بارك الله فيكم أخي الكريم رض مفصل رائع

تعقيب بسيط فقط بخصوص قول الشيخ الخطيب :

ذهب جمهور العلماء إلى أن هذا الحكم خاص بسالم ولا يتعداه إلى غيره وهذا في حد ذاته يثير إشكالية ينبئ عنها هذا السؤال:

لماذا الخصوصية وهل في التشريع خصوصية ؟ ولماذا لا يمضي الحكم مرتبطا بعلته وجودا وعدما فيوجد حيث توجد وينعدم حيث تنعدم ؟

أقول: إن الخصوصية هنا يبررها أنها الحالة الوحيدة التي نشأت عن حكم التبني الذي قرر القرآن تحريمه ، حيث كانت هذه الحالة قائمة وحاصلة فنزل التحريم طارئا عليها ، فحدث بعد ذلك ما حدث لأبي حذيفة من غيرة لدخول سالم بيته وقد صار أجنبيا عنه ولامرأة أبي حذيفة من وجْد لفراق سالم ، وأما في غيرها فغير متصور لماذا ؟ لأنه بقرار تحريم التبني أغلق الباب من البداية فلا يتصور تعلق امرأة بأجنبي تعلق امرأة أبي حذيفة بسالم لعدم إقرار السبب الذي أفرز هذا النوع من العلاقة وهو نظام التبني.

إذن فهي حالة لن تتكرر لعدم إقرار سببها وهو التبني ، أو بتعبير أكثر احترافا لن يحتاج إلى الحكم لانعدام حصول العلة بتحريم التبني. (1)
هذا الكلام غير دقيق فحالة سالم قد تتكرر حتى في وقتنا الحاضر ..

فمن المعلوم أن التبني عند الكفرة خصوصاً في دول الغرب ليس محرماً بل هو عمل خيري يسعى إليه الكثير هناك فإن حدث لأسرة تبنت طفلاً وربته وهي قائمة على تعليمه ومأكله ومشربه ثم من الله عليهم فأسلموا جميعاً فهل يُطرد الولد خصوصاً أن الحياة في هذا الزمان أصعب فيجد نفسه بلا مال ولا سكن مع أيضاً كسر قلب المرأة ..

فهذه حالة واقعية غير مستبعدة وتشبه حالة سالم لذا أقر شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وغيرهم جواز ذلك لمن كان حاله ووصفه كوصف سالم رضي الله عنه وعليه حُمل كلام عائشة رضي الله عنها وعطاء وغيرهم من السلف ممن رأى جواز ذلك .

قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" (2/313) : " والأحسن في الجمع بين حديث سهلة وما عارضه : كلام ابن تيمية , فإنه قال : إنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه ، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة ، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثّر رضاعه . وأما من عداه , فلا بد من الصغر . انتهى . فإنه جمع بين الأحاديث حسن ، وإعمال لها من غير مخالفة لظاهرها باختصاص , ولا نسخ , ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث " انتهى .
وإلى هذا الجمع ، ذهب ابن القيم أيضا رحمه الله ، وقال : " وهذا أولى من النسخ ، ودعوى التخصيص بشخص بعينه ، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين . وقواعد الشرع تشهد له والله الموفق " انتهى من "زاد المعاد" (5/593).