أسئلة تفرض نفسها

و الآن يجب أن نسأل بتحديد أكثر .. من أين بدأت دورة حياة البلهارسيا؟ من جسم الإنسان؟ أم من سطح الأرض من اليابسة أم من المياه العذبة (موطن العائل الوسيط) ؟
الأغلب أن تكون بدأت خارج جسم الانسان .
فكيف علِم الطفيل بكل أغوار وأسرار هذا العالم الغامض المسمى بجسم الإنسان .. والذي لا يمكن ان يلم به أعتى علماء التشريح ووظائف الأعضاء و الكيمياء الحيوية؟ وكيف أبدل هذا الكائن تكيفه بوسط إلى تكيفه بوسط آخر مختلف عنه تماما بين لحظة وأخرى؟! لن نقول بين ليلةٍ وضحاها, فالدخول إلى الوسط المخالف سوف يكون مرة واحدة و بلا مقدمات .. هذا الوسط يحتاج إلى تغير كامل فى الآليات و الأجهزة والسلوك الحيوي والنفسي والغذائي .. ومَن الذي أعطاه الأمان والاطمئنان ليدخل إلى جسم الإنسان بلا خوف أو قلق .. فيخترق البشرة و الجلد ويمضى إلى ما هو أكثر من ذلك .. أم هو مبرمج على ذلك الفعل دون وعي أو فهم أو إدراك تحت إطار المعرفة والعلم الإلهى المغروس فى حواشى الفطرة؟ وكيف فتحت له كل الأبواب وسهلت له كل الصعاب؟ ومن الذي ضمن له في طريقه ((النجاة من حرب شعواء)) تتكاتف فيها كل أجهزة المناعة والأجسام المضادة والأوساط الحامضية والقاعدية والإفرازات المهلكة والسموم القاتلة؟ ومن الذي حدد له المكان المناسب والدقيق الذي سوف يستقر فيه.. ومن ثم
يبدأ دورة حياته دون أن يكون عرضة للهلاك أو المخاطر من أى جانب, بحيث لو تغير لانتهت الدورة قبل أن تبدأ؟ ومن الذي قاده إليه, ودله عليه, ولما اختار له هذا المكان بالذات, وعلى اى أساس كان الاختيار, وكيف علم بهذا الأساس؟ ومن الذي أتى له بخليلة, ويسر له كل أسباب التكاثر, ومن الذي دله على المكان الذي سوف يضع فيه البيض , واخبره بانه سوف ينتهي إلى مخرجين للعالم الخارجي؟ وكيف علم واطمئن, بأن البيض سوف يفقس خارج الجسد, ليرجع إليه مرة أخرى, دون أن يكون بكامله عرضة للهلاك والدمار, مع وجود كل الأسباب الموجبة لذلك, اقلها عدم وجود العائل الوسيط, والذي لو وجد لا يضمن توفره , فهو لا يعلم الغيب؟ ومن الذي اعلمه , بان هناك عائل وسيط في الأساس, سوف يتم داخله جزء من دورة حياته بالغ التعقيد, ومن الذي وضع له خطة للتكاثر مبنية على كل هذه الأسس؟ ومن الذي جعله يسير وفق هذه الأسس, ويتماشى وظيفيا وفسيولوجيا وتشريحيا و تناسليا معها ؟, ومن الذي ساعده على أن يكيف بيضه , على التعامل مع أنسجة البشر الداخلية, والتطفل على الياته لتشق له طريق مفروش بالزهور و الرمال الى الوسط الذى يعيش فيه العائل الاخر, ومن الذي أعطاه ومده بالمعلومات اللازمة لذلك؟ هل يمكن أن يرجع كل ذلك , إلى الكائن و ذاته المجردة ؟ لا, مستحيل, لابد من راعى يراقب من بعيد, ويشرف على كل صغيرة وكبيرة , فرض وكتب عليه ذلك, بعد أن بعث في قلبه الاطمئنان, وألهمه كل سبل الأمان والالهام ظاهر يكاد ان ياخذ بالابصار فالطفيل لا يمكن ان يعلم بان هناك مخرجين فى الانسان يقودانه الى العالم الخارجى واين له بالعلم والعوالم كلها محجوبة و لكي يعلم بامر هذين المخرجين, لابد أن يجتازهما, ولو اجتازهما سوف يكون من الصعب عليه الرجوع إليهما مرة أخرى.وليس لدينا اى سيناريو اخر يستخدم للتفسير هذه الجزئية الا أن يكون الطفيل قد ألم تشريحيا ووظيفيا, بكل خفايا العالم الخارجي, وما تحتويه من عوائل (هذا يتطلب عناء شديد في البحث والتحصيل هو في غنى عنه) ثم بدأ وهو مطمئن إلى ما وصل إليه من معلومات عن العالم الخارجي, مغامرة غير محددة المعالم, أو مأمونة المخاطر, وأقل احتمالاتها الهلاك المقنن, بدايتها دخول جسم الإنسان, لتساعده الظروف في النجاة من جميع المخاطر, ثم تساعده الظروف مرة أخرى؛ ليجرى ألاف الأبحاث التي يحصل من خلالهاعلى عشرات شهادات الدكتوراه في التشريح ووظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية (هذ ايتطلب عناء أشد) ليوجد في نفسه القدرة والعلم والتخطيط الذاتي المناسب, الذي سوف يسير على أساسهما في وضع دورة لحياته, وعلى هذا الأساس والخلفية العلمية والمنهجية , وصل إلى العضو الذي وجده الطفيل مناسبا للاستقرار فيه, وبدء دورة حياته التي تبدأ بالتزاوج والتكاثر الجنسي, ولكن هناك شيء غريب! التزاوج يحتاج إلى أنثى, فمن أين جاءت الأنثى؟ هل انتقلت معه وكتب لها هي أيضا النجاة, وأن تصل إلى نفس المكان الذي فيهالذكر, أم أن الطفيل تكاثر لا جنسيا ليحصل على نسخة له مطابقة للأصل, ثم تحورتالنسختان ليكون احدها ذكر والآخر أنثى!!.
ولماذا يحدث كل هذا اللف والدوران, مع أن الأيسر والأضمن أن تتم الدورة بكاملها داخل جسم الانسان, دون التطرق الى عائل آخر؟ هل يريد الطفيل أن يصعب الأمور على نفسه ويعقدها بملء إرادته؟! هل هو يبحث عن التكاثر أم يبحث عن التعقيد الى ما لا نهاية؟! هل هو يبحث عن الحفاظ على النوع أم يبحث عن الهلاك؟! كل هذه أسئلة تفرض نفسها, ويجب أن نربط بينها, وبين دورة الحياة, مع التحليل الدقيق لنجد امامنا العشرات من علامات التعجب .

علامة تعجب !!
--------
إذا بدأ الطفيل دورة حياته من اليابسة أو المياه العذبة , فمن الطبيعي أن يكون جاهلا بجسم الإنسان وما فيه من أغوار وخفايا, فكيف يلقى بنفسه في عالم ليس لديه أدنى فكرة عنه, بغض النظر عن الكيفية التي استطاع بها أن يخترقه, الشيء الذي يحتاج إلى تجهيز وتحوير مسبق, لكافة أعضاء الكائن وشكله الخارجي واسلوبه فى التكاثر والتعامل مع الاوساط المختلفة؟ هل كان يريد المغامرة وساعدته الظروف, أم رمت به الأقدار دون قصد, بالطبع ذلك مستبعد تماما, لأنه لو حدث لأحد أفراد الطفيلي حدث عارض, فاخترق على أثره جسم الإنسان مصادفة, فلا يمكن أن يتكرر لطفيليّ آخر, وإن تكرر للذكر فلن يتكرر للأنثى , وان تكرر للذكر والأنثى بصفة خارج العقل , وتأتى للطفيل جميع الظروف المناسبة للتزاوج والتكاثر, فسوف يكون مجرد حدث عارض أو مغامرة شيقة مقتصرة على بعض الأفراد , و لن يحدث للباقين (حتى ولو كانوا من أجيال الطفيل المخترق) الذين سوف يستمرون على نفس أسلوب المعيشة والتكاثر قبل هذا الحدث, ويمكن تشبيه ذلك بإنسان دخل متاهة وكتبت له النجاة منها, فرجع لرتم حياته السابق وكان شيئاً لم يحدث . لكن يظهر من دراسة دورة الحياة, بأن الطفيل عالما بكل صغيرة وكبيرة في ذلك العالم شديد الغموض, المسمى بجسم الإنسان, تشريحيا ووظيفيا وبيوكميائيا , بل هو مهيأ للتعامل والتعايش مع كل جزئ من جزيئاته و عضوا من أعضائه, بداية من البشرة والجلد, وانتهاء بالتناسل ووضع البيض, وانتقاله إلى خارج الجسد , ليبدأ البحث عن العائل الوسيط .