(معنى التطير )

الطيرة والتطير بمعنى واحد فالتطير مصدر الفعل تطير يتطير ..... والطيرة اسم المصدر ... مثل تخـير يتخـير تخـيراًوخيرةً..... ويقـال تطـيَّرت من الشـيء وبالشيء (1)

والطيرة هي ... التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع (2)

والتشاؤم هو عَدُّ الشيء مشؤوما أي يكون وجوده سبباً في وجود ما يحزن ويضر (3) (*)



( حكــم التــطير فى الإسلام )


فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ


التفسير المُيسر

فإذا جاء فرعونَ وقومَه الخِصْبُ والرزقُ قالوا: هذا لنا بما نستحقه, وإن يُصِبْهم جدب وقحط يتشاءموا, ويقولوا: هذا بسبب موسى ومَن معه. ألا إنَّ ما يصيبهم من الجدب والقحط إنما هو بقضاء الله وقدره, وبسبب ذنوبهم وكفرهم, ولكن أكثر قوم فرعون لا يعلمون ذلك; لانغمارهم في الجهل والضلال.


تفسير الفتح القدير

قوله: "ألا إنما طائرهم عند الله" أي سبب خيرهم وشرهم بجميع ما ينالهم من خصب وقحط هو من عند الله ليس بسبب موسى ومن معه، وكان هذا الجواب على نمط ما يعتقدونه وبما يفهمونه، ولهذا عبر بالطائر عن الخير والشر الذي يجري بقدر الله وحكمته ومشيئته "ولكن أكثرهم لا يعلمون" بهذا بل ينسبون الخير والشر إلى غير الله جهلاً منهم


ويقول القرطبى

جاء الإسلام بالنهي عن التطير والتشاؤم بما يسمع من صوت طائر ما كان , وعلى أي حال كان


وفى تفسير النسفى

فإذا جاءتهم الحسنة الحسة والخصب قالوا لنا هذه أى هذه التى نستحقها و إن تصبهم سيئة جدب ومرض يطيروا أصله يتطيروا فأدعمت التاء فى الطاء لانها من طرف اللسان وأصول الثنايا بموسى ون معه تشاءموا بهم وقالوا هذه بشؤمهم ولولا مكانهم لما اصابتنا وغنما دخل إذا فى الحسة وعرفت الحسنة و إن فى السيئة ونكرت السيئة لأن جنس الحسنة وقوع كالكائن لكثرته واما السيئة فلا تقع إلا فى الندرة ولا يقع الاشئ منها ألا إنما طائرهم سبب خيرهم وشرهم عند الله فى حكمه ومشيئته والله هو الذى يقدر ما يصيبهم ن الحسنة والسيئة قل كل من عند الله ولكم ناكثرهم لا يعلمون ذلك .





قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ


التفسير الميسر

قال المرسلون شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب


تفسير البيضاوى

-" قالوا طائركم معكم " سبب شؤمكم معكم وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم ، وقرئ (( طيركم معكم )) . " أإن ذكرتم " وعظتم ، وجواب الشرط محذوف مثل تطيرتم أو توعدتم بالرجم والتعذيب ، وقد قرئ بألف بين الهمزتين وبفتح أن بمعنى أتطيرتم لأن ذكرتم وأن بغير الاستفهام و (( أين ذكرتم )) بمعنى طائركم معكم حيث جرى ذكركم وهو أبلغ . " بل أنتم قوم مسرفون " قوم عادتكم الإسراف في العصيان فمن ثم جاءكم الشؤم ، أو في الضلال ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب أن يكرم ويتبرك به .


تفسير الطبرى

قالت الرسل لأصحاب القرية ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) يقولون: أعمالكم وأرزاقكم وحظكم من الخير والشر معكم، ذلك كله في أعناقكم، وما ذلك من شؤمنا إن أصابكم سوء فيما كتب عليكم، وسبق لكم من الله



[اما فى السنة فالأدلة كثيرة على حرمة التطير بشكل مطلق نذكر منها ]


فعن أنس رضي الله عنه

قال     لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل .... قالوا وما الفأل ؟.... قال ( الكلمة الطيبة ) (4)


ويقول     كما جاء فى صحيح البخارى

لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر


وعن عبد الله ابن مسعود (5)

الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، وما منا ألا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل


ويقول سيد الخلق (6)

من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا يا رسول وما كفارة ذلك قال يقول " اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا خير إلا خيرك ، ولا إله غيرك


ويقول

ليس منا من تطير و لا من تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو تسحر أو تسحر له
صحيح الجامع ( 5435 )



[اما من كلام العلماء .... نذكر على سبيل المثال ]


يقول ابن ابن القيم (7)

ولم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل كما قالوا لرسلهم انا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون

فأخبر سبحانه أن طائرهم عنده كما     عن أعداء رسوله وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وأن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك فهذه ثلاثة مواضع حكى فيها التطير عن أعدائه وأجاب سبحانه عن تطيرهم بموسى وقومه بأن طائرهم عند الله لا بسبب موسى وأجاب عن تطير أعداء رسول الله بقوله قل كل من عند الله وأجاب عن الرسل بقوله إلا طائركم معكم وأما قوله ألا إنما طائركم عند الله فقال ابن عباس طائرهم ما قضى عليهم وقدر لهم وفي رواية شؤمهم عند الله ومن قبله أى إنما جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله وقال أيضا ان الأزراق والأقدار تتبعكم وهذه كقوله تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج أى ما يطير له من الخير والشر فهو لازم له في عنقه


ويقول النووى (8)

قال العلماء وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوى أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلط في جهة الرجاء فالرجاء له خير وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فإن ذلك شر له والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول يا سالم أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول يا واجد فيقع في قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم


قال الخطابي رحمه الله تعالى (9)

الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله والطيرة لا تكون إلا في السوء فلذلك كرهت


ويقول صاحب الفتح المجيد (10)

ان نفى الطيرة فى هذة الحديث أبلغ من النهى عنها .... ويدل على مدى عدم تأثيرها




يقول الحافظ ابن حجر (11)

وكأن ذلك بحسب الواقع وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر ومن شرطه أن لا يقصد إليه فيصير من الطيرة



وعلى موقع الإسلام سؤال وجواب نقرأ


والصحيح أن الطيرة مذمومة كلها ، وأنه ليس شيء من النساء أو الدور أو الدواب تضر أو تنفع إلا بإذن الله ، فهو سبحانه خالق الخير والشر ، وقد يبتلي العبد بامرأة سيئة الخلق ، أو دار يكثر فيها العطب ، فيشرع للعبد التخلص من ذلك ، فرارا من قدر الله إلى قدر الله، وحذرا من الوقوع في التشاؤم المذموم





[ اذا مُلخص هذة المداخلة ... أنه لا يوجد طيرة فى الإسلام وهى منفية بالكلية .... ولا يجوز لمسلم أن يتطير ]

يُتبع







1- لسان العرب لابن منظور 4/ 512_513
2- انظر مفتاح دار السعادة لابن القيم 2/246 ... والآداب الشرعية لابن مفلح 3/357_363
3- انظر تفسير التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور 5/66
(*) عن الشيخ محمد بن إبراهيم (الطيرة )
4- البخاري ( 5440) ومسلم (2224)
5- صحيح لترغيب 3098
6- إصلاح المساجد 117
7- مفتاح دار السعادة 3/ 11-12
8- شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 220
9- فتح الباري 10/215
10 فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد - 430
11- فتح الباري 10/215