موسـى
Moses
«موسى» هو المقابل العربي لكلمة «موشيه» العبرية، وموسى هو مؤسس الديانةاليهودية. وبخروجه أو هجرته من مصر، يبدأ تاريخ العبرانيين.

وقد لاحظ فرويدأن شخصية موسى مزيج من مفاهيم البطولة عند الساميين والمصريين، فشخصية البطل عندالساميين تتميَّز بأنها من أب غير معروف، أو بأن يكون البطل يتيماً، أو تكون ولادتهمحفوفة بالمخاطر والمشاكل، أو يكون البطل ممن أحبوا العزلة في الصحاري والجبال. أماعند المصريين، فهو من بيئة أرستقراطية، قوي البنية شديد البأس، يعيش في الحضر بينقوم مُتمدينين. وتضم شخصية موسى مزيجاً فريداً من المفهومين.

شبَّ موسى،حسب الرواية التوراتية، في بيت فرعون بعد أن ألقته أمه رضيعاً في النهر، لأن فرعونكان قد شدَّد الأمر بقتل صبيان العبرانيين. ولكنه عرف هويته الحقيقية. وتدخَّل فيشجار وقع بين مصري وعبراني فصرع الأول. لكن أحد العبرانيين وشى به، فاضطر إلىالخروج من مصر إلى أرض مديَن في شبه جزيرة سيناء والجزء الشمالي من الجزيرةالعربية. وعمل خادماً لدى يثرون كاهن الإله المديَني «يهوه» الذي علمه الديانةالجديدة وزوجه ابنته صفورة. وأثناء رعيه أغنام يثرون، حدثت له معجزة الشجرةالمشتعلة التي لا تهلكها النيران، فلما دنا لينظر نودي من وسطها، وظهر له ربإبراهيم وإسحق ويعقوب الذي أصبح اسمه منذ ذلك الحين يهوه (وموسى ـ حسب الروايةالتوراتية - هو النبي الوحيد الذي رأى الإله وجهاً لوجه). وطلب إليه يهوه أن يعودإلى مصر ليكون قائداً لشعبه ويخرجه من هناك، فأخذ معه أخاه هارون لأنه كان يتلعثمفي الكلام. وكما هو معروف، رفض فرعون مصر، وقد يكــون رمسـيـس الثـاني (1290 ـ 1237ق.م)، ما طلبه موسى، واستمر في استعباد جماعة يسرائيل، فحلَّت بمصر الأوبئة العشرةحتى اضطر فرعون إلى أن يُطلق سراحهم. لكنه غيَّر رأيه ولحق بهم أثناء عبورهم البحرالأحمر، فغرق هو وجيشه. وعند جبل سيناء ظهر يهوه مرة أخرى لموسى،وجدَّد الميثاقبينه وبين جماعة يسرائيل، وأعطى موسى الوصايا العشر والتوراة. وبدأ موسى في سَنالتشريعات، وهو ـ حسب التراث الديني اليهودي ـ المصدر الأساسي للشريعة الشفوية.وبنى أيضاً خيمة الاجتماع.

وقد تسبَّب اليهود في الكثير من العناء لموسىأثناء عبور الصحراء، إذ عبدوا العجل الذهبي في غيابه، ثم ظلوا في الصحراء مدةأربعين عاماً حتى نجحوا في اجتياز سيناء. واتخذ موسى لنفسه زوجة ثانية رغم معارضةأخته مريم وأخيه هارون. وحينما حاول عبور نهر الأردن، رفضت مملكتا مؤاب وأدومالسماح له بعبور أراضيهما، الأمر الذي اضطره إلى التسلل شرقاً والاتجاه شمالاً.

وتذكر التوراة أن الرب غضب من موسى وأخيه هارون لخيانتهما له « إذ لمتقدساني وسط بني إسرائيل » (تثنية 32/51). وكان عقاب موسى النظر إلى أرض كنعان منعلى جبل نبو لكنه لم يدخلها. ثم مات موسى، وتولى مهمة إدخال جماعة يسرائيل إلى أرضكنعان خادمه يشوع بن نون.

ورغم أن له هذه الأهمية، فإننا لا نجد ذكراً لهعلى لسان عاموس أو أشعيا، ولا يأتي له أيضاً ذكر في الأسفار المقدَّسة إلا فيماندر. وربما يعود هذا إلى فقدان اليهود لأسفار موسى الخمسة لمئات من السنين. والواقعأن هذه الأسفار تنسب إلى موسى كثيراً من الأوامر الخاصة التي تحرِّض على النهبوالسلب والحرق (عدد31/18). ونظراً لأهمية موسى في الوجدان اليهودي، فإن اليهودوالصهاينة يخلعون لقب «موسى الثاني» على كل قائد يهودي. وقد اكتسب هذا اللقب كلٌّمن موسى بن ميمون في الأندلس، وموشيه ديان في فلسطين المحتلة.

وجاء فيالأجاداه أن السماء والأرض خُلقتا من أجل موسى، وأن ابنة فرعون حينما فتحت السلةالتي فيها موسى وجدت الشخيناه إلى جواره. وقد رفض موسى أن يرضع من ثدي المصريات لأنالفم الذي سيتحدث مع الشخيناه لا ينبغي أن يلوثه لبن النساء المدنَّسات. وقد ظهرالإله له داخل الشجرة المشتعلة حتى يبين له أن اليهود لا يمكن تحطيمهم ـ تماماً مثلالشجرة التي لم تقض عليها ألسنة اللهب. وقد فُسِّر تردده في قبول الرسالة الإلهيةبعدة أسباب، من بينها أنه أراد أن يكون الإله ذاته هو مخلِّص جماعة يسرائيل، كماأنه كان غاضباً من الإله لأنه هجر جماعة يسرائيل لمدة مائتين وعشرة أعوام وسمح بأنيقوم المصريون بذبح كثير من أتقيائهم. وفي القبَّالاه، يُعَدُّ موسى وهارونالتجلّيين النورانيين: نيتسح (التحمل والأزلية) وهود (الجلالة والمجد).

هارون
Aaron
«هارون» هو المقابل العربي للاسمالعبري «أهرون»، وهو شقيق موسى، وهو أيضاً من أحفاد لاوي. اعتُبر منذ شبابه قائداًلجماعته وكاهن بيته وسُمِّي باسم «اللاوي». ويُعَدُّ هارون شخصية أساسية في أحداثالخروج من مصر، فهو الذي تحدَّث باسم موسى حينما ذهب إلى فرعون (وهذا ما يعطيه صفاتالنبوَّة). واشترك مع موسى في قيادة جماعة يسرائيل إلى خارج مصر. ومع هذا، فحينماتأخر موسى وهو على الجبل مع الرب، ضج أعضاء جماعة يسرائيل، وارتدوا عن طاعة إلهموسى وطلبوا إلى هارون أن يصنع لهم تماثيل آلهة ليعبدوها، فصنع هارون العجل الذهبيوبنى له مذبحاً. غير أن الإله، مع هذا، غفر له خطأه وأصبح هارون أول رئيس للكهنة.

وتُفسِّر الأجاداه تَورُّطه في حادثة العجل الذهبي على أساس حبه لجماعةيسـرائيل. فبدلاً من أن يقـتل من اشـتركوا في هذه العبادة الوثنية، كما فعل موسى،اشترك هو معهم بل صنع العجل بنفسه. وفي رواية أخرى أنه صنع العجل الذهبي خوفاً علىحياته من جماعة يسرائيل.

وثمة رأي يذهب إلى أن ثمة اختلاف بين الهارونيين (ذرية هارون) واللاويين، وأن ذرية هارون تشكِّل نخبة خاصة داخل قبيلة لاوي، ولذافقد كان منهم كبير الكهنة في حين كان يتبع صغار الكهنة قبيلة لاوي. ويُلاحَظ أن ثمةصراعاً بين اللاويين والهارونيين يظهر في ثورة أبناء قورح على هارون، وفي رفض قبيلةاللاويين ممارسة عبادة العجل الذهبي. ويرى بعض العلماء أن قبيلة هارون كانت عشيرةكهنوتية موجـودة في مصر قبل عصر موسـى واعتنـقت عقـيدة موسى قبل اللاويين، وأنها هيالتي نشرت الدين الجديد بسبب مكانتها، وأن العشيرة الهارونية اندمجت في قبيلةاللاويين.