مختلف, تحية طيبة, وبعد:
1. قولك: (عزيزي, في الآية التالية من سورة الرعد, يتبين تماماً ما كان يظن محمدٌ سبب الظواهر الطبيعية- اﻵية 13):

- الآية هي: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾, (الرعد: 13).
- هذه الآية تتحدث عن تسبيح الرعد بحمد الله, وعن تسبيح الملائكة من خيفة الله.
- ليس كلُّ ما يسبح الله يكون عاقلا, بل يسبحه العاقل وغير العاقل, ودليله: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾, (الإسراء: 44).
- إذن, كون الرعد مما يسبح الله, ليس دليلا على أنَّه ملك.

- والآية لا تدلُّ على أنَّ الرعد ملك من الملائكة؛ لأنَّه ثمَّة عطف بينهما, وثمَّة فرق بتسبيحهما:
· الأصل في العطف المغايرة والاختلاف, وكون الملائكة معطوفين على الرعد هو دليل على أنَّ الرعد ليس من جنس الملائكة.
· إن قلنا: (كتب المعلم والطلاب), فهذا يعني أنَّ المعلم ليس طالبًا؛ بل هو منفصل عن الطلاب؛ لذلك حدث العطف.
· ولا يقال هنا: إنَّ عطف الملائكة على الرعد هو من باب: (عطف العام على الخاص) الذي يستخدمه البلاغيون في الإطناب الحسن_لا يقال هذا؛ لأنَّ الرعد يسبح بحمد الله, بينما تسبح الملائكة من خيفته, وشرط عطف العام على الخاص هو الاشتراك في الشيء نفسه على وجهه, وهذا لم نجده في الآية, فدلَّ ذلك على أنَّ الرعد ليس من جنس الملائكة.

- وعليه, فالآية لا تدلُّ على أنَّ الرعد ملك من الملائكة.

- نأتي لما أوردته من تفسير:
· يقول النبي: «إِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ السَّحَابَ, فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ, وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ», رواه أحمد. التعليق: لا يدل هذا الحديث على أنَّ الرعد ملك من الملائكة.
· قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي، عن محمد بن مسلم قال: بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه: وجه إنسان، ووجه ثور، ووجه نسر، ووجه أسد، فإذا مصع بذنبه فذاك البرق. التعليق: هذا لا أصل له من كتاب ولا سنة، وهو من الخيال.
- ونأتي للحديث الشريف عندما سئل النبي عن الرعد, فأجاب: «مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، بِيَدِهِ أَوْ فِي يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ, يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ», رواه أبو نعيم. التعليق: ممن ذكر هذه الرواية بكير بن شهاب, وقد تفرد بها, وخالف الثوريَّ والأعمش, فهي زيادة شاذة منكرة. قال أبو نعيم:" غريبٌ من حديث سعيد بن جبير، تفرَّدَ به بُكير". وعليه, فهذه الزيادة لا تصح, وهي منكرة.
- إذن, لم يثبت بالوحي أنَّ الرعد ملك, بل هي تفسيرات يخطئ بها البشر ويصيبون, وإن أردنا أن نطعن بالإسلام, فلا يكون الطعن بقول المفسرين الذي لا يكون لغويا محضًا, بل بالقرآن والأحاديث. فتأمَّل.

2. اعلم أنَّ الأحاديث التي كانت متواترةً لا تعارض أيَّ حقيقة يثبتها العلم, والأحاديث الصحيحة إن فهمت كما ينبغي أن تفهم لا توجد بها معارضة.

3. والبرق متصل بالرعد, وقد وصف النبي البرق بأدق الوصف عندما قال: «أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟», رواه مسلم.

- هذا الحديث فيه تبيان لأطوار البرق, وفيه الزمن لهذه الأطوار.
- لقد ثبت علميًّا بواسطة الآلات التي تصور أكثر من ألف صورة في الثانية أنَّ للبرق طورين: طورًا يصل فيه للأرض, وطورًا يعود للسحاب, وهذان الطوران يحدثان بالزمن الذي تستغرقه طرفة العين تماما.
- أليس في هذا الوصف النبوي للبرق ما يدلُّ على أنَه ينطق بالوحي؟!