السيناريو المنطقى في إطار التطور التدريجي

السيناريو المنطقى في إطار التطور التدريجي .. أن يقتصر الكائن في دورة حياته على عائل واحد ثم يتطور تدريجيا ليضيف عائلا آخر لتصبح دورة حياته على ما هي عليه الآن من تعقيد (موزعة على عائلين ونوعين من التكاثر والعديد من الأوساط) .

والآن نسأل هل هناك إمكانية لحدوث ذلك السيناريو؟

من دراسة دورة الحياة: نجد أن ذلك السيناريو غير قابل الحدوث وهذا يعنى أن الكائن بكل مفردات دورة حياته (من ديدان وبيض ويرقات) قد تم إيجادهم في العائلين معاً بالتوازي دون أن يتقدم أحدهما على الآخر .. وكل مرحلة منهم مكملة للأخرى .. فلا مجال لهذا السؤال من أين بدأت دورة الحياة؟ هل بدأت من العائل الأساسي؟ أم بدأت من العائل الوسيط؟ لكونها بدأت في الإثنين في نفس الوقت .. عن طريق الخلق .. فتم خلق مرحلة وطور في العائل الأساسي .. وتم خلق الطور الآخر في العائل والوسيط .. ثم أطلق لهما العنان ليكمل كلاً منهما الآخر وأصبح الجميع عاشق ومعشوق فى سلسلة منفصلة ومترابطة .. ويمكن تشبيه ذلك بوجود الليل والنهار على نصفي الكرة الأرضية في نفس الوقت .. ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا تحت راية الخلق والإبداع .. بقدرة فائقة.. وعلم محيط.
والذي يؤكد لنا ذلك من ناحية أخرى: الإلهام الإلهي .. تحت مسمى الغريزة الحيوانية .. فالديدان داخل جسم الإنسان ليس لديها أي خلفية علمية عن الخريطة التشريحية لجسم الإنسان .. أو خفايا العالم الخارجي .. أو أدنى فكرة عن القواقع ويتكرر ذلك بالنسبة لليرقات.. مما يعنى أن الديدان حينما تتجه إلى الأوردة الكبدية وحينما تتزاوج أثناء انسيابهما في اتجاه مضاد لاتجاه تيار الدم من الوريد .. وحينما تضع بويضاتها في الأوعية الدموية (وعاء تلو الآخر) فى لحظات معينة فهي مبرمجة على ذلك الفعل دون وعي أو فهم .. من لدن عليم خبير .. ليظهر لنا الإلهام الإلهي في أبهى صوره .. وكذلك الحال بالنسبة لليرقات ( البرمجة للتعرف على العوائل, واختراقها وتجنيدها, والتكاثر داخلها).

مكنون الحواشي الفطرية والإلهام الإلهي لا يقتصر على ديدان البلهارسيا (وإن كان شدة ظهوره ووضوحه في ديدان البلهارسيا لا يقارن بشدة ظهوره ووضوحه في أياً من المخلوقات الأخرى) بل يمتد ليشمل كل المخلوقات.

يقول الدكتور مصطفى محمود فى كتابه "رحلتى من الشك الى الإيمان ص90" مستوبخا خلط الحمقى بين المصادفات العمياء المعدومة الوعي, وبين الإلهام الإلهي الظاهر .. فيقول:
بالصدفة يكسر الكتكوت البيضة عند أضعف نقطة فيها ليخرج .
بالصدفة تلتئم الجروح وتخيط شفراتها بنفسها بدون جراح .
بالصدفة يدرك دوار الشمس أن الشمس هي مصدر حياته فيتبعها .
بالصدفة تصنع أشجار الصحارى لنفسها بذوراً مجنحة لتطير عبر الصحارى إلى حيث ظروف إنبات وري وأمطار أحسن .
بالصدقة اكتشف النبات قنبلته الخضراء (الكلوروفيل) واستخدامها في توليد طاقة حياته .
بالصدفة صنعت البعوضة لبيضها أكياساً للطفو (بدون معونة أرشميدس) .
والنحلة التي أقامت مجتمعاً ونظاماً ومارست العمارة وفنون الكيمياء المعقدة التي تحول بها الرحيق إلى عسل وشمع .
حشرة وطبقت في مجتمعها نِظاماً صارِماً للطبقات .
والحشرات الملونة التي اكتشفت أصول وفن مكياج التنكر والتخفي .
هل كل هذا جاء صدفة!!

بينما يعطينا الأستاذ عبد الرزاق نوفل .. أمثلة على ذلك في كتابه الله والعلم الحديث .. فيقول :
"هاهو حيوان الإكسيلوكوب يعيش منفرداً في فصل الربيع ومتى باض مات فالأمهات لا ترى صِغارها ولا تعيش لتساعدها في غذائها لمدة سنة كاملة ولذلك هى لا تستطيع الحصول على غذائها لمدة سنة كاملة لذلك نرى الأم تعمد إلى قطعة من الخشب فتحفر فيها حفرة مستطيلة ثم تجلب طلع الإزهار وبعض الأوراق السكرية وتحشوا بها ذلك السرداب ثم تبيض ثم تأتى بنشارة الخشب وتجعلها عجينة لتكون سقفا لذلك السرداب وتصنع بعد ذلك سرداب آخر فمتى فقست البيضة وخرجت الدودة كفاها الطعام المدخر لمدة سنة فمَنْ الذي فطرها على ذلك؟! وكذا حشرة الزنبور الحفار التي تحفر أنثاه في الأرض نفقاً تضع فيه بيضها وبعد أن تحفر النفق لا تضع فيه البيض مباشرة بل تبحث عن دودة تلسعها لسعة تخدرها ولا تميتها ثم تسحبها إلى داخل النفق وتضع عليها البيض وتسد النفق وتموت الأنثى عن بيض قد توافر لدودة عند فقسه ما يكفيه من القوت" فمن الذي علمها ذلك؟! وما هي الفائدة المادية والمعنوية التي سوف تعود على أم من صغار لن تراهم لكي تقوم بكل هذه التضحيات .. الحق أننا لو بحثنا عن إجابة فلن نجد إلا إجابة واحدة فقط: إنها مفطورة على ذلك وكذلك البشر مفطورون على توحيد الله وتنزيهه وقبول كل حسن ورفض كل قبيح [عن كتاب الله والعلم الحديث للأستاذ عبد الرزاق نوفل ص108]

: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)) الآيات من سورة النحل

من ناحية أخرى: فإن الآلية التي تتم بها الدورة في إطار الخطوات المحسوبة والمحددة تدل على عدم حدوث أي تغير في الخريطة التشريحية والتركيبة البيوكميائية لجسم الإنسان .. وكذلك الحال بالنسبة للعائل الوسيط والطفيل .. مما ينفى التطور بشكل عام أو تطور الإنسان عن كائن آخر بشكل خاص وثباته على ماهو عليه من مبدأ خلقه وإلى الآن من هيئة وتركيب .. والذي لو حدث (التغير في البنية التشريحية والبيوكميائية) لحدث تناقض بين البرنامج الذي على أساسه تتم الدورة وبين الخريطة التشريحية الجديدة الشاذة عن البرنامج .