استقلال الخلق


لقد ظهر لنا فى الكلام عن دورة حياة البلهارسيا (فيما يتعلق باستقلال الخلق) أن الطفيل تم خلقه بكل مفرداته من ديدان ويرقات فى نفس الوقت بالتوازي مع التوزيع على العوائل .. مفردات هنا ومفردات هناك تتقابل وتتكامل فيما بينها (بترتيب وتخطيط إلهي مسبق لتصبح شىء واحد) ..


أما فى دورة حياة طفيل الملاريا فيظهر استقلال الخلق لهذا الكائن بوضوح وجلاء أكثر فالطفيل يمكث داخل جسم الحشرة بضعة أيام أو ساعات قبل أن ينتقل عن طريق اللعاب إلى جسم الإنسان (وهذا بالطبع عندما تلدغ الحشرة جسم الإنسان) , ليمكث به فترة ليست بالطويلة قبل أن يرجع إلى الحشرة مرة أخرى ليعيد تكرار السيناريو .. مع الانتباه الى ان الطفيل لن يستطيع الانتقال من جيل للبعوضة الى جيل اخر و من ثم مواصلة واستئناف مراحل تطوره عبر تلك الاجيال الا من خلال عائل اخر (الانسان) نظرا لكونه لا ينتقل عن طريق الجينات او يخضع فى انتقاله لقوانين الوراثة الخاصة بالعوائل التى يتطفل عليها , فى نفس الوقت الذى لن يستطيع فيه ان يتردد فى تطفله ودورة حياته بين عائلين , او بمعنى اخر يضيف عائل اخر لدورة حياته الا من خلال التطور , لانه يحتاج فى ذلك (الجمع بين عائلين ) الى تطوير ذاته واجهزته والياته , ومقومات حياته , واساليبة فى التناسل والتكاثر , وقدراته على التكيف والتعايش , الى الدرجة التى تجعله يتوافق ويتعايش مع عائلين لا عائل واحد , تلك الرحلة التطورية التى سوف تبدأ من العائل الاول (من طرق انتقال الطفيل بين العوائل يظهر لنا بوضوح شديد ان العائل الثانى لا محالة هو الانسان وذلك يعنى ان الطفيل بدأ تطفله من البعوضة ) وتنتهى فى الثانى تحتاج الى عدة ملايين من السنين بينما المدى الزمنى المتاح للطفيل ليتم هذه الرحلة هو عمر البعوضة فقط الذى لا يتعدى اكثر من عدة ايام , وتلك الايام القلائل لا تكفى لاحداث طفرة او تغير لصفة ؟ , فما البال اذا كان الامر يحتاج الى تغيرات كاملة فى الاعضاء والاجهزة و اليات التكيف واساليب التكاثر وتناول الغذاء , ليتوافق الكائن كما قلنا سابقا من النواحى الجنسية والمعيشية مع الخريطة التشريحية للعائل الثانى مع حفاظه على توافقه مع الخريطة التشريحية للعائل الاول ..
وبالتالى إن لم يكن الطفيل مخلوق من البداية بكل ما يتمتع به الآن من مقومات حياة وتراكيب معقدة ومحتوى جيني متكامل وآليات للتكاثر و التكيف تمكنه من إتمام دورة حياته بالصورة التي نراه بها الآن , فإن العمر القصير للبعوضة لن يمهله أو يعطيه فرصة للتطور .. فيصل لشكله الحالى , فبموت البعوضة سوف يموت الطفيل قبل الارتقاء لاى درجة من درجات التطور ..مما يحتم أن يكون الطفيل مخلوق كما هو الآن بشكله الحالي بكل ما ذكرناه سابقا من آليات وبرامج من لحظة وجوده على سطح الأرض بأعداد كبيرة داخل كلا العائلين , مفردات هنا ومفردات هناك فى نفس الوقت وبلا ترتيب .