ثامناً: الإستعانة على المصيبة بالصلاة، : وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ [البقرة:45] وقد { كان رسول الله إذا حزَبهُ أمر صلّى } [رواه أبو داود وحسّن سنده ابن حجر]، ومعنى حزَبهُ: أي نزل به مهم أو أصابه غم. ولما أُخبر ابن عباس بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام وهو يقول: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ . قال ابن حجر: ( أخرجه الطبري بإسناد حسن ). ومعنى استرجع: أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون.

تاسعاً: تذكر ثواب المصائب والصبر عليها وإليك شيئاً منه:
1 - دخول الجنة: : وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24،23] وقال عليه الصلاة والسلام: { يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة } [رواه البخاري].

وصفيّه هو الحبيب المصافي كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان، والمراد باحتسبه: صبر على فقده راجياً الأجر من الله على ذلك، وفي الحديث القدسي، قال الله عز وجل: { ابن آدم إن صبرت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثواباً دون الجنة } [رواه ابن ماجة]. وصحح سنده البوصيري.
2 - إن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب. : إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] قال الأوزاعي: ( ليس يوزن لهم ولا يكال. إنما يغرف لهم غرفاً ).

3 - معيّة الله لهم. وهي المعيّة الخاصة المقتضية للمعونة والنصرة والتوفيق. : إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153].
4 - محبته لهم. : وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146].
5 - تكفر السيئات. قال عليه الصلاة والسلام: { ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه } [متفق عليه]. والنصب: التعب، والوصب: المرض، وقال عليه الصلاة والسلام: { ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة } [رواه الترمذي وقال حسن صحيح].

6 - حصول الصلوات والرحمة من الله والهداية. : وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157] قال بعض السلف وقد عُزِّي على مصيبة نالته: ( مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها ) يعني الخصال المذكورة في هذه الآية.

7 - رفع منزلة المصاب. قال عليه الصلاة والسلام: { إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبّره على ذلك حتى يبلّغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. ولهذا قال بعضهم: ( التهنئة بأجل الثواب أولى من التعزية بعاجل المصيبة ).

وفي الختام:
أسأل الله أن يرحم ميتك ويغفر له وأن يفسح له في قبره، وينوّر له فيه، وأن يدخله برحمته فسيح جنته، إنه سميع مجيب. ولا تغفل - أخي المصاب - عن الدعاء لميتك فهو بحاجة إليه، وهو أعظم ما تهديه إليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


دار ابن خزيمة