الوهم آفة مدمرة .. ومرض قاتل

يحكى أن عملاقاً بلغ من القوة ما يدهش ويحيّر , وطبقت شهرته الآفاق ,
وترامت أنباؤه حتى وصلت إلى عملاق آخر في بلد قريب ,
فأحب أن يتعرف إلى ذلك الذي يتحدث عنه الناس ,
فأرسل إليه رسالة لطيفة يطلب وده ويعرض صداقته ,
ولكن خاب ظنه حين جاءه الجواب القاسي ينهاه عن التطاول فوق مرتبته ...
فصمم على الانتقام لشرفه من هذا المغرور الذي أساء الأدب في رده
فخرج يسعى إليه حتى وصل إلى مشارف أرضه ,
ولما سمع المغرور وقع أقدام خصمه تهز الأرض خارت قواه , وتغير لونه ..
أدركت امرأته حاله , فأشارت عليه أن يندس في الفراش, وألقت عليه دثاراً ..
ولما وصل الخصم الهائج سألها عن المغرور الذي لا يعرف قدر الناس ..
فطلبت منه ألا يرفع صوته حتى لا يوقظ الطفل النائم ,
وأشارت إلى قدميه وقد برزتا من تحت الدثار ,
فلما رآهما هذا الذي ما عرف قلبه الخوف ,
صمت قليلاً كأنما ألقي عليه دلو من الماء البارد ,
ثم قال في نفسه :
" طفل ... ؟ ! فكيف يكون الأب إذاً ... ؟ ! " ..
ثم أطلق ساقيه للريح عائداً من حيث أتى .

منقول