165 " الوزن وزن أهل مكة ,و المكيال مكيال أهل المدينة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 267 :



رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 167 / 2 ) و أبو داود ( 2340 ) و النسائي

( 7 / 281 المطبعة المصرية ) و ابن حبان ( 1105 ) و الطبراني ( 3 / 202 / 1 )

و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 99 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 20 )

و البيهقي ( 6 / 31 ) من طريقين عن سفيان عن حنظلة عن طاووس عن # ابن عمر #

مرفوعا .



قلت : و هذا سند صحيح كما قال ابن الملقن في " الخلاصة " ( 64 - 65 )

و صححه ابن حبان و الدارقطني و النووي و ابن دقيق العيد و العلائي كما

في " فيض القدير " و رواه بعضهم عن سفيان به فقال " عن ابن عباس " بدل

" ابن عمر " و هو خطأ كما بينته في تخريج أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية ,

ثم في " الإرواء " ( 1331 ) .

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله :

" تأملنا هذا الحديث , فوجدنا مكة لم يكن بها ثمرة و لا زرع حينئذ , و كذلك

كانت قبل ذلك الزمان , ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام : ( ربنا إني أسكنت

من ذريتي بواد غير ذي زرع ) , و إنما كانت بلد متجر , يوافي الحاج إليها

بتجارات فيبيعونها هناك , و كانت المدينة بخلاف ذلك , لأنها دار النخل , و من

ثمارها حياتهم , و كانت الصدقات تدخلها فيكون الواجب فيها من صدقة تؤخذ كيلا ,

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمصار كلها لهذين المصريين أتباعا , و كان

الناس يحتاجون إلى الوزن في أثمان ما يبتاعون , و فيما سواها مما يتصرفون فيه

من العروض و من أداء الزكوات و ما سوى ذلك مما يستعملونه , فيما يسلمونه فيه من

غيره من الأشياء التي يكيلونها , و كانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون

و من إسلام مكيل في مكيل , و أجازت إسلام المكيل في موزون , و الموزون في مكيل

و منعت من بيع الموزون بالموزون , إلا مثلا بمثل , و من بيع المكيل بالمكيل إلا

مثلا بمثل , و كان الوزن في ذلك أصله ما كان عليه بمكة , و المكيال مكيال أهل

المدينة , لا يتغير عن ذلك , و إن غيره الناس عما كان عليه إلى ما سواه من ضده

فيرحبون بذلك إلى معرفة الأشياء المكيلات التي لها حكم المكيال إلى ما كان عليه

أهل المكاييل فيها يومئذ , و في الأشياء الموزونات إلى ما كان عليه أهل الميزان

يومئذ , و أن أحكامها لا تتغير عن ذلك و لا تنقلب عنها إلى أضدادها " .

قلت : و من ذلك يتبين لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من وضع أصل توحيد

الموازين و المكاييل , و وجه المسلمين إلى الرجوع في ذلك إلى أهل هذين البلدين

المفضلين : مكة المكرمة و المدينة المنورة . فليتأمل العاقل هذا و لينظر حال

المسلمين اليوم و اختلافهم في مكاييلهم و موازينهم , على أنواع شتى بسبب هجرهم

لهذا التوجيه النبوي الكريم . و لما شعر بعض المسؤولين في بعض الدول العربية

المسلمة بسوء هذا الاختلاف اقترح البعض عليهم توحيد ذلك و غيره كالمقاييس ,

بالرجوع إلى عرف الكفار فيها ! فوا أسفاه , لقد كنا سادة و قادة لغيرنا بعلمنا

و تمسكنا بشريعتنا , و إذا بنا اليوم أتباع و مقلدون ! و لمن ! لمن كانوا في

الأمس القريب يقلدوننا , و يأخذون العلوم عنا ! و لكن لابد لهذا الليل من أن

ينجلي , و لابد للشمس أن تشرق مرة أخرى , و ها قد لاحت تباشير الصبح , و أخذت

الدول الإسلامية تعتمد على نفسها في كل شؤون حياتها , بعد أن كانت فيها عالة

على غيرها , و لعلها تسير في ذلك على هدي كتاب ربها و سنة نبيها .

و لله في خلقه شؤون .