اللهم صل وسلم على نبينا..

الجميع يدمى قلبه لما يحدث في عالمنا وحال إخواننا في كل مكان_نسأل الله أن يعيذنا وإياهم من الفتن وأن يحقن دماءهم_


فدونكم ما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بفعله حيال هذه الأحداث:

ـ عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها ‍قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ‍قال : تودون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم )) (161) ( متفق عليه ) .
(( والأثرة )) الانفراد بالشيء عمن له فيه حق .
52 ـ وعن أبي يحي أسيد بن حضير ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا من الأنصار قال : يا رسول الله ، ألا تستعملني كما استعملت فلانا ؟ فقال (( إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض )) (162) ( متفق عليه ) .
(( وأسيد )) بضم الهمزة . (( وحضير )) بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة ، والله أعلم .

الشرح

هذان الحديثان : حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وحديث أسيد بن حضير ـ رضي الله عنه ـ ذكرهما المؤلف في باب الصبر لأنهما يدلان على ذلك .
أما حديث عبد الله بن مسعود فأخبر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنها ستكون بعدي أثرة ) والأثرة يعني : الاستئثار بالشيء عمن له فيه حق .
يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أنه سيستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاؤوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها .
وهذه أثرة وظلم الولاة ، أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق ، ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين . ولكن قالوا : ما تأمرنا ؟
قال : (( تودون الحق الذي عليكم )) يعني : لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم ، بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوا الأمر الذي أعطاهم الله (( وتسألون الله الذي لكم )) أي : اسألوا الحق الذي لكم من الله ، أي : اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم ، وهذا من حكمة النبي صلي الله عليه وسلم ؛ فإنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ علم أن النفوس شحيحة ، وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم ، ولكنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير ، وذلك بأن نؤدي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة وعدم منازعة الأمر وغير ذلك ، ونسأل الله الذي لنا ، وذلك إذا قلنا : اللهم اهدهم حتى يعطونا حقنا ، كان في هذا خير من جهتين .


وفيه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أخبر بأمر وقع ، فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون المال ، فنجدهم يأكلون إسرافا ، ويشربون إسرافا ، ويلبسون إسرافا ، ويسكنون ويركبون إسرافا ، وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة ، ولكن هذا لا يعني أن ننزع يدا من طاعة ، أو أن ننابذهم ، بل نسأل الله الذي لنا ، ونقوم بالحق الذي علينا .

وفيه ـ أيضا ـ استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة ، فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها ، ولكن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمر بالصبر على هذا ، وأن نقوم بما يجب علينا ، ونسأل الله الذي لنا .

أما حديث أسيد بن حضير ـ رضي الله عنه ـ فهو كحديث عبد الله بن مسعود أخبر النبي صلي الله عليه وسلم (( إنها ستكون أثرة )) ولكنه قال : (( اصبروا حتى تلقوني على الحوض )) .
يعني : اصبروا ولا تنابذوا الولاة أمرهم حتى تلقوني على الحوض ، يعني أنكم إذا صبرتم فإن من جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه ، حوض النبي صلي الله عليه وسلم ، اللهم اجعلنا جميعا ممن يرده ويشرب منه .
هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه ؛ لأنه في ذلك المكان وفي ذلك الزمان ، في يوم الآخرة ، يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء ، فيردون حوض النبي صلي الله عليه وسلم ، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر ، يصب عليه ميزابان من الكوثر ، وهو نهر في الجنة أعطية النبي صلي الله عليه وسلم ، يصبان عليه ماء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأطيب من رائحة المسك ، وفيه أوان كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة ، من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدا . اللهم اجعلنا ممن يشرب منه .
فأرشده النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى أن يصبروا ولو وجدوا الأثرة ، فإن صبرهم على ظلم الولاة من أسباب الورد على الحوض والشرب منه .


وفي هذين الحديثين : حث على الصبرعلى استئثار ولاة الأمور في حقوق الرعية ، ولكن يجب أن نعلم أن الناس كما يكونون يولى عليهم ، إذا أساؤوا فيما بينهم وبين الله فإن الله يسلط عليهم ولاتهم ، كما الهدي النبوي أحداثنا اليوم : ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129) ، فإذا صلحت الرعية يسر الله لهم ولاة صالحين ، وإذا كانوا بالعكس كان الأمر بالعكس .
ـ ويذكر أن رجلا من الخوارج جاء إلى على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وقال له : يا على ، ما بال الناس انتقضوا عليك ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر ؟
فقال له : إن رجال أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أنا وأمثالي ، أما أنا فكان رجالي أنت وأمثالك ، أي : ممن لا خير فيه ؛ فصار سببا في تسلط الناس وتفرقهم على علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وخروجهم عليه ، حتى قتلوه رضي الله عنه .
ـ ويذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه ، فجمع أشراف الناس ووجهاءهم وكلمهم ـ وأظنه عبد الملك بن مروان ـ وقال لهم : أيها الناس ، أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر ؟
وقالوا : نعم ! فال إذا كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر !! فالله سبحانه وتعالى حكيم ، يولي على الناس من يكون بحسب أعمالهم ، إن أساؤوا فإنه يساء إليهم ، وإن أحسنوا أحسن إليهم .
ولكن مع ذلك لاشك أن صلاح الراعي هو الأصل ، وأنه إذا صلح الراعي صلحت ، لأن الراعي له سلطة يستطيع أن يعدل من مال ، وأن يؤدب من عال وجار . والله الموفق .

وعلى الهامش // إحراق أبو عزيزي لـنفسه :
يفهم منه لمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من غلبة الرجال"
"اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن، و العجز و الكسل، و البخل و الجبن، و ضلع الدين، و غلبة الرجال"
وقد سأل ابن باز رحمه الله عن غلبة الرجال ؟فقال:"قهرهم"
وجاء في نصيحة لطلاب العلم قالها الشيخ صالح المغامسي حفظه الله:
"وأخرج أبو داوود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد يوماً ورأى رجل من الأنصار يقال له أبو أمامه فقال له – أي النبي صلى الله عليه وسلم – قال لأبي أمامه : ( مالي أراك جالس في المسجد في غير وقت صلاة ) فقال : يا رسول الله همٌ نزل بي وديون لزمتني ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( ألا أعلمك كلمات إن قلتها أذهب الله همّك ) قال قلت : بلى يا رسول الله قال : ( قل إذا أصبحت وإذا أمسيت ( اللهم إني أعوذ بك من الهّم والغم ومن العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال (
من الحديثين يظهر أنه صلى الله عليه وسلم تعوذ وأمر بالتعوذ من قهر الرجال .
فما قهر الرجال ؟ قهر الرجال في قول كثير من العلماء : ما يصيب الإنسان من قهر وهم وغم بغلبة انتصر عليه بها وهو يعلم أنه على الحق وخصمه على الباطل ."أنتهى كلامه حفظه الله







hgi]d hgkf,d td Hp]hekh hgd,l >