البابالتاسع: التسلل أو الغزو العبراني لكنعان



التسلــــل أو الغــــــزو العــــــبرانيلكنعــــان
Hebrew Infitration into, or Conquest of, Canaan
يُعَدُّ خروجالعبرانيين من مصر حركة هجرة تمكن رؤيتها في إطار حركة طرد من مصر وجذب من كنعان.وتشير بعض المراجع، استناداً إلى الرواية التوراتية، إلى هذه الهجرة باعتبارها حركة «غزو» عسكرية، ونحن نفضل استخدام اصطلاح «تسلل» لوصف هذه العملية التاريخية الطويلةالتي لم تتم عن طريق معركة أو عدة معارك عسكرية حاسمة، وإنما عن طريق التسللوالتجسس والتزاوج والاندماج وأحياناً الغزو. وقد كان العبرانيون قبائل بدوية بدائيةحينما خرجوا من مصر وعبروا سيناء ووصلوا إلى مشارف أرض كنعان. ولذلك لم يكن فيمقدورهم غزو هذه الأرض والاستيلاء عليها، ولم يكن أمامهم سوى التسلل التدريجي فيها،وقد كانت عملية طويلة استمرت ما بين 1250 و1200 ق.م. وما كان لهذا التسـلل أن ينجحلولا تضافر عدة عوامـل تاريخية واجتماعية وسياسية، لعل أهمها كان الغياب المؤقتللإمبراطوريات العظمى في تلك المرحلة. فالإمبراطورية الحيثية في الشمال كانت قدانهارت في الربع الأخير من الألف الثاني قبل الميلاد، وكانت عوامل الضعف تزحف علىالقوة المصرية في الجنوب التي تضاءلت هيمنتها على كنعان، ولم تكن آشور قد أصبحت بعدقوة عظمى ذات أهمية. أما في كنعان ذاتها، فقد كانت المدن الدول الكنعانية قد أحرزتتقدماً حضارياً ملحوظاً. ويُرجَّح أن السبب في أن جماعة يسرائيل أو العبرانيين قدأخذت بلغة وحضارة وحتى بديانة كنعان يعود إلى كونها جماعة بدائية تفتقر إلى أدنىالمقومات الحضارية، وذلك كما نسـتنتج من الروايات التـوراتية إذ يخاطب الإله موسىقائلاً: « إني سأسوقك إلى مدن عظيمة لم تبنها، وبيوت مملوءة كل خير لم تملأها،وآبار محفورة لم تحفرها، وكروم وزيتون لم تغرسها... وأكلت وشبعت... » (تثنية 6/10ـ 12). ومع ذلك، كانت هذه المدن/الدول تتطاحن فيما بينها، وهو ما أدَّى إلى تَدهورالوضع الأمني في البلاد. ويبدو أن الوضع الإثني في كنعان كان يتَّسم بعدم التجانس،فالعهد القديم يذكر دائماً الأقوام السبعة التي تقطن المكان ويزداد العدد أحياناًليصل إلى عشرة في سفر التكوين (15/19ـ21) « القينيين والقنزيين والقدمونيينوالحيثيين والفرزيين والرفائيين والعموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين ».وهذه نقطة أدركها جواسيس موسى، فقد ذهبوا ورأوا أرضاً «تفيض لبناً وعسلاً وأن مدنهاحصينة عظيمة جداً » أي أنها تتمتع بقدر عال من التقدم الحضاري. ولكنهم لاحَظواأيضاً تنوعها الإثني، إذ قالوا: «العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيونواليبوسيون والعموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانبالأردن » (عدد 13/28 ـ 29).

ومع هذا، لم يحرز العبرانيون نصراً عسكرياً،فلم يحتلوا سوى بعض المناطق الجبلية عن طريق استخدام التجسس والتخريب وعنصرالمفاجأة. أما في السهول، حيث توجد العربات الحربية، فقد ظلت الهيمنة للكنعانيين.ويظهر هذا في رد قبيلة يوسف على يوشع بن نون حين يقولون: « لا يكفينا الجبل، ولجميعالكنعانيين الساكنين في أرض الوادي مركبات حديد » (يشوع 17/16 ـ 18). والوضع نفسهينطبق على قبيلة يهودا، فقد ملكت الجبل لكنها لم تطرد سكان الوادي « لأن لهم مركباتحديد » (يشوع 17/12ـ 18).

ومن يقرأ سفر القضاة (1/21 ـ 35)، ويشوع (16/10)يعرف أن الغزو العبراني كان مجرد استيطان في عدة جيوب غير مترابطة، رغم كل التهويلالخاص بقتل عشرات الملوك. ويؤكد السفر أن الكنعانيين كانوا يقطنون وسط العبرانيين.بل يمكن القول بأن العبرانيين ظلوا مُشرَّدين لاجئين على قمم التلال، ومن تجرَّأمنهم ونزل إلى السهـول أصـبح خادماً أو عبـداً. وظل هذا الوضع فترة طويلة جداً، ففيسفر الملوك الأول إشارة إلى إله العبرانيين باعتباره « إله جبـال لذلك قووا عليـنا.ولكن إذا حـاربناهم في السهل فإننا نقوى عليهم » (ملوك أول 20/23).

ولايمكن فَهْـم هذا التسـلل العبراني باعتباره غزواً بالمعنى العادي، فهو تسلل يعتمدعلى القوة العسكرية أحياناً وعلى المكر أحياناً أخرى وعلى التزاوج في بعض الأحيان.كما أن العبرانيين المتسللين تزاوجوا مع أقاربهم الذين لم يهاجروا معهم إلى مصر كماتزاوجوا مع الكنعانيين. وقد سيطر العبرانيون في نهاية الأمر على قسم كبير من أراضيفلسطين الشمالية، فاستوطنت قبائل يهودا وبنيامين الأراضي المرتفـعة المحيطـةبالقـدس، واستوطنت القبائل الأخرى السهـول الشمالية، وقام اتحاد القبائل المعروفبالمملكة العبرانية المتحدة التي انقسمت فيما بعد إلى الدويلتين العبرانيتين. ولكنسيطرة العبرانيين لم تَدُم طويلاً إذ قامت القوى الإمبراطورية العظمى فاكتسحتدويلات الشام وفلسطين كلها وتعاقبت السيطرة عليها.

ومن القضايا التي تثار،عمليات الإبادة الافتراضية التي صاحبت التسلل العبراني، فحسب ما جاء في العهدالقديم، كان العبرانيون لا يكتفون بفتح المدن وإنما كانوا يقومون بإتلاف وتدمير كلما تقع عليه أيديهم من إنجازات مادية أوحضارية وبإبادة الرجال والنساء والشبابوالشيوخ والثيران والخراف والحمير بحد السيف. ويذكر العهد القديم بفخر واضح الألوفالتي تمت إبادتها. ومما لا شك فيه أن الحديث عن الإبادة، مثل الحديث عن الانتصاراتالعسكرية، أمر مبالغ فيه. ومع ذلك، يظل هناك جزء من الحقيقة. ولعل اتجاه العبرانييننحو الإبادة هو تعبير عن تَخلُّفهم الحضـاري، فالعــبرانيون كما أسـلفنا كانـواجمـاعات متحـركة هــاربة مــن مصر، دخلت أرضاً فيها مدن مستقرة بلغت مرحلة حضاريةوثقافية أعلــى وأكثــر رقيــاً. ولـم يكـن تحقـيق الانتـصار والاســتيلاء علىهــذه المــدن ممكنــاً إلا عــن طــريق الإبــادة الجسـدية والإفنــاء الماديالشامل بسبب غياب أية مؤسسات إدارية عبرانية تتمتع بقدر من التركيب. كما أنهم،نظراً لتخلفهم الاقتصادي والحضاري، لم تنشأ عندهم الحاجة إلى الأيدي العاملة التيكان الأسرى من أهم مصادرها. ومن هنا، نجد أن العبرانيين كانوا يتخلصون من الأسرىبإبادتهم جسدياً. وقد استمر هذا الوضع حتى بعد إنشاء الدولة العبرانية المتحدة التيكانت تَسدُّ حاجتها من الأرقاء والعبيد المطلوبين لأداء خدمات يومية اعتياديةللأرستقراطيين والموسرين عن طريق استعباد المذنبين والأفراد الذين يعجزون عن تسـديدديـونهم فيبيعون أنفسهم أو أبناءهم ليكونوا عبيداً لدى الدائن.



يَشُوَّع بن نون
Joshua
«يَشوَّع بن نون» هوالمقابل العربي للاسم العبري «يهوشواع» ومعناه «يهوه هو الخلاص». ويشوع بن نون، كاناسمه في البداية «شواع» وأضاف موسى الجزء الأول فصار «يهوشواع»، ثم دعاه موسى «يشوع». وهو يُسمَّى أيضـاً «يوشـع». وهو خليفة موسى وخادمه وابن نون من سـبطإفرايم. وُلد في مصر، وأرسلـه موسـى مع كـالب ليتجسسا. ويُصوِّره العهد القديمباعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان واقتحمها حسبالرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيينوالحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين، فأحرقوا بعض مدنهم وقتلوا رجالهممستخدمين الوسائل كافة ـ ومن ذلك الخداع والتجسس عن طريق العاهرات (1250 ـ 1200ق.م).

اسـتمر يشـوع بن نون في حكم العبرانيين مدة ثمانية وعشرين عاماً،فقسَّم الأرض التي احتلوها بالقرعة على القبائل العبرانية، واستثنى اللاويين الذينقاموا بالأعمال الكهنوتية. وترك ست مدن على الشاطئين الأيمن والأيسر لنهر الأردنلتكون ملجأ للمشرَّدين من العبرانيين المتهمين بالقتل الخطأ. وكان يُحذِّر جماعةيسرائيل من ترك الرب وعبادة آلهة غريبة. ويروي سفر يشوع أخباره، ومن بينها أنه أصدرأمره إلى الشمس بأن « تقف » حتى ينتقم من أعدائه «فوقفت الشمس في كبد السماء ولمتعجل للغروب نحو يوم كامل » (يشوع 10/13).ويشوع هو الذي أمر العبرانيينبأن يطوفوا بأسوار أريحا سبع مرات وأمامهم سبعة كهنة ينفخون في الأبواق، فسقط السوروسقطت المدينة في أيديهم. ويُفسِّر بعض المحدَثين من اليهود هذه الظاهرة بأنه منتأثير شدة ذبذبات أصوات الأبواق. ومهما يكن الأمر، فقد قام يشوع بإحراق أريحابالنار بأمر يهوه « وكل ما بها » ما عدا راحاب العاهرة (يشوع 6/22 ـ 24). ويُلاحَظأن التصوُّر السائد للخالق في سفر يشوع لا يختلف كثيراً عما جاء على نقش ميشع حيثنجد أن الإله القومي يجد غبطة غير عادية في عمليات القتل والإبادة التي يقوم بهاشعبه.

وتحاول الأجاداه أن تبرر قيامه باغتصاب أرض كنعان من أهلها على أساسأن العهد الإلهي قد وعد بهذه الأرض لنسل يعقوب وأن الكنعانيين كانوا مجرد أوصياءعليها. وقد تزوج يشوع من العاهرة راحاب التي ساعدت جواسيسه وذلك بعد أن تهودت.ومما تجـدر الإشـارة إليـه، أن العَالم هـ.تامارين قد أجرى استفتاء، في عددمن مدارس تل أبيب والمدن والمستعمرات الإسرائيلية، حول الأساليب الهمجية التيانتهجها يشوع، فتوصَّل إلى أن نحو 66 - 95% أيَّدوا ذلك الأسلوب وأن 30% منالتلاميذ كانوا يؤيدون بصورة قطعية إبادة السكان العرب تماماً في المناطق المحتلة.ومن الأجوبة التي تلقاها: « لقد تصرَّف يشوع بن نون تصرفاً حسناً بقتله جميع الناسفي أريحا، ذلك لأنه كان من الضروري احتلال البلاد كلها، ولم يكن لديه وقت لإضاعتهمع الأسرى ».وثمة إشارات عديدة في أدبيات جوش إيمونيم وجماعة كاخ إلى يشوعوإلى أن أسلوبه الإبادي هو الأسلوب الأمثل في التعامل. وقد دعا كاهانا المؤسسةالدينية إلى تبيان أن أسلوبه هذا جزء عضوي من الدين اليهودي والرؤية اليهودية لسكانالأرض من غير اليهود.

الأســـــــباط
Hebrew Tribes
«الأسباط» صيغة جمع مفردها «سبط»، وهي كلمة عربية تعني «ولد الابن أو الابنة»،وتستخدم في النصوص الدينية للإشارة إلى القبائل العبرانية. ونحن لا نستخدم هذاالمصطلح في هذه الموسوعة إذ نؤثر استخدام المصطلح الأكثر حياداً وهو كلمة «قبيلة»وجمعها «قبائل»، ونُفرِّق بين السياق الديني والتاريخي فنقول «قبائل يسرائيل»و«القبائل العبرانية».

القبائل العبرانية الإثنتا عشرة
Twelve Hebrew Tribes
كلمة «سبط» بالعبرية معناها «عصا» أو «جماعة يقودهارئيس بعصا». ويُطلَق تعبير «أسباط» أو «قبائل» على أولاد يعقوب وكذلك على كل منإفرايم ومنَسَّى ابني يوسف.وقد انتظمت مجموعة القبائل العبرانية (في العصرالتالي لموسى والمسمَّى «فترة القضاة» في اثنتي عشرة قبيلة أو اثنى عشر سبطاً علىما جرت عادة النظام الاجتماعي للتجمعات الكنعانية في فلسطين في العصور القديمة.وتسمَّت هذه القبائل بأسماء أبناء يعقوب: رؤوبين وشمعون ويهودا وبساكر وزبولونوبنيامين ودان ونفتالي وجاد وأشير وإفرايم ومنَسَّى، وتضاف إليها قبيلة لاوي.وُسمِّيت هذه القبائل معاً «يسرائيل»، فهي من صلب يعقوب (يسرائيل). وكانت كل قبيلةمقسَّمة إلى بطون وأُسَر. وقد استوطنت قبيلتان ونصف (رؤوبين وجاد ونصف منَسَّى)الضفة الشرقية لنهر الأردن، واستقرَّت القبائل الأخرى في ضفته الغربية. وكانت أهمالقبائل قبيلة يهودا التي استوطنت في الجنوب وسُمِّيت باسمها المملكة الجنوبية بعدتفكُّك اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة. أما أكبر قبيلة في الشمال، فهيقبيلة «إفرايم»، ولذا سُمِّيت المملكة الشمالية «إفرايم». وحينما قَسَّم يشوع بننون الأراضي المُستولَى عليها بين القبائل، أُوكلت أعمال الكهانة إلى قبيلة لاويالتي لم تنل نصيباً من الأرض. ولذا، فإنها لم تَعُد تُحسَب ضمن القبائل. ومع هذا،ظل العدد (12) كما هو، لأن قبيلة يوسف قُسِّمت إلى قبيلتين هما منَسَّى وإفرايم.وكانت شيلوه المركز المقدَّس لكل القبائل إذ وُضع فيها تابوت العهد. ولكن هناكنظرية تذهب إلى وجود مراكز مقدَّسة أخرى مثل شكيم وجلجال ودان بحيث كان لكل قبيلةمركزها المقدَّس، وكانت شيلوه المركز المقدَّس للقبائل جميعاً.

وجديربالذكر أن العدد (12) رقم مفضل في العهد القديم، فهناك وعد من الرب لإبراهيم بأنيُخرج من نسل ابنه إسماعيل اثنتى عشرة قبيلة (تكوين 17/20) كما أن عدد أبناء يعقوبكان اثنى عشر أيضاً، وهو نفسه الرقم الذي يتكون منه اتحاد ملوك الحيثيين. وربما كانلذلك علاقة بعدد البروج والشهور في التقاويم الشهيرة. ومع هذا، تختلف الروايات فيعدد القبائل على وجه الدقة، فأغنية دبوره (قضاة 5) تذكر عشر قبائل وحسب ولا تذكريهودا أو شمعون. ويذكر موسى (تثنية 33) إحدى عشرة قبيلة إذ لا يذكر سيمون. وهناكقبائل ورد ذكرها ولم يُعرَف مصيرها، كما أن بعض المراجع التي حصرت كل الأسماء تذكرأن عدد القبائل يبلغ عشرين.
ظل التقسيم القبلي هو النظام الاجتماعي القائمفي فترة القضاة (1250 ـ 1020 ق.م)، والذي استمر إبّان نظام الملكية بعد أن قام داودوسليمان بتوحيد القبائل تحت حكم ملكي شمولي. ولذا، فبعد أن أُقيمت المملكةالعبرانية المتحدة، ما لبثت هذه المملكة أن انقسمت إلى مملكتين: الشماليةوالجنوبية. وكانت المملكة الجنوبية (يهودا) تضم قبيلتي يهودا وبنيـامين، بينماضمَّت المملكة الشـمالية (يسرائيل) القـبائل العـشر الباقية. ويبدو أن الوحدة بينهذه القبائل كانت ضعيفة للغاية، فالمعارك التي يرد ذكرها في سفر القضاة تدل على أنالقبائل لم تشترك جميعاً في معركة واحدة. وهذا أمر طبيعي في أي اتحاد قبلي، وإنكانت المراجع الصهيونية التي تحرص على إبراز مفهوم الوحدة اليهودية تحرص علىإخفائه. بل كانت المعارك تنشب أحياناً بين هذه القبائل كما حدث أثناء حكم القضاةحينما نشب صراع بين سكان منطقة جلعاد (قبيلة رؤوبين وجاد ونصف قبيلة منَسَّى)وقبيلة إفرايم. وقد هُزمت قبيلة إفرايم في هذه المعركة وذُبح كثير من أفرادها بعدأسرهم. وقد جاء في العهد القديم (قضاة 7/8، 12) أنه كلما كان يدَّعي أحد أفرادقبيلة إفرايم أنه من جلعاد كان يُطلَب منه أن ينطق بكلمة «شبُولت» أي «سنبلة»، فإنفشل في ذلك، بسبب اللهجة التي كانوا يتحدثون بها، كان يُذبَح. وهذا يدل على تلكالرغبة في الاستقلالية والتمييز بين القبائل المختلفة، كما يدل على قوة تأثيرالبيئة الكنعانية في مختلف القبائل بحيث كانت كل قبيلة تتبع اللهجـة السـائدة فيالمنطقة التي اسـتقرت فيها.
وقد هاجمت دبوره في أغنيتها (قضاة 5/24) سكانجلعاد وقبائل رؤوبين ودان، وأشارت إلى أنهم لم يهبّوا لنجدتها. ويذهب بعض العلماءإلى أن مرحلة القضاة لم تشهد ظهور قيادات قومية لكل القبائل إذ كانت لكل مجموعة منالقبائل قيادتها المستقلة.

ويبدو أن المحرِّض الأساسي على الصراعات والحروبكان قبيلة إفرايم التي كانت تخشى على مكان الصدارة الذي كانت تحتله. وهذا ما حدثبالفعل بعد اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة خلال عصر داود وسليمان.فبعد موت سليمان، استقلت عشر قبائل تحت قيادة إفرايم (928 ق.م) وكوَّنت المملكةالشمالية التي كان لها استقلالها السياسي وبالتالي الديني، وذلك باعتبار أن الدينوالسياسة كانا متداخلين في العالم القديم، كما كان الاستقلال الديني مظهراً منمظاهر الاستقلال السياسي.