مع أن ما قلته كان مختصراً إلا أنني أرى أنه يوضح حقيقة أنه (لا إله) (إلا الله) فنفي الإله عن المخلوقات حقيقة محسوسة لا تحتاج إلى دليل نقلي أو عقلي لإثباتها كما أن الشمس لا تحتاج إلى إثبات..

وسأتحدث الآن عن الشق الثاني من هذه الكلمة الطيبة وهو الذي يتضمن إثبات الإلهة مطلقاً لله تعالى بمعنى أن له كل شيء مطلقاً خالصاً بمعنى أنه له حقيقة بذاته ولذاته فهو الذي أوجده وهو الذي هو قادر على التصرف فيه بشكل مطلق وهو الذي يحدد ما يجري عليه أثناء وجوده وهو الذي يحدد متى يوجده وهو الذي يحدد متى يفنيه... الخ..

إن ما ذكرته هنا لا ينطبق إلا على الله تعالى فقط.. ولذلك فإنه لا شيء يخضع في الحقيقة إلا لله تعالى فقط.. ولا شيء لغير الله تعالى..

ومن هنا فإن الإلهة يجب أن تفهم على إطلاقها بلا اي قيد أو استثناء وأن هذه الإلهة لا يمكن أن تكون إلا لله تعالى..

إن فهم (لا إله إلا الله) يعني فهم كل شيء وعدم فهمها يعني عدم الفهم لأي شيء! (أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أم من يمشي سوياً على صراط مستقيم)..

إن معنى لا إله إلا الله أنه لا حق لأحد من الخلق في شيء إلا إذا أعطاه هذا الحق صاحب الحق الحق وهو الله تعالى.. وليس لأحد أن يتصرف في شيء من الخلق إلا بإذن ممن له الخلق والأمر سبحانه وتعالى..

إن معنى (لا إله إلا الله) أن الله تعالى له أن يخلق ما يشاء متى شاء وكيف شاء على الصورة التي يشاء في المكان الذي يشاء ثم إن له ان يفنيه متى شاء وكيف شاء..

ثم إن له سبحانه أن يحدد لهذا المخلوق عملاً أو حركة أو وضعاً كما يشاء منذ وجوده إلى إفنائه..

كما أن له سبحانه أن يميز أي مخلوق من مخلوقاته بما شاء وله أن يرتب على هذا التمييز ما يشاء ويأمر خلقه بما يشاء تجاه هذا التمييز..

كما أن له سبحانه أن يأمر بما شاء وينهى عما يشاء..

كما أن له سبحانه أن ينسخ أمره أو يزيد عليه أو ينقص منه أو يبدله بغيره..

كما أن له سبحانه أن يثيب من شاء على امتثاله لأوامره ونواهيه وله أن لا يثيب وهذا حقه وهذا حقه وليس لأحد عند الله تعالى شيء إلا ما ألزم نفسه به سبحانه..

ثم إن له سبحانه أن يحدد الثواب كيف يشاء في الدنيا او في الآخرة أو فيهما معاً وله أن يضاعف لمن يشاء وله أن يحبط عمل من يشاء وله ا، يقبل ممن يشاء وله أن لا يقبل ممن يشاء..

كما أن له سبحانه أن يعاقب على عدم امتثال أمره ونهيه وله أن لا يعاقب وله أن يعفو عمن يشاء وله أن يعذب من يشاء وله أن يضاعف العذاب لمن يشاء..

ثم إن له سبحانه أن يجعل العذاب في الدنيا -قدراً (كالحوادث والابتلاءات) أو شرعاً (كالحدود)- أو في الآخرة أو فيهما وهو الذي يقدره في كل الأحوال..

كما أن له سبحانه أن يخبر عباده بماشاء ويطلع على غيبه من يشاء ويمنع منه من يشاء سواءً عن نفسه المقدسة أو عن مخلوقاته..

كما أن له أن يستر من يشاء ويفضح من يشاء...الخ

كل هذا -وكل شيء مما ذكرنا وما لم نذكر- حق مطلق لله رب العالمين.. وليس لغيره شيء منه مطلقاً.. كما يشهد الخلق أنفسهم بذلك على أنفسهم..

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..