الدعوة جهارا


بسم الله الرحمن الرحيم " و أنذر عشيرتك الأقربين" الشعراء

و بهذا الأمر المباشر من الله انتقلت الدعوة من كونها سرية الى الجهر بها

فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بدعوة بنى هاشم فاجتمع لديه خمسة و أربعون رجلا وقبل أن

ينطق رسول الله بادره أبو لهب - لعنة الله عليه - فقال :

"هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك، فتكلم ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة و أنا أحق من أخذك فحسبك بنو أبيك و إن أقمت ما أنت عليه فهو أيسرعليهم من أن يثب بك بطون قريش وتمدهم العرب فما رأيت أحدا جاء على بنى أبيه بشر مما جئت به "

فسكت رسول الله فى ذاك المجلس ...

ثم دعاهم مرة أخرى فقال " إن الرائد لا يكذب أهله ، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم ، ولو

غررت الناس جميعاً ما غررنكم ، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة ، وإلى الناس

كافة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون

بالإحسان إحساناً ، وبالسوء سوءاً ، وإنها لجنة أبداً أو لنار أبداً "

فرد عليه أبو طالب و طلب منه أن يمض فى دعوته و أنه سوف يحميه و أنه مصدقه و حاميه ولكن نفسه لا تطاوعه على فراق دين عبد المطلب

فرد عليه أبو لهب الملعون " هذه والله السوأة خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم "

فقال أبو طالب " والله لنمنعه ما بقينا "

***************

و بعدما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ان أبا طالب تعهد بحمايته انتقل الى المرحلة التالية

و هى أن يخطب فى الناس فصعد جبل الصفا و نادى على بطون قريش فاجتمعوا لديه فقال لهم :

"أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقى ؟ " قالوا : نعم , ما جربنا عليك إلا صدقا

فقال خاتم الأنبياء صلى الله عليه و سلم " فإنى نذير لكم بين يد عزيز شديد "

فرد أبو لهب - لعنة الله عليه - : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟

فأنزل الله فيه " تبت يدى أبى لهب و تب "

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ردود فعل المشركين


أنزل الله تعالى قوله الكريم " فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين "

فأخذ رسول الله يحقر من الأضنام و يبين أنها لا تنفع ولا تضر ولا تغنى من الله شيئا ...

فانتفضت قريش غضبا لهذا الأمر لا غيرة على ألهتهم ولكن خوفا على سلطتهم و أموالهم فالإيمان

بالله وحده لا شريك له يعنى التفويض الكامل له فلا يبقى لهم خيار لا فى أموالهم ولا فى أنفسهم و

معنى هذا انتهاء كبريائهم و سلطتهم على العرب و امتناعهم عن المظالم التى كانوا يفعلونها باسم

الدين و عن السيئات التى يفعلونها ليل نهار و امتناعهم عن تلك الساقطات السافلات اللاتى ترقصن

لهم فى الليل



ولكن ماذا يفعلون أمام رجل صادق أمين ما عهدوا عليه كذبا أو نفاقا !!!!


فلم يجدوا الا أنهم ذهبوا الى عمه أبا طالب فطلبوا منه أن يجعل ابن أخيه يكف عما يفعله فردهم أبو طالب ردا جميلا

فتركوه و مضى نبينا الكريم فى دعوته الكريمة ...

******************************

ولكن هناك كارثة على الأبواب !!!
لقد قرب موسم الحج ... مما يعنى أن كل بطون العرب ستأتى الى مكة للطواف بالبيت .. فماذا ستقول قريش للعرب فى أمر محمد ؟؟

فانطلقوا الى الوليد بن المغيرة ليستشيروه فكان هذا الحوار بينهم ...

قال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد

سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم

بعضه بعضا ؛ قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به ، قال : بل أنتم فقولوا أسمع

؛ قالوا : نقول كاهن ، قال : لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه

؛ قالوا : فنقول : مجنون ، قال : ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ، ولا

تخالجه ، ولا وسوسته ، قالوا : فنقول : شاعر ؛ قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه

وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا : فنقول : ساحر ؛ قال : ما هو

بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛ قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟

قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة - قال ابن هشام : ويقال لغدق - وما

أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو

سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته .

فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه

، وذكروا لهم أمره
.

و قيل أنه قبل أن يقول لهم رأيه فكر مليا فنزلت فيه الأية " إنه فكر وقدر ( 18 ) فقتل كيف قدر ( 19 ) ثم قتل كيف قدر ( 20 ) ثم نظر ( 21 ) ثم عبس وبسر ( 22 ) ثم أدبر واستكبر ( 23 ) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ( 24 ) إن هذا إلا قول البشر ( 25) " المدثر

و كان أبو لهب دائما خلف النبى كلما دعا الناس الى الله قال لهم أبو لهب : لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب

ولكن الله أمره نافذ فانتشرت سيرة محمد فى جميع بطون العرب و فى بلاد العرب كلها

فلم تجد قريش بدا من محاربته و القضاء على دعوته فاختاروا أساليب لقمع تلك الدعوة تتلخص فى :

1- الاستهزاء و السخرية والتكذيب و التحقير وقصدوا بها تخذيل المسلمين و اضعافهم فنعتوا النبى
الكريم - لعنه الله عليهم - بالكذاب و المجنون و الساحر و الكاهن و قد ذكر الله تلك الأحداث فى مواضع عده فى سورة الحجر و ص و القلم و الأنعام و المطففين


2- تشوية تعاليم الدعوة و اثارة الشبهات و بث الإدعاءات الكاذبة حول القرأن و حول ذات النبى عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام و سنتعرض لتلك الشبهات البالية لاحقا

3- مساومات حاولوا بها أن يوفقوا بين الإسلام و الجاهلية فعرضوا أن يتركوا بعض ما هم عليه على أن يترك بعض ما هو عليه فنزل قول الرحمن " ودوا لو تدهن فيدهنون "

و عرضوا أن يعبد محمد الهتهم عام و يعبدوا هم اله محمد عام و قالوا له لو قبلت الهتنا نعبد الهك
وروى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما كان يطوف بالكعبة استوقفه الأسود بن عبد المطلب و الوليد بن المغيرة و أمية بن خلف و العاص بن وائل فقالوا له :

" يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد و لتعبد ما نعبد فنشترك نحن و أنت فى الأمر فإن كان الذى تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه و ان كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه "
فأنزل العلى الكريم " قلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) "

و بتلك الأية القاصمة انتهت كل محاولات قريش للمفاوضة و بدأ عهد جديد ألا و هو

(عهد الإضطهادات )



يتبع الشبهات المثارة فى تلك الفترة ....