وإذا كان الاثنا عشرية – هداهم الله –
قد تشددوا في الاستدلال بدلالة الحصر وخطاب التذكير
على عدم دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آل البيت،فإننا نلزمهم الآتي:


أولاً:
تركهم ومخالفتهم لاستدلالهم السابق،
وذلك لعدم تقيدهم بالحصر
فقد أدخلوا مع أصحاب الكساء غيرهم!!
فأين الأدلة والنصوص التي تدل على إدخال غيرهم معهم؟!

ثانيًا:
حصر آل الرسول صلى الله عليه وسلم في علي والحسن والحسين رضي الله عنهم،
وفي تسعة من أبناء الحسين فقط.
فهل هؤلاء فقط هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
يا سبحان الله!
أين أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
- أليس حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أسد الله وأسد رسوله
شهيد أحد وفارس بدر
وعندما استشهد حزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وقال:
(سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة)([4]) ؟!

- أليس العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه شهد فتح مكة وثبت يوم حنين،
وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم :
«إن العباس مني وأنا منه» ([5])
وقال: «يا أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني؛
فإنما عم الرجل صنو أبيه» ([6]) .

وأين أبناء أعمام النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
- أليس جعفر الطيار رضي الله عنه صاحب المآثر والمحامد،
وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم :
«أشبهت خَلْقي وخُلُقي» ([7]

وقد كان أحد السابقين إلى الإسلام، وممن هاجر إلى الحبشة
ولم يزل هناك إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
فقدم إلى المدينة يوم فتح خيبر
ففرح به النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا شديدًا
وقام إليه وعانقه وقبَّله بين عينيه.
ولما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى مؤتة
نائبًا لزيد بن حارثة رضي الله عنه أبلى بلاءً حسنًا،
وقاتل حتى قطعت يداه واستشهد، فعوَّضه الله عن يديه جناحين في الجنة

فكان يقال له بعد قتله: الطيار
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم نبأ استشهاده حزن عليه حزنًا شديدًا،

وقال:
«دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها وإذا جعفر يطير مع الملائكة» ([8])

وقال:
«مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة،
وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد» ([9]) .

وهذه إنما هي بعض مناقبه
التي تدل على عظيم مكانته وعلو شأنه
رضي الله عنه وأرضاه؟!
- أليس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن
وكان يلقب بالحبر والبحر لاتساع علمه وكثرة فهمه،
وكمال عقله وسعة فضله؛
فقد لازم النبي صلى الله عليه وسلم،
ودعا له صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين وعلم التأويل

وكان ممن شهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين،
وقد اعترف له بذلك الفضل كبار الصحابة
رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان؟
ومن أبناء عمه أبو سفيان بن الحارث فارس يوم حنين.
وأين الحديث عن سائر أولاد أعمامه؟!
- أين بقية ذرية الحسين رضي الله عنه؛
مثل حفيده شهيد الكوفة زيد بن علي بن الحسين وسائر ذرية أولاده؟!
- أين ذرية الحسن رضي الله عنه؟
- أين حقوق هؤلاء؟
وهل هم من آل البيت أو ليسوا منهم؟!
وإن لم يكونوا منهم فمن الذي أخرجهم؟
وبأي دليل أخرجهم من آل البيت؟
هذه أسئلة وغيرها في معناها مما شابهها كثير،
توجه إلى عامة الاثني عشرية.
وقد ذهب بعض الاثنى عشرية إلى عدم حصر آل البيت بهؤلاء
وقال: هؤلاء هم الأئمة المعصومون،
وآل البيت أشمل وأعم، وربطها بصفات ([10]) .
فمن اتصف بتلك الصفات كان من أهل البيت.
ولكن هذا لا يكاد يوجد إلا في بطون بعض الكتب
أما الواقع فهو كما تشاهد.


إذًا:
مما سبق يظهر جليًا الفرق الشاسع بين أهل السنة
وبين مخالفيهم في بيان من أهم أهل البيت.

=================
([4])الحاكم في المستدرك (2/130).
([5])الترمذي (3759)، النسائي (8/33).
([6])الترمذي (3758)، أحمد (4/165).
([7])صحيح البخاري (ح: 2552).
([8])الحاكم في المستدرك (3/217)، والطبراني في الكبير (2/107).
([9])الحاكم في المستدرك (3/234).
([10])انظر: أهل البيت في الكتاب والسنة، لمحمد الريشهري.