الشبهة التالية بخصوص سقوط الشيطان ورفضه السجود لآدم عليه السلام, يقول الملحد:
تحت موضوع (سقوط الشيطان)...نترجم بعض ما جاء:..............وبعد أن زود آدم بنفس(روح)دعى الله كل الملائكة لتأتي وتقدم لآدم الأحترام و واجب التقدير. الشيطان, اعظم ملائكة السماء, والذي له اثنا عشر جناحا بدل ست اجنحة كسائر الملائكة, رفض ان يطيع أمر الله قائلا:" أنت خلقتنا من سناء الشكينة (يعني روح الله الذي يحل مثل النار او النور على تابوت العهد او على الشجرة في الوادي المقدس في سيناء...وهو السكينة في مصطلح القران)...والان تأمرنا ان نركع تحت اقدام المخلوق الذي صنعته من تراب الارض؟"...تستمر القصة فتخبرنا ان الله قال للشيطان انه لا يمتلك حكمة ادم فطلب الشيطان تحكيما ليعلم من الاعرف ..فعرض عليه الله حيوانات وطلب منه اسماءها فلم يعرفها وعرفها ادم ..ولكن الشيطان اصر ولم يسجد امام ادم فقال له ميخائيل اسجد لصورة الله (ادم) والا حل عليك غضب الله...فقال الشيطان انه ان غضب الله عليه فلسوف يجعل عرشه عاليا ..بل الاعلى....فطرد الله الشيطان من السماء وحلت العداوة بين الشيطان والانسان

قارن مع سورة البقرة 34
سورة الحجر26-43
سورة الأسراء61-65
سورة ص71-83
سورة الكهف50
سورة الاعراف.....
11ولقد خلقناكم ثم صوّرناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا فسجدوا الا ابليس لم يكن من الساجدين
12قال مامنعك ألا تسجد أذ أمرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين
13قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبّر فيها فاخرج انك من الصاغرين
14قال أنظرني ألى يوم يبعثون
15قال انك من المنظرين
16قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم
17ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين
17قال اخرج منها مذموما مدحورا من اتبعك منهم لاملئن جهنم منهم اجمعين


والملحد يريد أن يقول لنا أن قصة رفض ابليس السجود لآدم عليه السلام هي قصة ناتجة من التراث اليهودي ليس لها أصل في العهدي القديم أو الجديد وبالتالي فهي مقتبسة من اليهود ولكن التساؤل هو:

هل القصة الواردة في سفر التكوين كاملة التفاصيل؟
وهل لا يوجد دور للشيطان في قصة سقوط آدم وحواء بحسب التوراة ؟
وماذا قال الكتاب المقدس عن سبب سقوط ابليس؟

جاء في الكتاب المقدس رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس وهو يعدد الصفات المطلوبة للأسقف:
( 1 صادقة هي الكلمة ان ابتغى احد الاسقفية فيشتهي عملا صالحا. 2 فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم 3 غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم ولا محب للمال 4 يدبر بيته حسنا له اولاد في الخضوع بكل وقار. 5 وانما ان كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله. 6 غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس. ) إصحاح 3

ما هي دينونة ابليس هذه التي يتحدث عنها بولس؟

يقول انطونيوس فكري:


غير حديث الإيمان = لم يقل غيرحديث السن فتيموثاوس كان حديث السن لكنه كان ناضجاً في أيمانه، حداثة الإيمان ربما تحمل غيرة متقدة نحو الخدمة، لكنها تحمل خطر الإعتداد بالذات والتصلف خصوصاً لما يحيط به من مظاهر التكريم، وقد يظن أنه لولا أهميته للكنيسة وحاجة الكنيسة له لما اختاروه أسقفاً، فيسقط في الكبرياء ويَهلك ويُهلك معه الناس.


إذن فدينونة ابليس التي يتحدث عنها بولس هي نتيجة الكبرياء, ولكن أي كبرياء؟ وما هي قصته؟

يتحدث نص اشعياء 14 عن سقوط ملك بابل ويشبهه بسقوط الشيطان فيقول:



12 كيف سقطت من السماء يا زهرة، بنت الصبح ؟ كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم

13 وأنت قلت في قلبك: أصعد إلى السماوات. أرفع كرسيي فوق كواكب الله، وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال

14 أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العلي

15 لكنك انحدرت إلى الهاوية، إلى أسافل الجب


يقول انطونيوس فكري في تفسير النص:


وتبدو في هذه الآيات صورة السخرية من ملك بابل (أو إبليس) لأنه أصبح مثلهم أسير الهاوية للأبد. بلا قوة بلا سلطان... فأين هي قوته التي كان يرعب بها الناس؟!! ويتضح أيضاً من هذه الآيات أن الأموات يشعرون بحالتهم. رنة أعوادك = صوت الآلات الوترية التي طالما تغني بها، أي أين صوت أفراحك وأفراح إنتصاراتك السابقة. زهرة بنت الصبح = كوكب الصبح الجميل وهذا لا ينطبق علي إنسان بل هو جمال الكاروب (إبليس) الذي أسقطه كبرياؤه. "قبل السقوط تشامخ الروح " وكل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" وهكذا سيكون ضد المسيح (2تي 2: 3،4) فهو سيدعي أنه إله. وهذا المتكبر هنا يريد أن يصبح مثل العلي. أما المسيح فجاء قائلاً تعلموا مني فإني وديع ومتواضع (مت 11: 28).

ويقول تادرس مالطي:

لقد تشبهت بإبليس سيدك الذي كان كوكبًا عظيمًا ومرموقًا بين السمائيين "زهرة بنت الصبح"، فتشامخ على الله خالقه، وظن أنه يقدر أن يرتفع على مستوى الله نفسه بل ويصير أعظم منه، فسقط ليصير ظلامًا عوض النور إذ عزل نفسه بنفسه عن الله مصدر النور. أردت أن تجلس على جبل صهيون (مز 48: 2)، جبل الله المقدس، حسبت نفسك كالله في العظمة فتعاليت فوق السحاب!



إذن فالشيطان تكبر وتعالى وكان هذا سبب سقوطه, ولكن القصة مازالت غامضة, فما هو سبب عداوته لآدم تحديدا؟ وما هي قصة تكبره الذي أسقطة وماهي تفاصيلها؟ ولماذا جاءت دائما في صيغة المُشبه به وكأنه حدث معروف مسبقا ولم تأتي كقصة مستقلة بذاتهاا؟

يقول كاتب حزقيال الإصحاح 28 في الحديث عن ملك صور:


28: 11 و كان الي كلام الرب قائلا

28: 12 يا ابن ادم ارفع مرثاة على ملك صور و قل له هكذا قال السيد الرب انت خاتم الكمال ملان حكمة و كامل الجمال

28: 13 كنت في عدن جنة الله كل حجر كريم ستارتك عقيق احمر و ياقوت اصفر و عقيق ابيض و زبرجد و جزع و يشب و ياقوت ازرق و بهرمان و زمرد و ذهب انشاوا فيك صنعة صيغة الفصوص و ترصيعها يوم خلقت

28: 14 انت الكروب المنبسط المظلل و اقمتك على جبل الله المقدس كنت بين حجارة النار تمشيت

28: 15 انت كامل في طرقك من يوم خلقت حتى وجد فيك اثم

28: 16 بكثرة تجارتك ملاوا جوفك ظلما فاخطات فاطرحك من جبل الله و ابيدك ايها الكروب المظلل من بين حجارة النار

28: 17 قد ارتفع قلبك لبهجتك افسدت حكمتك لاجل بهائك ساطرحك الى الارض و اجعلك امام الملوك لينظروا اليك

28: 18 قد نجست مقادسك بكثرة اثامك بظلم تجارتك فاخرج نارا من وسطك فتاكلك و اصيرك رمادا على الارض امام عيني كل من يراك

28: 19 فيتحير منك جميع الذين يعرفونك بين الشعوب و تكون اهوالا و لا توجد بعد الى الابد



من هذا الذي امتلأ حكمة وجمل ثم سقط نتيجة تكبره وبهاءه؟؟


يجيبنا القس أنطونيوس فكري:

واضح جداً أن هذا الكلام لا يمكن أن يقال في أي رئيس على الأرض. إنما نجد هنا وصفاً لحالة الشيطان الأصلية قبل سقوطه ثم عن سقوطه. فالله لم يخلق إبليس كما هو، بل خلق كائناً روحياً طاهراً عظيم الحكمة والبهاء. لكن هذا الروح تكبر على الله. وإذا علمنا أن صور تعنى محنة، فيكون الشيطان بعد سقوطه هو سبب المحن التي تعانى منها البشرية. ولاحظ وصف الشيطان قبل سقوطه خاتم الكمال = فقد كان من طغمة الكاروبيم حاملى العرش ملآن حكمة = فالكاروبيم مملوئين عيوناً. كامل الجمال = إذ يعكس بهاء الله عليه. ولكن سقطته جاءت من أنه ظن أنه هو مصدر جماله فإنفصل عن الله. كنت في عدن جنة الله = هنا سؤال لن نعرف الإجابة عليه الآن.. هل كان الشيطان متولياً أمور هذا العالم قبل سقوطه وظل فيه بعد سقوطه؟ ولن يستطع أحد أن يجزم بشئ ولكن واضح من الآية أنه كان في جنة عدن قبل سقوطه، أي كان على الأرض.

ومرة أُخرى ترد قصة الشيطان في صيغة المُشبه وبه وكأنها حدث معروف مسبقا)

ونلاحظ مما لون بالأحمر غموض حالة الشيطان قبل السقوط, كيف كان؟ وكيف سقط تحديدا؟ وما هي قصة عداوته لآدم التي جعلته يحاول حولته من كائن ملئ بالحكمة إلى كائن متكبر يملأ الأرض فسادا وشرا؟ وما هو الإثم الذي وجد فيه تحديدا؟ وما هو الدافع وراء اغواء الحية لأدم؟

أسئلة بحاجة لإجابة.

ونرى بوضوح كلام النصارى في منتدياتهم وهم يعترفون بعدم وجود نص صريح يوضح لماذا سقط الشيطان وما هو سبب اختلافه مع الله, ويتعللون بأن هذه التفاصيل لن تفيد كثيرا:





وليت شعري, كيف لا يخبرنا الوحي عن عدونا وسبب عداوته لنا, وكيف تحول من كائن ملئ بالحكمة لكائن مفسد, فكيف إذن نتحذه عدوا ؟

وما دام الكتاب المقدس بعهديه لم يعطينا التفاصيل فالمصدر الذي أمامنا إذن هو الهاجاداة, ولا يحق لا لمسيحي ولا لملحد أن يعترض عليه.