المحور الأول: حاجة الناس إلى الرسل (الدين):
مختلف, تحية طيبة وبعد:
الإنسان من حيث هو إنسان لديه طاقة حيوية، وهذه الطاقة الحيوية فيها إحساسات طبيعية تدفع الإنسان للإشباع، فهذا الدفع يكون مشاعر أو إحساسات، وهي تتطلب الإشباع؛ منها ما يتطلب الإشباع حتماً وإذا لم يشبع يموت الإنسان لأنه يتعلق بوجود الطاقة من حيث هو وجود، ومنها ما يتطلب الإشباع ولكن بشكل غير حتمي، فإذا لم يحصل الإشباع ينزعج ولكنه يبقى حياً، لأنه يتعلق بحاجات الطاقة لا بوجودها.
ولذلك كانت الطاقة الحيوية ذات شقين: أحدهما يتطلب الإشباع الحتمي، وهذا ما يطلق عليه الحاجات العضوية، وذلك كالجوع والعطش وقضاء الحاجة، وثانيهما يتطلب مجرد الإشباع، وهذا ما يطلق عليه الغرائز، وهي ثلاث: غريزة البقاء، وغريزة النوع، وغريزة التدين.
1. غريزة التدين من مظهرها التقديس والعبادة, فالإنسان بطبعه يشعر بالعجز والنقص والاحتياج؛ لذلك تراه يقدس من هو أعظم منه: المؤمن يقدس الله ويعبده, والملحد يقدس المادة ويجلها.
2. غريزة النوع من مظهرها الزواج والأبوة والبنوة والعمومة...إلخ. فالإنسان يميل إلى نوعه الإنساني, والذكر يميل للأنثى, والأنثى تميل للذكر. هكذا هو الميل الطبيعي؛ لذلك يعد ميل الرجل للرجل شذوذ, وميل الأنثى للأنثى شذوذ, وميل الإنسان للحيوان شذوذ.فرؤية المرأة الجميلة تثير في الإنسان الشهوة، ورؤية الأم تثير فيه الحنان، ورؤية الطفل تثير فيه الإشفاق, وهكذا هلم جرًّا.
3. غريزة حب البقاء من مظهرها حب التملك, وحب السيطرة, وحب التفاهم, وحب التجمع...إلخ.
ألا فاعلم أن الإنسان لديه شعور طبيعي بالبقاء والخلود، فكل ما يهدد هذا البقاء يشعر تجاهه طبيعياً، شعوراً حسب نوع هذا التهديد، بالخوف أو الإقدام، بالبخل أو الكرم، بالفردية أو التجمع، حسب ما يراه فيوجد عنده شعوراً يدفعه للعمل فتظهر عليه مظاهر من الأفعال ناتجة عن الشعور بالبقاء، وكذلك عنده شعور ببقاء النوع الإنساني، لأن فناء الإنسان يهدد بقاءه، فكل ما يهدد بقاء نوعه يشعر تجاهه طبيعياً شعوراً حسب نوع هذا التهديد، فرؤية المرأة الجميلة تثير فيه الشهوة، ورؤية الأم تثير فيه الحنان، ورؤية الطفل تثير فيه الإشفاق، فيشعر شعوراً يدفعه للعمل فتظهر عليه مظاهر من الأفعال قد تكون منسجمة وقد تكون متناقضة، وأيضاً فإن عجزه عن إشباع شعور البقاء أو بقاء النوع يثير فيه مشاعر أخرى هي الاستسلام والانقياد لما هو حسب شعوره مستحق للاستسلام والانقياد، فيبتهل إلى الله، ويصفق للزعيم، ويحترم القوي، وذلك نتيجة لشعوره بالعجز الطبيعي، فأصل الغرائز هو الشعور بالبقاء أو بقاء النوع أو العجز الطبيعي، ونتج عن هذا الشعور أعمال. فكانت هذه الأعمال مظاهر لتلك الأصول الطبيعية، وهي في مجملها يرجع كل مظهر منها إلى أصل من هذه الأصول الثلاثة، لذلك كانت الغرائز ثلاثة ليس غير.
والإنسان_ وَفْقَ ما هو مشاهد محسوس _له علاقات ثلاثة, ألا وهي: علاقة الإنسان مع نفسه المتعلقة بالمطعومات والمشروبات والملبوسات والأخلاق, وعلاقة الإنسان مع خالقه المتمثلة بالعقائد والعبادات, وعلاقة الإنسان مع غيره المتمثلة بالعقوبات والمعاملات.
زميلي مختلف, هذه مقدمة سوف نتناول في ضوئها أطراف الحديث عن حاجة الناس للرسل التي صدر عنها ما يسمى بـ(الدين).

وعليه, ألديك أي استفسار فيما سبق, أم أكمل فيما شرعت به؟

p,hv p,g hg]dk fdk hg]hud ,lojgt>