- ثالثاً
حق تبرئة ساحتهم
مما ينسب إليهم كذبًا وزورًا،
وهذا من المطالب العالية.

فإن الدفاع عنهم لا يعني مجرد الرد على من يسبهم وتعزيره وتأديبه،بل يشمل ذلك
ويشمل الرد على من غلا فيهم، وأنزلهم فوق منزلتهم؛

فإن ذلك يؤذيهم
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كتابه الكبير (منهاج السنة) في الرد على من غلا فيهم.
ومما يؤكد أن الغلو فيهم يؤذيهم:
ما جاء في رجال الكشي([1])
عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين

عليهما السلام حيث قال:
«إن اليهود أحبوا عزيرًا حتى قالوا فيه ما قالوا،
فلا عزير منهم ولا هم من عزير،
وإن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا،
فلا عيسى منهم ولا هم من عيسى
وإنا على سنة من ذلك
إن قومًا من شيعتنا سيحبوننا
حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير،
وما قالت النصارى في عيسى بن مريم،
فلا هم منا ولا نحن منهم» ([2]) ([3]) .

- وقد أنكر جمع من علماء الشيعة على الغلاة منهم
وذكروا أشياء كثيرة من الغلو،لكن مع مضي القرون
أصبح هذا الغلو من ضروريات مذهب الاثنى عشرية وعقائدهم حتى قال أحد كبار علمائهم
– عبد الله محمد المامقاني أكبر شيوخهم في علم الرجال في هذا العصر –

قال: «إن القدماء – يعني من الشيعة –
كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعة غلوًا وارتفاعًا
وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال
كما لا يخفى على من أحاط خبرًا بكلماتهم» ([4]) .


=================
([1]) أهم وأقدم كتب الرجال عند الشيعة،
ألفه أبو عمرو محمد بن عمر الكشي من شيوخهم في القرن الرابع الهجري،
وقد هذبه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتابه (اختيار معرفة الرجال)
وهو المتداول المشهور.
([2])رجال الكشي (ص: 111).
([3])وانظر أيضًا الروايات عن أئمة آل البيت التي تبين تأذيهم من الغلو فيهم (ص: 51-52).
([4])تنقيح المقال (3/23) في علوم الرجال،
وله عدة مؤلفات، ولد عام: 1290 ت 1351
انظر الأعلام للزركلي (4/79).