الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده المصطفى وعلى آله وصحبه المستكملين الشرفا ... أما بعد
فلقد ذكر المصنف رحمه الله النوع الأول من أنواع الحديث وهو الصحيح .
وعرف الشيخ الحديث الصحيح لكنه أسهب وأطال في التعريف إذ أن التعريف لابد أن يكون جامعا مانعا ,
والتعريف الذي يرتضيه العلماء للحديث الصحيح هو : " ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا "
ونستنبط من هذا التعريف خمسة شروط يجب توفرها في الحديث كي يحكم له بالصحة هي :
1- اتصال السند : أي أن يكون كل راوي قد سمع الحديث من الراوي الذي يسبقه أو تحمله بطريقة تحمل يرتضيها العلماء .
2- عدالة الرواة : أي أن يتصف الراوي بكونه مسلما عاقلا بالغا غير فاسق وغير مخروم المرؤة " وخوارم المروءة هي الأفعال التي يستهجنها الناس وهي تختلف من بلد إلى بلد حسب العرف " .
3- ضبط الرواة : أي أن يكون الراوي حافظا تمام الحفظ لما يرويه , أو إن كان يرويه من كتابه فلابد أن يحفظ كتابه من ورقين السوء .
4- عدم الشذوذ : والشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أولى منه " كأن يخالف من هو أوثق أو يخالف من هم أكثر منه عددا في رواية الحديث " وهو أحد العلل التي تصيب الحديث لكنه لما كان من غوامض العلل التي لا يطلع عليها إلا الجهابذة النقاد والصيارفة الحذاق أفرد عن العلل جميعا .
5- عدم العلة : والعلة سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث مع أن الظاهر السلامة منه .
مثال الحديث الصحيح :
ما رواه البخاري في صحيحه قال : " حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور " فهذا الحديث صحيح لأن .
سنده متصل : إذ أن كل راو من رواته سمعه من شيخه . وأما عنعنة مالك وابن شهاب وابن جبير فمحمولة على الاتصال لأنهم غير مٌدَلِّسِيْنَ .
ولأن رواته عدول ضابطون : وهذا أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل .
عبدالله بن يوسف : ثقة متقن
مالك بن أنس: إمام حافظ.
ابن شهاب الزهري : فقيه حافظ مٌتَّفق على جلالته وإتقانه .
محمد بن جبير : ثقة .
جٌبَير بن مٌطْعِم : صحابي
د) ولأنه غير شاذ : إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه .
هـ) ولأنه ليس فيه علة من العلل .
إذن فهذا حديث صحيح .
وشاهد ذلك من الألفية :
[poem=font="simplified arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/1.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
14-حَدُّ الصَّحِيحِ : مُسنَدٌ بِوَصْلِهِ = بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطٍ عَنْ مِثْلِهِ
15-ولَمْ يَكُنْ شَذًّا وَلا مُعَلَّلا =والحُكْمُ بِالصَّحَةِوَالضَّعْفِ عَلَى[/poem]
والشطر الثاني من البيت الثاني يتمم معناه ما بعده وهو ما سنناقشه في الدرس القادم .
وهذا السؤال :
روى البخاري في صحيحه قال " حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: ( أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول )
قالت عائشة رضي الله عنها ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا "
أثبت صحة هذا الحديث .
يتبع إن شاء الله تعالى
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين