إخواني الكرام أعتذر مرة أخرى على التأخير..

مما سبق علمنا أن (لا إله إلا الله) هي بالفعل منهج للحياة يسير المسلم على أساسه.. فهي قاعدة علمية حقة مطلقة لا شبهة حولها ولا شكوك.. وبذلك تفترق عن القواعد العلمية التي يضعها البشر والتي لا يخلو شيء منها من استثناء أو قيد أو قصور بشكل أو بآخر..

إن الذي يعلم أنه لا إله إلا الله يعلم معنى الحياة التي يحياها.. والذي يفهم معنى (لا إله إلا الله) يفهم كل شيء حوله ويفهم كل ما يجري حوله..

ولكن الذي يميز هذه الكلمة الطيبة وهذه القاعدة العلمية المطلقة أنها إذا لم تطبق عملياً فإنها تنسى بسرعة.. وإذا لم يتمسك بها من يشهد بها فإنه سينجرف خلف شبهات كثيرة يسميها مطلقوها قواعد أو أصولاً أو مبادئ أو منطلقات...الخ..

كما أن مما يميز هذه القاعدة العظيمة أن من لم يستذكرها دائماً وأبداً وبشكل مستمر فسوف ينسى معناها لما ذكر سابقاً ولغيره..

لذلك فليحذر المسلم أن ينجرف وراء هذه الشبهات التي لا شيء منها حقيقياً بل لن يجده بصلابة قاعدة (لا إله إلا الله)..

ليتذكر المسلم أنه (ليس له شيء) بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. ولو توهم أن له شيئاً -أي شيء حتى لو كان أظفره!- فليتذكر أنه سيموت فما يلبث أن يترك هذا الشيء ويتركه هذا الشيء!! إذن فليس له شيء.. وهذا يعني أنه لا يملك التصرف بهذا الشيء إلا بإذن من مالكه فليس من حقه النظر إلى هذا الشيء أو لمسه أو شمه أو ذوقه أو الإمساك به أو تغيير مكانه...الخ إلا بإذن من الذي يملكه ملكاً حقيقياً مطلقاً.. (والحمد لله تعالى الذي أباح لنا من ملكه ما لا يحصى ولا يعد من الأشياء ولم يحرمنا أو يحرم علينا سوى ما يعد على الأصابع)

إن أكثر الناس يظنون أن لهم من الأمر شيئاً فيتجاوزون أوامر الإله الحق الذي لا إله غيره ويتجاوزون نواهيه ومنهم من يصرح بأن ذلك استكبار منهم كما فعل أول هؤلاء وسيدهم إبليس! ومنهم من يلف ويدور ويزعم أن هذا من أجل المصلحة أو أنه اجتهد (دون إذن من الإله الحق الذي له الأمر وإليه يرجع الأمر كله).. وهناك من يعترف بخطئه وهم خير بني آدم كما فعل أبوهم الكريم عندما قال: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ).. وهو ما حث عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال بوحي من ربه الإله الحق: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)..

هؤلاء الذين يتجاوزون أمر الله تعالى ونهيه كثيرون والأسباب التي يعلنونها كثيرة ولكن كل من يظل معترفاً بأن الأمر كله لله تعالى وأنه أخطأ بمعصيته لله تعالى وأن من لله تعالى أن يمنعه مما شاء ويلزمه بما شاء وأن لله تعالى أن يعاقبه على ما فعل كما أن له أن يغفر له.. فهذا هو الذي يعلم أنه لا إله إلا الله.. وهذا الذي يقبله الله تعالى..