اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فــارس الإســلام مشاهدة المشاركة
موضوع رائع ومتميز

لكن القائلين بعدم الأخذ بأخبار الآحاد يقولون أنه قد يحصل وهم أو شك من الراوي

فكيف نرد عليهم ؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

سأجيبك يا أخي الفاضل عن هذا السؤال بفائدة سمعتها من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مقدمة شرحه لكتاب بلوغ المرام

فرّق رحمه الله بين مفهومين،العلم والمعرفة،فالعلم هو ما يُبنى على اليقين الجازم القطعي الثبوت

وقال عن المعرفة رحمه الله،أنها تشمل ما هو يقين وقطعي،بالإضافة إلى ماهو ظني غالب للصحة نتيجة الاجتهاد

وذكر الآية التي تقول" إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ "،فقال بأن الظن المذموم هنا ما يكون في وجود ما هو يقيني وقطعي الثبوت أو حتى غالب راجح إلى الصحة ولو لم يكن يقينياً،ويلجأ من يتبع الظن المذموم إلى الشبهات وما يتوافق مع هواه.
وقال بأن الظن المحمود هو المقصود في الحديث عن عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا حكم الحاكم، فاجتهد وأصاب، فله أجران. وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد" متفق عليه.
والحاكم هنا هو من تولى الحكم بعلمه وفقهه على قضية معينة،وزاد بدليل آخر وهو حديث ابن صياد الطويل الذي كان يشك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه هو الأعور الدجال،ونص الحديث هو التالي
حدثنا
عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد الحلم فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال لابن صياد تشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول [ ص: 455 ] الله فرفضه وقال آمنت بالله وبرسله فقال له ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا فقال ابن صياد هو الدخ فقال اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله"ما يهمنا في هذه الرواية الطويلة التي ذكرت في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متعددة،أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان " يقسم امام النبي انه هو الدجال والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينكر عليه"مع أنه ظن ولكنه غالب للصحة،فالإسلام سعة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها،لكن هؤلاء يصفوننا بالمتشددين والواضح من تكلفهم في هذه القضية أنهم هم المتشددون كما رأينا،وأرجو من الله أن أكون قد وُفقت في الإيضاح ،وما كان من صواب وسداد وتوفيق فمن الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء،وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأمهات المؤمنين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.