مختلف, تحية طيبة, وبعد:
1. قولك: (قد قلت أنت...: إن لفظ (يسبق) يعني نفس المدار, أما (يدرك) فهو يعني أنهما ليسا على مدار واحد, وهنا سؤالان أنت مطالب_ جداً _بإجابتهما: ما هو المرجع العلمي الذي استندت عليه, وحدد أن الإدراك يعني أن الشيئين المُدركين أحدهما للآخر لا يكونان على نفس المدار؟ وما هو المرجع العلمي الذي استندت عليه لفهم أنّ هذا إعجازٌ؟):
- أنا لم أقل: إنَّ لفظ (يسبق) يعني نفس المدار, بل قلت: عندما تحدث عن نفس المدار استخدم لفظ (يسبق).
- ثمَّ إنَّني لم أقل: (يدرك) يعني أنَّهما ليسا على مدار واحد, بل قلت: عندما تحدث عن مدارين مختلفين استخدم لفظ (تدرك).
- لو قمنا بعكس الفعلين لكان خطئا, أمَّا خطأ (لا الشمس ينبغي لها تسبق القمر) فقد بينته سابقًا, وأمَّا خطأ (ولا الليل مُدرِكُ النهار) فلأنَّه خلاف الواقع؛ لأنَّ الليل مدرك النهار؛ لأنَّ أول الليل ملاصق لآخر النهار, وبهذا حصل الإدراك, ولكنه لم يحصل السبق.
- أنت قلت: (يظن محمد أنَّ الشمس والقمر متلاحقان), فبينت لك أنَّه لا يلزم من لفظ (تدرك) أن يكون الشمس والقمر متلاحقين, وبينت لك أنَّ الاختلاف في الحديث عن كلٍّ من (الشمس والقمر) و(الليل والنهار) فيه إشارة إلى اختلاف المدار.
- بالنسبة لسؤالك الأول: فهو مبني على سوء فهم, فأنا لم أقل ما توهمته بالسؤال, بل قلت: فيه إشارة.
- وبالنسبة لسؤالك الثاني: فقد أثبت العلم أن الشمس والقمر في مدارين مختلفين, وأثبت ذلك أنَّ استخدام لفظ (تدرك) فيه دقة علمية.
- وبالنسبة للفظ (تلحق): فإنَّه يلزم منها أن تكون الشمس والقمر في مدار واحد, ولو كانت الآية: (لا الشمس ينبغي لها أن تلحق بالقمر) لكانت خطئا؛ لأنَّ الشمس أسرع من القمر. فتأمَّل.

2. قولك: (فأنت قد قلت عن آية اللواقح:" وصف الرياح بأنَّها تأتي لواقح هو مجاز؛ لأنَّ أصل استخدامها هو فيما يحدث بينهما لقاح". لماذا هنا لم تأخذ المعنى الدقيق كما في حالة "يرسل الرياح", وحالة "يثير سحاب", وحالة "يدرك القمر", وحالة "يسبق النهار"؟ لعلّ المانع خير! بل أخذت -هاهنا- المعنى المجازي؛ لماذا؟ لا تجيب؛ أنا سأجيبك:ﻷنه يوافق رأيك بأن اﻵية معجزة- وهذا لعمري "ليّ عنق الكلمات" يا عزيزي):
- أنا أخذت المعنى الدقيق.
- المعنى المجازي لا يتنافى مع المعنى الدقيق, وإنَّني مستغرب قولك هذا, بحقٍّ.
- لماذا قلنا مجاز؟ الجواب: إذا كان وصف الريح بأنَّها لواقح حقيقيًّا وليس مجازيًّا, فهذا يعني أنَّ للريح عضوًا ذكريًّا, ينتج حيوانات منوية, ويوجد للسحاب فرج, ومبيض ينتج بويضات, وتحصل عملية مضاجعة بين الريح (الذكر) والسحاب (الأنثى). فهل ثمَّة عاقل يقول بهذا؟!
- وعليه, فثمة مجاز (استعارة) في وصف الريح بأنَّها لواقح, وهذا أمر بدهي لدى من لديه أدنى معرفة بالغة العربية, فهل علمت لماذا طرحت عليك أسئلة لها صلة بالبلاغة؟
- بناء على هذا, يتبين عوار قولك فيما يخص هذه الآية.
- وكل المفسرين قد فسروا الآية بما يتفق مع الاكتشافات العلمية, ولا نصنع إعجازًا كما تزعم!!

3. أنت منزعج من قولي: (انتبه واحذر, ولا تتعثر), وتفهمه بشكل خاطئ حيث تعتبره تهديدا, فمعناه: انتبه من الفهم الأعوج, واحذر من الوقوع فيه, ولا تتعثر بفهمك المعوج.

4. قولك: (وأزيدك دليلاً على صحة رأيي–تفضل: عندما أعطيتني أمثلة تثبت دقة القرآن باختيار أن الريح شر والرياح خير_ رغم عدم وجود دلالة لغوية على ذلك _كنت وقتها تثبت أن القرآن لا يختار ألفاظاً بطريقة عشوائية, ولكنه بإرسال السحب عمم, وقال: يستبشرون! من؛ نصفهم؟ أم ربعهم؟ لا يا سيدي, بل كلهم):
- الدلالة اللغوية تحصل من تتبع استخدام اللفظ, وبعد تتبع استخدام لفظ (الريح) وجدناه منوطا بالغضب والشر, وبعد استخدام لفظ (الرياح) وجدناه منوطا بالرضا والخير.
- إن لم تقتنع بطريقة الاستقراء التي اعتمد عليها واضعو المعاجم والقواميس اللغوية, فعليك أن تقتنع بالحديث الشريف الذي ذكرته لك: «اللهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا», رواه الطبراني. فهل بعد هذا من شك؟
- والذي يستبشر هم الكل؛ لأنَّ الرياح تثير سحابًا فيه سقيا رحمة, وليس طوفان وغرق.

5. تعليقك على جملة: (فتثير سحابا) تجلى فيه كبرك وعنادك, فمجرد إعطاء حقيقة علمية, وهي: (الرياح هي التي تنشئ السحاب) ينبغي لك أن تقرَّ, وليست لغة القرآن إلا لغة أدبية, تقدم الحقيقة العلمية.

6. بالنسبة لحديثك عن تسبيح الرعد, فلا أدري إن كان ربُّك عاجزًا من أن يجعل الأشياء تسبح بحمده ومنها الرعد, وتسبيح الرعد ليس مدركًا لنا, والآية واضحة: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾, (الإسراء: 44). فبما أنَّك لا تفقه تسبيح الرعد, فلماذا تتحدث عن شيء تجهل به, وأنت لا تتحدث إلا فيما كان ماديًّا, أما ما كان غيبيًّا, فهو ليس خاضعًا للتجارب العلمية, يا زميل.

7. قولك: (إن لا, فالأحاديث حجة عليك, وتضعيفها هو تضعيف لا يعتد به, فأنت أنكرت إضافة في حديث ﻷنها نقلت فردية! وهل نقل القرءان جمعاً...؟):
- قبل أن تكتب حرفًا, افهم ما تقرأ.
- لم أنكرها؛ لأنَّها نقلت فردية, بل لأنَّها شاذة, فيها مخالفة للثقات, فهلا عرفت ما تقرأ!!
- القرآن بلغ حافظو آياته التواتر, فكله قطعي الثبوت, ولا تقبل أي آية نقلت بالآحاد.

8. قولك: (ملاحظة يا عزيزي: يكفيني اعترافك بأن السحاب ينطق ويضحك حتى لو لم يكن ملاكاً؛ فكون السحاب يضحك ويسبح ويتكلم فهذا تماماً يدلني -أنا اللاديني- على أنني على صواب!):
- وهذا يدلني تماما_ أنا المؤمن _أنَّ الخل في تفكيركم هو سبب زيغكم وضلالكم.
- أنت لا تستطيع التفريق بين الحقيقة والمجاز, ثمَّ تزعم أنَّك تتكلم بالحجة والبرهان, كفاك تحقيرًا لعقلك.
- ضحك السحاب ونطقه مجاز, يقول أبو بكر البخاري الحنفي في كتابه: (بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار):" «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْشِئُ السَّحَابَ، فَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، وَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَضَحِكُ السَّمَاءِ صَبَّةُ الْمَاءِ، فَقَدْ عَبَّرَ عَنْ صَبِّ الْمَاءِ بِالضَّحِكِ".
- وهذا الأمر يدل على قصورك في أساليب العرب في كلامهم, فهل سمعت قول ابن مطير الأسدي: (كلّ يومٍ بأقحوانٍ جديدٍ ... تضحك الأَرْض من بكاء السّماء)؛ فضحك الأرض هو إخراج بتها وورودها وزهورها.
- يقول أبو الحجناء: (فَبكى الْغَمَام بِهِ فَأصْبح روضه ... جذلان يضْحك بالجميم ويزهر), فالبستان يضحك بإخراجه الزهور والورود.
- ويقول مسلم: (مستعبرٌ يبكي على دمنةٍ ... وَرَأسه يضْحك مِنْهُ المشيب), أي يظهر.
- يقول دكين: (جنّ النّبات فِي ذراها وزكا ... وَضحك المزن بِهِ حتّى بَكَى), المزن السحاب, وهو يضحك بنزول المطر الذي هو بكاؤه.
- هذه بعض أقوال الشعراء التي تبين الاستخدام المجازي للفظ (الضحك), وتبن كيف ينبغي لك أن تفهم الحديث بضوء البلاغة, فهل عرفت لماذا طالبتك بأمور لغوية, يا زميل؟

9. قولك: (وهل الريح تقارن بسرعة البرق؟ وهل الطير يقارن بسرعة البرق؟):
- من الذي أعلم محمدًا أنَّ للبرق طورين مع أنَّ ذلك لا يدرك بالعين المجردة؟
- من الذي أعلم محمدَّا أن الطورين يحدثان في طرفة عين تمامًا مع أنَّهما لا يريان بالعين المجردة؟
- عجبت من أسئلتك, فمن الذي قارن الريح والطير بالبرق؟
- كلما كان المرء تقيا كان مروره عن الصراط أسرع؛ منهم كمر البرق, ومنهم كمر الريح, ومنهم كمر الطير, ومنهم كمر الخيل, ومنهم من يزحف.
- قولك: (وهل طرفة العين هي وحدة قياس يا عزيزي؟):


- ماذا أقول لك إذا استخدم علماء ناسا المقياس نفسه؟
- يقول عبد الدائم كحيل: لقد أعطانا هذا الحديث لمحة إعجازية مبهرة في قوله: (في طرفة عين) وهذا ما دفعني لتأمّل هذه العبارة. وبما أن النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى وكل كلمة نطق بها هي وحيٌ من عند الله تبارك وتعالى فعندما يقول ويؤكد أن هذا البرق هذا المرور والرجوع يحدث في طرفة عين فهذا كلام حقّ، وهذا ما دفعني لتأمل هذا الحديث فتساءلت: ما هو الزمن اللازم لومضة البرق؟
بعد دراسة معمقة في أحدث الأبحاث العلمية حول هذه الظاهرة وجدت أن العلماء جميعاً يتفقون على أن الزمن اللازم لومضة البرق الواحدة وسطياً يقدّر بعشرات الميلي ثانية، والميلي ثانية هي جزء من الألف من الثانية، وعندما نقول عشرات الميلي ثانية، يعني عشرات الأجزاء من الألف من الثانية، يعني قد يكون عشرين ميلي ثانية، وقد يكون ثلاثين أو أربعين حتى المائة تقريباً.
وعندما بحثت عن الزمن اللازم لطرفة العين وجدت علماء النفس وعلماء الفيزياء يؤكدون أن الزمن اللازم لطرفة العين يقدّر أيضاً: بعشرات الميلي ثانية، فقد يكون عشرين ميلي ثانية، أو ثلاثين، أو أربعين وهكذا حسب الحالة النفسية للإنسان، وحسب العمر، وحسب الحالة الصحية له، يختلف من إنسان لآخر ولكن هذا الزمن يقدّر بعشرات الأجزاء من الميلي ثانية.
- هل العلم الحديث مدرك الكون كله حتى يتحدث عن جهنم؟! لماذا تخلط بالأمور الغيبة والعلمية؟

10. أتحداك أن تثبت هذا الكلام علميا: (أولاً ليس كل البرق له طورين ومنه من يكون أساساً من اﻷرض باتجاه السماء وهذا سببه أن اﻷرض والغيوم هما طرفي مكثفة عملاقة والشراراة هي تفريغ يحدث بأي من الاتجاهين وليس طورين!!), ويكفي التوثيق.
11. هذا ما أثبته العلماء: هنالك أنواع عديدة للبرق، برق يحدث بين الغيمة وبين الأرض، وهنالك برق يحدث بين غيمة وغيمة أخرى، وهنالك برق يحدث بين الغيمة والهواء المحيط بها، وهنالك برق أيضاً يحدث بين طبقات الجو العليا وبين الغيوم، وهنالك برق يحدث في الصيف، وآخر في الشتاء، هنالك أنواع لا تحصى من هذا البرق، ولكن هذه الأنواع جميعاً تشترك في نفس المبدأ، أي أن آلية أو هندسة حدوث البرق هي ذاتها، فأي ومضة برق حتى تحدث لا بد أن ينطلق شعاع من الغيمة باتجاه الأرض ثم يعود، يمرّ ويرجع.
12. قولك: (ما هو الدليل على أن الناس في عصر محمد كانت تظن أن الغيوم تحرك نفسها بنفسها؟ أراك لم تأتني بالدليل لعلّ المانع خير!):
- نعم, خير.
- أبحث عن مظانها في كتب القدماء.

13. وفي الختام, نظم مداخلتك أكثر, ولا تسفسط كلاما غير لازم.