2620 " ليوشكن رجل أن يتمنى أنه خر من الثريا و لم يلي من أمر الناس شيئا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 235 :

أخرجه الحاكم ( 4 / 91 ) و أحمد ( 2 / 377 و 520 و 536 ) و البزار ( 2 / 255 /
1643 ) عن عاصم بن بهدلة عن يزيد بن شريك أن الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى
مروان بن الحكم , فقال مروان للبواب : انظر من بالباب ? قال : #أبو هريرة #,
فأذن له , فقال : يا أبا هريرة ! حدثنا شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو حسن , للكلام
المعروف في عاصم بن بهدلة . نعم هو صحيح بطريق أخرى يرويها هشام بن حسان عن
عباد بن أبي علي عن أبي حازم مولى أبي رهم الغفاري عن أبي هريرة مرفوعا نحوه .
أخرجه الحاكم و ابن حبان ( 1559 ) و أحمد ( 2 / 352 و 521 ) و غيرهم . و هذا
إسناد حسن بما قبله , رجاله ثقات غير أن عبادا هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و
قد تكلمت عليه في " التعليق الرغيب " ( 2 / 279 ) و صححه الحاكم و الذهبي , و
كذا ابن خزيمة كما في " الفتح " ( 13 / 169 ) و أقره . و له شاهد من حديث عائشة
مرفوعا نحوه . أخرجه أبو يعلى ( 8 / 188 / 4745 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1
/ 239 / 2 / 4037 ) من طريق عمر بن سعد النصري عن ليث عن مجاهد عن عائشة نحوه .
و قال الطبراني : " لم يروه عن ليث إلا عمر بن سعد " . قلت : ضعفه البخاري في "
التاريخ " بقوله ( 2 / 3 / 158 ) : " لم يصح حديثه " . و أقره الذهبي في "
الميزان " , و كذا الحافظ في " اللسان " , إلا أنهما لم ينسباه : النصري ,
بخلاف البخاري و ابن أبي حاتم , فقد نسباه هذه النسبة , فكأن الحافظ ذهل عنها ,
فزاد عقب هذه الترجمة ترجمة أخرى فقال : " عمر بن سعد النضري " ( كذا فيه
بالضاد المعجمة ! ) .. " . ثم ذكر أنه روى عن ليث بن أبي سليم و غيره , و عنه
إسماعيل بن موسى الفزاري و موسى بن إسماعيل ! و هما اللذان ذكرهما ابن أبي حاتم
في ترجمة الأول , و كذا البخاري إلا أنه لم يذكر موسى بن إسماعيل , فأوهم
الحافظ أنه غير الأول , و هو هو فاقتضى التنبيه . ثم وقفت على طريق ثالث للحديث
عن أبي هريرة أوقفه عليه راويه أبو جمرة قال : أخبرني أبو عبد العزيز عنه نحوه
. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 7181 ) و رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي
عبد العزيز هذا فهو مجهول كما قال أبو حاتم و غيره . و أما ابن حبان فذكره -
على قاعدته - في " الثقات " ( 5 / 590 ) و ساق له طرف هذا الحديث .
2621 " ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا , لا يفكه إلا العدل أو
يوبقه الجور " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 237 :

أخرجه أحمد ( 2 / 431 ) و أبو يعلى ( 4 / 1564 ) و البيهقي في " السنن " ( 10 /
96 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 199 / 1 ) عن محمد بن عجلان عن أبيه عن
#أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم . و في رواية لأحمد : عن ابن عجلان
قال : حدثني سعيد عن أبي هريرة به . و أخرجه البزار ( ص 178 ) بالروايتين . قلت
: و هذا إسناد حسن , و قال المنذري ( 3 / 139 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد رجاله
رجال الصحيح " ! . قلت : و له طريقان آخران عن أبي هريرة . الأول : عن سعيد بن
يسار عنه . أخرجه الدارمي ( 2 / 240 ) و البزار بسند صحيح , و أحمد ( 2 / 431 )
بسند حسن . و الآخر : عن بشر بن سعيد عنه . أخرجه الحاكم ( 4 / 89 ) . و له
شاهد من حديث أبي أمامة سبق تخريجه برقم ( 349 ) . و شاهد آخر من طريق يزيد بن
أبي زياد عن عيسى بن فائد عن رجل عن سعد بن عيادة مرفوعا به , و زاد : " و ما
من أحد يتعلم القرآن ثم نسيه إلا لقي الله عز وجل أجذم " . أخرجه أحمد ( 5 /
284 و 285 ) و ابنه ( 5 / 327 - 328 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل :
الأولى : الرجل الذي لم يسم , فهو مجهول العين . الثانية : عيسى بن فائد مجهول
أيضا كما قال ابن المديني و غيره . الثالثة : يزيد بن أبي زياد و هو الهاشمي
مولاهم , قال الحافظ : " ضعيف , كبر فتغير فصار يتلقن " . و من ذلك تعلم تساهل
المنذري في قوله ( 3 / 139 ) و إن تبعه الهيثمي ( 5 / 65 ) : " رواه أحمد و
البزار , و رجال أحمد رجال " الصحيح " , إلا الرجل المبهم " ! و بيانه أن أحدا
من الثلاثة المذكورين ليس من رجال " الصحيح " , اللهم إلا ابن أبي زياد فهو من
رجال مسلم , لكنه إنما أخرج له مقرونا بغيره , فتنبه . شاهد ثالث : يرويه عطية
العوفي عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعا , و زاد : " فإن كان محسنا فكه عدله , و إن
كان سيئا زيد غلا إلى غله " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 200 / 1 ) من
طريقين عن عطية , هذا أحدهما , و وقع في الأخرى عنه : حدثني بريدة به . و عطية
ضعيف . ( فائدة ) : لما أخرج البزار طريق سعيد بن يسار المتقدمة , أخرجها من
طريق حماد ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عنه . و من طريق عبيد بن عمرو القيسي :
حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن أبي هريرة , قال البزار عقبه : " هكذا رواه عبيد
, و الثقات يروونه عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة . و هو الصواب
" . فأقول : ليس هناك خطأ في رواية عبيد حتى تخطأ , كل ما في الأمر أنه لم ينسب
سعيدا إلى أبيه يسار , و هذا يقع كثيرا في الأسانيد , و إنما يمكن أن يخطأ لو
قال : سعيد بن أبي سعيد المقبري , فهذه مخالفة ظاهرة , و لكن هذا إنما يصار
إليه لو لم يكن ليحيى بن سعيد رواية عن سعيد المقبري , و الواقع أن روايته عنه
في مسلم , كما أن روايته عن سعيد بن يسار في " الصحيحين " , فليس هناك مانع أن
يكون يحيى بن سعيد - و هو الأنصاري الثقة الثبت - قد روى الحديث عن السعيدين عن
أبي هريرة ! لا شيء يمنع من ذلك , هذا لو كان عبيد القيسي ثقة , و لكني لم
أعرفه , و إن كنت أظن أنه أبو عبد الرحمن الذي روى عنه قتيبة , فإنه من هذه
الطبقة , و قد وثقه ابن حبان ( 8 / 430 ) و الله سبحانه و تعالى أعلم .
2622 " أصبت السنة , قاله عمر لعقبة و قد مسح من الجمعة إلى الجمعة على خفيه و هو
مسافر " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 239 :

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 48 ) و الدارقطني في " السنن " ( ص 72
) و الحاكم ( 1 / 180 - 181 ) و عنه البيهقي في " السنن " ( 1 / 280 ) من طريق
بشر بن بكر : حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال :
خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة , فدخلت على # عمر بن الخطاب # , فقال :
متى أولجت خفيك في رجليك ? قلت : يوم الجمعة , قال : فهل نزعتهما ? قلت : لا ,
قال : فذكره . و قال الدارقطني : " و هو صحيح الإسناد " . و قال الحاكم : "
حديث صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالوا . و تابعه
عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح به مثله . أخرجه الطحاوي و الدارقطني
و الحاكم و البيهقي من طريق المفضل بن فضالة , و الدارقطني أيضا ( ص 73 ) و عنه
الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( رقم 240 - بتحقيقي ) عن حيوة ,
كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب : أخبرني عبد الله ابن الحكم البلوي به . لكن
البلوي هذا مجهول , ففي " اللسان " : " قال الدارقطني في حاشية السنن : ليس
بمشهور . و قال في موضع آخر ليس بالقوي . و قال الجوزقاني في " كتاب الأباطيل "
: لا يعرف بعدالة و لا جرح " . و أما يزيد بن أبي حبيب فهو ثقة من رجال الشيخين
, و قد اختلف عليه في إسناده و متنه . و أما السند فرواه عنه المفضل و حيوة كما
ذكرنا . و تابعهما ابن لهيعة و عمرو ابن الحارث و الليث بن سعد عن يزيد بن أبي
حبيب به , إلا أنهم قالوا : " أصبت " . و لم يذكروا : " السنة " . أخرجه
الطحاوي و بقية الأربعة . و خالفهم يحيى بن أيوب فقال : عن يزيد بن أبي حبيب عن
علي بن رباح به , فلم يذكر في إسناده " عبد الله بن الحكم البلوي " , و قال : "
أصبت السنة " . أخرجه الدارقطني , و عنه الضياء المقدسي ( 241 ) . و أما المتن
, فقد تبين من التخريج السابق , و خلاصته أن المفضل و حيوة و يحيى ابن أيوب
ثلاثتهم قالوا : " أصبت السنة " . و خالفهم ابن لهيعة و عمرو بن الحارث و الليث
بن سعد فقالوا : " أصبت " , لم يقولوا : " السنة " . قلت : و لا شك أن الصواب
في إسناده إثبات البلوي فيه لاتفاق الثقات الخمسة عليه كما رأيت . و أما المتن
, فالصواب فيه إثبات لفظ " السنة " , و ذلك لأمور : الأول : أن عدد النافين و
المثبتين , و إن كان متساويا , فالحكم للمثبتين للقاعدة المعروفة : " زيادة
الثقة المقبولة " . الثاني : أن هؤلاء المثبتين كلهم ثقات من رجال الشيخين ,
بخلاف الأولين , ففيهم ابن لهيعة , و ليس من رجالهما على الكلام المعروف فيه .
الثالث : أن هناك ثقة آخر أثبت هذه الزيادة و هو موسى بن علي بن رباح كما في
الرواية الأولى , و لم يختلف عليه فيها , فهي الراجحة يقينا , حتى لو كان
الأرجح رواية الثقات عن يزيد بن أبي حبيب , لأن مدارها على البلوي و قد عرفت
أنه مجهول لا يحتج به . و بهذه الجهالة أعله ابن حزم في " المحلى " ( 2 / 92 -
93 ) , فخفي عليه الطريق الأولى فضعف الحديث من أصله فوهم , و الظاهر أنه لم
يقف عليها , فلا عجب منه , و إنما العجب مما قاله الدارقطني في " العلل " ,
فإنه بعد أن ذكر هذه الرواية الصحيحة قال : " و تابعه مفضل بن فضالة و ابن
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح فقالا
فيه : " أصبت السنة " , و خالفهم عمرو بن الحارث و يحيى بن أيوب و الليث بن سعد
, فقالوا فيه : " فقال عمر : أصبت " , و لم يقولوا : " السنة " , و هو المحفوظ
" <1> . قلت : و فيما قاله الدارقطني أخطاء تظهر لكل من تأمل تخريجنا السابق ,
و هاك بيانها ملخصا : الأول : ذكر ابن لهيعة مع مفضل في جملة من قال : " أصبت
السنة " , و إنما هو ممن قال : " أصبت " فقط كما سبق . الثاني : ذكر يحيى بن
أيوب مع عمرو و الليث اللذين قالا : " أصبت " كما قال ابن لهيعة . و الصواب أن
يذكره بديل ابن لهيعة , و يذكر هذا بديله هنا . الثالث : قوله : و هو المحفوظ .
و الصواب العكس كما تقدم تحقيقه . و لعل هذا الخطأ الثالث نشأ من الخطأين
الأولين , و هما نشآ من تلخيصه لروايات المختلفين , و من الملاحظ أنه لما جعل
ابن لهيعة مع المفضل وحده , و جعل يحيى ابن أيوب مع عمرو و الليث ضعف ذلك
الجانب , و قوى هذا الجانب , زد على ذلك أنه نسي أن يجعل مع المفضل حيوة فازداد
جانبه ضعفا على ضعف , كما ذهل أن يقرن معهما موسى بن علي , و لولا ذلك لتبين له
الصواب إن شاء الله تعالى . و الخلاصة : أن الذين قالوا : " أصبت السنة " هم
أربعة : 1 - موسى بن علي بن رباح . 2 - المفضل بن فضالة . 3 - حيوة بن شريح .
4 - يحيى بن أيوب . ( و كلهم ثقات رجال الشيخين غير موسى بن علي , فمن رجال
مسلم وحده ) . و الذين قالوا : " أصبت " فقط هم ثلاثة : 1 - عبد الله بن لهيعة
. 2 - و عمرو بن الحارث . 3 - و الليث بن سعد . ( و هم من رجال الشيخين غير ابن
لهيعة كما تقدم ) . و بهذا يتجلى لك الصواب بإذن الله تعالى , فلا جرم أن صحح
الحديث من سبق ذكرهم , و تبعهم شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في " مجموع
الفتاوى " ( 21 / 178 ) : " و هو حديث صحيح " . و يمكن أن يلحق بهم البيهقي و
النووي و غيرهما ممن أورده و لم يضعفه , بل ساقه معارضا به أحاديث التوقيت التي
استدل بها الجمهور , فأجاب عنه البيهقي عقبه بقوله : " و قد روينا عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه التوقيت , فإما أن يكون رجع إليه حين جاءه الثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في التوقيت , و إما أن يكون قوله الذي يوافق السنة المشهورة
أولى " . و نقله النووي في " المجموع " ( 1 / 485 ) و ارتضاه . فلو أنهما وجدا
مجالا لتضعيفه لاستغنيا بذلك عن التوفيق بينه و بين أحاديث التوقيت بما ذكراه .
على أنه يمكن التوفيق بوجه آخر , و هو أن يحمل حديث عمر على الضرورة و تعذر
خلعه بسبب الرفقة أو غيره , و إليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
في بحث طويل له في المسح على الخفين . و هل يشترط أن يكونا غير مخرقين ? فقال (
21 / 177 ) : " فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما و ليلة , و ثلاثة و
لياليهن , و ليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم , و المفهوم لا عموم
له , فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث , و على هذا
يحمل حديث عقبة بن عامر لما خرج من دمشق إلى المدينة يبشر الناس بفتح دمشق , و
مسح أسبوعا بلا خلع , فقال له عمر : أصبت السنة . و هو حديث صحيح " . و عمل به
شيخ الإسلام في بعض أسفاره , فقال ( 21 / 215 ) : " لما ذهبت على البريد , و جد
بنا السير , و قد انقضت مدة المسح فلم يمكن النزع و الوضوء إلا بالانقطاع عن
الرفقة , أو حبسهم على وجه يتضررون بالوقوف , فغلب على ظني عدم التوقيت عند
الحاجة كما قلنا في الجبيرة , و نزلت حديث عمر و قوله لعقبة بن عامر : " أصبت
السنة " على هذا توفيقا بين الآثار , ثم رأيته مصرحا به في " مغازي ابن عائذ "
أنه كان قد ذهب على البريد - كما ذهبت - لما فتحت دمشق ... فحمدت الله على
الموافقة , ( قال ) : و هي مسألة نافعة جدا " . قلت : و لقد صدق رحمه الله , و
هي من نوادر فقهه جزاه الله عنا خير الجزاء , و قد نقل الشيخ علاء الدين
المرادي في كتابه " الإنصاف " ( 1 / 176 ) عن شيخ الإسلام أنه قال في "
الاختيارات " : " لا تتوقف مدة المسح في المسافر الذي يشق ( عليه ) اشتغاله
بالخلع و اللبس , كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين " . و أقره . و هو في "
الاختيارات " ( ص 15 ) المفردة .

-----------------------------------------------------------
[1] نقلته ملخصا من " الأحاديث المختارة " و من " نصب الراية " ( 1 / 180 ) .
ثم رأيته في " علل الدارقطني " ( 2 / 110 - 111 ) . اهـ .
2623 " و من أمرك أن تعذب نفسك ?! صم شهر الصبر , و من كل شهر يوما . قلت : زدني .
قال : صم شهر الصبر , و من كل شهر يومين . قلت : زدني أجد قوة . قال : صم شهر
الصبر و من كل شهر ثلاثة أيام " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 244 :

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 1 / 238 - 239 ) و الطيالسي في "
مسنده " ( 31 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 19 / 194 / رقم 435 ) عن
حماد ابن يزيد بن مسلم : حدثنا معاوية بن قرة عن #كهمس الهلالي #قال : أسلمت
, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي , فمكثت حولا و قد ضمرت و
نحل جسمي [ ثم أتيته ] , فخفض في البصر ثم رفعه , قلت : أما تعرفني ? قال : و
من أنت ? قلت : أنا كهمس الهلالي . قال : فما بلغ بك ما أرى ? قلت : ما أفطرت
بعدك نهارا , و لا نمت ليلا , فقال : ... فذكره . و أورده الحافظ في " المطالب
العالية " ( 1 / 303 / 1036 ) من رواية الطيالسي و سكت عليه , و قال الهيثمي في
" المجمع " ( 3 / 197 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و فيه حماد بن يزيد
المنقري , ( قلت : و في " الجرح " المقرىء ) و لم أجد من ذكره " . قلت : و قد
فاته أن البخاري ذكره في " التاريخ " ( 2 / 1 / 20 ) و كناه بأبي يزيد البصري ,
و قال : " سمع معاوية بن قرة , سمع منه موسى , و سمع أباه و محمد بن سيرين " .
و كذا ذكره أيضا ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 151 ) و زاد في شيوخه : بكر بن عبد
الله المزني و مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي . و في الرواة عنه : يونس بن محمد
, و مسلم بن إبراهيم , و محمد بن عون الزيادي , و طالوت بن عباد الجحدري . و
ينبغي أن يزاد فيهم : أبو داود الطيالسي , فإنه قد روى عنه هذا الحديث , و ذكره
ابن حبان أيضا في " الثقات " ( 2 / 62 - مخطوطة الظاهرية ) و على هامشه بخط بعض
المحدثين : " و ذكره البزار , و قال : ليس به بأس " . و للحديث شاهد من حديث
مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها بهذه القصة , و في آخره زيادة أوردته من أجلها
في " ضعيف أبي داود " برقم ( 419 ) . و عند الطيالسي في هذا الحديث قصة , و في
آخرها حديث آخر أخرجه الضياء في " المختارة " برقم ( 258 و 259 ) من طريق
الطيالسي و غيره .
2624 " أذن في قومك أو في الناس يوم عاشوراء : من [ كان ] أكل فليصم بقية يومه [ إلى
الليل ] , و من لم يكن أكل فليصم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 246 :

ورد من حديث #سلمة بن الأكوع و الربيع بنت معوذ و محمد بن صيفي و هند بن أسماء
و أبي هريرة و عبد الله بن عباس و رجال لم يسموا من أسلم و معبد القرشي و محمد
بن سيرين #مرسلا . 1 - أما حديث سلمة , فقال أحمد ( 4 / 50 ) : حدثنا يحيى بن
سعيد عن يزيد بن عبيد قال : حدثنا سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لرجل من أسلم : فذكره . و هذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الشيخين , و
يحيى بن سعيد هو القطان و من طريقه أخرجه البخاري ( 13 / 205 - 206 ) و النسائي
( 1 / 319 ) و في " الكبرى " ( ق 22 / 1 ) و ابن خزيمة ( 2092 ) , ثم أخرجه
البخاري ( 4 / 113 - 114 و 201 ) و مسلم ( 3 / 151 - 152 ) و الدارمي ( 2 / 22
) و البيهقي ( 4 / 220 و 288 ) و أحمد ( 4 / 47 , 48 ) و ابن حبان ( 5 / 252 /
3610 ) من طرق أخرى عن يزيد بن عبيد به . و إسناد أحمد و الدارمي و البخاري
ثلاثي أيضا و الزيادة الأولى لأحمد , و الأخرى لمسلم . 2 - و أما حديث الربيع ,
فقالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي
حول المدينة : من كان أصبح صائما فليتم صومه , و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية
يومه . قالت : فكنا نصومه بعد ذلك , و نصوم صبياننا الصغار , و نجعل لهم اللعبة
من العهن , و نذهب بهم إلى المسجد , فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى
يكون عند الإفطار . أخرجه البخاري ( 4 / 163 ) و مسلم ( 3 / 152 ) و ابن خزيمة
( 2088 ) و الطحاوي ( 1 / 336 ) و ابن حبان ( 3611 ) و البيهقي ( 4 / 288 ) و
أحمد ( 6 / 359 ) . 3 - و أما حديث محمد بن صيفي , فقال : قال لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء : أمنكم أحد طعم اليوم ? فقلنا : منا من طعم ,
و منا من لم يطعم . قال : فقال : فأتموا بقية يومكم من كان طعم و من لم يطعم ,
و أرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم . يعني أهل العروض حول المدينة .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 54 - 55 ) و عنه ابن ماجه ( 1 / 528 -
529 ) و ابن خزيمة ( 2091 ) و ابن حبان ( 932 - موارد ) و أحمد ( 4 / 488 ) من
طريق حصين عن الشعبي عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال البوصيري في "
الزوائد " ( 110 / 1 ) . 4 - و أما حديث هند بن أسماء , فيرويه محمد بن إسحاق :
حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمي عنه قال :
" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم فقال : مر قومك
فليصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء , فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه فليصم
آخره " . أخرجه أحمد ( 3 / 484 ) و الطحاوي ( 1 / 335 - 336 ) . قلت : و هذا
إسناد حسن , رجاله ثقات معروفون , غير حبيب بن هند , ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 /
2 / 110 ) برواية ثقتين آخرين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره
ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 38 - هندية ) . و في رواية لأحمد من طريق عبد
الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة - و كان هند من أصحاب الحديبية - و
أخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام عاشوراء - و هو
أسماء بن حارثة - فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعثه , فقال : مر قومك بصيام هذا اليوم ... " الحديث نحوه . لكن يحيى
بن هند هذا لا يعرف إلا برواية ابن حرملة هذا , و بها ذكره ابن أبي حاتم ( 4 /
2 / 194 - 195 ) و لم يحك فيه جرحا و لا تعديلا , و أما ابن حبان فأورده أيضا
في " الثقات " ( 3 / 287 ) . و قال في ترجمة حبيب بن هند بن أسماء المتقدم : "
كأنهما أخوان إن شاء الله " . و قال الحافظ في التوفيق بين روايتيهما : " قلت :
فيحتمل أن يكون كل من أسماء و ولده هند أرسلا بذلك , و يحتمل أن يكون أطلق في
الرواية الأولى على الجد اسم الأب , فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جد
أسماء , فتتحد الروايتان . و الله أعلم " . قلت : التوفيق فرع التصحيح , و ما
أرى أن الرواية الأخرى ثابتة , لما عرفت من حال راويها يحيى بن هند . و الله
أعلم . ثم رأيت رواية سعيد بن حرملة في " صحيح ابن حبان " ( 5 / 252 / 3609 -
الإحسان ) من طريق سهل بن بكار قال : حدثنا وهيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن
سعيد بن المسيب عن أسماء بن حارثة به . و هذا سند جيد , يدل على أن له أصلا عن
أسماء , و لعل ابن حرملة كان له عنه إسنادان , فتارة يرويه عن يحيى بن هند , و
تارة عن ابن المسيب .. و الله أعلم . 5 - و أما حديث أبي هريرة فيرويه حبيب بن
عبد الله عن شبيل عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم صائما يوم عاشوراء
فقال لأصحابه : " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه , و من كان أصاب من غداء
أهله فليتم بقية يومه " . أخرجه أحمد ( 2 / 359 ) . و رجاله موثقون غير حبيب بن
عبد الله و هو الأزدي اليحمدي , و هو مجهول . 6 - و أما حديث ابن عباس فيرويه
جابر عن عكرمة عنه قال : " أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل قرية على
رأس أربعة فراسخ - أو قال فرسخين - يوم عاشوراء فأمر من أكل أن لا يأكل بقية
يومه , و من لم يأكل أن يتم صومه " . أخرجه أحمد ( 1 / 232 ) . و جابر هو ابن
يزيد الجعفي , و هو ضعيف . 7 - و أما حديث الرجال الأسلميين , فيرويه ابن شهاب
عن ابن سندر عن رجال منهم [ من أسلم ] <1> أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لرجل من أسلم : ... فذكره نحو الحديث الأول . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 38
/ 1 ) : أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا يزيد - يعني - بن موهب قال : حدثني
الليث عن عقيل عن ابن شهاب . و هذا إسناد رجاله ثقات غير ابن سندر , و قد جزم
الحافظ في " باب من نسب إلى أبيه ... " من " التقريب " أنه عبد الله . ثم لم
يترجم له في الأسماء , و هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم , فقد قال في " الجرح و
التعديل " ( 2 / 1 / 320 ) : " سندر أبو الأسود , له صحبة , روى عنه عبد الله
بن سندر " . و الشطر الأول منه في " التاريخ " للبخاري ( 2 / 2 / 210 ) و زاد :
" كناه عثمان بن صالح , و روى الزهري عن سندر بن أبي سندر عن أبيه " . و نقله
هكذا في " الإصابة " , و ذكر فيه أن له ابنا آخر يدعى مسروحا . و يزيد بن موهب
هو ابن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي . و أحمد بن إبراهيم هو أبو
عبد الملك القرشي البسري الدمشقي . و قد خالف معمر عقيلا فأرسله , أخرجه عبد
الرزاق ( 7834 ) قال : أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما
قدم المدينة قال لرجل من أسلم : فذكره . 8 - و أما حديث معبد القرشي , فقال عبد
الرزاق ( 7835 ) : عن إسرائيل عن سماك ابن حرب عنه قال : كان النبي صلى الله
عليه وسلم بـ ( قديد ) فأتاه رجل , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره
نحوه . و عن عبد الرزاق أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 342 / 803
) . قلت : و هذا إسناد جيد , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 187 ) : " رواه
الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . 9 - و أما مرسل ابن سيرين , فقال
ابن أبي شيبة ( 3 / 57 ) : حدثنا ابن علية عن أيوب عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم أمر رجلا من أسلم يوم عاشوراء ... الحديث و إسناده صحيح مرسل . و رواه عبد
الرزاق ( 7852 ) عن عطاء مرسلا . و في الباب أحاديث أخرى خرجها الهيثمي في "
مجمع الزوائد " , فمن شاء المزيد فليرجع إليه , و آخر فيه زيادة منكرة بلفظ : "
فأتموا بقية يومكم و اقضوه " . و في إسناده جهالة , و لذلك خرجته في المجلد
الحادي عشر من " الضعيفة " برقم ( 5199 ) و في " ضعيف أبي داود " برقم ( 422 )
. من فقه الحديث . في هذا الحديث فائدتان هامتان : الأولى : أن صوم يوم عاشوراء
كان في أول الأمر فرضا , و ذلك ظاهر في الاهتمام به الوارد فيه , و المتمثل في
إعلان الأمر بصيامه , و الإمساك عن الطعام لمن كان أكل فيه , و أمره بصيام بقية
يومه , فإن صوم التطوع لا يتصور فيه إمساك بعد الفطر كما قال ابن القيم رحمه
الله في " تهذيب السنن " ( 3 / 327 ) . و هناك أحاديث أخرى تؤكد أنه كان فرضا ,
و أنه لما فرض صيام شهر رمضان كان هو الفريضة كما في حديث عائشة عند الشيخين و
غيرهما , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " برقم ( 2110 ) . و الأخرى : أن من وجب
عليه الصوم نهارا , كالمجنون يفيق , و الصبي يحتلم , و الكافر يسلم , و كمن
بلغه الخبر بأن هلال رمضان رؤي البارحة , فهؤلاء يجزيهم النية من النهار حين
الوجوب , و لو بعد أن أكلوا أو شربوا , فتكون هذه الحالة مستثناة من عموم قوله
صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " , و هو حديث
صحيح كما حققته في " صحيح أبي داود " ( 2118 ) . و إلى هذا الذي أفاده حديث
الترجمة ذهب ابن حزم و ابن تيمية و الشوكاني و غيرهم من المحققين . فإن قيل :
الحديث ورد في صوم عاشوراء و الدعوى أعم . قلت : نعم , و ذلك بجامع الاشتراك في
الفريضة , ألست ترى أن الحنفية استدلوا به على جواز صوم رمضان بنية من النهار ,
مع إمكان النية في الليل طبقا لحديث أبي داود , فالاستدلال به لما قلنا أولى
كما لا يخفى على أولي النهى . و لذلك قال المحقق أبو الحسن السندي في حاشيته
على " ابن ماجه " ( 1 / 528 - 529 ) ما مختصره : " الأحاديث دالة على أن صوم
يوم عاشوراء كان فرضا , من جملتها هذا الحديث , فإن هذا الاهتمام يقتضي
الافتراض . نعم الافتراض منسوخ بالاتفاق و شهادة الأحاديث على النسخ . و استدل
به على جواز صوم الفرض بنية من النهار , لا يقال صوم عاشوراء منسوخ فلا يصح
الاستدلال به . لأنا نقول : دل الحديث على شيئين : أحدهما : وجوب صوم عاشوراء .
و الثاني : أن الصوم واجب في يوم بنية من نهار , و المنسوخ هو الأول , و لا
يلزم من نسخه نسخ الثاني , و لا دليل على نسخه أيضا . بقي فيه بحث : و هو أن
الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلوما من الليل , و إنما علم من
النهار , و حينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقهم ضروريا , كما إذا شهد
الشهود بالهلال يوم الشك , فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة " أهـ
. قلت : و هذا هو الحق الذي به تجتمع النصوص , و هو خلاصة ما قال ابن حزم رحمه
الله في " المحلى " ( 6 / 166 ) و قال عقبه : " و به قال جماعة من السلف كما
روينا من طريق ... عبد الكريم الجزري أن قوما شهدوا على الهلال بعد ما أصبح
الناس , فقال عمر بن عبد العزيز : من أكل فليمسك عن الطعام , و من لم يأكل
فليصم بقية يومه " . قلت : و أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 69 ) و
سنده صحيح على شرط الشيخين . و هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في "
الاختيارات العلمية " ( 4 / 63 - الكردي ) : " و يصح صوم الفرض بنية النهار إذا
لم يعلم وجوبه بالليل , كما إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار , فإنه
يتم بقية يومه و لا يلزمه قضاء و إن كان أكل " و تبعه على ذلك المحقق ابن القيم
, و الشوكاني , فمن شاء زيادة بيان و تفصيل فليراجع " مجموع الفتاوى " لابن
تيمية ( 25 / 109 و 117 - 118 ) و " زاد المعاد " لابن القيم ( 1 / 235 ) و "
تهذيب السنن " له ( 3 / 328 ) و " نيل الأوطار " للشوكاني ( 4 / 167 ) . و إذا
تبين ما ذكرنا , فإنه تزول مشكلة كبرى من مشاكل المسلمين اليوم , ألا و هي
اختلافهم في إثبات هلال رمضان بسبب اختلاف المطالع , فإن من المعلوم أن الهلال
حين يرى في مكان فليس من الممكن أن يرى في كل مكان , كما إذا رؤي في المغرب
فإنه لا يمكن أن يرى في المشرق , و إذا كان الراجح عند العلماء أن حديث " صوموا
لرؤيته ... " إنما هو على عمومه , و أنه لا يصح تقييده باختلاف المطالع , لأن
هذه المطالع غير محدودة و لا معينة , لا شرعا و لا قدرا , فالتقييد بمثله لا
يصح , و بناء على ذلك فمن الممكن اليوم تبليغ الرؤية إلى كل البلاد الإسلامية
بواسطة الإذاعة و نحوها , و حينئذ فعلى كل من بلغته الرؤية أن يصوم , و لو
بلغته قبل غروب الشمس بقليل , و لا قضاء عليه , لأنه قد قام بالواجب في حدود
استطاعته , و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها , و الأمر بالقضاء لم يثبت كما سبقت
الإشارة إليه , و نرى أن من الواجب على الحكومات الإسلامية أن يوحدوا يوم
صيامهم و يوم فطرهم , كما يوحدون يوم حجهم , و لريثما يتفقون على ذلك , فلا نرى
لشعوبهم أن يتفرقوا بينهم , فبعضهم يصوم مع دولته , و بعضهم مع الدولة الأخرى ,
و ذلك من باب درء المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى كما هو مقرر في علم الأصول .
و الله تعالى ولي التوفيق .

-----------------------------------------------------------
[1] زيادة من " تهذيب التهذيب " . اهـ .
2625 " لو لم تكله لأكلتم منه , و لقام لكم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 254 :

أخرجه مسلم ( 7 / 60 ) من طريق معقل عن أبي الزبير عن #جابر #أن رجلا أتى
النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه , فأطعمه شطر وسق شعير , فما زال الرجل يأكل
منه و امرأته و ضيفهما حتى كاله , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال , فذكره
.
و تابعه ابن لهيعة : حدثنا أبو الزبير به . أخرجه أحمد ( 3 / 337 , 347 ) من
طريقين عنه . و خالفهما حسان بن عبد الله فقال : حدثنا ابن لهيعة : حدثنا يونس
ابن يزيد : حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن الحارث عن جده نوفل بن الحارث بن عبد
المطلب أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزويج , فأنكحه امرأة ,
فالتمس شيئا فلم يجده , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع و أبا أيوب
بدرعه فرهناه عند رجل من اليهود بثلاثين صاعا من شعير , فدفعه رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلي , فطعمنا منه نصف سنة ثم كلناه فوجدناه كما أدخلناه , قال
نوفل : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : فذكره إلا أنه قال : " ما
عشت " بدل : " و لقام لكم " . أخرجه الحاكم ( 3 / 246 ) و عنه البيهقي في "
الدلائل " ( 6 / 114 ) . و سكت عنه الحاكم و الذهبي . و ابن لهيعة فيه ضعف من
قبل حفظه , و أبو إسحاق هو السبيعي كما في " الإصابة " , و كان اختلط , مع
تدليس له . و سعيد بن الحارث لم أعرفه , فالإسناد مظلم , و الأول أقوى لمتابعة
معقل لابن لهيعة عليه , لكن فيه عنعنة أبي الزبير , و هو معروف بالتدليس , فلا
أدري إذا كان سمعه من جابر أم لا ? و لعل الحافظ ابن حجر قد ترجح عنده الأول ,
فقد أورده في " الفتح " ( 11 / 240 ) من رواية مسلم هذه ساكتا عليه , أو من أجل
شواهد ذكرها قريبا , و بها يتقوى الحديث عندي إن شاء الله تعالى . منها حديث
عائشة رضي الله عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و ما في بيتي من
شيء يأكله ذو كبد , إلا شطر شعير في رف لي , فأكلت منه حتى طال علي , فكلته
ففني . أخرجه البخاري ( 6 / 146 و 11 / 239 ) و مسلم ( 8 / 218 ) و ابن ماجه (
3345 ) و أحمد ( 4 / 108 ) و زاد : " فليتني لم أكن كلته " . و إسنادها جيد .
2626 " أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم , فإذا هبطت الأكمة فمرها فلتحرم , فإنها
عمرة متقبلة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 255 :

أخرجه الحاكم ( 3 / 477 ) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار : حدثني عبد الله
بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت #عبد الرحمن بن أبي بكر #عن
أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : فذكره . و سكت عنه . و قال الذهبي
: " قلت : سنده قوي " . قلت : و قد أخرجه أحمد أيضا ( 1 / 198 ) : حدثنا داود
بن مهران الدباغ : حدثنا داود - يعني العطار - به . و أخرجه أبو داود أيضا و
غيره و هو في " صحيح أبي داود " برقم ( 1569 ) . و قد أخرجه البخاري ( 3 / 478
) و مسلم ( 4 / 35 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر مختصرا . و كذلك
أخرجاه من حديث عائشة نفسها , و في رواية لهما عنها قالت : فاعتمرت , فقال :
" هذه مكان عمرتك " . و في أخرى : بنحوه قال : " مكان عمرتي التي أدركني الحج و
لم أحصل منها " . و في أخرى : " مكان عمرتي التي أمسكت عنها " . و في أخرى : "
جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا " . رواها مسلم . و في ذلك إشارة إلى سبب أمره
صلى الله عليه وسلم لها بهذه العمرة بعد الحج . و بيان ذلك : أنها كانت أهلت
بالعمرة في حجتها مع النبي صلى الله عليه وسلم , إما ابتداء أو فسخا للحج إلى
العمرة ( على الخلاف المعروف ) <1> , فلما قدمت ( سرف ) . مكان قريب من مكة - ,
حاضت , فلم تتمكن من إتمام عمرتها و التحلل منها بالطواف حول البيت , لقوله صلى
الله عليه وسلم لها - و قد قالت له : إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي ?
قال : - " انقضي رأسك و امتشطي و أمسكي عن العمرة و أهلي بالحج , و اصنعي ما
يصنع الحاج غير أن لا تطوفي و لا تصلي حتى تطهري . ( و في رواية : فكوني في حجك
, فعسى الله أن يرزقكيها ) " , ففعلت , و وقفت المواقف , حتى إذا طهرت طافت
بالكعبة و الصفا و المرة , و قال لها صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر : "
قد حللت من حجك و عمرتك جميعا " , فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم
أطف بالبيت حتى حججت , و ذلك يوم النفر , فأبت , و قالت : أيرجع الناس بأجرين و
أرجع بأجر ? و في رواية عنها : يصدر الناس بنسكين و أصدر بنسك واحد ? و في أخرى
: يرجع الناس ( و عند أحمد ( 6 / 219 ) : صواحبي , و في أخرى له ( 6 / 165 و
266 ) : نساؤك ) بعمرة و حجة , و أرجع أنا بحجة ? و كان صلى الله عليه وسلم
رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها عليه , فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن , فأهلت
بعمرة من التنعيم <2> . فقد تبين مما ذكرنا من هذه الروايات - و كلها صحيحة -
أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بالعمرة عقب الحج بديل ما فاتها من
عمرة التمتع بسبب حيضها , و لذلك قال العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم
المتقدم : " هذه مكان عمرتك " أي : العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل
منها بمكة , ثم أنشأوا الحج مفردا <3> . إذا عرفت هذا , ظهر لك جليا أن هذه
العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج , فلا تشرع لغيرها من
النساء الطاهرات , فضلا عن الرجال . و من هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها ,
و تصريح بعضهم بكراهتها , بل إن عائشة نفسها لم يصح عنها العمل بها , فقد كانت
إذا حجت تمكث إلى أن يهل المحرم ثم تخرج إلى الجحفة فتحرم منها بعمرة , كما في
" مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 26 / 92 ) . و قد أخرجه البيهقي في " السنن
الكبرى " ( 4 / 344 ) بمعناه عن سعيد بن المسيب أن عائشة رضي الله عنها كانت
تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة . و إسناده صحيح . و أما ما رواه مسلم ( 4 /
36 ) من طريق مطر : قال أبو الزبير : فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي
الله صلى الله عليه وسلم . ففي ثبوته نظر , لأن مطرا هذا هو الوراق فيه ضعف من
قبل حفظه , لاسيما و قد خالفه الليث بن سعد و ابن جريج كلاهما عن أبي الزبير عن
جابر بقصة عائشة , و لم يذكرا فيها هذا الذي رواه مطر , فهو شاذ أو منكر , فإن
صح ذلك فينبغي أن يحمل على ما رواه سعيد بن المسيب , و لذلك قال شيخ الإسلام
ابن تيمية في " الاختيارات العلمية " ( ص 119 ) : " يكره الخروج من مكة لعمرة
تطوع , و ذلك بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم , و لا أصحابه على عهده ,
لا في رمضان و لا في غيره , و لم يأمر عائشة بها , بل أذن لها بعد المراجعة
تطييبا لقلبها , و طوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقا , و يخرج عند من لم
يكرهه على سبيل الجواز " . و هذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في "
مجموع الفتاوى " ( 26 / 252 - 263 ) , ثم قال ( 26 / 264 ) : " و لهذا كان
السلف و الأئمة ينهون عن ذلك , فروى سعيد بن منصور في " سننه " عن طاووس - أجل
أصحاب ابن عباس - قال : " الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم
يعذبون ? قيل : فلم يعذبون ? قال : لأنه يدع الطواف بالبيت , و يخرج إلى أربعة
أميال و يجيء , و إلى أن يجيء من أربعة أميال [ يكون ] قد طاف مائتي طواف , و
كلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء " . و أقره الإمام أحمد . و
قال عطاء بن السائب : " اعتمرنا بعد الحج , فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير " . و
قد أجازها آخرون , لكن لم يفعلوها ... " . و قال ابن القيم رحمه الله في " زاد
المعاد " ( 1 / 243 ) : " و لم يكن صلى الله عليه وسلم في عمره عمرة واحدة
خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم , و إنما كانت عمره كلها داخلا إلى
مكة , و قد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة , لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا
من مكة في تلك المدة أصلا , فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم و
شرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة , لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر , و
لم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه , لأنها
كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت , فأمرها فأدخلت الحج على العمرة و صارت قارنة , و
أخبرها أن طوافها بالبيت و بين الصفا و المروة قد وقع عن حجتها و عمرتها ,
فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج و عمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات و لم
يحضن و لم يقرن , و ترجع هي بعمرة في ضمن حجتها , فأمر أخاها أن يعمرها من
التنعيم تطييبا لقلبها , و لم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة و لا أحد ممن
كان معه " أهـ . قلت : و قد يشكل على نفيه في آخر كلامه , ما في رواية للبخاري
( 3 / 483 - 484 ) من طريق أبي نعيم : حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة ,
فذكر القصة - , و فيه : " فدعا عبد الرحمن فقال : اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة
, ثم افرغا من طوافكما " . لكن أخرجه مسلم ( 4 / 31 - 32 ) من طريق إسحاق بن
سليمان عن أفلح به , إلا أنه لم يذكر : " ثم افرغا من طوافكما " . و إنما قال :
" ثم لتطف بالبيت " . فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم , فقد وجدت
له مخالفا آخر عند أبي داود ( 1 / 313 - 314 ) من رواية خالد - و هو الحذاء -
عن أفلح به نحو رواية مسلم , فهذه التثنية شاذة في نقدي لمخالفة أبي نعيم و
تفرده بها دون إسحاق بن سليمان و خالد الحذاء و هما ثقتان حجتان . ثم وجدت لهما
متابعا آخر و هو أبو بكر الحنفي عند البخاري ( 3 / 328 ) و أبي داود . و يؤيد
ذلك أنها لم ترد لفظا و لا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة , و ما أكثرها
في " مسند أحمد " ( 6 / 43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و
219 و 233 و 245 و 266 و 273 ) و بعضها في " صحيح البخاري " ( 3 / 297 و 324 و
464 و 477 - 478 و 482 و 4 / 99 و 8 / 84 ) و مسلم ( 4 / 27 - 34 ) و كذا لم
ترد في حديث جابر عند البخاري ( 3 / 478 - 480 ) و مسلم ( 4 / 35 - 36 ) و أحمد
( 3 / 309 و 366 ) و كذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولا , و
لا من الطريق الأخرى عند الشيخين و غيرهما . نعم في رواية لأحمد ( 1 / 198 ) من
طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره نحوه . إلا أنه قال : " فأهلا و
أقبلا , و ذلك ليلة الصدر " , لكن الواسطة بين أبي نجيح و عبد الرحمن لم يسم ,
فهو مجهول , فزيادته منكرة , و إن سكت الحافظ في " الفتح " ( 3 / 479 ) على
زيادته التي في آخره : " و ذلك ليلة الصدر " , و لعل ذلك لشواهدها . و الله
أعلم . و جملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر
بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة , و لذلك لما نقل
كلامه مختصرا الحافظ في " الفتح " لم يتعقبه إلا بقوله ( 3 / 478 ) : " و بعد
أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته " ! و من تأمل ما سقناه من الروايات
الصحيحة , و ما فيها من بيان سبب أمره صلى الله عليه وسلم إياها بذلك تجلى له
يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج , و لو كان كما توهم الحافظ لبادر
الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته صلى الله عليه وسلم و بعدها , فعدم
تعبدهم بها , مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم
شرعيتها . اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من المانع
من إتمام عمرتها . و الله تعالى ولي التوفيق . و إن مما ينبغي التنبه له أن قول
ابن القيم المتقدم : " إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة " , لا ينافيه
اعتماره صلى الله عليه وسلم من ( الجعرانة ) , كما توهم البعض لأنها كانت مرجعه
من الطائف , فنزلها , ثم قسم غنائم حنين بها , ثم اعتمر منها .

-----------------------------------------------------------
[1] قلت : و الأول أرجح , و هو الذي اختاره ابن القيم , و يؤيده قول عائشة في
رواية لأحمد ( 6 / 245 ) في رواية عنها : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في حجة الوداع , فنزلنا الشجرة , فقال : من شاء فليهل بعمرة ... قالت : و
كنت أنا ممن أهل بعمرة " . فهذا صريح فيما رجحنا , لأن الشجرة شجرة ذي الحليفة
ميقات أهل المدينة و مبتدأ الإحرام .
[2] انظر " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ( 92 / 111 - 114 ) .
[3] انظر " زاد المعاد " ( 1 / 280 - 281 ) و " فتح الباري " . اهـ .
2627 " مررت ليلة أسري بي على موسى فرأيته قائما يصلي في قبره [ عند الكثيب الأحمر ]
" .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 261 :

أخرجه مسلم ( 7 / 102 ) و النسائي ( 1 / 242 ) و ابن حبان ( 49 - الإحسان ) و
أحمد ( 3 / 120 ) من طرق عن سليمان التيمي عن # أنس #قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ... فذكره . و تابعه ثابت البناني عن أنس به , و الزيادة له .
أخرجه مسلم و النسائي و ابن حبان ( 50 ) و أحمد ( 3 / 148 و 248 ) و أبو نعيم
في " الحلية " ( 6 / 253 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 17 / 197 / 2 ) من طرق
عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني و سليمان التيمي عن أنس به . و خالفهم معاذ بن
خالد قال : أنبأنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي عن ثابت عن أنس به . أخرجه
النسائي و أفاد أنه خطأ من معاذ بن خالد فقال عقب الرواية السابقة : " هذا أولى
بالصواب عندنا من حديث معاذ بن خالد . و الله تعالى أعلم " . ثم أخرجه هو , و
أحمد ( 5 / 59 و 362 و 365 ) من طرق أخرى عن سليمان عن أنس عن بعض أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم و في رواية : سمعت أنسا يقول : أخبرني بعض أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم به . قلت : فالظاهر أن أنسا تلقاه عن غيره من الصحابة , فكان
تارة يذكره و يسنده , و تارة يرسله و لا يذكره , و لا يضر ذلك في صحة الحديث
لأن مراسيل الصحابة حجة , كما هو معلوم .
2628 " إن المؤمن ينزل به الموت و يعاين ما يعاين , فود لو خرجت - يعني نفسه - و
الله يحب لقاءه , و إن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء , فتأتيه أرواح المؤمنين
فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض , فإذا قال : تركت فلانا في الدنيا أعجبهم
ذلك , و إذا قال : إن فلانا قد مات , قالوا : ما جيء به إلينا . و إن المؤمن
يجلس في قبره فيسأل : من ربه ? فيقول : ربي الله . فيقال : من نبيك ? فيقول :
نبيي محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فما دينك ? قال : ديني الإسلام . فيفتح
له باب في قبره فيقول أو يقال : انظر إلى مجلسك . ثم يرى القبر , فكأنما كانت
رقدة . فإذا كان عدوا لله نزل به الموت و عاين ما عاين , فإنه لا يحب أن تخرج
روحه أبدا , و الله يبغض لقاءه , فإذا جلس في قبره أو أجلس , فيقال له : من ربك
? فيقول : لا أدري ! فيقال : لا دريت . فيفتح له باب من جهنم , ثم يضرب ضربة
تسمع كل دابة إلا الثقلين , ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش - فقلت لأبي
هريرة : ما المنهوش ? قال : الذي ينهشه الدواب و الحيات - ثم يضيق عليه قبره "
.

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 263 :

أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 92 - زوائده ) : حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي
حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن #أبي هريرة #-
أحسبه رفعه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال
البزار : " لا نعلم رواه عن يزيد هكذا إلا الوليد " . قلت : و هو صدوق يخطىء
كما في " التقريب " , و من فوقه من رجال الشيخين , و قال الهيثمي عقبه : " في "
الصحيح " بعضه , و رجاله ثقات , خلا شيخ البزار فإني لا أعرفه " . قال الحافظ
ابن حجر عقبه : " قلت : هو موثق , و لم يتفرد به " . قلت : له ترجمة في " تاريخ
بغداد " ( 9 / 93 ) و قال : " و كان ثقة , مات سنة ثلاث و خمسين يعني و مائتين
" . و قال السيوطي في " شرح الصدور " ( ص 38 ) : " سنده صحيح " ! و للشطر الأول
منه شاهد موقوف من طريق ثور بن يزيد عن أبي رهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري
قال : " إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في
الدنيا , فيقبلون عليه ليسألوه , فيقول بعضهم لبعض : أنظروا أخاكم حتى يستريح
فإنه كان في كرب , فيقبلون عليه فيسألونه : ما فعل فلان ? ما فعلت فلانة ? هل
تزوجت ? فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : إنه قد هلك , فيقولون : إنا
لله و إنا إليه راجعون , ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية ,
قال : فيعرض عليهم أعمالهم , فإذا رأوا حسنا فرحوا و استبشروا , و قالوا : هذه
نعمتك على عبدك فأتمها , و إن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع بعبدك " . أخرجه
عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 443 ) . قلت : و رجاله ثقات لكنه منقطع بين
ثور بن يزيد و أبي رهم . و قد وصله و رفعه سلام الطويل فقال : عن ثور عن خالد
بن معدان يعني : عن أبي رهم رفعه . أخرجه ابن صاعد في زوائد " الزهد " ( 444 )
, لكن سلام هذا متروك , لكن ذكره ابن القيم في " الروح " ( ص 20 ) من طريق
معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبا رهم السمعي حدثه أن أبا أيوب
الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكره دون تخريج , و
قد عزاه في " شرح الصدور " لابن أبي الدنيا و الطبراني في " الأوسط " , و سكت
عنه , و معاوية بن يحيى ضعيف . ثم ذكر السيوطي من رواية آدم بن أبي إياس في "
تفسيره " : حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا : " إذا مات العبد تلقى
روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان ? ما فعل فلان ? فإذا قال : مات
قبلي , قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية " . قلت :
و هذا مرسل ضعيف الإسناد . ثم ذكر آثارا كثيرة بمعناه . و بالجملة فالحديث صحيح
كما قال السيوطي بهذه الشواهد و الله أعلم . ثم رأيت القرطبي قال في " التذكرة
" ( ق 40 / 2 - 41 / 1 ) بعد أن ذكر أثر ابن المبارك المتقدم عن أبي أيوب و
غيره من الآثار : " و هذه الأخبار و إن كانت موقوفة فمثلها لا يقال من جهة
الرأي , و قد خرج النسائي بسنده عن أبي هريرة ... الحديث , و فيه : " فيأتون به
أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه , يقدم عليه فيسألونه : ماذا
فعل فلان ? ماذا فعل فلان ? فيقولون : دعوه فإنه كان في غم الدنيا .... "
الحديث " . قلت : و قد سبق تخريجه برقم ( 1309 ) و سيعاد بتوسع برقم ( 2758 ) .
2629 " كان يخرج يهريق الماء , فيتمسح بالتراب , فأقول : يا رسول الله ! إن الماء
منك قريب ? فيقول : و ما يدريني لعلي لا أبلغه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 265 :

أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 292 ) : أخبرنا ابن لهيعة عن عبد
الله بن هبيرة عن حنش عن #ابن عباس #مرفوعا . و أخرجه أحمد ( 1 / 288 ) و ابن
سعد في " الطبقات " ( 1 / 383 ) من طريق ابن المبارك به . ثم قال ( 1 / 303 ) :
حدثنا يحيى بن إسحاق و موسى بن داود قالا : حدثنا ابن لهيعة به . و قال الهيثمي
( 1 / 263 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و هو
ضعيف " . قلت : لكن رواية ابن المبارك مع سائر العبادلة عن ابن لهيعة صحيحة عند
العلماء كما ذكروا في ترجمته , و لذلك فالإسناد عندي صحيح لأن سائر رجاله ثقات
معروفون من رجال مسلم , و حنش هو ابن عبد الله السبائي <1> الصنعاني الدمشقي .
و لبعضه شاهد من رواية محمد بن سنان القزاز : حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين :
حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : " رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم تيمم بموضع يقال له مربد الغنم , و هو يرى بيوت المدينة " .
أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و الحاكم ( 1 / 180 ) و قال : " حديث صحيح تفرد به
عمرو بن محمد بن أبي رزين , و هو صدوق , و قد أوقفه يحيى ابن سعيد الأنصاري و
غيره عن نافع عن ابن عمر " . قلت : و وافقه الذهبي , و هو مردود من وجهين :
الأول : أن ابن أبي رزين هذا فيه كلام من قبل حفظه , أشار إليه الحافظ في "
التقريب " بقوله : " صدوق ربما أخطأ " . فإذا خالف الثقات , فلا تطمئن النفس
لتصحيح حديثه . و الآخر : أن القزاز هذا ضعيف , فتعصيب الخطأ به أولى من تعصيبه
بشيخه كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم . ثم أخرجه الحاكم من طريق يحيى
بن سعيد عن نافع قال : " تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة فصلى
العصر , فقدم و الشمس مرتفعة و لم يعد الصلاة " . و أخرجه عبد الرزاق ( 884 )
عن الثوري عن محمد و يحيى بن سعيد به . و أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و البيهقي (
1 / 233 ) من طريق أخرى عن محمد بن عجلان عن نافع به نحوه . و الدارقطني من
طريق أخرى عن سفيان : أخبرنا يحيى بن سعيد به . و مالك ( 1 / 76 ) و عنه عبد
الرزاق ( 883 ) عن نافع به نحوه . فهو موقوف صحيح الإسناد , كما أشار إلى ذلك
الحاكم فيما تقدم . و روى البيهقي عند الوليد بن مسلم قال : قيل لأبي عمرو -
يعني الأوزاعي - : حضرت الصلاة و الماء حائز <2> عن الطريق أيجب علي أن أعدل
إليه ? قال : حدثني موسى بن يسار عن نافع به نحوه , و لفظه : " عن ابن عمر أنه
كان يكون في السفر فتحضره الصلاة و الماء منه على غلوة أو غلوتين و نحو ذلك ,
ثم لا يعدل إليه " . و عن حكيم بن رزيق عن أبيه قال : سألت سعيد بن المسيب عن
راع في غنمه أو راع تصيبه جنابة و بينه و بين الماء ميلان أو ثلاثة ? قال : "
يتيمم صعيدا طيبا . و هذا صحيح أيضا . و أما ما رواه ابن أبي شيبة في " المصنف
" ( 1 / 160 ) : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : " يتلوم الجنب
ما بينه و بين آخر الوقت " . و أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن أبي إسحاق به
نحوه , و لفظه : " اطلب الماء حتى يكون آخر الوقت , فإن لم تجد ماء تيمم ثم صل
" . قلت : فهذا على وقفه ضعيف الإسناد , علته الحارث هذا - و هو ابن عبد الله
الأعور - فإنه ضعيف , و لذلك قال البيهقي عقبه : " و هذا لم يصح عن علي , و
بالثابت عن ابن عمر نقول , و معه ظاهر القرآن " .

-----------------------------------------------------------
[1] كذا بالمد , و يقال ( السبئي ) بالقصر , قال في " تاج العروس " : " و
كلاهما صحيح " .
[2] كذا الأصل , و لعل الصواب ( جائر ) أي مائل , و إن كان ( حائز ) يأتي
بمعناه . اهـ .