بشرية آل البيت عليهم السلام



أيها القارئ الكريم!
لا يخفى عليك غلو اليهود في عزير

كما قال سبحانه:
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ }[التوبة: 30]

فقد رفعوه فوق منزلته، وأعطوه من خصائص الألوهية
– كما هو مشهور في كتبهم –
من علم الغيب، وتدبير الكون، والإيجاد
وهؤلاء لا شبهة لهم يحتجون بها
والذين لهم شبهة لا حجة لهم بها هم النصارى
فإن الحمل بعيسى وميلاده آية بذاتها، وهو روح من روح الله

قال سبحانه:
{ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا *
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا *
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا *
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا *

قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا }[سورة مريم].

فهذه الشبهة يحتج بها النصارى في جعلهم المسيح بن مريم ابن الله
وإعطاءه بعض خصائص المولى سبحانه وتعالى،
هذا مع ما أعطاه الله سبحانه وتعالى لعيسى عليه السلام من المعجزات والآيات،والتي ذكرها سبحانه في محكم التنزيل

فقال سبحانه:
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ...}[آل عمران: 49].

فغلوا في عيسى وجعلوه ابن الله
لا سيما وأن الله سبحانه وتعالى رفعه إليه

كما قال سبحانه:
{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ }
[سورة النساء].

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
بأنه سيكون في هذه الأمة من يتشبه باليهود والنصارى،
وقد تمثل هذا الجانب في غلو بعض الناس
في بعض آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- وبعضهم خص الغلو بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحجتهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من عيسى
– وهذا حق –

ثم إنهم قالوا:
إذا كان كذلك، فإن ما لعيسى عليه السلام
يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثله أو أكثر منه.

وقد نسي هؤلاء ما ذكره الله سبحانه
عن عبودية عيسى وعبودية محمد عليهما صلوات الله وسلامه.

قال سبحانه في حق نبينا صلى الله عليه وسلم :
{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا
وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }[سورة الكهف]،

وقال عز من قائل:
{ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ }[الكهف: 1]..،

{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ }
[الفرقان: 1]،

وهذا في مقام الوحي والاصطفاء
الذي هو من أرفع مقامات رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ونحوه في مقام الإسراء
كما قال سبحانه:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
[سورة الإسراء].

وكذلك في مقام التذلل والخضوع والطاعة لله سبحانه وتعالى،كما قال جل ذكره:
{ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ }
[الجن: 19].

وقد بيَّن الله عز وجل ما وقع من الحوار مع عيسى عليه السلام
وهو في غاية الوضوح والبيان،:
{ وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ
أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ
قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ
إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي
وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ *
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ
فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[سورة المائدة].

وفي أكثر من موضع قال الله عن عيسى عليه السلام ذاكرًا خطابه لقومه
{ إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ }
[آل عمران: 51].

وقال أيضًا:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا }
[سورة مريم]..

{ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ }
[المائدة: 72]،

{ مَا الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ }
[المائدة: 75].

فنرجو منك أيها القارئ الكريم
أن ترجع إلى الآيات في آخر سورة المائدة،
وتتلوها بتدبر وخشوع لتتعرف على حقيقة الأمر
فهذا مما ورد في حق نبينا محمد
وفي حق عيسى عليهما الصلاة والسلام.

والعجب كل العجب ممن غلا في الأئمة والأولياء،
واختلق الأساطير والأوهام ليسطرها في كتبه،
معارضًا بها كلام الله سبحانه وتعالى
بحجة أن الله على كل شيء قدير.
فجعلوا الأئمة فوق منزلة الأنبياء والرسل عليهم السلام!!!