الهكسوس
Hyksos
«الهكسوس» جماعة من الآسيويين يُرجَّح أنها كانت سامية الأصل (خليطمن العموريين والكنعانيين وبينها عناصر من الحوريين أيضاً). كان المصريون يُطلقونعليهم لفظة «عامو» أي «الآسيويين». كما كانوا يُعرَفون باسـم «حكـاو خوو Hekau Khowe» أي «حكـام الأراضي الأجنبية». أما كلمة «هكسوس» فهي كلمة مصرية فسرها الكاتباليوناني مانيتو بأنها تعني «الملوك الرعاة».

حكم الهكسوس مصر بعد سقوطالمملكة الوسطى (1675 ـ 1570 ق.م) إذ استفادوا من ضعف الحكومة المركزية ومناستخدامهم العربات الحربية التي لم تكن معروفة في مصر آنذاك، وكذلك استفادوا مناستخدام السهم الآسيوي القوي الذي يُعَدُّ أكثر تركيباً من السهم الذي كان يستخدمهالمصريون.ولم يتم غزوهم لمصر دفعة واحدة (كما كان يُظَن حتى عهد قريب) وإنما تم علىشكل موجات أخذت شكلاً سلمياً في بادئ الأمر حيث كان الرعاة البدو يدخلون مصر للسقياوالتجارة،ثم أخذت العملية شكل تَسلُّل وأخيراً شكل الغزو،وهي عملية استغرقت فيمجموعها عدة قرون.

استقر الهكسوس في مصر، وبنوا عاصمتهم جت وعرت وهي أواريس (أفاريس) التي سماها اليونانيون تانيس (صا الحجر فيما بعد، أو تل اليهودية) بالقربمن الزقازيق شرقي الدلتا. ثم استولى الهكسوس على معظم مقاطعات الدلتا، ودخلواالعاصمة ممفيس (منف) عام 1674 ق.م. وقد اتحدت مصر وسوريا وفلسطين تحت حكمهم، وتوطدتبينهما العلاقات الحضارية والتجارية، واستمرت تلك العلاقات بينهما بعد خروج الهكسوسوقيام المملكة الحديثة.

أدخل الهكسوس إلى مصر عناصر مادية جديدة مثل إشاعةاستخدام الخيول، والبرونز، وطريقة جديدة في التسليح، وبعض الآلات الموسيقية، وبعضالاختراعات والخبرات الحربية التي ساهمت فيما بعد في إنجاز فتوحات المملكة الحديثة. وقد تَعاقَب على عرش مصر عدد من ملوك الهكسوس، وإن ظل أمراء طيبة يتمتعون بشيء منالحكم الذاتي. وقد تمكَّن أحمس (1570 ـ 1546 ق.م)، مؤسس الأسرة الثامنة، من طردهم. وفيما بعد، أخضع الفراعنة فلسطين وسوريا.

ويبدو أن وجود الهكسوس في مصر هوالذي سهل عملية دخول العـبرانيين إليها، وربما كانت ثمة صـلة عرْقية وإثنيـة بينهموبين الهكسوس. ومن الجدير بالملاحظة أن أحد رؤساء الهكسوس كان يُسمَّى «يعقوب إيل» أو «يعقوب بعل». والعنصر «يعقوب» الذي يعني «يحمي» هو نفسه أحد الآباء العبرانيين،كما أن أحد ملوك الهكسوس كان يُسمَّى «شيشا» وهو يشبه اسم «شيشاي» أحد ملوك قريةأربع (الخليل أو حبرون). وكان استيطان العبرانيين في الدلتا في جاسان (جوش) وهينفسها المنطقة التي كانت فيها أواريس عاصمة الهكسوس. وقد ذكر يوسيفوس نقلاً عنالمؤرخ المصري الهيليني مانيتو أن عدداً كبيراً من الهكسوس ذهبوا من أواريس إلىكنعان وبنوا القدس، وربط مانيتو بين استيطان الهكسوس مصر ودخول يوسف إليها، وذكر أنطردهم أو هجرتهم منها هو خروج العبرانيين.

شيشنق (شاشانق - شيشاق 950 ـ929 ق.م(
Shishak (Sheshonk)
مؤسس الأسرة الثانية والعشرين (الليبية) في عام 950 ق.م. كان حاكماً قوياً قديراً جدد حيوية مصر ونفوذها في غربآسيا (فلسطين ولبنان)، وقد ورد ذكره في التوراة (ملوك أول 14/25 ـ 28). كان يهدفإلى إعادة النفوذ المصري على فلسطين، فاحتفظ بعلاقات طيبة مع سليمان. ولكن هذهالصلة لم تمنعه من منح الحماية ليربعام، (من قبيلـة إفرايم) الذي ثار على سـليمانلأنه كان يرى نفسـه أحق بالمملكة منه. وبعد موت سليمان، نجح يربعام، بسبب تأييد مصرله، في أن يتولى قيادة عشر قبائل عبرانية ويستقل بها فيما يُسمَّى «المملكةالشمالية». وبعد خمسة أعوام من موت سليمان، هاجم شيشنق ملك المملكة الجنوبية رحبعامبن سليمان ونهب كنوز الهيكل. ويبدو أنه هاجم المملكة الشمالية أيضاً. وتبيِّن نقوشمعبد الكرنك أن شيشنق هاجم كل فلسطين وتذكر مائة وستاً وخمسين مدينة أخضعها فيفلسطين.

إلفنتاين (جزيرة الفيلة(
Elephantine
«إلفنتاين» كلمة يونانية، وهي ترجمة لاسم جزيرة باللغة المصرية القديمة تعني «جزيرة الفيلة»، وهي بالآرامية «يب»، أي «جزيرة العاج». ويُطلَق اسم «إلفنتاين» علىجزيرة في وسط النيل (بعد الشلال الأول) في أسوان، وكانت الجزيرة مركزاً لعبادةالإله خنوب، ثم استُخدمت كحصن على النيل لحماية مداخل مصر الجنوبية. وزادت أهميتهابعد أن تخلصت مصر من ضغط الآشوريين على يد بسماتيك الأول (664 ـ 609 ق.م). وقد كانتهناك حامية مُكوَّنة أساساً من الجنود الآراميين المرتزقة وتضم في صفوفها بعضالعبرانيين ممن كانوا يعملون في الجيش المصري، أو لعلهم من العبرانيين الذين كانوايتحدثون الآرامية. ولا يُعرَف أصل هذه الحامية على وجه الدقة. لكن من المعروف أنالعبرانيين كانوا يحضرون إلى مصر كمرتزقة، في الأسرة السادسة والعشرين (663 ـ 55ق.م). وقد كان ملوك المملكة الجنوبية يبادلون رعاياهم بالأحصنة العسكرية المصرية (تثنية 17/16). كما أن بعض سكان هذه المملكة، التي كان يساندها المصريون، فرُّواإلى مصر. ولذا، فيمكن القول بأن تاريخ الحامية يعود إلى النصف الثاني من القرنالسابع قبل الميلاد.

وقد استخدم بسماتيك الثاني (594 ـ 588 ق.م)، في حملتهضد النوبيين، المرتزقة الآسيويين الذين ربما يكونون قد رابطوا بعد ذلك في جزيرةإلفنتاين. ولذا، فحين هاجم الفرس مصر واستولوا عليها عام 525 ق.م، تَعاوَن جنودإلفنتاين من المرتزقة مع الفرس الذين كانوا يعتبرون الآراميين العبرانيين صنائعلهم. وقد ظل العبرانيون على ولائهم للفرس أثناء التمرد المصري ضد الحكم الفارسي (خلال حكم أرتحشتا الأول).

وكانت الحامية مُقسَّمة إلى فرَق يرأس كلٍّ منهاضابط فارسي. أما الجنود، فكانوا عبرانيين، ويشار إليهم أحياناً بأنهم «آراميون». وقد كان يعيش مع أعضاء الحامية عبرانيون مدنيون يقومون بأداء الخدمات، كما كانيُوجَد مصريون. وكانت العلاقات بين الحامية والمصريين غير ودية. وقد ثار المصريونعلى أعضاء الحامية ودمروا مقابرهم في خلال حكم دارا الثاني، مع أن هناك حالات تزاوجبين العبرانيين والمصريين. وقد شيَّد العبرانيون معبداً ضخماً خاصاً بهم، حطمه كهنةخنوب في 411 ـ 410 ق.م مع تَحرُّر مصر من حكم الفرس عام 405 ق.م، ويبدو أن أفرادالحامية تم القضاء علىهم واختفى ذكرهم.

وجدير بالذكر أنه قد وُجدت وثائق منالبردي وغير ذلك من وثائق مكتوبة بالآرامية في جزيرة الفيلة، وخصوصاً بين القرنينالسادس والرابع قبل الميلاد، وتحوي إشارات إلى أشخاص وُصفوا بأنهم عبرانيون أحياناًوآراميون أحياناً أخرى. ولم تشتمل هذه الوثائق على أي ذكر لأسفار التوراة أو العهدالقديم، أو حتى على اقتباسات قانونية أو شرعية منها. ويبدو أن عقيدة هؤلاءالعبرانيين كانت جزءاً من عبادة يسرائيل بكل ما يشوبها من عناصر وثنية. فقد جاء فيالوثائق البردية التي عُثر عليها في الجزيرة أن العبرانيين كانوا يعبدون يهوه، كماأنهم كانوا يعبدون إلى جانبه إيشوم وبيت إيل (وهو إله وثني من السامرة)، وعنات ياهو (وهي ربة حرب قديمة)، وعنات بيت إيل، وحيريم بيت إيل. ولذا، فقد كان المعبد اليهوديفي إلفنتاين ذا خمسة مداخل، كل مدخل تحت رعاية أحد الآلهة. وربما يعود هذا إلى أنهجرة العبرانيين قد تمت قبل الإصلاح التثنوي. ولم تكن علاقة المرتزقة بالقدس قوية،ولذا، فقد ظلت عبادتهم على ما هي عليه، بل تَعمَّق الجانب الوثني فيها، ولعل هذايُفسِّر عدم وجود أية آثار لأسفار موسى الخمسة. وقد كان أعضاء الحامية يحتفلون بعيدالفصح ولا يحتفلون بأي عيد آخر، بل هناك خطاب من دارا الثاني مؤرخ في عام 419 ق.ميحتوي على تفاصيل الاحتفال بعيد الفصح لأن أعضاء الحامية كانوا قد نسوا كيفيةإقامته. والواقع أن اهتمام الفرس بإقامة الشعائر الدينية اليهودية جزء من اهتمامهمبالجماعة الوظيفية القتالية الاستيطانية وبهويتها العبرانية التي تضمن انعزالها عنالبيئة المحيطة بها. ولعل حامية إلفنتاين هي إحدى بدايات الدياسبورا أو الشتات أوالانتشار العبراني (اليهودي) التي أعقـبت التهـجير الآشـوري (724 ق.م) وسـبقتالتهـجير البابلي (586 ق.م). وقد كانت إلفنتاين تقع على حدود مصر الجنوبية، وكانتميناء للمحاجر الفرعونية، ومن ثم يكون توطين العبرانيين فيها كجماعة وظيفية (قتالية) هو التعبير عن تلك الظاهرة التي نسميها «الحدودية»، والتي هي تعبير عناضطلاع اليهود بدور الجماعة الوظيفية.

الحيثيون
Hittites
«الحيثيون» شعب هندى أوربي قديم برز في آسيا الصغرى مع بداية الألف الثـانيقبـل المبـلاد، وتُعَـدُّ هجـرتهم أقــدم الهجرات الهنـدية الأوربيـة المعروفة. والحيثيون إحدى القوى التي هيمنت على الشرق الأدنى القديم. وأغلب الظن أنهم نشأوافي المنطقة الواقعة وراء البحر الأسود، واتخذوا من حاتوشاش (بوغاز كوي على بعد مائةوثمانين كيلو متراً من أنقرة) عاصمة لإمبراطوريتهم في مقاطعة حاتي التي جاءت منهاتسميتهم «الحيتيين» ولكن لفظة «حيثيين» بالثاء هي التي شاعت، ولذا فنحن نستخدمها فيهذه الموسوعة.

يُقسَّم تاريخ الحيثيين إلى ثلاث مراحل، أولاها المملكةالقديمة حين خرجوا بقيادة حاتوسيليس الأول عام 1650 ق.م من الأناضول واستولوا علىشمال سوريا وحلب، وقام خليفته مورشيليش الأول بإكمال المهمة وتغلبوا على أسرةحمورابي العمورية في بابل وأسقطوها عام 1600 ق.م. وفي سنة 1479 ق.م، هزم تحتمسالثالث (فرعون مصر) الحيثيين في مجدو (وهذه مسألة خلافية إذ يرى البعض أنه تحالفمعهم) ثم توغل حتى حلب وعبر الفرات. وكانت جبال طوروس الحد الجنوبي للبلاد الحيثية. وقد تدهورت الإمبراطورية الحيثية بسبب المنازعات الداخلية وتَزايُد قوة الحوريين. لكن الحيثيين استعادوا شيئاً من طاقتهم، فأسسوا المملكة الجديدة أو الإمبراطوريةالحيثية الثانية نحو (1450 ـ 1400 ق.م)، وأصبحت إمبراطوريتهم مركز القوة والثقافةفي غرب آسيا. وبسط الحيثيون نفوذهم على معظم آسيا الصغرى ودول شمال سوريا ووسطهاولبنان. وأصبحت المنطقة حلبة صراع (على سوريا) بين الحيثيين والمصريين، ووقعت معركةقادش الشهيرة عام 1288 ق.م حيث عقد رمسيس الثاني بعدها معاهدة معهم لتثبيت الحدودبين ممتلكاتهم وممتلكات المصريين، وتزوج أميرة حيثية. ويُعتقد أن تخوُّف الطرفين منالقوة الآشورية الجديدة كان وراء المصالحة لمواجهة الخطر الجديد.

وبعد أندامت الإمبراطورية الحيثية نحو قرنين ونصف قرن، أخذ الوهن يسري في أنحائها منذ سنة 1200 ق.م نتيجةً لغزو أحد شعوب البحر، فاستقلت الإمارات الخاضعة لها الواحدة تلوالأخرى. وبذلك تأتي المرحلة الثالثة من تاريخ الحيثيين، وهي مرحلة عصر الممالكالحيثية الجديدة. رغم سقوط الإمبراطورية، قامت ممالك حيثية، وأصبح مصطلح «حيثي» يشير إلى تلك الدويلات التي كانت قرقميش أهمها، والتي ضمت حلب وحماة وحافظت على شيءمن الاستقلال عن الآشوريين قبل أن يحولها سرجون الثاني عام 717 ق.م إلى مقاطعةآشورية.

ويرجع النجاح العسكري للحيثيين إلى استخدام الحصان والمركبة سلاحاًأساسياً، كما أنهم استخدموا القوس والفأس والرمح والسيف أسلحة هجوم. وتنتمي اللغةالحيثية إلى فرع اللغات الأناضولية من مجموعة اللغات الهندية الأوربية. ولقد أخذتاللغة الآرامية تحل محلها تدريجياً خلال الفترة من القرن الحادي عشر حتى القرنالثامن قبل الميلاد حيث اختفت الحيثية. أما ديانتهم فيُعرَف عنها القليل، وقد كانتضرباً بارزاً من ضروب عبادة الأرواح. وأشـهر آلهتهم هو يتشوب إله العـاصفة، وهوالإله الوطني. وكان يُمثَّل عادةً على شكل رجل يقف على ظهر ثور ويمسك بالصاعقة. وقدتأثر الحيثيون بالحوريين تأثراً عميقاً من الناحيتين المادية والروحية.

ولقد ورد ذكر الحيثيين في التوراة التي قرنتهم بالكنعانيين، فهم أحدالأقوام الكنعانية السبعة الذين كان على العبرانيين هزيمتهم ليحتلوا أرض كنعان (فلسطين)، فكنعان هو أبوحت (تكوين 10/15). وتشير التوراة إلى أن الحيثيين كانواموجودين في حبرون (الخليل) في فلسطين في زمن إبراهيم الذي اشترى حقله ومغارته من «بني حث» (تكوين 23/3). كما ذكرت أن عيسو اتخذ لنفسه زوجتين من الحيثيين، وأنالعبرانيين تزاوجوا معهم. وقد كان لدى داود محاربون حيثيون. وتزوج داود بتشبع امرأةأوريا الحيثي، كما كان بين نسائه حيثيات.

وفي مجال تفسير وجود الحيثيين فيفلسطين في فترات تاريخية مبكرة، يرى بعض المؤرخين أن هؤلاء الحيثيين كانوا بقاياحملة حيثية جُرِّدت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما يرى البعض الآخر أنهمربما كانوا من سكان الأناضول الأصليين (الحاتيين) قبل وصول القبائل الهنديةالأوربية، ثم انتشروا في فلسـطين وغيـرها من بلاد الشــرق الأدنى القــديم قبل عام 2000 ق.م. كما يُقال إن مدوني العهد القديم إنما كانوا يستخدمون المصطلح كما هومُستخدَم في المدونات الآشورية والبابلية التي كانت تشير إلى أرض حاتي باعتبارهاالأرض الممتدة من الفرات حتى لبنان، ثم اتسع مدلول المصطلح ليشير إلى سكان سورياوفلسطين. وها هو شلمانصر الثالث يشير إلى أخاب «كملك حيثي». أما أسرحدون فيطلقمصطلح «حتي» على ملوك يهودا وأدوم ومؤاب وعمون وعلى بعض الحكام الفلستيين. واستمراستخدام المصطلح بهذا المعنى بين البابليين. أما الحيثيون المعاصرون لداود وسليمان،فهم من المرحلة الحيثية المتأخرة، مرحلة الدويلات المدن.