمال البناء والسخرة اللازمة لتنفيذها. وقدأدَّى ذلك إلى سخط قبائل الشمال، فانحلّ اتحاد القبائل العبرانية بعد وفاته وانقسمتالمملكة إلى مملكتين: المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية. واستولى شيشنق، أولفراعنة الأسرة الثانية والعشرين، على القدس ونهب معظم ما فيها من كنوز (ملوك أول 14/25).

ويقف كثير من النقاد موقف المستريب إزاء قصة مجد سليمان التيتوردها أسفار الملوك والأيام، ويقولون إن التحيز القومي لدى كُتَّاب متأخرين هوالذي دعاهم إلى الإضافة والمغالاة في القصة. وهو يُعَدُّ حسب فلكلور الماسونيةمؤسِّس أول محفل ماسوني في العالم باعتباره باني الهيكل. وتُنسَب إليه بعض كتبالعهد القديم، كالأمثال ونشيد الأنشاد وبعض المزامير... إلخ.