بعد التحية والسلام،


لما كنتَ مؤمنا بالله ليس غير, كان لا بدَّ من الاتكاء على الدليل العقلي في نقاشنا؛ لأنك لو آمنت بالقرآن لما فتحنا هذا الموضوع, والقرآن ليس حجة عليك ما لم تهتد بعقلك إلى أنَّه كتابُ حقٍّ وصدقٍّ, وإثبات ذلك يكون في بحث صدق نبوة النبي الأكرم محمد عليه أفضل صلاة وأتم تسليم.


إنّ مبحثنا هذا -حول صدق رسالة نبي اﻹسلام- لا يعطي الدليل الكافي والملزم أنّ القرآن كتابٌ كلّ ما فيه آتٍ من الخالق العظيم، فادعاء عدم تحريف القرآن (حتى لو تمّ إثبات صدقية الرسالة) هو شيءٌ آخر تماماً، وهذا مبحثٌ آخر لربما أتطرّق إليه إن اقتضت الحاجة. إذاً علينا أولاً إثبات أنّ
أ- الإنسان يحتاج للرسل باﻷدلة العقلية - في المداخلة التالية
ب-إثبات أنّ محمداً (ص) هو نبي من عند الله - باﻷدلة العقلية
ج – إثبات أن القرءان لم يخضع للتحريف شأنه كشأن باقي الكتب المسماة بالسماوية – باﻷدلة العقلية والمنطقية والتاريخية


إن تمّ إثبات كلّ ذلك بشكل لا يقبل مجالاً للشك، وقتها يمكن أن أقول أنّ نبوة محمد نبي اﻹسلام نبوة صحيحة لا يشوبها شائبة.
ملاحظة: إن إثبات فكرة كفكرة التدين، التي اعتبرتها أنت أهم غريزة وأوردتها أولاً، تحتاج لأكثرِ من دليل دامغ ساطع لا يقبل التأويل وهذا منطلقٌ من أهمية هذه الغريزة وأهمية الدين في حياة اﻹنسان- إن صحّ قولك- أما إثباتُ بطلانها فهو يحتاجُ لدليل نقضِ واحد لا أكثر!


ثمَّة أمران: الغريزة, ومظهر الغريزة؛ غريزة التدين هي في الملحد؛ لأنه_ أولا وأخيرًا _إنسان, ولكنَّ مظهر غريزة التدين لديه ليس العبادة, بل هو تقديس المادة, ومن ثَمَّ العلم. فتأمَّل.

ربما كلامك يكون واضحاً، ولكن ما الدراسة التي استندت عليها في تقسيم الغرائز إلى ثلاثة أنواع، منها التدين. وما الذي استندت عليه بالقول أن الملحد "يقدس" المادة؟


وضوحاً غريزة البقاء يمكنني ربطها -عقلياً- بغريزة النوع فلولا انجذاب الرجل لمرأة من نوعه، ولولا عاطفة الأم على ابنها لما استمر النوع، ولا بقي الجنس البشري (غريزة البقاء في النوع)! أما غريزة التدين فهي أقرب ما يمكن لغريزة الخضوع بحسب ويليام ماكدوغال [1]
والذي قسّم الغرائز إلى الكثير من اﻷقسام وكان منها المتعارضين (الخضوع ؛ السيادة)! طيب: إن ربطت أنا شخصياً وبشكل عقلي بحت، غريزتي الخضوع والسيادة بالتدين فالخضوع هو التعبد، ولكن ماهي السيادة؟ سؤال يحتاج لوقفة!


وأي أمر تأتي به سيندرج تحت الغرائز الثلاثة: التدين والنوع والبقاء.
هل السيادة والتسلط وحب السيطرة تندرج تحت أحد هذه البنود؟





تحياتي لك، لي عودة للتعقيب على المداخلة الأخرى.
أتمنى لك وللجميع يوماً جميلاً.
--------------------------------------------------------
[1] عالم النفس الانكليزي(ويليام ماكدوغال 1871-1938)