عدنا لنسجل من بعض السطور المهمة لسعادة السفير محمد إبراهيم كامل التالي

أول القصيدة كفر

واخذت دشا باردا وارتديت ملابسي ولم يلبث ان حضر مصطفي حنفي وانا اتناول كوبا من الشاي وظللنا نتكهن عن سبب طلب تشومبي هذه المقابلة المستعجلة والمفاجئة دون ان نصل الي قراره‏,‏ اذا ان المعتاد ان يطلب السفراء مقابلة وزير الخارجية الجديد في بداية ولايته وليس العكس‏.‏

وتوجهت الي مقر اقامة رئيس الوزراء في حين توجه مصطفي حنفي الي السفارة وقادني احد سكرتيري تشومبي الي غرفة الاستقبال واغلق الباب وانصرف وظللت واقفا نحو خمس دقائق عندما انفتح الباب ودخل تشومبي وكان متجهم الوجه وسلم علي قائلا‏:‏صباح الخير ياسعادة السفير

ورددت عليه صباح الخير ياسيادة رئيس الوزراء

ودعاني الي الجلوس ولم اكد اجلس حتي قال لي‏:‏ وصلتنا معلومات مؤكدة امس ان هناك طائرتين تحملان العلامات المصرية قد هبطا امس في مطار ستانلي فيل وانزلتا حمولات من الاسلحة والذخائر الي الثوار هناك فماذا تقول؟؟

وقلت لنفسي أول القصيدة كفر ولكني تمالكت اعصابي بدرجة أدهشتني

وقلت‏:‏يا سيادة رئيس الوزراء هذا كلام مستحيل وخطير وغير معقول

فنظر إلي شذرا وقال‏:‏ ولماذا هو غير معقول؟ ان موقفكم مني معروف ولا يحتاج الي بيان‏.‏

قلت‏:‏ ياسيادة رئيس الوزراء لقد عدت من القاهرة مساء امس فقط حيث كنت احضر مؤتمر القمة الافريقي في القاهرة‏,‏ وقد قابلت قبل عودتي الرئيس جمال عبدالناصر ـ ولم أكن قد قابلته ـ وسألته عن موقفنا فأكد لي ان موقفنا هو عدم التدخل في الشئون الداخلية للكونجو‏,‏ كما قابلت وزير خارجيتنا محمود رياض فأكد لي المعني نفسه واضاف ان موقفنا من تشومبي وهو داعية انفصال اقليم كاتانجا غير موقفنا منه وهو رئيس لوزراء جمهورية الكونجو الموحدة والتي اعترفت بها الامم المتحدة وكنا من اوائل المعترفين بها وتبادلنا معها العلاقات الدبلوماسية اما وقد انتهي انفصال كاتانجا وعادت وحدة الكونجو فلا شأن لنا بشخص رئيس الوزراء الذي اختاره رئيس الجمهورية وفقا للدستور الكونجولي‏,‏ وعودتي لسفارتنا في الكونجو فور انهاء مؤتمر القمة الافريقي تؤكد هذا المعني ولقد عدت من القاهرة مساء امس فقط وكان اول ما أنوي عمله هذا الصباح هو الاتصال بمكتب رئيس الوزراء لطلب تحديد موعد معكم لتهنئتكم برئاسة الوزراء ووزارة الخارجية ولشرح موقفنا هذا ولكنكم سبقتموني بالدعوة لهذه المقابلة‏.‏

وكنت وانا احدثه انظر الي وجهة المتجهم الذي يطفح بالريبة والشك بل الكراهية وعندما انتهيت من كلامي خيل لي ان حديثي قد ادخل عليه لمسة من التردد والارتياح‏.‏

قال‏:‏ علي كل حال اني اريد تأكيدا رسميا من الحكومة المصرية بان هذا لم يحدث ؟ متي تستطيع ان ترد علي؟

وشعرت بدوري بنوع من الراحة اذ لم يكن هناك اسهل من تلبية هذا الطلب

ولكني قلت له ياسيادة رئيس الوزراء اسمح لي بأن اقول رايي الشخصي وهو اني اخشي ان ابعث الي القاهرة بمثل هذا الطلب لاننا وقد بدأنا صفحة جديدة اخشي ان تفسر السلطات في مصر هذا الطلب علي انه موقف ريبة وشك في نياتنا وقد شرحت لك تعليماتي التي تلقيتها قبل عودتي من مصر من كلام الرئيس جمال عبدالناصر وزير خارجيتي

قال‏:‏اني اصر علي تلقي الرد علي سؤالي‏:‏ هل هبطت هذه الطائرات المصرية في ستانلي فيل أم لا؟

قلت‏:‏ سأفعل ذلك ولكني اردت ان استرعي نظرك فقط الي ان مثل هذا قد يؤدي الي ايجاد جو من الريبة والشك؟

قال‏:‏متي تستطيع ابلاغي بهذا الرد هل لديكم اتصال مباشر بالقاهرة؟

قلت‏:‏ نعم لدينا محطة لاسلكي مباشرة مع القاهرة

قال‏:‏ ومتي يصلني الرد؟

قلت‏:‏ في خلال يومين او ثلاثة

قال‏:‏هذا وقت طويل

قلت‏:‏ ياسيادة رئيس الوزراء اذا تلقيت ردا قبل ذلك فسأوافيك به علي الفوري

قال‏:‏أني في انتظار ردك وقام وصافحني وانصرفت‏.‏



وإلى اللقاء .. إنتظرونا لنستكمل معكم باقي السطور والأحداث الهامة من شهادة سعادة السفير ووزير الخارجية الأسبق محمد إبراهيم كامل ..